الثورة السورية

"براميل الموت"
"براميل الموت"

5 حقائق مروّعة عن “براميل الموت” – سلاح الأسد الفتّاك

هل الأسد هو أول طاغية، في العالم الذي يستخدم البراميل المُتفجرة ضد أبناء شعبه؟ على ماذا تحتوي؟ وما هو حجم قدرتها على إحداث الدمار؟

في صيف 2012، عندما تحوّلت “الثورة السورية” إلى حرب أهلية بكل معنى الكلمة، بدأ الجيش السوري، لأول مرة، بإلقاء براميل مُتفجرة على التجمعات السكنية في المناطق التي أعلنت معارضتها الواضحة لنظام بشار الأسد.

لقد زرعت البراميل المتفجرة أو قنابل البراميل تلك، التي يُسميها السوريون أيضًا “براميل الموت”، (ولا تزال) الدمار والخراب في المباني والممتلكات، وأدت إلى قتل وجرح آلاف الأشخاص، غالبيتهم الساحقة، من المواطنين الأبرياء.

إذًا، ما هي تلك البراميل المُتفجرة؟ هل الأسد هو أول من استخدمها ضد أبناء شعبه؟ وما هو حجم قدرة تلك البراميل على إحداث دمار وقتل؟

إليكم 5 حقائق مروّعة تتعلق بالسلاح الأكثر تخلفًا والأكثر فتكًا:

1. استخدام البراميل المُتفجرة، كوسيلة قتالية، من قبل الأنظمة الديكتاتورية ضد الانتفاضات الشعبية هو أمر ليس جديدًا، وفي سنوات التسعينيات الأولى، تم توثيق عدة حالات استخدام للسلاح من هذا النوع، مثلاً: في كرواتيا ضد القوات الصربية، في السودان في منطقة دارفور، وفي العراق – لقمع ثورة المواطنين في منطقة الفلوجة وفي مناطق عديدة كانت تحت سيطرة الدولة الإسلامية، خلال السنوات الأخيرة. بالإضافة إلى ذلك، يُمكن اعتبار، أن الحالة السورية هي الأكثر ضراوة، استمرارا ووضوحا على ضوء الثمن الباهظ الذي تحصده البراميل المُتفجرة المُتمثل بحياة المواطنين والدمار البيئي الذي تسببه تلك البراميل، من خلال خرق سافر للمعاهدات الدولية.

2. ما هو البرميل المتفجر؟ نُدرك، من خلال شهادة قدمها ضابط مُنشق عن جيش الأسد، أن سلاح الجو السوري يستخدم لفائف معدنية، عادة، تتم إعادة استخدام أنابيب أو حاويات معدنية مُصممة لهذا الغرض تحديدًا. طول كل برميل هو متر ونصف أو أكثر، وقطره من 25 سم – نصف متر، بينما تصل سماكة الغلاف الخارجي إلى سنتيمتر. يتراوح وزن كل برميل ما بين 200 – 300 كغم، وحتى 500 كغم، وهي ممتلئة بالمواد المتفجرة أو مواد أُخرى قابلة للانفجار وليست قانونية: أسمدة، بودرة ألمنيوم (لزيادة الاشتعال)، كرات حديدية وشظايا معادن، أو مواد كيماوية وغازات سامة.

3. عادة ما تُلقى هذه البراميل من ارتفاع نحو 3 كم، وتستغرق مدة سقوطها، من لحظة إلقائها إلى حين تفجرها، ما بين 20 – 30 ثانية. يُشار إلى أن هذا السلاح غير قابل للتوجيه، وبسبب شكل الانفجار، لا تكون إصابة الهدف دقيقة، لهذا تُستخدم في الأماكن المأهولة والمُكتظة. يؤثر خليط المواد، الذي يتم وضعه في البرميل، تأثيرا ملحوظا؛ عندما يرتطم بالأرض أو بأي جسم موجود فوق الأرض، وينتج انفجارًا كبيرًا ويتشكل عمود من النار والدخان، يرتفع لعشرات الأمتار. يؤدي هذا الأمر إلى الدمار، اندلاع النيران ويُلحق إصابات خطيرة بجسم الإنسان. قد يصل مدى اتساع رقعة التسبب بإصابات إلى 250 مترًا من مكان سقوط البرميل، وهذا يتعلق بوزنه.

براميل مُتفجرة تلقى على التجمعات السكنية
براميل مُتفجرة تلقى على التجمعات السكنية

4. يتضح من شهادة الضابط السوري أن تجهيز وتصميم البراميل المُتفجرة كانا يحدثان في “الشركة العربية للحديد”؛ في شمال سوريا، الموجودة بجانب مدينة بانياس، بمساعدة كتيبة الهندسة المُتمركزة قرب المصنع، وبمساعدة الكتائب الهندسية المحلية القريبة من مطارات عسكرية ومدنية في المناطق المُختلفة. اتضح أيضًا من كلامه أن نظام الأسد فرض على مراكز أبحاث علمية في حلب، دمشق، حماة – المساهمة بالجهود التكنولوجية المطلوبة من أجل إنتاج تلك البراميل. بالإضافة إلى ذلك، فإن استخدام البراميل، من هذا النوع، متاح فقط بمساعدة المروحيّات (ما زال الجيش السوري يملك نحو 60 مروحية من نوع MI-18 و MI-17 – المُصممة لهذا الغرض)، والتي تطير بسرعة وارتفاع مُنخفض وتحتوي على باب جانبي قابل للفتح، ومنها تُلقى البراميل يدويًّا. ربما يساعد هذا العائق الثوار بالتيقظ والاحتماء في مكان آمن عندما تُحلق المروحيات فوقهم، أو إطلاق النار باتجاه المروحيات، ولكن ذلك لا يُفيد كثيرًا المواطنين المُختبئين في بيوتهم.

https://www.youtube.com/watch?v=nwcNfe01RtM

5. ألقت مروحيات الأسد، منذ عام 2012، أكثر من 5150 برميلاً في كل مناطق الاقتتال (دمشق، القنيطرة، درعا، حمص، حماة، إدلب، حلب وعند الحدود اللبنانية)، والتي أدت إلى مقتل أكثر من 12000 شخص وإصابة أكثر من نحو 100000، غالبيتهم مواطنين أبرياء، من أبناء الطائفة السنية. كَثُرت، في الأشهر الأخيرة، التقارير التي تتحدث عن براميل مُتفجرة تحتوي على مادة الكلور، وفقًا لآثار الحروق والاختناق التي عانى منها المصابون.

