رغم أن ألمانيا تحظر استخدام الصلبان المعقوفة النازية، إلا أنه لا يزال من الممكن العثور عليها على الجدران، في حدائق الألعاب، والمباني السكنية في أنحاء برلين التي رسمها المتطرفون المعارضون لموجات الهجرة الكبيرة التى استوعبتها ألمانيا في السنوات الأخيرة.
مؤخرا، قرر فنان الغرافيتي إيبو أوماري (Ibo Omari) من برلين أن الطريق الأفضل للرد على رسومات الكراهية النازية هو استخدام الفكاهة والحب. بدعم من نادي الشباب الذي يديره، بدأ أوماري بتشجيع شباب برلين على البحث عن الصلبان المعقوفة في أحياءهم السكنية وإعادة رسمها بشكل إبداعي، وإنشاء لوحة جديدة تتنصر على رسالة العنصرية.
A post shared by Bi Magazine (@beinspired_magazine) on
في مقابلة مع وكالة “رويترز”، قال أوماري إنه من المهم لديه أن يحث الشبان والفتيات على تحمل المسؤولية وعدم تجاهلها عندما يواجهون رموز الكراهية. ولتحقيق هدفهم، قام أوماري وأعضاء النادي الشبابي بابتكار تصاميم أصلية وخلاقة، مثل الأرانب، الطيور، ورسومات شخصيات، لتغطية الصلبان المعقوفة. قال أحد الطلاب من أعضاء النادي إنهم لا يريدون أن يعتقد زوار برلين أن المدينة مليئة بالنازيين، ويهدف عملهم الفني إلى أن يسير الناس في المدينة والبسمة مرسومة على وجوههم.
منذ بداية المشروع، غطت المجموعة أكثر من 25 صليبا معقوفا في أنحاء برلين، كما بدأت تعمل هذه المبادرة الناجحة في مدن أخرى في ألمانيا.
رغم أن يهود أمريكا يعانون من اعتداءات متزايدة على خليفة لا سامية، وقاداتهم يعربون عن غضبهم من موقف ترامب المتذبذب إزاء ظاهرة النازيين الجدد، في إسرائيل يتعاملون مع الوضع بخجل وتحفظ
لقد مر نحو أسبوع تقريبا منذ أن نفذ شاب أمريكي ينتمي إلى اليمين المتطرف عملية دهس ضد نشطاء اليسار في شارلوتسفيل، في فرجينيا، مسفرا عن مقتل وجرح كثيرين، والنفوس ما زالت مستعرة في الولايات المتحدة. لقد أثار الموضوع مجددا نقاشا حول ظاهرة معاداة السامية والنازيين الجدد الذين ينشطون في الولايات المتحدة علنا دون خجل، وكانت الانتقادات موجهة بشكل أساسي ضد الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، الذي انتقد “المتطرّفين من كلا الجانبين” في حين أن أحد الجانبين تظاهر معربا عن مظاهر الكراهية والعنف، بينما أعرب الجانب الآخر عن دفع حقوق الإنسان قدما.
ومنذ ذلك الحين شجب ترامب الحادثة بشكل حازم وذلك في أعقاب الانتقاد العارم الذي كان موجها إليه عندما قال “لا مكان للكراهية والعنصرية في أمريكا”، ولكنه تراجع أمس عندما قال “الطرفان مذنبان” متسائلا لماذا لا تُشجب أعمال نشطاء اليسار بل أعمال نشطاء اليمين المتماهي معظمهم مع النازيين الجدد.
وأثارت أقوال ترامب مؤخرا غضبا ودهشة في أوساط حلقات واسعة في الولايات المتحدة، بما فيها الحزب الجمهوري المنتمي إليه ترامب والمتماهي مع اليمين. قال المرشح الجمهوري للرئاسة في عام 2008، جون ماكين، هذه الليلة إنه “لا يمكن الحكم بالتساوي على العنصريين الأمريكيين الذين يعارضون الكراهية والجهل. وعلى الرئيس الاعتراف بهذا”.
بالمقابل، أيد أتباع الحلقات اليمينية أقوال ترامب. وغرد ديفيد ديوك، زعيم “كو كلوكس كلان” سابقا، والمعروف بعنصريته ومعاداته للسامية في توتير: “شكرا لك أيها الرئيس ترامب على صراحتك وجرأتك”.
وأصيب أبناء الجاليات اليهودية في أنحاء الولايات المتحدة بصدمة إثر أقوال ترامب معتبرينها دعما لمعاداة السامية والعنف تجاههم. وتحدث زعيم الجالية اليهودية في شارلوتسفيل كيف أن أبناء الجالية معرضون لتهديدات النازيين الجدد في الواقع، وعليه حراسة الكنيس بشكل خاص وحتى إلغاء المناسبات لأن الشرطة لا تسعى لحماية الجالية اليهودية.
وفي مقابلة معه هذا الأسبوع تحدث الزعيم كيف سار النازيون الجدد يوم السبت الماضي أثناء الصلاة في الكنيس في المدينة في الشارع القريب منه وهتفوا “ها هو الكنيس”، ورفع جزء منهم أعلام عليها صليب معقوف، ووقف بالقرب من الكنيس أفراد من النازيين الجدد وارتدوا زيا خاصا بهم ورفعوا أسلحة.
رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو يودع رئيس الولايات المتحدة دونالد ترامب (GPO)
وتجند الكثير من الأمريكيين في الأسبوع الماضي ضد نشطاء اليمين من النازيين الجدد. واقترح جزء منهم التطوع والمساعدة للحفاظ على الجالية اليهودية، ونشروا صورا للنازيين الجدد الذين شاركوا في المظاهرة في المدينة، وكشفوا عن أسمائهم في شبكات التواصل الاجتماعي ودعوا إلى إقالتهم.
وبالتباين، بشكل مفاجئ، لا تشجب إسرائيل هذه التصرفات أو لم تتطرق إلى أقوال الرئيس ترامب. على ما يبدو، يأتي هذا خشية من المس بالعلاقات الإسرائيلية – الأمريكية، لا سيما العلاقات الودية بين رئيس الحكومة نتنياهو وترامب، فلم يسرع نتنياهو إلى التطرق إلى الأحداث في شارلوتسفيل يوم السبت الماضي. ولكن أمس (الثلاثاء)، بعد أن شجب ترامب الأحداث بشكل حازم فقط، نشر نتنياهو تغريدة: “أنا مصدوم من مظاهر اللاسامية، النازيين الجدد، والعنصرية. على كل منا معارضتها”.
