الدوري الإسرائيلي

مظاهر تعايش واحترام متبادل في كرة القدم الإسرائيلية

لقطة شاشة من فيديو لنادي يبتار القدس يظهر فيه لاعب مسلم من جبل المكبر
لقطة شاشة من فيديو لنادي يبتار القدس يظهر فيه لاعب مسلم من جبل المكبر

نشر نادي "بيتار القدس" فيديو للاعبين الناشئين في صفوفه يظهر فيه لاعبان عربيان معلنا أن الفريق انطلق في درب جديدة ضد العنصرية والتمييز

23 سبتمبر 2018 | 14:22

نشر نادي “بيتار القدس” لكرة القدم، من أعرق النوادي في إسرائيل، اليوم الاثنين، فيديو يروج للجيل الصاعد في صفوفه والدرب الجديدة التي ينتهجها، يظهر فيه لاعبان عربيان في صفوف الناشئين لديه، بعد أن اشتهر النادي بأنه لا يضم لاعبين عرب إلى صفوفه، وأنه أصبح “معقل” العنصرية في الدوري الإسرائيلي.

ويظهر في الفيديو الذي يروج إلى التعدد الحضاري في الفريق لاعب عربي مسيحي وآخر مسلم من جبل المكبر. وفي لفتة أخرى لمناهضة العنصرية، سيرتدي لاعبو النادي من المحترفين في المباراة القريبة مع نادي أبناء سخنين، قمصان سيكتب عليها “أحب لغيرك ما تحبه لنفسك”، بعد أن شهد الموسم الماضي توتر شديد بين مشجعي الفريقين.

وفي نفس السياق، اختار مشجعو فريق كفر قاسم ومشجعو فريق رمات غان لغة الاحترام والتعايش مقدمين نموذجا للتعايش في مشهد كرة القدم الإسرائيلي الذي ينظم بين حين وآخر مباريات بين فرق عربية وفرق يهودية، وفي بعض الحالات تسود بها لغة الاختلاف والعنصرية.

فاستقبل مشجعو الفريق المضيف كفر قاسم من الدوري الإسرائيلي، الفريق الزائر “رمات غان” بلافتات تقول “أهلا وسهلا” باللغة العبرية، ورد هؤلاء بلافتات تقول “شكرا لكم” باللغة العربية. وقد تمت اللفتة الأخوية بين الفريقين بفضل مبادرة وتنسيق بين مشجعين من الفريقين بهدف تعزيز الاحترام والعلاقة بين الشعبين العربي واليهودي. ووصف الشاب محمد صرصور من كفر قاسم، على حسابه على تويتر، المشهد بأنه “مثير للانفعال” كاتبا عن اللفتة المميزة التي شهدتها المباراة الرياضية ومفرقا صورة للمشهد.

الصورة مأخوذة من حساب تويتر محمد صرصور
اقرأوا المزيد: 215 كلمة
عرض أقل
أجواء ساخنة بين لاعبي بيتار القدس وأبناء سخنين (Yonatan Sindel/Flash90)
أجواء ساخنة بين لاعبي بيتار القدس وأبناء سخنين (Yonatan Sindel/Flash90)

بيتار القدس: نادٍ عريق يرفض التحرر من العنصرية

منذ إقامته، كان نادي بيتار القدس لكرة القدم معقلا للاعبين ومشجعين يمينيين في إسرائيل، واتسم بالعنصرية والتشدد في سياسته. وفي نفس الوقت، للفريق دور مركزي في جعل الدوري الإسرائيلي أكثر إثارة وقوة. تعرفوا إلى أهم المحطات التاريخية لبيتار

07 مايو 2016 | 16:07

منذ انطلاقه، ضم نادي بيتار القدس لكرة القدم، لاعبين ومشجعين محسوبين على اليمين السياسي في إسرائيل، وحتى الساعة لم يتخلص الفريق من هويته اليمينية هذه. ويتخذ الفريق سوق “محانيه يهودا” مقرا للجلسات حيث يجتمع المشجعون مع اللاعبين ويتداولون أحوال الفريق. ورغم الانجازات الرياضية التي حققها الفريق منذ إقامته عام 1936، وحصوله على لقب البطولة 6 مرات، ما زالت غيمة العنصرية والتشدد تحوم فوق النادي ومشجعيه.

البريطانيون يحظرون نشاط النادي

منذ اقامته، ارتبط نادي كرة القدم، بيتار القدس، او باسمه العبري “بيتار يرشاليم”، ارتباطا وثيقا بالسياسة. ففي عام 1947 أصدر المندوب السامي البريطاني أمرا بحظر حركة بيتار التي خرجت إلى حيز العالم عام 1936، بدعوى أنها حركة غير قانونية، إذ ضمت لاعبين ينتمون إلى حركة “إيتسل” (منظمة عسكرية حاربت ضد الحكم العسكري البريطاني وضد عرب فلسطين قبل قيام الدولة). وقام أصحاب الفريق بتغيير اسمه إلى “نورديا يروشاليم”. وظل هذا الاسم حتى الإعلان عن قيام دولة إسرائيل، عام 1948، وخروج البريطانيين من البلاد، حينها عاد تسمية الفريق من جديد ” بيتار يرشاليم”.

نادٍ ذو هوية يمينية

في عام 1954 سجل الفريق أو انجازا له، إذ استطاع الترقي إلى الدرجة الأولى لدوري كرة القدم في إسرائيل، لكن هذا النجاح كان قصيرا، فقد عاد الفريق إلى الدرجة الثانية. وفي تلك السنوات، أي خمسينيات القرن الماضي، بدأ النادي يجذب إلى صفوفه مشجعين من الجانب اليميني للخارطة السياسية الإسرائيلي، التي كانت تهيمن عليها حركة ماباي (اليسار الإسرائيلي آنذاك برئاسة بن غوريون). وأصبح نادي بيتار “ملجأ” لمنتسبي حركة حيروت (اليمين الإسرائيلي آنذاك). ويمكن القول إن السنوات تلك مهدت الطريق لصقل هوية الفريق وانتسابه إلى اليمين الإسرائيلي، الذي أصبح بعد ذلك فريقا يتضامن مع الليكود.

مشجعو بيتار القدس (Yonatan Sindel/Flash90)
مشجعو بيتار القدس (Yonatan Sindel/Flash90)

حتى عام 1960 شمل علم الفريق اللونين الأسود والأبيض، وبعدها تم إدراج اللون الأصفر لعلم الفريق، وفي نفس السنة صعد الفريق على أرض الملعب لأول مرة بالزي الأصفر.

فترة أوري ململيان وإيلي أوحانا

في مطلع السبعينيات انضم إلى الفريق البالغ لاعب عمره 16 عاما، واسمه أوري ململيان، ليتحول في وقت قصير إلى نجم كبير وأسطورة تتردد على ألسنة مشجعي الفريق. وكان ململيان السبب المباشر في القفزة التي حققها الفريق ليصبح في خانة النوادي الأكبر والأقوى في الدوري الإسرائيلي.
وتمكن الفريق بفضل هذا اللاعب من الفوز لأول مرة في تاريخ بلقب ما في الدوري، وكان هذا اللقب كأس الدولة بهدف سدده ململيان. وكان الفريق قريبا جدا من الفوز بالبطولة، إلا أنه مني بسلسة من الهزائم في نهاية الموسم.

وفي سنوات الثمانينيات انضم لاعب إضافي إلى الفريق دخل إلى خانة نجوم الفريق الكبار، وهو اللاعب إيلي أوحنا، الذي ساهم في عودة الفريق إلى الدرجة الأولى.

وعرف الفريق في تلك السنوات، واحدا من أقسى المواسم، 1983- 1984، بعدما خسر البطولة في اللعبة الأخيرة لصالح مكابي حيفا، جرّاء هزيمة لفريق “هبوعيل تل أبيب”، ومنذ حينها أصبح نادي “هبوعيل تل أبيب” خصما لدودا للفريق.

أوري ململيان (Yonatan Sindel/Flash90)
أوري ململيان (Yonatan Sindel/Flash90)

بطولة أولى والانتقال إلى تيدي

فاز الفريق عام 1986- 1987 على بطولة الدوري الإسرائيلي لأول مرة، بقيادة أوري ململيان وإيلي أوحانا، وتحت قيادة المدرب درور كشتان.

