في ظل الاستعدادات لنقل السفارة الأمريكية إلى القدس وبلورة برنامج السلام للرئيس ترامب، يتبين من استطلاع جديد، أجراه معهد “غالوب” ونشره أمس (الثلاثاء)، أن الأمريكيين باتوا يدعمون إسرائيل أكثر. وفق نتائج الاستطلاع، فإن %74 من إجمالي الأمريكيين يعربون عن رأيهم الإيجابي حول إسرائيل، وهذه النسبة هي الأعلى منذ التسعينيات. علاوة على هذا، قال %83 من الجمهوريين إنهم ينظرون نظرة إيجابية إلى إسرائيل، مقارنة بـ %64 من الديمقراطيين.
وفحص الاستطلاع أيضا إذا كان الأمريكيين يتماهون أكثر مع إسرائيل أم فلسطين. أوضح %64 من المستطلعة آراؤهم أنهم يتماهون مع إسرائيل، فيما أعرب %19 أنهم يتماهون مع فلسطين، وهذا المعطى هو أعلى مما كان عليه في السنوات الماضية. في ظل التضامن الكبير مع إسرائيل حول النزاع الإقليمي، يعتقد معظم الأمريكيين أنه تجب زيادة ممارسة الضغط الدبلوماسي على القيادة الفلسطينية.
أشار معدو الاستطلاع إلى أن “الجمهوريين أعربوا بشكل متتال عن دعمهم الكبير لإسرائيل أكثر من الدمقراطيين، من بين أسباب أخرى، بسبب العقائد الدينية المسيحية حول أهمية إسرائيل”. فهم يقدرون أنه نظرا لطموح ترامب الذي يسعى إلى تحقيق المبادئ السياسية الأساسية الخاصة به، ستكون إمكانيات عمله محدودة، لهذا سيضطر إلى ممارسة ضغط قليل على إسرائيل في مواضيع حساسة، مثل الوضع الراهن في القدس والحفاظ على المستوطنات في الضفة الغربية. رغم هذا، فقد أشاروا إلى أنه بسبب الجهود الدبلوماسية التي بذلها ترامب في الماضي، يبدو أن كل شيء ممكن.
يبدو أن كيث إليسون، أول مُسلم أصبح عضو كونغرس في الولايات المُتحدة، هو المُرشح الأوفر حظًا لمنصب رئاسة اللجنة الوطنية الديمقراطية (DNC)- الجهة التي تُدير الحزب الديمقراطي.
سيؤدي إليسون دورا كبيرا، إذا انتُخبَ، في محاولة إعادة ترتيب أمور الحزب بعد هزيمة هيلاري كلينتون في الانتخابات للرئاسة والفشل الذريع الذي طال الحزب في انتخابات مجلس الشيوخ والكونغرس.
انتُخبَ كيث إليسون، (53 عامًا)، لمجلس الشيوخ في عام 2006. وُلد كمسيحي كاثوليكي، ولكنه اعتنق الإسلام أثناء تعليمه الجامعي. لم تكن زوجته السابقة كيم مُسلمة ولكن ترعرع أولاده الأربعة كمُسلمين.
لقد أثار إليسون عاصفة بعد أن قرر أن أثناء مراسم أداء القسم (عام 2007) أن يؤدي القسم على القرآن. ولجعل ذلك الحدث مميزا، استخدم القرآن الذي كان يحتفظ به الرئيس الثالث للولايات المُتحدة، توماس جيفرسون.
حفل أداء القسم لعضو الكونغرس إليسون وهو يؤدي القسم حاملاً القرآن (AFP)
زار إليسون إسرائيل في السابق ضمن بعثة أمريكية وحتى أنه التقى حينها رئيس الحكومة الإسرائيلي، إيهود أولمرت، إلا أنه في السنوات الأخيرة أيضًا ادّعى أن مؤيدي إسرائيل يهيمنون على الرأي العام ومن لا يتفق معهم، لا يمكنه أن يشعر بالأمان وأن يقول إن هناك طرفين في الصراع. قال أيضًا، إضافة إلى ذلك، إن هناك في الجانب الفلسطيني أشخاص “لا يساهمون في إيجاد حلٍ بنّاء”.
نشر إليسون مقالة في “واشنطن بوست”، في خضم حرب صيف 2014 بين إسرائيل وحماس في غزة، دعا فيها إلى رفع الحصار عن غزة مدعيا أن الكثير من الفلسطينيين الذين يعيشون في القطاع لا يدعمون حماس أو إطلاق الصواريخ من جهتها، بل يعانون من أعمالها. أشار أيضًا في خضم ذلك إلى حق الإسرائيليين بالعيش بعيدًا عن تهديد الصواريخ.
يأمل العديد من قادة الحزب الديمقراطي الآن أن ينجح إليسون في طرح فكر جديد حيوي في صفوف الحزب، الذي انهار بعد الهزيمة الكبرى أمام ترامب والحرب على أصوات الناخبين في الكونغرس ومجلس الشيوخ.
الرئيس الأمريكي باراك أوباما برفقة زوجته ميشيل أوباما (Flickr The White House)
لا يُنتخَب الرئيس الأمريكي بشكل مباشر، بل لكلّ ولاية عدد من المندوبين (أشبه بممثّلين للجمهور) يمثّلونها وفق عدد سكّانها. لكلّ من الولايات الخمسين، ثلاثة مندوبين على الأقل، وكذلك مقاطعة كولومبيا، التي تضمّ العاصمة واشنطن. بعد عدّ الأصوات الصالحة في كلّ ولاية، يجتمع المندوبون في المجمع الانتخابي ويقرّرون لمَن يمنحون أصواتهم. عدا ولايتَي مين ونبراسكا، حيث يُتّبَع نظام تقسيم خصوصي، يُعتمَد نظام “الفائز يأخذ كلّ شيء”: المرشّح الذي يحصل على أكثر من نصف الأصوات يحصد جميع مقاعد المندوبين. وتحظى ولاية كاليفورنيا بالعدد الأكبر من الممثّلين – 55 ناخبًا في المجمع الانتخابي.
