العهد الجديد

اللهول والأهرام المصرية (Heinz-Albers)
اللهول والأهرام المصرية (Heinz-Albers)

الألغاز المصرية التي لا ينجح العلم في فكّها

أبو الهول الذي يؤرخ له المؤرخون فترة تفوق 10.000 سنة، وقبور الفراعنة التي تحلّ لعنتها بكل من يفتحها: مصر القديمة تحوي الكثير من الأمور والنظريات الغامضة التي ينبهر بها العلم

مصر هي إحدى الدول التي ألهبت الأثريين، التاريخيين، العلماء، صانعي الأفلام وكل هواة المغامرات من قديم الزمان. تُشغل المباني القديمة الضخمة، الأسرار المخبأة تحت الأرض، الأغراض الغامضة ووفرة من النظريات عن تقنيات مفقودة وحكمة قديمة، بال أناس كثيرين حتى اليوم، خاصة أن أغلب الأمور ما زالت غير مفسّرة تفسيرًا كافيًا، مؤكدًا، وواضحًا.

في هذه الأيام يحتفل يهود العالم بالفصح، المعروف أيضا بعيد الحرية. حرية بني إسرائيل من عبودية مصر والصعوبات التي أنزلها بهم فرعون كما ذُكر في التوراة، العهد الجديد والقرآن الكريم. يبدو أنه لا وقت أفضل من هذا لنكشف لكم عن بعض الألغاز المصرية القديمة التي لم ينجح العلم في فك رموزها بعد:

الأهرام- من بناها، كيف ولماذا؟

الأهرام، من بناها ؟ (AFP)
الأهرام، من بناها ؟ (AFP)

إحدى الأحجيات الكبرى المتعلقة بمصر هي طريقة بناء الأهرامات؛ إذ، لا يفصّل أي رسم هندسي أصلي كيف بُنيت، وكل تفسير هو تخمين حذر. ويقول بعض الباحثين إنه لا غموضّ يحيط بالأهرام، التي هي مجرد قبور للذكرى، عالية ومصقولة جيدًا، مبنية من حجارة ثقيلة ذات وزن ضخم، بناها ملوك مصر لأنفسهم. لكن هذا الوصف لا يشرح كيف تم الأمر، ويتجاهل الكثير من النظريات، المشكوك بها، التي تبناها الإنسان لتفسير هذه الألغاز.

اعتبرت أهرام الجيزة، الأكبر من بين الأهرامات، التي يصل ارتفاعها إلى 138 مترًا، حتى القرن 19 المبنى الأعلى عالميًّا، وأيضًا الأقدم من بين العجائب السبع، والوحيدة التي بقيت من بينها. وهي كاملة نوعًا ما. حاولنا في المقال الذي نشرناه قبل مدة قصيرة في موقعنا أن نجيب عن السؤال من بنى الأهرام، لكن يبدو أننا لن نتوصل إلى الإجابة المؤكدة أبدًا.

كانت الكلمة “هرم” مصدر التباس كبير. فالكلمة محط جدل، إذ أن النظرية الرائجة هي أنها كلمة مصرية قديمة تسربت لليونانية ومنها إلى سائر لغات العالم. وحقيقة أن ليس لها جذور في لغة أخرى أدى ذلك في الماضي إلى الادعاء أن مصدر الأهرام من عوالم خارجية، أي من كوكب آخر.

حيرة أبو الهول

أبو الهول (AFP)
أبو الهول (AFP)

أبو الهول الكبير في الجيزة، هو تمثال جسمه جسم أسد ورأسه رأس إنسان، وهو المبنى الأكبر في العالم الذي نُحت من صخرة واحدة، وهو مصدر لغز كبير. مثلا، ليس واضحًا من بناه، ومتى، على شكل من بُنيَ وجههه، ولماذا استعمل، ولمَ هو ناقص الأنف؟ رغم أعمال البحث المضنية التي أجريت حول أحد المباني الأقدم والأشهر في العالم، لا يزال يكتنف الغموض الكثير من التفاصيل.

رغم أن الأمر لم يُثبت بعد، فإن التمثال مجهول الهوية ولا توجد عليه أية علامات واضحة حول من بناه ولماذا، والنظرية الأكثر رواجًا هي أن وجه أبي الهول هو ملامح وجه الفرعون خفرع، وأنه هو مَن بناه. تعتمد النظرية فقط على أن أبا الهول موضوع قُبالة هرم هذا الفرعون، الذي عاش بين السنين 2558 حتى 2532 قبل الميلاد. تفترض فرضيات أخرى أن من بنى أبا الهول هو الأخ غير الشقيق لخفرع، الذي بنى أبا الهول ليخلد ذكرى أبيه خوفو، الذي تشبه ملامحه ملامح وجه أبي الهول.

هنالك نظريات أخرى طبعًا فيما يخص تأريخ أبي الهول. فوجد العلماء في أُسسه علامات لتآكل مستمر لحجر الجير الذي صنع منه بسبب الماء. لكن منذ آلافِ السنين التي مضت لم تجر في الصحراء المصرية كمية تكفي من المياه لهذا التآكل، لذا يدّعي البعض أن أبا الهول أقدم مما يُظن، وأن عمره يقارب 10.000 سنة، حين كانت الصحراء سهولا. حسب هذا الزعم، تآكل حجر الجير الضخم من الماء، ومُذّاك صمم المصريون صورة أبي الهول، وفي عصر مصر القديمة تمّ ترميمه.

