الضائقة السكنية

هونغ كونغ (Thinkstock)
هونغ كونغ (Thinkstock)

المدن الخمس الأغلى في العالم

المدن الخمس الأغلى ثمنا في العالم وفق سوق العقارات، حيث إن مدينة واحدة فقط لا تقع في آسيا

لا تعاني إسرائيل من مشكلة السكن فقط: أسعار السكن هي إحدى المشاكل الأكثر شيوعا في العالم. في أي مدن من العالم يصعب على السكان شراء شقة، وماذا يفعلون لإجراء تغيير؟ (بيانات مجلة فوربس)

5. لندن

لندن (Thinkstock)
لندن (Thinkstock)

أسعار العقارات في لندن مرتفعة بشكل خاص وليس في وسع معظم السكان شراء شقة حتى بعد سنوات من الازدهار. فمنذ عام 2013، ارتفع متوسط سعر الشقة من 257 ألف جنيه إسترليني عام 2006 إلى 474 ألف جنيه إسترليني عام 2016. ارتفاع نسبته 84%.

فشلت جهود الحكومة في خفض أسعار السوق من خلال فرض ضريبة عالية على العقارات الفخمة وتغيير نسبة الضريبة على العقارات الاستثمارية.

4. شنغهاي

شنغهاي (Thinkstock)
شنغهاي (Thinkstock)

إحدى أسواق العقارات الأكثر شعبية في الصين وقد ارتفعت أسعار العقارات في شنغهاي بنحو 40% في السنة الماضية وهناك صعوبة في إيقاف ارتفاع الأسعار. خوفا من سوق الأسهم المحلي الضعيف عام 2015، دخل الكثير من المستثمرين إلى مجال العقارات، كأحد الخيارات الوحيدة للاستثمار الرابح. يمكن أن تنخفض الأسعار بتأثير الضغط في حال عملت اللوائح التنظيمية على خفضها أو على الأقل على استقرارها.

3. بكين

بكين (Thinkstock)
بكين (Thinkstock)

يقع سوق العقارات الأغلى في الصين في بكين. إذ يبلغ متوسط سعر الشقة اليوم نحو 5,820 دولارا للمتر المربع. يرتفع متوسط سعر الشقة بنحو 30% كل عام. مقارنة بذلك، فإنّ الأسعار في مدن رئيسية أخرى في الصين قد ارتفعت بنسبة 11%.

2. مومباي

مومباي (Thinkstock)
مومباي (Thinkstock)

وفقًا لـ Quart، فإنّ النسبة بين أسعار السكن والدخل الشهري هي الأعلى من بين المدن الهندية.

في تشرين الثاني الأخير، ألغى رئيس حكومة الهند العملات الورقية من فئة 500 و1000 سعيا منه لمكافحة الفساد. يتم جزء كبير من صفقات العقارات في الهند نقدا تجنبا لدفع الضرائب. يقدّر موقع PropEquity‎ ‎ أن يطرأ انخفاض على أسعار العقارات في مومباي خلال العام القادم.

1. هونغ كونغ

هونغ كونغ (Thinkstock)
هونغ كونغ (Thinkstock)

يعتبر سوق العقارات في الصين الأغلى ثمنا في العالم منذ سبع سنوات على التوالي. فقد بلغ متوسّط سعر الشقة في السنة الماضية 18.1 ضعف دخل الأسرة قبل الضرائب. رغم أنه طرأ تحسُّن طفيف منذ العام الماضي، لا تزال هونغ كونغ مصنّفة في قائمة المدن ذات أسعار السكن الباهظة.

ارتفعت أسعار الشقق في المدينة بشكل ملحوظ في السنوات الأخيرة، واللاعب المركزي المؤثر فيها بشكل أساسيّ هو المشترون الصينيون. أصبح نقص الشقق السكنية ذات السعر المنطقي موضوعا رئيسيا في جدول الأعمال الاجتماعي.

اقرأوا المزيد: 339 كلمة
عرض أقل
جيل بلا مأوى (Flash90/Hadas Parush)
جيل بلا مأوى (Flash90/Hadas Parush)

جيل بلا شقة

ما الذي يجعل الاقتصاد الإسرائيلي يعزز الفقاعة العقارية؟ ولماذا يصبح حلم الأزواج الشابة في إسرائيل بشراء شقة بعيدا؟

يحلم كل زوج إسرائيلي شاب، تزوج مؤخرا، بشراء شقة في إسرائيل. هناك ظاهرة أصبحت منتشرة مؤخرا، وهي أن الزوج المتزوج حديثا، ينتقل للعيش مع والديه، لتوفير المال وشراء شقة.

تشير أبحاث كثيرة أجريَت مؤخرا، إلى أنه في حين كانت في عام ‏2003‏ نسبة المواطنين الإسرائيليين في أعمار ‏25‏–‏34‏ الذين يسكنون في شقة خاصة بهم نحو ‏54%‏ — ففي عام ‏2014‏ أصبحت نسبة الذين يسكنون في شقة خاصة بهم ‏39%‏ فقط، وهو انخفاض نسبته نحو ‏15%‏ للسكان الذين لديهم شقة في غضون أكثر من عقد بقليل‎.‎‏

أصبحت أسعار الشقق المتزايدة في السنوات الماضية عبئا ثقيلا على رب العائلة و “فقاعة سياسية مُستعرة”. حدد وزير المالية الحاليّ، موشيه كحلون، تقليل أسعار الشقق هدفا مركزيا في فترة ولايته. واتخذ بضع خطوات لمعالجة الموضوع. فأصبح يدفع مؤخرًا برنامج “السعر للساكن”، الذي يهدف إلى زيادة عرض الشقق بسعر زهيد بسرعة. فتُعرض في البرنامج، أرض تابعة للدولة على مقاولي البناء لبناء وحدات سكنية بسعر ضئيل. تنضم الأزواج الشابة التي تستوفي المعايير التي حددتها الحكومة إلى برنامج لإجراء سحب وتشارك الأزواج الرابحة، في عملية شراء شقة بسعر مُخفّض. إلا أن هذا البرنامج يقترح 70000 وحدة سكنيّة حاليًّا، في حين أن عدد المستحقين هو الضعف تقريبا.

فقاعة العقارات الإسرائيلية رهيبة

وزير المالية، موشيه كحلون (Flash90/Yonatan Sindel)
وزير المالية، موشيه كحلون (Flash90/Yonatan Sindel)

تُعتبر الفقاعة العقارية الإسرائيلية الفقاعة الأكبر التي حدثت ذات مرة. للمقارنة فقط، وصلت الفقاعة العقارية الأمريكية التي انفجرت (‏2006-2008‏) وهددت في تدمير الاقتصاد العالمي، إلى ذروتها عندما ارتفعت الأسعار بنسبة %50. ووصلت الفقاعة الإسرائيلية إلى أكثر من %100 منذ زمن.

كيف وُلدت هذه الفقاعة؟

يوافق معظم الخبراء في إسرائيل على أن مصدر الفقاعة هو في خطوات مالية وليس نتيجة هجرة الكثيرين أو ضرر كبير في الشقق. عندما وصل إلى إسرائيل، في التسعينيات، مليون مواطن روسي من الاتّحاد السوفياتي، حدثت أزمة سكنية حقيقية أدت إلى زيادة أسعار الشقق. طرأ ارتفاع الأسعار نتيجة نقص في التخطيط الهندسي للشقق السكنية. عندما طُرِح حل هندسي، من خلال البناء المُسرّع لوحدات سكن أصغر في حين تضاءل تدفق وصول اليهود من الاتّحاد السوفياتي، انخفضت الأسعار وأصبحت مُعتدلة ثانية.

الأزواج المتزوجة حديثا، تنتقل للعيش مع والديها، لتوفير المال وشراء شقة

كانت الخطوات المالية التي أدت إلى زيادة الفقاعة في إسرائيل مجددا هي خفض الفائدة حتى الصفر، وذلك بعد تقويض أسس الاقتصاد العالمي في الأزمة في عام 2008. خُفِضت الفائدة حتى الصفر في أوائل عام 2009 وكانت النتيجة ارتفاع الأسعار المُستمر حتى اليوم.

أدت الفائدة المنخفضة إلى زيادة حادة في الائتمان المصرفي الذي منحته البنوك، مُشكّلة وقودا للفقاعة العقارية. في حال الفقاعة العقارية، فإن الزيادة طرأت على القروض السكنية الممنوحة للجمهور.

مشروع السكن الفاخر "أندروميدا" (Noam Moskowitz)
مشروع السكن الفاخر “أندروميدا” (Noam Moskowitz)

كلما ازداد الائتمان المصرفي (القروض السكنية) زاد الجمهور من شراء الشقق، وازدادت أسعار الشقق بالارتفاع وكانت المعطيات الاقتصادية جيدة. هذا ما حدث في الولايات المتحدة عندما ازداد عدد القروض السكنية الممنوحة ووصل إلى ذروته في عام 2006؛ وهذا ما حصل أيضا في إسبانيا وإيرلندا اللتين تعتبران “أعجوبتين اقتصاديتين” طالما ازداد الائتمان المصرفي.

ولكن تكمن المشكلة أنه في مرحلة معينة لم تكن زيادة الائتمان المصرفي ممكنة وعندها بدأت الكرة الثلجية في التدحرج بالاتجاه المعاكس – توقف سعر الشقق عن الارتفاع، وأدى هذا إلى تغيير في العوامل النفسية لدى الجمهور، وإلى بطء آخر في سوق العقارات، وضرر نفسي آخر. أدت العمليّة في نهاية المطاف إلى زيادة الخسائر في الائتمان المصرفي من جهة البنوك، وأصبحت أكثر حذرا عند إعطاء الائتمان، وهذا ألحق ضررا في السوق وهكذا دواليك.

هل هناك نقص في الشقق في إسرائيل؟

للمقارنة فقط، وصلت الفقاعة العقارية الأمريكية التي انفجرت عام 2008 وهددت في تدمير الاقتصاد العالمي، إلى ذروتها عندما ارتفعت الأسعار بنسبة %50. ووصلت الفقاعة الإسرائيلية إلى أكثر من %100 منذ زمن

تشير معطيات دائرة الإحصاء المركزية بشكل قاطع إلى أنه ليس هناك نقص في الشقق في إسرائيل. منذ عام 2000، حقق عرض الشقق في إسرائيل في عام 2015 الذروة. ما تم تعريفه قبل نحو خمس سنوات أو ست سنوات كنقص في عرض الشقق، تم التغلب عليه منذ زمن.