على الأرجح، فإن البراميل المُتفجرة ستستمر بالسقوط على رؤوس المواطنين السوريين طالما بقي الأسد، من جهة، مُصممًا على إخضاع المتمردين، ومن جهة أُخرى، طالما بقي الثوار مصممون على إسقاطه – وستستمر تلك البراميل كدلالة على الحرب القاسية والدامية في سوريا، التي لا يبدو في الأفق أي بصيص أمل يُشير إلى نهايتها.

كُتبت هذه المقالة اعتمادًا على مُعطيات نُشرت في موقع Middle news

اقرأوا المزيد: 658 كلمة
عرض أقل
صورة بشار الأسد (AFP)
صورة بشار الأسد (AFP)

هل سينهار نظام الأسد قريبا أم ستنهار التقديرات حول سقوطه؟

اكتسب الحديث عن اقتراب نهاية نظام الأسد في سوريا زخما في الأسابيع الأخيرة حيث ظهرت تقارير تتحدث عن فرار علويين من سوريا وأخرى عن تقدم ملحوظ للثوار. أهو حقيقة أم أمنية الثوار؟

03 مايو 2015 | 19:59

التقديرات التي تتحدث عن نهاية نظام الأسد تظهر مؤخرا بكثرة في المواقع الأجنبية والعربية، وهي مشابهة من ناحية الفكرة للتقديرات التي ظهرت في بداية الثورة السورية أو الحرب الأهلية في سوريا كما يسميها بعضهم اليوم. وكلنا نعلم أن تقديرات عام 2011 أخطأت، والأسد ما زال حاكما في بلده، مُثبتا قدرته على البقاء، فهل يتضح قريبا أن الحديث مجددا عن نهايته كان في غير أوانه، أم أن الوضع يختلف المرة؟

تستند التقديرات الحالية التي تتوقع نهاية نظام الأسد إلى تطورات عديدة في سوريا، كانت قد طرحت في السابق، وهي أن المعارضة السورية تبدو أكثر تنظيما من قبل، وأن الانشقاقات في صفوف الجيش السوري النظامي تزداد، وأن تجنيد العلويين للقتال لصالح الأسد أصبح أصعب من ذي قبل.

فبالنسبة للتطور المتعلق بالمعارضة، يتحدث مطلعون على الشأن السوري عن أن جبهة النصرة عززت من نفوذها في صفوف المعارضة بعد إضعاف خصومها في سوريا، وعلى رأسهم تنظيم الدولة الإسلامية جرّاء ضربات التحالف الأجنبي ضدّه، وهذا يعني أن النصرة وأحرار الشام موحدين أكثر ضد النظام.

ويشير آخرون إلى أن جيش الأسد يدخل العام الخامس من الحرب وهو “منهك” و “جريح”، إضافة إلى أن علويين كثيرين يتجنبون الالتحاق بالجيش. وتحدث كثيرون عن “معنويات متدنية” للجنود العلويين، خاصة بعد استجداء العقيد العلوي، سهيل الحسن، الملقب ب “النمر”، النظام مدّه بالذخائر.

وأشار هؤلاء إلى أن الاجتماع الطارئ للقيادة السورية، في حماة نهاية شهر فبراير/ شباط، هذا العام، حيث حضر ماهر الأسد ووزير الدفاع السوري وضباط سوريون وعناصر من الحرس الثوري الإيراني، يدل على انهيار النظام.

ورغم هذه القراءات، يقول مختصون أمريكيون في الشأن السوري، تحدثوا مع المجلة الأمريكية “فورين بوليسي”، إن التطورات التكتيكية على الأرض لصالح المعارضة، بما فيها تقدم الثوار في إدلب وجسر الشغور، لا تدل بالضرورة على تغيّر جذري في الحالة السورية، ولا سيما على علامات قوية توحي بسقوط الأسد في المدى القريب.

وأشار المختصون إلى أن الوصف الأفضل للحالة السورية هو أنها حالة “مد وجزر” خاصة أن الفئات التي تساهم في الحرب السورية عديدة وتشهد بين حين وحين صعودا ومن ثم هبوطا.

اقرأوا المزيد: 309 كلمة
عرض أقل
مقاتلو جبهة النصرة (AFP)
مقاتلو جبهة النصرة (AFP)

العودة الدمويّة: “خرّيجو” سوريا واستقرار السعودية

وجود المقاتلين في سوريا وعودتهم إلى بلادهم الأصلية قد يشكلان مشكلة أمنية بالنسبة لدول كثيرة في المنطقة وخارجها، وليس بسبب عدد المقاتلين الكبير وعدد الدول الكثيرة التي يصلون منها فحسب

وجود المقاتلين في سوريا وعودتهم إلى بلادهم الأصلية قد يشكلان مشكلة أمنية بالنسبة لدول كثيرة في المنطقة وخارجها، وليس بسبب عدد المقاتلين الكبير وعدد الدول الكثيرة التي يأتون منها فحسب. فهذه الظاهرة ليست جديدة بالنسبة للسعودية. وكان السعوديّون منخرطون في القتال في دول أجنبية منذ فترة الجهاد ضدّ السوفيات في أفغانستان في سنوات الثمانينات، بل وكانوا يشكّلون جزءًا كبيرًا فيما بعد بين أوساط خرّيجي أفغانستان من الجيل الثاني، والذين تدرّبوا في تلك البلاد من سنوات التسعينات، وهم يشكّلون اليوم إحدى المجموعات الأجنبية المقاتلة الكبيرة في سوريا.‎ ‎

