التبرع بالحيوانات المنوية

امرأة حامل (iStock)
امرأة حامل (iStock)

بنك النطف الإسرائيلي.. السعي وراء الكمال

ما الذي تبحث عنه النساء الإسرائيليات عندما يصلن إلى بنك الحيوانات المنوية، وهل يؤثر المظهر الخارجي في معطيات المتبرع المرشح؟

يتوجه أكثر من 2.500 امرأة إلى بنك الحيوانات المنوية في إسرائيل بحثا عن متبرع، هذا ما يتضح من تقرير مجلة “Onlife” الإسرائيلي.

ويتضح أن المتبرعين الأكثر طلبا هم من خارج البلاد، ويعود ذلك بشكل أساسي إلى إمكانية الحصول على المزيد من التفاصيل من المُتَبرع. في المقابل، تظل تفاصيل المُتَبرع في إسرائيل سرية كليا، بينما تكون تفاصيل المتبرعين في خارج البلاد علنية. أي أنه يمكن رؤية صور أطفال لذلك المتبرع والتخمين كيف يكون أطفال المرأة المعنية في المستقبل، وفي جزء من الحالات هناك إمكانية للتواصل مع المتبرع كتابيا، إلكترونيا، أو هاتفيا، عندما يصبح عمر الطفل 18 عاما.

ولكن هذا ليس هو السبب الوحيد وراء شعبية المتبرعين من خارج البلاد. فالأزواج المتدينين الذين لا ينجحون في إنجاب الأطفال بسبب مشاكل في الخصوبة لدى الرجل، يطلبون بشكل كبير الحيوانات المنوية المتبرع بها من خارج البلاد. تحدد الشريعة اليهودية أن ديانة الطفل تتبع ديانة الأم لهذا ليست هناك مشكلة لدى الأزواج المتدينين في طلب الحيوانات المنوية المتبرع بها من غير اليهود.

ويتضح أيضا في التقرير أن ديانة المتبرع تشكل معيارا واحدا فقط من بين المعايير التي تختار وفقها النساء والد الطفل المرغوب فيه. تتميز مواصفات الرجل المثالي بالطول، الجمال، البشرة الفاتحة، العيون الخضراء، والذكاء. وكذلك ألا يكون شرقيا.

إن الطلب على الحيوانات المتبرع بها من الشكنازيين (اليهود القادمون من بلاد الغرب) يتعدى كل طبقات المجتمع والديانات. في الواقع، لو كان في الإمكان أن نفترض أن النساء ذوات البشرة الداكنة يُفضّلن حيوانات منوية من متبرع شبيه بهن، بهدف عدم التعرض للتساؤلات في المستقبَل من قبل الطفل والمقربين، فكان سيبحث معظم النساء الإسرائيليات عن رجل متبرع ذي بشرة فاتحة وشكنازي.

ويلعب المظهر الخارجي دورا هاما في معطيات المتبرع المرشح، ولكن هناك معطيات هامة أخرى لدى الإسرائيليات اللواتي يطلبن الحصول على حيوانات منوية متبرع بها. تطلب أكثرية النساء اللواتي يتوجهن إلى بنك الحيوانات المنوية تلقي حيوانات كهذه من رجل مثقف، وليست هناك مشكلة من هذه الناحية: %90 من المتبرعين هم طلاب جامعيون.

غالبا، ترغب النساء اللواتي يتوجهن إلى بنك الحيوانات المنوية في بناء أسرة مؤلفة من والدة وطفل أو طفلة. في الحقيقة، فإن إكثرية النساء اللواتي يتوجهن إلى بنك الحيوانات المنوية هن أمهات أحاديات المعيل (%85 من إجمالي النساء) لم ينجحن في العثور على شريك الحياة المناسب.

