التوحيد والجهاد

محمود السلفيتي (صورة من النت)
محمود السلفيتي (صورة من النت)

مقتل جهادي غزاوي في العراق ضالع بقتل متضامن إيطالي في غزة

فرّ الجهادي محمود السلفيتي من سجن حماس في غزة قبل مدة من الزمن بعد مشاركته في قتل صحفي ومتضامن إيطالي مع القضية الفلسطينية لينضم لصفوف مقاتلي "داعش"

قتل ناشط سلفي جهادي فلسطيني صباح الجمعة في غارات جوية نفذتها طائرات التحالف الدولي على أهداف لتنظيم الدولة الإسلامية، “داعش”، في العراق. وقالت مصادر عائلية وسلفية جهادية لـ “المصدر” إن محمود السلفيتي، الذي يقرب من العمر نحو 29 عاما، وكان يسكن في شمال مدينة غزة، قد قتل في محافظة الأنبار غرب العراق، والتي تشهد في الأشهر الأخيرة موجة من الغارات الجوية على أهداف التنظيم من قبل الطائرات العراقية من جهة وطائرات التحالف الدولي.

واشتهر اسم السلفيتي في نهاية أبريل/ نيسان 2011 بعد أن شارك في قتل صحفي ومتضامن إيطالي مع القضية الفلسطينية، يُدعى “فيكتور أريغوني”، بعد أن اختطفته مجموعة “التوحيد والجهاد” السلفية الجهادية، وفرارها من المكان الذي كانت تحتجزه بعد أن كانت تلك المجموعة صورت أريغوني وهو محتجز لديها وطالبت بالإفراج عن قائد تلك المجموعة الجهادية “هشام السعيدني” الذي اغتالته إسرائيل في الرابع عشر من أكتوبر/ تشرين أول عام 2012 بعد أن كان معتقلا لدى حماس.

المتضامن الإيطالي مع القضية الفلسطينية، فيتوريو أريغوني، اختطف وقتل عام 2011 على يد جماعة سلفية جهادية (AFP)
المتضامن الإيطالي مع القضية الفلسطينية، فيتوريو أريغوني، اختطف وقتل عام 2011 على يد جماعة سلفية جهادية (AFP)

واعتقل السلفيتي على يد عناصر أمنية من حركة حماس التي تسيطر على القطاع بعد ملاحقته، ومجموعة من المسؤولين عن العملية قبل أن تحاصرهم في منزل بمخيم النصيرات نهاية شهر أبريل/ نيسان ،2011 أي بعد اختطاف أريغوني بأيام، ما أدى لمقتل شخص أردني يُدعى “عبد الرحمن بريزات” وفلسطيني من غزة يُدعى “بلال العمري” واعتقال السلفيتي الذي حكم عليه بالسجن المؤبد.

وفي الحادي والعشرين من يونيو/ حزيران المنصرم (خلال شهر رمضان) تمكن السلفيتي من الفرار من سجون أمن حماس، بعد تلقيه مساعدة من أحد السجانين، قبل أن تلاحقه حماس ليتبين فيما بعد أنه نجح بالخروج من غزة بطريقة غير معروفة قبل أن يفاجئ عائلته باتصال هاتفي أنه وصل إلى العراق لينضم لصفوف مقاتلين داعش.

اقرأوا المزيد: 255 كلمة
عرض أقل
جيش الدولة الإسلامية (AFP)
جيش الدولة الإسلامية (AFP)

نشوء وتطور داعش

عشرات النشطاء من المنظمة المتطرفة قُتلوا في معارك في عرسال، وهي المعارك التي يصفها الجيش اللبناني بأنها "الأخطر من نوعها". قُتل 11 جنديًا بينما تم اختطاف 15 آخرين. يقف حزب الله إلى جانب الجيش في صراعه

ها قد أصبح ذلك قريبًا وعلى الحدود، التنظيم الجهادي الذي وصلت أصداؤه إلى العراق، سوريا، وبدأت بوادر قوته وتقدمه الأولى تظهر في لبنان، الأردن وغزة.

عنف وعمليات تفجير سيارات مفخخة في تكريت (AFP)
عنف وعمليات تفجير سيارات مفخخة في تكريت (AFP)

الأخبار السارة هي أن الجيش اللبناني يشن منذ عدة أيام عملية عسكرية لم يشهد لها لبنان مثيلاً خلال السنوات الأخيرة بمحاولة من الجيش لصد التيار الجهادي الجديد، الذي يدق على أبواب الدول القومية الجديدة في أرجاء الشرق الأوسط، على أمل إقامة أنظمة حكم إسلامية بديلة.