أدّت المعركة بين نظام الأسد وحلفائه وبين مجموعات الثوّار المختلفة، والتي من بينها عناصر سلفيّة جهادية، تتواصل بشكل مباشر وغير مباشر مع تنظيم القاعدة، إلى تيّار من المتطوّعين الأجانب الذين طلبوا دعم الأطراف المتحاربة. بينما تجنّد رعاة النظام من الإيرانيين وحزب الله اللبناني لصالح قوى النظام، فتجنّد عدد كبير من المتطوّعين من الشرق الأوسط، شمال إفريقية، آسيا بل ومن أوروبا وأمريكا الشمالية، جميعًا لصالح المعارضة. وتأسست بمساعدة وتمويل الجمعيات الخيرية والداعمين من السعودية ودول الخليج فصائل المعارضة المختلفة في سوريا كقوى مقاتلة مستقلّة. يشكّل العدد الكبير نسبيًّا للشباب القادمين من شبه الجزيرة العربية للقتال في سوريا، وخطر عودتهم إلى بلادهم الأصلية، مشكلة أمنية كبيرة.

هل يعود خريجو سوريا الى منازلهم لمحاربة حكام بلادهم (AFP)
هل يعود خريجو سوريا الى منازلهم لمحاربة حكام بلادهم (AFP)

‎ ‎بينما كانت الفصائل تقاتل النظام وتقاتل بعضها البعض، استمرّ التوجّه لدخول المتطوّعين الأجانب لسوريا، بشكل أساسيّ من تركيا ولكن من لبنان والأردن أيضًا، بهدف تعزيز الجهود ضدّ نظام الأسد. من الممكن أن يشكّل هؤلاء المتطوّعون، الذين يقدّر عددهم بالآلاف، تهديدًا خطرًا على استقرار وأمن بلادهم الأصلية، حيث كان “خرّيجو أفغانستان” في سنوات التسعينات عاملا مقوّضا للاستقرار حين عادوا إلى شبه الجزيرة العربية. كانت تلك العناصر التي حاربت السوفيات إلى جانب قوات طالبان، كادرًا واسعًا من المجنّدين، الذين بنوا روابط اجتماعية، وراكَموا خبرة عملية كبيرة وشكلوا أساسا للتعاون الإقليمي الذي تطوّر ليصبح تهديدًا للأنظمة “المعتدلة” في الشرق الأوسط.

فهناك أدلّة على مشاركة “خرّيجي” سوريا في نشاطات إرهابية في بلادهم الأصلية وفي ساحات قتال في الشرق الأوسط، ومن بينهم عناصر تنظيمات الجهاد العالمي، الذين يستندون إلى التجربة القتالية التي راكموها في سوريا. هكذا على سبيل المثال، تم الإبلاغ عن نشاطات “خرّيجي سوريا” في مصر بعد أن انضمّوا لتنظيم “أنصار بيت المقدس”، الذي يعمل في سيناء ضدّ قوى الجيش المصري وضدّ أهداف على الحدود الإسرائيلية والذي يضرب في مصر نفسها أيضًا؛ أهدافًا حكومية، أمنية واقتصادية. ساهم العنف الطائفي في لبنان بين الشيعة الداعمين للنظام والسنة الداعمين للمعارضة في عودة “المتطوّعين” من سوريا.‎ ‎

بعد الدعم المعنوي، الاقتصادي والتنظيمي، الرسمي وغير الرسمي، للمعارضة ضدّ الأسد؛ تواجه دول الخليج نتائج أعمالها وتخشى من حالة يتمرّد فيها المصنوع على صانعه

وحذّرت أجهزة أمنية غربية من الخطر الكامن في عودة المسلمين، من “خرّيجي” سوريا إلى بلادهم، حيث يملكون خبرة، وتدريب وعلاقات أكبر. في هذه المرحلة، لا يمكن الإشارة إلى عمليات إرهابية في الغرب من قبل أولئك العائدين من سوريا، ولكن استيضاح القلق من عمليات مستقبلية كهذه يقبع في مكانة مهمّة جدّا في سلّم الأوليات لدى الأجهزة الأمنية الغربية.

فتعيش السعودية ودول الخليج حالة أكثر تعقيدًا. فبعد الدعم المعنوي، الاقتصادي والتنظيمي، الرسمي وغير الرسمي، للمعارضة ضدّ الأسد؛ تواجه هذه الدول الآن نتائج أعمالها وتخشى من حالة يتمرّد فيها المصنوع على صانعه. وكما ذكرنا، فقد نشط في الماضي رجال القاعدة من “خرّيجي” أفغانستان الذين عادوا إلى المملكة ونفّذوا فيها سلسلة من الهجمات. وبعد صراع طويل، تمكّنت السلطات السعودية من إيقاف نشاط الكثير من قادة هؤلاء واعتقالهم. واستطاع القليل من تلك العناصر الهروب والانضمام إلى الفرع المحلّي للقاعدة في اليمن وأقاموا “القاعدة في شبه الجزيرة العربية”، وهو الفرع الذي يعتبر في الغرب الأخطر من بين شركاء القاعدة.‎ ‎

مراسم تشييع أحد مقاتلي حزب الله في سوريا (AFP)
مراسم تشييع أحد مقاتلي حزب الله في سوريا (AFP)

يقوم هذا التنظيم بتنفيذ عمليات إرهابية كثيرة وبشكل أساسي في اليمن، من بينها عمليات انتحارية كثيرة القتلى، وهو يعمل ضدّ قادة النظام اليمني والجيش. وقد ظهرت أدلّة المساهمة المحتملة للعائدين من سوريا مؤخرًا، حين نُشر أنّه تمّ الكشف في السعودية عن تنظيم إرهابي، والذي كان على تواصل مع عناصر من القاعدة في اليمن وفي سوريا وخطّط لسلسلة من الهجمات ضدّ أهداف حكومية، ومسؤولين في النظام وممثّلين أجانب في السعودية. ويبدو أنّ هذا التوجّه هو الذي كان يقف من وراء إعلان السلطات في الرياض أنّها تراجعت عن الدعم الكبير لقوى المعارضة، بل وحظرت بمرسوم ملكي أن يدعم مواطنيها أو ينظّموا أو يشاركوا في الحرب السورية، وفي مناطق أخرى.‎ ‎

