الدستور المصري

مصري يدلي بصوته في الانتخابات التشريعية في سفارة بلاده في لندن  (AFP)
مصري يدلي بصوته في الانتخابات التشريعية في سفارة بلاده في لندن (AFP)

الانتخابات البرلمانية في مصر تنطلق وسط غياب أي معارضة للسيسي

الدستور المصري الجديد يعطي للبرلمان صلاحيات كبيرة منها سحب الثقة من الرئيس ومراجعة كافة القوانين التي أصدرها في غيابه خلال 15 يوما، إلا أن يعتقد أن هذا البرلمان لن يكون ثوريا أو إصلاحيا

يتوجه ملايين المصريين إلى مراكز الاقتراع الأحد للتصويت في المرحلة الأولى من أول انتخابات تشريعية في البلاد منذ إطاحة الرئيس الإسلامي محمد مرسي لاختيار برلمان يتوقع أن يرسخ سلطة الرئيس عبد الفتاح السيسي الذي اسكت كل اصوات المعارضة.

وتجرى هذه الانتخابات وهي الأولى منذ حل مجلس الشعب الذي هيمن عليه الإسلاميون في 2012 في غياب كامل للمعارضة لأن السلطات تقمع كل الأصوات المخالفة الإسلامية والعلمانية على حد سواء لها منذ إطاحة مرسي في تموز/يوليو 2013.

ويبدأ التصويت من الساعة التاسعة (7,00 تغ) حتى الساعة 21,00 (19,00 تغ) في نحو 19 ألف مركز اقتراع في 14 محافظة تضم 27 مليون ناخب، من أصل 27 محافظة.

وستجري الانتخابات المنتظرة على مرحلتين بين 17 تشرين الأول/أكتوبر والثاني من كانون الأول/ديسمبر لشغل 596 مقعدا في أكبر بلد عربي يبلغ عدد سكانه أكثر من 88 مليون نسمة. وسيجرى انتخاب 448 نائبا وفق النظام الفردي و120 نائبا وفق نظام القوائم، فيما سيختار الرئيس السيسي 28 نائبا.

لكن الخبراء لا يعتقدون أن هذا البرلمان سيشكل فارقا أو توازنا في الحياة السياسية في مصر التي تطغى عليها سلطة الرئيس عبد الفتاح السيسي قائد الجيش السابق الذي يحظى بتأييد أغلبية المرشحين للبرلمان أنفسهم.

لافتات انتخابية في القاهرة 15 اكتوبر 2015 © اف ب خالد دسوقي
لافتات انتخابية في القاهرة 15 اكتوبر 2015 © اف ب خالد دسوقي

ويقول يسري العزباوي الخبير في مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية إن “مصر دولة مركزية ورئيس الدولة يلعب دورا كبيرا على صعيد السلطة التنفيذية وأيضا التشريعية والرئيس السيسي لديه سلطات كبيرة. كبيرة جدا”.

واستبعد العزباوي أن يحدث البرلمان الجديد التوازن “في ظل الشعبية الكبيرة للسيسي”.

وغالبية المرشحين الذين يخوضون هذه الانتخابات يدعمون المشير المتقاعد الذي يحظى بشعبيه كبيرة.

ويرى عدد كبير من المصريين أن السيسي هو الرجل القوي الذي استطاع أن يعيد قدرا من الاستقرار للبلاد ويمكنه إنعاش اقتصاد متأزم بفعل الاضطرابات الأمنية والسياسية التي عصفت بمصر منذ ثورة كانون الثاني/يناير 2011 التي أسقطت حسني مبارك.

وبالرغم من أن الدستور المصري الجديد يعطي للبرلمان صلاحيات كبيرة منها سحب الثقة من الرئيس ومراجعة كافة القوانين التي أصدرها في غيابه خلال 15 يوما.

إلا أن حازم حسني أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة يعتقد أن هذا البرلمان “لن يكون ثوريا أو إصلاحيا ولن يشكل معارضة حقيقية تكبح جماح سلطة الرئيس”.

وأضاف حسني “سيكون هناك نوع من أنواع الاتفاق بين السلطة التنفيذية والتشريعية على هامش حركة محدود ولكن بعيدا عن صلب القرارات المصيرية التي يتخذها النظام”.

والساحة السياسية في مصر الآن بلا أي معارض حقيقي للسيسي.

وحظرت السلطات المصرية جماعة الإخوان المسلمين التي ينتمي اليها مرسي وفازت في كل الانتخابات التي نظمت عقب إطاحة مبارك كما صنفتها “تنظيما إرهابيا” وحظرت ترشيح كوادرها في الانتخابات.

الرئيس المصري المعزول محمد مرسي في قفص الاتهام في 16 ايار/مايو 2015  (اف ب خالد دسوقي)
الرئيس المصري المعزول محمد مرسي في قفص الاتهام في 16 ايار/مايو 2015 (اف ب خالد دسوقي)

وفي الأشهر التي تلت عزل مرسي شنت قوات الأمن المصرية حملة قمع على جماعة الإخوان المسلمين أدت إلى سقوط 1400 قتيل من أنصارها كما تم توقيف عشرات الآلاف من المنتمين اليها وحوكم مئات، من بينهم مرسي في قضايا جماعية دانتها الأمم المتحدة.

أما الحركات الشبابية العلمانية واليسارية التي كانت رأس الحربة في ثورة 2011 فتم قمعها فضلا عن أنها غير منظمة. وستقاطع هذه الحركات الانتخابات أو ستمثل تمثيلا ضعيفا إذ أن لها قرابة مئة مرشح فقط من إجمالي 5000 مرشح.

وفي غياب الإخوان المسلمين عن المشهد، يبرز حزب النور السلفي الذي أيد عزل مرسي، كالحزب الإسلامي الوحيد في هذه الانتخابات.

ويتنافس مئات من الأعضاء والنواب السابقين للحزب الوطني الديمقراطي، حزب مبارك، في الانتخابات بعد أن ألغى القضاء قرارا سابقا بمنع ترشحهم.

وأكد تقرير لصحيفة الأهرام اليومية المملوكة للدولة أن قرابة نصف المرشحين كانوا أعضاء في حزب مبارك الذي تم حله.

وتنحصر المنافسة بين تكتلات مؤلفة من أحزاب موالية للسيسي أو من “مستقلين” مؤيدين له سيتنافسون على 596 مقعدا نيابيا.

وتسعى قائمة “في حب مصر” التي تضم أحزابا من يمين الوسط ورجال أعمال ووزراء سابقين وأعضاء سابقين في الحزب الوطني، إلى الحصول على ثلثي مقاعد البرلمان مع حلفائهم.

أما القائمة الثانية الموالية للسيسي والتي تتمتع بثقل فهي “الجبهة المصرية” التي يقودها مؤيدو أحمد شفيق، آخر رئيس وزراء في عهد مبارك.

 صورة نشرتها الرئاسة المصرية للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في القصر الرئاسي في القاهرة في 23 شباط/فبراير 2015  (الرئاسة المصرية/اف ب/ارشيف)
صورة نشرتها الرئاسة المصرية للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في القصر الرئاسي في القاهرة في 23 شباط/فبراير 2015 (الرئاسة المصرية/اف ب/ارشيف)

ودعا الرئيس المصري السبت المصريين إلى “الاحتشاد بقوة أمام لجان الاقتراع” مع بدء التصويت للمصريين المقيمين في الخارج في الانتخابات. وقال في كلمة متلفزة “أدعو جميع المصريين للنزول إلى لجان الاقتراع والاحتشاد بقوة مرة اخرى لتنفيذ استحقاقنا الأخير”.

وتأمل الحكومة المصرية أن تشهد هذه الانتخابات مشاركة كبيرة خاصة أن آخر انتخابات برلمانية والتي اكتسحها الإسلاميون حققت نسبة مشاركة 54,9 بالمئة من أصوات الناخبين المسجلين.