وانتقل الفريق في تسعينيات القرن الماضي إلى ملعب جديد في حي المالحة في القدس، ملعب تيدي، بعدما كان يجري ألعابه في ملعب يامكا. وفاز مرة أخرى مع إيلي أوحانا، الذي ترك الفريق ليلعب في الدوري البلجيكي وأصبح لاعبا معروفا في أوروبا، والمدرب درور كاشتان ببطولة ثانية في الملعب الجديد.

وفي تلك السنوات استقطب الفريق مزيدا من المشجعين، وذلك بفضل المعلب الذي أصبح يستوعب عددا أكبر من المشجعين. وفي تلك الفترة، عرف الفريق أوقات عظيمة، إذ فاز ببطولة ثالثة، كان عمر أوحانا حينها 33 عاما، وفاز على لقب أفضل لاعب في الدوري.

وفي موسم 1997- 1998 حاز الفريق على بطولة رابعة، لكن هذه البطولة كان لها “رائحة كريهة” بعد الاشتباهات بأن اللعبة الأخيرة التي توجت الفريق كانت “مبيوعة”، وأن فريق “بيت شان” سمح لبيتار بتسجيل هدف في الدقائق الأخيرة للعبة، لكي يمنحه لقب البطل، بدل فريق “هبوعيل تل أبيب”.

فريق على حافة الانهيار

في مطلع القرن الحالي، بشّر انتقال الفريق من رابطة مشجعين إلى أيدٍ خاصة، بدخوله إلى مرحلة جديدة، من شأنها أن تمنح الفريق صلابة اقتصادية وتمكنه من التحول إلى أقوى فريق في إسرائيل. وبالفعل، استطاع النادي بقيادة رجل الأعمال “جاد زيئيفي”، ضم نجوم عديدة إلى صفوفه، وبناء فريق على مستوى عال في إسرائيل.

لكن حظ بيتار الجيد انقلب، وبعد تخلي صاحب الفريق “جاد زيئيفي”، عنه، دخل الفريق إلى دوامة لم يخرج منها إلى اليوم. إذ أصبح يتنقل بين رجال أعمال يأتون بأموال كبيرة ووعود عظيمة، لكن بعد فترة قصيرة يتخلون عن الفريق، أشهرهم الملياردير الروسي أركادي غيدماك، الذي أراد إلى يحول الفريق إلى فريق بمستوى أوروبي، وأحضر إلى الفريق المدرب الفرنسي، لويس فرننديس.

فريق بيتار القدس في سنواته الأفضل (Kobi Gideon / FLASH90)
فريق بيتار القدس في سنواته الأفضل (Kobi Gideon / FLASH90)

وأدت هذه التغييرات إلى تحول بيتار إلى فريق قوي جدا إذ فاز ببطولات إضافية، وسجل واحدة من أفضل الانجازات في الموسم عام 2009 بعدما فاز ببطولة الدوري وكأس الدولة معا لأول مرة. لكن حظ بيتار انقبل مرة أخرى بمغادرة غيدماك إسرائيل، وصلت حد التهديد بتفكيك الفريق في حال لم يجد ممولا بدل المليردير الروسي.

بعدها تكتل مشجعون من جمعية “بيتار” وجندوا نحو 2 مليون شيكل، وساعدوا الفريق على مواصلة نشاطاته، وتواصلت الجمعية مع رجل الأعمال إيلي تابيب لكي يشتري الفريق من رجل الأعمال الروسي، وبالفعل لبى طابيب النداء.

نادٍ معاد للعرب والمسلمين

وفي عام 2013، حاول الملياردير الروسي غايدماك بتجنيد الأموال من أصدقاء في الشيشان لمساعدة الفريق، وضم إلى الفريق لاعبين مسلمين، وأدى ذلك إلى احتجاج واسع في أوساط المشجعين المتشددين، الذين قرروا مقاطعة الفريق ولوحظ أن أعداد المشجعين بدأت تتراجع إلى درجة كبيرة الأمر الذي دفع اللاعبين إلى مغادرة الفريق.

النادي يضم لاعبين مسلمين في محاولة فاشلة (Kobi Gideon / FLASH90)
النادي يضم لاعبين مسلمين في محاولة فاشلة (Kobi Gideon / FLASH90)

وما زالت جمعية المشجعين التي يطلق عليها “لا فاميليا” ضم لاعب عربي أو مسلم. ويواصل النادي الواقع تحت تأثير الجمعية في التمسك بهذه السياسة، أي سياسة عدم الترحيب بلاعب عربي أو مسلم في صفوف الفريق.

ومنذ ارتقاء فريق أبناء سخنين إلى الدرجة الأولى في إسرائيل، تحولت اللقاءات مع بيتار القدس، إلى لقاءات مشحونة بالمنافسة والعداوة، إذ تتسم هذه اللقاءات بحضور أمني كبير وبإبعاد الكثير من المشجعين بعيدا عن الملاعب. وفي الجانب الثاني، تحولت هذه اللقاءات إلى واحدة من أفضل الأحداث الرياضية في إسرائيل لأجل الخصومة بين الطرفين.

ويسود الإحساس في هذه اللقاءات أن اللعبة تتحول إلى حرب عابرة للرياضة، وتلبس قالبا سياسيا ووطنيا، وتصبح مباراة بين إسرائيل وفلسطين. فيمتلئ الملعب بأعلام إسرائيل من جهة، وأعلام فلسطين من جهة ثانية، ما يشعل الأرواح بين الطرفين.

اقرأوا المزيد: 955 كلمة
عرض أقل
تأهل فريق نادي مكابي تل أبيب إلى مرحلة المجموعات ضمن دوري الأبطال (Yonatan Sindel/Flash90)
تأهل فريق نادي مكابي تل أبيب إلى مرحلة المجموعات ضمن دوري الأبطال (Yonatan Sindel/Flash90)

للمرة الخامسة: فريق إسرائيلي يتأهل لدوري أبطال أوروبا

تأهل فريق نادي مكابي تل أبيب إلى مرحلة المجموعات ضمن أفضل 32 فريقا في أوروبا، وحاليًا بانتظار القرعة التي ستُحدد إن كان فريق برشلونة، ريال مدريد، تشيلسي أو فرق أخرى ستأتي إلى إسرائيل

26 أغسطس 2015 | 11:13

تأهل فريق إسرائيلي، للمرة الخامسة منذ انضمام إسرائيل للاتحاد الأوروبي لكرة القدم، أمس، إلى دوري أندية أبطال أوروبا.  استكمل فريق مكابي تل أبيب فوزًا على فريق بازل السويسري بفضل الأهداف الخارجية.

انتهت مباراة الأمس بالتعادل 1:1 وبنتيجة 3:3 كنتيجة عامة للقاءين. تأهل نادي مكابي تل أبيب للمرحلة القادمة بفضل الأهداف الخارجية التي أحرزها في مرمى بازل.

أحرز الأهداف الثلاثة، في اللقاءين، نجم فريق مكابي تل أبيب عيران زهافي. تفاجأ الجمهور في إستاد بلومفيلد، في الدقيقة 11، عندما أحرز لوكا تسوبي هدفًا في مرمى مكابي تل أبيب، من تسديدة حرة، مُعلنًا تقدم بازل بنتيجة 1:0. ولكن، أحرز زهافي بعد مرور 13 دقيقة على ذلك هدفًا من تمريرة جميلة جدًا مررها له نيكولا ميتروفيتش.

تأهل فريق نادي مكابي تل أبيب إلى مرحلة المجموعات ضمن دوري الأبطال (Yonatan Sindel/Flash90)
تأهل فريق نادي مكابي تل أبيب إلى مرحلة المجموعات ضمن دوري الأبطال (Yonatan Sindel/Flash90)

أحرز زهافي، عمومًا، 7 أهداف في المباريات التمهيدية لدوري أبطال أوروبا، أكثر من أي لاعب آخر. زهافي الآن أمام ظهور آخر له في دوري أبطال أوروبا، بعد أن لعب في دوري الأبطال مع هبوعيل تل أبيب عام 2010. أحرز زهافي حينها هدفين عندما فاز فريق هبوعيل تل أبيب على فريق بنفيكا لشبونة 3:0، وأحرز هدف مقص رائع، ضد نادي ليون في المباراة التي انتهت بالنتيجة 2:2.

