الرايخ الألماني

هكذا عمل النازيون على الإبادة المنهجية للشعب اليهودي
هكذا عمل النازيون على الإبادة المنهجية للشعب اليهودي

“الحل النهائي”: هكذا عمل النازيون على الإبادة المنهجية للشعب اليهودي

مع الغزو الألماني إلى أوروبا الشرقية بدأت الإبادة الجماعية والمنهجية لليهود، وفي مؤتمر وانسيي رسم النازيون الخطوات العملية للإبادة التامّة ليهود أوروبا

كانت إحدى نقاط التحوّل في الحرب العالمية الثانية وفي الهولوكوست هي بدء “عملية بارباروسا” – الغزو الألماني للاتحاد السوفياتي مع انتهاك اتفاق “مولوتوف – ريبنتروب”، وذلك كمحاولة ألمانية لإخضاع الجيش الأحمر حتى قبل شتاء ذلك العام. اعتبر هتلر غزو الاتحاد السوفياتي بمثابة بداية لتنفيذ خطّته الرامية إلى تحقيق “المساحة المعيشية” للأمة الألمانية وفرصة للقضاء على الشيوعية. في 22 حزيران عام 1941، غزا نحو أربعة ملايين جندي من دول المحور أراضي الاتحاد السوفياتي. اندلعت في أعقاب الغزو مواجهة عسكرية قاسية ومستمرة بين الاتحاد السوفياتي ودول المحور، والتي امتدت نحو أربع سنوات.

رافقت دخول الجيش الألماني إلى الاتحاد السوفياتي أربع وحدات متنقّلة للإس إس والشرطة، والتي كانت تدعى الأينزاتسغروبن (Einsatzgruppen). بلغ تعداد كل واحدة من هذه الوحدات بين 500 إلى 1000 شخص وكانت مهمّتها الرسمية، كما تم تعريفها في “مهمات المفوضين”، هي القضاء على أعداء النظام، أي زعماء الحزب الشيوعي.

نُفذت عمليات القتل غالبا في الغابات، الوديان، الكنُس أو الساحات والأبنية المهجورة، قريبا من مكان سكن الضحايا

في الواقع، ففي الأسابيع الأولى للغزو، اشتغل هؤلاء في القتل الجماعي للرجال اليهود بحجّة القضاء على البارتيزان، حيث تم اعتبار اليهود، وفقا للأيديولوجية النازية، متضامين مع النظام البلشفي. وبالإضافة إلى قوات الأينزاتسغروبن، التي كانت تشكّل رأس حربة في القتل، شاركت في ذلك أيضا قوات كبيرة من الشرطة والإس إس، بمساعدة الجيش، وشارك أيضًا عشرات الآلاف من السكان المحليّين. في البداية لم يكن القتلُ موحَّدًا – ففي أماكن معينة تم قتل الرجال فقط، وفي أماكن أخرى قُتل الأطفال والنساء أيضًا. بدءًا من شهر آب توسّع القتل واشتمل على إبادة جاليات يهودية كاملة.

نُفذت عمليات القتل غالبا في الغابات، الوديان، الكنُس أو الساحات والأبنية المهجورة، قريبا من مكان سكن الضحايا، بطريقة حُفر القتل، والتي أُجبر اليهود في مرات عديدة على حفرها بأنفسهم. بعيدا عن القبور الجماعية، التي كانت محاطة برجال الإس إس المسلّحين، الجنود أو رجال الشرطة، أُمِرَ اليهود بالتعرّي وتسليم مقتنياتهم الثمينة، ومن ثم تم أخذهم تحت تهديد السلاح إلى الحُفر، أوقِفوا عند مدخلها وتم إطلاق النار عليهم. وقد دُفن الكثير منهم وهم أحياء. حتى نهاية عام 1942 قُتل نحو مليون ونصف مليون يهودي في أراضي الاتحاد السوفياتي التي احتلّها النازيون.

خلال يومين في شهر أيلول عام 1941 قُتل 33,771 يهوديا من كييف في سهل “بابي يار”. بالمجمل، قُتل خلال الهولوكوست في بابي يار بين 100-150 ألف يهودي، بالإضافة إلى نحو 100,000 من الغجر، البارتيزان، المرضى النفسيّين، أسرى الحرب ومعارضي النظام.

