يحتفل الإسرائيليون هذه الأيام بما هو معروف “أسبوع الكتاب العبري”. يُحتفل بهذا الحدث كل عام في بداية شهر حزيران وتتم خلاله إقامة معارض كُتب في أنحاء البلاد ويتم فيها عرض غالبية الكتب التي صدرت في إسرائيل.
بالإضافة إلى بيع الكتب، تُقام خلال تلك الفترة فعاليات ثقافية متنوعة، مثل عقد لقاءات مع الكتّاب، أُمسيات قراءة واحتفال خاص أيضا لمنج جوائز لكُتاب إسرائيليين ممن تميّزت كتبهم في العام الماضي.
أقيمت أول فعالية لافتتاح منصات بيع الكتب الرخيصة عام 1926 وتمت في إطارها وضع منصات بيع في جادة روتشيلد في تل أبيب. منذ ذلك الحين وحتى عام 1958 كانت تُقام فعاليات مثل “يوم الكتاب العبري” الأول.
بدأ الإسرائيليون “أسبوع الكتاب العبري”، بنسخته الجديدة، عام 1959،في إطار الاحتفال بمرور عشر سنوات على قيام دولة إسرائيل. بصرف النظر عن الاسم، يتم خلال “أسبوع الكتاب العبري” بيع كُتب بلغات أُخرى تم نشرها في إسرائيل. وغالبًا، بالمقابل، أيضًا تكون هناك حلقات دراسية وبيع كتب بديلة مثل “أسبوع الكتاب العربي” (غالبًا ما يُقام في حيفا)، وتُباع فيه إصدارات عربية من عموم الشرق الأوسط.
الإسرائيليون ينتقلون إلى قراءة الكتب الرقمية
طرأ، في الأعوام الأخير، تراجع على نسبة الكتب التي اشتراها الإسرائيليون ورويدًا رويدًا هنالك تدفق نحو القراءة المريحة بالكتب الرقمية.
وفق مُعطيات المكتبة الوطنية الإسرائيلية، والتي يتم نشرها بالتزامن مع أسبوع الكتاب العبري، هناك تراجع كبير في عدد الكتب المطبوعة التي نُشرت في العام الماضي (2014)، مقارنة بالعام الذي سبقه.
نُشر، في عام 2014، 7628 كتابًا، مقابل 7863 كتابًا في عام 2013 – تراجع بحجم 243 كتابًا، بعد أعوام طويلة من الزيادة المضطردة بكميات العناوين المطبوعة.
بالمقابل، فإن ارتفاع نشر الكتب الإلكترونية ما زال مُستمرًا: نُشر 417 كتابًا إلكترونيًّا في إسرائيل عام 2014، ارتفاع بنسبة 17% مقارنة بالعام 2013. وأيضًا، طرأ ارتفاع على عدد الكتب المسموعة التي نُشرت عام 2014 مقارنة بحجم 419 كتابًا في العام الذي سبقه.
سوق الكتب في إسرائيل على حافة الانهيار؟
تعرّض سوق الكتب الإسرائيلي إلى العديد من الهزات في السنوات الأخيرة، وعلى ما يبدو، يكتنف الغموض مستقبله. بدأت التغييرات الكبيرة قبل أكثر من عشر سنوات، عندما دخل مُسوّق كتب جديد إلى السوق، شبكة متاجر “تسومت سفاريم”، السوق الذي كانت تُسيطر عليه، بشكل احتكاري، شبكة أُخرى هي “ستيمتسكي”، وخلال فترة قصيرة نجحت بإحلال طريقة حملات التنزيلات الثابتة التي خفضت من سعر الكتاب تخفيضا كبيرا. بدأت “ستيمتسكي” أيضًا بإطلاق حملات تنزيلات جذابة خاصة بها، واضطرت دور النشر العريقة إلى أن تُلائم نفسها مع الظروف الجديدة في المجال.
دفع الهبوط الحاد بأسعار الكُتب (ونتيجة لذلك – تراجع مدخول الناشرين والكتّاب)، الكنيست، عام 2013، إلى سن قانون “حماية الأدب والكتّاب في إسرائيل” الذي كان يُفترض أن يُعطي حلاً للمشاكل آنفة الذكر. ولكن دخول القانون حيز التنفيذ في شباط 2014، تزامنًا مع الانهيار الاقتصادي لشبكة بيع الكتب “ستيمتسكي”؛ لحين تم شراؤها من قبل جهات أُخرى – زاد من الإحساس بعدم وجود ضمان في حقل الأدب الإسرائيلي.
ما الذي يُفضّل الإسرائيليون قراءته؟
الموضوع الأكثر شيوعًا الذي تناوله الكُتّاب الجدد هو الزواج، الأطفال والعائلة. وكذلك في قائمة أكثر مواضيع الكتابة شعبية: القصص الإسرائيلية – العامة، روايات تاريخية عن يهود الشتات وعلاقات الرجال والنساء.
