على النجيل الاخضر قرب المنصة الرئيسية، حيث أجرى الفنانون التدريبات الأخيرة قبيل الحفلة الليلة، التقيت برنان زغيّر، مركّزة حفلة “ببساطة بنغني” – وهي حفلات مشتركة تسمح للعرب واليهود التعرف على بعضهم البعض وجَسْر فجوات اللغة باستخدام الموسيقى. إلى جانبنا، بدأ الطلاب الجامعيون يتجمعون قبيل الحدث وينتظرون بداية العرض وبينما كانوا يدردشون، بعضهم بالعربية، وآخرون بالعبرية أو بالإنجليزية، ويبدو أنه من حين لآخر تحدثوا بلغات أكثر غرابة.
بدأت فكرة “ببساطة بنغني” عندما جلست مجموعة من العرب واليهود في مقهى بعين كارم في القدس وفكر أعضاؤها في تنظيم لقاء صغير، ودعوة الأصدقاء إليه والجلوس معا للاستماع إلى الموسيقى. في البداية، لم يفكروا في دعوة مطربين، وإنما فقط شغّلوا أغان في مكان مرتجل وجدوه في عين كارم. تم نشر الحدث بين الناس، ولم يتوقعوا أن يحضر أكثر من بضع عشرات من الأشخاص، ولكن لدهشتهم حضر المئات.
https://www.facebook.com/308369695852363/videos/1103089859713672/
ومن هو الجمهور؟ تجاوب رنان، مركّزة القسم العربي في المشروع، إنّ معظم الجمهور هو من الشبان المقدسيين، سواء من القدس الشرقية أو من القدس الغربية. تُجرى الحفلات كل مرة في مكان مختلف في القدس، من أجل الوصول إلى أكبر عدد من الأشخاص الجدد، وغالبا يتم اختيار أماكن على خطّ التّماس الجغرافي بين شرق المدينة وغربها، انطلاقا من الرغبة في أن يشعر الجميع بالراحة عند المشاركة.
يقول خالد وهو أحد المشاركين الثابتين في الحفلات، أنه على الرغم من أن الخوف المتبادل بين العرب واليهود يردع بعض الناس عن المشاركة، فإن الذين يشاركون رغم المخاوف يتفاجؤون إيجابيا. تقول رنان، على سبيل المثال، إنّها عندما شاركت للمرة الأولى في حفلة “ببساطة بنغني” لم تكن تعرف العبرية مطلقا تقريبا ولكن ذلك لم يمنع استقبالها بالترحاب. “احكي بالعربي”، قالوا لها، “وإحنا رح نترجم”.
المقدسيون يغنون ويرقصون – ويسقطون الجدران (photos: By Bencho)
“من لا يتفاعل مع اليهود يوميا يظن أنّنا أعداء، بحيث لا توجد إمكانية للنظر إليهم نظرة مختلفة”، كما تقول رنان، “ولكن بعد التعارف، نفهم فجأة أن أوجه الشبه تفوق أوجه الاختلاف، وحتى أن الأشياء التي تُغضبنا جميعا هي ذاتها”.
كما أدركت رنان إضافة إلى مقدسيين آخرين، إنّ حياة الشعبين الواحد إلى جانب الآخر هي ضرورة يفرضها الواقع في القدس، وليست اختراعا مصطنعا. ولذلك تؤكد أيضًا أنّ هدف المشروع ليس إيجاد التطبيع مع الدولة، ولذلك يُنظم تنظيما شخصيا وليس بتمويل من دولة إسرائيل أو بلدية القدس.
المقدسيون يغنون ويرقصون – ويسقطون الجدران (photos: By Bencho)
“الحفلات مفتوحة أمام الجميع للمشاركة. لدينا صفحة فيس بوك وفي كل مرة ننشر دعوة باللغات الثلاث، ومن يرغب في الحصول على المزيد من المعلومات فهو مدعوّ أيضًا للاتصال بنا. نحن ندفع الأفكار الجديدة قدما، ويهمّنا جدا أيضًا دفع المواهب المحلية قدما وتوفير فرص أيضًا للفنانين الشباب وغير المعروفين لتقديم العروض”.
“لا تدعو تقسيم ‘نحن وهم’ يسيطر عليكم وتذكّروا أنّنا قبل كل شيء بشر” كما تقول رنان، “لا يمكن العيش طوال الوقت في حرب مستمرة. يجب علينا بناء حياة مشتركة ومقبولة”.
المصدر الأقرب إلى الحدث الإسرائيليّ
تلقّوا نشرتنا اليوميّة إلى بريدكم الإلكتروني