ويعتقد الخبير السياسي حسني أن “المصريين فقدوا الاهتمام بالانتخابات” متوقعا نسبة مشاركة ضعيفة في الانتخابات.

وخصصت الحكومة المصرية نحو 360 ألف شرطي وجندي لحماية مراكز الاقتراع عبر البلاد التي تواجه قوات الأمن فيها هجمات متواصلة من الجماعات الجهادية المتشددة.

وتنطلق المرحلة الثانية للانتخابات والمقررة في 22 و23 من تشرين الثاني/نوفمبر في 13 محافظة تضم 28 مليون ناخب.

اقرأوا المزيد: 695 كلمة
عرض أقل
دار القضاء العالي في القاهرة (Wikipedia)
دار القضاء العالي في القاهرة (Wikipedia)

مصر تلاحق الملحدين تحت بند إهانة الأديان السماوية الثلاثة

الحبس سنة لطالب مصري ملحد أدين بازدراء الإسلام على فيسبوك.. ومؤسسة حرية الفكر والتعبير في القاهرة تعد القرار "تكريسًا للقيود الهائلة المفروضة على حرية الرأي والتعبير وحرية الفكر والاعتقاد"

18 فبراير 2015 | 18:11

أصدرت محكمة مصرية حكما بالسجن سنة مع كفالة لايقاف التنفيذ على طالب مصري أدين بازدراء الإسلام بعد إعلانه إلحاده على موقع “فيسبوك” في ثاني حكم بالسجن ضد ملحدين مؤخرا، حسب ما قالت الاربعاء مصادر قضائية ومحام.

ويأتي الحكم قبل أقل من شهر على استئناف حكم بالسجن ثلاث سنوات بحق طالب آخر ملحد ادين بازدراء الدين الاسلامي.

وصدر الحكم الجديد الاثنين ضد الطالب الجامعي شريف جابر الذي يبلغ من العمر 21 عاما ويقيم في محافظة الاسماعيلية (140 كم شمال شرق البلاد)، بحسب ما أفادت مصادر قضائية في محكمة جنح الاسماعيلية.

وأفادت المصادر أن “المحكمة قضت الاثنين الماضي بحبس الطالب شريف جابر لمدة سنة مع كفالة ألف جنيه (قرابة 130 دولارا أميركيا) لوقف التنفيذ إذ دانته بازدراء الدين الإسلامي ودعوته للإلحاد على شبكات التواصل الاجتماعي”.

وجابر طالب جامعي في كلية الآداب في جامعة قناة السويس في الاسماعيلية.
وأفاد المحامي الحقوقي أحمد عبد النبي الذي يتابع القضية لوكالة فرانس برس انه “جرى دفع الكفالة وقدمنا طعنا بالحكم وننتظر موعد جلسة الاستئناف”.

وأوضح عبد النبي ان “زملاء الطالب جابر قدموا شكاوى لرئيس الجامعة ضد آرائه وإعلانه الالحاد على “فيسبوك” وهو ما تبعه القاء الشرطة القبض عليه”.

ووصف بيان لمؤسسة حرية الفكر والتعبير في القاهرة الاربعاء الحكم الصادر ضد الطالب جابر بانه يُعد “تكريسًا للقيود الهائلة المفروضة على حرية الرأي والتعبير وحرية الفكر والاعتقاد”.

وأوضحت المؤسسة أن الشرطة اوقفت الطالب شريف في 26 تشرين الاول/اكتوبر 2013 بعدما انشأ مجموعة على موقع “فيسبوك” باسم “الملحدين”، لافتة انه افرج عنه بكفالة مالية قدرها 7500 جنيه (قرابة 990 دولارا اميركيا) في 3 كانون الاول/ديسمبر 2013 بعد اكثر من شهر في الحبس.

وأشارت المؤسسة الحقوقية في بيانها أن “ضحية هذه القضية (الطالب شريف) لم يقترن تعبيره عن رأيه باستخدام العنف أو بالتحريض عليه، ولم يخرج عن كونه ممارسة لحرية التعبير بوصفها حق أساسي من حقوق الإنسان لا يجوز للدولة أو أحد أجهزتها الافتئات عليه”.

ويبيح الدستور المصري حرية الاعتقاد لكن القوانين المصرية تجرم إهانة الاديان السماوية الثلاثة الإسلام والمسيحية واليهودية. والشريعة الاسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع في مصر.

وتبنت مصر أخيرا إجراءات للحد من انتشار الالحاد بين الشباب بينها تنظيم ورش عمل في المساجد.

وفي 11 كانون الثاني/يناير الفائت، أصدرت محكمة مصرية حكما بالسجن ثلاث سنوات مع كفالة لايقاف التنفيذ على شاب مصري أدين بازدراء الإسلام بعد إعلانه الحاده على حسابه الشخصي على موقع فيسبوك.

وفي حزيران/يونيو الفائت، صدرت أحكام بالسجن ست سنوات ضد رجل مسيحي أدين بازدراء الدين الإسلامي وإثارة فتنة طائفية كما قضت نفس المحكمة بحبس مدرسة قبطية ست سنوات بعد ادانتها بنفس التهم.

وفي كانون الأول/ديسمبر 2012، قضت محكمة مصرية بالحبس ثلاث سنوات ضد المدون القبطي البير صابر بعد ان ادانته بازدراء الدين الإسلامي.

اقرأوا المزيد: 404 كلمة
عرض أقل
مصر ما زالت تنتظر الثورة (KHALED DESOUKI / AFP)
مصر ما زالت تنتظر الثورة (KHALED DESOUKI / AFP)

مصر ما زالت تنتظر الثورة

أدت تلك الخطوات التي قام بها السيسي بالكثيرين للتفكير إن كانت مصر قد عادت إلى نقطة البداية، ليلة ثورة كانون الثاني 2011، وهل بقي نظام مبارك رغم نهاية فترة ولايته؟

أحرق الشاب التونسي محمد البوعزيزي، قبل أربع سنوات، في 17 كانون الأول عام 2010، نفسه احتجاجًا على ظلم النظام – الحدث الذي أدى إلى اندلاع مظاهرات في العالم العربي وإسقاط الأنظمة في تونس، مصر، ليبيا واليمن.

بدا للكثيرين أن الموجة التي أُطلِق عليها تسمية “الربيع العربي”، ستعم العالم العربي وستؤدي لقيام أنظمة ديموقراطية في أماكن أُخرى. مُذاك الحين فُجع الربيع العربي أكثر من مرة.

رأى كثيرون أن انهيار الدولة في ليبيا، سوريا واليمن، دليل واضح على فشل الربيع العربي. وربما، تدل التطورات التي حدثت في تونس ومصر على أن الصورة أكثر تعقيدًا وعلى أن بعض الإنجازات قد تتكشف على المدى الطويل أنها ذات أهمية تاريخية.

توجه المواطنون التونسيون في نهاية شهر كانون الأول إلى صناديق الاقتراع وانتخبوا بنسبة مُلفتة – أكثر من 60% – رئيسًا جديدًا. فوز باجي قائد السيسي، السياسي المُخضرم، البالغ من العمر 88 عامًا، والذي شغل العديد من المناصب الرسمية في النظام السابق، ترافق مع الخشية أنه هو وحزبه، “نداء تونس”، الذي فاز في الانتخابات البرلمانية في تشرين الأول على الحزب الإسلامي البارز، حزب النهضة – ليس إلا تمويهًا لعودة النظام القديم الذي تم إسقاطه وفشل الجهود لبناء نظام ديموقراطي.

إلا أنه على الرغم من الصعوبات التي تواجهها تونس منذ عام 2011، يمكن الإشارة إلى أنها الدولة الوحيدة من الدول الثورية التي حققت إنجازات هامة.

