الثوار السوريون

تقديرات إسرائيلية: بشار الأسد باق (AFP)
تقديرات إسرائيلية: بشار الأسد باق (AFP)

تقديرات إسرائيلية: الأسد سيستعيد السيطرة على سوريا في غضون سنة

تشير خطوات إقليمية ودولية إلى تقديرات استخباراتية إسرائيلية جديدة: ينجح الأسد في السيطرة على سوريا خلال سنة. لهذا على إسرائيل الاستعداد للوجود الشيعي على حدودها

تقدر المنظومة الأمنية الإسرائيلية اليوم صباحا أن الرئيس السوري، بشار الأسد، بمساعدة حليفتيه، روسيا وإيران، سيستعيد السيطرة على معظم الأراضي السورية حتى نهاية عام 2018 – هذا وفق التقارير التي وردت اليوم صباحا (الأربعاء) في صحيفة “إسرائيل اليوم”، المقرّبة من نتنياهو.

وورد في الصحيفة أيضا أن هذه التقديرات الجديدة تأتي في ظل التغييرات الإقليمية والدولية: توقفت الولايات المتحدة الأمريكية عن تمويل منظمات الثوار في سوريا ولا يهمها بعد ما يحدث في أراضيها. كما أن هناك تأثيرات لوقف دعم الدول السنية للصراع ضد الأسد. الدعم الوحيد الذي ما زال ساري المفعول هو الدعم الإيراني للنظام السوري.

وحتى وقت قصير، كانت هناك تقديرات في إسرائيل أن سوريا ستنقسم إلى مناطق مستقلة على أساس التقسيم الطائفي – الجغرافي. ولكن التقديرات الجديدة في المنظومة الأمنية، التي تتصدر عناوين وسائل الإعلام الإسرائيلية اليوم صباحا، تشير إلى أن الأسد سيسيطر مجددا على الأراضي السورية، وهذا خلافا لأقوال إيهود باراك، الذي قدر في إطار عمله وزيرا للدفاع أنه حتى نهاية عام 2011، سيسقط نظام الأسد خلال نحو نصف سنة.

ومنذ عام 2014، ركزت إدارة أوباما على الصراع ضد داعش مما أدى إلى إنقاذ نظام الأسد. كما أن الهجمات الجوية المكثّفة التي شنها سلاح الجو الروسي ضد تنظيمات الثوار الأخرى ساهمت في صمود نظام الأسد.‎ ‎

وتخشى إسرائيل من تدخل إيراني متزايد في سوريا مما يجعل سوريا في المستقبَل دولة برعاية إيرانية. فقال أفيغدور ليبرمان، وزير الدفاع الإسرائيلي، هذا الأسبوع إن إسرائيل ليست قادرة على الوقوف جانبا طالما أن إيران تبسط سيطرتها وتغيّر الموازين الجيوستراتيجية في المنطقة.

وفق تقديرات استخباراتية إسرائيلية، تحاول إيران أن تدخل إلى سوريا نحو 10.000 مقاتل من المرتزقة الشيعة، بعد إحضارهم من أماكن مختلفة مثل أفغانستان، باكستان، والعراق. الهدف هو وفق التقارير الإسرائيلية اليوم صباحا هو تعزيز سيطرة إيران في سوريا. بالإضافة إلى ذلك، يُحظر علينا أن نتجاهل أن سوريا لديها نحو 2.000 مسشار إيراني يساعدون نظام الحكم.

وفي نهاية الأسبوع الماضي، زار بنيامين نتنياهو، رئيس الحكومة الإسرائيلية، سوتشي في روسيا والتقى الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، وحذره من أن إسرائيل لن ترضى بوجود إيراني شيعي على حدودها الشمالية في جنوب لبنان وجنوب سوريا في منطقة الجولان. حتى أن نتنياهو أوضح لنظيره الروسي، بوتين، أنه في حال لاحظت إسرائيل أن الجهود الدبلوماسية لن تكون مجدية ربما تتخذ إسرائيل في الأشهر القادمة “قرارات صعبة”.

اقرأوا المزيد: 352 كلمة
عرض أقل
الأسبوع في 5 صور (AFP, Flash90)
الأسبوع في 5 صور (AFP, Flash90)

الأسبوع في 5 صور

الجندية التي لعبت كرة سلة من أجل السلام وطعِنت حتى الموت، تعيين ولي العهد السعودي الجديد، وإعلان انتخابي أثار ضجة في إسرائيل.. شاهدوا الأحداث الأبرز لهذا الأسبوع

23 يونيو 2017 | 10:32

اخترنا من أجلكم خمس صور تلخص الأحداث والمقالات الرئيسية في الأسبوع الماضي:

لعبت من أجل السلام وقُتِلت أثناء عملية

في بداية الأسبوع الماضي، قدمنا لكم قصة هداس ملكا، وهي جندية في حرس الحدود، طُعِنت حتى الموت أثناء عملية في باب العمود في القدس في الأسبوع الماضي. لعبت مالكا في طفولتها مع مجموعة كرة سلة إسرائيلية – فلسطينية، وكانت ناشطة في مجموعة من أجل السلام الإسرائيلي – الفلسطيني. شُيع جثمانها في الليلة الواقعة بين يومي السبت والأحد، وشارك الآلاف في جنازتها.

هداس ملكا
هداس ملكا

الكشف عن مساعدة إسرائيلية للثوار السوريين

كشفت هذا الأسبوع صحيفة “وول ستريت جورنال” عن أنه منذ السنوات الماضية تقدم إسرائيل لمجموعة من الثوار السوريين تنشط بالقرب من الحدود، مساعدة إنسانية، أدوية وأطعمة، وحتى أنها قدمت لهم أموالا نقدا لدفع رواتب المقاتلين وشراء الأسلحة. وفق النشر، تقدم إسرائيل هذه المساعدة بهدف إبعاد المليشيات الشيعية التي تحظى بدعم إيران وحزب الله عن حدودها.

ثوار سوريون (AFP)
ثوار سوريون (AFP)

تعيين محمد بن سلمان ولي عرش السعودية

يُشكل تعيين محمد بن سلمان، ابن العاهل السعودي، ولي العرش الأول في المملكة، وإقالة ولي العرش ووزير الداخلية، محمد بن نايف عبد العزيز، خطوة قد تؤثر كثيرا في مستقبل الشرق الأوسط والعالم. الأمير بن سلمان ابن 32 عاما فقط، معروف بصفته أحد الأشخاص الأقوياء في المملكة السعودية ومدير الشؤون في المملكة في الواقع. في أعقاب هذه الخطوة، تعززت مكانته أكثر، ومن المتوقع أن يُعيّن في السنوات القادمة ملكا للمملكة السعودية.