يُستدل من فحص عميق أن التنظيم هو عبارة عن رمز جديد – قديم للجهاد، والذي يحاول أن يفرض من جديد الشروط السياسية، العسكرية والاستراتيجية في الشرق الأوسط بعد حرب أفغانستان، العراق، ثورات الربيع العربي وسقوط الأنظمة الإسلامية لاحقًا.

عندما نتوجه الى مصادر إعلامية ما ونطلب أن نعرف أكثر عن التنظيم الذي بات يهدد الهلال الخصيب نحصل على انطباع خاطئ بأننا نتحدث عن جهة قوية جديدة نسبيًا، شقيق صغير لتنظيم “القاعدة”، الذي نمى في الخواء السلطوي الذي تكوّن في تخوم الشرق.

عجّل البروز السريع للتنظيم من تفكك الدول القديمة مثل سوريا والعراق، وترك دول أخرى، مثل الأردن، إيران والسعودية في وضع انتظار. إلا أن نظرة فاحصة على مصادر التنظيم القديمة وطريقة نشاطه تكشف لنا صورة مختلفة قليلاً.

يمكن تمييز براعم التنظيم في العمليات السابقة لقائد التنظيم الأول – أبو مصعب الزرقاوي. جمع الزرقاوي، الذي ترعرع في الأردن وانتسب إلى التيار السلفي السني، خبرة كبيرة بما يخص مجال الإرهاب وحرب العصابات من خلال التنظيمات الجهادية العالمية، بداية من أيامه في أفغانستان تحت الاحتلال السوفيتي، وصولاً إلى محاولاته في أواخر القرن الماضي لإضعاف المملكة الأردنية الهامشية.

أبو مصعب الزرقاوي (Wikipedia)
أبو مصعب الزرقاوي (Wikipedia)

أنشأ لهذه الغاية في العام 2000 تنظيم “جماعة التوحيد والجهاد” بالتعاون مع نشطاء سلفيين أردنيين آخرين. بعد عام من ذلك، وبالتوازي مع بدء الاحتلال الأمريكي لأفغانستان، نقل الزرقاوي مركز ثقل عملياته إلى العراق، حيث بدأ هناك بنسج شبكة من العلاقات مع جهات في السلطة وفي أذرع أجهزة المخابرات العراقية ومع ميليشيات متطرفة في الشمال – شرق الدولة، أمثال “أنصار الإسلام”. كانت علاقة التنظيم الرسمية بنظام الحكم، بالمقابل، مختلفة في ماهيتها، وقبل الاجتياح العراقي دارت بين نظام حكم صدام والزرقاوي لعبة أشبه بلعبة القط والفأر.

أسقطت الولايات المتحدة في العام 2003 حكم صدام حسين تمامًا وبما في ذلك النظام المخابراتي – العسكري الذي قاد بواسطته البلاد خلال فترة حكمه. أدى تفكك مؤسسات السلطة والفراغ الذي حدث جراء ذلك لنشوء بيئة مناسبة للزرقاوي وتنظيمه للقيام بعمليات جهادية. استقطب تنظيم الزرقاوي آلاف الناشطين من كل أنحاء العالم الإسلامي، وحتى أنه ضم بعض “التنظيمات الصغيرة” إليه.

بدأ التنظيم في النصف الثاني من العقد الماضي في السعي نحو تحقيق ثلاثة أهداف وضعها أمامه. الهدف الأول، طبعًا، كان القتال ضدّ تحالف الاحتلال الغربي والعراقيين المتواطئين مع ذلك الاحتلال. الهدف الثاني كان إحداث شرخ بين الطائفة السنية والشيعية (اللتان تشكلان غالبية نسبة السكان في البلاد”. أما آخر هدف فكان (في تلك السنوات) يسعى إلى إقامة دولة خلافة في العراق.

محاولات وزير الخارجية الأمريكي، جون كيري،  بإقناع رئيس الحكومة العراقية نوري المالكي بتوسيع حكومته وضم جهات أخرى إليها لا تنجح حاليًا (AFP)
محاولات وزير الخارجية الأمريكي، جون كيري، بإقناع رئيس الحكومة العراقية نوري المالكي بتوسيع حكومته وضم جهات أخرى إليها لا تنجح حاليًا (AFP)

“منحت” الطرق التي استخدمها التنظيم في عملياته سمعة التنظيم الأخطر والأكثر وحشية. وهذا بسبب استخدام التنظيم لعبوات ناسفة مبتكرة في داخل الأحياء السكنية. مهاجمة أشخاص لا دخل لهم ونشطاء إنسانيين وأيضًا عُرف عن التنظيم قيامه بقطع رؤوس أعدائه. جاءت عمليات الزرقاوي منذ البداية لكي تترك أصداءً مجلجلة وشحن طائفي.

