لقد فكرتُ كثيرا في إجراء محادثة مع رجال دين إسرائيليين حول الله، الإلهة، ومكانة الدين في المجتمَع الإسرائيلي في العصر الحديث.
تهدف الفكرة إلى عرض 10 أسئلة شبيهة أمام ثلاثة رجال دين ومحاولة الإجابة بواسطتها عن أسئلة كثيرة، تقلق البشر.
هل المجتمَع الإسرائيلي: اليهودي، المسيحي، والإسلامي متدين أكثر؟ لماذا يلجأ المؤمنون إلى الدين لتلقي نصائح لحياة أفضل مع شريك أو شريكة الحياة، العائلة، والتعامل مع الآخرين؟ هل هناك أهمية خاصة بالإيمان الديني في العصر الحديث؟ هل هناك المزيد من الأشخاص الذين يؤدون الصلاة، يسعون إلى الطهارة، والحفاظ على الوصايا؟ هل يُعتبر الإنسان الذي لا يعمل بموجب الوصايا، أو يصلي بشكل ثابت، مؤمنا؟
تعرض لكم سلسلة المقالات التالية، قراءنا الأعزاء، وجهة نظر ممثلي الديانات التوحيدية الثلاث الأكبر في الأراضي المقدّسة، وفق ظهور هذه الديانات في التاريخ البشري: اليهودية، المسيحية، والإسلام.
رجال دين آخرون يتحدثون عن الله:
الشيخ محمد شريف من حيفا
الحاخام دافيد ستاف من بلدة شوهام
1.هل أمنت بالله دائمًا؟
“بالتأكيد. دائما كان لدي إيمان بالله، منذ الطفولة. حدث ذلك لأسباب شخصية. فقد توفي والدي عندما كنت صغيرا جدا. وعانت والدتي من مرض في الكلى، فاضطرت إلى السفر إلى مصر لاجتياز عملية صعبة. في ذلك الحين، لم تُنجز في إسرائيل عمليات من هذا النوع، لذا اضطرات والدتي إلى أن تدخلنا إلى مدرسة داخليّة في الناصرة. كنت في السابعة من عمري. ترعرعرت في المدرسة الداخلية على المسيحية، الإيمان، والصلاة. فأصبحت مؤمنا رويدا رويدا. أشكر الله على هذا الإيمان”.
الأب قنسطنطين: “دائما كان لدي إيمان بالله، منذ الطفولة” (Noam Moskowitz)
2.هل يمكن أن يؤمن الإنسان بالله دون أن يكون متديّنا؟
“بالتأكيد. كل إنسان قادر على الإيمان بالله. يكفي أن نرى كل صباح هذا العالم المحيط بنا. فلا شك أن هناك من خلقه. ونحن المسيحيين نؤمن أن الله خلقه. لا شك أنه من المحتمل أن يؤمن الإنسان بالله دون أن يكون متديّنا”.
3.ما الذي يُميز اليهودية، المسيحية، والإسلام عن الديانات الأخرى وفق اعتقادك؟
“يختلف الإيمان بالله في المسيحية عن الإيمان في الديانتين الإسلامية واليهودية. فنحن المسيحين نؤمن أن يسوع ليس نبي، بل هو الله”.
4.هل تعتقد أن الله يستجيب للصلوات؟ ماذا تقترح على الإنسان الذي يصلي للمرة الأولى في حياته؟
“الله هو بمثابة الأب. فنحن ندعوه “أبانا”. فهو ككل والد، يسمع طلبات أولاده ويقرر وفق وجهة نظره، إذا كان سيستجيب لها أم لا. لا يعلم الإنسان الغيب. ولكن الله هو الوحيد الذي يعلمه. يتضرع الإنسان أحيانا ويطلب من الله مساعدته ولكن الله لا يستجيب لأنه يعرف أنه على الأمد الطويل قد تلحق هذه الطلبات ضررا بذلك الشخص بدلا من مساعدته.