اللغز الأكبر بخصوص وجه أبي الهول هو عدم وجود أنفه؛ بل وجود وَهْدَة بعرض متر في وجه، طولها 57 مترًا، عرضها 6 أمتار، وارتفاعها حوالي 20 مترًا، في المكان الذي يجب أن يكون فيه الأنف. أثبتت النظرية القائلة إن الأنف قد كُسر ووقع بسبب قذيفة مدفع من جيش نابليون، خطأُها. وذلك بعد أن اكتُشف في رسم لأبي الهول من 1737، قبل مجيء جيش نابليون إلى مصر، أنه كان يظهر بلا أنفه. إحدى النظريات الأخرى أن رئيس فرقة صوفية متشدد، الشيخ الظاهر، هو المسؤول عمّا حدث من تنكيل بأنف أبي الهول وسقوطه؛ بعد أن رأى فلاحين مسلمين محليين يسجدون لأبي الهول.

لعنة الفراعنة

توت عنخ أمون (AFP)
توت عنخ أمون (AFP)

أحد الألغاز الكبيرة لمصر هو التساؤل عن وجود “لعنة الفراعنة”- لعنة قديمة ألقى بها كهان الدين المصري حينَ وضعوا فرعون في قبره، حسبها من يفتح قبر أحد الفراعنة سيصاب بأذى.

سنة 1922، اكتشف الأثريون البريطانيون قبر توت عنخ آمون، وهو فرعون مَلَكَ مصر القديمة بين السنوات 1324 حتى 1333 قبل الميلاد، في وادي الملوك. هذا هو القبر الملكي الوحيد الذي اكتُشف كاملا، وسُرق مرتين فقط قبل إغلاقه، بحيث وُجدت فيه على الرغم من السرقة أغراض وكنوز ثمينة كثيرة. كان هذا قسم من الآثار الباقية الأكثر غرابة التي اكتشِفت من أيام مصر القديمة. لكن حسب إشاعة غير مؤكدة، وُجدت في القبر لوحة محفور عليها تحذير: “سيحلّ الموت بكل من يحاول أن يشوّش سكينة الفرعون”.

التصديق “بلعنة توت عنخ آمون” نشأ بعد سلسلة من الوفيّات غير الطبيعية التي حلّت بكثير ممن فتحوا القبر وكشفوه. هكذا مات جورج هربرت، مموّل البعثة، واللورد كيرنبورن، منشئ البعثة، بعد ذلك بأقل من نصف سنة. حدثت وفيّات غامضة أخرى لأناس لهم علاقة بالاكتشاف الأثري بعد ذلك بسنوات لاحقة، وذكر ما يبلغ 22 وفاة في سبع سنوات. لكنّ التصديق باللعنة ازداد قوة.

طبعًا، ذكرت بعض التفسيرات الممكنة لظاهرة الوفيّات الغامضة: مثلا، تطوّر بعض الجراثيم أو الفطريات القاتلة في القبور الخانقة. طُرحت الفرضية أن فطريات العث وُضعت عمدًا في القبور كي يعاقبوا اللصوص. وأشارت بعض العينات الهوائية التي أخِذت من قبو مغلق من خلال ثقب إلى مستويات عالية من غازات سامة.

بطريقة أو بأخرى، ما زالت النصب التذكارية لمصر القديمة تزوّد وفرة من الأسئلة والألغاز التاريخية الكثيرة، وتتيح أيضًا صناعة الأفلام الخيالية لهوليوود وصناعة السياحة المصرية، لكن إجابات كثيرة لمّا تُجدْ بعد، مما يثبت أن العلم ليس دائمًا قادرًا على تزويد الإجابات القاطعة لتُفسير ظواهر غير بشرية.

اقرأوا المزيد: 874 كلمة
عرض أقل
الأهرام المصرية (AFP)
الأهرام المصرية (AFP)

الألغاز المصرية التي لا ينجح العلم في فكّها

أبو الهول الذي يؤرخ له المؤرخون فترة تفوق 10.000 سنة، قبور الفراعنة التي تحلّ لعنتها بكل من يفتحها: مصر القديمة تحوي الكثير من الأمور والنظريات الغامضة التي ينبهر بها العلم

مصر هي إحدى الدول التي ألهبت الأثريين، التاريخيين، العلماء، صانعي الأفلام وكل هواة المغامرات من قديم الزمان. تُشغل المباني القديمة الضخمة، الأسرار المخبأة تحت الأرض، الأغراض الغامضة ووفرة من النظريات عن تقنيات مفقودة وحكمة قديمة، بال أناس كثيرين حتى اليوم، خاصة أن أغلب الأمور ما زالت غير مفسّرة تفسيرًا كافيًا، مؤكدًا، وواضحًا.

في هذه الأيام يحتفل يهود العالم بالفصح، المعروف أيضا بعيد الحرية. حرية بني إسرائيل من عبودية مصر والصعوبات التي أنزلها بهم فرعون كما ذُكر في التوراة، العهد الجديد والقرآن الكريم. يبدو أنه لا وقت أفضل من هذا لنكشف لكم عن بعض الألغاز المصرية القديمة التي لم ينجح العلم في فك رموزها بعد:

الأهرام- من بناها، كيف ولماذا؟

الأهرام، من بناها ؟ (AFP)
الأهرام، من بناها ؟ (AFP)

إحدى الأحجيات الكبرى المتعلقة بمصر هي طريقة بناء الأهرامات؛ إذ، لا يفصّل أي رسم هندسي أصلي كيف بُنيت، وكل تفسير هو تخمين حذر. ويقول بعض الباحثين إنه لا غموضّ يحيط بالأهرام، التي هي مجرد قبور للذكرى، عالية ومصقولة جيدًا، مبنية من حجارة ثقيلة ذات وزن ضخم، بناها ملوك مصر لأنفسهم. لكن هذا الوصف لا يشرح كيف تم الأمر، ويتجاهل الكثير من النظريات، المشكوك بها، التي تبناها الإنسان لتفسير هذه الألغاز.