ويعتبر هذا الحظر تغيّيرًا على ضوء دعم الأسرة السعودية المالكة الأول للمتطوّعين. فيخشى السعوديون من المشاركة المتزايدة لإيران في الساحة السورية، ولكنهم منزعجون بشكل لا يقلّ عن ذلك من تصاعد قوّة المعارضة الإسلامية المتطرّفة الداخلية لحكمهم بسبب عودة الشبان السعوديين إلى المملكة. إنّ الاستثمارات الكبيرة في الدعاية ضدّ المشاركة في الحرب السورية، والجهود لمكافحة المتطوّعين والمنظّمين وأيضًا إنشاء عقبات مادية لمنع خروج العناصر إلى خارج حدود المملكة، تعزّز هذا الافتراض. ومع ذلك، فإنّ الدعم السابق والعدد الكبير للعناصر التي خرجت من حدود المملكة (نحو 1000، ومن بينهم أكثر من 200 قُتلوا في المعارك)، قد يلعب دورًا ضدّ السلطات في الرياض.‎ ‎

وعلى ضوء المشاركة والدعم الكبير الذي أعطيَ لفصائل المعارضة المتطرّفة من السعودية ودول الخليج، فهناك مخاوف من أنّ تتواصل عناصر متطرّفة مع تنظيمات معارضة قائمة أو أن تنشئ منظّمات تخريبية جديدة في دول الخليج المختلفة. ونظرًا إلى أنّ قوات الأمن والشرطة لم تقم بوظيفتها إزاء المتطوّعين الذين خرجوا للقتال في سوريا، فهناك خطرًا بأن تتسلّل عناصر متطرّفة إلى داخل أجهزة السلطة والأمن في تلك الدول وأن تشكّل “طابورًا خامسًا” في الصراع ضدّ المعارضة الإسلامية المتطرفة والقائمة هناك.

مجاهد في صفوف جبهة النصرة في سوريا (AFP)
مجاهد في صفوف جبهة النصرة في سوريا (AFP)

هناك من يعتبر أنّ الجهاد ضدّ السوفيات في أفغانستان في سنوات الثمانينات هو المرة الأولى في العصر الحديث التي تحدث فيها ظاهرة المقاتلين الأجانب في السياق العربي السنّي. وفي الواقع، فإنّ معظم المتطوّعين العرب بين السنوات 1979 – 1992 قدِم من السعودية. واستمرّت هذه الظاهرة في سنوات التسعينات في الشيشان وفي وقت لاحق في البوسنة وفي العراق، مع كون السعوديين المجموعة الأجنبية الأكبر، والتي تقاتل إلى جانب المحلّيّين في تلك الدول. والأمر صحيح في كلّ ما يمكن أن يُقال عمّا يحدث اليوم في سوريا، حيث تضع التقديرات السعودية باعتبارها الدولة الأجنبية ذات عدد المصابين الأكبر في صفوف المتطوّعين.‎ ‎

بينما لم تقم الرياض بأي خطوة من أجل منع أولئك المقاتلين من السفر إلى سوريا بل قامت بتشجيعهم، تبذل الأسرة المالكة اليوم جهودًا كبيرة من أجل منع العنف لدى عودة هؤلاء إلى المملكة. في بداية شهر شباط عام 2014، أعلنت الحكومة عن مرسوم ملكي ينصّ على أنّ كلّ مواطن سعودي يقاتل في الصراعات التي هي خارج البلاد سيُسجن. بعد شهر من ذلك، تم إدخال بعض تلك التنظيمات إلى قائمة التنظيمات الإرهابية.

معظم المتطوّعين العرب بين السنوات 1979 – 1992 قدِم من السعودية. واستمرّت هذه الظاهرة في سنوات التسعينات في الشيشان وفي وقت لاحق في البوسنة وفي العراق

إنّ عودة “خرّيجي سوريا” إلى السعودية قد يطعن بالكفاءة النسبية التي أظهرتها عناصر الأمن السعودية في صراعها ضدّ الإرهاب. هذا هو الحال خصوصًا على ضوء ما يبدو أنّه محاولات متكرّرة للإضرار بكبار الشخصيات وبمرافق استراتيجية في المملكة. لقد تمّت مقاومة موجة الإرهاب التي ضربت المملكة في منتصف العقد الماضي، بواسطة عملية، ثمة جدل حول مدى نجاحها، وأساسها “تأهيل” العناصر الإرهابية. والآن ففي نيّة السعوديين أن يفتتحوا مراكز “تأهيل” أخرى إلى جانب المركز العامل في الرياض. إنّ حقيقة أنّ السعوديين، ومعهم دول أخرى من دول الخليج، يتّخذون خطوات إيجابية في هذه القضية تدلّ على مدى خطورة التهديد الذي تشكّله عودة “خرّيجي” سوريا على الأنظمة وعلى المصالح الغربية في أراضيها.‎ ‎

للخلاصة، فإنّ التهديد الذي تشكّله عودة المتطوّعين من “خرّيجي سوريا” إلى بلادهم الأصلية بشكل عام وإلى السعودية ودول الخليج بشكل خاصّ، يؤدّي إلى حدوث مراجعة على ضوء الأهمّية الاستراتيجية لتلك الدول، وهو أمر يُلزم بالتعاون الإقليمي، اليقظة والرقابة السياسية والاستخباراتية. إنّ “استيراد” معارضة مسلّحة، مدرّبة، لديها خبرة ومتطرّفة إلى شبه الجزيرة العربية قد يجلب معه تأثيرات إقليمية، دولية، اقتصادية وجيوسياسية كبيرة، ولذلك يلزم أن يكون هناك رصد دقيق من قبل الولايات المتحدة، إسرائيل وعناصر إقليمية ودولية أخرى.‎ ‎

