جحا وهيرشل اليهودي - مغفلا القرية
جحا وهيرشل اليهودي - مغفلا القرية

جحا وهيرشل اليهودي.. مغفلا القرية

الفكاهي المسلمي واليهودي يحميان المجتمَع من كثرة الأعمال الوحشية. قصة الفكاهي المسلمي جحا ونظيره اليهودي هرشيل

سأل شخص ذات يوم جحا: “قل لي من فضلك، عندما استيقظ صباحا وأنظر عبر النافذة، أشاهد أشخاصا يسيرون باتجاهات مختلفة، ماذا يعني هذا المشهد الغريب؟”

“الإجابة بسيطة”، قال جحا، “لو سار كل الأشخاص في الاتجاه ذاته، كان سينقلب العالم”.

ناصر الدين، المعروف بجحا، هو بطل شعبي حكيم – ذكي في الوقت ذاته، وهناك نكات كثيره حوله في كل أنحاء الشرق الأوسط، في آسيا الوسطى، القوقاز، وفي شبه جزيرة البلقان. ليس هناك طفل عربي لم يروِ له والديه نكتة واحدة أو نكتتين عن شخصية جحا المضحكة والغبية في الوقت ذاته.

تعرض أعمال جحا شخصيته بصفته أحمقا، غبيا، قادرا على أن يقض مضاجع البشر. تستند قصص جحا التي كانت شائعة جدا لدى يهود إسبانيا إلى شخصية تاريخية. وُلد جحا في القرن الثالث عشر في قرية شمال غرب تركيا وعاش في أنطاليا. وهو لم يخشَ من مهاجمة الحكام العريقين في عصره.

أصبح جحا جزءا من قصص الفولكلور لدى الكثير من الشعوب وحظي وفقا لذلك بأسماء مختلفة ونُسبَت حكايات خرافية إليه دون علاقة بشخصيته التاريخيّة. مثلا، تستخدم الحضارات الإسلامية الصوفية قصص ناصر الدين كثيرا، وهي تعتبره معلما عريقا. تشير الحكمة في قصصه إلى قيم الصوفية التي تبحث عن تجسد الله في صورة كل البشر، الحيوانات، النباتات، والأغراض. كما هو متبع في التقاليد الغموضية في العالم فإن الصوفية لا ترضى بسيطرة الحكام والقياديين على الدين وتسخير قوانينه من أجل احتياجاتهم من خلال احتقار معنى الإسلام الحقيقي. للوهلة الأولى، تبدو شخصية ناصر الدين مثيرة للسخرية، ولكن هناك حكمة وراء كل القصص تساهم في رسمة بسمة على الشفاه ومعرفة حقيقة الواقع.

تتغير شخصية جحا بين القصص، وهي تعرضه أحيانا كشاب أو بالغ، ذكي أو غبي، ومتزوج أو أعزب. تعرِضُ شخصية جحا مخادعا ينجح الآخرون في خداعه غالبًا، وتعرضه كساذج أو ماكر في الوقت ذاته، وكشخص يقع في فخ نصبه من أجل الآخرين.

مَن هو الحمار الحقيقي؟

سمع جحا ذات مرة أنه وصل إلى القرية القريبة تاجر ثري معني بشراء حمير قدر المستطاع. بما أنه كانت لدى جحا حمير كثيرة في ساحة منزله، قرر أن ينقل إلى القرية المجاورة عشرة حمير من بين حميره الكثيرة وبيعها للتاجر الثري.

لهذا توجه إلى ساحة منزله واختار عشرة حمير جيدة وربطها معا وتوجه إلى القرية. بعد مرور ساعة، أصبح جحا متعبا فجلس ليرتاح في ظل الأشجار وتناول الأكل. قبل أن يتابع مشواره، عد حميره للتأكد أن معه عشرة حمير حقا. ولكنه بعد وقت، أصبح متعبا ثانية فجلس ليرتاح في ظل الأشجار وتناول الأكل. ولكن هذه المرة قرر ألا يتابع مشواره مشيا على الأقدام بل أن يركب حمارا من بين حميره.