اعتبرت أهرام الجيزة، الأكبر من بين الأهرامات، التي يصل ارتفاعها إلى 138 مترًا، حتى القرن 19 المبنى الأعلى عالميًّا، وأيضًا الأقدم من بين العجائب السبع، والوحيدة التي بقيت من بينها. وهي كاملة نوعًا ما. حاولنا في المقال الذي نشرناه قبل مدة قصيرة في موقعنا أن نجيب عن السؤال من بنى الأهرام، لكن يبدو أننا لن نتوصل إلى الإجابة المؤكدة أبدًا.

كانت الكلمة “هرم” مصدر التباس كبير. فالكلمة محط جدل، إذ أن النظرية الرائجة هي أنها كلمة مصرية قديمة تسربت لليونانية ومنها إلى سائر لغات العالم. وحقيقة أن ليس لها جذور في لغة أخرى أدى ذلك في الماضي إلى الادعاء أن مصدر الأهرام من عوالم خارجية، أي من كوكب آخر.

حيرة أبو الهول

أبو الهول (AFP)
أبو الهول (AFP)

أبو الهول الكبير في الجيزة، هو تمثال جسمه جسم أسد ورأسه رأس إنسان، وهو المبنى الأكبر في العالم الذي نُحت من صخرة واحدة، وهو مصدر لغز كبير. مثلا، ليس واضحًا من بناه، ومتى، على شكل من بُنيَ وجههه، ولماذا استعمل، ولمَ هو ناقص الأنف؟ رغم أعمال البحث المضنية التي أجريت حول أحد المباني الأقدم والأشهر في العالم، لا يزال يكتنف الغموض الكثير من التفاصيل.

رغم أن الأمر لم يُثبت بعد، فإن التمثال مجهول الهوية ولا توجد عليه أية علامات واضحة حول من بناه ولماذا، والنظرية الأكثر رواجًا هي أن وجه أبي الهول هو ملامح وجه الفرعون خفرع، وأنه هو مَن بناه. تعتمد النظرية فقط على أن أبا الهول موضوع قُبالة هرم هذا الفرعون، الذي عاش بين السنين 2558 حتى 2532 قبل الميلاد. تفترض فرضيات أخرى أن من بنى أبا الهول هو الأخ غير الشقيق لخفرع، الذي بنى أبا الهول ليخلد ذكرى أبيه خوفو، الذي تشبه ملامحه ملامح وجه أبي الهول.

هنالك نظريات أخرى طبعًا فيما يخص تأريخ أبي الهول. فوجد العلماء في أُسسه علامات لتآكل مستمر لحجر الجير الذي صنع منه بسبب الماء. لكن منذ آلافِ السنين التي مضت لم تجر في الصحراء المصرية كمية تكفي من المياه لهذا التآكل، لذا يدّعي البعض أن أبا الهول أقدم مما يُظن، وأن عمره يقارب 10.000 سنة، حين كانت الصحراء سهولا. حسب هذا الزعم، تآكل حجر الجير الضخم من الماء، ومُذّاك صمم المصريون صورة أبي الهول، وفي عصر مصر القديمة تمّ ترميمه.

اللغز الأكبر بخصوص وجه أبي الهول هو عدم وجود أنفه؛ بل وجود وَهْدَة بعرض متر في وجه، طولها 57 مترًا، عرضها 6 أمتار، وارتفاعها حوالي 20 مترًا، في المكان الذي يجب أن يكون فيه الأنف. أثبتت النظرية القائلة إن الأنف قد كُسر ووقع بسبب قذيفة مدفع من جيش نابليون، خطأُها. وذلك بعد أن اكتُشف في رسم لأبي الهول من 1737، قبل مجيء جيش نابليون إلى مصر، أنه كان يظهر بلا أنفه. إحدى النظريات الأخرى أن رئيس فرقة صوفية متشدد، الشيخ الظاهر، هو المسؤول عمّا حدث من تنكيل بأنف أبي الهول وسقوطه؛ بعد أن رأى فلاحين مسلمين محليين يسجدون لأبي الهول.

لعنة الفراعنة

توت عنخ أمون (AFP)
توت عنخ أمون (AFP)

أحد الألغاز الكبيرة لمصر هو التساؤل عن وجود “لعنة الفراعنة”- لعنة قديمة ألقى بها كهان الدين المصري حينَ وضعوا فرعون في قبره، حسبها من يفتح قبر أحد الفراعنة سيصاب بأذى.

سنة 1922، اكتشف الأثريون البريطانيون قبر توت عنخ آمون، وهو فرعون مَلَكَ مصر القديمة بين السنوات 1324 حتى 1333 قبل الميلاد، في وادي الملوك. هذا هو القبر الملكي الوحيد الذي اكتُشف كاملا، وسُرق مرتين فقط قبل إغلاقه، بحيث وُجدت فيه على الرغم من السرقة أغراض وكنوز ثمينة كثيرة. كان هذا قسم من الآثار الباقية الأكثر غرابة التي اكتشِفت من أيام مصر القديمة. لكن حسب إشاعة غير مؤكدة، وُجدت في القبر لوحة محفور عليها تحذير: “سيحلّ الموت بكل من يحاول أن يشوّش سكينة الفرعون”.