اقرأوا المزيد: 344 كلمة
عرض أقل
(Flash90/Chen Leopold)
(Flash90/Chen Leopold)

السعي وراء حفيد من سائل منوي مجمّد

يطالب والدون لجنود توفوا المحكمة بالسماح لهم باستخدام الحيوانات المنوية المجمّدة الخاصة بأولادهم. تعارض الدولة غالبا ولكن تصادق المحكمة في معظم الحالات

لن يتفاجأ من يراقب أخبار المجتمَع الإسرائيلي من القصة التالية التي أصبحت في السنوات الماضية نقاشا جماهيريا يدور في أروقة المحاكم، الكنيست الإسرائيلي، وفي كل منصة إعلامية ممكنة.

ففي بداية الأسبوع الماضي، صادقت المحكمة في بئر السبع لوالدين فقدا ابنهما الجندي الذي توفي إثر مرض السرطان أثناء خدمته العسكرية، على استخدام حيواناته المنوية وولادة طفل من امرأة توافق على الحمل وولادة حفيد حتى بعد أن توفي ابنهما منذ عام 2008، أي قبل تسع سنوات.

وكان عمر الابن المتوفي 22 عاما، عندما شُخص أنه يعاني من ابيضاض الدم النقوي (اللوكيميا) ولهذا وقع في المستشفى على مستندات بأنه يسمح للمستشفى وأفراد عائلته بتجميد حيواناته المنوية والاحتفاظ بها في بنك الحيوانات المنوية.

وفي شهر تشرين الأول عام 2015، قدّم والداه شكوى إلى المحكمة ضد الدولة والمستشفى وطالبا السماح لهما باستخدام الحيوانات المنوية المجمّدة التابعة لابنهما. وفي شهر كانون الأول عام 2016، قدّمت الدولة معارضتها تلقائيا على طلبهما. وقدّم المستشفى رده مدعيا أنه يعمل بهذا الشأن وفق قرار المحكمة.

ولا يجري الحديث عن حالة أو حالتين. ففي السنوات الماضية، لا سيّما بعد حرب غزة في صيف 2014، هناك مزيد من العائلات التي تطالب المحكمة السماح لها باستخدام الحيوانات المنوية الخاصة بأبنائها المتوفين.

سحب الحيوانات المنوية بهدف استخدامها لاحقا

تكنولوجيا سحب الحيوانات المنوية وتجميدها متعبة في إسرائيل منذ سنوات (iStock)
تكنولوجيا سحب الحيوانات المنوية وتجميدها متعبة في إسرائيل منذ سنوات (iStock)

إن تكنولوجيا سحب الحيوانات المنوية وتجميدها خلال الحياة أو عندما يكون الذكور على وشك الموت متعبة في إسرائيل منذ سنوات، وهذا بهدف ولادة طفل بعد الموت، ولكن تثير هذه الحالة أسئلة أخلاقية كثيرة.

ففي التسعينيات، بدأ استخدام تجميد الحيوانات المنوية لدى الذكور مرضى السرطان، بعد أن عرفوا مسبقا أن العلاج الكيميائي قد يؤدي إلى ضرر في الحيوانات المنوية. عندما توفي جزء من مرضى السرطان، تطورت طريقة تتيح استخدام الحيوانات المنوية المتبقية، بهدف ولادة أطفال من المتوفي.

وفق الأنظمة الإدارية التابعة لوزارة الصحة الإسرائيلية، تتم إبادة الحيوانات المنوية التابعة للمتوفي إلا إذا طلبت زوجته الأرملة استخدامها في غضون سنة منذ وفاته. لم تتضمن هذه النظم الإدارية الطلب والرغبة في إنجاب أطفال لشخص توفي فجأة أو في ظروف أخرى غير الوفاة بسبب مرض السرطان.

وفي عام 2003، تطرقت تعليمات المستشار القضائي للحكومة وقرار المحكمة لشؤون العائلة بتوسع إلى إمكانية استخدام الزوجات الأرامل الحيوانات المنوية التابعة لأزواجهن بعد وفاتهم، حتى إذا لم يعرب الأزواج بشكل واضح وصريح عن رغبتهم في ذلك.

