الفن الإسلامي

رائدة أدون، امرأة من دون بيت (فيديو)
رائدة أدون، امرأة من دون بيت (فيديو)

معرض في إسرائيل: هوية الفنان الفلسطيني

عشرات الفنانين الفلسطينيين سيُشاركون في نهاية الأسبوع القريب في معرض في أم الفحم، ويُتوقع أن يكون من أكبر المعارض الفلسطينية التي أُقيمت في إسرائيل

سيُفتتح معرض “هوية الفنان الفلسطيني” يوم السبت القريب في مدينة أم الفحم. من المُتوقع أن يُشارك فيه 30 فنانًا من إسرائيل ومن مناطق الضفة الغربية وسيتضمن 150 عملاً فنيا مُختلفا مثل لوحات، صور، وأعمال فيديو. تحدث أمين المعرض، أبو شقرة، في لقاء أجراه معه موقع “تايم آوت” الإسرائيلي، عن أن أهمية هذا المعرض تكمن في التواصل مع فنانين من أراضي السلطة الفلسطينية.

ويهدف المعرض إلى فحص طموح ورؤيا الثقافة والفن الفلسطيني، إنسانيا، ثقافيا، وأكاديميا. سيتم أيضًا، إضافة إلى عرض الأعمال في أم الفحم، بعد أسبوعين، إطلاق كتالوج شامل، في متحف تل أبيب، كان قد أعده أبو شقرة، وهو يُوفر صورة شاملة وواسعة عن الفن الفلسطيني ويأتي الكتالوج مُقسمًا إلى مجموعات رئيسية وفرعية، والتي لا تتلاقى، أحيانا، معا. سيتضمن إطلاق الكتالوج يومًا دراسيًا خاصًا بالفن الفلسطيني.

قال أبو شقرة في المقابلة: يختلف الفن الفلسطيني في إسرائيل تمامًا عن الفن الفلسطيني داخل أراضي السلطة الفلسطينية. فإن الفنان الذي درس في الجامعات الإسرائيلية يمتاز بجرأة وحرية أكبر. إن الفن داخل أراضي السلطة الفلسطينية يخدم فكرة ما، ويميل إلى خدمة المؤسسة الحاكمة الممولة”.

خالد حوراني، حجر المسافة، كراميكا 2010، تصوير يغئال فردو
خالد حوراني، حجر المسافة، كراميكا 2010، تصوير يغئال فردو

 

أنيسة أشقر، غزال جريح، زفت على ورق 2012، تصوير يغئال فردو
أنيسة أشقر، غزال جريح، زفت على ورق 2012، تصوير يغئال فردو

 

فاطمة أبو رومي، أزرق أبيض، زيت على قماش، تصوير عمار يونس
فاطمة أبو رومي، أزرق أبيض، زيت على قماش، تصوير عمار يونس
ميخائيل حلاق، بورترية ذاتية، زيت على قماش 2011، تصوير عمار يونس
ميخائيل حلاق، بورترية ذاتية، زيت على قماش 2011، تصوير عمار يونس
اقرأوا المزيد: 167 كلمة
عرض أقل
صورة من مجلة Brownbook (Facebook)
صورة من مجلة Brownbook (Facebook)

مجلة ثقافية من دبي تعرض الشرق الأوسط متعدد الثقافات

على ضوء الحقيقة أن الإعلام الغربي يعرض العالَم العربي عرضا يبرز بالأساس المشاكل والنزاعات، قرر أخَوان من دبي أن يُنشئا مجلة غايتها عرض التعدد الثقافي المتنوع في الشرق الأوسط