محمد بن سلمان بن عبد العزيز آل سعود، نائب ولي العهد ووزير الدفاع السعودي (AFP / FAYEZ NURELDINE)
محمد بن سلمان بن عبد العزيز آل سعود، نائب ولي العهد ووزير الدفاع السعودي (AFP / FAYEZ NURELDINE)

الكشف عن إعلان انتخابي مخفي يثير عاصفة في إسرائيل

كُشف هذا الأسبوع عن إعلانيين انتخابيين مخفيين لحزب الليكود منذ عام 2015، حين تنافس يتسحاق هرتسوغ (برئاسة “المعسكر الصهيوني”) على رئاسة الحكومة أمام بنيامين نتنياهو، رئيس حزب الليكود. في الإعلان الانتخابي الذي لم يُنشر في النهاية،  يظهر هرتسوغ مع شعر مستعار، حلي، ومستحضرات تجميل، تمت إضافتها بواسطة الفوتوشوب، بهدف السخرية من نعومته. أثارت الحملة انتقادا عارما في إسرائيل، لا سيّما بسبب السخرية من النساء ومُشتهي تغيير الجِنس.

إعلان انتخابي مخفي لحزب ليكود يسخر من زعيم حزب العمل (النت)
إعلان انتخابي مخفي لحزب ليكود يسخر من زعيم حزب العمل (النت)

هطول الأمطار في الصيف

في اليوم الأول من الصيف بشكل أساسي، وهو اليوم الأطول في السنة، الذي يصادف بتاريخ 21 حزيران، شهدت البلاد حالة طقس استثنائية،  عندما بدأت الأمطار تهطل قليلا في إسرائيل وسادت درجات حرارة منخفضة. ولكن بعد وقت قصير من ذلك، سطعت الشمس ثانية وعادت حالة الطقس الحارة المميزة للموسم.

 هطول أمطار في شهر حزيران
هطول أمطار في شهر حزيران
اقرأوا المزيد: 337 كلمة
عرض أقل
ثوار سوريون (AFP)
ثوار سوريون (AFP)

الكشف عن حجم المساعدة الإسرائيلية للثوار السوريين

تكشف صحيفة "وول ستريت جورنال" أنه طيلة سنوات نقلت إسرائيل تمويلا ومساعدة لمنظمات الثوار النشطة بالقرب من الحدود الشمالية، بهدف إبعاد مليشيات شيعية | توثيق: ثوار سوريون ينقلون أطعمة غذائية تظهر عليها كتابة بالعبرية

قدمت إسرائيل طيلة سنوات للثوار السوريين بالقرب من الحدود بشكل منتظم أطعمة، وقودا، مساعدة طبية، وأموال نقدية، هذا وفق الكشف أمس في صحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية. وفق التقارير، تنقل إسرائيل مساعدة إلى الثوار بهدف خلق منطقة آمنة تنشط فيها قوات صديقة لإسرائيل بهدف التصدي لإيران ومنعها من التمركز في الحدود الشمالية الإسرائيلية في منطقة الجولان.

وفق الصحيفة، هناك خشية في إسرائيل من أن تورطها قوات حزب الله وإيران في الحرب الأهلية السورية في حال سيطرت على أجزاء في المنطقة الحدودية. وذُكِر أيضا أن هذه السياسة بدأت أثناء عهد وزير الدفاع سابقا، موشيه يعلون، وما زالت مستمرة في عهد وريثه، أفيغدور ليبرمان.

تجدر الإشارة إلى أنه كان معروفا حتى الآن أن إسرائيل عالجت منذ عام 2013 نحو 3.000 جريح سوريّ، معظمهم من المقاتلين، وقدمت مساعدات إنسانية مثل الأطعمة والملابس للمُواطنين القريبين من الحدود أثناء الشتاء. ولكن أثناء لقاءات أجريت مع خمسة ثوار وأشخاص آخرين يعرفون طريقة عمل إسرائيل، هناك ادعاء أن تدخل إسرائيل هو أكبر ومنسق بشكل أكبر، وتضمن تمويلا مباشرا لمقاتلي المعارضة السورية بجانب الحدود طيلة سنوات.

من بين الأشخاص الذين أجريت معهم لقاءات هناك معتصم الجولاني، المتحدث باسم تنظيم الثوار “فرسان الجولان” حيث قال: “وقفت إسرائيل إلى جانبنا بشكل بطولي، لم يكن في وسعنا الصمود دون مساعدتها. ورد لقاء في المقال أيضا مع أبو سيهب، ضابط “فرسان الجولان”، تحدث خلال عن أن تنظيمه يحصل على نحو 5.000 دولار شهريا نقدا من إسرائيل، بهدف دفع رواتب المقاتلين وشراء وسائل قتاليّة. كما وادعى المتحدث باسم التنظيم أن مجموعة مسلحة أخرى ومواطنين سوريين وراء الحدود مع إسرائيل يعتمدون على دعم إسرائيل في مجالات مختلفة.

وفق أقوال الجولاني، بدأت العلاقة بين التنظيم وإسرائيل بعد أن نقل التنظيم جرحى أصيبوا في إحدى المعارك في منطقة القنيطرة إلى منطقة الحدود، وعندها التقوا جنودا إسرائيليّين يتحدثون العبرية، كانوا قد استدعوا سيارات الإسعاف ونقلوا الجرحى السوريين إلى المستشفيات الإسرائيلية.

رفض مكتب رئيس الحكومة في إسرائيل التعليق على هذه الأقوال بشكل مباشر، ولكنه أوضح قائلا: “تلتزم إسرائيل بضمان الأمان في الحدود، تعمل على منع إقامة خلايا إرهابية، وتحظر وجود قوات معادية”. يشير محللون إسرائيليون إلى وجود خشية في أوساط القيادة السياسية والأمنية وإلى أن النشر في صحيفة “وول ستريت جورنال”، قد يزيد من التوتر ضد نظام الأسد، الذي يتهم إسرائيل منذ زمن بتقديم المساعدة للثوار، وحتى أنه ربما يتخذ خطوة فعلية في منطقة الجولان.