صحيح أنه في عام 2009، طرأت حالة من الانخفاض مدتها 15 سنة على الأقل على عرض الشقق. بدءا من ‏30.8‏ ألف شقة سكنية كانت معروضة للبيع في عام ‏2000‏، انخفض احتياطي هذه الشقق إلى ‏14.5‏ ألف شقة في نهاية ‏2009‏. أشارت التقديرات في تلك الفترة إلى أن نقص الشقق السكنية كان سببا رئيسيا لارتفاع الأسعار، وأن الفشل البيروقراطي في سلطة أراضي إسرائيل وفي لجان التنظيم والبناء هو الذي أدى إلى النقص. دون إجراء تغييرات جوهريّة، ارتفع عرض الشقق بنسبة ‏50%‏ خلال سنتين، وفي نهاية عام ‏2011‏ سُجل عرض حجمه ‏21.6‏ ألف شقة سكنية. ازداد العرض في السنوات الماضية، ويتضح من معطيات دائرة الإحصاء المركزية أنه في شهر آب 2015، وصل احتياطي الشقق إلى نحو ‏28‏ ألف، وهذه كمية ضعف الكمية التي كانت ناقصة في عام ‏2009‏‎ تقريبا.‎

لماذا ما زالت الأسعار آخذة بالازدياد؟

احتجاجات صيف 2011 ضد غلاء المعيشة وضائقة السكن (Flash90/Roni Schutzer)
احتجاجات صيف 2011 ضد غلاء المعيشة وضائقة السكن (Flash90/Roni Schutzer)

هناك اليوم معطيات كافية لمعرفة أن فرضية عرض الشقق غير صحيحة. يمكن نسب ارتفاع أسعار الشقق إلى انخفاض نسب الفائدة إلى حد كبير، وإلى ارتفاع نسب الضريبة على الربح من الأملاك – واللذان أديا إلى زيادة الطلب على الاستثمار في العقارات. الاستنتاج النهائي الواضح: أدى الأشخاص القادرون على شراء شقة، والذين يتمتعون بمكافآت في دفع الضريبة والفائدة إلى رفع الأسعار – أصحاب المداخيل العالية.

شقق الأحلام ليهود فرنسا والولايات المتحدة

الشارع الأشهر في تل أبيب هو شارع بن يهودا، وهو قريب جدا من شاطئ البحر. مؤخرا، بدأ يسمع مَن يتجول في المنطقة مزيج من اللغتين: العبريّة والفرنسية. في السنوات الخمس الأخيرة استثمرت الحكومة الإسرائيلية موارد كثير لإقناع الجالية اليهودية في فرنسا إلى مغادرتها، رغم كونها موطنها، والوصول إلى إسرائيل. اشترت هذه المجموعة السكانية، التي وضعها الاقتصادي أفضل من وضع السكان المحليين، بشكل ملحوظ، شققا كثيرة وفي تل أبيب تحديدًا، المدينة الاقتصادية الكبرى والأقوى اليوم في إسرائيل.

صحيح أن المستثمِرين الأجانب قد ساهموا في الاقتصاد عندما استثمروا في إقامة مصانع جديدة أو في مجالات إنتاج أخرى، ولكن أدوا إلى ضرر كبير عندما تنافسوا بظروف غير متساوية مع سكان البلاد على العقارات المحلية.

من المعروف أن حملات البيع معدّة لهم فقط: بيع شقق مع منح قروض سكنية محلية، وخلافا لسكان البلاد قد لا يتم دفعها ولن يطرأ ضرر على صاحب القرض عند حدوث ذلك، سوى خسارة العقار طبعا. لا يتمتع أصحاب الدين الإسرائيليين بهذا الحق.

وثمة مُعطى آخر مثير للقلق: تشير التقديرات إلى أن المستثمرين الكثيرين من فرنسا أو الولايات المتحدة الأمريكية قد تركوا نحو 150 ألف شقة فارغة. قرر مستثمرون كثيرون شراء شقة واستغلالها لفترات قصيرة أثناء زيارتهم إلى البلاد، في حين يقضون معظم أيام السنة في بلادهم. وقد فشل وزير المالية، كحلون في تحقيق وعوده لفرض ضرائب على الشقق الفارغة لأصحاب الأموال الأجانب بنسبة %3 من سعر الشقة كل سنة. لو نفذ وعوده، كان على كل مستثمر أجنبي، ليس مواطنا إسرائيليا، أن يختار بين ثلاثة خيارات: الأول – تأجير الشقة للسكان المحليين، الثاني – بيعها، والخيار الثالث – زيادة خزينة الدولة من خلال دفع الضرائب.

احتجاج الشبّان عام 2011

بعد احتجاج السكن الذي انفجر عام 2011، عندما لم يكن كل المهتمين بالأمر قادرين على تجاهل الظاهرة، بدأت محادثات بين وزيري المالية والإسكان للتوصل إلى حل. تطرقت المحادثات تحديدا إلى مشكلة العرض المُخادعة كما ورد آنفا.

مدينة تل أبيب (Flash90/Moshe Shai)
مدينة تل أبيب (Flash90/Moshe Shai)

بين عامَي ‏2011-2016‏، تولت في إسرائيل ‏ثلاث‏ حكومات. كان جميعها برئاسة رئيس الحكومة الحاليّ، بنيامين نتنياهو. اتخذت هذه الحكومات آلاف القرارات الاقتصادية وغيرها. ولكنها لم تتخذ قرارا واحدا: لم تُقرر خفض أسعار العقارات. هذه الظاهرة ليست خاصة بحكومة إسرائيل. فهي ظاهرة عالمية للمنظومة السياسية التي تخشى العمل أمام رؤساء المنظومات المالية.

هل يمكن حل ضائقة السكن في إسرائيل؟

الإجابة إيجابية. يعرف الكثير من الشبان أن هناك الكثير من الحلول في هذا المجال وأن ارتفاع أسعار الشقق ليس أمرا محتما بل هو منوط بقرارات مالية وسياسية.

الأخبار السيئة هي أن ليست هناك معادلة سحرية لخفض أسعار السّكن في إسرائيل. ليست هناك برامج لعدم دفع ضرائب على الأراضي ولا توزيع الأراضي مجانا. القوى العاملة في السوق هي التي تحدد أسعار السكن.
مع ازدهار الاقتصاد في إسرائيل سيزداد الطلب على العقارات، ولكن لن يكون المواطِن المتوسط قادرا على شراء شقة سكنية في وسط الدولة في المدن مثل تل أبيب.

يمكن توفير شقق بسعر مقبول في الضواحي، في المناطق غير المكتظة بالسكان، وحيث إن جزءا من الأراضي ما زال أرضا زراعية. لا يكمن الحل للأسعار المرتفعة للوحدات السكنية، صعبة المنال لمعظم مواطني الدولة، في بناء وحدات سكنية في مركز إسرائيل، بل في تحريف الطلب على الشقق نحو المدن في الضواحي وربط مدن الضواحي بمدن المركز.

ثمة حل محتمل وهو بناء “مجموعات شرائية”. المجموعات العقارية الشرائية هي مجموعة أشخاص يتوحدون معا لبناء مبنى سكني، لخفض تكاليف أسعار الشقق بعشرات النسب من أسعارها في السوق.

الرقم “القياسي” في إسرائيل لشراء شقة متوسطة هو نحو 140 أجرا متوسطا. وهو حلم بعيد لدى معظم الجمهور الإسرائيلي. يتيح مزيج يتضمن حصصا حكومية للسكن العام (للفئة السكانية المُستضعفة في إسرائيل)، وسكن يمكن شراؤه (شقق بأسعار مخفضة للشبان الذين يعملون ويستطيعون شراء شقق أصغر)، تقليل أسعار الشقق في إسرائيل تدريجيا والسيطرة على أسعار الشقق الجنونية.

اقرأوا المزيد: 1354 كلمة
عرض أقل
مبانٍ جديدة على إحدى التلال القريبة من ميناء يافا (Noam Moskowitz)
مبانٍ جديدة على إحدى التلال القريبة من ميناء يافا (Noam Moskowitz)

الصراع على يافا الجديدة

ثلاثة عقود من التجديدات في مجال العقارات في يافا تُبعد السكان العرب الأصليين إلى خارج المدينة. ما هي التغييرات التي تطرأ على المدينة وكيف تؤثر عمليات الاستطباق في التوتر بين العرب واليهود؟

افتُتح مقهى جديد في حي يهودا مارغوزا في يافا، وهذا حدث احتفالي، لا سيما بالنسبة للزوج الشاب الذي وصل مؤخرا إلى يافا من فرنسا الباردة، باريس، التي تدور فيها حرب حضارية عنيفة بين الإسلام الشرق أوسطي وبين العلمانية الأوروبية الواضحة أو المسيحية الصليبية، حسب مَن يُطرح عليه السؤال. ينتظر الزوج الفرنسي الشاب الذي اشترى شقة قبل نحو سنة، بمبلغ 3 ملايين شاقل (نحو 787 ألف دولار) بفارغ الصبر اللحظة التي تفوح فيها روائح الخبيز في المقهى الجديد، لتملأ الفراغ في المكان المهجور، وتلبي شهواتهم.

“أنتَ من يافا! يا لها من متعة عند رؤية سكان محليين ينتقلون للعيش هنا في المنطقة الجميلة من المدينة”، هكذا استقبلتني السيدة “ج”. (الاسم الكامل محفوظ في هيئة تحرير الموقع) وهي جارتي الفرنسية. احترتُ عندما سمعتُ أقوالها فيما إذا كان علي أن أنظر إليها كإهانة أو مديح. بصفتي وُلدت في يافا، الجيل السابع، لعائلة تعمل في الزراعة، كانت هذه الأقوال بمثابة بداية بحث داخلي. أي أنها محاولة لفهم ما الذي حدث في العقود الثلاثة الأخيرة؟ إن التغييرات الكثيرة التي طرأت على المدينة وأدت إلى عمليات استطباق مُسرّعة – عملية يدخل فيها سكان أغنياء إلى حي فقير، ويؤدون إلى تغيير طابع الحي وتهميش السكان الفقراء.