قبل عدة سنوات، حين بدأت بزياراتي المتكررة للقاهرة، رافقني السؤال الأبدي في كل سفرة سافرتها، من إسرائيليين وغير إسرائيليين معا، إن كنت أعرّف عن نفسي في مصر كإسرائيلي وكيف يتعاملون مع إسرائيليتي. اعتدت أن أسافر مرتين في السنة، وأحيانا أمكث شهرا كاملا. نعم، قلت دائما إني من إسرائيل. كان سهلا عليّ نسبيا. بعربيتي المصرية من البيت، أثرت فضول المصريين الذين يحادثونني والذين طلبوا أن يعرفوا كيف أتكلم اللهجة المحلية. كان منهم من ظنّ بداية أنني عميل موساد أو من هذا القبيل. بل وحدث أحيانا أن اتهمتني بذلك صحفية مصرية اتهاما صريحا في مقابلة مفبركة أجرتها معي ونشرتها في صحيفة “اليوم السابع”. لكن هذه الحالات كانت قليلة. قليلة جدا إذ أعدّد كل واحدة منها. على الأغلب، تعريف نفسي كابن ليهود مصريين لفت انتباه الناس الذين قابلتهم أكثر من هويتي الإسرائيلية، وعامة، كان يرافق ذلك الابتسامةُ والتحية الشائعة في مصر جدا “نوّرت مصر”.

ومع ذلك، كان يكفيني تجربة غير سارة واحدة كي تعكّر كل صفاء التجارب السابقة، مهما كانت جميلة ومؤثرة . هذا هائل، فكرت في نفسي في ختام إحدى الزيارات. مكثت شهرا كاملا في مصر، قابلت على الأقل 10أناسا مختلفين كل يوم- في البقالة، الصالون، أكشاك الكتب، المقاهي، في كل مكان تقريبا- حين سألوني من أين أنا وكيف أتحدث عربية مصرية بهذه الطلاقة. كانت كل الردود تشرح الصدر، دافئة وعلى الأقل تثير الاهتمام. وها هي، تكفي تجربة واحدة، قال فيها بائع صغير لي في حانوت صغير إنه لا يحب الإسرائيليين، كي تحتل مكان كبيرا وقاسيا في من قلبي، وربما ستصبغ كل مكوثي في القاهرة بألوانها الرمادية الغامّة.

العرض العالمي للعالم العربي ينشغل كثيرا بالمشاكل والنزاعات- من نزاع حول الحدود، مخزون النفط ومصادر المياه إلى تفاصيل لبس النساء- وأقل من ذلك، بشكل بارز، في الحياة اليومية، في الثقافة العربية الشعبية، في التوجهات الاجتماعية المختلفة (وأحيانا متضاربة)، في التوجهات الليبرالية، وبالطبع بالفن، الفن المعماري، الشعر والأدب

ولم أكتشف شيئًا جديدًا باستنتاجي المزعج هذا. إذ يُعرف كم تنغرز التجارب الصعبة في وعينا وأنفسنا انغرازا قويا مؤثرا أكثر من التجارب الإيجابية. أحيانا، يتطلب الأمر منا سنوات حتى نتمكن من التأقلم معها. لكن بعودتي إلى البلاد ثانية، لم أستطع مشاهدة الإعلام الإسرائيلي والعالمي بنفس النظرة التي كنت أشاهده منذ سنين مضت. وبالطبع ليس فيما يتعلق بعرض العالم العربي. حروب، عمليات إرهابية، اعتقالات، إعدامات (وقتها علنية، واليوم مصورة)، قتل على خلفية شرف العائلة، ختان النساء، التهميش الديني، قطع أيدي السارقين، اختطافات، رهائن، وهلم جرا بما حوَت الجرّة. صبغ هؤلاء العالم من حولي بلون رتيب متجهم لا يوازي التنوع الواسع الذي رأيته سابقا، هناك في القاهرة. طبعا أجريت أبحاث بخصوص تغطية العالم العربي في الإعلام العالمي، وأعترف بأنني لم أهتم يوما بفحصها. من الواضح لي، على أيّة حال، أن العرض العالمي للعالم العربي ينشغل كثيرا بالمشاكل والنزاعات- من نزاع حول الحدود، مخزون النفط ومصادر المياه إلى تفاصيل لبس النساء- وأقل من ذلك، بشكل بارز، في الحياة اليومية، في الثقافة العربية الشعبية، في التوجهات الاجتماعية المختلفة (وأحيانا متضاربة)، في التوجهات الليبرالية، وبالطبع بالفن، الفن المعماري، الشعر والأدب وإلخ. قطع الرؤوس، على ما يبدو، ما زال يجمع الكثيرين. مرة في الساحة، اليوم على الشاشة.