من المُنتظر أن يستضيف فريق مكابي تل أبيب في إسرائيل، في مرحلة المجموعات من دوري الأبطال، أندية مثل برشلونة، ريال مدريد، أرسنال، تشلسي، يوفنتوس، بايرن ميونخ والعديد من الأندية الأخرى.

سيُضيف الفريق إلى ميزانيته، بعد هذا الإنجاز، نحو 18 مليون يورو، ويتضمن منحة التأهل ومبلغ المدخول المتوقع من بيع التذاكر والتغطية. تقول التقديرات إن حوالي 20 ألف اشتراك خاص سيتم ابتياعه للمباريات الثلاث، التي سيلعبها الفريق،  والتي ستُقام على أرضه. ستُقام المباريات، لسوء حظ مشجعي الفريق، في مدينة حيفا وليس في تل أبيب، لأن إستاد تل أبيب لا يستوفي شروط دوري أبطال أوروبا.

هذه، كما ذُكر سابقًا، المرة الخامسة التي يتأهل فيها فريق إسرائيلي إلى دوري أبطال أوروبا. سبق مكابي تل أبيب إلى ذلك فريق مكابي حيفا الذي تأهل عام 2003/ 2002/ وفي موسم 2010/2009. ‎ كان فريق مكابي تل أبيب ذاته في المرتبة الثانية في موسم 2003/2004 كما وتأهل هبوعيل تل أبيب لدوري أبطال أوروبا في موسم 2011/2010.

اقرأوا المزيد: 320 كلمة
عرض أقل
ليونيل ميسي (AFP)
ليونيل ميسي (AFP)

ركوب الموجة الإسبانيّة

بتأخيرٍ ما، نوادي كرة القدم في إسرائيل أيضًا أدركت ما عرفه العالم منذ سنوات - العصر الذهبي لكرة القدم الإسبانيّة أحضر فيضًا من اللاعبين المميّزين إلى كلّ أنحاء العالم. غارسيا، رايوس، وباز - Bienvenido‏! (أهلًا وسهلًا)

أضحت إسبانيا في السنوات الستّ الأخيرة زعيمة كرة القدم الأوروبية والعالميّة دون منازع. فقد فاز المنتخَب ببطولتَين أوروبيّتَين متتاليتَين (2008 و2012) وبكأس العالم في جنوب إفريقيا عام 2010. أمّا على مستوى الفرق، فقد فازت برشلونة ثلاث مرّات بدوري أبطال أوروبا، فيما رفع أتلتيكو مدريد مرّتَين كأس الدوري الأوروبي. أمسى لاعب كرة القدم الإسبانيّ سلعةً مطلوبة في جميع أنحاء العالم، فيما تستمرّ نوادي الشباب في اجتذاب مواهب رائعة، كما تبيّن في بطولة أوروبا للمنتخبات الشابة التي جرت في إسرائيل صيف العام الماضي.

أدّى تزويد المواهب غير المتوقّف إلى ظاهرة قديمة – جديدة: لاعبو كرة قدم على مستوى عالٍ، وجدوا طريقهم إلى دوري الدرجة الأولى في إسبانيا في الماضي، يُستبدَلون بمواهب شابّة وأجانب باهظي الثمن. يُضطرّ أولئك اللاعبون إلى التجوُّل في أرجاء القارّة – وخارجها – بشكل مشابه لفيض البرازيليين الذين انتشروا في أماكن مختلفة في كلّ أنحاء العالم أواخر التسعينات وأوائل سنوات الألفَين، وهم يصلون إلى إسرائيل أيضًا. بدأت القصّة مع نادي مكابي تل أبيب، الذي وقّع مع مدرّب إسباني – أوسكار غارسيا، لاعب برشلونة سابقًا – أحضر معه طاقمًا تدريبيًّا وبضعة لاعبين يفهمون لغته وعقليّته. هل من داعٍ أن نذكر أنه فاز باللقب في موسمه الأوّل في البلاد؟!

لقد كان أوسكار هذا لاعبًا مميَّزًا أيضًا. إليكم مثلًا هذَين الهدفَين:

أحضر أوسكار مدرّب لياقة ومساعِد مدرّب من إسبانيا، ضمّ المدافع العريق كارلوس غارسيا، وظهيرًا أيسر يُدعى ماني. هذا الموسم، غادر أوسكار مفضّلًا الأموال الطائلة في إنجلترا. لكن، لا تقلقوا. فقد اهتمّ المدير الرياضي، يوردي كرويف (نعم ابن …) أن يواصل خلفه، باولو سوزا، المسيرة بالطريقة نفسها تمامًا. فقد ضمّ حارس مرمى إسبانيًّا، خبيرًا وماهرًا، اسمه خوان بابلو كوليناس. فضلًا عن ذلك، تركت طرق عمل أوسكار أثرًا عميقًا في فريق الكِبار، الذي يتصدّر الدوري، وكذلك على فريق الشباب الناجح في النادي، الذي يقدّم أسلوبًا “إسبانيًّا” إلى حدّ كبير، بتمريرات قصيرة وحركة سريعة للكرة، حتّى لو أتى ذلك على حساب الدقّة.

شاهدوا الأداء المذهِل لروبين رايوس قبل وصوله إلى مكابي حيفا – لا عجب أنّ الجميع يبحثون عن إسبانيّين

http://www.youtube.com/watch?v=z2izd6VX3RI

رأى باقي نوادي الدرجة العُليا أنّ الأمر حسن، فقرّروا هم أيضًا البحث عن كنوز في شبه جزيرة أيبيريا. ضمّ نادي بيتار القدس المدافعَين أندريس تونيز وجوناثان فيلا من سلتا فيغو؛ أمّا فريق أبناء سخنين فقد أحضر ما لا يقلّ عن 5 إسبانيين؛ بالمقابل، اكتفى مكابي حيفا بإسبانيّ واحد، لكنّه شخص كان يُفترَض أن يحلّق بالفريق بعيدًا – روبين رايوس، لاعب وسط موهوب مع نظرة مصقولة إلى اللعب وتسديدات حرّة على أرفع مستوى. في الواقع، يفعل ذلك اليوم بعمله بشكل جزئي فقط، لكن حتّى بهذا المستوى، يشكّل إحدى بقع الضوء القليلة في الموسم السيء للفريق الأخضر من شمال البلاد.

في حال كان لديكم شكّ، بقيت القدَم هي نفسها في إسرائيل أيضًا. كرة حرّة رائعة لرايوس:

إذا كان هناك مَن خاب أمله في حيفا، فإنكم لن تجدوا حتمًا أية كلمة سيّئة عن الإسبانيّين في سخنين. يجلب القادمون إلى المدينة الكثير من المجد والطمأنينة للفريق المحليّ. ففيما وقّع كلّ من مكابي تل أبيب وبيتار القدس مع لاعبي دفاع، وأحضر مكابي حيفا لاعب وسط هجوميًّا، فإنّ الممثّل الأبرز للوسط العربيّ لم يوفّر شيئًا. فقد ضمّ المدرّب، ماركو بلبول، مدافعًا عريقًا (أبراهام باز)، لاعبَي وسط نشيطَين في المركز (خورخي ألونسو) والجناح (كريستيان هيدالغو)، ومهاجمًا شابًّا (مارك فرنانديز). معظمهم ذوو خبرة في دوري الدرجة الأولى الإسبانيّ، فيما قسم منهم خريجو أقسام شبيبة في فرق بارزة، وجميعُهم يُحضرون معهم روحًا رياضيّة تندُر مشاهدتها على ملاعب إسرائيل. في سخنين، للدمج مع اللاعبين المحليين الشبان والمتعطّشين – محمد غدير، محمد كليبات، وفراس مغربي – تأثيرات سحريّة قادت الفريق إلى المركز الثالث في الدوري، مركز لم يحلموا به في أفضل أحلامهم قبل ابتداء الموسم.

شاهِدوا الرأسية الفاخرة لهيدالغو – ليس الإسبانيّون موهوبين فقط، بل متنوِّعون أيضًا!