بعد مرور ساعة قرر جحا عد حميره ثانية. فنظر إلى الخلف وبدأ يعد فوجد أن معه تسعة حمير. “كيف يمكن ذلك؟” قال جحا متعجبا، “فقد خرجت من المنزل ومعي عشرة حمير، فكيف أصبح معي تسعة حمير الآن فقط”؟ عندها نزل جحا عن حماره، ورتب كل حميره في صف بهدف عدها ثانية فوجد أن معه عشرة حميرة. “غريب”!، قال جحا “لماذا يتغير عدد الحمير كل الوقت؟ هل عددها تسعة أم عشرة؟

عندها جلس جحا جانبا وهو مرتبك، ثم مر تاجرا وسأله لماذا تجلس حزينا على جانب الطريق؟ فأخبره جحا عما حدث. قال له التاجر: “قف في صف واحد مع حميرك وسأعدها لك”.

وقف جحا في نهاية الصف مع حميره، وعد التاجر الحمير وقال: “لا أفهم لماذا تقول إن معك تسعة حمير فقط. عندما عددت الحمير وجدت أنه يقف أمامي أحد عشر حمارا!”

مسمار جحا

هناك مغزى منقطع النظير لهذه القصة. وهي شائعة جدا لدى الفلسطينيين. يحكي كبار السن في القرى الفلسطينيية هذه القصة كمثال ذي أهمية في المجتمَع الفلسطيني.

يُحكى أن جحا باع منزله بسعر منخفض لمشترِ، ولكنه أبقى مسمارا ثابتا في الحائط. اشترط جحا بيع المنزل بسعر منخفض بأن يسمح له المشتري بزيارة المسمار كلما أحب. فوافق المشتري فورا. بما أن سعر المنزل زهيد كان يبدو الشرط غبيا.

دخل ذات ليلة المشتري إلى سريره، ولكنه سمع طرقات عالية على الباب فاستيقظ من نومه، وتوجه نحو الباب فورا ورأى أن جحا حل ضيفا لرؤية المسمار. واستمر الحال هكذا كل ليلة. كان يشتاق جحا إلى مسماره، ثم يطرق باب منزل المشتري ويوقظه من نومه ويدخل ليتأمل مسماره لساعات. وذات يوم عمل أكثر من ذلك وربط كلبا عنيفا بالمسمار. فلم يستطع الرجل الاستمرار على هذا الوضع، فترك المنزل بما فيه وهرب.

أصبح كبار الفلسطينيين يتخدونه مثلا عندما يتحدثون عن نزاعهم ضد المستوطنين على الأماكن المقدسة في المدن الفلسطينية مثل الخليل أو القدس القديمة.

المغفّل اليهودي هرشيل

المغفّل اليهودي هرشيل
المغفّل اليهودي هرشيل

ذات مساء، زار هرشيل عائلة تباطأت في تقديم وجبة له. فانتظر كثيرا ثم قرر أن يهددها فقال: “إذا لم تقدموا لي وجبة، سأفعل ما فعل والدي رحمه الله في مثل هذه الحال!”. عندها أسرع المستضيفون المرعبون وقدموا له وجبة فورا، وبعد أن أنهى تناولها، سُئل بصوت خائف: “ماذا كنت تقصد من خلال تهديداتك؟ ماذا كان يفعل والدك؟” – “في مثل هذه الحال، كان يخلد للنوم جائعا…”، قال هرشيل الساذج.

كان هرشيل فكاهيا. وكان يهوديا حاسيديا شابا درس التوراة، وعاش في أوكرانيا في النصف الثاني من القرن الثامن عشر. هرشيل طالب التوراة اليهودية هو نظير بطل النكات الإسلامي، جحا. كان هرشيل مهرجا لا سيّما من أجل معلمه العجوز.