Outraged by expressions of anti-Semitism, neo-Nazism and racism. Everyone should oppose this hatred.
وبشكل عام، كان من الصعب على اليمين الإسرائيلي شجب أقوال ترامب بشكل حازم. خلافا لوالده، ألغى يائير نتنياهو، نجل رئيس الحكومة الإسرائيلية، بسخرية الصورة التي نُشرت من مسيرة النازيين الجدد وقال: “هم لا يشكلون خوفا حقيقيا”. في منشور نشره في صفحته على الفيس بوك بالإنجليزية، كتب يائير نتنياهو أنه مقارنة بالمنظمات اليمينية غير الضارة، فإن المنظمات اليسارية التي تظاهرت ضدها “تكره دولة إسرائيل، وأمريكا على ما أظن، وهي مُسيطرة أكثر في الجامعات الأمريكية والحياة العامة”.
وأيد عناصر يمين إسرائيليين آخرين أقوال ترامب. غرد عضو الكنيست أورن حزان اليوم صباحا: “ترامب مُحِق. لا يجوز ممارسة العنف والتطرف أيا كان ويجب شجبها! فلا يهتم المتملقون اليساريون ووسائل الإعلام. فهم يعتقدون أن اليمين في إسرائيل هو المتطرف والعنيف فقط”.
وبالمقابل، أعرب نشطاء اليسار والمركز في إسرائيل عن صدمة من الأقوال، وكذلك من التسامج الذي يبديه عناصر اليمين الإسرائيلي ضد اللاسامية والنازيين الجدد. كما وأعربت وسائل إعلامية كثيرة في إسرائيل عن صدمة من أقوال ترامب، ووصفته بأنه يدعم اللاسامية والنازيين الجدد علنا.
تثير صورة الرئيس السوري التي كُتِب عليها "لا يُشق له غبار" ونُشرت في صفحة الفيس بوك التابعة للشاب الأمريكي الذي نفذ عملية الدهس ضد متظاهري اليسار في فرجينيا تساؤلات
وصل الصراع بين اليسار واليمين في الولايات المتحدة في نهاية الأسبوع إلى ذروته بعد أن شهدا عنفا إثر عملية الدهس في شارلوتسفيل، في فرجينيا. قاد شاب أمريكي يدعى جيمس فيلدز سيارته بسرعة متجها نحو مجموعة من متظاهري اليسار، الذين تظاهروا احتجاجا على مسيرة اليمين المتطرّف. فقُتِلت امرأة عمرها 32 عاما، وأصيب 9 آخرون إثر عملية الدهس.
وبعد وقت قصير اعتقلت الشرطة فيلدز، وامتلأت شبكات التواصل الاجتماعي بمعلومات حوله: إنه من اتباع حركة “اليمين البديل” (Alt-right) في الولايات المتحدة، التي دعمت علنا دونالد ترامب في حملته الرئاسية، ويُعرف الكثير من أعضائها بصفتهم نازيين جدد، عنصريين، كارهين للأجانب.
وشارك فيلدز في صفحته على الفيس بوك صورا تحمل رمز الصليب المعكوف، صورة لبيبي الضفدع – شخصية خيالية متماهية مع اليمين المتطرف ومعروفة كـ”رمز الكراهية”، صورا لهتلر في صغره، وصورة للحاكم السوري، بشّار الأسد، كُتِب عليها “لا يشق له غبار”.
A picture posted on the Facebook page of James Fields who ran his car through the crowd in Virginia today. pic.twitter.com/xGB4vclsFG
وانتشرت صورة الأسد في شبكات التواصل الاجتماعي سريعا وأثارت ردود فعل كثيرة، وردت فيها تصريحات تشير إلى أنه ليس من المفاجئ أن يدعم النازيون الجدد والعنصريون من يرتكب الجرائم بحق أبناء شعبه ويعرضهم للغازات السامة. وكتب متصفح أيضا: “من المعروف أن الإرهابيين يستوحون أعمالهم من الدكتاتوريين والإرهابيين الآخرين، أمثال الأسد، أو ترامب”.
وفي الواقع، اتضح في أعقاب النشر أن دعم الأسد ليس استثنائيا بين الحلقات اليمينية المتطرّفة في الولايات المتحدة. أولا، معظم أعضاء حركة اليمين البديل هم داعمو بوتين المتحمسين، لهذا ليس عجبا أنهم يدعمون حليفه المركزي في الشرق الأوسط.
هذا إضافة إلى أنه يبدو أن الهجمات الأمريكية على سوريا في نيسان الماضي، في أعقاب النشر أن جيش الأسد قد استخدم الأسلحة الكيميائية في إدلب، قد أثارت غضب زعماء اليمين المتطرّف ضد ترامب، وشكلت نقطة تحول في دعمهم له. ففي حين دعم أعضاء اليمين المتطرف ترامب دعما كبيرا أثناء حملته الانتخابية، فمنذ شن الهجمات على سوريا بدأت تُسمع انتقادات لاذعة ضده، تشير إلى أنه يخرق وعوده التي قطعها أثناء الانتخابات.
ومن بين ادعاءات أخرى، ادعى أعضاء اليمين المعاديين للسامية والذين دعموا ترامب قبل الانتخابات أنه يتبع سياسة
“إسرائيل أولا”، خلافا لوعودوه التي تشير إلى أن “أمريكا أولا”، مثل ما نشر أثناء حملته الانتخابية. كانت الهجمات الأمريكية على سوريا، وفق أقوالهم خطوة لصالح إسرائيل وداعش. سارع هؤلاء الأعضاء إضافة إلى آخرين إلى الادعاء أن الأسد مسؤول عن الهجوم الكيميائي في سوريا كاذب، مدعين أن جهات مختلفة مثل إسرائيل، “الدفاع المدني السوري”، الثوار السوريين، وغيرهم هم المسؤولون عنها.