التصديق “بلعنة توت عنخ آمون” نشأ بعد سلسلة من الوفيّات غير الطبيعية التي حلّت بكثير ممن فتحوا القبر وكشفوه. هكذا مات جورج هربرت، مموّل البعثة، واللورد كيرنبورن، منشئ البعثة، بعد ذلك بأقل من نصف سنة. حدثت وفيّات غامضة أخرى لأناس لهم علاقة بالاكتشاف الأثري بعد ذلك بسنوات لاحقة، وذكر ما يبلغ 22 وفاة في سبع سنوات. لكنّ التصديق باللعنة ازداد قوة.

طبعًا، ذكرت بعض التفسيرات الممكنة لظاهرة الوفيّات الغامضة: مثلا، تطوّر بعض الجراثيم أو الفطريات القاتلة في القبور الخانقة. طُرحت الفرضية أن فطريات العث وُضعت عمدًا في القبور كي يعاقبوا اللصوص. وأشارت بعض العينات الهوائية التي أخِذت من قبو مغلق من خلال ثقب إلى مستويات عالية من غازات سامة.

بطريقة أو بأخرى، ما زالت النصب التذكارية لمصر القديمة تزوّد وفرة من الأسئلة والألغاز التاريخية الكثيرة، وتتيح أيضًا صناعة الأفلام الخيالية لهوليوود وصناعة السياحة المصرية، لكن إجابات كثيرة لمّا تُجدْ بعد، مما يثبت أن العلم ليس دائمًا قادرًا على تزويد الإجابات القاطعة لتُفسير ظواهر غير بشرية.

اقرأوا المزيد: 874 كلمة
عرض أقل
أبو الهول (AFP)
أبو الهول (AFP)

الألغاز المصرية التي لا ينجح العلم في فكّها

أبو الهول الذي يؤرخ له المؤرخون فترة تفوق 10.000 سنة، قبور الفراعنة التي تحلّ لعنتها بكل من يفتحها: مصر القديمة تحوي الكثير من الأمور والنظريات الغامضة التي ينبهر بها العلم

مصر هي إحدى الدول التي ألهبت الأثريين، التاريخيين، العلماء، صانعي الأفلام وكل هواة المغامرات من قديم الزمان. تُشغل المباني القديمة الضخمة، الأسرار المخبأة تحت الأرض، الأغراض الغامضة ووفرة من النظريات عن تقنيات مفقودة وحكمة قديمة، بال أناس كثيرين حتى اليوم، خاصة أن أغلب الأمور ما زالت غير مفسّرة تفسيرًا كافيًا، مؤكدًا، وواضحًا.

في هذه الأيام يحتفل يهود العالم بالفصح، المعروف أيضا بعيد الحرية. حرية بني إسرائيل من عبودية مصر والصعوبات التي أنزلها بهم فرعون كما ذُكر في التوراة، العهد الجديد والقرآن الكريم. يبدو أنه لا وقت أفضل من هذا لنكشف لكم عن بعض الألغاز المصرية القديمة التي لم ينجح العلم في فك رموزها بعد:

الأهرام- من بناها، كيف ولماذا؟

الأهرام، مصر
الأهرام، مصر

إحدى الأحجيات الكبرى المتعلقة بمصر هي طريقة بناء الأهرامات؛ إذ، لا يفصّل أي رسم هندسي أصلي كيف بُنيت، وكل تفسير هو تخمين حذر. ويقول بعض الباحثين إنه لا غموضّ يحيط بالأهرام، التي هي مجرد قبور للذكرى، عالية ومصقولة جيدًا، مبنية من حجارة ثقيلة ذات وزن ضخم، بناها ملوك مصر لأنفسهم. لكن هذا الوصف لا يشرح كيف تم الأمر، ويتجاهل الكثير من النظريات، المشكوك بها، التي تبناها الإنسان لتفسير هذه الألغاز.

اعتبرت أهرام الجيزة، الأكبر من بين الأهرامات، التي يصل ارتفاعها إلى 138 مترًا، حتى القرن 19 المبنى الأعلى عالميًّا، وأيضًا الأقدم من بين العجائب السبع، والوحيدة التي بقيت من بينها. وهي كاملة نوعًا ما. حاولنا في المقال الذي نشرناه قبل مدة قصيرة في موقعنا أن نجيب عن السؤال من بنى الأهرام، لكن يبدو أننا لن نتوصل إلى الإجابة المؤكدة أبدًا.

كانت الكلمة “هرم” مصدر التباس كبير. فالكلمة محط جدل، إذ أن النظرية الرائجة هي أنها كلمة مصرية قديمة تسربت لليونانية ومنها إلى سائر لغات العالم. وحقيقة أن ليس لها جذور في لغة أخرى أدى ذلك في الماضي إلى الادعاء أن مصدر الأهرام من عوالم خارجية، أي من كوكب آخر.

حيرة ابو الهول

أبو الهول (AFP)
أبو الهول (AFP)

أبو الهول الكبير في الجيزة، هو تمثال جسمه جسم أسد ورأسه رأس إنسان، وهو المبنى الأكبر في العالم الذي نُحت من صخرة واحدة، وهو مصدر لغز كبير. مثلا، ليس واضحًا من بناه، ومتى، على شكل من بُنيَ وجههه، ولماذا استعمل، ولمَ هو ناقص الأنف؟ رغم أعمال البحث المضنية التي أجريت حول أحد المباني الأقدم والأشهر في العالم، لا يزال يكتنف الغموض الكثير من التفاصيل.