للفوز في الانتخابات، على المرشّح أن يحصل على أصوات 270 ناخبًا في المجمع الانتخابي على الأقلّ. ستُجرى في 8 تشرين الثاني 2016 الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة، ليُقسِم الرئيسُ الخامس والأربعون (كلينتون أو ترامب) اليمين في 20 كانون الثاني 2017 تمهيدًا لدخوله البيت الأبيض.
كيف يتمّ الانتخاب؟
نموذج لورقة التصويت، انتخابات عام 2016 (AFP)
في معظم الولايات، بدأ الاقتراع منذ نحو شهر. وخلافًا لما يظنّه كثيرون، لا يُعتبَر يوم الانتخابات في الولايات المتحدة، يوم عطلة.
وفق معظم التقديرات، ستبلغ نسبة التصويت المبكر نحو 40% هذه السنة. وكان المرشَّحان قد شجّعا جماهيرهما على التصويت في أبكر وقت ممكن، للتخلّص من مهمة إقناع المقتنِعين، والتفرّع لإقناع المترددين.
طُلب من مواطني الولايات المتحدة وراء البحار الاقتراع مُسبقًا، وكذلك من المسنّين أو محدودي الحركة الذين لا يمكنهم الوصول إلى صناديق الاقتراع بمفردهم.
حمار الحزب الديمقراطي
حمار الحزب الديمقراطي (Thinkstock)
الحمار مرتبط بالحملة الانتخابية لأندرو جاكسون، أول مرشّح رئاسي عن الحزب الديمقراطي عام 1828. فقد سخر خصم جاكسون منه وأطلق عليه لقب Jackass (حمار/ مغفّل) ليقلّل من حظوظه ويشدّد على عناده.
لم يتأثر جاكسون، بل ردّ بشكل إبداعي. فقد وضع صورة حمار على لافتاته الانتخابية وجعله رمزًا لحملته. بعد نحو 40 سنة، رسم رسّام الكاريكاتير توماس ناست حمارًا للمجلة السياسية “Harper’s Weekly” كرمزٍ للديمقراطيين الذين يعارضون الحرب الأهلية.
فيل الحزب الجمهوري
فيل الحزب الجمهوري (Thinkstock)
هذا الرمز هو أيضًا نتاج قلم توماس ناست، ومن مجلة “Harper’s Weekly” نفسها. فعام 1874، قادت صحيفة “New York Herald” ذات الميول الديمقراطية حملة ضدّ السماح للرئيس الجمهوري جرانت بالترشّح لولاية ثالثة، وأطلقت عليه في عدد كبير من المقالات لقب “القيصر”.
اعتقد ناست، وهو جمهوري الهوى، أنّ الصحيفة تحاول إخافة الناخبين. فرسم حمارًا متنكرًا بزيّ أسد يدفع حيوانات أخرى إلى الهرب من حديقة الحيوان. وبين الحيوانات الهاربة فيل كُتب عليه “الصوت الجمهوري”. التصق رمز الفيل بالحزب، وتبنّاه الحزب رسميًّا عام 1880. أمّا الحمار فلم يعتمده الديمقراطيون رسميًّا.
لمَ لا تتنافس أحزاب أخرى؟
هيلاري كلينتون ودونالد ترامب خلال مناظرتهما الانتخابية الأولى (AFP)
في الواقع، هناك عشرات الأحزاب في الولايات المتحدة – بدءًا من الخُضر وحزب الدستور، المعتبرَين حزبَين كبيرَين نسبيًّا، وانتهاءً بأحزاب صغيرة ذات أيديولوجيات وأفكار سخيفة. على الرغم من ذلك، نادرًا ما تنجح الأحزاب الصغيرة في التأثير في السياسة الأمريكية، إذ يحتكر الجمهوريون والديمقراطيون أكثر من 90% من الأصوات.
النظام الأمريكي المتصلّب الذي يتطلب آلاف التواقيع لإدخال اسم ما إلى نموذج التصويت، وصعوبة جمع الموارد المطلوبة لإدارة حملة انتخابية، يصعّبان على الأحزاب الصغيرة أن تتمثّل في الكونغرس وترشّح مرشّحًا للرئاسة. فضلًا عن ذلك، يؤيد معظم الأمريكيين في نهاية المطاف، بشكلٍ أو بآخر، المبادئ الأساسية لأحد الحزبَين الكبيرَين.
ما هي “الولايات المتأرجِحة”؟ (Swing States)
الانتخابات في الولايات المتحدة: لماذا النظام معقَّد؟ (Thinkstock)
تقليديًّا، يمكن تقسيم معظم الولايات الأمريكية إلى ولايات ذات أكثرية جمهورية (حمراء) وولايات ذات أكثرية ديمقراطية (زرقاء)، ما يجعل المعركة تتركّز في عدد محدود من الولايات تكون فيها المعركة متقاربة جدًّا كلّ مرّة. تُدعى هذه “الولايات المتأرجِحة” لأنّ الأكثرية فيها تتغيّر كلّ مرة.
في انتخابات 2016، تبرز سبع ولايات كهذه: نيفادا، كولورادو، فلوريدا، آيوا، أوهايو، فرجينيا، ونيوهامشير. فلوريدا وأوهايو هما ساحتان رئيسيتان للمعركة لأنهما “تُعادلان” 29 و18 مقعدًا انتخابيًّا على التوالي. أمّا الولايات الأخرى التي قد تُحدِث مفاجأة فهي: بنسلفانيا وويسكونسن اللتان تميلان تقليديًّا للديمقراطيين، وكارولينا الشمالية التي تمنح معظم أصواتها عادةً للجمهوريين.