مبانٍ جديدة على إحدى التلال القريبة من ميناء يافا (Noam Moskowitz)
مبانٍ جديدة على إحدى التلال القريبة من ميناء يافا (Noam Moskowitz)

الجانب الإيجابي في عمليات الاستطباق بارز: تحظى بنايات مُهملة بتجديدات، تُفتح مصالح تجارية جديدة، تستثمر بلدية تل أبيب يافا في البنى التحتية والنظافة، تزداد الرقابة، يتحسن الشعور بالأمن….وترتفع الأسعار أيضا، يهتم المستثمرون، يبنون، ويرممون…ويصل المزيد من السكان الجدد…ولكن الجانب السلبي في الاستطباق أقل بروزا ويمكن تلخيصه في مفهوم أكثر اتساعا: تهميش لا يمكن تجنبه للسكان المحليين، اليهود أيضا، ولكن تحديدا السكان العرب، الضعفاء، غير القادرين على دفع المبالغ الباهظة لشراء شقق في منطقة المباني الفاخرة.

تهويد مدينة يافا؟

السيد دانييل مونترسكو، بروفيسور في قسم علم الاجتماع والعلوم الإنسانية، ترعرع في يافا على خلفية تلة اندروميدا (Noam Moskowitz)
السيد دانييل مونترسكو، بروفيسور في قسم علم الاجتماع والعلوم الإنسانية، ترعرع في يافا على خلفية تلة اندروميدا (Noam Moskowitz)

ترتعد أرضية المقاهي الجديدة في يافا وفي المصالح التجارية التي تُفتح تحت أقدام اليهود والعرب، سكان المدينة القدماء. ففي جنوب المدينة، في حي العجمي، تقام مشاريع في مجال العقارات الفاخرة، وجزء منها معد لليهود فقط. يحاول نشطاء، غالبًا من اليهود، قدموا إلى الحي من مركز تل أبيب، بلورة برنامج عمل أحيانا ضد المصالح الوطنية، الاقتصادية، والدينية التي تصمم المجال البلدي الجديد لمدينة يافا. لا يمكن تقريبا رؤية نشطاء عرب أو يافاويين محليين في مجموعات النشطاء هذه. الطبقة الوسطى من عرب يافا ليست قائمة، وهي مُرهقة وتقبل المصير بهدوء. ورغم ذلك، ورغم ضعف النشطاء فهم يحاولون المحاربة من خلال ما يعتقدون أنه جزء آخر من سلسلة النشاطات الطويلة لتهميش السكان العرب في المدينة.

“تتغير وجهة مدينة يافا بشكل كبير. فقبل عام 1948، عاش في المدينة نحو 100000 عربي فلسطينيي. ولكن بعد عام 1948، بقي فيها السكان المُستضعفون، بقية اللاجئين الفلسطينيين وتعدادهم 4000 نسمة في غيتو عجمي”، هذا وفق أقوال دانييل مونترسكو، البروفيسور في قسم علم الاجتماع والعلوم الإنسانية، الذي ترعرع في يافا. إنه يُعلّم غالبا في الجامعة الأوروبية المركزية في بودابست، ولكنه يعيش الآن في البلاد ضمن سنة استراحة من العمل. مونترسكو هو يهودي، ابن عائلة مهاجرين من بلغاريا، ترعرع في يافا. حتى إنه تعلم في مدرسة مسيحية خاصة في المدينة. تعرف فيها على السكان المحليين على أنواعهم: “عشتُ مع المسلمين، المسيحيين، وأبناء الدبلوماسيين، ومع أصدقاء لوالدين يهود ومسلمين.

لافتة في مدخل أندروميدا تشير إلى أن الدخول منوط بفحص أمني (Noam Moskowitz)
لافتة في مدخل أندروميدا تشير إلى أن الدخول منوط بفحص أمني (Noam Moskowitz)

وهكذا أعتقد أنه بدأ البحث الخاص بي في مجال علم الاجتماع والعلوم الإنسانية في هذه المدينة”، يقول مونترسكو بينما كنا ندخل من بوابة بناء ضخم يقع على أراضي الكنيسة الأرثوذكسية اليونانية، “تلة اندروميدا”. (يعيش في يافا نحو ‏60000‏ ألف مواطن، ثلثاهم من اليهود والثلث من العرب).

رافق دخولنا إلى باحة المباني الضخمة قلق كبير. رأينا عند وصولنا إلى المنطقة بوابة مكتوبا عليها، “يُسمح بالدخول إلى المنطقة بعد إجراء فحص أمني”، وهو رمز لاذع لا يمكن أن يتجاهله من لا يسكن في المنطقة “نحذركم أننا لسنا معنيين بأن تدخلوا!”.

رسالة مزدوجة

في مستند الرأي الذي قُدِّم في عام 2013 إلى المحكمة الإسرائيلية، جاء فيه أن تهميش السكان القُدامى في إسرائيل هو تأثير سلبي مركزي للاستطباق. “هناك طريقتان مركزيتان للتهميش”، كتب الباحثون. “الأولى هي طريقة مباشرة ويُطلّب فيها من الجمهور القديم مغادرة مكان سكنه بأمر من السلطات أو سلطات القانون. هذا ما يحدث مثلا في الحالات التي تُخلى فيها المباني الخطيرة، في مشاريع هدم المباني وإعادة بنائها، وغيرها. الثانية وهي تهميش غير مباشر، يحدث عندما يضطر السكان الفقراء في المدينة إلى مغادرة منازلهم، لأنهم غير قادرين على دفع التكاليف الباهظة للسكن في المنطقة”.

“تحدث هذه العمليّة منذ وقت في يافا. إن السبب الذي أدى في الستينيات إلى وصول الفنانين اليهود إلى الأحياء الشمالية من يافا، والتي تدعى في أيامنا هذه، يافا القديمة، والوصول البطيء لليهود الأغنياء إلى الأحياء الجنوبية منذ الثمانينات، تحل محله الآن عملية في مجال الأملاك منظمة وساخرة. وقد حدث كل ذلك عندما قررت شركة “عميدار”، شركة حكومية كان من المفترض أن تجد حلولا سكنية للسكان المحليين تولت مسؤولية مئات الأملاك في يافا، أن تضعها تحت خدمة اتحادات في مجال العقارات، لبناء شقق للأغنياء تتضمن منظرا يطل على البحر. وقد بقيت مشكلة صغيرة فقط: تعيش مئات العائلات في هذه الأملاك. ولم تيأس شركة “عميدار” فبحثت وعرفت أن جزءا من الأملاك لم تكن الحقوق فيها منظمة أو متفقا عليها. فضمت بحماس كل أنواع عدم الوضوح القضائي هذه، وأصدرت مئات آلاف أوامر الإخلاء الشاملة للسكان المحليين”، يوضح مونترسكو بينما كنا نتجول في منطقة المباني الجديدة.

“أخرجوا جدتي من منزلها بادعاء أنه قد ينهار وأعطوها شقة أخرى، شقة انهارت بعد أن انتقلت للسكن فيها فورا”

السيد كمال اغبارية يقف على أنقاض البيت الذي أعطته السلطات لجدته بعد إبعادها من بيتها الأصلي (Noam Moskowitz)
السيد كمال اغبارية يقف على أنقاض البيت الذي أعطته السلطات لجدته بعد إبعادها من بيتها الأصلي (Noam Moskowitz)

في محاولة لفهم مشاعر السكان المحليين بشكل أفضل، رافقنا كمال اغبارية، ناشط اجتماعيّ في يافا منذ نحو 25 عاما. في السنوات الأخيرة، كان من كبار المسؤولين في لجنة سكان حي العجمي، ويشغل الآن منصب مستشار رئيس بلدية تل أبيب – يافا لشؤون العرب. وهو اليوم أيضا مدير مركز اجتماعي في حي يهودي في شمال مدينة تل أبيب، العربي الأول الذي اختيرَ لشغل هذا المنصب.

مبانٍ قديمة في حي فقير في يافا (Noam Moskowitz)
مبانٍ قديمة في حي فقير في يافا (Noam Moskowitz)

“لست قادرا على الإشارة إلى مشكلة كبيرة واحدة تعاني منها المدينة: ففيها الجرائم، مشاكل السكن، ووعود لا تتم تلبيتها، السكان المحليون متعبون، وهم مسؤولون عن مصيرهم أيضا”، يقول كمال بينما كنا في طريقنا إلى أفخر منطقة في يافا، في شارع هتسيدف، خط المباني الأول الذي يطل على البحر. “هل ترى هذا البيت، لقد عاشت جدتي فيه. هذا بيت في يافا مبني من التراب المحلي، من الكركار. في منتصف السبعينيات، وصل مسؤولون من سلطة أراضي إسرائيل، وطلبوا من جدتي مغادرة المنزل لأنه على وشك الانهيار. وأعطوها بدلا منه منزلا آخر في بداية الطريق. وفي أحد الأيام، خرجت جدتي لشراء الحاجيات من السوق، وعندما عادت وجدت أن “البيت الجديد”، الذي حصلت عليه، قد انهار. في المقابل، أصبح بيتها الأصلي مبنى عقاريا ضخما يمكنك أن تراه بنفسك”، يقول كمال.

المستوطنون في يافا

منازل فاخرة في شارع هتسيدف، أول خط مع البحر (Noam Moskowitz)
منازل فاخرة في شارع هتسيدف، أول خط مع البحر (Noam Moskowitz)

يمكن ملاحظة العمليّة الاقتصادية في يافا جيدا. فإلى جانب المشاريع الفاخرة الواقعة في حيّي العجمي والجبلية المجاورين للبحر – كما يسميهما مونترسكو “حيّين سكنيين مغلقَين” (Gated Comunities) – في السنوات الماضية، بدأ الشبان والطلاب الجامعيون يغمرون مناطق في شارع يهودا هياميت ويهودا مارغوزا، وسوق الرابش. إنهم أكثر ليبرالية ولديهم وعي سياسيًّ، ويتمتعون بتناول حلوى الكنافة صباحا وبصوت المؤذن في الليل. فهم يعتقدون أن تل أبيب متجانسة ومملة. “لقد انتقلت للعيش في يافا من أجل العيش معا” تقول لي “د” وهي طالبة جامعية في كلية أقيمت مؤخرا في المدينة: “لا تجذبني تل أبيب، فهي ليست حقيقية. أما في يافا فأشعر وكأنني في بيتي”.

مستوطنون يتظاهرون في شارع يفيت الرئيسي في مدينة يافا

https://www.youtube.com/watch?v=Sy-_2StCZWk

يصل المستثمِرون في أعقاب الشبّان. فإذا كانت شقة في يافا في الماضي ملجأ اقتصاديا للهروب من جنون غلاء أسعار العقارات في تل أبيب، فإن أسعار أجر الشقق آخذة بالازدياد، وهذا يؤدي إلى رحيل الشبان وقدوم المستأجرين الأغنياء أكثر.