مُعظم الأدب المُترجم هو من اللغة الإنكليزية، إنما هناك كُتب أُخرى مصدرها من 26 لغة إضافية – وأولها الفرنسية (23) والألمانية (12).
تم تسجيل تراجع بحجم النشر في مجال المؤلفات الأكاديمية. تم تأليف 273 كتاب سيرة ذاتية هذا العام (تراجع بـ 295 عن العام المنصرم) – من بينها 109 كتب سيرة ذاتية شخصية، التي تم نشرها فقط بعد موت مؤلفيها. تم تأليف 76 كتابًا عن أرض إسرائيل، من وجهة نظر تاريخية، أثرية – تراجع بـ 114 كتابًا مقارنة بالعام الماضي. تم تأليف 155 كتابًا بموضوع تاريخ شعب إسرائيل. تم تأليف 74 كتابًا عن الصراع الإسرائيلي – الفلسطيني (مقارنة بـ 76 كتابًا العام الماضي).
يتقاسم الرفوف 129 كتاب إرشاد في مجال الثقافة الترفيهية و 27 كتاب إرشاد آخر مع 235 كتابًا جديدًا في مجالي الفن والفولكلور. كان هناك 35 كتاب طبخ جديد في المكتبة هذا العام، منها كُتب تتناول موضوع الطبخ في الأعياد، الطبخ حسب التوراة والطبخ للخُضريين.
تم تأليف 502 كتب حول موضوع الكتابة التوراتية. أُضيف 37 عنوانًا جديدًا على قائمة كُتب التأمل اليهودية (تراجع بـ 76 كتابًا عن العام الماضي) و 166 كتاب بحث في موضوع الكبالاه (علم التصوف اليهودي).
لماذا قراءات المواطنين في الدول العربية قليلة؟
نشرت مُنظمة اليونيسكو، بمناسبة يوم الكتاب العالمي (23 نيسان)، مُعطيات تُشير إلى أن المواطن العربي المتوسط يقرأ عددًا قليلاً من الكُتب. في الواقع، يقرأ 80 عربيًا كتابًا واحدًا في العام، كمعدل (إن لم يؤخذ بالحسبان القرآن). بكلمات أُخرى، يقرأ المواطن العربي العادي أقل من 2% من الكتب. يقرأ المواطن الأوروبي والمواطن الإسرائيلي، بالمقابل، بضع كتب في العام.
ثمة تقارير أُخرى أيضًا لا تعرض إحصائيات مُشجعة فيما يخص العالم العربي. أظهر تقرير نشرته “مؤسسة الفكر العربي”، مثلاً، أن العربي يقرأ بمعدل 6 دقائق في العام، بينما يقرأ الأوروبي بمعدل 200 ساعة. نسب القراءة العالية جدًا (هي أيضًا مُنخفضة) موجودة في لبنان، مصر والمغرب.
بخصوص إنتاج الكتب، وُجد أنه يتم في الدول العربية، كل عام، نشر أقل من 5000 كتاب جديد، بينما في الولايات المتحدة، على سبيل المثال، يصل عدد الكتب إلى نحو 300،000 كتاب جديد. كذلك من ناحية النُسخ المطبوعة من كل كتاب هناك فجوة كبيرة بين الشرق والغرب.
ظاهرة مُلفتة أُخرى، أشارت إليها المدونة الثقافية “رصيف 22″، من خلال مقالة نشرتها مؤخرًا، وهي أن عدد الترجمات من الإنكليزية ولغات أُخرى إلى العربية هي النسبة الأقل في العالم. بشكل غريب بعض الشيء، تعادل كمية الكُتب التي تُرجمت إلى العربية منذ فجر الإسلام عدد الكتب التي تُرجمت إلى الإسبانية في عام واحد.
إذًا، لماذا لا يقرأ المواطنون، في الدول العربية، الكتب؟
يعود أحد الأسباب لذلك، وفقًا لمنظمة اليونيسكو، إلى نسبة الأمية العالية، نسبيًا، في الدول العربية، النسب التي تصل إلى 20% (الغالبية من النساء). إن أضفنا إلى هذه النسبة أولئك العرب الكُثر الذين يعيشون تحت خط الفقر ودائمًا هم منشغلون بتأمين الاحتياجات الأساسية وليس بقراءة الكتب، يمكن أن تتضح الصورة أكثر.
وأيضًا، هنا من يربطون بين الاهتمام بالقراءة وبين طبيعة النظام السياسي. وفق ادعاء أولئك، فإن نسب القراءة كبيرة في المناطق التي فيها الحرية مزدهرة. يرى المواطن، في المجتمعات الديمقراطية، نفسه كشخصية فاعلة في الحياة العامة. لذا، نراه يهتم، ولو كان قليلاً، بالنتاج الثقافي والسياسي في المجتمع. في العالم العربي، بالمقابل، لا يشعر مُعظم المواطنين بأنهم مُنخرطون بذلك مما يجعل نسبة القراءة آخذة بالانخفاض.