رغم أن الأمر لم يُثبت بعد، فإن التمثال مجهول الهوية ولا توجد عليه أية علامات واضحة حول من بناه ولماذا، والنظرية الأكثر رواجًا هي أن وجه أبي الهول هو ملامح وجه الفرعون خفرع، وأنه هو مَن بناه. تعتمد النظرية فقط على أن أبا الهول موضوع قُبالة هرم هذا الفرعون، الذي عاش بين السنين 2558 حتى 2532 قبل الميلاد. تفترض فرضيات أخرى أن من بنى أبا الهول هو الأخ غير الشقيق لخفرع، الذي بنى أبا الهول ليخلد ذكرى أبيه خوفو، الذي تشبه ملامحه ملامح وجه أبي الهول.

هنالك نظريات أخرى طبعًا فيما يخص تأريخ أبي الهول. فوجد العلماء في أُسسه علامات لتآكل مستمر لحجر الجير الذي صنع منه بسبب الماء. لكن منذ آلافِ السنين التي مضت لم تجر في الصحراء المصرية كمية تكفي من المياه لهذا التآكل، لذا يدّعي البعض أن أبا الهول أقدم مما يُظن، وأن عمره يقارب 10.000 سنة، حين كانت الصحراء سهولا. حسب هذا الزعم، تآكل حجر الجير الضخم من الماء، ومُذّاك صمم المصريون صورة أبي الهول، وفي عصر مصر القديمة تمّ ترميمه.

اللغز الأكبر بخصوص وجه أبي الهول هو عدم وجود أنفه؛ بل وجود وَهْدَة بعرض متر في وجه، طولها 57 مترًا، عرضها 6 أمتار، وارتفاعها حوالي 20 مترًا، في المكان الذي يجب أن يكون فيه الأنف. أثبتت النظرية القائلة إن الأنف قد كُسر ووقع بسبب قذيفة مدفع من جيش نابليون، خطأُها. وذلك بعد أن اكتُشف في رسم لأبي الهول من 1737، قبل مجيء جيش نابليون إلى مصر، أنه كان يظهر بلا أنفه. إحدى النظريات الأخرى أن رئيس فرقة صوفية متشدد، الشيخ الظاهر، هو المسؤول عمّا حدث من تنكيل بأنف أبي الهول وسقوطه؛ بعد أن رأى فلاحين مسلمين محليين يسجدون لأبي الهول.

لعنة الفراعنة

توت عنخ آمون (AFP)
توت عنخ آمون (AFP)

أحد الألغاز الكبيرة لمصر هو التساؤل عن وجود “لعنة الفراعنة”- لعنة قديمة ألقى بها كهان الدين المصري حينَ وضعوا فرعون في قبره، حسبها من يفتح قبر أحد الفراعنة سيصاب بأذى.

سنة 1922، اكتشف الأثريون البريطانيون قبر توت عنخ آمون، وهو فرعون مَلَكَ مصر القديمة بين السنوات 1324 حتى 1333 قبل الميلاد، في وادي الملوك. هذا هو القبر الملكي الوحيد الذي اكتُشف كاملا، وسُرق مرتين فقط قبل إغلاقه، بحيث وُجدت فيه على الرغم من السرقة أغراض وكنوز ثمينة كثيرة. كان هذا قسم من الآثار الباقية الأكثر غرابة التي اكتشِفت من أيام مصر القديمة. لكن حسب إشاعة غير مؤكدة، وُجدت في القبر لوحة محفور عليها تحذير: “سيحلّ الموت بكل من يحاول أن يشوّش سكينة الفرعون”.

التصديق “بلعنة توت عنخ آمون” نشأ بعد سلسلة من الوفيّات غير الطبيعية التي حلّت بكثير ممن فتحوا القبر وكشفوه. هكذا مات جورج هربرت، مموّل البعثة، واللورد كيرنبورن، منشئ البعثة، بعد ذلك بأقل من نصف سنة. حدثت وفيّات غامضة أخرى لأناس لهم علاقة بالاكتشاف الأثري بعد ذلك بسنوات لاحقة، وذكر ما يبلغ 22 وفاة في سبع سنوات. لكنّ التصديق باللعنة ازداد قوة.

طبعًا، ذكرت بعض التفسيرات الممكنة لظاهرة الوفيّات الغامضة: مثلا، تطوّر بعض الجراثيم أو الفطريات القاتلة في القبور الخانقة. طُرحت الفرضية أن فطريات العث وُضعت عمدًا في القبور كي يعاقبوا اللصوص. وأشارت بعض العينات الهوائية التي أخِذت من قبو مغلق من خلال ثقب إلى مستويات عالية من غازات سامة.

بطريقة أو بأخرى، ما زالت النصب التذكارية لمصر القديمة تزوّد وفرة من الأسئلة والألغاز التاريخية الكثيرة، وتتيح أيضًا صناعة الأفلام الخيالية لهوليوود وصناعة السياحة المصرية، لكن إجابات كثيرة لمّا تُجدْ بعد، مما يثبت أن العلم ليس دائمًا قادرًا على تزويد الإجابات القاطعة لتُفسير ظواهر غير بشرية.