نُشرت المقالة للمرة الأولى في موقع معهد أبحاث الأمن القومي ‏INSS‏

اقرأوا المزيد: 1225 كلمة
عرض أقل
محمد عساف/ بنيامين نتنياهو/ عبد الفتاح السيسي/ أسماء الأسد  (Flash90/AFP)
محمد عساف/ بنيامين نتنياهو/ عبد الفتاح السيسي/ أسماء الأسد (Flash90/AFP)

شخصيّات العام 2013

هيئة التحرير في "المصدر" اختارت الأشخاص الأكثر أهمية وتأثيرًا في العام الماضي

31 ديسمبر 2013 | 10:36
روحاني/ نتنياهو (GPO/AFP)
روحاني/ نتنياهو (GPO/AFP)

حسن روحاني/ بنيامين نتنياهو

كما في جميع السنوات الأخيرة، كانت السنة الماضية أيضًا “الأكثر مصيريّةً” في ما يتعلقّ بمستقبل المشروع النوويّ الإيرانيّ. كان زعيمان يقفان الواحد مقابل الآخر على جبهة الصراع حول المشروع.

من جهة، وقف في تشرين الأول المنصرم بنيامين نتنياهو أمام الجمعية العامّة للأمم المتحدة في نيويورك ليوضح لمَ يُمنَع منح إيران فرصة لتطوير قنبلة نوويّة. لكن بعد سنوات لم يكن فيها مقابله خصم جدير من الجانب الآخر، أرسل الإيرانيون هذا العام زعيمًا من طرازٍ جديد – زعيم “هجوم الابتسامات”، حسن روحاني.

“نحن جاهزون للشفافيّة، لكننا سنواصل تخصيب اليورانيوم”، صرّح روحاني، بشكل يختلف كُلّيًّا عن سلفه، محمود أحمدي نجاد.

لكنّ كلّ ذلك لم يعنِ شيئًا لنتنياهو. “روحاني هو ذئب في ثياب حمَل”، حذّر نتنياهو شعوب العالَم من على منصّة الأمم المتحدة. وأضاف: “وقف روحاني على هذه المنصة ممجّدًا الديموقراطية الإيرانيّة، لكنّ النظام الذي يمثّله أعدم معارضيه السياسيين بالجملة وزجّ آلافًا منهم في السجون”.

الرئيس الأيراني حسن روحاني (AFP)
الرئيس الأيراني حسن روحاني (AFP)

في تشرين الثاني من هذا العام، حقّق روحاني إنجازًا كبيرًا، حين قاد إيران إلى اتّفاق مرحليّ تاريخيّ أوّل من نوعه بين إيران من جهة والولايات المتحدة والدول الغربية من الجهة الأخرى. صحيحٌ أنّ إيران وافقت على وقف تخصيب اليورانيوم إلى مُستوى 20%، عدم تركيب أجهزة طرد مركزيّ جديدة، والإتاحة للمراقبين أن يفحصوا منشآتها النووية، لكنّ الأمر “خطأ تاريخي” من وجهة نظر نتنياهو، يتيح لإيران الوصول إلى القنبلة.

اختيار هيئة التحرير: حسن روحاني. ليس هناك طريقة ملطَّفة لقول ذلك: نتنياهو خسر هذا العام. فبعد سنوات من وعظ المجتمع الدولي حول مخاطر النووي الإيراني، يبدو أنّ العالم سباه سِحرُ الرئيس الإيراني الجديد ورسائله التسوويّة. اتّفاق جنيف هو إنجازٌ عظيم لروحاني ولإيران، وخسارة لا يُستهان بها لإسرائيل ولنتنياهو القلِق.

سارة/أسماء (Fkash90/AFP)
سارة/أسماء (Fkash90/AFP)

سارة نتنياهو/ أسماء الأسد

برزت “سيّدتان أوليان” هذا العامّ بشكل خاصّ على المستوى العامّ في الشرق الأوسط.

فمن جهة، واظبت السيّدة أسماء الأسد، الجميلة والأنيقة، على التوضيح لسوريا وللعالَم بأسره أنها وعائلتها لا ينوون مغادرة سوريا أو الهرب منها، وبقيت لتدعم زوجها فيما البلاد غارقةً في حرب أهليّة دامية. سعت أسماء الأسد لنقل رسائل وطنيّة، داعمة للدولة ومواطنيها، إذ تصوّرت وهي تغرس شجرة زيتون، ومع مواطنين داعمين، موزّعةً ابتسامات في جميع الجهات. لكن هل يختبئ خلف الابتسامات ومستحضرات التجميل غول؟ لا تزال الأسد، التي تجري مشترياتٍ بمئات آلاف الدولارات، تُستورَد خصّيصًا من أجلها من أوروبا وأمريكا، تعاني من صورة المعزولة والمترفّعة، ولا تنجح ابتسامتها القلبيّة في حجب الفارق. بالأساس، تواصل أسماء الأسد الوقوف خلف أكبر جزّار في القرن الحادي والعشرين.

بشار وأسماء الأسد  (MIGUEL MEDINA / AFP)
بشار وأسماء الأسد (MIGUEL MEDINA / AFP)

بالتبايُن، تواظب سارة نتنياهو، بلباسها غير الأنيق وغير المنتقى بعناية، على التصوُّر إلى جانب زوجها في كلّ مناسبة ممكنة، مع ابتسامة عريضة مرتسمة على وجهها. وفي الواقع، لديها أسباب عديدة للابتسام، معظمها على حساب دافعي الضرائب الإسرائيليّين. فقد أظهرت التقارير التي نُشرَت هذا العام عن النفقات في البيوت الثلاثة لرئيس الحكومة إلى مبالغ طائلة غير مبرَّرة أُنفقت على الأزهار، الشموع ذات الرائحة العطِرة، الماكياج، والبوظة، وكذلك حساب ماء ضخم جدًّا نابع بالأساس عن حديقة مُعتنًى بها جيّدًا وعن الاحتفاظ ببركة سباحة. أغضبت ابتسامة سارة كثيرين جدًّا في إسرائيل، لا سيّما على ضوء الشائعات المتكرّرة عن أنها هي صانعة القرارات الحقيقية في الدولة، إذ تُسيِّر رئيس الحكومة على هواها.