طبعًا، إنّ سخنين هي نموذج بارز ببعض المغالاة لنزعةٍ آخذة في الانتشار. لكن عبر التنوُّع في المراكز والأساليب التي يحضرها اللاعبون المختلفون معهم إلى الملعب، يمكن فهم إلى أيّ حدّ عميقة هي بئر كرة القدم الإسبانيّة. وعلى ضوء نجاح هذا المشروع وتميّز اللاعبين الفرادى، لن يكون دون أساسٍ الافتراضُ أنه سيكون ممكنًا في الموسم القادم تأليف فريق كامل من لاعبي التعزيز الإسبانيّين. والحقيقة؟ هذا جيّد للجميع. للفرَق، للجماهير في الملاعب وعبر التلفاز، ونعم – حتّى للثقافة الرياضية لجميع الإسرائيليين، يهودًا وعربًا على حدٍّ سواء. لن يضُرّ أن يرى الأطفال والشبّان مَن يتقن لعب كرة القدم أكثر من الجميع…

وربّما، يومًا ما، سيبدو منتخَب الشباب الإسرائيلي أيضًا هكذا (من نهائي بطولة أوروبا 2013):

http://www.youtube.com/watch?v=0KaQcN_rQQw

اقرأوا المزيد: 684 كلمة
عرض أقل
مشجعو فريق إتحاد أبناء سخنين (Facebook)
مشجعو فريق إتحاد أبناء سخنين (Facebook)

بطلة عرب إسرائيل

أبناء سخنين ينهون المرحلة بالمرتبة الثالثة في الدوري. فكيف فعلوا ذلك؟ شبّان موهوبون، أجانب ثابتون، حارس مرمى هائل، ومدّرب يعتبر الجميع سواءً.

بعد انتهاء المرحلة الأولى من الدرجة العُليا الإسرائيلية، وجد أبناء سخنين – بهدوء تامّ – أنفسهم في المرتبة الثالثة. يدرّب الممثّل الأبرز للمجتمع العربي في إسرائيل المدرّب الواعِد ماركو بلبول، وقد فاز الفريق في 6 مباريات، تعادل في 5، وخسر اثنتَين فقط. الفريقان الوحيدان اللذان نجحا في الفوز على سخنين هما متصدّر الدوري ووصيفه – مكابي تل أبيب وهبوعيل بئر السبع.

جمعت المباراة الأخرى في المرحلة سخنين مع عدوّها اللدود، بيتار القدس. تحفل المباريات بين الفريقَين دائمًا بالتوتّر، ويصل المشجعون إلى ملعب “الدوحة” في سخنين أو “تيدي” في القدس بكميات كبيرة، وينقادون أكثر من مرّة إلى احتكاكات حادّة مع مشجّعي الفريق الآخَر. بالنسبة للمشجّعين، تتخطى المباراة حُدود الرياضة وتصبح نوعًا من التنافس “القومي” – عرب إسرائيل من جهة، واليمينيون المتطرفون من جهة أخرى. تبذل رابطة المشجّعين المتطرّفة لبيتار، “لا فاميليا”، قصارى جهدها لإشعال الأجواء بلعنات موجّهة ضدّ النبي محمد وحتّى إحراق مصاحف، كما حدث في نهاية المباراة في بداية الأسبوع بمصحف السائق، في الحافلة التي رتّبها أبناء سخنين لمشجّعي بيتار.

مشجّعو سخنين أيضًا يصابون بالجنون حين يصل بيتار إلى ملعب “الدوحة” في المدينة:

http://www.youtube.com/watch?v=iWJBxiD1ehs&feature=youtu.be

لم تبلغ المباراة نفسها مستوى مرتفعًا، وانتهت بالتعادُل السلبي دون أهداف. رغم ذلك، نظر أبناء سخنين إلى الأسفل في ترتيب الدوري وسُرّوا برؤية مكابي حيفا وهبوعيل تل أبيب تحتهم، دون الحديث عن بيتار الضعيف. نسج ماركو بلبول نسيجًا خاصًّا من اللاعبين، يدمج بين إسرائيليين ذوي خبرة أمثال ديدي بن ديان وربيد غزال، شباب مميَّزين في المجتمع العربي – المهاجمَين محمد غدير ومحمد كليبات، والمدافع علي عثمان، ولاعبي تعزيز أجانب مجرَّبين، أبراهام باز، ستيفان أوبيان ساندي، كريستيان هيدالغو. بالنسبة لبلبول، كلّ لاعب يساوي تمامًا قدراته على أرض الملعب، دون اعتبار لأصله أو خبرته في الملاعب. هكذا، ينتج التزام عظيم بين جميع اللاعبين ومنافسة جديّة لارتداء قميص التشكيلة الأولى.

غدير يعرض تقنيّة رائعة في السيطرة على الكرة ويُرسلها بأناقةٍ إلى الشباك:

إنّ تعامُل بلبول مع اللاعبين هو نتيجة مباشرة للجوّ الذي تفرضه الإدارة. فعلى مرّ السنين، حتّى حين كان الجوّ في إسرائيل متوتّرًا جدًّا، حرص اتّحاد أبناء سخنين على التوقيع مع لاعبين يهود أيضًا، إشراكهم في ما يجري في المدينة، وتحويلهم إلى جزءٍ من الأسرة. فقد قضى الحارس مئير كوهين ما لا يقلّ عن سبعة مواسم في النادي، تمكّن خلالها من حيازة شارة القيادة.

رغم ذلك، ثمّة مَن يحاول “إضفاء طابع سياسي” على الفريق. فاليمينيون في إسرائيل ينتقدون رفع أعلام فلسطين في المدرَّج وشتائم المشجّعين بحقّ مشجِّعي بيتار القدس وغيرهم؛ إلى جانب هؤلاء المشجّعين، ثمة سياسيون أيضًا، الأشهر بينهم هو د. أحمد الطيبي، عضو الكنيست عن الحركة العربية للتغيير، وهو الذي يدافع عن كرامة سخنين في وسائل الإعلام. هذا الأسبوع، مثلما يحدث عادةً بعد اللقاءات مع بيتار، طالبت النائب عن الليكود، ميري ريغف، تجميد مشاركة سخنين في الدوري ووقفَ الموازنة التي يحصل عليها الفريق من الدولة. لا حاجة للتذكير أنه تصريح شعبويّ لا يتوافق مع قيَم الديموقراطية. لذلك، مشجّعي سخنين – لا تقلقوا.

من الأفضل التركيز على كرة القدم الرائعة التي يقدّمها فريق سخنين – تمريرة رائعة من مغربي إلى كليبات المميَّز:

على الملعب نفسه أيضًا، ثمة ما يخاف منه مشجِّعو سخنين. فمنذ بداية الموسم، يؤدي اللاعبون بشكل ممتاز، يلسعون بهجماتٍ سريعة عند الحاجة، ويسيطرون على وسط الملعب، مرةً تلو الأخرى. ثمة مَن يقول إنّ المتانة الجسدية (والعقليّة) هي المُكوِّن الأهمّ في نجاح الفريق، لكن يبدو أنّ هذه الفرضيّة تُسيء إلى عدد من المهاجمين الرائعين، الذين تعلَّموا رفع الرأس والبحث عن تمريرة قبل التسديد، ولكن إن طُلب منهم ذلك، فهم قادرون على أخذ الكرة والركض بها عشرات الأمتار نحو شِباك الخصم. يُسبّب غدير، كليبات، ومغربي صداعًا لكلّ دفاعٍ في الدوري، ومدرّبو الفرق الأخرى يُدركون أنّ الضغط على لاعبي الوسط وحده يمكن أن يوقف سخنين. فإذا وصلت الكرة إلى أحد النجوم الشبّان الثلاثة، لا يبقى لحارس المرمى سوى الابتهال إلى الله.

تعاوُن مذهل آخر في هجوم سخنين – لاحظوا كعب هيدالغو والتسديدة الدقيقة لمغربي:

في نهاية المطاف، يستطيع أبناء سخنين الافتخار بما يقدّمونه. فقد وصلوا إلى كانون الأول بوضعٍ ممتاز في الدوري، وهم يأملون الآن أن يكونوا في نهاية الموسم في القسم العلوي من الدوري وينافسوا على مكانٍ في أوروبا مع كبار الدوري. لا يجرؤ أحد حاليًّا على الحديث عن ذلك، لكن هذه السنة يُحيون في سخنين الذكرى السنوية العاشرة لموسمهم الأول في الدرجة العُليا وفوزهم التاريخي بكأس الدولة. لم ينسَ الفريق الجليلي اللحظات السعيدة. ومع تشكيلة اللاعبين المتّزنة، الحافز، والموهبة الكبيرة، فإنهم مرشحون حتمًا للوصول بعيدًا على كلّ الجبهات.