نحن الكهنة، نقدم في الكنيسة دائمًا مثالا على الأم التي تعمل في المطبخ وتستخدم سكينا لقطع الخضروات. فيرى صغيرها السكين ويعتقد أنها معدة للعب. فيبكي لأنه يريد الحصول عليها. ولكن والدته لا تستجيب لطلبه لأنها تعرف أنها تشكل خطرا على حياته. هكذا يتصرف الله أيضًا. يصغي الله إلى صلاوات مؤمنيه وإذا اعتقد أنه من الصحيح الاستجابة لها فسيلبيها، ولكن سيرفضها في الحالات الأخرى.
أقترحُ على الإنسان الذي يصلي للمرة الأولى في حياته أن يجري بحثا. لا يكفي أن يؤدي الإنسان الصلاة ببساطة. فالإنجيل يقول: ” لَيْسَ كُلُّ مَنْ يَقُولُ لِي: يَا رَبُّ، يَا رَبُّ! يَدْخُلُ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ. بَلِ الَّذِي يَفْعَلُ إِرَادَةَ أَبِي الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ”. لذا، نحن نصلي ونبحث عبر الصلاة عن معنى، هذه هي أهمية الإيمان”.
5.هل تعتقد أن هناك شيئا سلبيا في الدين؟ أم أن هناك أمورا إيجابية فقط؟
الأب قنسطنطين: “كل إنسان قادر على الإيمان بالله. يكفي أن نرى كل صباح هذا العالم المحيط بنا” (Noam Moskowitz)
“ليست هناك أمورا سلبية في الدين. ولكن هناك محاولات لاستخدامه سلبا. إذا تعمقنا للحظة في الدين فسنفهم أنه يتضمن أمورا إيجابية فقط. على سبيل المثال، البحر، فلا يتجسد جماله فيما يطفو على وجهه، بل في أعماقه ومكوناته الكثيرة التي يخفيها. الإيمان هو كالبحر، كلما أصبح الإنسان مؤمنا أكثر وحاول أن يساهم من أجل بيئته القريبة أكثر، هكذا يمكن أن يكتشف الكنوز الكثيرة”.
6.ماذا تقول لمن يدعي أن بسبب الدين فقط، هناك الكثير من الحروب في العالم؟
“لا أوافق على هذه الأقوال أبدا. قيل لنا في العهد الجديد بوضوح: “أحبوا بعضكم بعضا” أو “أَحِبُّوا أَعْدَاءَكُمْ، أَحْسِنُوا إِلَى مُبْغِضِيكُمْ”، ” بَارِكُوا لاَعِنِيكُمْ، وَصَلُّوا لأَجْلِ الَّذِينَ يُسِيئُونَ إِلَيْكُمْ”، فلا يمكن تفسير هذه الأقوال بشكل آخر. عندما كان يسوع مصلوبا، وينزف دما، طلب شرب الماء، فقدموا له خلا مرا. ما الذي فعله حسب رأيك؟ قال: “يا رب! اغفر لهم لأنهم لا يعلمون ماذا يفعلون”. هذه هي الرسالة الدينية الحقيقية. مَن يقحم الدين في السياسة يخلق مشاكل، من الصعب حلها لاحقا”.
7.هل الجيل الشاب قريب أو بعيد عن الله والدين؟
“لمزيد الأسف، الجيل الشاب بعيد عنهما قليلا. يحب الفتية في صغرهم الكنيسة، فترى الأطفال يخدمون في الكنيسة ويحرصون على المشاركة في الصلاة وأن يكونوا نشيطين في المجتمع. الشبيبة والشبان مشغولون في الأمور الدنياوية. لمزيد الأسف، يرغب الشبان في تلبية احتياجاتهم في وقت قصير. فهم يبتعدون عن الدين لأنه يضع حدودا، ومن المعروف أن الشبان متمرودون يبحثون عن الحرية كل الوقت. رغم ذلك، وضعت الكنيسة نصب عينيها هدفا وهو تقريب هؤلاء الشبان من خلال اللقاءات، المحاضرات، والنشاطات الكثيرة. فنحن نستغل المؤسَّسات التابعة للكنيسة، مثل الكشافة، لمنح الشبان معنى في الحياة.