كانت أبرز الإنجازات تعزيز المجتمع المدني في تونس، الذي كان مُتطورًا نسبيًا مقارنة بدول عربية أُخرى

كانت أبرز الإنجازات تعزيز المجتمع المدني، الذي كان مُتطورًا نسبيًا مقارنة بدول عربية أُخرى. وجاء ذلك نتيجة أن الجيش التونسي ليس عنصرًا مركزيًا في السياسة كما في مصر، وبفضل الحوار بين الجهات الدينية والعلمانية، التي عرفت كيف تتنازل وتتعاون فيما بينها. أقر البرلمان التونسي قبل عام، بغالبية مُطلقة، دستورًا جديدًا يُمثل توافقًا اجتماعيًا وسياسيًا، رغم الخلافات الأيديولوجية.

منذ 2011، شهدت تونس العديد من العمليات الانتخابية التي كانت حرة، عادلة ونزيهة، برأيي كثيرين. حتى أن النظام السياسي استطاع حتى الآن أن يحتوي التوتر بين الإسلام والديموقراطية، رغم وقوع بعض الاغتيالات السياسية. تقبُّل حزب النهضة الهزيمة، وخسارته الانتخابات البرلمانية، يؤكد على التزام الحزب لقواعد اللعبة الديموقراطية.

الوضع مُختلف في مصر. إن عزل محمد مُرسي في حزيران 2013، بعد فترة من الاضطرابات، وتسلم عبد الفتاح السيسي زمام السلطة، ربما أعاد الاستقرار قليلاً للدولة، ولكن في حين أن مُرسي وصل إلى الحكم من خلال الانتخابات الديموقراطية، فعزله لم يتم من خلال صناديق الانتخابات بل بتدخل من الجيش الذي تحرك بدعم من الجماهير.

انتخاب السيسي تم بطريقة ديموقراطية إلا أنه دخل السباق الرئاسي أمام مُرشح واحد وحظي بالدعم بنسبة ما كان ليخجل منها حُسني مُبارك وهي 96%

انتخاب السيسي تم بطريقة ديموقراطية إلا أنه دخل السباق الرئاسي أمام مُرشح واحد وحظي بالدعم بنسبة ما كان ليخجل منها حُسني مُبارك وهي 96%. بخلاف خطوات الاستيعاب التي تم اتخاذها في تونس، قام النظام المصري الجديد بخطوات عقابية ضد الإخوان المُسلمين، بما في ذلك عقوبات السجن والإعدام. تم الإعلان أن حزبهم، “حزب الحرية والعدالة”، هو تنظيم إرهابي. تم أيضًا التعامل بقبضة حديدية مع الحركات العلمانية، مثل “6 أبريل” و “كفاية”، اللتين قادتا الثورة الأولى، وحتى أنه تم اعتبار الحركتين غير قانونيتين.

على غرار الجيران التونسيين كذلك فعل المواطنون المصريون حين صوتوا بالموافقة على الدستور الجديد، وإن جاءت نسبة التصويت أقل. لم ياتِ هذا الدستور نتيجة حوار بين القوى السياسية المُختلفة، وعزز دور الجيش كجهة مُستقلة في السياسة المصرية. عادت الحكومة الجديدة لتراقب المساجد والوسائل الإعلامية لمنع توجيه انتقادات ضد نظام الحكم. تم إغلاق العديد من الصحف والقنوات التلفزيونية المعارضة المعروفة. عاد الإعلام المصري، بشكل كبير، “حكوميًا” للغاية، كما كان في عهد مُبارك.

لم يتم اتخاذ الخطوات المتعلقة بتضييق الحيز السياسي، في فترة ما قبل الثورة، عبثًا: بل نتجت غالبًا من الحاجة إلى إعادة الأمن بعد العمليات الإرهابية التي طالت سيناء وبقية البلاد، ووقف عملية الإضرار بالسياحة وتراجع الوضع الاقتصادي نتيجة تراجع الاستثمارات الخارجية.

أتاح عدم الاستقرار الفرصة أمام السيسي للقيام بعملية تقليص للدعم الحكومي في مجال الطاقة والغذاء، والتقليصات، والتي أدت سابقًا لحالة غليان فقد مرت هذه المرة بسلام.

أدت تلك الخطوات التي قام بها السيسي بالكثيرين للتفكير إن كانت مصر قد عادت إلى نقطة البداية، ليلة ثورة كانون الثاني 2011، وهل بقي نظام مبارك رغم نهاية فترة ولايته. من الصعب إعطاء إجابة دامغة في هذا المنظور التاريخي القصير جدًا، ولكن تُعلمنا المقارنة مع تونس أنه بينما يُلائم مُصطلح “ربيع” لتونس نجد أن مصر ما زالت في الخريف.

يمكنها الوصول نظريًا إلى الربيع – السيسي ذاته قال قبل أن يتم انتخابه رئيسًا إن الطريق إلى الديموقراطية قد تحتاج بين 20 حتى 25 سنة. إنما الطريق إلى هناك يجب أن تكون طريق حوار، تصالح وتسوية مع الأعداء، كما أثبتت التجربة التونسية. لم تحدث في مصر بعد ثورة من هذه الناحية.

البروفيسور إيلي فوده مُحاضر بموضوع دراسات الإسلام والشرق الأوسط في الجامعة العبرية: د. زيسنوين باحث في مركز ديان في جامعة تل أبيب

نشر هذا المقال لأول مرة على صحيفة هآرتس

اقرأوا المزيد: 748 كلمة
عرض أقل
الشيخ يوسف القرضاوي (ABDULLAH DOMA / AFP)
الشيخ يوسف القرضاوي (ABDULLAH DOMA / AFP)

القرضاوي يدعو المصريين الى مقاطعة انتخابات الرئاسة

القرضاوي: "لا يجوز لكم أن تنتخبوا من عصى الله وخان الأمانة وخلع الرئيس الشرعي وحنث في اليمين وعطل الدستور وخالف القانون وقطع ما أمر الله به أن يوصل وأفسد في الأرض"

دعا رجل الدين المقيم في قطر الشيخ يوسف القرضاوي اليوم الاحد المصريين الى مقاطعة الانتخابات الرئاسية وعدم انتخاب المرشح عبد الفتاح السيسي قائد الجيش السابق قائلا إنه “عصى الله”.

والقرضاوي مصري المولد تربطه صلات وثيقة بجماعة الاخوان المسلمين ويشاهد الملايين برامجه الدينية على قناة الجزيرة. ودأب على انتقاد الحكومة المصرية المدعومة من الجيش متهما السيسي بالخيانة لعزله الرئيس الإخواني محمد مرسي العام الماضي إثر احتجاجات شعبية حاشدة على حكمه.

وأسهم دعم القرضاوي الصريح لجماعة الاخوان مؤخرا في خلاف دبلوماسي لم يسبق له مثيل بين قطر ودول خليجية أخرى تعتبر الجماعة مصدر تهديد أمنيا وتؤيد عزل مرسي.

وقال القرضاوي في بيان أرسل بالبريد الالكتروني “يا شعب مصر في العواصم والمحافظات والمدن والقرى… اجلس في بيتك ولا تحمل نفسك إثما عظيما.”

وأضاف “لا يجوز لكم أن تنتخبوا من عصى الله وخان الأمانة وخلع الرئيس الشرعي وحنث في اليمين وعطل الدستور وخالف القانون وقطع ما أمر الله به أن يوصل وأفسد في الأرض.”

ويتوقع أن يفوز السيسي بسهولة في انتخابات الرئاسة التي تجري في 26 و27 مايو ايار. ومنافسه الوحيد في هذا السباق هو السياسي اليساري حمدين صباحي الذي حل ثالثا في انتخابات عام 2012 التي فاز بها مرسي.

ومنذ عزل مرسي تقود السلطات حملة صارمة على جماعة الاخوان وتتهم أنصارها وأعضاءها بإذكاء العنف والاضطرابات. وسقطت أعداد كبيرة من القتلى وألقي القبض على كثيرين خلال الحملة الأمنية على الاخوان.