كان الصراع الذي خاضه الزرقاوي سلاحًا ذا حدين وجذب إليه الكثير من النار وفي عام 2006 شنت الولايات المتحدة ثانية حربًا ضدّ قيادة الفصيل التابع لتنظيم “القاعدة” في العراق ونتج عن تلك الحرب وفاة الزرقاوي ونائبه ومعلمه الروحي.

تسلم قيادة التنظيم، بعد اغتيال الزرقاوي، أبو أيوب المصري، الذي كان يُعتبر اليد اليمنى للزرقاوي والذي أنشأ خلايا جهادية كثيرة في جنوب العراق وفي بغداد. مر الحزب في ذلك العام بالكثير من التحولات، وفي نهاية الأمر ارتدى بذلة جديدة: “دولة العراق الإسلامية” والتي كان هدفها الأساسي صراع سني أصولي وصولاً إلى إقامة دولة الخلافة.

ظهر جليًا في ذلك العام تراجع قوة التنظيم على إثر تراجع الدعم له من قبل سكان الطائفة السنية الذين ضاقوا ذرعًا بالأساليب المتوحشة التي انتهجها التنظيم في مناطق نفوذه وبالطرق العنيفة التي كان ينتهجها. نجحت، بفضل ذلك، قوات من الجيش الأمريكي عام 2008؛ بالتعاون مع الحكومة العراقية، بتجنيد العائلات السنية لمواجهة واستهداف الحركات الأصولية التي تتبع “القاعدة” من مناطق محافظة ديالى والأنبار ومن العاصمة بغداد، الموصل وشمال الدولة.

جيش الدولة الإسلامية في العراق والشام (AFP)
جيش الدولة الإسلامية في العراق والشام (AFP)

حلّ العام 2009 وجاء معه تحوّل جديد. بدأت القوات الأمريكية، على إثر تراجع قوة القاعدة، بالانسحاب من المدن المركزية وبتسليم الحكم للحلفاء المحليين، أي للجيش العراقي الذي دعمته ولحكومة المالكي الشيعي. استغل المقاتلون السنة انسحاب القوات الأمريكية ومن خلال التعاون مع قيادات سابقة في حزب البعث، الذي تم حله، وقاموا بشن موجة عمليات عنيفة جدًا والتي اعتبرت أشرس هجمة يتعرض إليها نظام الحكم الجديد منذ تأسيسه.

بقي، رغم ذلك، النظام ثابتًا نوعًا ما حتى نهاية عام 2012. قُتل في نيسان من العام 2010 المصري، قائد التنظيم، وقادة آخرين على إثر هجوم جوي أمريكي على منطقة تكريت الأمر الذي فسح المجال أمام تربع القائد الجديد للتنظيم، أبو بكر البغدادي، على رأس الهرم.

أبو بكر البغدادي (AFP)
أبو بكر البغدادي (AFP)

جاءت إنجازات داعش الأخيرة نتيجة امتعاض الأقلية السنية في العراق نتيجة الظلم والقمع والتمييز ضدّهم من قبل حكومة المالكي. يدعي السنة أنه يتم التعامل معهم كمواطنين من الدرجة الثانية وبشكل غير عادل، وأنهم دائمًا على مرمى هدف قوات الأمن العراقية.

إن البغدادي، الذي تحوّل؛ منذ زمن إلى شخص ملاحق وإلى عدو همجي وهو الذي لا يتوانى أبدًا عن استخدام أساليب عنيفة جدًا ووحشية من أجل تنفيذ مخططاته بالسيطرة من جديد على العراق ومن ثم بقية دول الهلال الخصيب، قد أعطت تلك الشخصيةـ ولأول مرة الوجه الحقيقي لأخطر تنظيم في المنطقة اليوم، تمامًا كما كان بن لادن وجه القاعدة طوال سنوات التسعين وما بعد ذلك لحين اغتياله في عام 2011.