صورة من مجلة Brownbook (Facebook)
صورة من مجلة Brownbook (Facebook)

لحسن حظي، لست وحدي أفكر كذلك. يتأثر ملايين العرب بالصورة المنحازة التي كونتها عنهم وسائل الإعلام الغربية على مدى التاريخ، ولا سيما عملية 11 أيلول الإرهابية، وذلك من غير أن يضطروا لاجتياز الفحص الأمني في مطارات بن غوريون أو JFK. لمن يعيش في العالم العربي ويتلقى الإعلام الغربي، تكفيه نشرة أخبار واحدة كي يدرك كيف يرتسم عالمه في الخارج. والصورة، بتصريح مكبوت، غير محمودة قطعا.

هكذا أحس أيضا الإخوان من دبي، أحمد وراشد بن شبيب، المبادران، والمصدران للمجلة الدورية كل شهرين ‏‎”Brownbook”‎‏.‎ ‎في تطرقه إلى دبي، قال راشد في مقابلة معه، إن المشكلة مع وكالات الأنباء الغربية أنها تعرض صورة مشوّهة: “إنها تتركز فيما هو مألوف. إنها ترسل لدبي مراسلا ليوم أو يومين، الذي ينظر إلى الجزء الأسوأ في موضوع ما ويقوم بعرضه”. من ناحية تجارية، يقول الراشد، هذا معروف. وهذا أيضا موجود. نعم هناك مشاكل. لكن، حسب تعبيره، كل الأمور الأخرى، الجميلة، التي تعرضها دبي لا تحظى بالتغطية: العروض الفنية، معارض التصميم والأزياء، المهندسون المعماريون الموهوبون وغيرها. كان هذا الحافز الذي وقف وراء مبادرتهما، والذي جعل في النهاية بعض المشاريع ترى النور.

وُلد التوأمان بن شبيب، اللذان الآن بالكاد يبلغان ثلاثين عاما، في دبي لعائلة ميسورة. كان جدهما وزير الاتّصالات الأول للإمارات العربية المتحدة وأبوهما يعمل كمطوّر تجاري. لكن يبدو أن تأثير أمهما فيهما لم يكن أقل شأنا. لقد قالا في مقابلة معهما إن خلفيتهما الثقافية التي نشآ فيها أثرت فيهما، لأن أمهما اهتمت أن يكونا دائما منخرطين في إطار أية شبكة اجتماعيّة كانت- عن طريق المدرسة الصيفية، التعليم الجامعي، أو المؤسّسات الثقافية الأخرى- من خلال الاستثمار في تطوير اهتمامهما بالمتاحف والشؤون الثقافية عامة. هذا، حسب تعبير أحمد، مما غرس فيهما روح المبادرة وقدرة التعبير.

صورة من مجلة Brownbook (Facebook)
صورة من مجلة Brownbook (Facebook)

بعد إنهائهما علم الاقتصاد في بوسطون ولندن، وعملا في مجال المصارف لمدة قصيرة، وفرا بعض المال كي يعودا لبلادهما لتنفيذ مشروع المبادرة الأول لهما سنة 2006: خدمة الإرساليات في الشبكة، الأولى من نوعها في الإمارات العربية المتحدة، التي تعمل 24 ساعة، وتسمى Brownbag على ما يبدو على اسم كيس الورق البني للحوانيت في الولايات المتحدة. كان هذا المشروع الأول من نوعه في الإمارات العربية والأول لهما كمبادرين تجاريين. حسب تعبيرهما، لقد حدثت فيه بعض الأغلاط، وهذا حسنٌ. لم يكن هذا الوقتَ الملائم لمشروع كهذا لينجح، لكنه بالتأكيد قد أدى بالمشاريع التي ستأتي بعدُ إلى أن تنجح.