في بونار – وهي غابة تبعد نحو عشرة كيلومترات من فيلنيوس – تم قتل بين 70,000 إلى 100,000 إنسان، غالبيتهم العظمى من اليهود

في بونار – وهي غابة تبعد نحو عشرة كيلومترات من فيلنيوس – تم قتل بين 70,000 إلى 100,000 إنسان، غالبيتهم العظمى من اليهود. في غابة بلاغوبشتسينا، جنوب شرق مينسك، قُتل الكثير من ضحايا النظام النازي، معظمهم من اليهود، بما في ذلك اليهود الذين جُلبوا مباشرة من ألمانيا، تشيكيا، بولندا وهولندا. قُتل بعضهم في شاحنات غاز، ودُفنَ جميع الضحايا في حُفر كانت قد حُفرت مسبقًا. وفقا لتقديرات مختلفة فقد قُتل في هذه المنطقة بين 206,500 إلى نصف مليون إنسان.

في تشرين الثاني عام 1941 حدث تطوّر مصيري في السياسة الألمانية تجاه اليهود، وفي مقابل القتل الجماعي اتخذ هتلر ومسؤولين في حزبه قرار تنفيذ الإبادة الشاملة لجميع اليهود. لم يكن يلبي القتل رميًا بالرصاص توقعاتهم لأنّه لم يكن سريعًا بما فيه الكفاية وكان له تأثير ضارّ وتراكمي على أداء الجنود. في تلك الأشهر أدرك قادة النظام النازي أيضًا بأنّ الحرب الخاطفة لم تكن ناجحة وأنّ الحرب ضدّ الاتحاد السوفياتي قد تستمرّ، بل ومارس مسؤولون ألمان الضغوط الكبيرة “من الأسفل” بخصوص التقدّم في قتل اليهود.‎ ‎ولذلك تقرّر خلال شهرَي تشرين الثاني – كانون الأول الانتقال إلى القتل الصناعي، المخطّط والمنظّم لجميع يهود أوروبا.

وكنتيجة لهذه القرارات تأسس معسكر الإبادة خيلمنو وبدأ بالعمل منذ كانون الأول عام 1941. لاحقا أقيمت أيضًا معسكرات الإبادة بيلزيك، في بداية تشرين الثاني عام 1941، سوبيبور، في آذار عام 1942، وتريبلينكا في حزيران عام 1942. خلال عام 1942 تحوّل أيضًا معسكرا أوشفيتز بيركينو ومايدانيك من معسكرات اعتقال إلى معسكرات إبادة.

مؤتمر وانسيي

في 29 تشرين الثاني عام 1941 دعا رینهارد هایدریش قادة بارزين في حكومة الرايخ إلى اجتماع خُصص ليُقام في 9 كانون الأول عام 1941 من أجل إجراء نقاش حول طرد يهود ألمانيا إلى الشرق. في نهاية المطاف لم يتم هذا الاجتماع في موعده بسبب دخول الولايات المتحدة إلى الحرب في أعقاب الهجوم الياباني على بيرل هاربر، وأقيم الاجتماع كـ “مؤتمر وانسيي” في 20 كانون الثاني عام 1942، وهو التاريخ الذي اتُخذ فيه قرار القتل المنهجي لليهود وبدأ تنفيذه.

 رینهارد هایدریش (Bauer, Friedrich Franz)
رینهارد هایدریش (Bauer, Friedrich Franz)

التقى في هذا الاجتماع ممثلو الرُتب التنفيذية في النظام النازي، أعضاء الإس إس والشرطة من أجل مناقشة تنسيق عملية “ترتيب الحلّ النهائي لمشكلة اليهود”. خُصّص الاجتماع لإعلام جميع الجهات المرتبطة بالأمر بخصوص قتل يهود أوروبا من أجل تحقيق تعاون واسع وفعّال قدر الإمكان وأيضا الاهمتمام بالجوانب العملية لمثل هذا القرار. ورغم أنه لم يتقرّر في المؤتمر قتل اليهود والذي كان قد بدأت تعود أهميته الكبيرة إلى كونه يشكّل مرحلة أخرى في تطوّر الحلّ النهائي الذي تم الحديث فيه عن قتل شامل لليهود في العالم كله من قبل جميع أجهزة ألمانيا النازية – الإدارية، الشُرَطية، العسكرية والحزبية.