اقرأوا المزيد: 874 كلمة
عرض أقل
تمثال يسوع المسيح في البرازيل (AFP)
تمثال يسوع المسيح في البرازيل (AFP)

حقائق مثيرة عن يسوع المسيح

الشبكة العنكبوتية حافلة بالمعلومات عن يسوع المسيح، الشخصية التي ألهمت الملايين من البشر وأسست الديانة المسيحية على بنيان الديانة اليهودية. اقرؤوا حقائق مثيرة عن المسيح لم تعرفوها من قبل

25 ديسمبر 2014 | 14:05

بمناسبة عيد الميلاد الذي يحتفل به مسيحيو العالم في هذه الأيام، وفي مركزه شخصية يسوع المسيح، جمّعنا حقائق مثيرة عن شخصه وحياته، معظمها منتشرة على شبكة النت وتستند إلى الكتب المقدّسة. فرغم التركيز على ألوهية شخصية المسيح، انه ابن الله، وأنه مبشر الديانة المسيحية، ثمة جوانب أخرى، بعضها إنسانية، لشخصية المسيح، غائبة عن أنظار العامة. متى ولد المسيح؟ وهل ولد مسيحيا أم يهوديا؟ وما هي فكرة القرآن عن المسيح؟ الإجابات في المقالة، وكذلك المزيد من الحقائق التي تؤكدها جهات وترفضها أخرى.

حقيقة يهودية المسيح

كثيرون لا يعلمون أن يسوع المسيح ولد يهوديا، وعاش في فترة الهيكل الثاني. ويتفق المؤرخون على أن يسوع المسيح يهودي، ولد في أرض إسرائيل التاريخية، وكان معلّما أصحبت تعاليمه حجر الأساس للدين المسيحي في تطوره المبكر ومن ثم المسيحية الجديدة. وقد انشق تلاميذه، بعد وفاته، لتيارين مركزيين، الأول قاده يعقوب، ووفق هذا التيار يعد المسيح نبيا ومخلصا للشعب اليهودي، وقد قام في اليوم الثالث على موته. أما التيار المركزي الآخر والذي أقامه بولس فيعتمد على النظرة القائلة إن المسيح هو ابن الله، تجسّد في هيئة إنسان. وعلى أساس فكر التيار الأخير قامت الديانة المسيحية الجديدة والتي أصبح فيها المسيح شخصية مركزية.

ومن ألقاب اليسوع كما وردت في الكتاب المقدس: “عمانوئيل” وتعني حرفيا “الله معنا”، وتؤكد هذه التسمية أن المسيح سيولد في بيت لحم وهو نفسه الله المتجسد الذي جاء ليعيش بين شعبه. وكذلك يلقب “المخلص” حيث ورد في كتاب روميه “كما كان شعب إسرائيل بحاجة لأن يخلصهم الله من عبوديتهم لمصر كذلك فإن المسيح هو مخلصنا من عبودية الخطية”.

يسوع المسيح المخلص (Thinkstock)
يسوع المسيح المخلص (Thinkstock)

متى ولد المسيح؟

رغم أن الطوائف المسيحية تحتفل بعيد ميلاد المسيح في 25 ديسمبر/ كانون الأول من كل عام، إلا أن الاستناد إلى الكتاب يظهر أن المسيح لم يولد في فصل الشتاء، وأن جزءا من الباحثين يعتقد أن ميلاد المسيح كان في شهر أبريل/ نيسان في عيد الفصح. أما المقارنة بين كتاب العهد الجديد وبين المصادر التاريخية الأخرى فتفيد أن المسيح ولد في العام 4 قبل الميلاد، وأنه قد يكون ولد أربع سنوات قبل هذا الموعد، وذلك بناء على كتاب المبشر متى الذي ذكر أن المسيح ولد في زمن الملك هيرودس، ملك يهودا، مع العلم أن هيرودس توفي في العام 4 قبل الميلاد.

المسيح لم يؤلف الإنجيل

حسب الدراسات التاريخية التي تبحث في شخصية المسيح التاريخية (وليست الدينية) فإن المسيح لم يؤلف نصا إنما كانت تعاليمه شفهية. وقد دوّنت المواد التاريخية المتعلقة بحياة المسيح وتعاليمه (البشائر) بعد جيلين على موته المقدر، وهي مواد نقلت عن تلاميذه. وحسب الدراسات التاريخية، ثمة 54 كتابا لبشائر المسيح، لكن 4 منهم فقط ادرجوا في كتاب العهد الجديد أو الإنجيل وهم متى، مرقس، لوقا، وكتاب البشير يوحنا الذي كتب في مرحلة متأخرة.‏

رسومات مختلفة لهيئة المسيح
رسومات مختلفة لهيئة المسيح

كان للمسيح أخوة

ذكر المبشر متى أن ليسوع كان أربعة أخوة: يعقوب، يوسف، سمعان، ويهوذا (متى 55:13). وأيضاً يخبرنا الكتاب أن للمسيح أخوات ولكن لا يحدد عددهن أو يذكر أسماءهن. ويقول بعض الكاثوليكيين أن هؤلاء الأخوة والأخوات كانوا أولاد عم المسيح. ولكن تعبير “أخ” هو التعبير المستخدم في كل مرة يذكر فيها الكتاب أخوة المسيح.

والمعتقد الكاثوليكي الآخر هو أن أخوة المسيح كانوا أبناء يوسف من زواج آخر سبق زواجه من مريم، والنظرية تستند إلى احتمال أن يوسف كان متقدماً في العمر، وأنه سبق له الزواج، وأن له أبناء عديدين وأنه قد ترمل قبيل زواجه من مريم. والمشكلة في هذا المعتقد تكمن في أن الكتاب المقدس لم يشر إلى أن يوسف قد سبق له الزواج.