“علينا أن ندرك أنه ينضم إلى العملية في مجال الاقتصاد والعقارات في يافا الجانب الوطني أيضا. إن الصراع في المجال البلدي في المدن المختلطة (المدن التي يعيش فيها عرب ويهود ، مثل مدينة يافا، حيفا أو الرملة) في البلاد يتضمن لاعبين أيديولوجيين، لا يتصدر الدافع الاقتصادي سلم أولوياتهم. تعمل في يافا في السنوات التسع الأخيرة نواة دينية مناوبة، تهدف إلى إقامة “مجتمع قيمي”، يعمل في الحي لدفع القيم الصهيونية الدينية قدما وإقامة مؤسسات تربويّة لليهود فقط. فهم يدعون في أحيان كثيرة أنهم معنيون بعيش حياة مشتركة ولكن في الحقيقة يمكن أن نراهم يخرجون من منازلهم بمجموعات وهم يحملون سلاحا، كأنهم يتجولون في الخليل. ينظر السكان العرب إلى هذه النواة وعملها كمحاولة مؤسسية لتهويد حيّي المدينة عجمي والجبلية. من الصعب اتهامهم. مع دعم اقتصادي متين من قبل المتبرعين الأغنياء من البلاد وخارجها، ودعم شعبة الاستيطان، وعلاقات واسعة في حزب البيت اليهودي، يلعب “المستوطنون في يافا” بالنار فوق برميل من المتفجرات، وفي هذه المرة دون أن يتصدى لهم أحد”، يوضح كمال.

حي فقير في وسط يافا، حي العجمي. لا يستطيع سكان المدينة الشبّان العرب أن يشتروا شققا (Noam Moskowitz)
حي فقير في وسط يافا، حي العجمي. لا يستطيع سكان المدينة الشبّان العرب أن يشتروا شققا (Noam Moskowitz)

“نحن نتحمل المسؤولية بصفتنا سكان المدينة. لا نستطيع أن نسمح للمصير أن يقرر حياتنا. الحلول قائمة وهذا ليس قضاء مبرما. أؤمن بالحلول التي يقترحها رئيس البلدية في تل أبيب يافا عندما يقترح حلول سكن للعرب فقط. فهذا لا يكفي، إذ يستطيع السكان العرب الأغنياء في يافا أن يساهموا أيضا. يوجد الكثير من الأراضي هنا في المدينة. آمل أن يشتروا ويبنوا شققا للأزواج الشابة بأسعار معقولة، وأن يربحوا في الوقت ذاته من هذه الصفقات أيضا”، يقول كمال.‎ ‎

مستقبل أفضل؟

حملة البناء الفاخرة في يافا مستمرة (Noam Moskowitz)
حملة البناء الفاخرة في يافا مستمرة (Noam Moskowitz)

المشاريع الجديدة في يافا متاحة أمام كل المعنيين بشراء شقة، ولكن لا أذكر أن السماسرة في يافا قد نشروا ذات مرة معلومات باللغة العربية. فالسكان المحليون الذين يواجهون مشاكل اقتصادية وضائقة سكن صعبة، يتذمرون بسبب عدم وجود مشروع بناء يمكن أن يكون متاحا أمامهم، في الوقت الذي تُبنى فيه مبان جديدة وفاخرة يمكن أن يشتريها من يدفع المبلغ الأعلى ثمنا.

منازل فاخرة في شارع هتسيدف، أول خط مع البحر (Noam Moskowitz)
منازل فاخرة في شارع هتسيدف، أول خط مع البحر (Noam Moskowitz)

إن ظاهرة الأحياء السكنية المغلقة (Gated Communities) التي تترك فقاعة منفصلة عن الجمال المحلي اليافاوي البارز – آخذة بالاختفاء أيضا. الأقوال المقولبة لليهود فقط في المجمعات الجديدة ليست دقيقة: يرغب المزيد من العرب العيش في المناطق السكنية القديمة ويهتمون بالسكن في المشاريع الجديدة. فمن جهة، يشير هذا التوجه إلى تشكّل طبقة عربية غنية، ترغب في الابتعاد عن روتين الحياة العنيف الذي يُميّز يافا، ولكن ربما تشير أيضا إلى براعم التعايش الطبيعي، الذي يمكن رؤيته منذ الآن في الحوانيت، المقاهي، ومطاعم الحمص، ذات السمعة الجيدة في المدينة.

شارع يهودا مرغوزا الفاخر في مدينة يافا (Noam Moskowitz)
شارع يهودا مرغوزا الفاخر في مدينة يافا (Noam Moskowitz)

اللغة التي أسمعها في الحي الذي أعيش فيه، آخذة بالاختلاط. إن مزيج العربية والعبرية في النقاش المكثّف في الفيس بوك للمجتمع المحلي الصغير في يافا، ربما يشير إلى مستقبل أفضل وأمل ضعيف أنه ربما بسبب المصاعب المشتركة اليوم سيتم التوصل إلى حل خلاق، يكون السكان المحليون الأصليون فيه، عربا ويهودا، مسؤولين عنه.

اقرأوا المزيد: 1581 كلمة
عرض أقل
اختناقات مرورية في شوارع إسرائيل (Flash90/Hadas Parush)
اختناقات مرورية في شوارع إسرائيل (Flash90/Hadas Parush)

استطلاع: ما الذي يثير غضب الإسرائيليين؟

يفقد تقريبا 100% من الإسرائيليين صوابهم بسبب غلاء المعيشة والبيروقراطية الزائدة في الحصول على الخدمات الأساسية من الدولة. ما هو أكثر شيء يثير غضب الإسرائيليين؟

ليس صعبا العثور على أمور تثير غضب الإسرائيليين، حادّي الطباع: الهيئات البيروقراطية غير الشفافة، المسؤولين المنتخبين الفاسدين، المؤسسات الحكومية المختلة، المؤسسات المالية المرهقة، والمزيد من الأسباب المثيرة للغضب.

في استطلاع خاص أجري لصالح الموقع الإخباري والترفيهي Mako، سُئل 504 إسرائيلي عن الأمور الأكثر إثارة لغضبهم. فحص الاستطلاع ما الذي يثير غضب الإسرائيليين وإلى أي مدى، وقد أجريَ في أوساط نساء ورجال في أعمار مختلفة، وذوي دخل مختلف ومن بينهم علمانيون، تقليديون، متديّنون وحاريديون، طُلب منهم تصنيف كل فئة كمثيرة للغضب، غير مثيرة للغضب، ومثيرة للغضب جدا.

في المرتبة 17: مجموعات الواتس آب (9.8%)

واتس آب
واتس آب

في المرتبة 16: خسارة فريق كرة قدم يشجعونه (16.9%)

في المرتبة 15: تأخر الرحلات الجوية (28.7%)

في المرتبة 14: العطَل الطويلة في النظام التعليمي (29.9%)

مئات آلاف الإسرائيليين يخرجون للتمتع في الطبيعة (Flash90/Basal Awidat)
مئات آلاف الإسرائيليين يخرجون للتمتع في الطبيعة (Flash90/Basal Awidat)

في المرتبة 13: المواصلات العامة (35.9%)

وسائل المواصلات العامة (Flash90/Yossi Zeliger)
وسائل المواصلات العامة (Flash90/Yossi Zeliger)

في المرتبة 12: انقطاع خدمات الإنترنت (37.1%)

في المرتبة 11: النظام القانوني والقضائي في إسرائيل (41.8%)

في المرتبة 10: سلطة البريد (42%)

في المرتبة 9: النظام الصحي (43%)

في المرتبة 8: النظام التعليمي (43.4%)

في المرتبة 7: انتظار الرد في مراكز الخدمة (47%)

في المرتبة 6: الاختناقات المرورية والزحام (50.8%)

اختناقات مرورية في شوارع إسرائيل (Flash90/Hadas Parush)
اختناقات مرورية في شوارع إسرائيل (Flash90/Hadas Parush)

في المرتبة 5: الحالة الأمنية (51.4%)

مواجهات عنيفة في قلنديا، صورة أرشيفية (Uri Lenz/FLASH90)
مواجهات عنيفة في قلنديا، صورة أرشيفية (Uri Lenz/FLASH90)

في المرتبة 4: السياسة والسياسيون (55%)

أولمرت يدخل السجن (Yonatan Sindel/Flash90)
أولمرت يدخل السجن (Yonatan Sindel/Flash90)

في المرتبة 3: العنصرية والتمييز (56.4%)

في المرتبة 2: غلاء المعيشة (80.5%)

في المرتبة 1: أسعار الشقق (80.9%)

في المراتب الأولى، يقع غلاء المعيشة وأسعار السكن. تقريبا 100% من الإسرائيليين يغضبون بشدّة في كل مرة يزورون فيها متجرا لإجراء المشتريات أو عندما يواجهون الخطوة التي ستغير حياتهم وهي شراء شقة.

ومن ثم تليها وبفوارق كبيرة جدا، العنصرية والتمييز (56.4%)، السياسة والسياسيون (55%) والحالة الأمنية (51.4%) وبعدها الاختناقات المرورية والزحام. فيغضب 50.8% من الإسرائيليين جدا كل صباح عندما يكونون في طريقهم إلى مكان ما.

وهناك احتمالات كبيرة أنّ يغضب الإسرائيليون عندما لا تحدث اختناقات مرورية كبيرة في الطريق إلى العمل أو التعليم، وذلك بسبب العنصرية، التمييز، والوضع الأمني، الذي لا يظهر تحسّنا، في الفترة الأخيرة.

اقرأوا المزيد: 279 كلمة
عرض أقل
تل أبيب من بين أغلى المدن مقارنة بالمدن الأوروبية (بمشسا90/ىشفهساخاشف)
تل أبيب من بين أغلى المدن مقارنة بالمدن الأوروبية (بمشسا90/ىشفهساخاشف)

الشقق في تل أبيب والقدس أغلى من معظم أوروبا

تعزُّز قيمة الشاقل واستمرار ارتفاع أسعار العقارات يزيد من حدّة تكاليف السكن في إسرائيل مقارنة بأوروبا. أسعار الشقق في بريطانيا وفرنسا فقط أعلى من سعرها في إسرائيل

ما هي مساحة الشقّة الجديدة التي يبلغ سعرها 200 ألف يورو؟ قارنت شركة الاستشارات وتدقيق الحسابات الدولية ديلويت (Deloitte) بين 50 مدينة في 19 سوق عقارات في أوروبا، واكتشفت أنّ في عام 2015 كانت القدس وتل أبيب أيضًا من بين المدن الخمس التي يمكن فيها شراء الشقة الأصغر بمبلغ 200 ألف يورو، بعد باريس ولندن.