أعلنت كلينتون عن ترشحها، عن الحزب الديمقراطي، لرئاسة الولايات المُتحدة الأمريكية ليلة البارحة. معنى هذا التصريح أن كلينتون هزمت منافسها، داخل الحزب، بيرني ساندرس، وباتت أول امرأة تترشح للرئاسة من قبل الحزب الديمقراطي. قالت كلينتون خلال خطاب الفوز الذي ألقته البارحة: “أثبتنا أنه ليس هناك سقف لا يُمكننا تحطيمه ولا حاجز لا يُمكننا تخطيه”.
في الواقع، لا نتحدث عن تصريح رسمي ولن يرد قبل انعقاد اجتماع لجنة النواب الديمقراطيين الذي سيتم بعد فرز الأصوات في الولايات المُتبقية ولكن فرصة نجاح ساندرس للتغلب على كلينتون ما زالت ضعيفة. وحتى أن ساندرس صرّح أنه لن يترك المنافسة وسيستمر حتى النهاية. دعا الرئيس كلينتون ساندرس للقائه غدًا في البيت الأبيض، لإقناعه، على ما يبدو، للانسحاب من السباق من أجل توحيد الحزب الديمقراطي حول كلينتون في المواجهة المستقبلية أمام ترامب الجمهوري.
https://www.youtube.com/watch?v=NI50qgYYqMM
وكانت كلينتون قد أثنت على ساندرس في خطابها البارحة، ولكنها أوضحت أن التنافس بينهما قد انتهى، وتحدثت عن منافسته لها بصيغة الماضي. حيث قالت: “أود أن أوجه تحياتي للسناتور ساندرس على الحملة التي أدارها، وعلى جهوده التي بذلها طوال فترة خدمته للجمهور. “ولا أريد أن يُفهم خطأ، وأوضح أن الجدال الذي كان بيني وبين السناتور ساندرس كان في صالح الحزب الديمقراطي وصالح أمريكا”.
في حال لم تحدث مفاجآت استثنائية، عندما يتم إعلان ترشح كلينتون رسميًا، ستخوض نضالاً باسم الأمريكيين ضد دونالد ترامب، المُرشح المُتوقع من قبل الحزب الجمهوري في الانتخابات الرئاسية في شهر تشرين الثاني القادم. وكانت كلينتون قد هاجمت ترامب البارحة في خطابها إذ قالت: “إن دونالد ترامب ليس شخصًا يتمتع بطباع تؤهله لأن يكون رئيسًا للولايات المُتحدة، نحن، بخلافه، نؤمن أن بناء الجسور أفضل من تشييد الأسوار”.
يشغل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني طويل الأمد ليس الشعبين المتحاربين بينهما منذ سنوات طويلة على تقسيم الأرض الصغيرة بينهما فحسب. لقد أدى هذا الصراع إلى تدخل القوى العظمى من وراء البحار والتي حاولت في سنوات معينة الوساطة بين الشعبين وأحيانا الإهمال التام لجهود تسوية الصراع بينهما.
ولكن كيف ينظر حقا الشعب الأمريكي للصراع الإسرائيلي الفلسطيني؟ في استطلاع ودراسة واسعة النطاق أجراها معهد استطلاعات الرأي الأكبر في الولايات المتحدة PEW، فُحص السؤال كيف يشهد الأمريكي العادي الصراع وإلى جانب من يقف فيه، وكيف يرى الحلّ في المستقبَل، إذا كان يراه أصلا.
1. بعد أحداث الحادي عشر من أيلول في العام2001 مباشرة أعرب المزيد والمزيد من الأمريكيين عن تفهّمهم وتعاطفهم مع كفاح إسرائيل في القضاء على الإرهاب الفلسطيني. واليوم، يؤيد معظم المعسكر الجمهوري المحافظ (79%) والجمهوريين الليبراليين والمعتدلين (65%) الموقف الإسرائيلي وفي المقابل، يؤيد 4% أو 13% (من الجمهوريين الليبراليين) فقط الموقف الفلسطيني. ينطبق الشيء ذاته أيضًا على المعسكر الديمقراطي فمعظم الديمقراطيين المحافظين والمعتدلين (53%) يؤيدون الموقف الإسرائيلي أكثر من الموقف الفلسطيني (19%).
2. أيضا من حيث التقسيم الديني في الولايات المتحدة فهناك فرق: يؤيد المسيحيون الإنجليليون (79%) إسرائيل، بينما يؤيد 5% من بينهم الموقف الفلسطيني. في أوساط المسيحيين البروتستانت والكاثوليك فإنّ نسب تأييد إسرائيل تنخفض ولكن تبقى مرتفعة نسبيًّا، 60% يؤيدون إسرائيل مقابل 14% يؤيدون الفلسطينيين.
3. 85% من المسيحيين الإنجليليين في الولايات المتحدة اليوم، والذين ينتمون إلى الحزب الجمهوري هم من أكبر أنصار إسرائيل. ارتفع تأييد الموقف الإسرائيلي بينهم بعد أحداث الحادي عشر من أيلول من 59% نسبة تأييد إلى 85% خلال أقل من 15 عاما.
4. تؤثر الفجوات بين الأجيال في تأييد القضية الفلسطينية أو الإسرائيلية. قبل نحو عقد كان الأكثر رجحانا أن يؤيّد كبار السنّ إسرائيل أكثر ولكن مواقفهم اليوم قد اختلفت. 43% من كبار السن الذين تم استطلاع آرائهم (فوق سنّ 65) يؤيدون الموقف الإسرائيلي في حين أن 27% منهم يؤيدون الفلسطينيين.
5. يعتقد المزيد من الأمريكيين (50%) أن إسرائيل يمكنها العيش بسلام بجانب دولة فلسطينية مستقلّة أكثر ممّن لا يعتقدون ذلك (42%). أصبح التفاؤل اليوم في أوساط الأمريكيين حول خيار تحقيق حل الدولتين أكبر مقارنة بشهر آب 2014 (43% فقط) إبان اندلاع الحرب في غزة. يعتقد المزيد من الديمقراطيين (61%) أنّ الدولة الفلسطينية المستقلة ستعيش بسلام إلى جانب إسرائيل ويعتقد 38% من الجمهوريين ذلك فقط.