لا داعي أن نوصي بزيارة الكنيسة، بل هناك حاجة للقيام بأعمال تجذب الناس. خلال السنة، أقوم برحلات، ففي عيد المظال مثلا، نجري زيارة إلى كنائس في الشمال، أقيم مخيما صيفيا في خارج البلاد، في قبرص للأطفال في أشهر الصيف، وأنا مطلع على التكنولوجيا وأستخدمها. لم تكن لدي صفحة فيسبوك حتى عرفت أن كل الأشخاص يلتقون في الفيسبوك. لا أنشر في صفحتي على الفيسبوك صورا لي أو لبناتي، ولكن أنشر كل برامج الكنيسة، مناسبات العماد، التهاني، والأعراس.
الكنيسة الأرثوذكسية اليونانية في يافا (Noam Moskowitz)
مؤخرا، كنت محتارا. صادفت قبل أسبوع صلاة خاصة تدعى: “مدائح العذراء”. احترت إذا كنت سأنشر الصلاة في صفحتي على الفيسبوك ببث مباشر. لم أرغب في أن يتهرب المؤمنون من الصلاة ويشاهدونها عبر الإنترنت فقط. في نهاية المطاف، نشرنا صلاة المدائح الخاصة ببث مباشر (LIVE) ليستطيع الأشخاص الذين لم يكن في وسعهم الوصول إلى الكنيسة سماع الصلاة في البيت. لقد أنهيت الصلوات في ذلك اليوم نحو الساعة العاشرة مساء، وعندما كنت في طريقي إلى المنزل تلقيت مكالمة هاتفية. كان المتصل رجلا يافويا يعيش في كندا ولم يزر يافا منذ 21 عاما. اتصل وشكرني على استخدام التكنولوجيا والفيسبوك من أجل بث الصلاة. فقال لي إن هذه الخطوة جعلته يتذكر أيام طفولته في يافا، الكنيسة، ورائحة يافا. يوفر استخدام شبكات التواصل الاجتماعي والواتس آب لنا إمكانية التواصل بسهولة مع الشبان وتقريبهم أكثر من الدين”.
8.ما المشترك بين المسيحية، اليهودية، الإسلام، والديانات الأخرى؟
“المحبة. تحظى المحبة في المسيحية بأهمية كبيرة وفي الديانتين الإسلامية واليهودية أيضا. نتمنى في يومنا هذا أن “يحب الإخوة بعضهم بعضا”. هناك نقص في المحبة في هذا العالم. يعود ذلك إلى أسباب كثيرة: الضغوط الحياتية، والمشاكل الاجتماعية والاقتصادية. مات الكثير من الشبان في يافا لأنهم عانوا من نقص كبير في المحبة. أقترح على الديانات الثلاث تعلم هذا المصطلح واستنتاج العبر الضرورية. فلا يمكن للبشرية أن تستمر دون المحبة”.
الأب قسطنطين: “الله هو الصالح الكبير والكامل ونحن البشر أخذنا منه هذا الصلاح. كل إنسان جيد في طبعه” (Noam Moskowitz)
9.ما هي الضائقة البارزة بشكل خاص لدى الناس في أيامنا هذه؟
أعتقد أن المشاكل الاقتصادية تحتل مرتبة هامة. تؤدي مشاكل كهذه إلى تفكيك العائلات الكثيرة. إن السعي المستمر وراء الثروة يدمر الإنسان. لم تعد قيمة في يومنا هذا، للإنسان المثقف، المحترم أو المؤدب. السؤال الأول الذي يُطرح هو هل يملك هذا الشخص مالا؟ هل لديه منزل؟ أية سيارة لديه؟ يستيقظ الإنسان اليوم وبدلا من أن يقول: “يا الله”، يفكر كيف يحصل على المزيد من المال.
10.هل الإنسان صالح في طبيعته؟
“لا شك. الصلاح هو طبيعة إلهية. الله هو الصالح الكبير والكامل ونحن البشر أخذنا منه هذا الصلاح. كل إنسان جيد في طبعه. السؤال الذي يُطرح هو هل يكرس الإنسان حياته لزيادة الجوانب الإيجابية الخاصة به أو أنه سيعمل على تدميرها وكبتها”.
المصدر الأقرب إلى الحدث الإسرائيليّ
تلقّوا نشرتنا اليوميّة إلى بريدكم الإلكتروني