ساهمت شخصية هرشيل الفقير الفكاهي في مواجهة أغنياء وعظماء تلك الفترة. يُحكى أنه كان ذكيا منذ صغره، وتعلم التوراه حقا وكان طالبا ذكيا جدا في “الهلاخاه” اليهودية (الشريعة اليهودية). تعلم متطلبات الذبح وفق الشريعة اليهودية من أجل كسب الرزق.

يُحكى أن معلم هرشيل، الحاخام باروخ كان يناديه ليحكي له النكات في كل مره شعر فيها بحزن. نُسبت هذه الشخصية الفكاهية لهرشيل، وهكذا قضى معظم أوقاته بالقرب من الحاخام باروخ.

هرشيل مريض

عندما كان الحاخام حزينا حاول طلابه تحسين مزاجه ولكنهم فشلوا. في النهاية استُدعي هرشيل ليحل ضيفا في منزل الحاخام. فاستقبله الحاخام بحفاوة ووافق على أن يبقى لديه لبضعة أيام ولكن اتضح أن الحاخام ما زال حزينا. في إحدى وجبات الغداء وضع هرشيل معلقة كبيرة في جيبه. وبعد مرور نصف ساعة وضع معلقة أخرى. فسأله الحاخام: “هرشيل، لماذا تضع الملاعق الكبيرة في جيبك؟” فأجابه: “أنا مريض، ووصف لي الطبيب دواء وكتب أن علي تناول ملعقة كبيرة كل نصف ساعة”. فابتسم الحاخام وتحسن مزاجه.

“هرشيل وجحا يدخلان مطعما ” هذه التعابير لا تمثل بداية نكتة واحدة بل الكثير من النكات. النكات الإسلامية واليهودية شبيهة. وكذلك هرشيل وجحا يمثلان البشر أيضا. هناك تشابه بينهما وهما يواجهان المشاكل الحياتية ذاتها. من جهة أخرى، فإن الفكاهة مبنية من أقوال مقولبة وفولكلور شعبي وأحيانا تبدو النكات شبيهة ولكن معناها يكون مختلفا. هرشيل وجحا يجعلان المتجمعات متينة في ظل الحياة الجدية المفرطة والعنف الزائد.

اقرأوا المزيد: 993 كلمة
عرض أقل
  • متصوف مصري (AFP)
    متصوف مصري (AFP)
  • حاخام يهودي أثناء تعليمه لأسرار الكبالاه اليهوجية (flASH90Yaakov Naumi)
    حاخام يهودي أثناء تعليمه لأسرار الكبالاه اليهوجية (flASH90Yaakov Naumi)

التشابه المفاجئ بين الكبالاه اليهودية والتصوف في الإسلام

في اليهودية تدعى هذه الحركة الروحانية "كبالاه". وتدعى في الإسلام "التصوف". التشابه بين الحركتين مفاجئ بشكل خاص

إن الفرق الخيالي بين الإنسان والخالق، أدى إلى حركات روحانية في اليهودية والإسلام على حد سواء، تبنت مضامين روحانية وفلسفية عميقة في الحياة الدينية. هناك الكثير من المؤمنين اليهود والإسلام على حد سواء، الذين شعروا أن الروتين الديني للحفاظ على الوصايا، والإيمان بالخالق الذي لا يُرى ولا يسمع، لم توفر ردا على الحاجة النفسية العميقة في الارتباط الشخصي بين الإنسان والخالق.

تدعى في اليهودية هذه الحركة الروحانية “كبالاه”. يمكن العثور على كتابات روحانية في كتابات حاخامات يهود منذ نحو 1.500 سنة، ولكن تطورت الكبالاه، في جنوب فرنسا وشمال إسبانيا في نهاية القرن الـ 12 وبداية القرن الـ 13. ذُكر في التلمود البابلي نسبة إلى بابل (العراق في يومنا هذا) في القرن السادس الفقهاء الذين تطرقوا إلى أسرار خلق العالم. يقترح التلمود على الطلاب ألا يتطرقوا إلى هذه المواضيع حتى يكونوا بالغين، وبعد أن يجتازوا تأهيلا من معلم مؤهل.