وتتهم جماعة الاخوان السيسي بالقيام بانقلاب والتخطيط لعزل مرسي.

وقال القرضاوي “إن واجب الأمة أن تقاوم الظالمين وتكف أيديهم وتخرس ألسنتهم فإن لم تستطع فأقل ما يجب عليك ألا تعينهم على باطلهم.

“ارفض المشاركة في الانتخاب… لا تذهب إلى المشاركة في الظلم… اتركهم وحدهم يحملون إثم المظالم بأنفسهم.”

ومضى يقول “لا تشارك في جريمة انتخاب رجل يفرح بمجيئه الصهاينة وغيرهم من أعداء الأمة” في إشارة الى إسرائيل.

وترفض دول الخليج استضافة الدوحة للقرضاوي الذي ينتقد السلطات السعودية والإماراتية ولإتاحتها له مساحة للظهور بانتظام على شاشة قناة تلفزيون الجزيرة.

وغضبت السعودية والإمارات والبحرين بشدة بسبب دعم قطر لجماعة الاخوان. واستدعت الدول الثلاث سفراءها من قطر في مارس آذار واتهمت الدوحة بعدم الالتزام باتفاق بعدم تدخل دول مجلس التعاون الخليجي في شؤون بعضها البعض. وتنفي قطر الاتهام.

ومنذ ذلك الحين توقف القرضاوي عن إلقاء خطبة الجمعة. لكن هذا لم يمنعه من انتقاد حكام مصر في مؤتمرات وبيانات مختلفة أصدرها.

اقرأوا المزيد: 350 كلمة
عرض أقل
محبة الشعب المصري للقائد عبد الفتاح السيسي (AFP)
محبة الشعب المصري للقائد عبد الفتاح السيسي (AFP)

حزب النور السلفي يقرر دعم السيسي في انتخابات الرئاسة المصرية

كان الحزب المنبثق عن الدعوة السلفية حليف سابق لجماعة الاخوان المسلمين لكنه أيد قرار الجيش بعزل الرئيس محمد مرسي في يوليو، ويتوقع فوز السيسي في الانتخابات المقررة يومي 26 و27 مايو

قال المتحدث باسم حزب النور السلفي بمصر نادر بكار إن الحزب قرر اليوم السبت دعم قائد الجيش ووزير الدفاع السابق عبد الفتاح السيسي في انتخابات الرئاسة المقررة في أواخر الشهر الجاري.

والحزب المنبثق عن الدعوة السلفية حليف سابق لجماعة الاخوان المسلمين لكنه أيد قرار الجيش بعزل الرئيس محمد مرسي المنتمي للجماعة في يوليو تموز بعد احتجاجات شعبية حاشدة طالبت بتنحيته.

وقال بكار لرويترز في اتصال هاتفي إن اجتماعا عقد اليوم السبت للهيئة العليا للحزب وانتهى بالتصويت بأغلبية كبيرة لصالح السيسي على حساب منافسه الوحيد في الانتخابات السياسي اليساري حمدين صباحي.

وأضاف أن القرار اتخذ بعد استعراض الهيئة العليا لنتائج الاجتماعين اللذين عقدهما الحزب مع كل من المرشحين.

وكان حزب النور ثاني أكبر قوة في مجلسي الشعب والشورى المنتخبين بعد الانتفاضة الشعبية التي اطاحت بالرئيس الأسبق حسني مبارك عام 2011 بعد حزب الحرية والعدالة الذراع السياسية لجماعة الاخوان. وحل مجلس الشعب قبل تولي مرسي السلطة في 2012 وحل مجلس الشورى بعد عزل مرسي العام الماضي.

وفي انتخابات 2012 لم يدعم النور مرسي لكنه أيد مرشحا اسلاميا آخر وهو عبد المنعم أبو الفتوح القيادي المنشق عن الجماعة.

ويتوقع على نطاق كبير فوز السيسي الذي أعلن عزل مرسي في الانتخابات المقررة يومي 26 و27 مايو أيار.

وبدأت اليوم السبت فترة الدعاية الرسمية للمرشحين واستهلها صباحي الذي حل ثالثا في انتخابات 2012 بمؤتمر في محافظة أسيوط بصعيد مصر.

كما بث التلفزيون الرسمي كلمة مسجلة لصباحي وجه فيها انتقادا غير مباشر لمنافسه السيسي وقال “لا ينبغي … أن يدخل (الجيش) في تجاذبات السياسة وصراعات الانتخابات”.

ويقول صباحي إنه يمثل انتفاضة 2011 ومطالبها وأهدافها المتمثلة بالحرية والعدالة الاجتماعية والديمقراطية. وسجن صباحي أكثر من مرة في عهد مبارك وسلفه أنور السادات وكان معارضا قويا لهما.

وقالت لجنة الانتخابات الرئاسية اليوم السبت في بيان إنها لن تتخذ أي اجراءت بحق صباحي لمخالفته قواعد الدعاية الانتخابية بعد عقده مؤتمرا للاعلان عن برنامجه الانتخابي يوم الاربعاء الماضي قبل بدء فترة الدعاية الرسمية.

وقال المستشار عبد العزيز سالمان أمين عام اللجنة لرويترز إن قرار حفظ المخالفة جاء بعدما “وضعت (اللجنة) في الاعتبار أنها المخالفة الأولى وقبولها الاعتذار الذي تقدم به للجنة”.

اقرأوا المزيد: 319 كلمة
عرض أقل
المشير عبد الفتاح السيسي (AFP)
المشير عبد الفتاح السيسي (AFP)

السيسي يحث الناخبين على المشاركة في الانتخابات والاسلاميون يدعون للمقاطعة

دعا السيسي المصريين إلى التصويت "بأعداد غير مسبوقة من أجل مصر" حسبما جاء في بيان رسمي يوجز تعليقات أدلى بها خلال اجتماع اليوم الأحد مع مستثمرين في مجال السياحة

دعا القائد العام السابق للقوات المسلحة المصرية عبد الفتاح السيسي اليوم الأحد الناخبين إلى المشاركة بأعداد كبيرة في الانتخابات الرئاسية المتوقع أن يفوز فيها بسهولة وذلك في مواجهة دعوة المقاطعة التي اطلقها حلفاء الرئيس المعزول محمد مرسي.

ويواجه السيسي الذي عزل مرسي بعد احتجاجات حاشدة ضد حكمه في يوليو تموز الماضي منافسا واحدا في الانتخابات المقررة يومي 26 و27 مايو ايار وهو اليساري حمدين صباحي الذي حل ثالثا في انتخابات 2012 التي فاز بها مرسي المنتمي لجماعة الاخوان المسلمين.

ودعا السيسي المصريين إلى التصويت “بأعداد غير مسبوقة من أجل مصر” حسبما جاء في بيان رسمي يوجز تعليقات أدلى بها خلال اجتماع اليوم الأحد مع مستثمرين في مجال السياحة.

وكان ائتلاف يضم أحزابا إسلامية تعارض عزل مرسي أصدر بيانا في وقت سابق يعلن فيه مقاطعته للانتخابات التي وصفها بأنها “مسرحية هزلية” تهدف إلى تنصيب “مدبر الانقلاب” رئيسا للبلاد.

وقال التحالف الوطني لدعم الشرعية في بيان على موقع فيسبوك إنه لن يعترف بالرقابة على الانتخابات من قبل “داعمي الانقلاب الغربيين” في إشارة واضحة للاتحاد الأوروبي الذي وافق على إرسال بعثة مراقبة.

وجعلت وسائل الإعلام المصرية من السيسي بطلا وينظر كثيرون إليه على انه الحاكم الفعلي للبلاد بعد عزل مرسي. وترك منصبه كقائد للجيش ووزير للدفاع الشهر الماضي من اجل خوض انتخابات الرئاسة.