هل كان المسيح داكن البشرة أم فاتح البشرة؟

إن أغلب صور المسيح الشائعة اليوم غير دقيقة في الغالب. فقد كان يسوع يهودياً، وعلى الأغلب كان داكن البشرة والعينين والشعر. وهذه صورة بعيدة جداً عن صورة يسوع الحديثة ذات البشرة الفاتحة والشعر الأصفر والعينين الزرقاوين. وشيء واحد يبقى واضحاً: إذا كان من المهم أن نعرف شكل يسوع الحقيقي فبالتأكيد كان بمقدور متى وبطرس ويوحنا الذين قضوا معه 3 سنوات أو إخوته يعقوب ويهوذا أن يقدموا لنا وصفاً دقيقاً. ولكن وفق كتاب العهد الجديد هؤلاء لم يقدموا لنا أية تفاصيل عن سماته الجسدية.

فكرة القرآن عن المسيح

يشدّد المسلمون على قول “عليه السلام” حين يلفظون اسم المسيح احتراما لمكانته في الأديان السماوية ولنبوته الإلهية. ويعدّ من “أولو العزم من الرسل”. وكذلك يحرص المسلمون على عدم رسم صورة المسيح خلافا لما هو متفق عليه في الغرب حيث يتم رسم صورة المسيح دون أي تقييد. وقد تم ذكر اسم عيسى المسيح في القرآن 25 مرة مقابل 5 مرات ذكر فيها اسم النبي محمد.

وبحسب القرآن، أم المسيح مريم، تعتبر أقدس النساء، وقد ذكر اسمها 32 مرة، وهنالك كتاب كامل في القرآن مخصص لمريم وهو “سورة مريم” وكذلك كتاب مخصص للعشاء الأخير وهو “سورة المائدة”.

اقرأوا المزيد: 705 كلمة
عرض أقل
القدس Abir Sultan/Flash90)
القدس Abir Sultan/Flash90)

المدينة التي تثير جنون الجميع

الكثير من السيّاح تلقوا طوال السنين "جرعة زائدة من القداسة" بعد زيارتهم للقدس. فما هي "متلازمة القدس"؛ التي أدّت تقريبًا إلى إحراق المسجد الأقصى عام 1969؟

اعتاد سكان القدس على هذه المظاهر: شخص طويل الشعر وذو لحية يتجوّل في شوارع المدينة ويحمل على ظهره صليبًا ضخمًا ويزعم أنّه جاء من أجل خلاصة البشرية. يخطب شخص آخر في ميدان المدينة قائلا إن المسيح في طريقه إلى المدينة، وتجتمع حوله مجموعة من الفضوليّين. وهناك أيضًا هؤلاء الذين يركضون في شوارع المدينة وهم يرتدون عباءة ويحذّرون من حرب عالمية ثالثة، وهناك من يعتقد بأنّ الشيطان دخل إلى دمائهم في محاولة منه للسيّطرة على أرواحهم.

كانت الحادثة الأكثر شهرة في العقود الأخيرة عام 1969، حين آمن سائح أسترالي أنّ روح القدس قد حلّ به وأشعل النيران بالمسجد الأقصى، وتسبّب في أضرار كبيرة. غضب العالم الإسلامي، وادّعى كثيرون أنّها خطّة إسرائيلية للسيّطرة على المسجد.

ولكن الحقيقة هي أنّ السائح، مايكل روهان، كان يعاني من حالة نفسية نادرة تُدعى “متلازمة القدس”؛ وهي ظاهرة تميّز الحجّاج الذين يزورون القدس، ويعانون من “جرعة زائدة” من الرهبة الروحية. اعتقد روهان، الذي لم يكن مستقرًّا نفسيًّا قبل تنفيذ العملية، بأنّه عمل وفقًا لتعليمات الدين النصراني وأنّه يعمل بموجب أمر إلهيّ يساعد اليهود على بناء الهيكل من جديد، وعلى مجيء المسيح المخلص ثانية إلى العالم وسيّطرته على العالم لمدّة ألف عام.

الظاهرة معروفة جيّدًا في مستشفيات الأمراض العقلية في القدس؛ فنحو 1000 سائح تمّ علاجهم في السنوات الثلاثين الأخيرة بسبب المتلازمة. كلّ عام، يتم في إسرائيل علاج نحو 100 سائح يعانون من مشاكل نفسيّة مرتبطة بطريقة أو بأخرى بابتهاج من نفس “روح القدس” التي تحط على المدينة.  الغالبية العظمة من الذين يعانون من هذه المتلازمة هم رجال بروتستانتيين، وغالبًا، في سنّ الثلاثين. وأحيانًا يعاني منها رجال يهود، ولكن لم يعرف عن مسلمين أصيبوا بهذه الظاهرة.

الذين يعانون من “متلازمة القدس” هم أكثر تديّنًا من المعدّل، والقضايا اللاهوتية مهمّة بالنسبة لهم وتشغلهم. يسمعون أصواتًا ويرون رؤى ويعتقد الكثير منهم بأنّهم المسيح. بعضهم يؤمن بأنّه الشيطان، أو حتّى الله سبحانه وتعالى. يرى آخرون أنفسهم كشخصيات من الكتاب المقدّس، كالملك داود أو النبي إيليا، وهناك من يرى نفسه كشخصية من العهد الجديد مثل مريم أو يوحنا المعمداني. كل محاولة للجدال معهم أو إنكار هويّتهم “الجديدة” تثير غضبهم، قلقهم وعنفهم.