يكفي ذلك المبلغ لشراء شقّة في إسرائيل مساحتها 55 مترًا فقط – وفي بريطانيا يكفي هذا المبلغ لشراء شقق أصغر من ذلك فقط.

هذا هو العام الخامس على التوالي الذي تدرس فيه شركة ديلويت أسواق العقارات السكنية في أوروبا، وتكشف البيانات مجددا عن نقص المنطق في سوق العقارات الإسرائيلي الذي يعرض شققا ذات مبالغ ضخمة بالمفاهيم الأوروبية، في حين أنّ متوسّط دخل الموظّف والناتج الإجمالي السنوي للفرد في إسرائيل، أقل من المعدّل الأوروبي.

ما هي مساحة الشقّة التي يمكنكم شراؤها بمبلغ 200 ألف يورو في المدن الأوروبية؟

مشاريع بناء ضخمة في القدس (FLash90/Kobi Gideon)
مشاريع بناء ضخمة في القدس (FLash90/Kobi Gideon)

يمكن أن يكفي مبلغ 200 ألف يورو في مركز لندن لشراء شقة جديدة مساحتها 11 مترا. في باريس يكفي ذلك المبلغ لشراء شقة مساحة 19 مترا. في تل أبيب يكفي لشراء شقة مساحة 29 مترا – أي شقّة ذات غرفة جديدة، وفي القدس يمكن شراء شقة مساحتها 39 مترا. من المثير للاهتمام مقارنة ذلك بمدن رئيسية أخرى في أوروبا: ففي فيينا، أمستردام، ميلانو، برشلونة وروما، حيث يمكن بهذا المبلغ شراء شقق جديدة تتراوح مساحتها بين 53 إلى 58 مترا.

في المدن الـ 36 التي تم فحصها يمكن شراء شقّة أكبر: على سبيل المثال في برلين (63 مترا)، مدريد (67 مترا)، بروكسل (69 مترا)، تورينو (98 مترا).

وفي حين أنّ هذا المبلغ يكفي في إسرائيل بالمعدّل لشراء شقّة مساحتها 55 مترا فقط، يمكن فقط الشعور بالغيرة من 17 مدينة رئيسية يمكن فيها شراء شقق ذات مساحة مضاعفة بهذا المبلغ مثل لشبونة (107 مترا)، روتردام (112 مترا) وفالنسيا (119 مترا). هذا السعر يمكن دفعه مقابل شقة عادية في هنغاريا مساحتها 196 مترا، وفي البرتغال مقابل شقة مساحتها 194 مترا مؤلفة من سبع غرف كبيرة.

في إسرائيل يبنون مبان كثيرة

من حيث الشروع في بدء بناء المباني السكنية، تقع إسرائيل في المرتبة الثالثة مع 5.6 حالة بدء بناء شقة لكل 1,000 مواطن (مقابل 5.5 عام 2014) – وهو معطى نسبته 55% أعلى من معدّل الدول التي تم مسحها، والحديث يدور عن 3.6 حالة بدء بناء شقة سكنية لكل 1,000 مواطن. روسيا هي الرائدة بفجوة كبيرة عن بقية الدول في بدء بناء المباني السكنية مع 8.4 حالة بدء بناء شقة لكل 1,000 مواطن، وتأتي بعدها النمسا مع 7.5.

وفي عدد إكمال البناء لكل 1,000 مواطن عام 2015، تقع إسرائيل في المرتبة الرابعة مع 5.1 شقة لكل ألف مواطن (انخفاض من 5.4 في 2014) – وهو تقريبا ضِعف المعدّل الأوروبي وهو 2.8 شقة لكل ألف مواطن. وروسيا رائدة أيضًا في هذا المجال بفجوة كبيرة مع 7.6 شقة جاهزة لكل ألف مواطن.

ولكن لا يزال هناك نقص كبير في البناء

ما زال هناك نقص كبيرفي البناء في إسرائيل (Flash90/Nati Shohat)
ما زال هناك نقص كبيرفي البناء في إسرائيل (Flash90/Nati Shohat)

كما في السنوات السابقة، تقع إسرائيل في أسفل القائمة حيث إنّ فيها 295 شقّة فقط لكل ألف مواطن. من أجل المقارنة، فالدولة التالية في القائمة تُظهر قفزة كبيرة في عدد الشقق – وهي بولندا، مع 363 شقة لكل ألف مواطن. عدد الشقق في إسرائيل أقلّ بـ 40% من المعدّل الأوروبي الذي يبلغ 486 شقة لكل ألف مواطن.

العمل لمدة 9 سنوات من أجل شراء شقّة مساحتها 70 مترا

يشير مسح ديلويت إلى سببين ساهما في أن تصل إسرائيل إلى المرتبة الثالثة من حيث السعر مقابل متر بناء (3,700 يورو). السبب الأول هو تعزّز قيمة الشاقل مقابل اليورو بـ 10.5% في السنة الماضية – وهو التعزّز الأكبر من بين العملات في الأسواق التي تم فحصها.

والسبب الثاني هو ارتفاع أسعار الشقق بنسبة 10.8%، وفقا لديلويت، وهو الثاني في ارتفاعه في أوروبا بعد إيرلندا، التي سجّلت قفزة متطرفة بنسبة 27%. سجّلت إسبانيا أيضًا قفزة كبيرة بنسبة 10,6%، ولكن هناك تأكيد على أنّ السوق الإسبانية تعيش في خطر بسبب عدد الشقق المرتفع، 543 شقّة لكل 1,000 مواطن.

أحد البيانات التي تزيد من أزمة السكن في إسرائيل هو العلاقة بين سعر الشقة ومتوسّط الأجر. درست ديلويت العلاقة بين تكلفة الشقة الجديدة بمساحة 70 مترا وبين متوسّط الدخل السنوي. احتلّت إسرائيل المرتبة الثانية من حيث عبء العقارات: مع متوسّط أجور بقيمة 27 ألف يورو في السنة، تصل تكلفة شقّة من 70 مترا إلى 9.5 سنوات من الأجر.

وتحتل المرتبة الأولى في القائمة بريطانيا مع 10.8 سنوات من الأجر. في أسفل القائمة: ألمانيا التي تبلغ تكلفة شقة كهذه فيها فقط 3.2 من الأجر السنوي، بلجيكا 3.7 من الأجر السنوي، هولندا 4.4 من الأجر السنوي، وإسبانيا 4.5 أجرا سنويا للشقة. وفي إيرلندا، حتى بعد تلك القفزة الدراماتيكية، يبلغ سعر مثل هذه الشقة 6.6 من الأجر السنوي فقط – أي أقل بثلاث سنوات ممّا في إسرائيل.

اقرأوا المزيد: 728 كلمة
عرض أقل
شقة فاخرة في برج تل أبيب (W-Prime)
شقة فاخرة في برج تل أبيب (W-Prime)

كم تصل أجرة أغلى شقة في إسرائيل؟

صفقة، حققت رقمًا قياسيًا، بالنسبة لأجرة البيوت الفاخرة في إسرائيل: وقّع مواطن روسي على صفقة استئجار مسكن في شقة فاخرة في مدينة تل أبيب؛ بمبلغ خيالي

يُعاني الإسرائيليون، منذ سنوات، من أسعار العقارات غير المعقولة، حيث تُناضل الأزواج الشابة لشراء أو استئجار شقق سكنية بمبالغ معقولة.

ولكن هذه الحقائق لم تثير اهتمام، مواطن روسي، الذي وقّع عقد إيجار سكن في شقة فاخرة في برج شقق سكن فاخر في تل أبيب.

أجرة السكن في شقة تبلغ مساحتها 320 متر مربع : 45 ألف دولار؛ شهريًا. أي 480 ألف دولار، سنويًا، ما يُعادل 1.92 مليون شاقل إسرائيلي وهو مبلغ يُمكن شراء شقة متوسطة في المدينة مقابله.

البرج الفاخر في تل أبيب (Remez Tower)
البرج الفاخر في تل أبيب (Remez Tower)

وعلمت وسائل الإعلام المحلية أيضًا، أن المواطن الروسي استأجر الشقة الفاخرة دون أن يراها – فقط بالصور، ولم يتفاوض على السعر أبدًا. مُدة الاستئجار هي لنصف عام، ولا يتضمن المبلغ الشهري رسوم إدارة الشقة والتي تصل إلى نحو 1000 دولار في الشهر.

يدور الحديث حول شقة تمتد على مساحة طابق كامل، مساحتها 320 م تتضمن شرفة تُحيط بالشقة وتُطل على منظر طبيعي من الجهات الأربع. تشتمل على ست غرف نوم، مطبخ فاخر، صالون للضيوف ذي مدخل مُنفصل، أثاث كامل من صنع إيطالي، نظام كهرباء ذكي، وغير ذلك.

اقرأوا المزيد: 161 كلمة
عرض أقل
مستوطنة إسرائيلية سرق شمالي مدينة القدس (Flash90/Hadas Parush)
مستوطنة إسرائيلية سرق شمالي مدينة القدس (Flash90/Hadas Parush)

أشياء لا تعرفونها عن المستوطنات

تسمعون بالكلمة عدة مرات يوميا في نشرات الأخبار، ولكن هل حقا تعرفون من هم المستوطنون؟ لماذا يعيشون في المستوطنات؟ وهل تعلمون أنّ هناك تعاونا بين الفلسطينيين والمستوطنين؟

ما هو الاستيطان؟

المستوطنات هو قرى ومدن يهودية قامت خارج الخط الأخضر بعد حرب الأيام الستة. تُستخدم الكلمة بشكل أساسيّ لوصف القرى في الضفة الغربية وغور الأردن والتي لم يُطبّق فيها القانون الإسرائيلي، ولا يزال يوجد فيها حكم عسكريّ. تُستخدم الكلمة أيضًا لوصف البلدات التي كانت في قطاع غزة وفي شبه جزيرة سيناء وتم إخلاؤها خلال السنين. وفقا للآراء السياسية، هناك جهات يسارية إسرائيلية تستخدم كلمة “الاستيطان” لوصف القرى اليهودية في القدس الشرقية وبلدات هضبة الجولان. هناك من يستخدم هذا الوصف أيضًا للبلدات اليهودية المختلفة التي قامت في مختلف أنحاء أرض إسرائيل في فترات مختلفة.

