اتفقت القوى الكبرى، الجمعة، في ميونيخ (جنوب ألمانيا)، على خطة طموحة لوقف المعارك في الحرب الدائرة في سوريا خلال أسبوع، وتعزيز ايصال المساعدات الإنسانية، وذلك في ختام خمس ساعات من مفاوضات تهدف إلى إحياء عملية السلام المتعثرة في هذا البلد.
وقال وزير الخارجية الأميركي، جون كيري، بعد محادثات مطولة شارك في رعايتها مع نظيره الروسي، سيرغي لافروف، إن الدول ال17 المشاركة اتفقت على “وقف للمعارك في جميع أنحاء البلاد في غضون أسبوع”.
كما اتفقت المجموعة الدولية لدعم سوريا على “بدء تسريع وتوسيع ايصال المساعدات الإنسانية فورا”. وقال كيري إن ذلك “سيبدأ هذا الأسبوع أولا إلى المناطق الأكثر احتياجا (…) ثم إلى الذين يحتاجون إليها في البلاد وخصوصا في المناطق المحاصرة والتي يصعب الوصول إليها”.
وأشار إلى أن هذه المساعدات ستشمل سلسلة من المدن المحاصرة منها دير الزور (شرق) حيث يطوق مسلحون جهاديون القوات الحكومية.
وتابع أن الأولوية ستكون أيضا لإيصال المساعدة الإنسانية “إلى الفوعة وكفريا والمناطق المحاصرة في ريف دمشق، مضايا، والمعضمية وكفر باتنة”.
وأضاف أن “وصول المساعدات الإنسانية إلى هذه المناطق حيث الحاجة اليها أشد إلحاحا، يجب أن يشكل خطوة أولى في اتجاه وصول المساعدة بلا عراقيل إلى كافة أنحاء البلاد”.
وكانت مفاوضات السلام انهارت هذا الشهر بعد بدء هجوم لقوات النظام السوري مدعوم بالطيران الروسي في حلب شمال البلاد.
وأجبرت عمليات القصف خمسين ألف شخص على الفرار، وسمحت بتطويق المعارضة وأدت إلى مقتل 500 شخص حسب التقديرات، منذ أن بدأت في الأول من شباط/فبراير.
وقال كيري إن المفاوضات بين المعارضة والنظام ستستأنف في أسرع وقت ممكن، لكنه حذر من أن “ما لدينا الآن هو حبر على ورق ونحتاج لأن نرى في الأيام المقبلة أفعالا على الأرض”.
وعبّر وزير الخارجية الألماني، فرانك فالتر شتاينماير، الذي يستضيف المؤتمر عن الرأي نفسه. وقال “سنرى في الأيام القليلة القادمة ما إذا كان هذا اختراقا فعلا (…) عندما يرى العالم أن اتفاقات اليوم قائمة وتنفذ من قبل نظام الأسد والمعارضة السورية، وحزب الله، ومسلحي المعارضة وكذلك من قبل روسيا”.
وساد بعض التوتر في المفاوضات التي حذر رئيس الوزراء الروسي ديمتري مدفيديف خلالها من “حرب عالمية جديدة” إذا ارسلت الدول الخليجية قوات لدعم مسلحي المعارضة السورية.
لكن مجموعة العمل هذه خرجت بوثيقة تعكس مستوى مفاجئا من التعاون بين الأطراف الأساسيين على الرغم من التوتر الذي تثيره حملة القصف الروسية.
ودعا لافروف إلى “اتصالات مباشرة بين العسكريين الروس والأميركيين” في سوريا. وأكد أن المفاوضات حول انتقال سياسي “يجب أن تبدأ في أسرع وقت ممكن بدون إنذارات أو شروط مسبقة”.
من جهته، صرح كيري أن “وقف الأعمال العدائية”، العبارة التي اختيرت عمدا بدلا من وقف كامل لإطلاق النار، ينطبق على كل المجموعات باستثناء “المنظمات الإرهابية” مثل تنظيم الدولة الإسلامية، وجبهة النصرة المرتبطة بتنظيم القاعدة.
وقال كيري إن مجموعة عمل خاصة للأمم المتحدة، تترأسها روسيا والولايات المتحدة ستعمل في الأسابيع المقبلة على “وضع طرق وقف طول الأمد وشامل ودائم لأعمال العنف”.
وستشرف مجموعة أخرى على تسليم المساعدات بما في ذلك الضغط على سوريا لفتح الطرق بينما لم تتم الموافقة سوى على حوالى عشرة طلبات من أصل 116 تقدمت بها الامم المتحدة.
وقال كيري إن “مجموعة العمل هذه ستجتمع في جنيف غدا” السبت. وأضاف أنها “ستقدم تقريرا أسبوعيا حول التقدم أو النقص للتأكد من أن ايصال المساعدات بشكل مستمر وفي الوقت المحدد والموافقة عليها يسير قدما”. لكن روسيا والولايات المتحدة بقيتا على خلاف حول عدد من القضايا وخصوصا مصير الرئيس السوري.
وقد تبادلتا الاتهامات الخميس عندما صرحت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) أن الضربات الجوية الروسية دمرت مستشفيات في حلب بينما نفت موسكو ذلك مشيرة إلى أن طائرات أميركية قصفت المدينة.
وسوريا حليفة أساسية ومركز عسكري متقدم لروسيا وايران، بينما يرى مراقبون أن موسكو استفادت من الفوضى الناجمة عن الحرب وخصوصا من أزمة اللاجئين في أوروبا.
أما واشنطن التي لا تريد التورط في حرب معقدة أخرى بعد نزاعي العراق وافغانستان، فتواجه اتهامات بأنها لم تفعل ما يكفي لمساعدة المعارضة. وقد ركزت على مكافحة تنظيم الدولة الإسلامية الذي سيطر على مناطق في سوريا والعراق بدلا من التدخل في النزاع بين النظام السوري والمعارضة.
وقال كاميل غراند من مؤسسة الأبحاث الاستراتيجية في باريس إن “الولايات المتحدة تخلت عن فكرة إطاحة الأسد”. وأضاف أن “كيري يبدو راغبا في قبول أي شيء يسمح بتسوية الأزمة”.
المصدر الأقرب إلى الحدث الإسرائيليّ
تلقّوا نشرتنا اليوميّة إلى بريدكم الإلكتروني