هكذا بدت رحلة سخنين نحو اللقب عام 2004 – ربّما هذه السنة أيضًا؟

اقرأوا المزيد: 692 كلمة
عرض أقل
فينسنت إينياما، حارس مرمى ليل (AFP)
فينسنت إينياما، حارس مرمى ليل (AFP)

الأخطبوط النيجيري – الإسرائيلي

فينسنت إينياما، حارس مرمى ليل، يُذهِل فرنسا. فقد حافظ على شباك نظيفة لمدّة 12 (!) مُباراة، وهو مُرشّح ليُصبِح لاعب التعزيز الأجنبي الأعظم الذي خرج من إسرائيل.

يوم الأحد الماضي، أُجهض رقمٌ تاريخي. ففينسنت إينياما، حارس ليل الفرنسي، كان قابَ قوسين أو أدنى من كسر الرقم القياسي في عدد دقائق اللعب دون تلقّي أهداف. كان الرقم 1176 دقيقة، وجرى إحرازه قبل أكثر من 20 عامًا. كانت مباراة ناجحة أخرى للحارس النيجيري أمام بوردو الضعيف ستقرّبه كثيرًا من رقم قياسي جديد.

في النهاية، دخلَ شباكَه هدفٌ بتوقيع سيمون كيار بعد 1062 دقيقة متواصلة (!) حافظ فيها ببسالة على شباكه نظيفة من الكرات التي سُدّدت نحوها. ورغم الهدف، يُعتبَر إينياما أحد نجوم الموسم في فرنسا، إذ يقود ليل إلى المركز الثاني في الدوري، ويحظى بألقاب مثل “العنكبوت” و”الأخطبوط”.

حارس المرمى "الأخطبوط" فينسنت إينياما (AFP)
حارس المرمى “الأخطبوط” فينسنت إينياما (AFP)

لماذا أروي لكم عن إينياما؟ لأنّ الحارس البالغ من العمر 31 عامًا قدم إلى ليل بعد ما لا يقلّ عن 8 مواسم لعب خلالها في النوادي الثلاثة الأهم في تل أبيب، حيث أهلته قدراته المرتفعة ليكون أحد عمالقة لاعبي التعزيز الأجانب في تاريخ الدوري الإسرائيليّ. خلال سنواته في إسرائيل، حصد لقبَي دوري، مع هبوعيل تل أبيب ومكابي تل أبيب، وكأسَي دولة. كما رفع برفقة زملائه في منتخب نيجيريا هذا العام كأس أمم إفريقيا، لقب مُشتهى كان له في إحرازه حصّة الأسد.

شاهِدوا الحركات التي جعلت إينياما يدبّ الرعب في قلوب المهاجمين في فرنسا:

وهنا، ترون كيف يُحبط إينياما العملاق ليونيل ميسي، في مباراة الأرجنتين ضدّ نيجيريا في المونديال الأخير:

رغم كونه أحد نجوم منتخب نيجيريا، الذي سيلعب معه أيضًا في المونديال القادم في البرازيل، فإن لإينياما مكانة خاصّة في قلب إسرائيل. فهو يُكثر من ذكر الدولة التي قضى فيها خيرة سنواته وطوّر فيها قدراته الهائلة في منطقة المرمى، ويشدّد على أنه يشعر بالمودة تجاه إسرائيل وشعبها. طبعًا، ليس هو أول لاعب كبير يخطو خطواته الأولى في هذه الدولة الشرق أوسطيّة. فالمنافِس الأكبر له على لقب “لاعب التعزيز الأكبر الذي خرج من إسرائيل” ليس سوى ياكوبو إيغبيني، زميله في المنتخب النيجيري.

وصل ياكوبو، الذي يلعب في مركز المهاجم، إلى إسرائيل عام 1999، بعُمر 17 عامًا. لعب في هبوعيل كفار سابا لموسم واحد قبل أن ينتقل إلى مكابي حيفا، حيث أبرز مواهبه ثلاث سنوات. فاز ببطولتَي دوري، أهّل حيفا إلى دور المجموعات في دوري أبطال أوروبا بفضل قدمَيه، وسجّل 5(!) أهداف في دور المجموعات، بما فيها ثلاثية أمام أولمبياكوس اليوناني.

شاهدوا هدفًا رائعًا سجّله ياكوبو في دوري الأبطال:

بعد هذه العروض، لم يكن هناك شكّ في أنّ ياكوبو سيتقدّم خطوات كبرى. وبالفعل، انتقل إلى إنجلترا، ووقّع مع بورتسماوث. لعب عامَين جنوب الجزر البريطانية، قبل أن ينتقَل لعامَين آخرَين إلى ميدلزبرة، ليشتريه من هناك نادي إيفرتون القوي. في مواسمه الأربعة في النادي، حصد ياكوبو ثقة كبيرة من دايفيد مويس، مدرّب مانشستر يونايتد الحالي، الذي درّبه طيلة فترته في إيفرتون. وأتاحت له قدراته التقنيّة المرتفعة، إلى جانب معطيات جسدية مذهلة، أن يواجه بنديّة أي دفاع في الدوري الأفضل في العالَم. بالإجمال، سجّل 138 هدفًا في مسيرته الإنجليزية، ليصبح مصدر فخر كبير للمشجّعين في إسرائيل، الذين نشأ وتقدّم تحت أنظارهم.

ثمة لحظات أقلّ فرحًا – إهدار أسطوري لياكوبو أمام كوريا الجنوبية في المونديال الأخير:

لكنّ الدوري الإسرائيلي لم يُخرِّج نجومًا نيجيريين فحسب. فجون بنتسيل، الظهير الأيسر الغانيّ، هبطت طائرته في إسرائيل عام 2002، موقّعًا مع نادي مكابي تل أبيب. في موسمه الأول في إسرائيل، فاز بالدوري. بعد عامَين، انتقل إلى هبوعيل تل أبيب، ليفوز بكأس الدولة مع الفريق في موسم 2005/2006. في نهاية الموسم نفسه، شارك مع منتخب غانا في كأس العالم، وكان شريكًا في التأهل إلى ثمن النهائي. لكنّ الحدث الأكثر إثارة للجدل من جانبه كان لدى الفوز على تشيكيا بهدفَين نظيفَين في دور المجموعات. فبعد كلّ هدف سُجّل لصالح منتخب بلاده، سارع بنتسيل إلى الاحتفال رافعًا بفخر علم إسرائيل.

شاهِدوا بنتسيل يحتفل مع رفاقه بهدف غانا رافعًا علم إسرائيل:

أدّى هذا إلى نيله الاحترام والتقدير في إسرائيل، ليخلِّف ذكرياتٍ جيّدة. وقد ساعد الأمر حتمًا، فبعد أن لعب 6 سنوات في الجُزر البريطانية في وستهام، فولهام، وليستر سيتي، عاد إلى إسرائيل مُجدّدًا. ورغم أنه لم يُذكِّر بقدراته السابقة وجرى التخلّي عنه بعد نصف موسِم، لكنّ مشهده يرفع العلم في أهمّ مسابقة كرة قدم في العالم مغروسة بعُمق في وعي عشّاق لاعِبي كُرة القدم الإسرائيليّين.

ونختتم مع شخص لا يرقى إلى أن يكون في القائمة مع الثلاثة الكبار، لكنّه مرشّح حتمًا لدخولها مستقبَلًا. إيمانويل مايوكا، من زامبيا البعيدة، وصل إلى مكابي تل أبيب بعُمر 18 عامًا. في موسمَيه في إسرائيل، لم يسجّل سوى 8 أهداف، لكنه أبدى ومضات لاعب كرة قدم كبير، مع دقة في التسديد ومهارات عالية في الرأس. من أجل ذلك، اشتراه نادي “يونغ بويز بيرن” السويسريّ. وبعد سنتَين ناجحتَين – 32 هدفًا في 55 مباراة – انتقل إلى الدوري الإنجليزي الممتاز مع نادي ساوثامبتون.