شعبية المرشح الجمهوري لرئاسة أمريكا، دونالد ترامب، تزداد يوما بعد يوم، رغم أسلوبه الفظ وآرائه الطائشة. ماذا يفكر ترامب عن داعش، والاتفاق مع إيران، وإسرائيل؟
لا يمكن تجاهل المرشح الجمهوري لرئاسة الأمريكية، دونالد ترامب. ترامب يتفوق على بقية المرشحين الجمهورين في استطلاعات الرأي الأخيرة، وهو يثير في الساحة الأمريكية اهتماما كبيرا لكونه مرشحا غير عادي، أو لنقول لا مثيل له من ناحية الأسلوب السياسي. فهو مولع بشعره، ويتكلم بلا رقابة، ويعتقد أن الرئيس الأمريكي باراك أوباما أسوأ ما حصل لإسرائيل. من هو دونالد ترامب، وماذا يفكر عن منطقتنا، الشرق الأوسط؟
مهرج الانتخابات الأمريكية
قيل عن ترامب إنه مهرج، وغير جدي، ولا يصلح ليكون سياسيا، ناهيك عن أن يكون رئيسا للولايات المتحدة، فهو في ال69 من العمر، يدلي بتصريحات مثيرة للجدل في الولايات المتحدة دون حسيب أو رقيب. ويقوم بحركات لا يفعلها من يريد أن يرأس البيت الأبيض، مثل أن يدعو امرأة إلى المنبر، حيث كان يخطب، لتتفقد إن كان شعره حقيقيا. لكن ترامب رغم هذا كله، يتصدر استطلاعات الرأي عن الحزب الجمهوري، ويبدو أن الشعب، وإن كان المراقبون والخبراء لا يولونه اهتماما، يهتم به وبأفكاره كثيرا.
لمن لا يعرف، فترامب درس الاقتصاد في كلية وارتون التابعة لجامعة بنسلفانيا، وهي مؤسسة عريقة في الولايات المتحدة، وهو كاتب ناجح، حيث تصدر كتابه “فن إتمام الصفقة” المبيعات في أمريكا، وأصبح من مشاهير أمريكا بعد أن شارك في برنامج تلفزيوني ناجح.
المرشح الجمهوري دونالد ترامب (AFP)
ويسوّق ترامب نفسه على أنه مدير عظيم، ويقدر على إدارة أمريكا في صورة ناجحة وناجعة، مستشهدا بماضيه كرجل أعمال وخبرته في قطاع العقارات. ويقول ترامب في المقابلات التليفزيونية “لقد درست مجال الاقتصاد في الجامعة، وأنا أجيد الاقتصاد، لا القراءة عن شاشة التلقين” في إشارة إلى الرئيس أوباما، الذي يقرأ معظم خطاباته مستخدما هذه التقنية.
وشعار ترامب في الحملة الانتخابية الحالية هو “إعادة العظمة لأمريكا من جديد”.
https://instagram.com/p/49iZfJmhak/
ويعتقد ترامب أن اقتصاد الولايات المتحدة ينهزم أمام الصين واليابان والسعودية. وفي آخر حديث له عن الهجرة غير الشرعية إلى الولايات المتحدة، قائلا إن المهاجرين من المكسيك مسؤولون عن القتل والاغتصاب، استطاع أن يثير حفيظة الملايين في بلد يحترم الهجرة وقد تأسس على هذه الفكرة.
ترامب وقضايا الشرق الأوسط
يعتقد ترامب فيما يتعلق بالسياسة الخارجية للولايات المتحدة في الشرق الأوسط، أن الدخول إلى العراق كان خطأ منذ البداية، لأنه أخلّ بالتوازن بين إيران والعراق، مضيفا أن قرار الانسحاب بعدها “زاد الطين بلة”.
وعن الاتفاق النووي، انتقد تارمب بأسلوبه الهزلي الإدارة الأمريكية بشأن الاتفاق النووي مع إيران، قائلا إن إدارة أوباما عاجزة عن التفاوض بصورة ناجعة، وأنها أرسلت مفاوض “شارك في سباق للدرجات الهوائية وكسر رجله وعمره 73 عاما” في إشارة إلى رئيس الخارجية الأمريكي جون كيري.
فحسب ترامب، الإيرانيون والفارسيون مفاوضون بارعون، أما الجانب الأمريكي فقد أرسل مفاوضين فاشلين. ويقول ترامب أن الجانب الأمريكي بدا متحمسا لعقد الصفقة مع الإيرانيين بدل أن يترك طاولة المفاوضات. وفي اعتقاده فإن الاتفاق لا يضمن وجود مراقبين أجانب في المنشآت الإيرانية الخاصة بالبرنامج النووي، مما يعطي إيران المرونة التامة في نشاطاتها النووية.
المرشح الجمهوري دونالد ترامب في مناظرة انتخابية (AFP)
ولو كان هو المفاوض فقد كان ضاعف العقوبات على إيران بدل رفعها تدريجيا، “حتى يتوسلوا بأنفسهم لإبرام اتفاق فيه خضوع من جانب إيران، وليس خضوعا غربيا كما ظهر في المفاوضات الأخيرة التي انبثق عنها الاتفاق”.
وفيما يتعلق بالدولة الإسلامية، داعش، قال ترامب “لن يكون أحد أشد مني بطشا على داعش” مشيرا إلى أن الدولة الإسلامية أصحبت قوية بفضل الاستيلاء على حقول النفط، وخطته هي القضاء على هذا المورد.
في المجمل يقول ترامب إن الولايات المتحدة أدت إلى فوضى كبيرة في الشرق الأوسط!