اقرأوا المزيد: 858 كلمة
عرض أقل
ابو بكر البغدادي (AFP)
ابو بكر البغدادي (AFP)

شهاب في سماء الجهاد العالمي: أبو بكر البغدادي

الكثيرون اليوم يدعون أنّ داعش قد اجتازت قاعدة الظواهري بشكل غير مباشر، وأحد أسباب ذلك هو القائد الاستثنائي للتنظيم: أبو بكر البغدادي

بعد غزو الولايات المتحدة لأفغانستان (تشرين الأول 2001) انقسمت حركة الجهاد العالمي، عندما هربت القيادة (بزعامة بن لادن، نائبه الظواهري وآخرين) إلى الحدود الباكستانية – الأفغانية. انتقل آخرون إلى إيران ومن هناك في نهاية المطاف إلى العراق. ومن بين هؤلاء، كان الأردني المسمّى أبو مصعب الزرقاوي، الذي بدأ يعمل في البلاد بعد الغزو الأمريكي للعراق عام (2003) على رأس تنظيم “التوحيد والجهاد”.

أبو بكر البغدادي (AFP)
أبو بكر البغدادي (AFP)

كان هذا التنظيم وراء المئات، إنْ لم يكن الآلاف، من العمليات الإرهابية القاتلة ضدّ السكان الشيعة في العراق، وضدّ القوات الحكومية وقوات حلف شمال الأطلسي والولايات المتحدة. يعتبر الزرقاوي نفسه مسؤولا عن عدد كبير من عمليات الإعدام للمخطوفين والرهائن الذين تمّ توثيق عمليات قتلهم ونُشرت في الإنترنت. وقد بلغ تعداد أفراد التنظيم، وفقًا للتقديرات، المئات من العناصر، ولكن رغم أنّه لم يكن كبيرًا من الناحية الكمّية، فكان لا يزال يعتبر إحدى الجهات الأكثر خطورة في العراق.

https://www.youtube.com/watch?v=v5GEYvvG-yI

في عام 2004 بايع الزرقاوي زعيم القاعدة حينذاك أسامة بن لادن، واعتمد اسم “قاعدة الجهاد في بلاد الرافدين”. بعد عامين من ذلك، في حزيران 2006، تم اغتياله من قبل الأمريكيين، وانقسم تنظيمه إلى قسمين: قسم استمرّ تحت الاسم “قاعدة الجهاد في بلاد الرافدين” وقسم آخر تحت اسم “مجلس شورى المجاهدين”. نشأ من التنظيم الثاني في النهاية تنظيم “الدولة الإسلامية في العراق”، والذي اعتمد – بعد دخوله إلى الحرب في سوريا – اسم “الدولة الإسلامية في العراق والشام”. وتضمّ داعش في تجسّدها الحالي جيشًا من آلاف المقاتلين (تشير التقديرات أنّ عدد عناصر التنظيم هو 7,000 مقاتل) وعدد كبير من المؤيّدين، الداعمين والمساندين في جميع أنحاء العالم.

“هذا هو الوقت لنسيان الظواهري”، هكذا كتب محلّلون ومؤرّخون خبراء في دراسات الشرق الأوسط في الإعلام العالمي: “من اليوم فصاعدًا فإنّ زعيم داعش، أبو بكر البغدادي، هو الذي يمثّل أكبر مصدر إلهام بالنسبة للجهاد العالمي”. وتدعم مجلة “تايم” المرموقة هذه الادّعاءات، وقد اختارت البغدادي ليتألّق في قائمة أكثر 100 شخصية مؤثّرة في العالم للعام 2013. وقد عرّفت صحيفة “واشنطن بوست” زعيم داعش باعتباره “الزعيم الجهادي الأقوى”، ويصفه آخرون بأنّه “أسامة بن لادن الجديد”، على ضوء حجم التأييد والشعبية التي يحظى بها لدى الجهاديين في جميع أنحاء العالم.

أبو بكر البغدادي- منافس القاعدة

أبو بكر البغدادي هو الرجل الذي حوّل القاعدة في العراق إلى تنظيم داعش- التنظيم المستقل الذي يًسيطر في الأسابيع الأخيرة على كل أجزاء الدولة ويهدد بالسيطرة على مساحات أوسع أخرى في الشرق.

https://www.youtube.com/watch?v=7V-jXpuO-AA

وُلد البغدادي في ‏‎1971‎‏ في سامراء في العراق حتى نهاية اللقب الأول بالجامعة، عاش حياة عادية جدًا. انجذب سريعًا إلى التيار المتطرف الإسلامي وفيما بعد انضم لفرع القاعدة في العراق. لقد أثبت نفسه سريعًا كقاتل وحظي بثمن يقدر بـ ‏‎10‎‏ ملايين دولار برعاية قائمة المطلوبين الأمريكية. “هذه الجائزة ثانوية بالنسبة للجائزة المرصودة لرئيس القاعدة أيمن الظواهري ويمثل التزامنا المستمر لمساعدة شركائنا في المنطقة على إبعاد هذا التهديد من بلادهم”، هكذا صرحت المتحدثة بلسان الحكومة الأمريكية، جين ساكي، بعد أن تولى البغدادي مكانه كقائد للتنظيم.