كم هو عدد المستوطنين؟

في نهاية عام 2013 قُدّر عدد المستوطِنين بنحو 370,000 شخص. أي نحو 4.3% من مجموع سكان إسرائيل. لا يشمل هذا الرقم اليهود الذين يعيشون في هضبة الجولان والقدس الشرقية. في نهاية عام 2013 كانت هناك 125 مستوطنة في أرجاء الضفة الغربية، لا يشمل القدس الشرقية ولا الخليل، واللذين وافقت الحكومة الإسرائيلية على إقامة البلدات فيهما.

جامعة أريئيل عادة ما تتضامن مع اليمين الإسرائيلي (Noam Moskowitz)
جامعة أريئيل عادة ما تتضامن مع اليمين الإسرائيلي (Noam Moskowitz)

ماذا يعني مصطلح “الاستيطان”؟

يستخدم معظم المتحدّثين بالعبرية اليوم هذا المصطلح بشكل أساسيّ لوصف البلدات والسكان الإسرائيليين الذين يعيشون في الضفة الغربية وغور الأردن، ولوصف البلدات التي تم إخلاؤها من قطاع غزة وشبه جزيرة سيناء. يمكن استخدام الكلمة لوصف إقامة البلدات في أراضي تم احتلالها خلال الحرب، ولكن يوجد لها دلالات أخرى أيضًا، بعضها لا يتعلّق إطلاقا بالسياسة. المعاني الأخرى للكلمة بالعبرية يمكن أن تكون “الإقامة لمدة طويلة في مكان ما”، أو “إقامة مستوطنة، التمسّك بالأرض” – دون علاقة لأي صراع على الأرض. أصل كلمة “مستوطنة” بالعبرية (هِتناحلوت) قديم ويظهر أيضًا في التوراة بمعنى استيطان أسباط إسرائيل.

في نهاية عام 2013 قُدّر عدد المستوطِنين بنحو 370,000 شخص. أي نحو 4.3% من مجموع سكان إسرائيل

كيف بدأت المستوطنات؟

بعد حرب الأيام الستة كان على دولة إسرائيل اتخاذ قرار. من جهة، أرادت الاستمرار واستخدام الأراضي التي احتلّتها لأغراض أمنية والاستمرار بالسيطرة عليها، وقد عزّزت هذه الخطوة أيضًا رؤية الصلة التاريخية بهذه المناطق. من جهة أخرى، فإنّ ضمّا كهذا، فيما عدا المعارضة الدولية، سيلزم إسرائيل بمنح الفلسطينيين في تلك المناطق حقوق المواطنة وكانت الغالبية اليهودية ستواجه خطرا. لم يكن تعامل الحكومات الإسرائيلية على مدى السنين مع هذه الأراضي ثابتا. دعمت بعض الحكومات المستوطنات ولكنها أبقتها خارج أراضي الدولة السيادية، وتولى بعض الحكومات إخلاء المستوطنات والحدّ منها، مثل أريئيل شارون الذي نُفّذ في فترة تولّيه برنامج “فكّ الارتباط” عن قطاع غزة.

المستوطنات والفلسطينيون

على الجانب الفلسطيني فإنّ الاتهامات الموجهة ضدّ المستوطِنين هي بأنّ هذه المستوطنات قد قامت على أراض فلسطينية خاصة. يقول الادعاء الفلسطيني ضدّ هذه المستوطنات إنّ دولة إسرائيل قد سرقت أراض فلسطينية، وأقامت مستوطنات وقالت إنّ هذه أراض كانت تابعة لدولة إسرائيل. يدعي الفلسطينيون أنّ دولة إسرائيل ساومت على حقّهم الأساسي في التملّك وعلى ضعفهم من أجل سرقة ممتلكاتهم.

المنطقة الصناعية بركان (Noam Moskovitch)
المنطقة الصناعية بركان (Noam Moskovitch)

على خلفية العيش في المستوطنات تندلع في كثير من الأحيان نزاعات بين جهات فلسطينية وبين المستوطنين. حيث إنّ هناك من كلا الجانبين عناصر متطرّفة ترغب بتأجيج المنطقة. رغم هذه الصراعات من الجدير ذكره أنّ هناك أيضًا تعاون اقتصادي مفاجئ بين الفلسطينيين والمستوطنين يستند إلى الصداقة والثقة بين الجانبين، وخصوصا في الصناعة والزراعة.

الشعب الإسرائيلي والمستوطنات

بناء وحدة سكنية في مستوطنة بيت إيل (FLASH90)
بناء وحدة سكنية في مستوطنة بيت إيل (FLASH90)

 

ينقسم الشعب الإسرائيلي في رأيه بخصوص المستوطنات. يعارض قسم من الشعب الإسرائيلي المستوطنات بشدّة، بل ويشارك في مقاطعة المنتجات المصنّعة خارج الخط الأخضر. ومن الجهة الأخرى، فالنقد تجاهها كبير، حيث يدّعي آخرون بأنّ مقاطعة المستوطنات ستؤدي في نهاية المطاف إلى مقاطعة دولة إسرائيل، من بين أمور أخرى، لأنّ بعض الشركات المهمة في البلاد تعمل أيضًا في الضفة الغربية. ادعاء آخر يقول إنّ مقاطعة المستوطنات ستضرّ أيضًا بمعيشة الفلسطينيين الذين يعملون في تلك الأماكن. يؤيد إسرائيليون آخرون المستوطنات ونشاط المستوطنين حتى دون العيش في تلك الأماكن.

ماذا يقول العالم؟

قرّرت المحكمة الدولية في لاهاي في الماضي بأنّ المستوطنات في الأراضي المحتلة ليست قانونية وتعارض القانون الدولي، وتدين الأمم المتحدة منذ سنوات البناء في المستوطنات. ثارت جلَبة في الأيام الأخيرة في العالم حول الاستيطان في أعقاب قرار رئيس الحكومة الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، بالموافقة على بناء 300 وحدة سكنية في مستوطنة بيت إيل. أدانت الإدارة الأمريكية هذا القرار وأوضحت بأنّ الولايات المتحدة تعتبر أن المستوطنات تنتهك القانون. أدانت الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي أيضًا قرار نتنياهو.

وماذا سيجيب المستوطن على السؤال: لماذا يسكن هناك؟

عملية إخلاء المستوطنات الإسرائيلية من قطاع غزة عام 2005، عملية فك الارتباط (Flash90/Pierre Terdjamn)
عملية إخلاء المستوطنات الإسرائيلية من قطاع غزة عام 2005، عملية فك الارتباط (Flash90/Pierre Terdjamn)

الأمر يتعلق بالشيء الذي دفعه للعيش في المستوطنات. لا يمكن بجملة واحدة أن نعرّف شخصا يعيش في المستوطنات. الأشخاص الذين يعيشون هناك هم أشخاص مختلفون، من مجموعات مختلفة، لهم آراء مختلفة وسمات مختلفة. لدى كل إنسان أسباب مختلفة للعيش في المنطقة المعرّفة كمستوطنة، ولا تكون الأسباب دينية دائما.

هناك أشخاص يعيشون في المستوطنات كحلّ لمشكلة الإسكان. يفضّل الكثير من المتديّنين “الحاريديم” العيش في المستوطنة مع “حاريديمط فقط، ويعيشون في أماكن تعرّف بأنّها مستوطنات وليس بالضرورة لدوافع أيديولوجية.

سيوضح قسم آخر من المستوطِنين بأنّهم يعيشون في تلك الأماكن من أجل الحفاظ على أمن الدولة. يشير هذا الادعاء إلى أنّ أراضي دولة إسرائيل صغيرة، والتنازل عن مناطق معيّنة سيشكّل خطورة على وجود الدولة وسيعرّضها لتهديدات من قبل الدول العربيّة المجاورة. ليس هؤلاء الأشخاص متديّنين بالضرورة.

سيقدّم آخرون أسبابا أخرى للعيش في الأراضي التي تعرّف كمستوطنات، من بين هذه الأسباب: الاعتقاد بأنّ هذه الأراضي هي جزء لا يتجزأ من أرض إسرائيل التاريخية، والاعتقاد بأنّه من واجب اليهود الاستيطان في أرض إسرائيل كلّها. بالإضافة إلى ذلك، هناك مستوطنون يعتقدون بأنّهم “رسل الله” ومن واجبهم الاستيطان في المناطق التابعة لليهود والتمسّك بالأرض.

اقرأوا المزيد: 813 كلمة
عرض أقل
مظاهرة عربية في تل أبيب ترفع شعار "لا لهدم البيوت" (Tomer Neuberg/Flash90)
مظاهرة عربية في تل أبيب ترفع شعار "لا لهدم البيوت" (Tomer Neuberg/Flash90)

لماذا يبنون دون الحصول على ترخيص في البلدات العربية في إسرائيل؟

التحدّي الذي يقف أمام إسرائيل لفحص البناء غير القانوني في البلدات العربية كبير. ولكن الاستجابة المناسبة للاحتياجات الأساسية للسكان العرب ستُصلح هذه السياسة الإشكالية للدولة فيما يتعلّق بها

في أواسط شهر نيسان (2015) هدمت السلطات في دولة إسرائيل منزلا في كفر كنا في الجليل. مرّت 48 ساعة وأصدرت وزارة الداخلية أوامر هدم مبانٍ في قرى غير معترف بها في سعوة في النقب ودهمش المجاورة للّد.

وفي أعقاب هدم المنازل قررت لجنة المتابعة العليا للمواطنين العرب إعلان إضراب عام في البلدات العربية ومظاهرة في تل أبيب. في المقابل، حاول رؤساء القائمة المشتركة طرح القضية للنقاش في الكنيست، ولكنهم لم ينجحوا في تجنيد توقيعات كافية من أعضاء الكنيست من أجل جمع جلسة الهيئة العامة للكنيست والتي كانت في عطلة. طلب أعضاء الكنيست من القائمة المشتركة من المستشار القضائي للحكومة، يهودا فاينشطاين، تجميد أوامر الهدم، ولكنه رفض طلبهم.

لقد بُنيت المنازل سواء في كفر كنا أو في سعوة ودهمش بشكل غير قانوني. رغم أنّ المنزل في كفر كنا قد بُني على أرض تابعة لمالكها، ولكنه بُني خارج الخارطة الهيكلية للبلدة. في المقابل، في سعوة ودهمش، ليست هناك خطة رئيسية على النحو المطلوب لتشييد المباني.

المنازل التي تمّ هدمها هي منازل قليلة من بين عشرات آلاف المنازل التي بُنيت في البلدات العربية دون ترخيص. أصدرت وزارة الداخلية لـ 60 ألفًا منها أوامر هدم.