تطورت الكبالاه، في جنوب فرنسا وشمال إسبانيا في نهاية القرن الـ 12 وبداية القرن الـ 13

نُشر كتاب الكبالاه الأول عام 1180 في بروفنس (جنوب فرنسا) ويدعى “كتاب بهير” (بهير هي كلمة عبرية معناها الساطع). ليس واضحا من ألف الكتاب ومتى، ولكنه يتطرق إلى أسرار خلق العالم. انتشرت الكبالاه من جنوب فرنسا في القرن الـ 13 إلى الجاليات اليهودية في إسبانا وإيطاليا.

بعد مرور نحو مئة عام من ذلك، نحو عام 1280، بدأ يظهر “كتاب الزوهار” (زوهار تعني الإشراق أو الضياء)، وهو الكتاب الأهم في الكبالاه. نشر الحاخم موسى دي ليون الكتاب ويبدو أنه ألف أجزاء كثيرة منه. حظي الكتاب باهتمام مجددا بعد طرد اليهود من إسبانيا عام 1492، وانتظارهم لمجيء المسيح اليهودي المنتظر. بعد طرد اليهود، نُقِل مركز الكبالاه من أوروبا إلى مدينة صفد في الجليل.

نسخ من كتاب الزوهار، الكتاب الأهم في تعاليم الكبالاه اليهودية (Wikipedia)
نسخ من كتاب الزوهار، الكتاب الأهم في تعاليم الكبالاه اليهودية (Wikipedia)

وصف إسحق لوريا (‏1534-1572‏) أحد مؤمني الكبالاه في صفد خلق العالم على النحو التالي: كان قبل خلق العالم إلى ما لا نهاية من الضوء. بهدف خلق العالم، كان على الخالق تقليص عالمه وإبقاء فضاء فارغ يتيح خلق العالم الروحاني والمادي.

أشار علماء معاصرون إلى العلاقة المتينة بين الروحانية في اليهودية وبين الروحانية في الإسلام، التصوف، من حيث التفكير والعمل الفعلي. اقترح إبراهيم صموئيل أبو العفيا، أحد مؤمني الكبالاه وهو إسباني الأصل من القرن الـ 13، استخدام تقينات تكرار ذكر اسم الله أثناء التنفس، الغناء، وحركات الرأس. تذكّر هذه التنقية بالصوفية الخاصة بذكر (الذِكر هو من أنواع العبادات الإسلامية والتي تعتمد على ذِكر الله). وفق الكبالاه هناك أهمية حاسمة للغة العبريّة في خلق العالم: خلق الله العالم بواسطة الأحرف العبريّة. يذكّر هذا التوجه باللغة العربية من حيث التفكير الإسلامي الروحاني.

أشار علماء معاصرون إلى العلاقة المتينة بين الروحانية في اليهودية وبين الروحانية في الإسلام، التصوف، من حيث التفكير والعمل الفعلي

وأشار أحد طلاب أبو العفيا، ناتان بن سعدية حرار، إلى قوة ذكر الله كتقنية تأمل حتى في العربية أيضا. يشير في كتابه “شعاري تصيدق” (أي بوابات الصدق) إلى أن التقنية الصوفية، ذكر، تؤدي إلى تجربة روحانية. وفق حرار، يمر المؤمنون الصوفيون بتجربة روحانية ولكن ليسوا قادرين على تفسيرها لأنهم لا يتبعون للتقاليد الروحانية اليهودية. تُذكّر كتابات الحرار بكتابات الشيخ الصوفي الفارسي شهاب الدين السهروردي جدا، الذي عاش بين القرنين 12 و 13، وتشير كتاباته إلى أنه من دون الالتزام بالقوانين الدينية والنبي محمد، فإن التقنية الروحانية تؤدي إلى طهارة النفس جزئيًّا فقط.