مناصر كبير لإسرائيل
يقول ترامب إن دعمه ومحبته لإسرائيل هي حالة استثنائية، حتى بمقاييس الحزب الجمهوري الذي يعد مناصرا لإسرائيل ومؤيدا لها بشكل عام.
ويُعد ترامب نفسه من مناصري إسرائيل الكبار في الولايات المتحدة، كان قد رأس مسيرة “أداء التحية لإسرائيل” عام 2004، وهي مسيرة أصحبت تعقد في نيويورك سنويا. وفي خطوة غير مسبوقة، شارك ترامب، عام 2013، في فيديو دعائي خاص، عبّر فيه عن دعمه لبنيامين نتنياهو ولحزب الليكود الذي يدعمه.
وقال ترامب في الفيديو: “عندكم بالفعل رئيس حكومة عظيم – بنيامين نتنياهو- ليس له مثيل. إنه سياسي رابح، يحظى على تقدير كبير، والجميع يحترمه… صوتوا لبنيامين نتنياهو، إنه رجل عظيم، وقائد عظيم، وخيار رائع لإسرائيل”.
وعن علاقة أوباما بإسرائيل، قال ترامب إن أوباما أسوأ ما حصل لإسرائيل، و أنه “لا يفهم كيف يدعم اليهود في الولايات المتحدة أوباما؟”، معلنا أنه الوحيد الذي سيقدم لإسرائيل دعما حقيقيا. “لقد كان والدي من قبلي مواليا لإسرائيل”، قال مرة، مدعيا أن لديه كثيرا من الأصحاب في إسرائيل، ومشيدا بأنهم رجال أعمال من الفطرة.
علاقته باليهودية
يقول ترامب عن نفسه إنه من اتباع الكنيسة المشيخية التابعة للكنسية البروتستانتية، أما عن علاقته بالديانه اليهودي، فلترامب صلة وطيدة باليهودية من جانب ابنته، إفانكا، التي اعتنقت اليهودية عام 2009، ومنذ ذلك الوقت وهي تحافظ على قداسة يوم السبت مع زوجها اليهودي، جاريد كوشنير، رجل أعمال ثري وصاحب صحيفة “نيويورك أبزيرفير”.
ويقول ترامب “إنني احترم التقاليد اليهودية الخاصة بيوم السبت، وأرى ابنتي حينما تكف عن أداء أي شيء وقت حلول يوم السبت مساء الجمعة. اعتقد أنه تقليد يجلب الهدوء في عصرنا المليء بالضجة”.
إفانكا، ابنة دونالد ترامب (AFP)
ويقول المرشح إن علاقاته بالمجتمع اليهودي في الولايات المتحدة طيبة وتقوم على الاحترام المتبادل.
الرئيس الأمريكي، الذي يسعى جاهدا إلى تسويق الاتفاق النووي المبرم مع إيران، في بلاده، يعول على حزبه الديموقراطي بأن يسانده في حربه ضد الجمهوريين، لكن هذا بدأ يتضعضع
قرار كبير السياسيين الأمريكيين، السناتور الديموقراطي، تشاك شمور، بأنه سيصويت ضد الاتفاق النووي المبرم مع إيران والذي ينتظر مصادقة الكونغرس، يؤكد أن حرب أوباما في إقناع الكونغرس الأمريكي بهذا الاتفاق ليست ضد الجمهوريين فقط، إنما هي أوسع من ذلك، لأن شومر المؤثر في الكونغرس قد يكون يحرك كفة الميزان ضد أوباما داخل حزبه.
ورغم أن شومر، وهو يهودي داعم لمصالح إسرائيل، وعد بأنه لن يحاول التأثير على زملائه في الكونغرس في مسألة مصيرية مثل الاتفاق مع إيران، إلا أنه أوضح في قراره أنه ليس مقتنعا أن الاتفاق سيغيّر من سلوك إيران.
وأشار مطّلعون على الشأن الأمريكي أن السياسي الكبير بمقدوره قلب الحسابات بالنسبة لأوباما الذي يحاول عرقلة تشكل أغلبية مكونة من 60 سناتورا ضد الاتفاق.
وبالتزامن مع قرار شومر الدراماتيكي، أعلن مندوب الديموقراطيين في لجنة الخارجية التابعة للكونغرس، إليوت أنجل، أنه أيضا ضد الاتفاق.
لدى سييرا بلاير (Saira Blair) جدول أعمال جمهوري صلب. إنها تريد أن تقلّل من العبء الضريبي على الشركات، الحفاظ على ضبط الميزانية في النفقات الفدرالية، وتدعم حيازة الأسلحة الخاصة وتعارض الإجهاض بشدّة. فازت أمس بمقعد في مجلس النواب في ولاية فرجينيا الغربية بعد أن هزمت خصمها في نهاية السباق الذي استمرّ أربعة أشهر. أدارت بلاير حملتها من غرفتها في سكن الجامعة، والتي بدأت الدراسة فيها هذا العام. بلاير هي طالبة جامعية في السنة الأولى، وقد احتفلت بيوم ميلادها الثامن عشر فقط قبل شهرين.
سجّلت بلاير، التي تدرس الاقتصاد والجيولوجيا في جامعة ولاية فرجينيا الغربية، إنجازا تاريخيا حين أصبحت المشرّعة الأصغر سنّا في تاريخ الولايات المتحدة. لقد أنجزت ذلك بعد أن هزمت بغالبية 63% مقابل 30% المرشّحة الديمقراطية البالغة من العمر 44 عامًا، في نهاية حملة أكّدت على الحاجة إلى “إسماع أصوات الشباب في فرجينيا الغربية”. ولقد حصلت على الحقّ في الترشّح لمجلس النواب في الولاية المتاخمة لواشنطن العاصمة بفضل انتصار ساحق سجّلته في الانتخابات الداخلية للحزب الجمهوري في شهر أيار، حين كانت في سنّ السابعة عشرة.