لم يُلق القبض عليه منذ تصريح البيت الأبيض فحسب، بل وازداد وحشية وخطرًا. تحت قيادته، ازداد عدد التفجيرات في العراق، كذلك انضم هو ومقاتلوه إلى الحرب في سوريا ونفذوا عددًا ليس قليلا من الجرائم، مما أدى في نهاية الأمر إلى الانشقاق عن تنظيم القاعدة العالمي في بداية سنة ‏‎2014‎‏ وإقامة تنظيم داعش.

منذ ذلك الوقت وهم يدمرون العراق فعليًّا ويدمرون الجيش الذي كانت تموّله وتدرّبه القوات الأمريكية. في سوريا، ينفذون أحكام إعدام على الملأ، وفي العراق يذبحون جماعيًّا أسرى من الجيش العراقي، وأغلبية ذلك موثقة ومنتشرة في الشبكة.

https://www.youtube.com/watch?v=PmMpuBal2Zg

من الغريب أن البغدادي كان في يد الأمريكيين، لكن أطلق سراحه سنة ‏‎2009‎‏ لأسباب قضائية. حسب أقوال الكولونيل كنث كينج، الذي كان مسؤولا في تلك الفترة عن معسكر الاعتقال بوكا في العراق، عندما خرج البغدادي من بوابات السجن قال له: “نلتقي في نيويورك”.

اقرأوا المزيد: 573 كلمة
عرض أقل
جيش الدولة الإسلامية (AFP)
جيش الدولة الإسلامية (AFP)

الراية السوداء في العراق: عودة الخلافة الإسلامية

الشهاب الجديد في سماء الإرهاب العالمي يتسابق عاصفًا نحو بغداد، والعالم يشعر بالحرج. فتنظيم "الدولة الإسلامية في العراق والشام" يترك وراءه ذيلا من الجثث والأشلاء في جميع أنحاء العراق وسوريا في طريقه ليصبح كيانًا سياسيًّا حقيقيّا

الآن أصبحت هذه حقيقة معروفة: في كلّ مرّة يقوم فيها عناصر تنظيم “الدولة الإسلامية في العراق والشام” (داعش) باحتلال منطقة جديدة يمكننا أن نتوقّع الأسوأ. أصبحت الشهادات على المجازر والتطهير العرقي مسألة شائعة، فمن كل جهة تصل تقارير عن قطع رؤوس علني، جلد وإعدام، بغضّ النظر عن جنس أو عمر الضحية. فعلى سبيل المثال، في حادثة مروّعة حدثت في بداية العام، أطلق عناصر داعش النار حتى الموت على شاب عمره 14 عامًا بعد أن قام بسبّ اسم محمد، وكلّ ذلك أمام عيون والديه.

يقف عناصر التنظيم وراء عمليات صلب الأشخاص المتّهمين بـ “الكفر” والمسيحيين، وأيضًا بتر الأطراف بسبب السرقة وقتل المدنيين والأسرى. مؤخرًا، لم يستطع البابا فرنسيس أيضًا تجاهل الأخبار عن صلب النصارى واستنكر أفعالهم. فهناك نموذج آخر لمستوى الوحشية الذي وصل إلينا في حزيران هذا العام، وفقًا لمنظمة حقوق الإنسان “منظمة العفو” حين  قام عناصر التنظيم باحتلال بلدة كردية في منطقة الحسكة شمال سوريا. ولأنّه تم الاشتباه بسكّانها بمساعدة الانفصاليين الأكراد، قام عناصر التنظيم بقتل الكثير من المدنيين، من بينهم أطفال، نساء ورجال. وتم طرد الكثير غيرهم.

لا يمكن الفصل بين العراق والحرب الأهلية في سوريا، التي تغذي داعش وتزوّد صفوفها بآلاف المقاتلين الأجانب والدم الجديد. أحد هؤلاء المقاتلين الأجانب هو مهدي نموش، وهو الإرهابي الذي نفّذ هجومًا إرهابيًّا على المتحف اليهودي في بروكسل. يعتبر نموش واحدًا فقط من بين آلاف آخرين، يأتون إلى سوريا بسهولة، يجتازون معسكرات التدريب مع سلاح ويتلقّون تثقيفًا متطرّفًا. تشرّع عقيدة داعش القتل العشوائي لـ “الكافر”، الذي يهدّد الأمة الإسلامية، ويسعى – كما يُفترض – إلى إذلالها، التضييق عليها، احتلال أراضيها واستعباد مواردها. ولذلك، فإنّ كلّ إضرار بهؤلاء الكفار المتآمرين هو وصية والتزام مفروض على المسلمين الأصوليّين الذين ينتمون إلى داعش ونظرية الجهاد العالمي.