نشر السياسي اليمينيّ، ديفيد دوك، المعروف بمواقفه المعادية للسامية، ورئيس حركة كو كلوكس كلان العنصرية، تغريدة (ما زالت تظهر في أعلى صفحته على توتير حتى وقنتا هذا) يدعي فيها أن الهجمات الصاروخية الأمريكية على سوريا تخدم المصالح الإسرائيلية والمصالح الداعشية في الولايات المتحدة.
ويوثق مقطع فيديو آخر منتشر في شبكات التواصل الاجتماعي مجموعة من الطلاب الجامعيين الأمريكيين في مظاهرة دعم للجيش السوري وبشار الأسد، وهم يتفاخرون بأن “الأسد لم يرتكب أي عمل خاطئ”، وأن كل من يعارضه “يُهَاجِم بالبراميل المتفجرة”. وبينما يتحدث طالبان جامعيان أمام الكاميرا، يصرخ طالب جامعي آخر من ورائهم: “الأسد بطل!!”. غرد داعمو اليمين المتطرّف ردا على مقطع الفيديو هذا ومقاطع أخرى موضحين أن “الأسد بطل حقا، يفي بوعوده ولا يخشى استخدام القوة لتحقيق غاياته”، ووردت تغريدات شبيهة أخرى.
"Assad did nothing wrong" – Baked Alaska at UVA tonight. "Barrel bombs, hell yeah!" pic.twitter.com/GCsR5oy1ts
وكما ذُكر آنفًا، فبعد أن ظهر دعم كبير للأسد بين حلقات اليمين المتطرف في الولايات المتحدة، ثار غضب بشكل خاص من جهة، ومن جهة أخرى وردت ردود فعل كثيرة أوضحت أن هذه العلاقة مفهومة ضمنا ولا داعي للمفاجئة.
قُتِلت امرأة وأصيب 19 شخصا آخر إثر تعرضهم لإصابة دهس عند تظاهر اليمين المتطرّف أمس (السبت) في فرجينيا. دُهس أثناء الحادثة نشطاء وصلوا إلى الموقع للتظاهر ضد مظاهرات اليمين. قال المتظاهرون في المكان إن عملية الدهس كانت متعمدة. اعتُقِل السائق ابن 20 عاما من أوهايو وهو متهم بعملية القتل.
وفي وقت باكر أمس (السبت) دارت في المدينة اشتبكات عنيفة بين نشطاء حركة اليمين المتطرّف “Alt Right” ونشطاء النازيين الجدد وبين المتظاهرين. قُبَيل التظاهرة، وصل الآلاف من عناصر اليمين المتطرّف من أنحاء الولايات المتحدة، وقال منظموها إنها أكبر تظاهرة لليمين المتطرّف في الولايات المتحدة الأمريكية في السنوات الماضية. في ظل التوتر في ولاية فرجينيا، أعلن حاكمها عن حالة طوارئ. وصل أفراد شرطة كثيرون إلى المنطقة وهم مسلحون ويحملون بنادق ومعدّات لفض المظاهرات.
كان من المخطط إجراء المسيرة تحت اسم “Unite The Right” (توحيد اليمين) ولكن الشرطة أعلنت أنها مسيرة غير قانونية وعملت جاهدة على إبعاد نشطاء اليمين المتطرّف والمتظاهرين. رغم ذلك، ما زال الكثير منهم يتجولون في الشوارع، ويبدو أنه ما زالت تدور اشتباكات عنيفة. يهتف جزء من نشطاء اليمين المتطرّف هتافات نازية ويرفعون أعلام عليها رموز نازية.
وتطرق الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، إلى الاشتباكات في مؤتمر صحفي شاجبا “العنف الذي تمارسه جهات كثيرة”. وكتب في وقت باكر في تويتر “ترفض أمريكا هذا العنف”. أحد الأهداف لإجراء المظاهرة هو إزالة تمثال الجنرال روبرت إدوارد لي، زعيم القوات الفدرالية في الحرب الأهلية الأمريكية الذي يُعد رمزا (لدى اليمين المتطرف) في أمريكا الجنوبية. هناك جدل حول إزالة التمثال منذ أكثر من سنة.
Appalled to see in 2017 Nazi flags in the streets of an American town. Repugnant and unacceptable. #NeverAgain
وتشهد إسرائيل والجالية اليهودية في الولايات المتحدة غضبا بسبب مظاهرات اليمين المتطرّف والنازيين الجدد. غضب داني ديان، القنصل الإسرائيلي في نيويورك من المظاهرات مغردا: “أنا قلق جدا من رؤية أعلام النازيين الجدد مرفوعة في شوارع مدينة أمريكية في عام 2017. هذا مثير للاشمئزاز ولا يُعقل”.
وكذلك فإن الرابطة المكافحة للتشهير صرحت عددا من الإدانات ضد مظاهرات النازيين الجدد مطالبة النشطاء بالعمل ضد الكراهية السائدة في شوارع الولايات المتحدة الأمريكية. ورد في إحدى تغريدات الرابطة: “لا تمثل مظاهرة اليمين “Unite The Right” الولايات المتحدة الأمريكية. التنويع العرقي قوة”.
إحدى الظواهر التي رافقت المعركة الانتخابية الأخيرة في الولايات المتحدة هي استخدام جماعات يمينية متطرفة للصليب المعكوف في المجال العام ثانية، وهي ظاهرة بدأت قبل ذلك بكثير في أوساط النازيين الجُدد في أوروبا، ولكن بأقل سرعة.
كُتب الكثير عن هذه الظاهرة المُقلقة، ولكن بذل القليلون جهدا لمعرفة مصدر الصليب المعكوف المعروف بسمعته السيئة. إذا ما هو مصدر هذا الرمز؟ متى أصبح بذيئا، وهل قد يتغيّر؟
الاسم الأصلي للصليب المعكوف “سافاستيكا”. معنى الكلمة في اللغة السنسكريتية هو: “حسن الحظ” أو “شيء جيد” ، فمعنى كلمة “سوا” هو “جيد” وتعني “استي” هو “الرفاه”. وهناك معنى إيجابي جدا للكلمة والرمز، وغالبا يُستخدمان في سياق “بشرى سارة”.