وختامًا، يمكننا أن نرى بأنّه خلال الحرب، وخصوصا بعد غزو الألمان إلى الاتحاد السوفياتي في صيف عام 1941، اتُخذت سلسلة من القرارات الإجرامية، حيث كانت الأيديولوجية النازية في الخلفية. طوّر النازيون وحسّنوا من قدراتهم على القتل الجماعي، وقد وصلت هذه القدرات إلى ذروتها في عملية على جميع الأراضي والتي أبيدت فيها جاليات بأكملها. حتى نهاية الحرب قتل النازيون نحو ستّة ملايين يهودي.

اقرأوا المزيد: 854 كلمة
عرض أقل
الجيش الألماني يسير في شوارع وارسو في أعقاب الغزو النازي (Holocaust Memorial Museum)
الجيش الألماني يسير في شوارع وارسو في أعقاب الغزو النازي (Holocaust Memorial Museum)

أيام الحرب

في أوّل أيّام أيلول من عام 1939، اندلعت الحرب العالمية الثانية. هذه الحرب التي غيّرت وجه أوروبا والعالم بأسره، والتي راح ضحيّتَها عشراتُ ملايين البشر من جميع الأمم والشعوب، شهدت أيضًا تنفيذ الخطة الألمانية لإبادة الشعب اليهوديّ

12 ديسمبر 2015 | 12:29

قامت ألمانيا النازية بضمّ أراضٍ حتّى قبل اندلاع الحرب. ففي إطار ما يمكن أن يُدعى “التجربة والخطأ” بالنسبة لردود دُول العالم والرأي العام العالمي على محاولات ألمانيا “تعويض” ظُلم “معاهدة فرساي” عبر التوسُّع والتسلُّح، ضُمَّ إقليم السوديت إلى الرايخ عقب مؤتمر ميونيخ. في 13 آذار 1938، ضمّ الألمانُ النمسا. وفور دخولهم النمسا، شرع النازيون يطبّقون سياسة مُعادية لليهود بشكل جليّ في كلّ مناطق البلد. ورغم أنّ معاهدة فرساي حظرت إعلان الوحدة بين ألمانيا والنمسا، غضّت القوى العظمى الطّرفَ عن هذه الخطوة، مفترضةً أنّ هتلر سيكتفي بضمّ النمسا وإقليم السوديت من تشيكوسلوفاكيا، ولن يحتلّ أراضي أخرى بالقوّة العسكرية. ولكن كم كانوا مُخطِئين!

في أوّل أيّام أيلول من عام 1939، اندلعت الحرب العالمية الثانية. هذه الحرب التي غيّرت وجه أوروبا والعالم بأسره، والتي راح ضحيّتَها عشراتُ ملايين البشر من جميع الأمم والشعوب، شهدت أيضًا تنفيذ الخطة الألمانية لإبادة الشعب اليهوديّ. مع اندلاع الحرب، تقدّمت السياسة الألمانية المعادية لليهود خُطوة. فبعد احتلال بولندا، جُمع اليهود في غيتوات شرقيّ أوروبا. وبدءًا من عام 1940، بدأ في أوروبا الغربيّة تسجيل اليهود وتجريدهم من ممتلكاتهم. سُنّت القوانين العنصرية اللاسامية في شماليّ إفريقيا أيضًا، وفرضت الأنظمة المتعاونة مع ألمانيا النازية جنوب شرقيّ أوروبا أعمال السُّخرة على اليهود، فيما لاقى عشرات ألوف اليهود حتفهم هناك.‎

ضابط سوفيتي وضابط ألماني يتصافحان في أعقاب الغزو لبولندا (ويكيبيديا)
ضابط سوفيتي وضابط ألماني يتصافحان في أعقاب الغزو لبولندا (ويكيبيديا)