في هذه الأثناء، يعزز مقطع فيديو منشتر في شبكات التواصل الاجتماعي الأخبار الواردة في صحيفة “وول ستريت جورنال”، بينما يوثق ثوار سوريين وهم ينقلون أطعمة مكتوب عليها بالعبرية كلمة “كاشير” (حلال)، ويظهر عليها شعار شركة تنوفا – شركة إسرائيلية كبيرة وخبيرة بتسويق منتجات الحليب، البيض، واللحم، إلى شاحنة. وفق النشر في صفحة “عربيست“، يدور الحديث عن رزم غذائية ورزم لحم وصلت إلى الثوار بمناسبة شهر رمضان.

https://www.facebook.com/arabistmideast/videos/1920685104813582/

اقرأوا المزيد: 427 كلمة
عرض أقل
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في الحدود الإسرائيلية-السورية في الجولان (Kobi Gideon/GPO)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في الحدود الإسرائيلية-السورية في الجولان (Kobi Gideon/GPO)

إسرائيل تعترف بالتعاون مع الثوار السوريين

وزير الدفاع السابق: "الثوار يمنعون وصول الإرهابيين إلى الحدود" | تقارير مختلفة حول أن سلاح الجو الإسرائيلي هاجم هذه الليلة أهداف في منطقة دمشق

“يمنع الثوار السوريون وصول الإرهابيين إلى الحدود ويمتنعون عن مهاجمة… إخوتنا الدروز”، هذا وفق أقوال وزير الدفاع الإسرائيلي سابقا، موشيه (بوغي) يعلون، أمس في اجتماع مع مدققي الحساب الذي عُقد أمس في منطقة البحر الميت. يتضح من أقوال يعلون أن الثوار يعملون بناء على طلب من إسرائيل، مقابل تقديمها مساعدة طبية وإنسانية لهم.

تصدرت هذه الأقوال العناوين في إسرائيل، وكأن جهة إسرائيلية تصرح للمرة الأولى بشكل رسمي عن التعاون مع الثوار السوريين، ولكن في حزيران 2015، في الوقت الذي شغل فيه يعلون منصب وزير الدفاع قال أقوال شبيهة: “يحظى الثوار السوريون في منطقة الحدود بمساعدة إنسانية من إسرائيل، وقد اشترطنا تقديمها بشرطين – ألا يتيحوا لمنظمات إرهابية الاقتراب من الحدود، وألا يلحقوا ضررا بإخوتنا الدروز وراء الحدود- في الجانب السوري”.

في هذه الأثناء، اليوم قبل منتصف الليل (الأربعاء‏)، نُشرت تقارير جاء فيها أن طائرات سلاح الجو الإسرائيلي، نفذت هجوما على أهداف في منطقة القطيف في ضواحي دمشق الساعة الرابعة فجرا، وفق التوقيت السوري. لم يتضح بعد ماذا كان الهدف من الهجوم، ولكن يقدّر خبراء أنه على ما يبدو إرسالية أسلحة إلى حزب الله، كما كان نسب هجوم إسرائيلي في الماضي في سوريا. هناك تقارير أخرى أن الهجوم نفذه سلاح الجو الإسرائيلي في سماء لبنان.

وفق القناة اللبنانية “الجديد”، فإن طائرات سلاح الجو حلقت في الساعة الثالثة فجرا بشكل مكثف فوق مدينة بعلبك وضواحي شرق سوريا على مستوى منخفض. قال موقع الأخبار اللبناني “النشرة” إنه سُمع انفجار في جبال نحلة في منطقة بقاع لبنان. تقدّر جهات أن الهدف من الهجوم هو إلحاق ضرر بحافلة عسكرية لحزب الله. اقتبست إذاعة “صوت لبنان” أقوال جهات مطلعة نفت أن سلاح الجو الإسرائيلي نفذ الهجم في لبنان. وجاء أيضا أن الجيش اللبناني تفحص منطقة الحدود مع سوريا.

اقرأوا المزيد: 269 كلمة
عرض أقل
حلب تحت القصف، سوريا - النهاية ؟ (AFP)
حلب تحت القصف، سوريا - النهاية ؟ (AFP)

سوريا.. النهاية

الولايات المتحدة تخرج من اللعبة وروسيا وإيران ستقرّبان إليهما تركيا. سيتم التخلي عن مواطني سوريا والثوار، وستشهد إسرائيل تعزُز محور طهران - دمشق - حزب الله

كان يهدف قتل السفير الروسي في أنقرة إلى الرد على روسيا بسبب ارتكاب جرائم الحرب في حلب ودق إسفين بينها وبين تركيا، ولكن نتائجها ستكون معاكسة. سيؤدي القتل، كما يبدو، إلى تعزيز موقف روسيا في بلاد الشام وإلى نهاية حزينة للهولوكوست السوري.

رغم أن الصورة على الأرض مُربكة أحيانا، يمكن للنظرة العامة أن تكشف بوضوح عن المعسكرات الكبرى المتورّطة في الأزمة السورية. من جهة، في المعسكر “المؤيّد للأسد”، تقف قوة عظمى عالمية واحدة، روسيا، وقوة عظمى إقليمية واحدة، إيران، وقوتان محليّتان: الجيش السوري المنهك وقوات التدخّل السريع التابعة لحزب الله. من جهة أخرى، هناك قوة “معادية للأسد”، صورة طبق الأصل، تقف قوى عظمى عالمية واحدة، الولايات المتحدة، قوة إقليمية واحدة، تركيا، وقوات محلية، بشكل أساسيّ الثوار السنة، بدعم وتمويل محدّدين من دول أوروبا، السعودية، ودول الخليج.

مع انتخاب دونالد ترامب لرئاسة الولايات المتحدة، وقبيل دخوله إلى البيت الأبيض، فإنّ دعم الولايات المتحدة (المحدود منذ الآن) للمعسكر المعادي للأسد آخذ في التقلّص إلى الحدّ الأدنى وربما الاختفاء تماما. ستُركّز إدارة ترامب، التي تخلّت فعليا عن الالتزام الأمريكي لتقديم المساعدة على تنحية الأسد عن الحكم، على مهمة واحدة فقط – القضاء على قوة تنظيم داعش. نتيجة لذلك ستُغادر أيضًا القوات المحدودة التي ضمّتها أوروبا إلى التحالف. في المعركة ضدّ الأسد ستبقى إذا كان الأمر كذلك تركيا فقط، كداعم عسكري لقوات المعارضة السورية.

كانت المهمة الرئيسية لتركيا حتى اليوم إسقاط الأسد وإبداله بحكم سنّي، في الوقت الذي كان هناك هدف ليس أقل أهمية وهو منع إقامة حكم ذاتي كردي على حدودها الجنوبية. العلاقة بين الأكراد السوريين وبين حركة التمرّد الكردية داخل تركيا وثيقة جدا كما يعتقد النظام في أنقرة، ومن شأن حكم ذاتي كردي كهذا أن يدفع ملايين الأكراد في تركيا إلى إثارة الفوضى والمطالبة بالاستقلال.