ويرى أنصار السيسي أنه الرجل القوي المطلوب في الوقت الراهن لاستقرار البلاد. لكن معارضيه ومعظمهم من الإسلاميين فينظرون اليه على انه العقل المدبر لانقلاب دموي انتزع السلطة من رئيس منتخب.

وكان المصريون أدلوا بأصواتهم في وقت سابق هذا العام في استفتاء على الدستور الجديد. وأظهرت النتائج الرسمية موافقة 98 في المئة ممن أدلوا بأصواتهم في الاستفتاء على الدستور وبلغت نسبة الإقبال على التصويت 39 في المئة.

اقرأوا المزيد: 259 كلمة
عرض أقل
محاكمة الرئيس المخلوع محمد مرسي، المحكمة الدستورية العليا في القاهرة (AFP)
محاكمة الرئيس المخلوع محمد مرسي، المحكمة الدستورية العليا في القاهرة (AFP)

دُمية على خيوط: السلطة القضائية في مصر

محاكمة سريعة، تبعها قرار قاضٍ مصري إعدام 529 متَّهمًا من "الإخوان المسلمين"، يكشفان مجدّدًا الوجه الحقيقي لهذه المنظومة - دمية على خيوط يتلاعب فيها الجيش

يوم الاثنين، 24 آذار 2014، سُجّلت إحدى أكثر اللحظات المخزية في تاريخ القضاء في مصر. ففي حُكمٍ غريب، قرّر القاضي إعدام 529 متّهمًا ينتمون إلى “الإخوان المسلمين”، بينهم مُرشد الحركة محمد بديع. لم يشمل المسار القضائي الذي سبق إصدار الحُكم أكثر من جلستَين، لم يقدِّم الادّعاء أدلّة تدين كلّا من المتَّهمين إفراديًّا، ولم يُتَح للدفاع أن يدافِع عن المتَّهمين. في خطوة بالغة السرعة، كشف القضاة أنهم أسرى حكّام البلاد.

بطبيعة الحال، أثار قرار المحكمة سخط “الإخوان” وعائلاتهم. فقد قال نبيل عبد السلام، محامي عدد من أعضاء “الإخوان”، بينهم الرئيس السابق محمد مرسي، إنّ “هذه هي المحاكمة الأسرع وعدد المحكوم عليهم بالإعدام الأكبر في تاريخ الجهاز القضائيّ”. وأدانت منظمات حقوق الإنسان في مصر، سواء المستقلّة أو شبه الحكوميّة مثل المجلس القوميّ لحقوق الإنسان، هذه الخطوة أو ذكرت أنها ستُلغى حين يستأنف المتَّهمون. أمّا وزارة الخارجية الأمريكية فذكرت أنّها مصعوقة من الحُكم.

محاكمة بعض أنصار الإخوان المسلمين في الإسكندرية (AFP)
محاكمة بعض أنصار الإخوان المسلمين في الإسكندرية (AFP)

وحدث ذلك إلى جانب فضائح قضائيّة أخرى، مثل اعتقال وسجن صحفيين من قناة الجزيرة التلفزيونية قبل أشهر، بتهمة إلحاق تقاريرهم الأذى بالدولة. ويثير احتجاز أحدهم، الصحفي الأستراليّ بيتر غْرِست، توتّرًا دبلوماسيًّا بين مصر وأستراليا، حتّى إنه يهدِّد بالتحوّل إلى قضية سياسيّة في أستراليا نفسها، إذ إنّ غْرِست اعتُقل نهاية 2013، لكنّ رئيس حكومة أستراليا، طوني أبوت، لم يتكلّم في شأنه مع الرئيس المصري الانتقالي، عدلي منصور، سوى في الأسبوع الفائت. وأثار ردّ الفعل البطيء لأبوت انتقادًا حادًّا من جانب المعارضة الأستراليّة.

الجهاز القضائي في مصر، الذي يواجه الكثير من المنتقِدين من الداخل والخارج، هو موضوع الدراسة الأكاديمية للباحث القانونيّ ناثان براون. فمؤخرا، نشر براون مقالة في موقع “مركز كارنيغي”، نشرها قبل ذاك كافتتاحية في “واشنطن بوست”، تناقش ثقافة الجهاز القضائيّ في مصر وسلوكَه. وذكر براون عددًا من المميّزات التي توضح سلسلة الأحكام الغريبة للمحاكم، التي تضرب بأسس القضاء السليم عرض الحائط: تبعيّة الجهاز القضائي للقوى السياسيّة، الناجمة عن تحكُّم السلطة التنفيذية منذ فترة طويلة بحقّ تعيين ذوي المناصب المركزية في القضاء، مثل رئيس المحكمة الدستورية والمدّعي العام، وعن تمتُّع قضاة كثيرين بـ “امتيازات” لدى السلطة التنفيذيّة؛ التضامُن الجماعي والقرابة العائلية، التي تشمل انتقال مناصب قضائية من الأب إلى الابن أحيانًا؛ والحطّ من قدر الجهاز القضائي أمام القوى الأمنيّة.

محكمة الاسكندرية الابتدائية (AFP)
محكمة الاسكندرية الابتدائية (AFP)

ظهرت الصلات السياسية للقضاء المصري بشكلٍ واضح في حزيران 2012، قبل يومَين من الانتخابات الرئاسية، التي تنافس فيها محمد مرسي، مرشَّح “الإخوان المسلمين”، والفريق أحمد شفيق، العسكريّ المقرَّب من مبارك، على رئاسة الجمهورية. في ذلك الوقت تحديدًا، قرّرت المحكمة الدستورية العليا حلّ مجلس الشعب المصري، الذي كان يسيطر عليه “الإخوان المسلمون”. هدفت تلك الخطوة إلى إلحاق الضرر بالإخوان، إذ فكّكت مرتكز قوّتهم في البرلمان، وأذلتهم ضاربةً حظوظ فوزهم في الانتخابات. كما هو معلوم، لم يؤدٍّ ذلك في النهاية إلى منع انتصار مرسي، لكنه أظهر استعداد القضاة للتعاوُن مع الحكّام، ولرهن الجهاز القضائي لسلطة خُصوم “الإخوان”. في الواقع، كانت هذه مقاربة قُضاة مصر بين عامَي 2011 و2013، السنوات التي حقّق فيها “الإخوان” إنجازاتهم الديمقراطيّة. كان الجيش والجهاز القضائيّ العقبتَين الأساسيّتَين في طريقهم والقوّتَين المركزيّتَين اللاجمتَين لهم، إذ تكلّم القضاء باسم القانون، لكنه عمل فعليًّا لصالح الجيش.

يعتقد كثيرون أنّ قرار الأسبوع الماضي لن يخرُج إلى حيّز التنفيذ، ولن يتمّ إعدام المتَّهمين الـ 529. ربّما. لكنّ الرسالة العنيفة والعدوانيّة وصلت بنجاح. فالسيفُ مُصْلَتٌ على رقاب معارضي الجيش والنظام، والجهاز القضائيّ هو من نفّذ ذلك. هكذا برهنت السلطة القضائية في مصر أنها ليست أكثر من دُمية يتحكّم الجيش في خيوطها.

نُشر المقال للمرة الأولى في موقع ‏Can Think‏

اقرأوا المزيد: 527 كلمة
عرض أقل
عبد الفتاح السيسي، الرجل الأقوى في مصر (AFP)
عبد الفتاح السيسي، الرجل الأقوى في مصر (AFP)

السيسي – يعتبره كثير من المصريين بطلا لكنه يواجه مهمة ضخمة

استقال السيسي من منصب وزير الدفاع والقائد العام للقوات المسلحة حتى يمكنه الترشح للرئاسة ويخشى منتقدو السيسي أن يصبح زعيما مستبدا آخر يحافظ على مصالح الجيش

يحظى عبد الفتاح السيسي -الذي أعلن يوم الاربعاء انه سيترشح لخوض انتخابات الرئاسة في سباق من المتوقع أن يفوز به بسهولة- بإعجاب شديد لدى كثيرين من المصريين الذين يعتبرونه بطلا بعد ان أطاح في يوليو تموز بأول رئيس منتخب في انتخابات حرة في مصر.