في 17 أيلول 1939، وفي موازاة محاولة البولنديين صدّ الهجوم الألماني، اجتاح الاتّحاد السوفياتي شرقيّ بولندا وفق اتفاقية “مولوتوف – ريبنتروب”، الاتفاقية السرية التي وقّعها وزير الخارجية السوفياتي مولوتوف مع نظيره الألماني ريبنتروب. أُخضِعت بولندا خلال ثلاثة أسابيع، وشطرها الألمان ثلاثًا: ضمّوا قسمًا إلى الرايخ الألماني، ضمّ الاتحاد السوفياتي قسمًا آخر، فيما أضحى القسم الرئيسي من بولندا تحت إدارة “الحكومة العامّة” وخاضعًا للنفوذ الألماني. مع احتلال بولندا، أمسى نحو 1.8 مليون يهودي تحت رحمة الحُكم النازي. وكان اندلاع الحرب قد أطلق لجام الألمان. فالبولنديون، الذين اعتبرهم النازيون شعبًا سلافيًّا “حقيرًا” عليه “خدمة الأسياد”، عانَوا منذ احتلال بلادهم من الإرهاب، الاعتقالات، واغتيال النُّخَب.

تعذيب يهود بولندا وإهانتهم (أرشيف ياد فاشيم)
تعذيب يهود بولندا وإهانتهم (أرشيف ياد فاشيم)

عُرضت السياسة تجاه اليهود وطُرق حلّ “المسألة اليهودية” كجُزء من محاولة تفادي الضّرر الذي يُلحقه اليهود بالشعب الألماني وبالرايخ. لهذا السبب، فُوّضت الشرطة والوحدة الوقائيّة (SS) الاهتمام باليهود. مع اندلاع الحرب، شكّلت نظرة الألمان إلى اليهود مرحلة انتقالية بين تطبيق حلّ “المسألة اليهوديّة” وبين “الهدف النهائي”. ورغم أنّه لا يمكننا الافتراض أنّ “الحلّ النهائي” الذي يهدف إلى القتل الجماعي كان مُحدّدًا وأنّ خطة الإبادة كانت قد تبلوَرت، يبدو أنّ خططًا ضبابيّة ورغبة عامّة غير واضحة المعالم لحلّ سريع ونهائيّ لـ”مشكلة اليهود” كانت موجودة. في هذه المرحلة، تواصَلت سياسة فرض الهجرة إلى خارج حُدود الرايخ الألماني. في أيلول 1939، أرسل راينهارد هيدريش، رئيس مكتب أمن الرايخ الرئيسي في الإس إس، برقية حدّدت الأنظمة والتعامل مع اليهود في المناطق المُحتلّة في بولندا.‎ ‎نصّت هذه الإرشادات على نقل اليهود الذين كانوا يقطنون في بلدات وقرى إلى مناطق أكثر كثافة في “غيتوات”، وتشكيل “مجالس يهودية”، يكون دورها تنفيذ أوامر السلطات الألمانيّة.‎ ‎‏ تُعتبَر هذه المجالس أمرًا مُثيرًا للجدل في تاريخ الهولوكوست. فهناك مَن يراها هيئات أضعفت اليهود، فيما يدّعي آخرون أنّ هذه المجالس، قياسًا للظروف المستحيلة، ساهمت في صُمود اليهود قدر ما وَسِعَها ذلك.

جنود ألمان يحلقون لحية يهودي لتذليله (أرشيف ياد فاشيم)
جنود ألمان يحلقون لحية يهودي لتذليله (أرشيف ياد فاشيم)