شاهِدوا هدفًا رائعًا لمايوكا في كرة مستديرة صوب شِباك مكابي حيفا:

حاليًّا، يُواجِه مايوكا صعوبة في الاندماج، فبعد موسم افتتاحي فاتر، تمت إعارته لسوشو الفرنسيّ. ويبدو أنه يتعافى في صفوفه، إذ سجّل 3 أهداف في 8 مُباريات. بالتوازي، يواصل ازدهاره على المستوى الدّولي. فقد سجّل باكورة أهدافه مع منتخب زامبيا بسنّ 17 عامًا. وقبل أقلّ من عامَين، كان شريكَا في الإنجاز الأهم لكرة القدم الزامبية في التاريخ – الفوز بكأس أمم إفريقيا، مسجِّلًا 3 أهداف. في المقابلات معه، لم ينسَ ذِكر فترته في إسرائيل، التي غيّرته كلاعب كرة قدم، مثله مثل آخرين كثيرين.

شاهِدوا مايوكا يُقصي غانا في نصف نهائي كأس إفريقيا:

http://youtu.be/-3BJ1jKlcKA

اقرأوا المزيد: 807 كلمة
عرض أقل
فريق مكابي تل أبيب لكرة القدم (AFP)
فريق مكابي تل أبيب لكرة القدم (AFP)

مساء ناجح للصُّفر

احتفال المشجعين: قام فربق مكابي تل أبيب لكرة القدم بخطوة أخرى في طريق الـ 32 فرقة الأخيرة في الدوري الأوروبي، في الوقت الذي أكمل فيه جناح كرة السلّة في النادي التأهّل للمرحلة القادمة في الدوري الأوروبي، بعد فوز كبير في مباراة خارجية.

يقترب الدوري الأوروبي من الانتهاء من مرحلة المجموعات، وأجريت يوم الخميس (28 تشرين الثاني 2013) مباريات الدورة الخامسة وقبل الأخيرة، حول العالم. وحين كان الحسم قاب قوسين أو أدنى، رافق الألعابَ توتر كبير، ولم يتم إحراز أهداف كثيرة كما في دورات سابقة. رغم ذلك، هناك في إسرائيل من يمكنه أن يفرح بانتهاء تلك الليلة، وهم مشجّعو نادي مكابي تل أبيب، لفريق كرة القدم وفريق كرة السلّة التابعيّْن له.

سافر مشجّعو جناح كرة القدم بشكل جماعي إلى الجزيرة الجارة “قبرص”، بهدف العودة مع نتيجة التعادل التي سوف تضمن على الأقل بشكل مؤكد الصعود للمرحلة القادمة في الدوري الأوروبي، مرحلة الـ 32 الأخيرة، وفي إطارها يمكنهم الاجتماع مع فرق عريقة والتي سوف تسقط من المركز الثالث في مجموعات دوري أبطال أوروبا المختلفة. انتهت المباراة الأولى أمام “هبوعيل”، والتي أقيمت في إسرائيل، بالتعادل 0:0 ووقّع مشجّعو مكابي على نتيجة مماثلة في لقاء الإياب.

شاهدوا مشجعي مكابي وهم يسيطرون على الجو في مدرّج نيقوسيا:

رغم محاولات كثيرة خلال المباراة، لم يفلح لاعبو المكابي في إحراز أهداف في مرمى القبرصيين. من ناحية أخرى، بقي مرمى “خوان بابلو” الإسباني نظيفا أيضًا، وكما خمّنتم انتهت المباراة الثانية أيضًا بتعادل سلبي دون أهداف. حاليا تقف مكابي في موقع ممتاز تجاه الدورة الأخيرة، والتي ستجرى بعد أسبوعين. إن التعادل في المباراة الأخيرة التي ستجرى في ملعب الفريق أمام بوردو الفرنسي – والذي أظهر هذا الموسم قدرة ضعيفة بشكل خاص – كافٍ لضمان المركز الثاني في المجموعة. ولكن، حتى في حالة الخسارة فإن الأمر منته تقريبًا، في ضوء فارق الأهداف لصالح الصُّفر مقابل نيقوسيا، سيمنع سيناريو لا مبرر له تمامًا المشجعين الصفر من الاستمرار إلى الشتاء الساخن الذي ينشدونه.

لاعب فريق مكابي تل أبيب  أمام أحد نجوم فريق "بلجراد" (AFP)
لاعب فريق مكابي تل أبيب أمام أحد نجوم فريق “بلجراد” (AFP)

ومن شتاء ساخن، لشتاء أكثر سخونة. يجد فريق مكابي تل أبيب لكرة السلة صعوبة في الواقع في الإطار المحلي وقد سجّل ثلاث خسارات في مبارياتها الثماني الأولى، ولكنه يقوم في الدوري الأوروبي تحديدًا بعمل رائع. وصل الفريق إلى المباراة أمام النجم الأحمر “بلجراد” مع معرفته بأن الفوز سوف يكفي من أجل ضمان الصعود إلى مرحلة “أفضل 16” في بطولة كرة السلة الأكبر في القارة. افتتحت المباراة بطريقة مترددة، ولكن كلما تمسّك لاعبو الفريق الأصفر بخطتهم الأصلية وقاموا بتمرير الكرات للاعب الصدارة العظيم “سوفوكليس شحورتشيانتيس” بدأت الأمور بالاستقرار والتحسّن.

شاهدوا ملخص الفوز الكبير للمكابي في صربيا، أمام قاعة هادرة بالمشجعين المجانين:

كان لاعب الوسط العملاق، الذي يزن نحو 150 كيلوغرامًا، غير قابل للإيقاف وأنهى اللعبة بـ 22 نقطة، معظمها في الغالب من خطوات قريبة من السلة. بفضل قدرته العالية ومبادرات عدد من اللاعبين الآخرين، بينهم نجم الفريق “ديفين سميث”، ولاعب الهجوم الإسرائيلي “جاي فنيني”، نجح فريق مكابي في الفوز 76:78 في قاعة محلية جدًا، أمام أحد أكثر جماهير المشجعين – التي عرفها عالم الرياضة – إخافة وتأثيرا. تأتي المكافأة بطبيعة الحال في شكل المواصلة بالموسم الأوروبي، عميقًا داخل أشهر الشتاء الباردة.

شاهدوا التسديدة على ل الرائعة لـ “سوفو”، والتي تدلّل على قدراته المذهلة:

وراء كل الصفر الذين احتفلوا بعشية رياضية كبيرة، ووراء خسارات مكابي حيفا (خسر 2:0 لصالح “إي زد ألكمار” الهولندي) وجاي لوزون (خسر “ستاندار دو لييج” مرة أخرى، 2:1 لصالح “أسبرج” الدنماركي)، وراء كل ذلك كان هناك ممثّل إسرائيلي إضافي قد تألق أمس مع فريقه: “بيبرس ناتخو”، لاعب خط الوسط في فريق “روبين قازان” الروسي. وصل فريق “ماريبور” السلوفيني كضيف إلى روسيا، واحتاج قازان لنقطة واحدة من أجل ضمان صعوده إلى مرحلة الـ 32 الأخيرة في الدوري الأوروبي، من المركز الأول في المجموعة.

جرت المباراة بشكل سلس حتى الدقيقة 43 حين لوّح ناتخو برجله اليمنى وسدّد بقوة كرة ملتفة في مرمى سلوفينيا، والتي مرّت فوق الحارس وفاجأت الفريق الضيف. قام الفريق المنافس بمعادلة النتيجة في الواقع، ولكن بفضل هدف ناتخو يمكن إقامة الاحتفالات في روسيا المتجمدة. ومن يعلم؟ قد يلتقي في المرحلة القادمة ناتخو وأصدقاؤه تحديدا مع… مكابي تل أبيب؟

 

اقرأوا المزيد: 581 كلمة
عرض أقل
جال ميكيل (AFP)
جال ميكيل (AFP)

الاثنان خيرٌ من واحد

يُستهلّ الموسم في الدوري الأمريكي لكرة السلة للمحترفين (NBA)، حيث يلعب للمرة الأولى لاعبان إسرائيليان. أمل جال ميكيل وفرصة عمري كسبي للعودة إلى المركز: أهلًا وسهلًا بكم في الدوري الأفضل في العالَم

افتُتح دوري كرة السلة الأفضل في العالَم يوم الثلاثاء، مع ممثلَين لإسرائيل للمرة الأولى. وانضمّ إلى عمري كسبي، الذي يستهلّ موسمه الخامس في الولايات المتحدة، جال ميكيل ابن الخامسة والعشرين. فقد وقّع لاعب الهجوم الخلفي الإسرائيلي، الذي قاد مكابي حيفا في أيار الماضي نحو بطولة تاريخية، مع نادي دالاس مافيريكس.