الذين يعانون من "متلازمة القدس" هم أكثر تديّنًا من المعدّل (Miriam Alster/FLASH90)
الذين يعانون من “متلازمة القدس” هم أكثر تديّنًا من المعدّل (Miriam Alster/FLASH90)

هناك من لا ينتحل أيّة شخصية، ولكن يثير الكثير من الفوضى. على سبيل المثال، قبل بضع سنوات دخل أحدهم إلى قاعة أحد الفنادق في المدينة، وبدأ بإزالة النظارات من أوجه النزلاء المقيمين هناك. حين سُئل ماذا يفعل، أوضح الرجل بأنّ النظارات تمنع الناس من رؤية “النور الحقيقي”، نور الفداء. شخص آخر ألقي القبض عليه في كنيسة القيامة، حين كان يفسد الرموز التي على الجدران، زاعمًا بأنّه يؤسس دينًا جديدًا يقوم على جميع الأديان السماويّة.

ويصف كتاب جديد صدر باللغة العبرية هذه الظاهرة وعنوانه “قدس القداسة والجنون: حجّاج، مسحاء، وحالمون”. وقد ألّف الكتاب خبيران في الصحّة النفسية: البروفيسور إيلي فيتسوم والدكتور موشيه كليان. ويناقش الكتاب الجوانب النفسية لهذه الظاهرة، وأيضًا الخلفية الدينية، الثقافية والتاريخية. اتّضح أنّ هذه الظاهرة موثّقة منذ القرون الوسطى.

يقوم الاثنان بإجراء تمييز أساسي بين أولئك الذين يعانون من المتلازمة كتجربة نفسية، أي أن المتلازمة تسيّطر عليهم، طوال الوقت عادةً، وبين أولئك الذين يعانون من متلازمة صوفية بالأساس، أي إنّهم يسيّطرون عليها وغالبًا يكون الحديث عن تجربة قصيرة ومركّزة. لدى الصوفيّ، يكون السلوك بين نوبة معيّنة وأخرى سلوكًا عاديّا لإنسان عاقل، بينما لدى المريض النفسي يكون التدهور عامًا ويظهر في الإهمال الذاتي، وفي بعض الأحيان في السلوك العنيف إلى حدّ بعيد.

جزء كبير من “المجانين” في القدس تم تشخيصهم كمرضى نفسيّين قبل وصولهم للمدينة. ومرّ الكثير منهم بتجربة شخصية أثرت عليهم مثل حادثة سيارة أو وفاة أحد الأقارب. يبدأ الشخص بسماع أصوات أو مشاهدة رؤى ويذكر الكثيرون بأنّ هو الله سبحانه وتعالى طلب منهم الذهاب للقدس لأداء مهمّة دينيّة ما أو أخرى. وكما في حالة حريق الأقصى، يمكن للمهمّة أن تكون مدمّرة وخطيرة.

 "متلازمة القدس"، صورة توضيحية (Flash90 / Kobi-Gideon)
“متلازمة القدس”، صورة توضيحية (Flash90 / Kobi-Gideon)

إحدى القصص الأكثر غرابة التي تم توثيقها هي عن امرأة أمريكية جلبت رزقها من الدعارة، وبعد أن ترمّلت من زوجها قرّرت أن تذهب إلى القدس كي تنشر هناك رسالة الله من أجل التكفير عن خطاياها. حين وصلت إلى المدينة، قرّرت أن تصوم حتّى تُغفر جميع ذنوب العالم. بعد عدّة أيام متتالية من الصوم، عُثر على المرأة وهي في حالة إغماء وعلى حافّة الموت، في أحد شوارع القدس. أعادها أقاربها للولايات المتّحدة واعتنوا بها.

ولكنّ بحثًا صغيرًا في شبكة الإنترنت يُظهر أن المقدسيّين ليسوا وحدهم؛ بل هناك عدّة أماكن حول العالم لديها ظواهر مرضيّة غريبة خاصّة بها. هل سمعتم عن متلازمة فلورنسا، والتي تحلّ بهؤلاء القادمين للمدينة الإيطالية ويصابون بالدهشة من الأعمال الفنّية المتنوّعة حتى ينشأ لديهم قلق حقيقي؟ وهل سمعتم عن متلازمة الجنّة، والتي تصيب هؤلاء الذين يصلون إلى الجزر الاستوائية حيث يقتنعون بأنّهم صعدوا للسماء؟ وربّما تكون متلازمة باريس هي المتلازمة الأكثر غرابة؛ وهي ظاهرة جديدة نسبيًّا من الاكتئاب والقلق اللذين يصيبان السيّاح الذين يزورون العاصمة الفرنسية. ولكن لا تقلقوا، فمتلازمة باريس هي ظاهرة فريدة للسيّاح اليابانيّين الحالمين بباريس طوال حياتهم والذين يشعرون بخيبة الأمل بعد أن يكتشفوا بأنّ المدينة لا تلبّي توقّعاتهم.

ومع ذلك، إنْ لم تكونوا مسيحيّين، عازبين، في سنّ الثلاثين من عمركم وليس لديكم خلفية من الأمراض النفسية؛ فمبارك لكم، فمن المرجّح أنّكم لستم في مجموعة خطر المعاناة من المتلازمة. يُرحّب بأبناء جميع الأديان في زيارة القدس، وعبادة الله بالطريقة التي يختارونها، بشرط واحد؛ وهو أن يحافظوا على عقولهم وألا يضرّوا أحدًا.

اقرأوا المزيد: 809 كلمة
عرض أقل