لقاء بوتين وبشار الأسد في موسكو (AFP)
لقاء بوتين وبشار الأسد في موسكو (AFP)

ولكن تركيا فشلت بشكل واضح في هدَفيها. مع احتلال حلب تعزز موقف الأسد، ولم تنجح أيضًا محاولة إيقاف الأكراد. في آب 2016 قامت تركيا بالغزو في شمال سوريا، بشكل أساسيّ من أجل منع إنشاء ربط بين الجيبين الكرديين في المنطقة ودفع داعش جنوبا، وهذا الغزو أيضًا ينزف دما كل الوقت. في الأسبوع الماضي قُتل هناك عشرات الجنود الأتراك.

إنّ تصرّف بوتين الحكيم في أعقاب قتل السفير يجبر تركيا على التفكير في المسار من جديد. بدلا من رفع عتبة التوتر في العلاقات بين البلدين، نظرا لفشل الأمن التركي المخجل، قرر بوتين استخدام ذلك كرافعة من أجل جذب تركيا إلى داخل معسكره. بعد أن أدت الأزمة الأخيرة في العلاقات في أعقاب إسقاط الطائرة الروسية إلى أن تصل العلاقة بين البلدين إلى شفير الصراع، وأجبرت تركيا على الخضوع لكل مطالب موسكو، يرغب الرئيس أردوغان بمنع أي صراع آخر كهذا بأي ثمن تقريبا، وبناء على ذلك سيقطع شوطا آخر باتجاه روسيا.

إن مزيج هذه العوامل – تعزز الأسد؛ انتخاب ترامب لرئاسة الولايات المتحدة والأجندة الانفصالية التي يعززها؛ فشل تركيا في تحقيق أهدافها في سوريا حتى اليوم، وحاجتها إلى التملّق لروسيا في أعقاب الفشل الذي أدى إلى قتل السفير، يؤدي جميعها منذ الآن إلى تشكيل سياسة جديدة في القصر الرئاسي في أنقرة. في إطارها ستسعى تركيا إلى قبول الهيمنة الروسية على منطقة الشام، وستعرب عن استعدادها رغما عنها لاحتفاظ الأسد بالحكم على معظم الأراضي السورية، ستوافق على إخراج قواتها من المنطقة الحدودية، وفي المقابل ستحاول التوصل إلى تسوية تضمن فيها روسيا وسوريا منع إقامة دولة كردية في شمال سوريا.

ستكون النتيجة، بالضرورة تقريبا، إيجاد وحدة آراء بين القوات الأكثر أهمية التي تبقت في سوريا لإنهاء الأزمة. لن تتدخل الولايات المتحدة، ستفتح روسيا وإيران أذرعها لتركيا، وستجتمع الدول الثلاثة وستتوصل إلى حلّ. ستقبله السعودية ودول الخليج دون خيار وسيتم التخلي عن الثوار السنة والأكراد تحت النظام الإجرامي لبشار الأسد.

وستضطرّ القيادة الإسرائيلية، التي كانت تأمل أن تؤدي الأزمة السورية وإسقاط الأسد إلى القضاء على محور طهران – دمشق – حزب الله، هي أيضًا إلى أن ترى تجدّد هذا المحور بقوة أكبر من الماضي. ومن الآن سيكون جزّار دمشق، بشار الأسد، أكثر التزاما تجاه راعيته إيران وحزب الله اللذين ساعداه جدا في النجاة.

نُشر هذا المقال للمرة الأولى في موقع منتدى التفكير الإقليمي

اقرأوا المزيد: 620 كلمة
عرض أقل
سكان حلب يفرون من القصف الروسي (AFP)
سكان حلب يفرون من القصف الروسي (AFP)

المعركة القادمة للأسد بعد حلب

عملية تصفية الحسابات القاتلة التي ينفّذها جنود الأسد لن تنتهي بالانتصار الاستراتيجي في حلب. فالأسد يوجّه أنظاره الآن إلى مناطق أخرى عديدة يستقرّ فيها الثوّار، على رأسها إدلب

عشرات الآلاف من سكّان شرقي حلب هم اليوم في خطر حقيقي على حياتهم. ليس فقط بسب نقص الطعام والأدوية وتدمير كلّ المستشفيات في المدينة، بل بسبب عملية “تصفية الحسابات” التي بان أولها في اليومَين الماضيَين، إذ قام جنود الأسد والميليشيات الداعمة له بتنفيذ مجزرة ضدّ كلّ مَن يُشتبَه بتعاونه مع الثوّار. ينضمّ الجنود السوريون وأفراد الميليشيات إلى عصابات النهب التي لا ترحم أحدًا، بل تقتحم البيوت، تنهب كلّ من تصادفه، وتبيع مسروقاتها لكلّ مَن يرغب.

حلب، التي استولى عليها المعارضون، خضعت لنظام الأسد. ومقاتلو المعارضة سيُخلَون عبر الحافلات، مع السكان المحليين الذين بقوا في أنقاض ما كان ثاني أكبر مدينة في سوريا.‎ ‎وسيؤدي اتفاق وقف إطلاق النار، الموقَّع بوساطة روسية وتركية، إلى إفراغ حلب من معارضي الرئيس بشار الأسد، الذي سيتمكن بعد ثلاث سنوات ونصف من القتال من الإعلان أنّ العاصمة الاقتصادية لبلاده في حوزته.

ثوار حلب يخسرون المعركة أمام البطش الأسدي (AFP)
ثوار حلب يخسرون المعركة أمام البطش الأسدي (AFP)

حقّق الأسد وشركاؤه في الحرب السورية انتصارًا عسكريا وإعلاميا هائلا بحسم معركة حلب، لكنّ الحرب في سوريا بعيدة عن نهايتها، وستستمر وقتًا طويلا بعد. سبب ذلك هو رفض المعارضين أن يستسلموا، وعدم استعداد الجيش السوري للإقامة الطويلة في المناطق التي يستعيدها. فظاهرة الانشقاقات والتهرب من الخدمة العسكرية، فضلًا عن الخسائر الكبيرة في الأرواح، أدّت إلى انخفاض عديد الجيش إلى النصف مقارنةً بعدده عشية الحرب الأهلية.