ويصل ميكيل (25 عامًا) بعد تسجيله إنجازًا كبيرًا وقيادته فريقَين (غير مكابي تل أبيب) إلى البطولة: حيفا في الموسم الماضي والجليل/ الجلبوع في موسم 2009/2010. من الجدير بالذكر أنّ نادي مكابي تل أبيب لم يخسر سوى 4 ألقاب في السنوات الأربع والأربعين الأخيرة، ما يجعل جال جديرًا بتقدير خاصّ. وفضلًا عن الألقاب المتراكمة، حسّن بشكل مستمرّ قدراتِه في كلٍّ من المواسم الأخيرة. فإلى التمريرات المتقَنة أضيف الاختراق الفتّاك، رؤية اللعب الحادّة، والتركيز الدفاعي الاستثنائيّ.

شاهدوا ميكيل (رقم 33) يعرض قدراته المتنوّعة في إطار المباريات التدريبية لدالاس:

http://www.youtube.com/watch?v=4x5fYrdhHEY&feature=youtu.be

وكان اللاعب القوي، الذي يبلغ طوله 1.91 مترًا، نال العديد جدًّا من الفرص في إطار المباريات التحضيرية قبل بدء الموسم، الذي بدأ مؤخّرًا. فبسبب إصابة لاعبي الدفاع الثلاثة (الذين يلعبون على بُعد من السلة غالبًا) البارزين: ديفين هاريس، خوسيه كالديرون، وشين لاركين – لعب ميكيل دقائق عديدة، حتى إنه كان بين الخمسة الذين افتتحوا المباراة عدّة مرات. وقد كان لعبُه دقيقًا، لكن من الواضح أنه لا يزال يواجه صعوبة في التأقلُم مع وتيرة اللعب السريعة، ما كلّفه خسارة الكثير من الكُرات. في المباريات الخمس الأولى، سجّل 7 نقاط بالمعدّل، مرّر 5.2 تمريرات حاسمة لزملائه أثمرت نقاطًا للفريق، وبرز في حركات مُذهلة.

شاهدوا التمريرة الرائعة لميكيل لنجم فريقه، مونتا إليس، التي اختيرت أجمل حركة في جولة المباريات:

ويأمل الآن أن يستمرّ في نيل ثقة مدربه، ريك كارليل، حتى بعد عودة باقي المدافعين إلى الفريق واستعادتهم لياقتهم في اللعب. يمكن القول إنّ ميكيل يصل في ذروة مسيرته، مفعمًا بالقوة والإرادة، ومركّزًا على الهدف أكثر من أيّ لاعب إسرائيليّ سابق. فقد روى زملاؤه في الفرق المختلفة أنه من نوع مميّز، جديّ، وعميق. فهو يحافظ على تغذية صحية، يرفع أثقالًا في النادي، ولا يحيا حياةَ فسق. إنه ملتصق بالمهمة، وينوي انتهاز الفرصة – والعقد المتواضع: أقل من نصف مليون دولار، 2 في المئة من راتب نجم النادي، ديرك نوفيتزكي – والاستمرار على درب التقدُّم.

عمري كسبي (AFP)
عمري كسبي (AFP)

أمّا البعيد عن أن يكون مبتدئًا فهو عمري كسبي، الذي يُشكّل هيوستن روكتس فريقه الثالث في مسيرته في دوري المحترفين، التي دخلت موسمها الخامس. فمن ارتفاع مترَين وستة سنتيمترات، يدرك لاعب الهجوم الإسرائيلي أنّ البداية الناجحة للمسيرة لا تعني بالضرورة مواصلة التقدًّم الإيجابي. فعلى غرار ميكيل، وصل هو أيضًا للدوري، وهو في أفضل أحواله. وفي موسمه الأول في زيّ ساكرمنتو كينغز، شارك في 77 مباراة، سجّل 10.3 نقاط والتقط 4 كرات مرتدّة بالمعدل في المباراة – أرقام رائعة لمبتدئ في سنته الأولى في الولايات المتحدة.

شاهدوا الحركات المثيرة للإعجاب في بدايات كسبي في الـ NBA:

وصل كسبي، الذي يبلغ الخامسة والعشرين كميكيل، إلى الـ NBA عام 2009 قادمًا من مكابي تل أبيب، بعد أن كان لاعبًا رئيسيًّا ومؤثرًا منذ العشرين من عمره. ولكن للأسف الشديد، بعد موسمه الكبير، بدأت معدلاته بالهُبوط، لتقلّ باطّراد كلّ موسم. فقد سجّل بدايةً 8.6 نقاط في سكرمنتو، وبعد أن انتقل في “صفقة” إلى كليفلاند كافالييرز – فريق ليبرون جيمس سابقًا – فقد ثقته في التهديف، وانخفض معدله إلى 7 نقاط فقط في موسمه الثالث في مسيرته، ثمّ إلى مجرد 4 نقاط الموسم الماضي.

عمري كسبي (AFP)
عمري كسبي (AFP)

رغم ذلك، تبقى فسحة للتفاؤل. فقد انضم كسبي في الصيف الماضي إلى هيوستن روكتس، أحد الفرق الواعدة في الدوري. وإلى جانبه يمكن العثور على أسماء مثل جيمس هاردِن، ذو الذقن الشهيرة، لاعب الوسط الجبّار دوايت هاورد، والمدافع الذي أذهل عالَم الرياضة قبل عامَين، جيريمي لين. حظي كسبي بدقائق لعب عديدة في التحضيرات، أبدى عدوانية وقوة أكبر، وبرز مع 17 نقطة و10 كرات مرتدة أمام إنديانا بيسرز، و20 نقطة، منها 16 في الربع الأخير، أمام نيو أورليانز بيليكانز. فعلى ضوء قدراته، لا سبب ألّا يستمرّ عاملًا هامًّا في الطاقم الواعد للنادي التكساسي.

شاهدوا كسبي بتهديف رائع في المباراة التحضيرية الأولى:

مع مندوبَين إسرائيليَّين، تعيش كرة السلة بهجة غير متوقعة على ضوء الأزمة في الدوري الإسرائيلي المحلّي. كلّ أمسية تقريبًا، يمكن مشاهدة كسبي وميكيل يلعبان، ولا ريبَ أنّ الحدث الأبرز سيكون حين يتواجه فريقاهما. حين جرى ذلك في المباريات التحضيرية، كانت لكسبي والروكتس اليد الطولى إذ فازا 100 مقابل 95. سجّل كسبي 10 نقاط وابتهج بشِدّة. لكنّ مَن خسر أيضًا كان بإمكانه أن يبتسم، فقد أنهى ميكيل المباراة بتسع نقاط وستّ تمريرات حاسمة، وبدا لاعبًا يستحقّ هذه الدرجات. سيكون مثيرًا للاهتمام التتبّع ورؤية إن كان الاثنان سينجحان في الحفاظ على زخم المباريات التحضيرية في الموسم النظامي.