طلبت بعض الشركات التجارية التي تعرّفت على القدرة في مشروع الأخوين نشر نفسها في موقع الإرساليات. تحت ذلك، عرض الإخوان على هذه الشركات لا أن تنشر عن نفسها في الموقع بل عن طريق ملصقات يصدرونها وتصل مع كل إرسالية. كانت الفكرة أن تطبع ملصقات صغيرة مع لمحات عن الفن المحلي، الثقافة الحالية، التصميم وأسلوب الحياة. بعد سنة من ذلك، يصبح الملصق الصغير والساذج أحد أكثر المجلات جمالا واستثمارا في العالم العربي “Brownbook”.

https://www.youtube.com/watch?v=HF_6aCBUT6g

تُباع اليوم‎ “Brownbook” ‎ بعشرات آلاف النسخ وحول العالم: بيروت، باريس، لندن، الدار البيضاء، نيويورك، طوكيو وغيرها. يعتبرها محرروها باختصار “كدليل مدني للشرق الأوسط”. لكنها حقا أكثر من ذلك. هذه مجلة تتركز في الفن، التصميم، أسلوب الحياة، والثقافة عامّةً، في الشرق الأوسط، شمال إفريقية، والعالم الإسلامي عموما. تجعل بنية المجلة، من ورق لامع سميك، تجربة القراءة بها حقا شبيهة بقراءة كتاب أكثر من كونها مجلة، والأقسام فيها جذابة: بدءا من النساء والشخصيات المميزة، مرورًا بِالمواضيع الرئيسية المختارة في كل عدد، وانتهاء بدليل تجوّل مصغر لإحدى المدن أو المناطق الأكثر جذبا في المنطقة.

مجلة “Brownbook” هي بلا شك مجلة ثقافية. ثقافة بالمعنى الواسع للكلمة: السائدة والحصرية، العالية والضحلة (إن كان ما زال هنالك داع لاستعمال هذه المصطلحات السخيفة)، الشعبية والخاصة، المطبخية، البصرية والسمعية، السياحية والمحلية، العربية والغربية. وفرة وثراء في المقالات، الأفكار، المبادرات، المتاحف، المعارض، مجالات العمل والإبداع، وبلا كلمة واحدة عن داعش. ليس لأنه غير موجود. بل لأن ذلك أمر نسبي

وهذا ما أراد الإخوان بن رشيد حقا أن يصدراه للعالم. “لقد أردنا الحديث عن المنطقة بطريقة جديدة”، قالا في مُقابلة معهما. “هذه المنطقة ليست فقط ذات صراع سياسي، وليست فقط الوصمة التي وُصمت بها. نعم تتم هنا أمور مثيرة للاهتمام، فهنا أناس يلفتون الانتباه وأناس يغيّرون الأمور، وأردنا أن نضعهم في الصدارة”. ولم يريدا أن يفعلا ذلك فقط أمام عيون الغرب الرامقة، بل بالأصل من أجل سكان المنطقة. كي يرى الناس إلى أي مدى يمكن أن يطمحوا، وليكونوا فخورين بما لديهم لِيَعرضوه. “لا نريد عرض الشرق الأوسط أمام أعين العالم فقط، بل أمام الشرق الأوسط نفسه”.