وينظر أنصار السيسي اليه كمنقذ يستطيع إنهاء الاضطراب السياسي الذي يلازم مصر منذ ان أنهت انتفاضة شعبية في 2011 حكم حسني مبارك الذي استمر ثلاثة عقود.

وإذا انتخب السيسي رئيسا لمصر فإنه سيصبح الأحدث في سلسلة حكام جاءوا من الجيش وهو مسار انقطع لعام واحد اثناء رئاسة مرسي.

واستقال السيسي من منصب وزير الدفاع والقائد العام للقوات المسلحة اليوم الأربعاء حتى يمكنه الترشح للرئاسة.

ويخشى منتقدو السيسي أن يصبح زعيما مستبدا آخر يحافظ على مصالح الجيش والمؤسسة الحاكمة التي تعود الى حقبة مبارك ويبدد الآمال في الديمقراطية والإصلاح والعدالة الاجتماعية التي انتعشت بعد احتجاجات الشباب التي أطاحت بمبارك وإن لم تطح بنظامه.

وتتهم جماعة الاخوان المسلمين -التي دفعت مرسي الى السلطة عبر صناديق الاقتراع- الجيش بالانقلاب على رئيس منتخب بصورة شرعية وتدمير الديمقراطية.

وأثار السيسي توقعات وتطلعات وصلت الى عنان السماء لكنه لم يقدم حلولا مفصلة لمشاكل الفقر ونقص امدادات الطاقة والبطالة التي تثقل كاهل معظم سكان مصر البالغ عددهم حوالي 85 مليون نسمة.

ولم يقض على حملة من أعمال العنف والتفجيرات يقودها إسلاميون متشددون في سيناء اتسع نطاقها منذ عزل مرسي.

ويثير ذلك احتمال أن تسقط الهالة المحيطة بالسيسي (59 عاما) في بلد بلغت فيه احتجاجات الشوارع حدا لم تشهده البلاد في عهد مبارك وساعدت في خلع رئيسين في ثلاث سنوات.

وفي الخطاب المسجل الذي وجهه الى الشعب المصري معلنا فيه عزمه على خوض سباق الرئاسة قال السيسي انه سيتصدى للتحديات لكنه حذر المصريين من أنه لا يمكنه ان يحقق المعجزات.

لم يكن العالم يعرف الكثير عن السيسي قبل ظهوره على شاشة التلفزيون في الثالث من يوليو تموز ليعلن إزاحة مرسي بعد مظاهرات حاشدة طالبت باستقالته وتعطيل العمل بالدستور والاستعداد لإجراء انتخابات برلمانية ورئاسية جديدة.

ولم يظهر السيسي كثيرا اثناء شغله منصب مدير المخابرات الحربية اثناء حكم مبارك. وعين مرسي السيسي قائدا للجيش ووزيرا للدفاع في أغسطس آب 2012 بتقديرات خاطئة بأن الجيش سيدع الاخوان المسلمين ينفذون برنامجه الاسلامي مادام انه سيحتفظ بامتيازاته الضخمة.

وربما تأثر مرسي بسمعة السيسي كمسلم ورع. وقال بعض زعماء الإخوان إنه اعتاد الانضمام لهم في الصلاة وكان يبكي أثناء تلاوة آيات من القرآن.

لكن آذان مرسي بدت صماء عن الاستياء في الشوارع الذي بلغ ذروته بعدما انتزع سلطات كاسحة وسعى لتمرير دستور ذي صبغة اسلامية. وزادت حدة الاضطرابات بسبب اعتقاد بأن الاخوان فشلوا في ادارة الاقتصاد.

وبعدما اكتسبت حملة منسقة بعناية مناهضة لمرسي قوة دفع إختار السيسي اللحظة المناسبة وأمهل الرجل الذي عينه وزيرا 48 ساعة ليستقيل وإلا واجه تحركا عسكريا.

وبعدئذ أطاح بمرسي الذي تحداه وساقه إلى السجن ليواجه في نهاية المطاف اتهامات يمكن أن تصل عقوبتها إلى الاعدام.

وأشاد المصريون الذين أنهكتهم الاضطرابات بالسيسي حتى حين بدأت الحكومة الجديدة المدعومة من الجيش حملة شرسة لسحق جماعة الاخوان وهي القوة السياسية الافضل تنظيما في البلاد والتي فازت بكل الانتخابات الوطنية التي اجريت بعد سقوط مبارك.

وقتلت قوات الأمن المئات من أنصار مرسي في الشوارع في أغسطس آب في أكثر الاضطرابات الأهلية دموية في تاريخ مصر الحديث. وسجنت السلطات زعماء الاخوان المسلمين التي اعلنتها الحكومة لاحقا جماعة ارهابية رغم نبذها العنف قبل عقود.

لكن عربة السيسي واصلت التقدم وازدانت الشوارع بصوره مرتديا نظارة سوداء وقبعة عسكرية. وظهرت صوره أيضا على قمصان وقطع للشوكولاتة بل وعلى ملابس نسائية في بلد محافظ تسكنه غالبية مسلمة.

ولم يظهر السيسي مقاومة للثناء المتواصل.

وفي جزء لم ينشر من مقابلة مع صحيفة المصري اليوم سرب في تسجيل صوتي عبر الانترنت تحدث السيسي عن رؤية تشير الى أن قدره أن يكون قائدا عظيما.

وقال السيسي الذي صعد من حي الجمالية الشعبي بالقاهرة حيث عاش طفولته إلى أعلى رتبة في أكبر جيش عربي “شفت في المنام من سنين طويلة جدا.. من 35 سنة.. إن أنا رافع سيف مكتوب عليه (لا إله إلا الله) باللون الأحمر.”

ولد السيسي في 19 نوفمبر تشرين الثاني 1954 وكان أصغر عضو في المجلس العسكري الذي حكم البلاد على مدى 18 شهرا مضطربة بعد الاطاحة بمبارك في 11 فبراير شباط 2011 .

ويقول دبلوماسيون غربيون إن السيسي لم يتخذ إلا مؤخرا ما يصفونه بالقرار المحفوف بالمخاطر بالترشح للرئاسة. وقال دبلوماسي أوروبي كبير “قد يتحرك الجيش إذا ساءت الأمور وتلطخت صورته. يمكن أن يكون سقوطه مفاجئا وحادا.”

وقبل شهور من اطاحته بمرسي في 2013 أشار السيسي إلى أنه لن ينفذ انقلابا عسكريا على السلطة ناهيك عن الترشح للرئاسة رغم شكوكه في الاخوان.

وقال “مع كل التقدير لكل من يقول للجيش انزل الشارع.. لو حصل ده لن نتكلم عن تقدم مصر للأمام لمدة 30 أو 40 سنة.”

وظهرت تصدعات في قاعدة دعمه. فالنشطاء العلمانيون الذين كانوا قد أيدوا تحرك الجيش انضموا للاسلاميين في انتقاد ما يبدو انه كبت ممنهج للمعارضة.

وجعلت الحكومة المؤقتة الخروج في مظاهرات بدون تصريح جريمة تصل عقوبتها الي السجن المؤبد. ويقول خصوم السيسي إن انتخابه سيشير إلى عودة الي القمع الذي شهدته مصر في الماضي.

وقال جمال عيد المحامي والناشط في مجال حقوق الانسان إنه توجد مخاوف حقيقية لها اسبابها. وأضاف أن الانتهاكات الحالية لحقوق الانسان تثير كثيرا من القلق بشأن حكم السيسي.