في الأيام الأخيرة، أنهى تنظيم داعش سيطرته على مدينة الموصل في شمال العراق، وهي إحدى مراكز النفط المهمّة في البلاد المقسّمة والنازفة. بالإضافة إلى ذلك، فقد نجح مقاتلو داعش من احتلال الحدود السورية العراقية وتعزيز قبضتهم على المكان، إلى جانب النجاحات السابقة في جبهات الأنبار، نينوى وصلاح الدين. وحتى الآن فيبدو أنّ الهدف التالي هو العاصمة بغداد. وكما يقول الجهاديون أنفسهم فهو لا ينوون أخذ أسرى.

جيش الدولة الإسلامية في العراق والشام (AFP)
جيش الدولة الإسلامية في العراق والشام (AFP)

الأسود يعلو

ما هو هدف داعش النهائي؟ الرأي السائد هو أنّ داعش تسعى إلى إقامة دولة الخلافة الإسلامية، إذ تستطيع من خلالها أن تستأنف حربًا عالمية مقدّسة (الجهاد). وكما يبدو، فإنّ الطريق إلى الخلافة الإسلامية الجديدة يمرّ، وسيمرّ، ببرك من الدماء. تشكل سوريا العراق وبلجيكا البداية فقط، ومن المرجح أن نرى “ارتدادات” الحرب في سوريا تنفجر في جميع أنحاء الشرق الأوسط، في أوروبا وربما أيضًا في دولة إسرائيل.

تقول التقارير المختلفة إنّ موجة الاحتلالات قدّ أدّت إلى هروب جماعي للمسيحيين. ونقل أحد مواقع الأخبار الإيرانية عن مقتدى الصدر، وهو أحد الزعماء الشيعة الكبار في العراق، ويدعو المسيحيين والشيعة للاتحاد وإقامة قوات حماية تواجه داعش وتحمي الأماكن المقدسة للمسيحيين والشيعة. كما ونشر الصدر رسالة كتب فيها أنّه مستعد “لتأسيس وحدات سلام (بهدف) حماية الأماكن المقدّسة” والعمل بالتعاون مع الحكومة العراقية برئاسة المالكي.

من المهم أن نفهم بأنّ ذلك ليس حادثًا محلّيًا ينحصر في حدود العراق. إنّ سلسلة الأحداث تهزّ كلّ توازن القوى الإقليمي وأكثر من ذلك. وتؤثّر الآثار الثقيلة حاليًّا وستؤثّر مستقبلا على جميع دول الجوار، بما في ذلك الأردن، سوريا، دولة إسرائيل، إيران، الخليج العربي، وبطبيعة الحال الولايات المتحدة وأوروبا.

ولا تريد أيّ من تلك الجهات التي ذكرناها السماح للجهاديين بأن ينموا. فهناك تقديرات مزعجة بأنّ هذه الأوضاع ستقرّب تحديدًا بين الولايات المتحدة وإيران، ومن المفترض أن يتم ذلك التقارب تحت شعار مكافحة العدو السلفي الجهادي المشترك: ستسمح الولايات المتحدة، التي لا ترغب بإرسال قوات لاحتلال العراق من جديد بالتدخّل العسكري الإيراني، وبالمقابل تذيب الجليد أكثر في علاقتها معها. ومن ناحية التهديد الواقع على الأردن، فهناك خطر بأن يحاول مقاتلو عناصر الإرهاب بالتسلل إلى المملكة وتنفيذ عمليات إرهابية ضدّ أهداف مختلفة داخلها، أو بدلا من ذلك، أن يشجّعوا ويحفّزوا العناصر المتطرّفة في الأردن لمواجهة النظام والقوى الأمنية.

بالنسبة لإيران، فالوضع واضح تمامًا: لا يجوز السماح لداعش والسُنة بالسيّطرة على مناطق استراتيجية في العراق. وقد تمّ التعبير عن هذه الرؤية في كلام الرئيس الإيراني، حسن روحاني، الذي قال إنّ بلاده مستعدّة لدعم جهود الحكومة العراقية لقتال داعش والقبائل السنّية في البلاد والتي تعارض الحكومة. ووفقًا لتقرير مجلة “الغارديان”، فقد أرسل النظام في طهران نحو 2,000 مقاتل إلى العراق في الأيام الأخيرة، من أجل قتال الجهاديين، وهي خطوة لم تصاحبها أيّ معارضة أمريكية، ممّا يجدر ذكره.