Saira Blair (Facebook)
إنّ الطموح السياسي لدى بلاير كامن في أسرتها؛ فوالدها كريغ بلاير هو عضو مجلس الشيوخ في ولاية فرجينيا الغربية، وقد شجّع ابنته للترشّح وساعدها في الحملة. “هذا ليس علم صواريخ”، قالت بلاير لـ “وول ستريت جورنال” عن حملتها. “القضية هي الإنصات للناس وفهم آرائهم”. نجحت بلاير في إقناع الناس أيضا في دعمها اقتصاديا أكثر من منافستها، حيث تمكّنت من جمع 15 ألف دولار للحملة، وأضافت 4000 دولار من مدّخراتها المتراكمة من هدايا عيد ميلادها وعملها في البستان. “أردت أن يفهم الناخبون أنّني جدّية”، قالت موضّحة سبب استخدام مدّخراتها. “على المرشّحين أن ينمّوا جلدًا سميكًا في هذه اللعبة”.
إنجاز كبير للأمريكيين من أصول أفريقية
مايا لاف (AFP)
امرأة أخرى دخلت في التاريخ وهي مايا لاف (Mia Love) البالغة من العمر 38 عامًا، وهي الجمهورية السوداء الأولى في مجلس النواب من ولاية يوتا المحافظة والتي غالبية سكّانها من البيض. لاف هي واحدة من ثلاثة جمهوريين أمريكيين من أصول أفريقية تم انتخابهم لمجلس الشيوخ في واشنطن. وللمقارنة، فلدى الديمقراطيين هناك 43 من المشرّعين السود في الكونغرس.
ولدت لاف في نيويورك عام 1975 لمهاجرين من هايتي. وبعد أن استكملت دراستها في الجامعة في الفنون المسرحية، عملت كمضيفة طيران وانتقلت للإقامة في ولاية يوتا. وعلى الرغم من ولادتها لوالدين من الكاثوليك، قرّرت لاف أن تعتنق المورمونية بعد أن التقت بزوجها جايسون لاف.
إنّ انتخاب لاف للكونغرس ليس مجرّد إنجاز شخصي بالنسبة لها، وإنما بالنسبة للحزب الجمهوري، الذي يجد صعوبة في الوصول إلى الناخبين من الأقليّات (السود وذوو الأصول الإسبانية على سبيل المثال) والنساء. ولكن الآن، كما ذكرنا، لديه لاف؛ وهي امرأة شابّة وابنة لمهاجرين نجحوا في تحقيق الحلم الأمريكي من تلقاء أنفسهم. هذه قصة يحبّ المحافظون في الولايات المتحدة سماعها، وهم يأملون أن تكون لاف بمثابة جسر لهم إلى السود والنساء في الولايات المتحدة.
بين التحوّل والثورة: تسونامي جمهوري يجتاح الكونغرس الأمريكي
رغم أنّ أوباما والديمقراطيين تراجعوا بشكل كبير في الانتخابات النصفية في الولايات المتحدة، ولكن لا يزال من السابق لأوانه تعريف الرئيس في البيت الأبيض كبطّة عرجاء
يُلحق جمهور الناخبين الأمريكي هزيمة مؤلمة ومهينة للرئيس باراك أوباما وللحزب الديمقراطي في الانتخابات النصفية التي جرت أمس (الثلاثاء) في الولايات المتحدة. لقد قدّموا نصرًا تاريخيا، جنبًا إلى جنب مع السيطرة على مجلسي الكونغرس، لصالح خصومهم الجمهوريين. استيقظت واشنطن صباح اليوم على واقع سياسي جديد، حيث من أحد جوانبه رئس ديمقراطي ضعيف وجناح ليبرالي حالم، ومن الجانب الآخر كونغرس جمهوري مترابط وجناح محافظ مخمور من النصر.
تجادل المعلّقون في التلفاز فيما بينهم في بداية الليلة إذا ما كان هناك مبرّر للحديث عن “موجة” جمهورية، ولكن كلما تمّ إغلاق مراكز الاقتراح في الولايات المختلفة اتّضح أنّها عبارة عن تسونامي، صدمت قوّته الجمهوريين أنفسهم أيضًا. رغم أن فرز الأصوات لم ينته بعد، وستتم في ولاية لويزيانا أيضًا جولة ثانية، فقد نجح الجمهوريون في مهمّتهم الرئيسية بما يفوق التوقّعات. لقد نقلوا لصالحهم ما بين ثمانية إلى عشرة مقاعد في مجلس الشيوخ، والتي كان الديمقراطيون يمسكون بها حتى الآن، ووجدوا أنفسهم مع غالبية عظمى من 53-54 من أعضاء مجلس الشيوخ من بين 100 عضو. وهي نتيجة لم يحلموا بها أيضا في أحلامهم الأكثر ورديّة.
لكن ذلك لم يكن كافيا، فمن المتوقع أن يزيد الجمهوريون من غالبيّتهم في مجلس النواب من 233 إلى نحو 245 ممثّل وأن يحققوا رقمًا قياسيا لم يتحقق مثله منذ 65 عامًا. ورغم إنجازاتهم في الكونغرس، فيبدو أنّ انتصاراتهم الأكثر إثارة للإعجاب تم تحقيقها تحديدا في التنافس على مناصب حكام الولايات المختلفة، فهناك كان يُتوقّع منهم الهزيمة. ومع ذلك، فاز الجمهوريون بسلسلة من المعارك على مناصب الحكام والتي كانت محطّ اهتمام الرأي العام، في ولايات مثل إلينوي، فلوريدا، ميريلاند، أوهايو وويسكونسن. حتى في ولاية كانساس، التي يعتبر فيها الحاكم الجمهوري أحد من قادوا الولاية إلى فشل اقتصادي غير مسبوق.