ظهر الرمز ذو الأضلاع الأربعة في الفن والتصميم في الفترة ما قبل التاريخ وطيلة آلاف السنوات، بصفته رمزا لأمور مختلفة: الحظ، الشمس، تناسخ الأرواح، وتمثيل الإله الهندي براهما، خالق العالم. فهو يعتبر ذا أهمية مركزية في الديانة الهندوسية والبوذية، ورمزا مُقدسا.
رمز مقدس ذو أهمية مركزية في الديانة الهندوسية والبوذية (thinkstock)
مع مرور الوقت بات الرمز في حضارات شرقية متماهيا مع البوذيين، حيث يظهر الصليب المعكوف على خارطة في اليابان ترمز إلى مكان معبد بوذي، ويظهر في الصين على علب الأطعمة رمزا لأن الحديث يدور عن طعام نباتي، “حلال” لتناول البوذيين المتشددين.
لمزيد الدهشة، فإن ذلك الرمز الذي كان متماهيا جدا مع اللاسامية، كان مُستخدما في أوساط اليهود في فترات تاريخية مُبكّرة. كُشفت تزيينات على شكل صليب معكوف على أجزاء من مبان يهودية في عدة أماكن في إسرائيل، من بين أماكن أخرى، في القدس، بين عامي 100حتى 500 قبل الميلاد، ويظهر الشكل على عدد من أرضيات الفسيفساء في الكُنس من تلك الفترة أيضا.
الصليب المعكوف على أرضية كنيس يهودي قديم قي إسرائيل
إذا كيف وصل الرمز إلى أوروبا وكيف أصبح الصليب المعكوف رمزا نازيا ومعاديا للسامية؟
بدأ اكتشاف الصليب المعكوف في الغرب مع اكتشاف أسر اللغات الهندو الأوروبية في القرن التاسع عشر وتطور النظرية التي تفترض أن مصدر الحضارة الأوروبية يعود إلى الجنس الآري الذي وصل إلى أوروبا من منطقة إيران في أيامنا هذه. في أعقاب اكتشاف أغراض عليها الصليب المعكوف في المباني المُدمّرة في المدينة اليونانيّة طروادة، وبعد استشارة باحثي اللغة السنسكريتية، توصل عالم الآثار الألماني المعروف هاينريش شليمان، أن الحديث يدور عن رمز آري قديم. فقد اقتبس هذه الفكرة كتّاب مشهورون في ذلك الوقت، وبات الصليب المعكوف رمزا شعبيا في الحضارة الغربية.
رأى عدد من المفكرين الرمز أثناء زيارتهم إلى الهند، ثم بدأوا باستخدامه فانتشر في بريطانيا. حتى إنه استُخدم في مرحلة معينة كرمز الكشّاف في الدولة. في بداية القرن العشرين، انتشر الرمز في أماكن كثيرة في أوروبا – ظهر في العملات الروسية، في شعار شركات صناعية في السويد، واستخدمته حركات سياسيّة ووحدات عسكرية في فنلندا ولاتفيا.
ولكن في الثلاثينيات شوه النازيون المعنى الإيجابي للرمز عندما استخدموه رمزا لهم. عمل النازيون على التعامل مع الآريون القدامى معاملة مساوية لمعاملة الألمان العصريون، مدعين أن على ألمانيا أن تحكم العالم. كان يهدف الصليب المعكوف إلى التشديد على هذه العلاقة الغامضة بين شعب الأسياد القدامى، على ما يبدو، وبين نسله وورثته في ألمانيا في القرن العشرين.
الصليب المعكوف كرمرز الحزب النازي (thinkstock)
استُخدم الصليب المعكوف كرمرز الحزب النازي، لمنظمة “شباب هتلر”، التابعة للجيش والتنظيمات النازية الأخرى. في العصر النازي، كان الصليب المعكوف في مركز الصليب الحديدي وبالطبع على العلم النازي. وكان رمزا للحركات القومية الاشتراكية والفاشية في الولايات المتحدة الأمريكية، بريطانيا، هولندا، وسويسرا.
منذ بدء هذا الاستخدام، حظي الصليب المعكوف بالمعنى العنصري المعروف، مثيرا إحراجا عند رؤية الرمز في الفن والتصميم في الغرب الذي سبق العصر النازي، أو في حضارات ليست غربية، ويعرف القليلون أن معنى الرمز كان إيجابيا في الأصل.
منذ أيام النظام النازي، تخلت حضارات معينة عن الرمز، وغيّر بعض منها شكل الصليب المعكوف، بحيث تتجه أذرعه إلى اليسار، لتكون مختلفة عن الرمز النازي.
ناشطون نازيون جُدد في الولايات المتحدة ينتمون إلى NSM – الحركة الوطنية الاشتراكية الأمريكية
ولكن رغم أن استخدام الصليب المعكوف بات بذئيا ومخجلا، ففي السنوات الماضية بدأ يظهر في المجال العام دون خجل. يظهر وشم الرمز على جسد النازيون الجدد، وهم لا يخافون من الظهور أمام الجمهور. يرفع متظاهرون من اليمين المتطرف في أوروبا والولايات المتحدة أعلام عليها صليب معكوف نازي، وفي شبكات التواصل الاجتماعي بات الرمز شائعا ضد اليهود. يمكن أن نقدّر أن تلك الجهات المعادية للسامية التي تستخدم الرمز الذي أصبح مكروها لا تعرف كثيرا عن مصادره الجيدة والإيجابية.
في حفل أقيم السبت المنصرم (19 تشرين الثاني)، في بناية فدرالية على بُعد بضعة شوارع عن البيت الأبيض، حضر بعض الناشطين اليمينيين من مجموعة اليمين البديل “Alt Right” للاحتفال بانتصار الرئيس المنتخَب، دونالد ترامب.
بين الذين ألقَوا خطابات كان ريتشارد سبينسر (Richard Spencer)، رئيس معهد الأمن القومي في الولايات المتحدة، الذي وصف الانتصار كـ”يقظة” للأمة الأمريكية، وأدّى التحية العسكرية أمام الجمهور الهائج.