“هذا هو سبب عودة العديد من البلدات والقرى التي يُخضعها جيش النظام إلى الثوار، ثمّ إلى الجيش من جديد. هذا ما يمكن أن يحدث أيضًا في حلب ومحافظة إدلب شمالي البلاد، التي هرب إليها مَن تبقى من الثوّار. فهناك ستدور كما يبدو المعركة الأساسية القادمة”، كما قدّر هذا الصباح المحلّل العسكري الإسرائيلي لصحيفة “يديعوت أحرونوت”، رون بن يشاي.

الرابحون الأساسيون من انتصار الأسد في حلب هم أبناء الطائفة العلوية وأقليات أخرى، بينها السُّنة من الطبقة الوسطى الذين يكسبون رزقهم بفضل النظام. توفّر السيطرة على حلب ميزات استراتيجية عديدة للنظام. فالمدينة شكّلت جبهة لوجستية وعملياتية للجيش السوري، فيما يقطع سقوطها في يد النظام عن الثوار قواعد إمدادهم في تركيا. لكن بادئ ذي بدء، يبرز الإنجاز المعنوي، الذي يرفع معنويات الأسد ويقضي على الروح القتالية لمعارضيه، الذين يُذبَحون في هذه الأيام شرقي المدينة مع المواطنين المحليين.‎ ‎

الروس أيضًا رابحون من حسم المعركة على المدينة. فوفق منهجية الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، تعزّز القوة الجوية التي أرسلها إلى سوريا قوة الأسد في السلطة، لكنها بالمقابل تحافظ على تبعية السوريين لسوريا.

في المعركة القادمة التي ستكون إدلب مسرحها كما يبدو، سيستمرّ الروس في طريقة الغارات الثقيلة وعديمة التمييز من الجوّ، فيما يواصل الجيش السوري والميليشيات الشيعية زحفها نحو المدينة، ساحقةً كلّ من يجرؤ على معارضة النظام أو يُعتبَر كذلك.

اقرأوا المزيد: 399 كلمة
عرض أقل
إيلي كوهين الجاسوس الإسرائيلي الذي اخترق قلب النظام السوري
إيلي كوهين الجاسوس الإسرائيلي الذي اخترق قلب النظام السوري

فيديو نادر: إعدام الجاسوس الإسرائيلي إيلي كوهين في سوريا

مقطع فيديو مؤرشف صوره التلفزيون السوري، يصل إلى أيدي الثوار السوريين فيرسلونه إلى إسرائيل، ويتضح أنه يتضمن معلومات جديدة عن إعدام الجاسوس الإسرائيلي، إيلي كوهين

وصل مقطع فيديو نادر جدا يُوثق إعدام الجاسوس الإسرائيلي، إيلي كوهين، إلى هيئة تحرير “المصدر”، تظهر فيه صورا قاسية للمشاهدة من إعدام الجاسوس الإسرائيلي، إيلي كوهين، في سوريا.

يبدو في مقطع الفيديو الجاسوس الإسرائيلي، كوهين، بعد إعدامه وعند إزاله جثته عن حبل المشنقة. يدور الحديث عن صور التقطها التلفزيون السوري الرسمي، وكانت قد وصلت إلى أيدي الثوار السوريين أثناء الحرب، فنقلوها إلى السيد مندي صفدي، رئيس مركز الدبلوماسية الدولية والإعلام، الذي على علاقة مع الثوار السوريين.

كان كوهين (‏1924‏ – ‏1965‏) جاسوسا إسرائيليا عمل في سوريا وتم إعدامه بعد أن قبض عليه النظام السوري. كان يُعتبر أحد أكبر الجواسيس الإسرائيليين، وساهمت المعلومات التي نقلها قبل حرب الأيام الستة إلى انتصار إسرائيل في الحرب، هذا وفق أقوال رئيس الحكومة الإسرائيلي، ليفي أشكول، في ذلك الحين. بتاريخ 18 أيار عام 1965، تم إعدام كوهين شنقا في ساحة المرجة (ساحة الشهداء)، في دمشق. كانت هناك ست درجات تؤدي إلى المشنقة.

تم إعدام كوهين في الساعة الثالثة والنصف ليلا. وبعد مرور 90 ثانية، أعلن الطبيب عن وفاته. ولكن بقيت جثته على حبل المشنقة في ساحة المدينة نحو ست ساعات، وتمت إزالتها في الساعة العاشرة صباحا فقط.

تجند إيلي كوهين للعمل في صفوف الاستخبارات الإسرائيلية في شهر أيار 1960. ومن ثم انضم إلى وحدة 188 التابعة لشعبة الاستخبارات العسكرية، والتي ضُمت لاحقا إلى جهاز المخابرات الإسرائيلي، وأصبحت وحدة العمليات الخاصة “قيسارية”، المحاطة بهالة.

كان كوهين من مواليد الإسكندرية في مصر، الابن الثاني لعائلة مؤلفة من ستة أولاد وبنتين. عمل ، من بين أمور أخرى، على جلب يهود مصر إلى إسرائيل. لقد وصل إلى إسرائيل عندما كان ابن 33 عاما فقط، قبل ثلاث سنوات من تجنّده للجيش. تم اختيار كوهين ليكون “مقاتلا في دمشق”، وكان اسمه في سوريا كامل أمين ثابت. لقد حظي بتدريبات صعبة تضمنت، من بين أمور أخرى، تدريبات متابعة وهروب، تصوير، تدريبات لتعزيز الذاكرة، نقل رسائل، استيعاب، تشفير وتحليل، واجتاز تدريبا قصيرا في مجال المواد المتفجرة.

وتعلم كوهين أيضا تلاوة آيات القرآن أيضا، درس معلومات عن سوريا، حسن لهجته، وأطلق شاربه بشكل خاص لينخرط بين السكان السوريين المحليين. لقد أرسِلَ إلى الأرجنتين كجزء من الوظيفة التي كان يتعين عليه القيام بها، حيث عمل كتاجر عربي سوري، قادم من المهجر. في أوائل عام 1962، انتقل إلى دمشق. ولكن أخبر عائلته أنه يعمل في أوروبا. كان اسمه في إسرائيل، إيلي كوهين، أما في دمشق فكان اسمه، كامل أمين ثابت. لقد عاش كوهين على مدى ثلاث سنوات في قلب النظام السوري، حتى كُشف سره.

بتاريخ 18 كانون الثاني عام 1965، تم القبض على إيلي كوهين. نجح ثلاثة أفراد من المخابرات السورية وفي غضون أقل من دقيقة بالقبض على الشخص الذي كان معروفا كأحد أهم الجواسيس الإسرائيليين.