بجوار تجمّع المظاهرة الاحتجاجية نشر منظّموها بيانا للصحافة وفيه معطيات عن ضائقة السكن في المجتمع العربي. ومن بين أمور أخرى، جاء في البيان أنّه في عام 2014 نشرت دائرة سلطة أراضي إسرائيل نحو 1,800 مناقصة لبناء وحدات سكنية في البلدات العربية، بالمقارنة مع أكثر من 38,000 مناقصة تم تخصيصها للبلدات اليهودية. بكلمات أخرى، فقد حظي المواطنون العرب، الذين يشكّلون نحو 20% من مجموع سكان البلاد، في العام الماضي، بحصة من الحلول السكنية بنسبة أقل من 5% من مجموع السكان.

نطاق الأراضي المخصّصة للبناء السكني في البلدات العربية محدود للغاية منذ البداية، ولا يلبي حاجات السكن الأساسية. فهو لا يلائم – على سبيل المثال – معدّل نموّ السكان العرب. فضلًا عن ذلك، فمنذ إقامة الدولة صادرت السلطات من المواطنين العرب أراض لأغراض التطوير، وقد قلّصت هذه المصادرات واسعة النطاق بشكل أكبر احتياطي الأراضي لدى البلدات العربية.

هناك عشرات البلدات العربية في إسرائيل غير معترف بها. يضطر سكانها على مواجهة غياب البنى التحتية بالإضافة إلى حقيقة أنّه ليست هناك لبلداتهم خارطة هيكلية. ولذلك، فكل عملية بناء تتمّ بطريقة ليست قانونية يكون مصيرها الهدم.

عملية هدم منازل غير مرخصة في القدس الشرقية (Flash90/Sliman Khader)
عملية هدم منازل غير مرخصة في القدس الشرقية (Flash90/Sliman Khader)

وفقًا للقانون، فإنّ ترخيص البناء مشروط بخارطة هيكلية مفصّلة يُحدّد فيها تعيين المساحات (الطرق، الأراضي المفتوحة، مؤسسات تربويّة، دينية وما شابه)، نسبة البناء التي تمّت الموافقة عليها، ارتفاع البناء المسموح وغير ذلك. في الوضع السائد اليوم، من بين نحو 140 بلدة عربية، معترف بها وغير معترف بها، هناك لدى 41 منها فقط خارطة هيكلية محدّثة. لا يمكن استخدام معظمها لأنّها قديمة أو غير مفصّلة. وهذا الوضع سارٍ أيضًا عندما يتم البناء على أراض يملكها مقاول البناء.

طُلبت لجنة التحقيق الرسمية التي أنشئت بعد أحداث تشرين الأول 2000 وذلك لعدم وجود خرائط هيكلية في البلدات العربية. وقد تطرّق أعضاء لجنة “أور” في تقرير اللجنة أيضًا إلى قضية الأراضي؛ فقد تحدّثوا عن الاكتظاظ الكبير في البلدات العربية، عن ضائقة الأراضي السكنية بل وعن غياب الخرائط الهيكلية. بل وقد ألمحوا إلى التأخير المتعمّد: “تجهيز وتحديث خرائط كهذه”، كما جاء في التقرير، “يتطلّب وقتا دائما، ولكن في الوسط العربي كان هناك في بعض الأحيان تأخير غير معقول”.

بعد أكثر من 11 عاما من نشر لجنة “أور” (في أعقاب أحداث تشرين الأول 2000، والتي فقد خلالها 13 عربيا حياتهم في المواجهات مع القوى الأمنية) للنتائج، قررت الحكومة الإسرائيلية إنشاء “فريق الـ 120 يومًا”. وهو يتضمّن المسؤول عن الميزانيات في وزارة المالية، مدير سلطة أراضي إسرائيل ومديرين عامّين من وزارات الحكومة. كلّفت الحكومة هذا الفريق بتشكيل خطّة عمل في موضوع ضائقة السكن في البلدات العربية.

مظاهرات ضد مخطط برافر في النقب (Flash90/David Buimovitch)
مظاهرات ضد مخطط برافر في النقب (Flash90/David Buimovitch)

التحدّي الذي يقف أمام “فريق الـ 120 يوما” هو تحدّ حقيقي. هناك عدة إجراءات من شأنها أن تقلّل من نطاق البناء غير القانوني في البلدات العربية، ومن بينها: الموافقة على خرائط هيكلية جديدة وتحديث الخرائط الموجودة بما يتوافق مع احتياجات البلدات العربية وسكانها؛ إقامة بلدة عربية جديدة؛ وضع الخطوط العريضة لحلّ قضية القرى غير المعترف بها في النقب والجليل، بالتعاون مع ممثّلي السكان المحليّين؛ تحديد الأراضي لاحتياجات البناء وتعزيز خطط البناء؛ بناء مساكن عامة في البلدات العربية، وغير ذلك.

إنّ الاستجابة المناسبة للاحتياجات الأساسية للسكان العرب ستصلح هذه السياسة الإشكالية للدولة فيما يتعلّق باحتياجات السكن لدى السكان العرب، والتي تجذّر انتهاك القانون في البلدات العربية بدلا من اقتلاعها من الأساس.

نُشر هذا المقال للمرة الأولى في موقع Can Think

اقرأوا المزيد: 678 كلمة
عرض أقل
جرافة تهدم بيتاً غير مرخص في القدس الشرقية (Flash90/Sliman khader)
جرافة تهدم بيتاً غير مرخص في القدس الشرقية (Flash90/Sliman khader)

عرب إسرائيل يضربون بسبب أزمة السكن

أعلنت لجنة المتابعة العليا للجماهير العربية في إسرائيل عن إضراب عام في جميع البلدات العربية احتجاجا على الأحداث العنيفة التي حدثت في الأيام الأخيرة في رهط بسبب هدم المنازل

أعلنت لجنة المتابعة العليا للجماهير العربية في إسرائيل، وهي الهيئة التي تمثّل مصالح المواطنين العرب في إسرائيل، عن إضراب عام يجري اليوم (الثلاثاء)، وذلك احتجاجا على سياسات هدم المنازل التي تمارسها الحكومة الإسرائيلية وبسبب تأخير تنظيم البناء في الوسط العربي. ومن المتوقع خلال اليوم أن تضرب المدارس بالإضافة إلى المصالح التجارية في المدن والقرى العربية.

ويشير رؤساء اللجنة إلى أنّه قد حدث تدهور كبير في إيجاد حلول سكنية للأزواج الشابة وذلك كجزء من أزمة السكن العامة التي تعاني منها إسرائيل. “جاء الإضراب لرفع صوت احتجاج المواطنين العرب الذين يعانون من أزمة حادّة في السكن، من هدم المنازل، من مصادرة الأراضي، من عدم توسيع مناطق النفوذ وعدم الموافقة على خطط البناء”، كما جاء.

عرب إسرائيل يحتفلون بالذكرى الـ 39 ليوم الأرض (Flash90/Hadas Parush)
عرب إسرائيل يحتفلون بالذكرى الـ 39 ليوم الأرض (Flash90/Hadas Parush)

ويخطّط منظّمو الاحتجاج لإقامة مسيرة كبيرة، تقام في الساعة 17:00 في قلب مدينة تل أبيب أمام مبنى بلدية تل أبيب في ميدان رابين، وذلك من أجل دعوة “الجمهور اليهودي للوقوف مع الجمهور العربي ضدّ السياسة التدميرية والتحريضية لحكومة نتنياهو، الذي يحاول أن يقودنا إلى الصراع”. ويُتوقع أن يشارك في المظاهرة بعض الشخصيات الجماهيرية، أعضاء الكنيست من القائمة المشتركة بالإضافة إلى شخصيات عامة وأدباء، يهودًا وعربًا.

وجاء في تقرير خاص نشره مركز عدالة، وهو منظمة حقوق إنسان مستقلّة تعمل للدفاع عن حقوق عرب إسرائيل، فورا بعد يوم الأرض في آذار هذا العام، أنّه في عام 2014 نشرت دولة إسرائيل مناقصات لبناء ‏38,261 وحدة سكنية في البلدات اليهودية، مقابل 1,844 وحدة سكنيّة فقط في البلدات العربية. أي إنّ السكان العرب، الذين يشكّلون نحو 20% من سكان إسرائيل، حصلوا في السنة الماضية على نحو 4.6% فقط من عروض الوحدات السكنية في إسرائيل.

اقرأوا المزيد: 248 كلمة
عرض أقل
سواح في مقهى في تل أبيب (Miriam Alster/FLASH90)
سواح في مقهى في تل أبيب (Miriam Alster/FLASH90)

“غزو” يهود فرنسا لإسرائيل

العنف الإسلامي يهزّ يهود فرنسا. رغم حياة الرفاهية والراحة في أوروبا، 2/3 من يهود فرنسا يصرّحون بأنّهم لا يرون مستقبلهم هناك. عام 2013 تم تسجيل قفزة بنسبة 63% لهجرة اليهود من فرنسا

لا يمكن تجاهل الظاهرة التي تجتاح غالبية مدن إسرائيل الكبرى. أشدود، نتانيا وتل أبيب أصبحت ممتلئة بالفرنسيين، الذين يأتون على مدى العام وتحديدا في أشهر الصيف و “يغزون” ببساطة الأماكن العامة. لا يمكن أن نتجاهل كمّ السياح الفرنسيين الذين يأتون ويملأون الفنادق، يتجمّعون في المطاعم، النوادي الليلية والشواطئ.

إنّ مجيء المهاجرين اليهود من فرنسا إلى إسرائيل ليس ظاهرة جديدة. في السنوات الأربع الأخيرة يأتي ويستقرّ في إسرائيل بين ألف وحتى ألفي شخص كل عام. ولكن السنة الأخيرة تُمثّل بداية موجة هجرة جديدة وكبيرة ستؤثّر على المجتمع الإسرائيلي وعلى الجالية اليهودية في فرنسا.

يأتي بعض يهود فرنسا إلى إسرائيل كل عام كسياح ويقيمون فيها لفترة تستمرّ لبضعة أشهر في فترة الصيف، ويحبّها آخرون فيأتون إليها مرات أخرى والكثير منهم يستقرّون بها أيضًا ويقومون بعملية الهجرة. وفقا للقانون في إسرائيل فهم يستخدمون حقّ العودة الخاص بهم، المقرّر في القانون الإسرائيلي، والذي يمنحهم شهادة مواطنة إسرائيلية كاملة.