صحيح أنّ ترامب نفسه لا ينتمي إلى مجموعة اليمين البديل، التي تضمّ عددًا من مميّزات النازيين الجدد، لكنّ تصريحاته العديدة حول منع دخول المسلمين إلى الولايات المتحدة، الحدّ من الهجرة الإسلامية إلى أرجاء الولايات المتحدة، ونظرته المضادّة للعولمة، تنسجم مع النظرة الأيديولوجية للمجموعة القومية المتطرفة. خلال الحدث، ادّعى سبينسر أنّ انتصار ترامب أدّى بالأمريكيين إلى الالتحاق “بهويتهم الحقيقية”، داعيًا الأمريكيين البيض “أبناء الشمس”، الذين “وُضِعوا على الهامش”، وطالبًا منهم أن يبدأوا بالنظر إلى نشاطهم كنشاط مؤسسي، لا نشاط محظور.
وبعد ضغط شديد مورس على ترامب من الإعلام الأمريكي للردّ على هذا الاحتفال الاستثنائي، نشر مكتب حملة الرئيس المنتخَب إعلانًا يفيد بأنه “يدين جميع أنواع العنصريّة”.
بطبيعة الحال، ليست هذه أول مرة ينجح فيها ناشطون نازيون جدد في إسماع صوتهم بوُضوح دون الخوف من ردود فعل مضادّة. فعلى سبيل المثال، ضمن نقاش جديّ للغاية جرى في استوديو CNN بعد انتخاب ترامب، برز تصريح لسبينسر الذي قال في مؤتمر دعم لترامب: “من الجدير أن نسأل أنفسنا هل هؤلاء الأشخاص [اليهود] هم بشر حقّا أم آلات عديمة الروح”.
وبدل إدانة التصريح بشكل مطلق، قرّرت CNN إقامة نقاش جدي في الاستوديو دُعي إليه صحفيون بارزون للنقاش حول السؤال إن كان على ترامب أن يشجب بشكل مطلق دعم عناصر متطرفة مثل سبينسر.
نشاط نازيّ جديد واسع خلال السباق الرئاسي
“غادري بلادي يا يهودية. اذهبي إلى إسرائيل، حيث تنتمين، أو إلى الأفران. هذا اختياركِ”، أطلق ناشطون نازيون جدد أمريكيون هذه الأقوال أمام مقترِعة يهودية داعمة لهيلاري كلينتون منذ حزيران 2016، خلال سباق اتسم بالبُغض.
ونفّذ ناشطون معروفون بدعمهم الحماسي لترامب هجمات ضدّ يهود، شملت نشاطات مخطّطًا لها مُسبقًا، مثل تطوير ملحق إضافي بمتصفح الإنترنت يحدّد هوية اليهود ويلاحقهم، إعداد قوائم بيهود في مواقع التواصل الاجتماعي بهدف بثّ رسائل كراهية مُعدّة مسبقًا لهم، والتحريض غير المضبوط على الصحفيين والمشاهير اليهود.
خوف يعمّ الجاليات اليهودية
ريتشارد سبينسر، رئيس معهد الأمن القومي في الولايات المتحدة (Youtube)
فيما رحّبت الحكومة اليمينية في إسرائيل بالرئيس الأمريكي المنتخَب، دونالد ترامب، بشكل احتفالي، ووُصف رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، بأنه أحد أكبر الرابحين في العالم من تبادُل السلطة في الولايات المتحدة، فإنّ اليوم التالي لانتخاب ترامب لم يكُن صباحًا رائعًا بالنسبة لمعظم اليهود الأمريكيين.
وفي حين بدأ البعض في إسرائيل يحلمون ببناء الهيكل الثالث، تحدّث كثيرون من يهود الولايات المتحدة عن دمار. فغداة إعلان النتائج الدراماتيكية، أُقيمت صلوات خصوصية في عدد من المعابد اليهودية في الدولة. وكان 71% من اليهود الأمريكيين قد اقترعوا لهيلاري كلينتون، أكثر بقليل من الرئيس أوباما الذي حظي بـ 69% من دعمهم عام 2012.
وكانت خطابات ترامب التي تبثّ الخوف سببّت الذعر ليهود كثيرين، خائفين على حقوق الأقليات والمهاجرين ومكانة المرأة، ومرتعبين من تأجيج نيران التحيّز الجنسي، العنصريّة، واللاسامية التي ظهرت خلال حملة الانتخابات. والخشية الأكبر التي يعبّر عنها اليهود في الولايات المتحدة هي من تزايُد وقاحة النازيين الجدد.
حفلات SS وسموّ البيض
ناشطون نازيون جُدد في الولايات المتحدة ينتمون إلى NSM – الحركة الوطنية الاشتراكية الأمريكية (AFP)
في مدينة مينيابوليس في ولاية مينيسوتا مطعم ألماني يُدعى Gasthof zur Gemütlichkeit (نزل الدفء والسعادة). لا يقدّم هذا المطعم الطعام الألماني فحسب، بل يُقيم أحيانًا حفلات نازية مع ملابس الـ SS، الصلبان المعقوفة، وتحيات “هايل هتلر”.
في كانون الثاني 2014، وصل بلاغ إلى موقع المدوّنات City Pages من مصدر مجهول حول حفلة نازية أُقيمت في عيد الميلاد (كانون الأول 2013)، مع صُوَر التُقطت في تلك المناسبة. ورغم أنها كانت غبشاء، فقد كانت الرسالة منها واضحة: احتفال رسميّ مع سِمات نازية واضحة وضوح الشمس. أُخفيت وجوه المشارِكين لعدم المسّ بكرامتهم، لكن بدا أنهم كانوا يحتفلون ويقضون وقتا طيبا في الحفل.
بشكل عامّ، أضحت الحركة النازية الجديدة في الولايات المتحدة، التي تتخذ من مدينة مينيابوليس مقرًّا لها، منظّمة بثّ الكراهية الأكبر في الولايات المتحدة. تقول رابطة مكافحة التشهير إنّ الحركة الوطنية الاشتراكية الأمريكية (NSM)، المعروفة بثياب أعضائها النازية وبعرضها علنًا شعارات نازية كالصليب المعقوف، نجحت في تجاوز المجموعات الأخرى في اليمين الأمريكي، سواء من حيث أعضاؤها أو نشاطها.