إعدام إيلي كوهين
إعدام إيلي كوهين

أثارت محاكمة كوهين إحراجا كبيرا في سوريا. لقد أدى انخراطه بين أوساط أصحاب المكانة المرموقة وجهات في النظام إلى عدم ارتياح. لقد تقرر مصيره قبل محاكمته. فقد باءت كل محاولات إسرائيل لإنقاذ كوهين من دمشق بالفشل. ترك وراءه في إسرائيل بعد وفاته امرأة وثلاثة أولاد. كتب لزوجته ناديا “أطلب منك”، وأضاف “لا تحزني على ما حدث، بل أنظري إلى المستقبل”.

اقرأوا المزيد: 472 كلمة
عرض أقل
طالبات سوريات (AFP)
طالبات سوريات (AFP)

الجيل الضائع من أطفال سوريا

هناك تأثيرات هائلة للأنظمة التعليمية المنقسمة في سوريا وغياب نحو نصف التلاميذ عن المدارس على مستقبل المواطنين

‎لا يتعلم ‎ ‎اليوم ما معدله ‎2.7 مليون طفل سوري في أعمار المدارس من بين 5.7 مليون. منذ بداية الحرب الأهلية السورية لم يعد‎ ‎يعمل ربع المدارس ‎ ‎في سوريا، وتراجع الحضور فيها إلى النصف.‎ إنّ الوضع الاقتصادي المتدهور في جميع أنحاء البلاد، ولا سيما في المناطق الخاضعة للثوار وداعش، يجعل الكثير من الأهالي لا يرسلون أطفالهم إلى المدارس بل يرسلونهم إلى العمل. ومع ذلك، فإن جميع الأطراف المشاركة في الحرب الأهلية تستغلّ سيطرتها على أنظمة التعليم المحلية لغرس قيمها في أوساط الجيل القادم.‎

جميع الأطراف المشاركة في الحرب الأهلية تستغلّ سيطرتها على أنظمة التعليم المحلية لغرس قيمها في أوساط الجيل القادم

ورغم كل شيء، فالعدد الأكبر من التلاميذ يتعلّم في المدارس الواقعة في المناطق الخاضعة لحكم النظام. يمجّد النظام التعليمي في سوريا أسرة الأسد وحزب البعث الحاكم ويعزّز ‎ ‎هوية عربية-سنية موحّدة (رغم أن قيادة النظام مكوّنة كلها من أبناء الطائفة العلوية). ومع ذلك، فإنّ جودة التعليم في المدارس العامة قد‎ ‎تدهورت بشكل كبير ‎ ‎ خلال الحرب بسبب أزمة المعلمين: جُنّد الكثير منهم للخدمة في الجيش، وهرب آخرون كثيرون خوفا من التجنيد الإجباري.

في المناطق الخاضعة للثوار يواجه النظام التعليمي التحدّيات الأبرز، بسبب ظروف الحياة الصعبة هناك. يُهاجم سلاح الجو السوري، وكذلك الروسي اليوم، بشكل منهجي تحديدا المدارس الواقعة في مناطق الثوار، ولذلك لا يُرسل الأهالي أطفالهم إلى المدارس. لهذا السبب انتقل جزء من المدارس والروضات إلى أقبية تحت الأرض.

أدى القصف العشوائي، والتدمير الممنهج للمؤسسات الحيوية مثل المستشفيات، المخابز، الأسواق، والمؤسسات الحكومية، إلى هروب جماعي للسكان من مناطق الثوار. يميل المتعلّمون وأبناء الطبقة الوسطى، بما في ذلك المعلّمين، بشكل خاصّ إلى الهرب من البلاد، بالإضافة إلى أنّ النظام لا يدفع أجور المعلّمين في مناطق الثوار، ولذلك هناك صعوبة في تشغيلهم. عندما بدأ الثوار في السيطرة على مناطق في سوريا في أواخر عام 2011 ألغوا ساعات “التعليم الوطني”، وهي دروس التلقين خاصة بنظام البعث. لاحقا أجريتْ تغييرات في مناهج تعليمية أخرى في مجالات مثل التاريخ، الجغرافيا، الفلسفة، الأدب، والدين.‎

طالبات سوريات (AFP)
طالبات سوريات (AFP)

ووفقا لطبيعة السيطرة اللامركزية، أو الفوضوية إذا صح القول، فإنّ التعليم في المناطق الخاضعة لسيطرة مجموعات الثوار العربية المختلفة، ليس موحّدا.‎ تحت سيطرة المجموعات الإسلامية يعمل نظام تعليمي ديني، وقد ألغيتْ دروس “إشكالية” مثل الموسيقى أو الفلسفة. في مناطق أخرى تُطبق مناهج تعليمية تابعة للحكومة السورية المؤقتة (المنظمة العليا الأبرز للمعارضة السورية)، ذات محتويات مماثلة تقريبا لمحتويات نظام الأسد، ولكنها خالية من الدعاية.‎

في المناطق التي تسيطر عليها داعش قرر التنظيم محتوى تعليميا يرسّخ التفسير الأكثر تشددا لشرائع الإسلام وقيم الكفاح المسلّح ضدّ “الكفار”، بما في ذلك التدريبات العسكرية. تستثمر الدولة الإسلامية جهودا كبيرة في تلقين أطفال سوريا والعراق، وتعتبرهم مقاتليها المستقبليين.

طُلب من جميع المعلمين الذين يدرّسون في المناطق الخاضعة لداعش التعبير عن توبتهم عن كفرهم في الماضي والانتقال إلى تمرير دروس الشريعة. تلحق عقوبة شديدة بالمعلمين الذين ينحرفون عن المادة التعليمية المسموح بها.‎ رفض الكثيرون القيام بذلك، لذلك تنازلوا عن مهنة التعليم الخاصة بهم. لا يرسل الكثير من الأهل أطفالهم إلى المدارس بسبب مقتهم للتلقين الديني أو خوفا من قصف المدارس. أدى النقص في المعلمين والتلاميذ إلى إغلاق الكثير من المدارس في أراضي الدولة الإسلامية. خلال السنة الدراسية الماضية (2014-2015) طُبعت كتب دراسية جديدة حُذفت منها مواضيع كفرية مثل الموسيقى، الفنون، الفلسفة، وبطبيعة الحال نظرية التطوّر، وانتقل التركيز إلى الدراسات الإسلامية. وخُفِضت أيضا الساعات التعليمية للمواضيع “الحلال” مثل العلوم والرياضيات.‎

إنّ التعليم في المناطق الخاضعة لسيطرة مجموعات الثوار العربية المختلفة،  ليس موحّدا.‎ تحت سيطرة المجموعات الإسلامية يعمل نظام تعليمي ديني، وقد ألغيتْ دروس “إشكالية” مثل الموسيقى أو الفلسفة. في مناطق أخرى تُطبق مناهج تعليمية تابعة للحكومة السورية المؤقتة