أطفال متصوفون في تركيا (AFP)
أطفال متصوفون في تركيا (AFP)

تأثر بعض الحاخامات المشهورين في القرون الوسطى في الإسلام الروحاني جدا. من بين المشهورين منهم هناك الحاخام موسى بن ميمون (‏1186-1237‏) مؤسس التيار الصوفي اليهودي في مصر، والحاخام بهية بن باكودا الذي عاش في الأندلس في النصف الأول من القرن الحادي عشر. متأثرا في الإسلام، أدخل الحاخام موسى بن ميمون الركعات ووضعيات الجسم أثناء الصلاة اليهودية، والتي لم يكن معمولا بموجبها حتى ذلك الحين وحتى أنها أثارت معارضة في الجالية اليهودية. حرص الحاخام بهية بن باكودا على التدرب على الطرق المذكورة في رسائل إخوان الصفا. يشير برنارد لويس، أستاذ فخري إلى أن الحاخام بهية بن باكودا اقتبس في كتاباته أقوال الصوفي السابق ذو النون مؤمنا أن القيام بالوصايا فقط لا يمكن أن يساهم في تطهير النفس، بل هناك حاجة إلى التقرّب إلى الخالق من أعماق القلب أيضًا.

تأثرت الحركات الحاسيدية التي تطورت في أوروبا الشرقية في القرن الـ 18، إلى حد كبير من الكبالاه. اعتاد يهود حسيديون على العزلة في غابات أملا منهم في التقرب من الله، واتبعوا نمط حياة الفقر والزهد مثل الزهاد في الإسلام في الزمن القديم.

ذو النون أمن أن القيام بالوصايا فقط لا يمكن أن يساهم في تطهير النفس، بل هناك حاجة إلى التقرّب إلى الخالق من أعماق القلب أيضًا

نقارن بين نمط حياة أحد الصوفيين الأوائل، بشر الحافي، وبين مؤسس الحركة الحاسيدية، الحاخام يسروئيل بن إليعزر (بعل شيم توف) (توفي عام 1760).

هذا ما كتبه الشيخ الصوفي الذي عاش في القرن الـ 11 وهو عبدالکریم قُشَیری عن بشر الحافي:

“سمعت الأستاذ أبا علي الدقاق، رحمه الله، يقول: مرَّ بشر ببعض الناس، فقالوا: هذا الرجل لا ينام الليل كلَّه، ولا يفطر إلا في كل ثلاثة أيام مرة؛ فبكى بشر، فقيل له في ذلك فقال: إني لا أذكر أني سهرت ليلة كاملة، ولا أني صمت يوماً لم أفطر من ليلته، ولكن الله سبحانه وتعالى يلقي في القلوب أكثرً مما يفعله العبد لطفاً منه، سبحانه، وكرماً”.

تذكّر هذه الأقوال بأقوال الحاخام يسروئيل بن إليعزير جدا:

“وجوهر التجرّد من (اضمحلال) المادية هو أن تكون شهوات هذا العالم كلّها كلا شيء في قلبه وعينَيه، أن يتجرد الإنسان من جميع صفاته الرديئة بفعل شوقه العظيم إلى الخالق، تقدّس اسمه” كذلك، قال أيضا: “على الإنسان أن يكون مجردا من الروحانيات وألا يشعر بوجوده في هذا العالم”.

اقرأوا المزيد: 844 كلمة
عرض أقل
الصوفية في لبنان (AFP)
الصوفية في لبنان (AFP)

الجهاد الأكبر للنفس.. 5 حقائق لم تعرفوها عن الصوفية

منذ ظهورها في القرن التاسع للميلاد، أنتجت التقاليد الصوفية آلاف الكتابات بأنواع أدبية وفي مناطق مختلفة في الشرق الأوسط. إليكم 5 حقائق مثيرة للاهتمام حول أسرار التصوّف الإسلامي

إنّ محاولة تعريف الصوفية معقّدة بسبب العدد الكبير للطرق والمدارس الصوفية التي نشطت في الإسلام في فترات مختلفة ومناطق مختلفة. طوّرت الطرق الصوفية المختلفة لنفسها مجموعة متنوعة من أساليب الحياة الجديرة وتطهير النفس: بدءًا من العزلة لفترات طويلة والزهد الشديد وصولا إلى السلوك المعتدل والاندماج الكامل في المجتمع الإسلامي العام.