خلال مسيرة في كولومبيا، ناشطون نازيون جدد يدوسون علم إسرائيل (AFP)
لا يُعرَف اليوم كم عضوًا تضمّ الحركة النازية الجديدة في الولايات المتحدة (تُشير التقديرات إلى 500 – 1000 عُضو)، لكنّ لديها حضورًا في 32 فرعًا في عدّة ولايات أمريكية. تستخدم الحركة جيّدًا شبكة الإنترنت، بما في ذلك الراديو وخدمات “الأخبار” المخصّصة للعنصريين البيض. ويعقد ناشطو الحركة مؤتمرات علنية في مُدن مختلفة في الولايات المتحدة، ويقودون حملة غير مسبوقة لزيادة حجم الدعم لهم، لا سيّما لدى العنصريين الحليقي الرؤوس.
وتذكّر الهيئات الإعلامية الأمريكية، التي تتتبّع ظاهرة زيادة قوّة النازيين الجدد، الجميعَ بالمجزرة التي نفذها شاب أمريكي في 5 آب 2014 في مدينة ميلواكي. فقد دخل مجهول إلى معبد سيخي في ضواحي المدينة، أطلق النار، قتل ستة مصلّين، وجرح عشرات آخرين قبل إطلاق قوّات الشرطة التي أتت إلى المكان النار عليه. بُعيد ذلك، حين كشفت الشرطة النقاب عن هوية منفّذ المجزرة، تبيّن أنه شاب محلي انتمى إلى فرقة روك، أعضاؤها حليقو الرؤوس، كانت لديهم “أعمال فنية” معادية للسامية وعنصرية، فيما خلفهم أعلام مزيّنة بصُلبان معقوفة.
هذا الاكتشاف، مثله مثل الاكتشافات القذرة الأخرى التي ظهرت خلال السباق الرئاسي الأمريكي، أعاد إلقاء الضوء الإعلامي على ظاهرة يُفضّلون تجاهلها في الولايات المتحدة – قيام حركة نازية جديدة أمريكية. ورغم أنّ أعضاءها وداعميها النشيطين لا يزيدون عن بضعة آلاف على الأكثر، فإنها تستمر بعناد في “الحفاظ على الجمرة” التي أشعلها آباؤها الأيديولوجيون في ألمانيا الرايخ الثالث، ودون عائق كما يبدو.
أعربت دوائر قصر باكينغهام عن خيبتها ازاء نشر صحيفة بريطانية صورا يفترض أنها للملكة إليزابيث الثانية تظهر فيها وكأنها تلقي التحية النازية في بداية الثلاثينيات عندما كانت في عامها السادس تقريبا.
فقد نشرت صحيفة “ذي صن” على الصفحة الأولى من عددها الصادر السبت صورة للملكة الصغيرة وهي ترفع ذراعها اليمنى تماما مثل والدتها الملكة إليزابيث التي تظهر إلى جانبها في الصورة، مرفقة اياها بعنوان ملتبس يوحي بأداء الملكة الأم وابنتها التحية النازية.
وصرح أحد الناطقين باسم قصر باكينغهام في بيان “من المؤسف أن يتم استغلال فيلم مصور قبل 80 عاما وتابع للمحفوظات الخاصة بالعائلة الملكية بهذه الطريقة”.
وقبل 10 سنوات، كانت صحيفة “ذي صن” الأكثر مبيعا في بريطانيا قد نشرت صورة للأمير هاري وهو يضع على ذراعه شارة عليها صليب معقوف خلال حفلة تنكرية. وقد اعتذر الأمير الخامس في ترتيب خلافة العرش في ما بعد.
وأخذت الصور المنشورة للملكة عن فيلم غير رسمي لم يعمم في السابق يمتد على حوالى 17 ثانية جرى تصويره بين العامين 1933 و 1934 في مقر العائلة الملكية الصيفي في بالمورال باسكتلندا.
الملكة البريطانية اليزابيث الثانية (AFP)
ويظهر شريط الفيديو الذي نشر على الموقع الإلكتروني للصحيفة إليزابيث وهي ترفع ذراعها في الهواء ثلاث مرات وتلعب مع كلب الى جانب شقيقتها مارغرت وعمهما الملك المقبل إدوارد الثامن الذي يبدو أنه كان يشجعهما على القيام بتلك الحركة.
ولا تزال طبيعة علاقات الملك إدوارد الثامن بالنازيين محط جدل في بريطانيا. فقد التقى الملك بهتلر في ألمانيا سنة 1937 بعد عام عن تنحيه عن العرش للزواج من أميركية مطلقة.
https://www.youtube.com/watch?v=hrVQ7p8A3o8
وبررت “ذي صن” نشر هذه الصور بالقول إنها تقدم “لمحة عن الأحكام المسبقة السلبية للملك إدوارد الثامن”.
وأوضحت الصحيفة “ننشرها اليوم ونحن على ثقة بأنها لن تسيء إلى صورة الملكة وشقيقتها ووالدتها”.
أدولف هتلر وعشيقته إيفا براون صورة من عام 1942 (Wikipedia)
توثيق: هنا خطط النازيون للاختباء بعد خسارتهم
فريق من جامعة بونس آيريس أجرى أبحاثًا على ثلاثة مبانٍ غريبة عُثر عليها في منطقة نائية في الأرجنتين ووجد فيها إشارات الصليب المعقوف وقطع نقدية من فترة الحرب العالمية الثانية
يعتقد علماء آثار، من جامعة بوينس آيريس، بأنهم وجدوا مخبأ كان يُفترض أن يلجأ إليه القادة النازيون في حال هزيمتهم في الحرب العالمية الثانية، في منطقة نائية قريبة من الحدود بين الأرجنتين وباراغوي.
تفحصَ الباحثون، طوال شهرين، ثلاثة مبانٍ غريبة موجودة في أحد المنتزهات النائية في منطقة الحدود بين الأرجنتين وباراغواي. عُثر أيضًا، من بين موجودات أُخرى، على قطع نقدية ألمانية تعود إلى عاميّ 1938 -1941، قطع من طبق خزفي “صناعة ألمانية” وصلبان معقوفة على الجدران بسماكة نحو ثلاثة أمتار.