يقع النظام التعليمي العام في المناطق الكردية تحت مسؤولية حزب الاتّحاد الديمقراطي المسيطر.‎ استغل الجناح السوري للميليشيا الكرديّة في تركيا، حزب العمّال الكردستانيّ، الفرصة من أجل تغيير لغة التعليم إلى الكردية في الصفوف الأول حتى الثالث وإكساب التلاميذ رؤية أوجلان، زعيم حزب العمّال الكردستانيّ.‎ أثار هذا التلقين احتجاجا في أوساط السكان وأدى إلى أن تُرسل عائلات معينة أطفالها إلى مدارس آشورية خاصة تم تغيير المنهاج التعليمي فيها.‎

ثمة آثار هائلة للنظم التعليمية المنقسمة في سوريا وغياب نحو نصف التلاميذ عن المدارس. حتى بعد أن تنتهي الحرب، يوما ما في المستقبل، ستجد السلطات السورية صعوبة في تشكيل نظام موحّد يربط بين السرديات والمناهج التعليمية المختلفة التي يتعرض لها الأطفال في البلاد اليوم. مضت خمس سنوات منذ اندلاع الحرب الأهلية، وتدهورت مكانة سوريا من دولة ذات نظام تعليمي يعمل بشكل نسبي وكانت معدلات الأمية معقولة فيها (نحو 84%) إلى مكانة دول من العالم الثالث. سيجد الجيل الضائع من ملايين الأطفال السوريين، داخل البلاد وخارجها، صعوبة كبيرة في سدّ الفجوات التعليمية.

نُشرت هذه المقالة للمرة الأولى في موقع منتدى التفكير الإقليمي

اقرأوا المزيد: 718 كلمة
عرض أقل
الدرب الأهلية في سوريا (AFP)
الدرب الأهلية في سوريا (AFP)

تسجيل اعلى حصيلة شهرية للقتلى في سوريا منذ بداية العام

قتل 6,657 شخصا في سوريا خلال شهر ايار، بينهم 1285 مدنيا، 272 منهم من الاطفال

قتل 6657 شخصا في سوريا خلال شهر ايار/مايو، معظمهم من قوات النظام والمقاتلين الجهاديين، في حصيلة قتلى هي الاعلى منذ بدء العام الحالي، وفق ما اعلن المرصد السوري لحقوق الانسان الاثنين.

وقال المرصد في بريد الكتروني تلقت فرانس برس نسخة منه ان 6657 شخصا قتلوا خلال الشهر الماضي، بينهم 1285 مدنيا، 272 منهم من الاطفال.

واحصى المرصد مقتل 793 من مقاتلي المعارضة والاكراد السوريين، و2109 مقاتلين من جبهة النصرة (ذراع تنظيم القاعدة في سوريا) وتنظيم الدولة الاسلامية، و2450 قتيلا في صفوف قوات النظام والمسلحين الموالين لها وحزب الله اللبناني.

وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن لوكالة فرانس برس ان “حصيلة القتلى هذه هي الاعلى منذ بدء العام الحالي في سوريا”.

ودارت معارك عنيفة خلال شهر ايار/مايو على اكثر من جبهة بين قوات النظام وتنظيم الدولة الاسلامية من جهة، في محافظة حمص (وسط) حيث سيطر الجهاديون على مدينة تدمر الاثرية ومناطق عدة في ريف حمص الشرقي، وبين قوات النظام ومقاتلي جبهة النصرة وفصائل معارضة من جهة اخرى، وتحديدا في محافظة ادلب (شمال غرب) حيث سيطر تحالف الفصائل على مدينة اريحا ومعسكر المسطومة.

وفي محافظة الحسكة (شمال)، وقعت معارك عنيفة ايضا خلال الشهر الماضي بين مقاتلين اكراد وجهاديي تنظيم الدولة الاسلامية، انتهت بسيطرة الطرف الاول بمؤازرة غارات التحالف الدولي على عشرات البلدات والقرى، بينها 14 بلدة اشورية.

وعلى الرغم من الخسائر الميدانية التي منيت بها قوات النظام السوري في الاسابيع الاخيرة على اكثر من جبهة، الا ان  مصدرا امنيا قال الاثنين لوكالة فرانس برس ان “خريطة النزاع في سوريا تتبدل مع تبدل الوقت”.

واعتبر ان “ما تعيشه البلاد هو صوملة فالجبهات مشتعلة في كل المناطق والوضع معقد وليس سهلا”، مضيفا “فكرة تقسيم سوريا من الامور التي ننظر اليها من ناحية الحرب النفسية، وهي لا تدخل في حساباتنا”.

وتشهد سوريا منذ اربعة اعوام نزاعا داميا تسبب بمقتل اكثر من 220 الف شخص. وبحسب المرصد، ارتفعت حصيلة القتلى منذ بدء العام الحالي الى 22846 شخصا، بينهم 4458 قتلوا في شهر نيسان/ابريل، و4973 قتلوا في آذار/مارس، و4075 في شباط/فبراير، و2683 في كانون الثاني/يناير.

اقرأوا المزيد: 310 كلمة
عرض أقل
مقاتلو داعش (Facebook)
مقاتلو داعش (Facebook)

تنظيم الدولة الإسلامية يتوسع على حساب النظام والمعارضة في سوريا

المحلل آرون لوند: "لا أحد يملك حظوظا في الانتصار وفي هذه المرحلة، من المستحيل تصوّر دولة مستقرة يديرها احد الاطراف الثلاثة الرئيسية المتنافسة على السلطة في سوريا"

أحرز تنظيم الدولة الاسلامية في نهاية الاسبوع تقدما جديدا في سوريا على حساب قوات النظام على جبهة ومقاتلي المعارضة على جبهة اخرى، ما يعيد رسم خريطة النزاع المستمر منذ اكثر من اربع سنوات ويزيد من تعقيداته.

وتتواصل المعارك الاثنين بين قوات النظام والمسلحين الموالين لها من جهة وتنظيم الدولة الإسلامية من جهة اخرى في الريف الجنوبي الغربي لمدينة تدمر الاثرية، “وسط محاولات من التنظيم للتقدم في اتجاه بلدتي مهين والقريتين في ريف حمص”، بحسب المرصد السوري لحقوق الانسان.

وكان التنظيم الجهادي تمكن السبت من السيطرة على بلدة البصيري جنوب تدمر التي استولى عليها في 21 ايار/مايو. وتقع البصيري على مفترق طرق يؤدي الى دمشق جنوبا والى حمص غربا.