الصوفية هي ثقافة. إنها ليست تيارا أو أسلوبا واحدا، وإنما مجموعة متنوعة وواسعة من الخيارات. ليس هناك اتجاه واحد للسير فيه من أجل الوصول إلى الله، وإنما ما لا يحصى من الاتجاهات. على خلفية العصور الوسطى، كانت تلك هي الطريقة الأقلّ تعصّبا من بين ما يحدّده الباحثون اليوم.

الصوفية في كوسوفو (AFP)
الصوفية في كوسوفو (AFP)

للمساعدة في فهم أكبر بقليل للمتصوفة الصوفيين وللصوفية بشكل عام جمعنا لكم 5 حقائق مثيرة للاهتمام حولهم:

إذا كان الأمر كذلك، فالصوفية هي تيار باطني في الإسلام، يركّز على الحبّ والقصد من الأفعال، أكثر من التركيز على الشريعة نفسها. بينما تعتقد سائر التيارات في الإسلام أنّ النبي محمد قد تُوفي وإرثه محفور في الصخر ولا يمكن تغيير شيء فيه، يعتقد الصوفيون بأنّ النبي محمد لا يزال يتحدّث إلى المؤمنين به من خلال معلّمي الشريعة الأولياء، المتصلين في السلسلة الصوفية إلى النبي محمد وهم الذين يحدّدون كلّ شيء.

الصوفية في الهند (AFP)
الصوفية في الهند (AFP)

من المعروف أن لدى المتصوفة معرفة كبيرة بعلم الفراسة، والأدب الصوفي غني بالتفسيرات حول قراءة وجه الإنسان. كان أولياء الصوفيين يُجرون “إصلاح النفس” للمؤمنين بهم بشكل مماثل لتيار الكبالاه في اليهودية. وفقا للصوفيين، فإنّ هؤلاء الأولياء يستطيعون القيام بمعجزات خلال حياتهم وأيضًا بعد وفاتهم.

راج العديد من التخمينات حول مصدر الاسم صوفي: ادعى البعض أنّ أصل الكلمة من اللغة هو الملابس الصوفية البيضاء التي اعتاد الصوفيون على ارتدائها، كتعبير عن البساطة وعدم الاهتمام الخارجي. وادعى آخرون أن الفكرة هي صفاء قلوب المؤمنين الصوفيين. أو من كلمة الصفّة، إذ أن التصوف هو اتصاف بمحاسن الأخلاق والصفات، وترك المذموم منها.

الصوفية في مصر (AFP)
الصوفية في مصر (AFP)

إنّ الجوهر النهائي لهذا الطريق هو الاستسلام لله بالحبّ، مرارا وتكرارا، والرغبة في رؤية كل إنسان، حيوان، نبات وجماد التجسيد الأسمى لله الذي يحلّ في كلّ شيء. يؤمن الصوفيون بأنّ الإلوهية خلقت العالم كوحدة واحدة تعمل في إطار من قوانين متناغمة، ومن الطموح إلى التوازن بين الأخذ والعطاء، والغرض النهائي من الطريق هو تعزيز توحّد الفرد مع الطريق الإلهي.

جلال الدين الرومي هو الأكثر شهرة من بين المعلّمين الصوفيين الكثر. جعلتْ كتاباته المترجمة إلى لغات عديدة الصوفية تصبح معروفة أكثر للغرب. هناك الكثير من الطرق الصوفية: النقشبندية، السنوسية، الروشانية، القادرية والبكتاشية.

اقرأوا المزيد: 367 كلمة
عرض أقل