الزوجان نتنياهو (Flash90)
الزوجان نتنياهو (Flash90)

فمَن هي السيّدة الملائمة أكثر لتكون سيّدة العام – هذه التي تخفي ابتسامتُها الساحرة دعمًا لإبادة جماعيّة، أم تلك التي تتحكّم بابتسامة متغطرسة بمستقبل دولة إسرائيل؟

اختيار هيئة التحرير: سارة نتنياهو. رغم ابتسامة أسماء التي تفتن القلوب، قرّرنا أن نختار سارة سيّدةً للعام. فهي، رغم كلّ شيء، سيّدة قوّة تعمل تحت غطاء القانون، لا شريكة في إبادة جماعيّة. لا يُغرى التاريخ ودم الأطفال بالابتسامات، وهما لن يغفرا مطلقًا لأسرة الأسد.

السيسي/مرسي (AFP)
السيسي/مرسي (AFP)

عبد الفتاح السيسي/محمد مرسي

تطورات المشهد المصري بعد الثورة التي أطاحت بنظام حسني مبارك عام 2011 لم تتوقف عند عام 2013. فقد شهدت أرض الكنانة ثورة ثانية أو كما سماها مصريون كثيرون “تصحيح مسار ثورة يناير”، إذ أطاحت بحكم الإخوان المسلمين ومحمد مرسي وأعادت زمام الأمور إلى الجيش المصري.

وفي المشهد الراهن، ينقسم المصريون إلى شقين، شق يؤيد الجيش المصري ويقف وراء شخصية عبد الفتاح السيسي، ويرى أنه منقذ مصر من أيدي الإخوان وسياستهم الفاشلة في قيادة الدولة، وآخر ما زال يتظاهر ويرفع صور حكم الرئيس المعزول، محمد مرسي، مطالبين بإعادته إلى الحكم. ويزعم كل طرف، العسكر والإخوان، أنه متسلح بشرعية الشارع المصري، العسكر من جهة يقول إن الشعب المصري، بأغلبيته، هو الذي عزل حكم مرسي، والإخوان مقتنعون بأنهم وصلوا إلى السلطة عبر صناديق الاقتراع.

عبد الفتاح السيسي (صورة من الصفحة الرسمية للمتحدث العسكري للقوات المسلحة المصرية)
عبد الفتاح السيسي (صورة من الصفحة الرسمية للمتحدث العسكري للقوات المسلحة المصرية)

وفي حين تردّدت الولايات المتحدة في تحديد ملامح إطاحة محمد مرسي، إن كان الجيش قد قام بانقلاب عسكري على نظام انتخب ديموقراطيا، أم أن حكم الإخوان المسلمين وانفرادهم في السلطة لم يرق إلى طموحات الشعب المصري العيش بدولة ديموقراطية منفتحة، ورائدة في المنطقة.

اختيار هيئة التحرير: عبد الفتاح السيسي. وضع إعلان الجنرال السيسي خارطة الطريق، في الثالث من يوليو (تموز) العام الجاري، وعزل الرئيس الإخواني المنتخب، محمد مرسي، العسكري الخجول في مقدمة السياسية المصرية، حيث أصبح السيسي خلال ساعات الرجل الأقوى في مصر. واستطاع السيسي أن يحشر جماعة الإخوان المسلمين في الزاوية، مانعا تظاهرات الحركة ومعلنا الحركة منظمة إرهابية محظورة. ووسط الأجواء التي خلقها السيسي منذ تسلمه زمام الأمور، داحرا الإخوان المسلمين، يبدو أنه مهد طريقه إلى الرئاسة المصرية.

عساف/رفائيلي (Flash90/AFP)
عساف/رفائيلي (Flash90/AFP)

بار رفائيلي/ محمد عسّاف

هو غزا بشكل عاصفٍ منصّة Arab Idol عام 2013، وأضحى سريعًا أحد النجوم الفلسطينيين ذوي الإقبال الأكبر في الغناء العربيّ. أدار أبو مازن حملةً من أجله، عبّرت وسائل الإعلام عن دعمها له، وحتّى شركة “جوّال” الخلوية الفلسطينية تنازلت عن أرباحها. محمد عسّاف من غزّة خطف قلوب جماهيره بقصة شخصية مؤثّرة، وأصبح الرمز الفلسطينيّ الجديد: معتدِل، مفعَم بالأمل، ويحبّ الغناء والفرح.

ليس ثمة مصوّر باباراتزي (مطارد للمشاهير) غير مستعدّ للوقوف ساعاتٍ قرب مدخل بيت عارضة الأزياء الهامّة بار رفائيلي ليحظى بلمحة نادرة عن نشاطها اليوميّ: طعامها، تدريبها، قضائها الوقت مع الأصدقاء، أو استعدادها للخروج للاستجمام. رفائيلي مرغوبٌ بها في كلّ العالم، وقد تمكّنت العام الماضي من العثور على هوايات جديدة: تقديم برنامج واقع عالميّ (X Factor)، الظهور على مسارات الأزياء الدولية، البروز في إعلانات مُربحة، الخصومات مع مصوّري باباراتزي اجتاحوا عالمها الخاصّ، والتقاط صُور ذاتيّة (Selfie) على شرف مشروع المليون إعجاب على “إنستاجرام”. ببساطة، الجميلة لا تستريح…

العندليب عساف في أول حفل له في رام الله (Flash90/Issam Rimawi)
العندليب عساف في أول حفل له في رام الله (Flash90/Issam Rimawi)

اختيار هيئة التحرير: اخترنا تحديدًا الثناء على عمل وإنجازات محمّد عساف، الفلسطيني الذي نجح في أن يسحر العالم برقّته التي تفتن القلوب، بصوته الغرِّيد الذي هزّ ستوديوهات في أرجاء العالم، والأمل الذي يمثّله أن يكون الشرقُ الأوسط أفضل يومًا ما، وينشغل النّاس بِما هو مهمّ حقًّا: الاستمتاع بالحياة.