ويأتي هذا التراجع الجديد للنظام بعد هزائم متتالية تعرض لها خلال الشهرين الماضيين في محافظة حمص (وسط) على ايدي تنظيم الدولة الاسلامية وفي محافظتي ادلب (شمال غرب) ودرعا (جنوب) على ايدي فصائل المعارضة.

وقد شن نهاية الاسبوع حملة قصف عنيفة بالبراميل المتفجرة والطائرات الحربية على مناطق عدة في سوريا ما تسبب بمقتل اكثر من 150 شخصا، بحسب المرصد، واثار تنديدا دوليا. فرد المعارضون بقصف الاحياء الغربية من مدينة حلب بالقذائف الصاروخية، ما تسبب بمقتل 14 شخصا.

مقاتلو الدولة الإسلامية، داعش (Twitter)
مقاتلو الدولة الإسلامية، داعش (Twitter)

في الشمال، وصل التنظيم الى مسافة قصيرة من مدينة الحسكة حيث يخوض معارك مع قوات النظام

في الشمال، وصل التنظيم الى مسافة قصيرة من مدينة الحسكة حيث يخوض معارك مع قوات النظام. وعزز تنظيم الدولة الاسلامية من جهته مواقعه في منطقة واسعة ممتدة من تدمر في محافظة حمص وصولا الى محافظة الانبار العراقية في الجانب الاخر من الحدود. وبات بذلك يسيطر على مساحة تقارب الـ300 الف كيلومتر مربع من الاراضي بين البلدين، بحسب الاختصاصي في الجغرافيا والخبير في الشؤون السورية فابريس بالانش، وعلى نصف مساحة الاراضي السورية، بحسب المرصد.

وذكر المرصد الاثنين ان عنصرا من تنظيم الدولة الإسلامية “فجر نفسه بجرار زراعي وصهريج مفخخ على حاجز لقوات النظام والدفاع الوطني قرب مدينة الحسكة، ما أدى الى مقتل ما لا يقل عن تسعة عناصر على الحاجز وإصابة آخرين بجروح”.

على جبهة اخرى في الشمال في محافظة حلب، سيطر التنظيم الجهادي الاحد على بلدة صوران ومحيطها بعد معارك عنيفة

على جبهة اخرى في الشمال في محافظة حلب، سيطر التنظيم الجهادي الاحد على بلدة صوران ومحيطها بعد معارك عنيفة مع مقاتلي المعارضة وبينهم جبهة النصرة. وهو يحاول التقدم نحو بلدة مارع. وبات على بعد عشرة كيلومترات تقريبا من معبر باب السلامة على الحدود التركية.

واستقدمت جبهة النصرة والفصائل المقاتلة تعزيزات الى المنطقة.

ويقول مدير المرصد السوري رامي عبد الرحمن ان احد اسباب “هذا الانهيار السريع لقوات النظام عدم القدرة على تعويض الخسائر البشرية الكبيرة التي يتكبدها”.

ويوضح ان “هناك تخلفا كبيرا عن الالتحاق بالخدمة العسكرية. كما ان هناك شعورا متناميا في اوساط القوات المسلحة وقوات الدفاع الوطني الموالية لها برفض الدفاع عن مناطق لا يشارك أهلها في القتال”، في اشارة الى المناطق ذات الغالبية السنية اجمالا حيث “لا حاضنة شعبية” للنظام العلوي.

وغالبا ما يعبر موالون للنظام على حساباتهم على مواقع التواصل الاجتماعي عن هذا الشعور.

مقاتلو الدولة الإسلامية، داعش (AFP)
مقاتلو الدولة الإسلامية، داعش (AFP)

وقد أوردت صفحة “شبكة اخبار جبلة” (اللاذقية، معقل الطائفة العلوية التي يتحدر منها الرئيس السوري بشار الاسد) على “فيسبوك” تعليقا في هذا الاطار جاء فيه “التعبئة العامة لا يجب ان تقتصر على أهل الساحل السوريين الذين قدموا الاف الشهداء والجرحى (…) انما للسوريين الموجودين في الساحل من كل المحافظات تحت اسم مهجرين وعددهم حوالى مليون شاب”، داعيا هؤلاء الى ان “يحملوا السلاح (…) والا فعودوا الى محافظاتكم”.

وتعزز التطورات الميدانية الخشية من حصول “تقسيم بحكم الامر الواقع” في سوريا حيث يتقلص وجود النظام الى المنطقة الممتدة من دمشق  في اتجاه الشمال نحو الوسط السوري (الجزء الاكبر من محافظتي حمص وحماة) وصولا الى الساحل غربا (طرطوس واللاذقية)، بينما يتفرد تنظيم الدولة الاسلامية بالسيطرة على المنطقة الشرقية صعودا نحو الشمال (جزء من محافظة الحسكة وكل محافظة الرقة وبعض حلب). في حين يسيطر مقاتلو المعارضة على رأسهم جبهة النصرة، فرع تنظيم القاعدة في سوريا، على الجزء الآخر من الشمال (حلب وادلب). ويتنازع النظام والمعارضة المنطقة الجنوبية، مع ارجحية للمعارضة.

ويزيد هذا الواقع الميداني من صعوبة حسم الوضع في البلاد حيث تسببت الحرب بمقتل اكثر من 220 الف شخص منذ آذار/مارس 2011، ولا يبدو في الافق اي بريق امل لحل سياسي قريب.

وفي مقال كتبه المحلل آرون لوند على الموقع الالكتروني لمركز “كارنيغي” للابحاث اخيرا، قال “بغض النظر عمن يربح وعمن يخسر الحرب في سوريا حاليا، يمكن التأكيد ان لا احد يملك حظوظا في الانتصار”.

واضاف “في هذه المرحلة، من المستحيل تصوّر دولة نهائية واقعية ومستقرة (بغض النظر عن الديموقراطية) يديرها احد الاطراف الثلاثة الرئيسية المتنافسة على السلطة في سوريا”، في اشارة الى النظام وتنظيم الدولة الاسلامية والمعارضة المسلحة حيث النفوذ الاقوى للاسلاميين المتطرفين (النصرة).

وخلص لوند الى ان سوريا في ظل هذه النزاعات المتشعبة “تتجه الى التحول الى صومال اخرى” ما لم يحصل “وقف لاطلاق النار او مجموعة اتفاقات لوقف النار تمليها تسوية سياسية الله وحده يعلم ما سيكون مصدرها”.

اقرأوا المزيد: 744 كلمة
عرض أقل