إن الأجواء في أوساط الجالية الموالية لإسرائيل ليست مريحة. صحيح أن الإيباك قد نجح في جذب نحو عشرين ألف شخص إلى واشنطن، لاستعراض قوة هام، للمنظمة التي شهدت حالة من صورة ذاتية صعبة، بعد الاتّفاق مع إيران، ولكن مستوى الحماس منخفض. إذ يتحفظ الديمقراطيون وأعضاء اليمين من العلاقة القريبة بين إسرائيل وترامب. فمن يسدي النصائح لنتنياهو بهذا الاتجاه يؤدي إلى ضرر كبير لإسرائيل.
ترامب جاد في صفقة السلام، هذا وفق تقديرات جهات إسرائيلية وأمريكية تحدثتُ معها. ما هذه الصفقة؟ ليس واضحا بعد. ولكن يبدو أن ترامب يرغب في أن يظهر أنه قادر على النجاح في المواضيع التي فشل فيها الآخرون. فهو يوعز وظيفة الوساطة إلى الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، الذي يستعد كثيرا لزيارته القريبة إلى واشنطن. من بين شخصيات أخرى، التقى السيسي الملياردير اليهودي رون لاودر (ليس واضحا بعد إذا كان بسبب قربه من نتنياهو أو من ترامب). قالت لي جهة إسرائيلية: نحن ساعدنا السيسي للتواصل مع الأمريكيين في عهد أوباما، وكلنا أمل مع مرور الوقت، أن يساعدنا في التواصل مع ترامب.
لقد تحدثتُ كثيرا بالنسبة للمبعوث الخاص بترامب المسؤول عن شؤون الشرق الأوسط، جيسون جرينبلات، مع من التقوا به. أشار الجميع إلى حقيقة واحدة: ينجح هذا السياسي في الإصغاء. فهو يبذل جهودا ليظهر معتدلا ومنطقيا تجاه العرب (من بين أمور أخرى، من خلال إزالة القلنسوة السوداء التي يضعها دائما، لأنه متديّن، وذلك في اللقاءت الرسمية، وكأن الأشخاص الذين يتحدثون معه سينسون للحظة أن هذه الإدارة مثل سابقاتها، تفضل لسبب ما، وسطاء يهودا بين إسرائيل والفلسطينيين). ليست هناك إجابة بعد حول ماذا سيفعل جرينبلات بالمعلومات التي يجمعها، وهل يهتم البيت الأبيض بالموضوع، في حين تحدث مشكلة تلو الأخرى، نسب دعم الرئيس منخفضة جدا، وكل خطوة يتخذها لا تنجح في ظل الواقع السياسي.
عودة إلى “صفقة السلام” – لا ينوي ترامب الموافقة على الخطوات التي قد تشكل خطرا على إمكانية إجراء صفقة بين إسرائيل والفلسطينيين وربما على دول عربية أخرى ولذلك يرجئ الموافقة على المستوطنات والإعلان عن نقل السفارة الأمريكية إلى القدس. ينقل العرب رسائل متساهلة ولكنها قاطعة. من جهة إسرائيل، فهي لا تحاول التصريح عن بناء مستوطنة بديلة لسكان عمونا الذين تم إخلاؤهم كخطوة صغيرة ومحلية، بل يدور الحديث عن طلب من الأمريكيين للاعتراف بالبناء في المستوطنة الجديدة في مناطق الضفة الغربية. هذه خطوة هامة غير مسبوقة. إذا نجح نتنياهو في إقناع إدارة ترامب بذلك، فهذا إنجاز كبير من جهته.
أبدت الأمم المتحدة – الشيء الوحيد الذي يختلف في إدارة ترامب عن إدارة أوباما حتى الآن – معارضة شديدة ضد الإضرار بإسرائيل في الأمم المتحدة ومؤسساتها. كان خطاب سفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة، نيكي هالي، الأفضل في الأيباك وفق رأي الكثيرين. رغم ذلك، يجب التذكر أن ترامب لا يدفع ثمنا سياسيًّا مقابل ذلك، بل على العكس، فهذا يتماشى مع موقف النفور العام الذي تبديه إدارته تجاه المؤسّسات الدولية.
سوريا – الموضوع الأهم أمنيا، هو تمركز حزب الله وإيران في الجولان. من جهة أخرى، يقف على الحدود الزعيم الروسي، فلاديمير بوتين. ما هو موقف إدارة ترامب من هذا الموضوع؟ يمكن القول إن إسرائيل تعمل عملا حكيما إذا اهتمت بإدارة الموضوع ذاتيا افتراضا أنه لا يمكن الاعتماد على أحد.
الجامعة العربية: للمرة الأولى منذ سنوات، هناك سبب جيد لدى العرب – إدارة ترامب والصفحة الجديدة التي فتحها – سواء كان بدعم الدول العربية أمام إيران أو من خلال الاهتمام بالموضوع الفلسطيني ثانية، الذي سيمنح مصر، الأردن، وربما سعودية، فرصة لكسب مكانة وأهمية جديدة في واشنطن. نتمنى مؤتمرا جيدا وألا يتضمن الكثير من النزاعات.