سيجد من يتجول، أحيانا، في شوارع المدن الإسرائيلية، لوحات إعلانات وعليها دعايات تدعو إلى الانضمام إلى دورات جديدة حول “القتال بالإلتحام” والتي تُفتح أحيانا في نوادي اللياقة البدنية وفي المراكز الجماهيرية الكبيرة، ويواجه كل إسرائيلي تقريبا بطريقة ما فن القتال الوحيد الذي طُوّر في إسرائيل من أجل الدفاع عن النفس. ولكن ما هو فن القتال الذي يتباهى الإسرائيليون به وتميل الكثير من الدول في العالم إلى تعلمه تماما كما يتم تعلّم فنون القتال اليابانية أو الصينية القديمة؟
فن القتال بالإلتحام، هو فن قتال إسرائيلي يُشدد على تعليم الدفاع عن النفس وتطويره في غضون وقت قصير من خلال استخدام تقنيات سريعة وناجعة تهدف إلى توفير رد على حالات قد تحدث في “الشارع”. وذلك عندما يٌهاجم الفرد جهات تريد إلحاق الضرر به.
لقد طُور فن القتال في الجيش الإسرائيلي، كفن قتال عسكري يُستخدم للقتال والدفاع عن النفس في معركة مباشرة. وقد تم اعتماد للمرة الأولى في الجيش الإسرائيلي، وأصبح اليوم معروفا في كل العالم وتبنته أيضا قوات مقاتلة في دول أخرى.
تعود جذور هذه الطريقة إلى ليختنفلد وهو خبير وبطل في المصارعة والملاكمة، من أصل تشيكي. لقد تأثر ليختنفلد الذي كان يسكن في تشيكوسلوفاكيا، في الثلاثينيات من القرن الماضي، من والده تحديدا، الذي كان رجل تحري مسؤولا ومرشدا للدفاع عن النفس في الشرطة. ولقد درّب في البداية مجموعات يهودية على استخدام تقنيات قتالية من دون سلاح، وفق وجهة نظره، وذلك بهدف الدفاع عن الجالية اليهودية من الهجوم الفاشي للبلطجية المحليين. ولاحقا، خدم في الجيش البريطاني وعلم فيه تقنيات القتال من دون استخدام وسائل قتالية أخرى، كانت قيد الاستخدام في ذلك الحين.
عندم وصل ليختنفلد إلى فلسطين (قبل إقامة دولة إسرائيل)، بدأ يُعلم في منظمة الهاجاناه (المنظمة العسكرية الأكبر والأكثر مركزية للحركة الصهيونية في عهد الانتداب البريطانيّ بين عامي 1920 حتى 1948) القتال من دون استخدام السلاح، والذي كان يرتكز تحديدا على القتال باستخدام العصي، الملاكمة الغربية وفن القتال الياباني والجوجوتسو.
بعد إقامة دولة إسرائيل والجيش الإسرائيلي، عُيّنَ ليختنفلد ليشغل وظيفة مدرب لياقة بدنية رئيسي في الجيش الإسرائيلي. ومع مرور الوقت، لاحظ أن هناك جنودا وجنديات ليسوا قادرين على إنجاز جزء من تقنيات القتال من دون استخدام السلاح الذي كان مستخدما في ذلك الوقت ولذلك أزال بعضها أو لاءمها لتتناسب مع قدرات الجندي المتوسط في الجيش الإسرائيلي.
ومع استقالته من الجيش الإسرائيلي افتتح ليختنفلد نادي “فن القتال”، ولاءم فيه فن القتال بالإلتحام ليلبي احتياجات السكان المدنيين. اعتمد القتال في البداية على تقنيات مختلفة من نمط الجوجوتسو والملاكمة الغربية، إلى جانب تقنيات أخرى من الملاكمة. ومع تطور جيل المتدربين الأوائل، بدأ فن القتال بالإلتحام يستند على تقنيات أصلية تطورت من خلال الحاجة إلى توفير رد للتهديدات الآنية في الشارع.
يؤمن مدربو القتال بالإلتحام كما كان يؤمن مبتكره، ليختنفلد، أن كل أن إنسان معرض للمخاطر أثناء التجوّل في الشارع ولذلك يجب أن نكون مستعدين ومتدربين. تُستخدم في فن القتال بالإلتحام، اللكمة، الركلة، الخنق، والإسقاط أرضا بهدف التغلب على الخصم في غضون وقت قصير، وذلك لمحاكاة وضع يكون شبيها قدر الإمكان بحالات تحدث في “الشارع”.
خلافا لفنون القتال التنافسية، حيث تتضمن غالبا تقييدا للمس بالخصم في منطقة الخاصرة، الوجه، والعنق، فإن فن القتال بالإلتحام وبناء على هدفه، لا يعمل بموجب هذه التقييدات ولذلك لا يتميز بالمنافسات أو التمثيل الأولمبي.