لكن وسط خيبة الأمل الواسعة ازاء السياسيين والمحتجين يحظى السيسي بدعم من القوات المسلحة القوية ووزارة الداخلية وأيضا الكثير من السياسيين والمسؤولين السابقين في عهد مبارك الذين يستعيدون مكانتهم الآن.

وبعض المعجبين بالسيسي يشبهونه بالرئيس الراحل جمال عبد الناصر البطل القومي صاحب المكانة الكبيرة على الرغم من أنه قاد مصر الى هزيمة أمام اسرائيل في حرب 1967 .

ويقول سكان في الحي الشعبي الذي نشأ فيه السيسي إنه أظهر في سنوات طفولته علامات على انضباط غير مألوف.

ويقول عاطف الزعبلاوي وهو عامل في مصنع للصباغة اعتاد أن يرى السيسي في الجمالية “عبد الفتاح دائما كان يبدو ان لديه هدف فيما يبدو. لديه إرادة قوية.”

ويقول الجيران إنه ينتمي لعائلة شديدة التدين. وقال ابن عمه الذي يملك متجرا للمشغولات اليدوية إن المشير يحفظ القرآن.

وشجع والد السيسي ابنه على العمل في متجره كل يوم بعد الدراسة. وعاش في شقة صغيرة على سطح منزل مملوك للعائلة في الحي الشعبي في وسط القاهرة.

وقال اللواء المتقاعد سامح سيف اليزل -الذي التقى المرشح الأوفر حظا عدة مرات- إن السيسي الذي يدرك حجم المشكلات التي تواجهها مصر قد يطلب من مواطنيه الصبر.

واضاف قائلا “انه ليس لديه حل فوري لكل شيء.. اعتقد انه سيقول للشعب… عليكم ان تتحملوا معي. نحن سنمر ببعض المعاناة.”

اقرأوا المزيد: 984 كلمة
عرض أقل
مروحية عسكرية أمريكية في سماء القاهرة (VIRGINIE NGUYEN HOANG / AFP)
مروحية عسكرية أمريكية في سماء القاهرة (VIRGINIE NGUYEN HOANG / AFP)

مصر: جيش مع دولة

الانتخابات التي ستجري في مصر في الربيع القادم لا تبشر بأي تغيير كبير. الجيش سيستمر في قيادة البلاد، والاقتصاد سيتدهور وسيتحمّل الشعب الأعباء. في الوقت الراهن يبدو أنّ للجيش المصري هناك دولة وليس العكس

في حزيران القادم، كما يقول عدلي منصور، سيصبح رئيس مصر المؤقت رئيسًا دائمًا. يعتقد الخبراء الآن بأنّ الاحتمالات الأكبر هي لصالح عبد الفتاح السيسي، وزير الدفاع، في أن يُنتخب رئيسًا. وبالفعل، يأمُل الكثيرون في مصر بأن يرسي السيسي الاستقرار في مصر بل وأن يواجه بكفاءة مشاكلها المعقّدة، حيث إنّ المشكلة الأكثر إلحاحًا هي مشكلة الاقتصاد المتعثّر. ومع ذلك، فمن الصعب أن يتجنّب المشاهد الانطباع بأنّ السيسي هو رجل من المؤسسة العسكرية لمصر القديمة، وبالتالي سيكون كما كان من قبل.

في الثقافة السياسية المصرية هناك عامل واحد يلقي بظلاله على كلّ شيء آخر؛ استقلاليّة الجيش وقوّته الاقتصادية. ومعنى استقلاليّة الجيش أنّه ليس خاضعًا لرقابة مدنية حقيقية، ولا يمكن المسّ بميزانيّته. طوال فترة “الربيع العربيّ” وخلال النقاشات حول الدستور المستقبلي لمصر كان الجيش قادرًا على الحفاظ على مصالحه ومنع التدخل الحقيقي في شؤونه. وقد تمثّل اتجاه الحفاظ على قوة الجيش واستقلاليّته في الدستور المصري الذي أقرّ قبل عدّة أشهر.

في الوقت الراهن، فإنّ قبضة السلطات المدنية على الجيش (والتي تُقاد كما يبدو بأيدي السيسي، والذي هو من طينة العسكر)، ستزول وتتداعى.

عبد الفتاح السيسي (صورة من الصفحة الرسمية للمتحدث العسكري للقوات المسلحة المصرية)
عبد الفتاح السيسي (صورة من الصفحة الرسمية للمتحدث العسكري للقوات المسلحة المصرية)

من الصعب أن نقدّر بأرقام دقيقة قوّة الجيش الاقتصادية. هناك من يشير إلى كونه يسيطر على 40% من الاقتصاد المصري. وحتى لو كان هذا الرقم مبالغًا فيه، فمن الواضح أن الجيش يتمسك بمصالح اقتصادية واسعة النطاق وأنه لاعب اقتصادي مركزي مؤثر على اقتصاد البلاد. ومثال على ذلك، فهناك عقد كبير وقّعه الجيش مع شركة “عربتك” من دبي من أجل بناء مليون وحدة سكنيّة في جميع أنحاء مصر مقابل أربعين مليار دولار. ستقوم الأبنية على أراضٍ تابعة للجيش المصري. إنّ مشروعًا بهذا الحجم، والذي من المتوقع أن يؤثر بشكل عميق على العمالة في مصر وعلى أسعار المساكن في السوق، وبالتالي على النظام الاقتصادي بأكمله؛ هو مؤشّر واضح على تأثير الجيش على الاقتصاد والحياة اليومية لسكان مصر.

إنّ الانتخابات التي يكون المرشّح الرئيسي فيها رجلا من كبار العسكريين، والذي لا يزال حتى اليوم، قبل ثلاثة أشهر من الانتخابات، يرتدي الزيّ العسكري،  لا تبشّر بتغيير بعيد المدى في السياسة المصرية. إنّ ثالوث “الجيش، الثروة، السلطة”، والذي يولي فيه الجيش جزءًا كبيرًا من المضامين والقرارات المتعلقة بالدولة بأكملها للثروة والسلطة؛ يدلّ على أنّ الثقافة السياسية في مصر قد تراجعت وهي محاصرة مرّة أخرى في قبضة الجيش الخانقة، كما كان الحال عليه في العقود التي سبقت “الربيع العربي”.

ولا نستطيع حاليًّا أن نحدّد مدى القوة التي يمكنها تقويض قوة الجيش المصري السياسية أو تقديم ثقافة سياسية جديدة. تقلّدت قوة المعارضة الأهم في مصر وهي “الإخوان المسلمون” السلطة، لعام ثم تم إسقاطها. أولا: إذا كان “الإخوان” قد فشلوا بسبب سلوكهم السياسي الهاوي أو بسبب الاستخفاف وتدمير النخب القديمة (والتي ترأسها الجيش والنظام القضائي المصري)؛ فإنّ الذي يتّضح من تلك التجربة بأنّه لا يوجد قوة قادرة اليوم في مصر على أن تحرّكها من الغيبوبة السياسية – الاجتماعية التي دخلت فيها. لقد وجّه فشل “الإخوان” ضربة قوية للجهود الرامية إلى دمج الحركات الإسلامية في السياسة المصرية وتغيير هيكلها العميق.

إنّ قطاعات واسعة من السكّان، وخصوصًا في الأوساط الشبابية، تعاني من الإحباط من الوضع الحالي. يشكّك الكثيرون في أن يغيّر انتخاب الرئيس في أواخر الربيع من أنماط السياسة والاقتصاد في مصر، ويستنتجون من ذلك أنّ البلاد تتّجه نحو سلسلة من الأزمات الاقتصادية، مما سيخرج الجماهير مجدّدًا من بيوتهم إلى الشوارع. إنّ إبقاء القوة بيد النخب القديمة لمصر معناه استمرار بل وتزايد التوتّر بين الحكّام والشعب. وعلى ضوء ذلك، فمن المحتمل جدًّا أن ينفجر التوتّر المتراكم تحت السطح ويهزّ البلاد.