أزمة اقتصادية وخوف من تزايد معاداة السامية في فرنسا

تؤدي الحوادث المعادية للسامية في فرنسا إلى تكاثف هجرة يهود فرنسا (AFP)
تؤدي الحوادث المعادية للسامية في فرنسا إلى تكاثف هجرة يهود فرنسا (AFP)

تشير معطيات عام 2013 إلى بداية موجة هجرة كبيرة والتي من المتوقع أن تجتاح مدن إسرائيل. هاجر 3,120 يهودي إلى إسرائيل من فرنسا في العام الماضي. وتلك هي هجرة أكثر شبابا، أكثر تعليما، أكثر تأسّسا، أكثر ارتباطا بإسرائيل وبالإسرائيليين وذات صعوبات استيعاب أقلّ من الهجرات المعروفة في سنوات التسعينيات وعقد الـ 2000 من دول الاتحاد السوفياتي سابقا وإثيوبيا. الأزمة الاقتصادية المستمرّة في فرنسا وزيادة الشعور بفقدان الراحة لدى اليهود في فرنسا، يمكنهما أن ينبئا ببداية موجة أكبر من الهجرة في العام القادم.

لم يعد ذلك سرّا: إنّ وضع أفراد الجالية اليهودية في فرنسا قد تضرّر. تُعقد المظاهرات من حين لآخر، وفي العام الماضي تمت الدعوة إلى طرد اليهود من أوروبا. يخشى الكثير من اليهود الفرنسيين من التجوّل في الشوارع عندما يتم التعرّف عليهم من الناحية الدينية وتؤدي الحوادث المعادية للسامية إلى الخوف وتصبح الضغوط والأوضاع الاقتصادية أكثر إرهاقا. في المقابل، تنشغل حكومة إسرائيل كثيرا بموضوع يهود فرنسا وهناك رغبة حقيقية لمساعدة تلك الجالية للقدوم والاستقرار في إسرائيل.

مهاجرون يهود من فرنسا يهبطون في مطار بن غوريون (AFP)
مهاجرون يهود من فرنسا يهبطون في مطار بن غوريون (AFP)

ومن الجدير ذكره مع ذلك، أنّ موجة هجرة الفرنسيين إلى إسرائيل لم تبدأ بسبب تهديد وجودي. وهي لم تتزايد بفضل النافذة المؤقتة التي فُتحت لليهود في موطنهم. ولا تقف وراءها المعاناة من ويلات الأزمة الاقتصادية. بل هي موجة كبيرة، بطيئة ومستمرة – تمثّل الوكالة اليهودية بدايتها في عام 2000، وهي في الواقع رذاذ ازداد ليصبح تيارا مستمرّا لا يتوقف. وأسبابها متنوّعة.

يقول الكثيرون إنّه ليس فقط الوضع الاقتصادي في أوروبا أو زيادة معاداة السامية والمضايقات التي يتعرض لها اليهود في شوارع باريس أو مرسيليا هي التي أثرت على قرار الهجرة إلى إسرائيل. يرى كثيرون في الانتقال من فرنسا إلى إسرائيل عملية طبيعية، عملية لم يقم بها آباؤهم في سنوات الستينيات لدى انتقالهم من الدول العربيّة في الشمال الإفريقي إلى إسرائيل مباشرة. اختار الآباء الانتقال إلى فرنسا وأراد الجيل الصغير الاستقرار في إسرائيل، وجهتُه النهائية.

الاستثمار في العقارات

يهود فرنسا يستثمرون في مجال العقارات (Flash90/Moshe Shai)
يهود فرنسا يستثمرون في مجال العقارات (Flash90/Moshe Shai)

وهناك سبب آخر يقرر من أجله الكثيرون استثمار أموالهم وجهودهم في العثور على منزل في إسرائيل: الاستثمار في العقارات.

قامت في إسرائيل في العقد الأخير أزمة سكن شديدة. الاستثمارات الحكومية في المجال لا تُلائم معدّل النموّ الطبيعي، يشكّل غلاء المعيشة عبئًا على الأسر الإسرائيلية ويمنعها من تحقيق حلمها في شراء شقة سكنية بالإضافة إلى مساحة إسرائيل الصغيرة، أدى جميع ذلك إلى الزيادة المستمرّة في أسعار الشقق السكنية والمشاريع العقارية في إسرائيل.

أدرك يهود فرنسا فرص الاستثمار وبدأوا بضخّ الأموال بكثافة من أجل تطوير مشاريع عقارية وشراء المنازل السكنية. بل إنّ الحكومة الإسرائيلية تعقد كل عام مؤتمرات عقارية واستثمارية في باريس ومدن كبيرة أخرى في فرنسا، والتي تقيم فيها جالية يهودية، وهي بذلك تشجّع الكثيرين منهم للقدوم والاستقرار في إسرائيل.

هناك من يرى في تحركات الحكومة حلا جزئيا للأزمة السكنية وتشجيعا للاستثمار المشاريع العقارية، ويرى الكثير غيرهم في استثمار يهود فرنسا السيف الذي يقوّض لهم حلم شراء الشقة السكنية لأنّ الأسعار تستمر في الارتفاع. تزيد قوة يهود فرنسا الاقتصادية عن قوة الإسرائيليين وتحرّض هذه العملية الكثير من الأزواج الشابة الذين لا يمكنهم تحمّل ذلك.

من هم الفرنسيون الأكثر اهتماما بالهجرة إلى إسرائيل؟

مهاجرون يهود من فرنسا يهبطون في مطار بن غوريون (Flash90/Hadas Parush)
مهاجرون يهود من فرنسا يهبطون في مطار بن غوريون (Flash90/Hadas Parush)

تكشف الدراسات عن يهود فرنسا أنّ الكثير منهم يُكملون إجراءات الهجرة لأسباب أعمق. الغالبية الساحقة ليهود فرنسا اليوم (يعيش اليوم في فرنسا نصف مليون يهودي فرنسي) هم من نسل يهود شمال إفريقيا الذين اختاروا الانتقال إلى فرنسا مع انتهاء السيطرة الفرنسيّة على المغرب، تونس والجزائر. الجزء الأكبر منهم هم أبناء أسر تفرّقت بين فرنسا وإسرائيل في سنوات الخمسينيات والستينيات. وتوجد فكرة الهجرة إلى إسرائيل في عقولهم على مدى سنوات طويلة، إذ تدور في أذهانهم الفكرة أنهم سيأتون في النهاية، ربما في جيل التقاعد. وحقا يأتي جزء منهم بعد أن يصلوا إلى جيل التقاعد.

ويحدّد الباحثون مجموعتين سكّانيّتين ترغبان بالهجرة إلى إسرائيل: المتقاعدون والشباب. المتقاعدون هم أولئك الذين حلموا طوال سنوات طويلة بالهجرة، وهم يعرفون إسرائيل جيّدا من زياراتهم المتكرّرة ولديهم في كثير من الأحيان أصدقاء وأقارب في إسرائيل. إن اعتبارات كسب الرزق في هذه الحالة هامشية، حيث يمكنهم الحصول على معاشاتهم التقاعدية في إسرائيل أيضًا. من بين 3,200 فرنسي هاجروا هذا العام، فإنّ 536 منهم فوق سنّ 66.

الشباب هم الشريحة السكانية الأكثر إثارة للاهتمام، فهم يأتون بعد إنهاء اللقب الأول، وأحيانا يكونون أطفالا صغار عندما تدفعهم فجأة اعتبارات كسب الرزق من فرنسا إلى إسرائيل، وينظرون إلى إسرائيل بصفتها مكان شابّ ومتجدّد. كان نحو ثلثي المهاجرين في العام الماضي من الشباب حتى سنّ 44. يدفعهم الخوف من المستقبل – من ناحية اقتصادية وأيضا من ناحية الشعور بالأمن – إلى التفكير بالهجرة.

خصائص الجالية اليهودية في فرنسا – التي تقرّر الهجرة إلى إسرائيل

مظاهرة تأييد لإسرائيل في بريس خلال الحرب في غزة عام 2014 (AFP)
مظاهرة تأييد لإسرائيل في بريس خلال الحرب في غزة عام 2014 (AFP)

يهود فرنسا هم من الجاليات الإسرائيلية الأكبر في الشتات. يقدّر عدد اليهود في فرنسا بنحو نصف مليون يهودي. وقد أظهرت دراسة أجرتها وزارة الهجرة في إسرائيل أنّ تلك الجالية تتضمّن ثلاثة تيارات: يتألف الأول من أشخاص ذوي ارتباط قوي بإسرائيل واليهودية، حيث يتعلم 30% من أطفالهم في مدارس يهودية، ويتألف الثاني من أشخاص ذوي ارتباط ثقافي يهودي، ويتألف الثالث من أشخاص ليس لديهم علاقة قوية بشكل خاصّ بإسرائيل، ولكن لديهم حقّ المواطنة بحسب قانون العودة.‎ ‎

هناك ارتباط قوي للدين اليهودي ولإسرائيل لدى غالبية الجالية، ولذلك فهي تعتبر الجالية الأكثر تقليدية وصهيونية في الشتات. معظم الجالية اليوم من السفارديم، وفي الأساس تعود أصولها للشمال الإفريقي، حيث هناك نسبة كبيرة من تلك المجموعة من أصول جزائرية، وقلة من يهود تونس والمغرب.

يختلط اليهود بشكل جيّد في المجتمع والاقتصاد، ومع ذلك تبرز ظاهرة معاداة السامية الجديدة في فرنسا أكثر بكثير من المعهود في دول غربية أخرى. في العديد من النواحي يقع يهود فرنسا بين المطرقة والسندان: من جهة، فهم مكروهون من قبل اليمين المسيحي المتطرف في فرنسا، والذي يعتبرهم جزءًا من “الغرباء” الذين ينبغي كبح نشاطهم، ومن جهة أخرى، من قبل “الجاليات الأجنبية” الأخرى، المكوّنة بشكل أساسي من المهاجرين المسلمين من أصول شمال إفريقية، فهم يواجهون مضايقات على خلفية الصراع الإسرائيلي – العربي. تزيد هذه الخصائص من تشكيل الرؤى اليمينية المتطرفة لدى أولئك الذين يقررون الهجرة إلى إسرائيل، ويجد الكثيرون بيتهم السياسي في إسرائيل في أحزاب اليمين الإسرائيلي: الليكود، إسرائيل بيتنا والبيت اليهودي.

اقرأوا المزيد: 1071 كلمة
عرض أقل