مع اجتياح الألمان مُدُن بولندا، شرعوا بتعذيب كلّ يهوديّ يُصادفونه. فقد أهان الألمان، ضربوا، وقصوا لحى شيوخ اليهود الملتزمين دينيًّا، وعلّقوا مشانق علنية ليُلقوا الذعر بين السكّان. أشرف على التنفيذ رجال الوحدات الخاصة للوحدة الوقائية، الذين رافقوا وحدات الجيش. وترافق دخولهم مع إحراق مجامع اليهود ودورهم بمَن فيها، فيما خُطِف عابرو سبيل في الشوارع وأُكرهوا على إصلاح أضرار المعارك. بعد فرض غرامات باهظة على زعماء اليهود بسبب “مسؤوليتهم” عن اندلاع الحرب العالمية والدمار المتأتي عنها، فُرضت عليهم مجموعة من الأحكام: واجب تسجيل القوى العاملة اليهودية وفرض “العمل القسري”، سلب ممتلكاتهم، وتجريدهم من وسائل تحصيل معيشتهم. نشر الألمان في المناطق التي احتلّوها أوامر ألزمت اليهود بوضع سِمة مميّزة – شرائط على الذراع عليها نجمة داود – كما كان معهودًا وسمهم في العُصور الوُسطى. أمّا في مناطق الرايخ الألماني، ولاحقًا في الأراضي التي احتلّها الألمان في أوروبا الغربيّة، فقد أُلزِم اليهود بوضع نجمة داود صفراء على أرديتهم.‎

استمرار الاحتلال

خلال أقلّ من عامَين، منذ غزو بولندا في 1 أيلول 1939 وحتّى بدء المعركة مع الاتّحاد السوفياتي في حزيران 1941، نجح الألمان في بسط سيطرتهم على معظم أوروبا – فقد التهموا النرويج، الدنمارك، بلجيكا، فرنسا، هولندا، يوغوسلافيا، واليونان بعد مجرّد معارك عسكريّة قصيرة.‎ ‎

ومع اكتمال السيطرة العسكرية والانتصارات في الغرب، ازداد مقدار السيطرة الألمانية على يهود أوروبا. أمّا مناطق جنوب غرب أوروبا – سلوفاكيا، هنغاريا، رومانيا، وبلغاريا – فقد كانت في علاقة تحالُف مع ألمانيا النازية، وقبلت طوعًا الإملاءات الألمانية، ما جعلها تحت الوصاية النازية. في هذه الرقعة الشاسعة من القارة الأوروبية، التي اعتُبرت أساسًا لبسط “النظام الجديد”، تحكّم النازيون في رقاب اليهود.‎

رجلان يهوديان في بولاندا يضعان شرائط على ذراعيهما للتمييزهما (أرشيف ياد فاشيم)
رجلان يهوديان في بولاندا يضعان شرائط على ذراعيهما للتمييزهما (أرشيف ياد فاشيم)

أصدرت الأيديولوجية النازية الحُكم نفسَه على يهود أوروبا كافّةً، لكنّ طرق تطبيق السياسة اللاساميّة اختلفت في البُلدان المحتلة، لا سيّما بين شرق القارّة وغربها. ففي حين أُنشئت غيتوات شرق أوروبا ومورس إرهاب شديد، جسدي واجتماعي واقتصادي، على اليهود، كان الإرهاب المُمارَس بحق اليهود في الغرب تدريجيًّا أكثر. نجمت هذه الفروق بشكل أساسي من افتراض الألمان أنّ اللاسامية ليست منتشرة ونافذة في غرب أوروبا كما هي في شرقها، وذلك لأنّ اليهود الذين عاشوا غرب أوروبا اعتبرهم الكثيرون جُزءًا لا يتجزأ من النسيج المحليّ ومن الأمّة، كما أنّ حكومات أوروبا الغربية حافظت على مقدار من الاستقلال، ما جعل النازيين “يهتمّون” باليهود هناك بطُرق ووتيرة مختلفة. ففي أوروبا الغربية، طبّق النازيون السياسة المُعادية لليهود برويّة أكثر، إذ سنّوا قوانين عنصريّة ضدّ اليهود، مارسوا التمييز ضدّهم، وفرضوا بيع أملاك اليهود قسرًا لجعلها آريّة؛ لم تُنشَأ الغيتوات في هذه البُلدان. ولكن رغم هذه الفروق، لم يختلف مصير يهود غربيّ أوروبا عن مصير يهود شرقيّها، في نهاية المطاف.

حلق لحية يهودي من بولندا بهدف تذليله (أرشيف ياد فاشيم)
حلق لحية يهودي من بولندا بهدف تذليله (أرشيف ياد فاشيم)
اقرأوا المزيد: 874 كلمة
عرض أقل