فيديو يوثق مكان المخبأ:
https://www.youtube.com/watch?v=DifcAC-xuv8
“لم نعثر على أية إجابة تدلنا على سبب بناء شخص ما لمثل هذه الأبنية، مع بذل أموال وجهود كثيرة في مكان ناءٍ تمامًا ومع استخدام مواد غريبة عن البيئة المحلية. يبدو أنه خلال الحرب العالمية الثانية أطلق النازيون مشروعًا لبناء ملاجئ لقادتهم في حال وقعت الهزيمة. تقع تلك الأماكن في مناطق نائية مثل مناطق صحراوية، جبال، جُرف صخرية أو غابات كثيفة، مثل هذا الموقع”، وفقًا لأقوال رئيس الفريق، الذي كرس عدة أشهر لدراسة الموقع.
دخل، بين عاميّ 1946 – 1955، آلاف الألمان النازيين إلى الأرجنتين وكذلك الأمر بالنسبة لناشطين في الحركة الفاشية الإيطالية والحركة الوطنية الكرواتية. منح رئيس الأرجنتين، في حينه، ملجأ للكثير من مُجرمي الحرب، بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، وهذا رغبة منه بالحصول على دعم لبناء المصانع وتحسين الاقتصاد المحلي.
وتُشير التقديرات إلى أن نحو 5000 نازي هربوا من ألمانيا إلى الأرجنتين. من بينهم: أدولف آيخمان – الذي اختطفه الموساد ونقله إلى إسرائيل عام 1960. مات بعضهم في الأرجنتين وانتقل آخرون إلى أماكن أُخرى.
تسويق الإرهاب: حول صناعة العلامة التجارية الخاصة بداعش
بشكل مشابه للنازيين ولـ "كو كلوكس كلان"، فإنّ تنظيم الدولة الإسلامية يستخدم رمزية قوية من أجل نشر رسالته وحشد التأييد. من التغيير المتكرر للاسم، مرورًا بأفلام الحركة المغرية وقطع الرؤوس والذي يشكّل "دعاية" وصولا إلى ملصقات للسيارات مع شعار الدولة الإسلامية؛ هكذا يبدو وضع العلامة التجارية والتسويق عند التنظيم الإرهابي
إنّ التسويق ووضع العلامة التجارية أمران مهمان ليس فقط للشركات التي تحاول الترويج لمنتجات وخدمات وإنما للتنظيمات الإرهابية كذلك. أسلوب وضع العلامة التجارية، الشعارات التي تُستخدم للترويج للمنتجات وخصوصًا الكلمات التي تُستخدم؛ جميعها يمكنها أن تساهم في إخافة الأعداء، تجنيد المقاتلين والداعمين والحصول على التمويل، الشرعية والولاء. بكلمات أكثر بساطة، الكلمات والشعارات هي أمر مهم، وخصوصًا في عصر الشبكات الاجتماعية.
بنى التنظيم المعروف باسم “الدولة الإسلامية” (داعش) علامته التجارية بشكل فعّال. لقد بدأ كتنظيم “القاعدة في العراق”، بعد ذلك تحوّل إلى “الدولة الإسلامية في العراق”، وفي وقت لاحق أصبح “الدولة الإسلامية في العراق والشام” (اختصارًا: داعش) والآن يطلق على نفسه ببساطة اسم “الدولة الإسلامية”. كتب الباحث ناثانيل ويلسون في موقع “Fikra” أنّ حقيقة تغيير “الدولة الإسلامية” لاسمها مرارًا وتكرارًا تُظهر بأنّ قادتها، بما في ذلك أبو بكر البغدادي، يعرفون قوة العلامة التجارية.
قوة الاسم، والاقتراح المصري
العلامة التجارية الدولة الإسلامية
في الماضي، حين كان أسامة بن لادن لا يزال على قيد الحياة، كتب رسالة يدرس فيها مسألة تغيير اسم “القاعدة” باعتبار أنّ هذا الاسم، “يقلل من تعاطف المسلمين الذين ننتمي إليهم ويمكّن الأعداء من الزعم بطريقة مغالطة بأنّهم لا يقودون حربًا ضدّ الإسلام والمسلمين، وإنما ضدّ تنظيم القاعدة، والذي هو كينونة منفصلة عن طريق الإسلام”. بكلمات أخرى، فإنّ اسم التنظيم لم يكن شموليّا بشكل كاف وقد استغلّت الولايات المتحدة ذلك. ويبرز في تلك الرسالة القلق من آثار اتخاذ العلامات التجارية لدى التنظيم على تجنيد المقاتلين فيه.
ومن أجل التصدّي لجهود التسويق لدى الدولة الإسلامية، فقد كتب مسلمون رفيعو المستوى في بريطانيا (وهي دولة خرج منها على الأقلّ 500 شخص للقتال في سوريا) لرئيس الحكومة ديفيد كاميرون رسالة شجّعوه فيها على تسمية “الدولة الإسلامية” بـ “الدولة اللا- إسلامية” (Un-Islamic State, UIS). قالوا إنّ استخدام اسم “الدولة الإسلامية” قد يشجّع التطرّف بين الناس وأنّ اسم “الدولة اللا-إسلامية” قد يكون بديلا أكثر دقّة وإنصافًا لوصف التنظيم وأهدافه. بالإضافة إلى ذلك، فإنّ المرجعية الأعلى للدين في مصر قد اقترحت وصف الدولة الإسلامية بـ “انفصاليّو القاعدة في العراق والشام”. وهذا بهدف التفريق بين الدولة الإسلامية وبين الغالبية المعتدلة من المسلمين والتوضيح بأنّ دعاويها في الشرعية زائفة.
أسامة بن لادن (AFP)
بالإضافة إلى ذلك، هناك من يرى أنّ وصف التنظيم باسمه (“الدولة الإسلامية”) يعطي قدرًا من الصحة لطموحاته في الدولة. حيثّ أنّ تنظيم الدولة الإسلامية لو استطاع وضع الحدود، محاربة الغزاة ووضع المباني الحكومية؛ يمكنه أن يكون دولة. بحسب كلام ويلسون، فقط كون المجتمع الدولي لا يعترف بالدولة الإسلامية، هذا لا يقول إنّه لن يُجبر على فعل ذلك في المستقبل. ولذلك، فإنّ الاستسلام للعلامة التجارية للتنظيم يمنحه المزيد من الانتصارات.