فإنّ نتيجة التصويت، والاستطلاعات التي رافقتها، تعكس كلا من غضب المصوّتين من أوباما وسياسته والمزاج المتشائم الذي يعيش فيه الرأي العام الأمريكي خلال معظم فترة ولايته. وستظهر النتائج بما لا شكّ فيه باعتبارها تعبيرًا عن عدم الثقة به وبإدارته. ومع ذلك، ومن المفارقات، أنّ محاولات المرشّحين الديمقراطيين أيضًا للابتعاد عن أوباما كما يبتعد المرء عن النار قد عملت في غير صالحهم. فقد أثار ذلك استياءً وشعورًا بالإهانة في أوساط النواة الصلبة لمؤيدي الحزب، وخصوصا أبناء الجالية الإفريقية الأمريكية، الذين فضّلوا البقاء في المنزل بدلا من تكلّف الذهاب لصناديق الاقتراع. وكانت النتيجة الحتمية هي التدفق إلى صناديق الاقتراح من قبل معارضي أوباما الغاضبين مقابل امتناع جماعي عن التصويت من قبل مؤيّديه، المهانين وغير المبالين على حدّ سواء.
وأيّة كانت الأحوال، فإنّ النتائج المأساوية تتحدّث عن نفسها: انحياز كبير للسياسة الأمريكية إلى الاتجاه المحافظ في الشؤون الداخلية والاتجاه الصقوري في السياسة الخارجية. وقد نجح الرئيس أوباما بالفعل في استدعاء القيادات الجديدة لمجلسي الكونغرس إلى لقاء في البيت الأبيض يوم الجمعة ليبرز للرأي العام استعداده لفتح صفحة جديدة في علاقاته الباردة مع الجمهوريين. ولكن التقديرات هي أنه في نهاية المطاف سيسود صوت الجمهوريين الذين يريدون التنافس مع الرئيس قبيل انتخابات 2016 على أولئك الذين يسعون إلى التعاون معه.
ومن المتوقع أن تندلع الصراعات الداخلية بعد تعافي الجمهوريين من مخلّفات احتفالات النصر. وذلك بين المؤسسة المعتدلة، التي ترى في الانتصار الذي تحقّق أمس باعتباره نتيجة مباشرة لسياستها الحكيمة والمدروسة، وبين رجال الأيديولوجيا وجماعة حفل الشاي، الذين يعتقدون أنّه تم تحقيق النصر تحديدا بفضل حماسهم وحشدهم لصالح الحزب. وتدرك قيادة الحزب حقيقة أن الجمهور العريض لديه تحفظات عميقة حولها أيضا، كما أثبتت الاستطلاعات، وهي تسعى الآن إلى إثبات قدراتها في الحكم والتصرّف بطريقة بنّاءة، حتى لو كان ذلك يعني تذويب الجليد العميق الذي ساد حتى الآن في علاقاتها مع البيت الأبيض بإدارة أوباما. ويرى جماعة حفل الشاي، والذين انتُخب الكثير منهم أمس للمرة الأولى، في الانتصار نتيجة مباشرة للسياسة التي اعتمدها الحزب في علاقاته مع الرئيس ومفتاحا لهزيمة الديمقراطيين أيضًا عام 2016.
بخلاف أمنيات القلب في القدس، فمن السابق لأوانه تعريف أوباما كبطّة عرجاء، سواء بسبب الصلاحيات الواسعة التي لا يزال يملكها وفقا للدستور الأمريكي، أو بسبب قدرته على استعادة وعيه في وقت لاحق وأن يستعيد لنفسه بعض التعاطف الشعبي الذي خسره. وبالتأكيد سيكون الكونغرس الجديد أكثر اهتماما بمواقف رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، ويمكنه أن يُستخدم كمكابح لسياسة الرئيس، ولكن سيتم الشعور بتأثيره بشكل أساسي عندما يتمّ التوصل إلى اتفاق بين الحكومة وإيران بخصوص القضية النووية. في حال قرّر أوباما إلقاء كلّ ثقله في صالح الاتفاق مع إيران، فمن الممكن أن تقف إسرائيل في مركز مواجهة دستورية وسياسية حامية بين السلطة التشريعية، الكونغرس، وبين السلطة التنفيذية في الولايات المتحدة، البيت الأبيض. ومع ذلك، ففي كلّ ما يتعلّق بالشأن الفلسطيني، لدى الكونغرس فقط قدرة تأثير محدودة على مسار الحكومة، وخصوصا في الحالة التي سيتورّط فيها بصراع دائم معها.
والذي يتعيّن عليه بشكل شبه مؤكد توجيه طريقه بين المعسكرين كزعيم للأغلبية في مجلس الشيوخ، هو عضو مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل، والذي كان انتصاره الصريح في كنتاكي هو الأول في سلسلة طويلة من إنجازات الجمهوريين. ورغم ذلك، فإنّ زعيم الغالبية في مجلس النواب، جون بوينر، ربّما يُضطر للعمل بشكل قاس من أجل الحفاظ على كرسيّه. يرى بعض الناخبين الجدد فيه عنصرا معتدلا وحساسا زيادة عن اللزوم، وهم ينوون أن يضعوا أمامه مرشّحا من قبلهم لينافس أيضا المتعاونين من قيادة الحزب، بالإضافة إلى الأعداء الحقيقيين في البيت الأبيض وأروقة الحكومة.
ويتوجه الاهتمام الآن أيضا إلى رئيس وحيد ومنعزل في البيت الأبيض وإلى الدروس التي قد يستفيدها من هزيمته. وقد جهّز أمس بالفعل ذريعة وقال إنّ الخارطة السياسية في التنافس على الكونغرس كانت سيئة بشكل خاص هذا العام بالنسبة للديمقراطيين. ولكن مع ذلك فإنّ جزءًا كبيرا من ذنب الهزيمة يقع على كاهل أوباما، ليس بسبب طبيعة سياسته، وإنما نتيجة لفشله الذريع في تسويق نفسه للجمهور.