شرق أوسط جديد. مرّة أخرى

إنّ السيّطرة العسكرية – المدنية لداعش على مناطق مختلفة في أنحاء العراق، جنبًا إلى جنب مع ترسّخه في سوريا خلال العامين الماضيين؛ تُكمّل في الواقع تجاوزًا إقليميّا يُلغي الحدود القديمة، والتي فُرضت على سكّان الشرق الأوسط من قبل القوى العظمى الأوروبية بعد الحرب العالمية الأولى. وفقًا لنشرة التنظيم نفسه، فإنّ النجاحات الأخيرة في ساحة المعركة تبشّر بإلغاء اتفاقية “سايكس-بيكو”، والتي تمّ توقيعها بين بريطانيا وفرنسا خلال الحرب العالمية الأولى.

جيش الدولة الإسلامية في العراق والشام يبشّر بإلغاء اتفاقية "سايكس-بيكو"(Twitter)
جيش الدولة الإسلامية في العراق والشام يبشّر بإلغاء اتفاقية “سايكس-بيكو”(Twitter)

وفي الخريطة التي تمّ إعدادها من قبل ‏Long War Journal‏، وهو مشروع تابع لـ “صندوق حماية الديمقراطية”، تظهر داعش وهي تسيّطر حتى الآن على 22 بلدة ومدينة في أنحاء العراق، بالإضافة إلى سبع بلدات ومدن في سوريا. جاء في أحد التقارير أنّ “تقدّم داعش الأخير في شمال ووسط العراق يجعل المجموعة الإرهابية (داعش) تسيّطر على ما يقارب ثلث البلاد”. ويتمّ الاحتلال بينما ينهار الجيش العراقي، المموّل والمدرّب من قبل الأمريكيين، تمامًا. انسحبت وحدات كاملة من الجيش العراقي من أمام قوى صغيرة من الجهاديين. وقد جعلت المهانة رئيس حكومة العراق، نوري المالكي، يتّهم جهات مختلفة في الجيش بـ “الخيانة” مدّعيًا أنّ المسؤولية ملقاة على عاتق القوات الأمنية في البلاد وليس عليه.

قال البروفيسور عوزي رابي، وهو خبير في الشؤون الإيرانية من جامعة تل أبيب، في مقابلة ببرنامج “لندن وكيرشنباوم” (الأربعاء، 11 حزيران) إنّه من الممكن “أن نرسم في خريطة افتراضية خطّا في الوسط فيه “شبكات” قوية لجميع الإسلاميين من حلب في سوريا حتى الموصل وربما إلى الأسفل حتى بغداد.  […] المالكي الشيعي يجلس في بغداد، وبشار الأسد يجلس في دمشق، وفي المنتصف هناك نوع من الدولة الافتراضية. إن البروفيسور رابي صادق تمامًا. ومع ذلك، يمكننا أن نضيف بأنّ هذه الدولة ليست افتراضية؛ فسرعان ما تتحوّل الأراضي التي يسيّطر عليها مقاتلو التنظيم إلى معسكرات تدريب ضخمة، يعيش فيها مئات الآلاف من المواطنين. يُدعى أولئك للتجنّد في صفوف التنظيم واعتماد رؤيته الصارمة. بالمقابل، يقوم التنظيم بتوفير حاجياتهم الأساسية ويحلّ مكان السلطات الحكومية المختلفة.

ويدعم باحثون آخرون من مجال الإرهاب العالمي هذا التوجّه في مقالهم، ويدّعون أنّ داعش تحوّلت إلى كيان ماديّ ملموس يسيّطر على المنطقة الإقليمية الواقعة بين العراق وسوريا: “يشكّل هذا الواقع الجديد تحدّيًا يتجاوز المشكلة الشائعة في الحرب على الإرهاب. ولم تعد داعش الآن قائمة باعتبارها خلايا صغيرة يمكن تحييدها بـ (مساعدة) إطلاق صواريخ وفرق كوماندوس صغيرة”، هكذا كتبوا. فلقد أصبحت داعش كيانًا سياسيًّا حقيقيًا، حتى لو لم يكن معترفًا بها من قبل المجتمع الدولي. في الواقع، تُذكّر داعش بتجسّدها الحالي نظام طالبان في أفغانستان أكثر من تنظيم القاعدة.