مثلا، في قسم الشخصيات في الأعداد الأخيرة يمكن الاطلاع على مقالات ومقابلات مع المهندسة المعمارية من البحرين، نورا السايح، مع مصور الأزياء السنغالي عمر فيكتور ضيوف، مع الطاهية وفنانة الطبخ اللبنانية أنيسة الحلو، مع ممثلة ومغنية الـ “البانك (Punk) المغربية شيما بن عشّا، مع مصممة الأزياء الجزائرية نوريا آيرون التي أنشأت محلا في المغرب، أو مع محرري مجلة Rukh للثقافة العربية المعاصرة الصادرة في باريس. من بين المواضيع التي خصصت لها عدة أعداد من المجلة يمكن أن نجد مثلا: مجلة الموسيقى من الكلاسيكية إلى العصرية والبديلة، عددا مخصصا للجزائر عامّةً وتطور كل الجزائر خاصّةً، عددا عن الجاليات العربية في البرازيل عن المميزات والشخصيات الأبرز فيها، عددا عن البيوت والتصميم الداخلي، وغيرها. لكل عدد ألحِقت “جوائز” صغيرة، مثل قاموس صغير للأمازيغية، لغة الأمازيغيين، الذي رافق عدد الجزائر ويشمل صور الحروف وعدة كلمات أساسية وكلمات مفتاحية؛ كراسة صغيرة مع نوتة أغنية “ألف ليلة وليلة” التي لحنها بليغ حمدي، وغنتها أم كلثوم؛ دليل تزلج للعالم الإسلامي الذي يضم مواقع التزلج الأفضل في المغرب، الجزائر، تركيا، لبنان وإيران؛ كراسة تصميم ساعات، حقائب وأدوات زينة، للأخوات حركات اللواتي نشأن بين بيروت والدار البيضاء؛ دليل وجيز للموسيقى البديلة الحالية في العالم العربي؛ وغيرها.

صورة من مجلة Brownbook (Facebook)
صورة من مجلة Brownbook (Facebook)

مجلة “Brownbook” هي بلا شك مجلة ثقافية. ثقافة بالمعنى الواسع للكلمة: السائدة والحصرية، العالية والضحلة (إن كان ما زال هنالك داع لاستعمال هذه المصطلحات السخيفة)، الشعبية والخاصة، المطبخية، البصرية والسمعية، السياحية والمحلية، العربية والغربية. وفرة وثراء في المقالات، الأفكار، المبادرات، المتاحف، المعارض، مجالات العمل والإبداع، وبلا كلمة واحدة عن داعش. ليس لأنه غير موجود. بل لأن ذلك أمر نسبي.

نُشر هذا المقال للمرة الأولى في موقع صحيفة “هآرتس”

اقرأوا المزيد: 1406 كلمة
عرض أقل
ادوات الفضة في المتحف للفن الإسلامي في القدس
ادوات الفضة في المتحف للفن الإسلامي في القدس

متحف الفنّ الإسلامي في القدس: الإسلام في كامل مجده

يقع في القدس متحف صغير، يكنّ الكثير من الاحترام للفنّ الإسلامي، وتكمن فيه كنوز نادرة: بنادق من عهد العثمانيّين، مجوهرات من سوريا، طبلة من بلاد فارس، وأراجيل قديمة من الهند. ولا تفوّتوا معرض الساعات المسروقة!

في قلب مدينة القدس يقع متحف الفنّ الإسلامي. وبخلاف أقرانه من المتاحف الفاخرة، فهو يقع بين مبانٍ سكنية وفي مبنى متوسّط في حجمه وتصميمه. وصلت لزيارة المتحف يوم الثلاثاء الأخير، خلال عطلة عيد الفصح اليهودي، وفي اللحظة التي تجاوزتُ فيها بوابات الدخول العالية تفاجأت: فكلّ ما تم الاحتفاظ به من حيث البهاء الخارجي تمّ استثماره في التصميم الداخلي.

يتألّف المتحف من عدد من المقتنيات التي تهتمّ بالفنّ الإسلامي في فترات مختلفة من التاريخ، مجموعة متغيّرة وأيضًا مقتنيات من الساعات الرائعة والمميّزة، سنذكرها لاحقًا. في المقتنيات الدائمة، يمكن أن نرى معروضات من عهد الحكم الإسلامي في فلسطين (أرض إسرائيل)، بداية من القرن السابع ميلادي، منذ أن حكمت السلالة الأموية، انتهاءً بالقرن التاسع عشر، في أواخر العهد العثماني.