هناك شتيمة صينية كما يقال، وأصلها أساسا من لندن منذ القرن العشرين، تتمنّى لمتلقّيها: “أن يعيشوا بأزمنة مثيرة للاهتمام”. بعد ثورة أمس، شيء واحد مؤكّد: ستكون السياسة في أمريكا الآن أكثر إثارة للاهتمام، ولكن قد يكون ذلك بالمعنى السيّء للكلمة.
أوباما ونتنياهو خلال لقائهما في البيت الأبيض (AFP)
السناتور الجمهوري في القدس يصلي لهزيمة الديمقراطيين
نتنياهو يأمل أن صعود الجمهوريين من شأنه إفشال فرصة التوصل لاتفاق مع إيران. ولكن أوباما، بينما ليس هناك ما يخسره، قد يصفي حسابه معه ويدفع نحو توقيع المعاهدة النووية
ستبقى الأضواء في مكتب رئيس الحكومة شاعلة لساعة متأخرة يوم الثلاثاء القادم. لن ينتظر نتنياهو، الذي سيقضي الليل وهو يشاهد قناة فوكس وهو متوتر، اتصالاً من مقر “هكرياه”، بل من منزل السفير الإسرائيلي في واشنطن، رون درمر. ستتناول تلك المحادثة نتائج انتخابات منتصف الولاية للكونغرس الأمريكي.
ليس سرًا أبدًا أن نتنياهو يُصلي لهزيمة الديمقراطيين وتوسع الحكم الجمهوري في مجلس النوّاب وكذلك في مجلس الشيوخ. إن أخذنا بالحسبان استطلاعات الرأي في الولايات المتحدة، هنالك احتمال بأن تتم الاستجابة لصلواته. إلا أن رئيس الحكومة لا يتعجل لفتح زجاجات الشمبانيا قبل الأوان. سبق أن فعل ذلك في الانتخابات الرئاسية قبل عامين، فقط لكي يرى ميت روماني يُهزم على يد باراك أوباما.
لا يحتاجون في البيت الأبيض لـ NSA للتخمين بخصوص النتائج التي يريد نتنياهو أن يستيقظ عليها يوم الأربعاء. هم على قناعة أن نتنياهو ذاته كان بإمكانه أن يندمج في الكونغرس كسناتور جمهوري. هم يعرفون أن السفير درمر يُكرس معظم وقته في عقد لقاءات مع مشرعين جمهوريين وهم يتذكرون أن نصيره، شيلدون أدلسون، استثمر 100 مليون دولار بمحاولة إسقاط أوباما.
وعلى ذكر درمر وأدلسون، فإنه قبل بضعة أشهر التقت مستشارة الأمن القومي، سوزان رايس، مع قائد منظمة يهودية مركزية في الولايات المتحدة. وسألها لماذا لا تقابل درمر. وأجابته رايس بطريقتها التهكمية المعتادة. “لم يطلب لقائي. “وعرفت، غير ذلك، أنه الآن منشغل بالسفر لحضور حفلات شيلدون أدلسون في لاس فيغاس”.
نتنياهو ورومني (Marc Israel Sellem/GPO)
أرادت رايس بذلك التلميح إلى المشاركة الاستثنائية لـ “درمر” كضيف شرف في مؤتمر الائتلاف اليهودي – الجمهوري في آذار. أثبت ذلك الحدث لمستشاري أوباما أنه على الرغم من “الصفحة الجديدة” التي وعد درمر بفتحها عند وصوله إلى واشنطن، لا يزال يتلاعب بالسياسة الخارجية الأمريكية، ويميل دعمه إلى المعسكر الجمهوري.
نتنياهو على ثقة، أو تُراه يُقنع نفسه، أنه بعد فوز الجمهوريين لا بد أنه سيتم الحد من مناورات الرئيس أوباما. هو يؤمن أن فوز الجمهوريين يمكنه أن يساعده على إفشال ما قال عنه أوباما ومستشاروه إنه أهم موضوع في السياسة الخارجية في الولاية الثانية للرئيس – اتفاق تاريخي مع إيران بخصوص المشروع النووي. ستُنشر نتائج الانتخابات للكونغرس قبل ثلاثة أسابيع من انتهاء المدة التي تم تخصيصها للمفاوضات بين إيران والدول الست، وقبل خمسة أيام من اجتماع القمة بين وزير الخارجية الأمريكي، جون كيري، ووزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، وكاثرين أشتون من الاتحاد الأوربي.
الملياردير اليهودي – الأمريكي شيلدون أدلسون وقرينته مع الزوج نتنياهو (FLASH90)
من المتوقع أن يعلن نتنياهو، بعد الانتخابات مباشرة وتحديدًا في حال فاز الجمهوريون، هجومًا عامًا لتحريض الكونغرس الأمريكي ضد أي صفقة مع إيران. سيُجهز مبعوثو نتنياهو بيانات موجزة مُستعجلة وسيطلبون من المشرعين الأمريكيين العمل؛ وسيخرج وسيدخل الفاعلون داخل اللوبي المؤيد لإسرائيل “إيباك” إلى مكاتب نواب الكونغرس وأعضاء مجلس الشيوخ وهم يحملون في أيديهم توصيات نتنياهو.
إلا أنه، ربما في هذه الحالة أيضًا، نتنياهو – الذي يُعتبر هو ذاته خبير بشؤون الولايات المتحدة – قد يكون مخطئًا بتحليله للواقع. ربما يكون قد نسي أن تأثير الكونغرس، فيما يتعلق بالسياسة الخارجية، على تقييد الرئيس هو غير ممكن. ربما يشعر أوباما بعد فوز الجمهوريين بأنه أساسًا ليس هناك ما يخسره. هكذا، يكون متحررًا من حبال السياسة، وحينها لن يدفع فقط نحو توقيع اتفاق مع إيران، بل أيضًا سيصفي حسابات مع نتنياهو.