اقرأوا المزيد: 980 كلمة
عرض أقل

مدير سابق لسي آي ايه: انتصار الأسد سيكون الافضل بين ثلاثة سيناريوهات مرعبة

اعتبر المدير السابق لوكالة المخابرات المركزية الامريكية (سي آي ايه) مايكل هايدن الخميس ان انتصار بشار الاسد في سوريا قد يكون “الافضل بين ثلاث سيناريوهات مرعبة جدا جدا”

18 قتيلاً بسقوط قذائف على مناطق خاضعة لسيطرة النظام السوري في حلب

18 شخصاً على الأقل قُتلوا وجُرح نحو ثلاثين في سقوط قذائف صاروخية على منطقتي الميريديان والفرقان

04 ديسمبر 2013 | 16:26
مراسم الحزن والعزاء يوم عشوراء في الجمهورية الإسلامية إيران (AFP)
مراسم الحزن والعزاء يوم عشوراء في الجمهورية الإسلامية إيران (AFP)

عداوة تاريخية: الحروب بين السلطات الإيرانيّة والأقليات السنية

فيما يستعدّ الشيعة في إيران لمراسم عاشوراء، يستمرّ السنة في البلاد في المعاناة من تمييز قاسٍ من السلطات

اليوم الخميس (14 تشرين الثاني)، يحيي الشيعة ذكرى عاشوراء، يوم الحداد لذكرى المجزرة التي راح ضحيتها الإمام الشيعي الحسين بن علي وأنصاره في معركة كربلاء عام 680 للميلاد. وفيما يستعدّ الشيعة في إيران لمراسم الحداد التقليدية، يستمرّ السنة في البلاد في المعاناة من تمييز قاسٍ من سلطات الجمهورية الإسلامية.

ورغم أنّ نسبة السنة تناهز عُشر سكّان إيران، فهم يعانون من تمييز مستمرّ ناجم جزئيًّا عن كونهم أقليات إثنيّة – لغوية أيضًا. فمعظمهم عرب وكُرد، وأقلية منهم بلوش. في السنوات الأخيرة، منعت السلطات الإيرانيّة المصلّين السنّة من إقامة صلواتهم خلال عيد الفطر. في طهران، ليس ثمة مسجد سني واحد ناشط، كما تضايق السلطات مرارًا المدارس والمراكز الدينية التي يستخدمها السنة.

وعلى خلفية التمييز المستمر ضدّ السنة، يبرز مؤخرًا تصعيد جديد في التوترات في المناطق التي تسكن فيها الأقليات الإثنية – اللغوية السنية، ولا سيّما في سيستان – بلوشستان في جنوب شرقيّ إيران وفي الإقليم الكردي شمال غربي الدولة. ففي 6 تشرين الثاني، أعلن تنظيم يُدعى “جيش العدل” مسؤوليته عن اغتيال موسى نوري، المدعي العام لمدينة زابول في سيستان – بلوشستان. وحدث الاغتيال بعد مجرّد أسبوعَين من حادث خطير آخر قُتل فيه 14 شخصًا من حرس الحدود الإيراني في مواجهة مع مسلّحين في منطقة سراوان على حدود إيران مع باكستان. وأعلن “جيش العدل” أيضًا مسؤوليته عن هذه الحادثة. ردًّا على ذلك، أصدرت السلطات الإيرانيّة أوامر بإعدام 16 أسيرًا بلوشيًّا.

حركة جيش العدل السنية في إيران (BalouchRightsAd Twitter)
حركة جيش العدل السنية في إيران (BalouchRightsAd Twitter)

وتعكس الأحداث الأخيرة تصعيدًا جديدًا في المواجهة المستمرّة منذ سنوات بين السلطات الإيرانيّة والحركة السرية البلوشية. ويقود الصراع في السنة الماضية “جيش العدل”، الذي تأسّس في نيسان 2012. في البيان الأول الذي نشره التنظيم بعد إنشائه جاء أنه يهدف إلى حماية السنة من استمرار القمع من قِبل السلطات والنضال ضدّ سياسة النظام المؤسسة على التحقير، التمييز، الإعدامات، التعذيب، تدمير المساجد والمدارس الدينية، والتمييز الاقتصادي، السياسي، والثقافي. منذ إنشائه، تحمّل التنظيم مسؤولية عدد من الأعمال ضدّ قوى الأمن الداخلي والحرس الثوري، بينها: تفجير عبوات ناسفة في مركبات وقوافل للحرس الثوري وهجمات على قواعد عسكرية في المنطقة. قُتل في هذه الأعمال، حسب التنظيم، عشرات من رجال الحرس الثوري.