مبنى المتحف، القدس
مبنى المتحف، القدس

تنتشر المعروضات في قاعات مختلفة، وهي مرتّبة وفق ترتيب زمني وجغرافي، وفقًا للسلالات الإسلامية المالكة المختلفة. الأمويّون، العبّاسيّون، السلاجقة، الفاطميّون، المماليك، المغول، التيموريّون، الصفويّون، القاجاريّون والعثمانيّون. شكّلت جميع هذه السلالات جزءًا كبيرًا من تاريخ الشرق الأوسط وشبه الجزيرة العربية، والفنّ الذي خرج من هذه المناطق يلقى الاحترام الذي يستحقّه في غرف العرض المختلفة في المتحف.

قرّرت افتتاح الجولة في القاعة المركزية: غرفة السلاح. وضِعت الأسلحة القديمة بجانب بعضها بعضًا: سيوف، فؤوس، قوس، سهم ورماح. وأسلحة نارية: كالمسدّسات والبنادق. رغم التطوّرات التكنولوجية – وربّما بسببها بالذات – فإنّ النظر إلى بندقيّة قديمة، والتي استخدمها العثمانيّون في المعارك مع الأعداء؛ هو أمر مثير بشكل خاصّ.

ليس الحديث عن أسلحة تمّ إنتاجها بطريقة صناعية، ونلاحظ الجهد الكبير الذي تم بذله في تجهيزها. بخلاف الأسلحة في أيامنا، يمكن أن نلاحظ بأنّها زيّنت بأشكال ملوّنة وكسوة جميلة، فكانت ترمز الأسلحة في تلك الأيام إلى مكانة خاصّة، أما الزخارف المختلفة فكانت ترمز لأصل المُحَارب. وقد كان في الغرفة الرائعة أدوات قتالية ملوّنة، بما في ذلك الدروع، حاويات البارود والسرج الذي كان يستخدم للركوب على الخيل، قبل 500 عام وأكثر.

لاحظت أنه كانت تنتظرني متعة خاصّة في كلّ غرفة وغرفة. سواء كان الحديث عن جرّة فارسية، مصابيح زجاجية من حلب، خزانة أدراج من الهند أو أقراط من دمشق؛ فالمعروضات المختلفة رائعة وتعكس واقعًا مختلفًا. واقع يتم فيه التركيز على التفاصيل الصغيرة التي كانت أساس الحياة. من الصعب ألا تُعجب من مستواها الجمالي الفائق. كان مستوى الدقّة الذي توصّل إليها الفنّانون في تلك العهود رائعًا في نظري.

أرجيلة يعود أصلها الى الهند وعمرها 300 عام
أرجيلة يعود أصلها الى الهند وعمرها 300 عام

في غرفة الآلات الموسيقيّة، توجّه إليّ شخص اسمه أمير، في سنوات العشرين من عمره، حيث كان يزور المتحف للمرة الأولى. “هل تعلم أنّه لولا الإسلام، فيبدو أنّ موتسارت وبيتهوفن لم يكونا ليشتهرا؟”، يسأل وهو مقرّرا. نظرت إليه وأغلقت شفتايّ مرتبكًا، لا أفهم إلى أيّ شيء يهدف الشاب اللطيف في كلامه.

ابتسم أمير – الذي أخبرني لاحقًا أنّه يدرس علم الموسيقى – وأوضح أنّ هذا كان سؤالا استنكاريّا، وأنّه سيكون سعيدًا ليشرح لي. هدأت. بفضل اللقاء غير المعدّ له مسبقًا، اكتشفتُ أنّ جيوش الإسلام هي التي جلبت أدوات العزف من الشرق القريب والبعيد إلى أوروبا، في إطار حملاتها المختلفة. فالعود هو الأب الروحي للغيتار، والفلوت من الناي، وتطوّرت الدربكّة لنظام الطبول المتطوّر والتي ترافق معظم الأغاني التي يتمّ إنتاجها اليوم.