شاهدوا موجز المنافسة بين الاثنين. ماذا سيحدث في اللقاء القادم؟ لننتظر ونرَ في الأوّل من تشرين الثاني…

اقرأوا المزيد: 723 كلمة
عرض أقل
مشجعو بيتار القدس (Flash 90/Yonatan Sindel)
مشجعو بيتار القدس (Flash 90/Yonatan Sindel)

من أنت يا بيتار القدس؟

عدد لا بأس من الكارهين، يشعرون بالإجحاف، ومحسوبون على اليمين المتطرف. احتفل مشجعو بيتار بالفوز على "الخصم" (بألّ التعريف)، هبوعيل تل أبيب، وذكّروا أن الرياضة هي وسيلة إضافية للتعبير السياسي

اكتسى ملعب “تيدي” يوم الإثنين المنصرم حلّة فاخرة. فقد استضاف صرح كرة القدم المقدسي اللقاء المشحون بين بيتار القدس وهبوعيل تل أبيب. وعلى الرغم من وضع الفريقين البائس في لائحة الدوري، إلا أنّ ما لا يقل عن 30 ألف مشجع صوّتوا بأقدامهم وملأوا المدرجات التي أعيد ترميمها. لم تبلغ المباراة ذاتها مستويات عالية وقد كان هدف “فوليه” الجميل، الذي أحرزه نيسو كبيلوتو، مدافع بيتار القدس, كافيًا لحسم المواجهة في الدقيقة الـ 84. واتصل رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو بمسؤولي الفريق وهنأهم على الفوز وشكرهم على “هدية عيد ميلاده” التي قدموها له.

شاهدوا كبيلوتو يرفع رجله ويُقفز الجمهور إلى السماء:

إذًا ما الذي أدى بجمهور المشجعين إلى القدوم إلى لقاء ناعس بين فريقين من وسط لائحة الترتيب؟ لماذا هذه المباراة بالذات هي التي أدت إلى ارتفاع نسب المشاهدة في التلفزيون؟ ما الذي يختفي خلف المكالمة الهاتفية التي أجراها ’بيبي’ (المقصود بنيامين نتنياهو)؟ تتعدى الإجابة مجال كرة القدم، وهي تحمل في طياتها دمجًا بين علم الاجتماع، السياسة وكراهية الآخر، التي تشوب المجتمع الإسرائيلي برمته.

منذ تأسيس الفريق عام 1936، مثّل نادي كرة القدم بيتار القدس – بما فيه من لاعبين، إداريين ومشجعين – التيار اليميني في السياسة الإسرائيلية، حتى قبل إقامة دولة إسرائيل، وأكثر بعدها. شكل أتباع حركة “الإتسل”، التي عملت على إنهاء الانتداب البريطاني في أرض إسرائيل، عمادَ النادي. كما ربط حزب الليكود، وهو الوريث السياسي لحركة “الإتسل”, مصيره بفريق كرة القدم. فعلى سبيل المثال، عمل رئيس الكنيست (البرلمان) الإسرائيلي السابق، روبي ريفلين، رئيسا للفريق خلال السبعينات. وتحت إشرافه، وبالتوازي مع الانقلاب السياسي الذي حدث في إسرائيل في العام 1977 (مع تسلم “الليكود” برئاسة مناحم بيجن زمام السلطة)، حظي فريق بيتار بأول لقب له – كأس الدولة في العام 1976.

اللقاء المشحون بين بيتار القدس وهبوعيل تل أبيب (Flash90/Yonatan Sindel)
اللقاء المشحون بين بيتار القدس وهبوعيل تل أبيب (Flash90/Yonatan Sindel)

وكما كانت الحكومة اليمينية ترمز إلى إنهاء هيمنة أبناء البلاد والقادمين الجدد من أوروبا الشرقية (أشكناز)، رسّخت بيتار في مجال كرة القدم نفسها كبيت للقادمين من الطوائف الشرقية، الذين تم قمع حقوقهم وثقافتهم منذ قيام إسرائيل. تدفق مقدسيون من الأحياء الفقيرة وإسرائيليون من كافة أنحاء البلاد إلى مباريات بيتار، التي أصبحت تُحسَب على حكم اليمين – والتي نُسبت إليها لاحقًا العنصرية وكراهية العرب. بدأت تُسمع في مباريات الفريق هتافات ضد اللاعبين ذوي الأصل العربي والمسلم الذين لعبوا بين صفوف الفرق الأخرى، وقد اهتمت نواة غير قليلة من المشجعين بالتعبير عن معارضتها الصاخبة لإدخال لاعبين مسلمين بين صفوف النادي.

مشجع "لا فاميليا" (Flash90)
مشجع “لا فاميليا” (Flash90)

صحيح أن العنصرية كانت سائدة في مدرجات تيدي منذ التسعينات، إلّا أنه في العام 2005، تمأسست هذه العنصرية مع إقامة منظمة المشجعين “لا فاميليا” (La Familia). في البداية، تعاونت إدارة الفريق مع المنظمة، على الرغم من أنه منذ المراحل الأولى كان معروفًا أن نشطاء فيها قد شاركوا في عمليات عنيفة ضد جماهير أخرى وحتى ضد اتحاد كرة القدم، وشجعوا على العنصرية تجاه المسلمين ودينهم. وقد دعمهم مالك بيتار في حينه، الملياردير الروسي-الإسرائيلي، أركادي غايدماك. ولكن حين حاول اتخاذ خطوات ضدهم، وأحضر إلى إسرائيل لاعبَين مسلمَين من الشيشان، بدأ الهرج والمرج. تحوّل زئور سداييف وجبرائيل كداييف إلى ضحيتين للجمهور العنيف وتم توجيه هتافات معادية ضدهما خلال المباريات.

اللاعبَ المسلمَ من الشيشان، زئور سداييف (Flash90)
اللاعبَ المسلمَ من الشيشان، زئور سداييف (Flash90)

لمزيد الأسف، حين ترك الملياردير الفريق، أضحت صورته سيئة جدًا وموصومة بكراهية الآخر، حتى إنّ رئيس الفريق، إيتسيك كورنفاين، واجه صعوبة في العثور على لاعبين جدد. كان هذا الوضع قائمًا حتى الصيف الأخير، حين سيطر على النادي رجل الأعمال إيلي طبيب.

وها نحن نعود إلى نقطة البداية. الخصومة بين بيتار القدس وهبوعيل تل أبيب أخذت تتعدى حدود الملعب والمدرجات. في الوقت الذي يعتبر فيه المقدسيون أنفسهم ضحايا للمؤسسات ويتعاطفون مع اليمين، ينتمي مشجعو هبوعيل تل أبيب إلى الطرف اليساري في الخارطة السياسية، ويمكننا أن نجد في مباريات الفريق مشجعين ولاعبين كثيرين من أصل عربي، من المسلمين والمسيحيين على حد سواء.

كان طبيب، الذي اقتنى بيتار من غايدماك، حتى الصيف الأخير مالك فريق آخر، وهو ليس سوى… هبوعيل تل أبيب. لم ينجح رجل الأعمال في نيل محبة الجمهور في تل أبيب، ولكنه وجد بيتًا في مدرجات بيتار، وتمكن من إيجاد لغة مشتركة مع أتباع “لا فاميليا”. فهو لا ينتقدهم ولا يتعاون مع الشرطة ضدهم. طبيب، الذي ترعرع في حي فقير في كفار سابا، وهو بالأساس “أندر دوغ” (خاسر)، ولكونه كذلك فهو يتعاطف مع الإحساس بالإجحاف والقمع اللذَين ترعرع عليهما مشجعو بيتار. في مثل هذه الحال، من الصعب أن نتخيل كيف سيتم القضاء على العنصرية والعنف في مدرجات ’تيدي”.

شاهدوا مشجعي بيتار يغنون مفتخِرين بعنصريتهم:

على الرغم من ذلك، يواصل اتحاد كرة القدم النضال ضد التطرف، آملا أن يجتاز الجمهور المقدسي عملية مشابهة للعملية التي اجتازتها جماهير أخرى. إذا كانت العنصرية وكراهية الآخر قد سادت في العقد الأخير في ملاعب كثيرة في مختلف أنحاء البلاد، فإن البرامج التربوية بالتعاون مع جهات حكومية – مثل وزارة الرياضة ومجلس المراهنات في الرياضة – ووسائل الإعلام المختلفة، وكذلك سياسات العقاب الملائمة، قد أحدثت تحسنًا ملحوظًا. تتحول ملاعب كرة القدم المختلفة رويدًا رويدًا إلى مكان يمكن للعائلات أن تؤمه، ويأمل القائمون على هذا الفرع في أن تتغلغل هذه الظاهرة بشكل غير متوقع في القدس أيضًا.

اقرأوا المزيد: 761 كلمة
عرض أقل