وبموازاة تنظيم “جيش العدل”، يعمل منذ 2011 تنظيمان محظوران آخران في منطقة البلوش: “صفاه صحابة” و”حركة أنصار إيران” المحسوبين على عناصر جهاد عالمي. في آذار 2011، أعلنت “صفاه صحابة” مسؤوليتها عن تفجير أنبوب غاز في منطقة مدينة قُم، وفي تشرين الثاني 2012 أعلنت مسؤوليتها عن تفجير في قاعدة الباسيج التابعة للحرس الثوري في مدينة زهدان. وكثّف تنظيم “حركة أنصار إيران” أو “أنصار سُنّة إيران” نشاطه هو الآخر منذ 2012. ففي تموز 2013، أعلن التنظيم مسؤوليته عن تفجير في قيادة قوى الأمن الداخلي في مدينة تشبهار على سواحل خليج عُمان. وقال المتحدث بلسان التنظيم، أبو حفص البلوشي، في مقابلة مع قناة “العربية” إنّ التفجير نُفّذ بسبب دعم إيران لنظام بشار الأسد.

https://www.youtube.com/watch?v=gTdlJMW0gI0&feature=youtube_gdata_player

ويشهد التصعيد المتجدّد في الإقليم البلوشي أنّ الإنجاز الذي سجّلته السلطات الإيرانيّة في الصّراع ضدّ الحركات السريّة البلوشية هو وقتيّ فقط. وأدّى التوتر على خلفية عرقية مؤخرا في الإقليم الكردي أيضًا في أعقاب إعدام ثلاثة أسرى سياسيين من أصل كردي أوائل تشرين الثاني. وأدّى الإعدام إلى سلسلة من الإدانات الشديدة اللهجة من قِبل ناشطي حقوق مواطن، والاحتجاجات في المدن الكردية شمال غرب البلاد.

بالتوازي مع التوتر لدى البلوش والأكراد، لا يزال يحظى موضوع الأقليات بمكانة مركزية في جدول الأعمال الشعبي في إيران. ففي الانتخابات الرئاسية الأخيرة، كرّر ممثلو الأقليات طلباتهم بتغيير السياسية الحكومة تجاههم. وأثار انتخاب روحاني رئيسًا توقّعات بين الأقليات بتغيير سياسة التمييز المنتهَجة ضدّهم، لا سيّما على ضوء الواقع أنّ الرئيس المنتخَب حظي بما يزيد عن 70% من الأصوات في المحافظات البلوشية والكردية. بعد فترة قصيرة من انتخابه، التقى روحاني الزعيم الديني للسنة في إيران، مولوي عبد الحميد. بعد اللقاء، وصفه عبد الحميد بالإيجابي، قائلًا إنّ السنة يتوقعون من الرئيس الجديد أن يعمل على إزالة التمييز ضدّهم، لا سيّما فيما يتعلّق بتعيين سنة في مناصب إدارية بارزة على مستوى القُطر والمحافظات.

حركة إنصار إيران السنية (AnsarIran_arb Twitter)
حركة إنصار إيران السنية (AnsarIran_arb Twitter)

ويستمرّ موضوع الأقليات في إثارة حساسية شعبية في إيران بين الحين والآخر. وظهر الأمر مثلًا في تموز 2013 في أعقاب مسابقة رسائل قصيرة أجرتها شركة الهواتف الخلوية “إيران سيل” بين زبائنها. أثارت المسابقة عاصفة بين السنة بعد أن لُقّب في أحد الأسئلة الخليفة الثاني، عمر بن الخطاب، “مَن خدعه الشيطان”. أثار السؤال احتجاجات حادّة بين السنة، الذين ادّعَوا أنّ هذا مسّ خطير بمعتقداتهم الدينية. إثر الاحتجاج، اضطرت الشركة إلى تجميد المساقة ونشر اعتذار علنيّ.

تجسّد الحوادث العنيفة في مناطق الأقليات التحدي، الذي تواصل المسألة الإثنية وضعه أمام السلطات الإيرانيّة. ورغم أنّ الرئيس الجديد وعد بالعمل على تحسين وضع أبناء الأقليات وتقليص التمييز الذي يعانون منه، لكنّ وعودًا كهذه أُعطيت في الماضي، ولم تُطبَّق في نهاية المطاف. يؤدي استمرار التمييز ضدّ الأقليات إلى جانب التزام عدد من تنظيمات الأقليات بمواصلة الصراع المسلّح ضدّ النظام إلى إضعاف قدرته للتوصّل إلى تسوية، تحفظ حقوق الأقليات وتضع حدًّا للنزاع العنيف على حدود إيران.

اقرأوا المزيد: 747 كلمة
عرض أقل

المعارضة السورية توافق على المشاركة في محادثات السلام بجنيف

قال الائتلاف الوطني السوري في بيان في ساعة مبكرة من صباح اليوم الاثنين ان المعارضة السورية التي يدعمها الغرب وافقت على المشاركة في محادثات السلام الدولية في جنيف .

وحدد البيان الذي ترجم من العربية الشروط التي يتعين تلبيتها قبل المحادثات التي تهدف الى انهاء الحرب الاهلية الدائرة في سوريا منذ عامين ونصف من خلال انشاء مجلس حاكم انتقالي .

واضاف البيان انه لابد من وجود ضمان بالسماح لوكالات الاغاثة بالوصول الى المناطق المحاصرة والافراج عن السجناء السياسيين وان اي مؤتمر سياسي لابد وان يسفر عن تحول سياسي.

وقال البيان انه تم تعيين لجنة لمواصلة المحادثات مع قوى الثورة داخل سوريا وخارجها لشرح موقفها بشأن “جنيف 2”.

ووصل الائتلاف الوطني السوري الى هذا القرار بالإجماع بعد مناقشات استمرت يومين.

وقال اديب الشيشكلي عضو الائتلاف “كل ما يسعنا عمله هو ان نأمل بان تنتهي محادثات (جنيف) برحيل بشار الاسد.”

اقرأوا المزيد: 133 كلمة
عرض أقل
انفجار سيارة مفخخة في دمشق (AFP)
انفجار سيارة مفخخة في دمشق (AFP)

انفجاران في دمشق.. وإصابة طائرة حربية بدرعا

عاد البث التلفزيوني للقناة الإخبارية السورية بعد انفجار سيارتين مفخختين يقودهما انتحاريان، الأحد، أمام مبنى الإذاعة والتلفزيون عند مدخل ساحة الأمويين في دمشق

أردوغان: بشار الأسد يمارس ارهاب الدولة

قال رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان، أنا لا أعترف ببشار الأسد كسياسي، مضيفاً، إن من يقتل 110 آلاف إنسان من شعبه ومواطني بلده فهو ارهابي