“جزء من الجاذبية أن تكون جزءًا من شيء ما”
الحرب الإعلامية ضد عائلة الأسد
ولكن فيما وراء اسم التنظيم، فإنّ التجنيد الهائل جدا للمقاتلين يتطلّب دون شكّ من “الدولة الإسلامية” أن توفّر لمقاتليها هدفا ليؤمنوا به. وليس هذا بالمناسبة أمرًا جديدًا. فقد استخدم هتلر في أوروبا والـ “كو كلوكس كلان” في الولايات المتحدة أدوات قوية للتسويق، وضع العلامة التجارية وإنشاء هوية من أجل نقل رسالة قوية وواضحة والتي هي مخصّصة للإخافة بالإضافة إلى أولئك الذين كان يراد تجنيدهم.
وقال ستيفن هيلر الذي كتب كتابا في هذا الموضوع تحت عنوان “Iron Fists: Branding the 20th-Century Totalitarian State”، لموقع The Drum إنّ التسويق ووضع العلامات التجارية للتنظيمات الإرهابية مشابه إلى حدّ ما لتسويق منظّمات مثل “الكشّافة”. “كل شيء يرتبط بالانتماء”، كما وضّح. “جزء من الجاذبية هو ببساطة أن تكون جزءًا من شيء ما”. حسب أقواله، تتعرّف التنظيمات الإرهابية – وبشكل مشابه للنازيين – على العناصر المحتملين وتمنحهم زيّا، شارةً وشعورًا بالقوة. “يحبّ الناس ارتداء الأزياء الموحّدة”، كما يؤكّد هيلر.
“قطع الرؤوس = الدعايات”
مقاتلو الدولة الإسلامية
يبدو أنّ الدولة الإسلامية نجحت حتى الآن في إيجاد توازن بين إرسال رسالة تهديدية للأعداء وبين تعزيز التزامها تجاه العناصر والمجنّدين الجدد. بحسب أقوال هيلر، تشير الأعمال الأخيرة للتنظيم، ومن بينها قطع رؤوس مدنيين من الغرب أمام أنظار الكاميرات، إلى خطّة يقف وراءها تفكير منظّم. إنّه يرى في أفلام قطع الرؤوس بمثابة “دعايات” خُصّصت لتسويق منتج الإرهاب للدولة الإسلامية، مع كل الصعوبة الكامنة في الحديث عن تلك الأفعال بشكل تجاري.
وعلينا أن نتذكر بأنّ تنظيم الدولة الإسلامية قد انفصل عن تنظيم القاعدة، الذي يحاول بنفسه تسويق الإرهاب. ولكن بينما يميل تنظيم القاعدة إلى نشر صور زعمائه وهم يتحدّثون من كهوف مخبّأة، يمسك تنظيم الدولة الإسلامية بشركة إنتاج اسمها “الحياة” والتي توزّع أفلاما تعرض العنف بشكل واضح جدّا، تماما كما تحاول هوليوود إنتاج منتجات جيّدة تعطي للمشاهدين إحساسا بالتوتر والإثارة.
https://www.youtube.com/watch?v=-tgLdAyRiMI
ويقول آرثر بيفوس، وهو خبير في تسويق الإرهاب، إنّ هذا هو السبب بأنّ تنظيم الدولة الإسلامية ينجح في جذب الناشطين الشباب. “يمكننا أن نرى بأنّ الدولة الإسلامية تنجح أكثر في تسويق نفسها. على سبيل المثال: فإنّها تُصدر أفلاما، مليئة بالحركة ومصوّرة بشكل جميل”، كما يشرح. أبعد من ذلك، فإنّ الدولة الإسلامية تعلن عن نفسها بوسائل مختلفة مثل تقديم ملصقات لإيقاف السيارات مع شعار التنظيم الأسود. وفقا لبيفوس، ليس لدى تنظيم القاعدة تسويق مثل هذا لأنّه لا يملك دولة أو مؤسسات كما يتطلّب الأمر.
عاصفة في الشبكة العنكبوتيّة في أعقاب مسابقة جديدة تبحث عن ملكة جمال من نوع آخر: في إحدى الشبكات الاجتماعية التي توازي الفيس بوك في روسيا، شبكة اجتماعيّة اسمها VKontakt ، افتتحت صفحة تدعو الفتيات الجميلات، اللاتي يصورن أنفسهن بصور سيلفي، إضافة ملامح نازية إلى صورهن والاشتراك في مسابقات الجمال تحت عنوان “Miss Ostland” وهي منطقة سيطرت عليها الحكومة النازية في أوروبا الشرقية.
للمسابقة شروط قبول مشددة للمتنافسات الطامحات إلى أن يكن “ملكة جمال هتلر”. كل متنافسة يجب أن تكون نازيّة، تكره اليهود، منضمة إلى جماعة الشبكة الاجتماعية لهتلر ولا تسخر من صور الأخريات. رغم أن الحديث عن مسابقة جمال، فمن المهم جدًا لمنظمي المسابقة رسالة المتنافسة، ويطلبون إلى جانب كل صورة إضافة شرح مقنع لماذا “تعجب وتحب الرايخ الثالث لأدولف هتلر”.
Elena Bernatskaya
المتنافسة التي ستحظى بعدد الإعجابات الأعلى (Like)، سيُعلن عنها في نهاية الشتاء بأنها “Miss Ostland”، وهو لقب يمنح على اسم المقاطعة الشرق أوروبية، على حدود روسيا، التي احتلتها ألمانيا النازية في الحرب العالمية الثانية. والتي تحظى في المرتبة الأولى ستحصل على جواهر من شركة Magic Workshop التي كان يفضلها رجال الإس إس (ss). المتنافسة التي تصل المرتبة الثانية، لن تُظلم، وستحظى بقلادة تجمع بين أشكال الصليب المعقوف مع إشارات نازيّة.
Adolf Hitler
لقد ضمنت على أقلّ تقدير 14 فتاة من روسيا وأوروبا الشرقية مكانها في المنافسة حتى الآن. صورت إحدى المترشحات من بيلاروسيا نفسها مع قبعة نازية، وأضافت أنها “معجبة بهتلر لأنه كان مستعدًا لإجراء تجارب على بني البشر”. سجلت متنافسة أخرى من كييف في أوكرانيا تحت صورتها: “لا تنسوا! أدولف هو اسمه وأعطيت له حياة أبدية. هو العنصر الأبدي لنا”.