رغم أنّ الإسلام عارض آلات العزف، التي كانت تنتمي لثقافات وثنية، فقد أكثر المسلمون أنفسهم من استخدامها في المناسبات الاجتماعية، باحات الملوك والقرى النائية. كنت أتساءل لماذا لم يتمّ الحفاظ على هذه الثقافة الموسيقية، مثل الثقافة التي نشأت في أوروبا قبل 300 عام. “انتقلت الموسيقى من جيل إلى جيل دون وجود نوتات، وكانت قاعدتها الارتجال”، أجاب الطالب الذكي.

معرفة مكثّفة جديدة، أكملت تجوّلي ووصلت إلى “ثروة هراري”: كنز ثمين من 20 أداة من الفضّة الفاخرة منذ 1000 عام (!) فقد وجدها الباحث رالف هراري داخل وعاء كبير في مدينة نهوند شمال إيران. من بين الأدوات عثرت على أطباق، أدوات للبخور وزجاجات استُخدمت – كما يبدو – لتخزين العطور.

زُيّنت الأدوات بمجموعة من العناصر التقليدية، مثل الأرابيسك، شِعريّات وشخصيات لحيوانات مختلفة، وقد صُنعت باستخدام مجموعة متنوّعة من النقوش، التذهيب وترصيع الأحجار الكريمة. تمّ الحفاظ على هذه العناصر بحالة ممتازة، غير أن عوامل الزمن ليست واضحة فيها.

غرفة استراحة على الطراز الإسلامي
غرفة استراحة على الطراز الإسلامي

واصلتُ – مشدوهًا من هذه المجموعة المتميّزة – إلى القسم “غير الإسلامي” الوحيد في المتحف، وهو معرض للساعات القديمة. في غرفة مظلمة وهادئة بشكل خاصّ، تم وضع وتعليق ساعات عمرها بين 200 – 300 عام، استخدمتها طبقة النخبة. صُنعت معظمها بيد لويس بريغيه الفرنسي، والذي بالإضافة إلى الجانب الجمالي، اهتمّ بإدخال إتقان تلك الفترة وهكذا جعلها تصل إلى مستوى دقّة الساعات الرقمية المعاصرة.

عام 1983، سُرقت المجموعة من المتحف، في حملة معقّدة وجريئة والتي يمكن تمثيلها في سيناريو هوليوودي. بعد 23 عامًا فقط من المطاردات والمراقبة، تمّ العثور على المجموعة وأعيدَت إلى مكانها. ماذا يمكننا أن نقول؛ لقد كانت تستحقّ الانتظار. رغم أنّ الساعات غير متعلّقة بالفنّ الإسلامي، فهي تضيف سحرًا خاصّا إلى المتحف.

سجاجيد حائط مزخرفة بطريقة رائعة، أبواب ذهبيّة مذهلة، دمى من العاج بمنظر “خارق” وبلاط “الكاشان” والتي امتزجت مع الحكايات. يوفّر هذا المتحف عددًا لا يعد ولا يحصى من زوايا عرض تاريخ الإسلام الغنيّ والساحر، والمكان المحوري الذي كان للفنّ في حياة الحكّام، وكذلك في حياة المؤمنين.

لدى خروجي من غرفة العرض الأخيرة التي في الطابق الأعلى، وقعت عيناي على أرجيلة، والتي تعود إلى 300 عام وأصلها من الهند. للحظة خطر في ذهني فكرة استنشاق شهيّ لتبغ عالي الجودة، للتخفيف من وطأة كمّية المعلومات الهائلة التي تعرّضتُ لها في الساعات الأخيرة.

ولكن على ما يبدو أنّ هناك من حاول ذلك قبلي، لأنّني لاحظت على الفور وجود الإطار الزجاجي الذي يحافظ على الأرجيلة ويحرسها. اكتفيت بالتصوير. في حوار ذاتي، أعلنت عن هذا اليوم يومًا ناجحًا، ووعدتُ نفسي بأن أعود إلى هنا قريبًا. الاستنتاج من هذه الزيارة؟ نتعلّم أشياء جديدة دومًا.

اقرأوا المزيد: 856 كلمة
عرض أقل