إعدامات جماعية” لجنود عراقيين في تكريت
إعدامات جماعية” لجنود عراقيين في تكريت

شهاب في سماء الجهاد العالمي

يدّعي الكثيرون اليوم أنّ داعش قد “تجاوزت” قاعدة الظواهري، وتحوّلت إلى أكثر أهمية وتأثيرًا بالنسبة للإسلاميين في أنحاء العالم. يعود أحد أسباب ذلك إلى القائد الاستثنائي للتنظيم: أبو بكر البغدادي.

بعد غزو الولايات المتحدة لأفغانستان (تشرين الأول 2001) انقسمت حركة الجهاد العالمي، عندما هربت القيادة (بزعامة بن لادن، نائبه الظواهري وآخرين) إلى الحدود الباكستانية – الأفغانية. كما وانتقل آخرون إلى إيران ومن هناك في نهاية المطاف إلى العراق. من بين هؤلاء، كان الأردني أبو مصعب الزرقاوي، الذي بدأ يعمل في البلاد بعد الغزو الأمريكي للعراق عام (2003) على رأس تنظيم “التوحيد والجهاد”. كان هذا التنظيم وراء المئات، إنْ لم يكن الآلاف، من العمليات الإرهابية القاتلة ضدّ السكان الشيعة في العراق، والقوات الحكومية وقوات حلف شمال الأطلسي والولايات المتحدة. يعتبر الزرقاوي نفسه مسؤولا عن عدد كبير من عمليات الإعدام للمخطوفين والرهائن الذين تمّ توثيق عمليات قتلهم ونُشرت في الإنترنت. وقد بلغ تعداد أفراد التنظيم، وفقًا للتقديرات، المئات من العناصر، ولكن رغم أنّه لم يكن كبيرًا من الناحية الكمّية، فكان لا يزال يعتبر إحدى الجهات الأكثر خطورة في العراق.

في عام 2004، أقسم الزرقاوي  الولاء لزعيم القاعدة حينذاك أسامة بن لادن، واعتمد اسم “قاعدة الجهاد في بلاد الرافدين”. بعد عامين من ذلك، في حزيران 2006، تم اغتياله من قبل الأمريكيين، وانقسم تنظيمه إلى قسمين: قسم استمرّ تحت الاسم “قاعدة الجهاد في بلاد الرافدين” وقسم آخر تحت اسم “مجلس شورى المجاهدين”. في النهاية، نشأ من التنظيم الثاني تنظيم “الدولة الإسلامية في العراق”، والذي اعتمد – بعد دخوله إلى الحرب في سوريا – اسم “الدولة الإسلامية في العراق والشام”. وتضمّ داعش في تجسّدها الحالي جيشًا من آلاف المقاتلين (تشير التقديرات إلى أنّ عدد عناصر التنظيم هو 7,000 مقاتل) وعدد كبير من المؤيّدين، الداعمين والمساندين في جميع أنحاء العالم.

“هذا هو الوقت لنسيان الظواهري”، هكذا كتب البروفيسور جان بيير فيليو، المؤرخ والخبير في دراسات الشرق الأوسط: “من اليوم فصاعدًا فإنّ زعيم داعش، أبو بكر البغدادي، هو الذي يمثّل أكبر مصدر إلهام بالنسبة للجهاد العالمي”. وتدعم مجلة “تايم” المرموقة ادّعاء البروفيسور فيليو، والتي اختارت البغدادي ليتألّق في قائمة أكثر 100 شخصية مؤثّرة في العالم للعام 2013. وقد عرّفت صحيفة “واشنطن بوست” زعيم داعش باعتباره “الزعيم الجهادي الأقوى”، ويصفه آخرون بأنّه “أسامة بن لادن الجديد”، على ضوء حجم التأييد والشعبية التي يحظى بها لدى الجهاديين في جميع أنحاء العالم.

جيش الدولة الإسلامية في العراق والشام (AFP)
جيش الدولة الإسلامية في العراق والشام (AFP)

ستخبرنا الأيام إذا كان النجم الصاعد في سماء الإرهاب العالمي سيسقط بنفس السرعة التي صعد بها، أم سينجح البغدادي في إقامة خلافة إسلامية جديدة، والتي من شأنها أن تغيّر وجه الشرق الأوسط على المدى البعيد.

نُشرت المقالة للمرة الأولى في موقع ميدا.‏

اقرأوا المزيد: 1470 كلمة
عرض أقل

المتحدث العسكري المصري: مقتل قائد الجناح العسكري لجماعة التوحيد والجهاد بسيناء

قال المتحدث العسكري المصري الأحد إن قوات الجيش قتلت قائد إحدى الجماعات المسلحة في شبه جزيرة سيناء خلال مداهمات للقضاء على العناصر المسلحة