(KHALED DESOUKI / AFP)
(KHALED DESOUKI / AFP)

استطاع الجيش خلال “الربيع العربيّ” الحفاظ على ممتلكاته، وعلى مكانته وقوّته السياسية. في الواقع فقد خرج معزّزًا من هذه الأحداث، في حين أنّ المجتمع المدنيّ يستمر في الضعف. من المحتمل أن تذمر منظّمات حقوق الإنسان والمواطنين الجريئين، والذين يقومون بتوجيه النقد للجيش من اليوم،  أن يمتزج مع الإحباط المتفشي بين الطبقات الدنيا في مصر، والتي يئست من فشل الحكّام في تحسين أوضاعها الاقتصاديّة. عند هذه النقطة سنرى انفجارات جديدة. حيث إنّه حين ينعزل الثالوث – الجيش، الثروة، والسلطة – عن الشعب، فسيعود احتجاجه على شكل أمواج.

تم نشر هذا المقال للمرة الأولى في موقع: ‏http://canthink.molad.org‏/

د. نمرود هوروفيتس، مختصّ في مجال إسلام القرون الوسطى، القانون، والمجتمع في الشرق الأوسط والعلاقات بين الدين والدولة. مُحاضِر في قسم دراسات الشرق الأوسط في جامعة بن غوريون في النقب. محرّر وكاتب ثابت في موقع Can Think

اقرأوا المزيد: 661 كلمة
عرض أقل
عمرو موسى (MARWAN NAAMANI / AFP)
عمرو موسى (MARWAN NAAMANI / AFP)

عمرو موسى: ممكن أن يكون للإخوان المسلمين مستقبل سياسي

وزير خارجية مصر الأسبق يقول إن الكرة في ملعب الإخوان: "لديهم فرصة خوض الانتخابات إذا أرادوا وأن يؤسسوا حزبا في حدود الدستور"

قال المرشح السابق في انتخابات الرئاسة ووزير خارجية مصر الأسبق عمرو موسى إنه يجب ترك الباب مفتوحا لعودة جماعة الإخوان المسلمين للحياة السياسية إذا قبلت الدستور.

ولم يكن الاعتدال تحديدا هو الأسلوب المعتمد في السياسة المصرية منذ أن عزل قائد الجيش المشير عبد الفتاح السيسي الرئيس محمد مرسي المنتمي لجماعة الإخوان المسلمين في يوليو تموز بعد احتجاجات حاشدة على حكمه.

وتعرض تنظيم الإخوان المسلمين وهم أكثر الجماعات السياسية تنظيما لأضرار كبيرة في حملة أمنية. وقتل المئات من أفراده في مواجهات في الشوارع واعتقل الآلاف. وأعلنت السلطات تنظيم الإخوان المسلمين جماعة إرهابية وقدمت زعماءه للمحاكمة.

وألقى موسى وهو سياسي مخضرم بثقله وراء السيسي المتوقع أن يعلن ترشحه للرئاسة في الأيام القليلة القادمة وأن يفوز بسهولة في الانتخابات المتوقعة خلال أشهر.

وسئل موسى إن كان يعتقد أن السيسي سيقبل عودة الإخوان المسلمين إلى الساحة السياسة فقال “ما داموا يلتزمون بالقواعد ويعملون بموجب القواعد نفسها التي نعمل بها جميعا فلماذا يستبعدون؟”

وأضاف موسى في مقابلة مع رويترز اليوم الثلاثاء “الطريق مفتوح لهم إذا قرروا ذلك. يمكنهم التقدم بمرشحين ودخول البرلمان. الكرة في ملعبهم.”

ودفع الإخوان المسلمون إلى العمل السري إلى حد بعيد واستمروا في ظل قمع حاكم مستبد بعد آخر معتمدين على شبكة واسعة من الخدمات الاجتماعية لكسب التأييد الشعبي.

وإذ تفيد بعض التقديرات بأن عدد أعضاء الجماعة يقرب من المليون فليس من المتوقع أن يتلاشى وجودها ويخشى بعض المحللين أن يتحول بعض أعضائها إلى العنف ضد الدولة إذا ظلوا مهمشين.

قال موسى “عليهم أن يتطلعوا للمستقبل” الأمر الذي يعني أن يختاروا “الطريق الصحيح” والعمل في إطار النظام.

ويقول الإخوان المسلمون الذين فازوا في الانتخابات التي أجريت بعد الإطاحة بالرئيس حسني مبارك في عام 2011 إنهم ضحية انقلاب ويرفضون التعامل مع الحكومة المدعومة من الجيش.

ويرى موسى كرئيس للجنة التي أعادت كتابة الدستور أن الديمقراطية تتضمن أدوارا لأنصار الإخوان المسلمين بشرط أن يلتزموا بالوثيقة الجديدة التي وافق عليها أكثر من 90 بالمئة من الناخبين في يناير كانون الثاني.

وقاطع كثير من الإسلاميين الاستفتاء على الدستور.

وقال موسى الذي جاء في الترتيب الخامس في انتخابات الرئاسة التي أجريت في عام 2012 إن الإخوان المسلمين “لديهم فرصة خوض الانتخابات إذا أرادوا وأن يؤسسوا حزبا في حدود الدستور.”

وتنتشر صور السيسي في كل مكان مما يشير إلى أن كثيرا من المصريين يرونه شخصية حاسمة قادرة على تحقيق الاستقرار بعد سنوات من الاضطرابات منذ الإطاحة بمبارك.

وقال موسى الذي كان يتحدث في مكتبه في القاهرة إن السيسي الذي كان مديرا للمخابرات الحربية في عهد مبارك يجب أن يكون رئيسا “لكل المصريين”.

وتولى موسى منصب وزير الخارجية عشر سنوات في عهد مبارك ثم شغل منصب الأمين العام لجامعة الدول العربية. ورفض أن يخوض في التكهنات بأنه قد يصبح رئيسا للوزراء في عهد السيسي.

وقال “أنا لا أتأخر عن تقديم المساعدة إذا طلبت مني.” وأضاف أن السيسي لم يتصل به لينضم لحملته لانتخابات الرئاسة.

وقال موسى إنه واثق في أن السيسي قادر على إخراج مصر من حالة عدم اليقين. لكن ليس لديه أي وهم أن المهمة ستكون سهلة. فالاقتصاد يعاني والتوتر السياسي ما زال شديدا وأعمال العنف مستمرة في سيناء.

وقال موسى “لدينا فشل في جميع المجالات. تراكم على مدى السنين لسوء الإدارة وأنصاف الحلول وعبادة الفرد.”

وتابع “لا بد من ثورة أو منهج ثوري في الإدارة على مستوى الحكم المحلي في المحافظات وفي ملفات أساسية مثل التعليم والرعاية الصحية والبيئة والطاقة.”

وقدمت دول الخليج العربية التي أيدت عزل مرسي لمصر مساعدات بمليارات الدولارات وهو ما خفف الضغوط على مالية الدولة وعوض تقلص الاحتياطيات الأجنبية.

وقال موسى إن اعتماد مصر على مثل هذه المساعدات ليس صحيا لكنه يتوقع استمرار “التضامن العربي”.

وردا على سؤال عما إذا كانت مصر التي حكمها مستبدون معظم القرن الماضي عرضة للعودة إلى الأنماط السابقة قال موسى إن هناك قيودا الآن على فترات الرئاسة وإن عبادة الفراد لن تنطبق على السيسي.

وأضاف “أبلغني المشير بنفسه شخصيا أنه لا يقبل ذلك وإنه لا يشعر بارتياح مع كل هؤلاء الذين يحاولون ممارسة هذا الأسلوب أو يبالغون في إظهار مشاعرهم والتعبير عنها.

اقرأوا المزيد: 601 كلمة
عرض أقل