ولم تكفِ التعليمات الموسعة أيضا، وفي عام 2008 تعرضت المحكمة لشؤون العائلة إلى معضلة عندما نظرت في دعوى لوالدين لشاب توفي بسبب مرض السرطان وكانت لديه شريكة حياة ثابتة، طالبا فيها السماح لهما بإخصاب بويضة لامرأة من الحيوانات المنوية الخاصة بابنهما بعد موافقتها.

كما ذُكر آنفًا، عارضت الدولة طلب الوالدين مدعية أن هذه الخطوة تعارض مصلحة المولود الذي يولد لأب وأم مجهولين ويترعرع لدى جده وجدته فقط.

ولكن قررت المحكمة الموافقة على طلب هؤلاء الوالدين مدعية أن الشخص الذي ليست لديه شريكة حياة يرغب في متابعة نسله. كما أنه في وقتنا هذا الذي تلد فيه النساء أطفالا من حيوان منوي من متبرع، لم تعد هناك أهمية للمبنى الأسري التقليدي.

قانون الاستمرارية

في السنوات الماضية، هناك مزيد من العائلات التي تطالب المحكمة السماح لها باستخدام الحيوانات المنوية الخاصة بأبنائها المتوفين (IDF Flickr)
في السنوات الماضية، هناك مزيد من العائلات التي تطالب المحكمة السماح لها باستخدام الحيوانات المنوية الخاصة بأبنائها المتوفين (IDF Flickr)

أضحى الوضع القضائي في يومنا هذا معقدا. على العائلات التي ترغب في سحب الحيوانات المنوية من ابنها الراحل بهدف ولادة أحفاد، أن تتوجه إلى المحكمة ولكن عندها تواجه معارضة الدولة بشكل تلقائي.

على الكنيست الإسرائيلي اليوم دفع هذه القضية قدما جدا. وفق مشروع القانون الذي قُدّم مؤخرا، ولم يُصادق عليه بعد، والذي يتطرق إلى الجنود أو الشهداء الذين ماتوا أثناء خدمتهم العسكرية، ففي حال كان الحديث يجري عن جندي متوفي يحق لشريكة حياته أو والديه أن يطلبوا سحب الحيوانات المنوية منه في غضون 72 ساعة منذ الإعلان عن وفاته.

“في حال ترك الجندي الراحل تعليماته خطيا، يتم العمل بموجبها. وإذا لم يحدث ذلك، يحق لزوجته أو شريكة حياته الثابتة فقط أن تحملا بعد عملية إخصاب بين بويضاتهما وحيواناته المنوية. في حال لم يترك الجندي الراحل تعليماته الخطية، ولم تكن زوجته أو شريكة حياته الثابتة معنيتين بإنجاب أطفال من حيواناته المنوية ولم يكن لديهما أولاد منه، أو لم تكن امرأة أو شريكة حياة أخرى لدى الجندي الراحل، يحق لوالديه أو أي منهما التوجه إلى المحكمة وطلب استخدام حيواناته المنوية لإخصاب بويضة لامرأة ليست شريكة حياته”، هذا وفق نص مشروع القانون.

اقرأوا المزيد: 626 كلمة
عرض أقل
صورة توضيحية (iStock)
صورة توضيحية (iStock)

ثورة في التبرع بالحيوانات المنوية في إسرائيل

للمرة الأولى، تسمح وزارة الصحة الإسرائيلية للمتبرعين بالحيوانات المنوية الكشف عن أسمائهم مما يتيح لأطفالهم في المستقبل التعرّف إليهم، وفق رغبتهم عندما يصبحون في سن 18 عاما

28 يونيو 2017 | 10:52

ينظم مشروع قانون جديد التبرع بالحيوانات المنوية في إسرائيل، ويقترح عددا من التغييرات الهامة في هذا المجال. التغيير الأهم هو منح إمكانية للمتبرعين بالحيوانات المنوية اختيار الكشف عن هويتهم أم عدمه، بهدف أن يتعرّف أطفالهم في المستقبل على هوية والدهم عندما يصبحون في سن 18 عاما.

حتى يومنا هذا جرى التبرع بالحيوانات المنوية في إسرائيل كما في معظم العالم سرا تمامًا، وحصلت النساء اللواتي بحثن عن حيوانات منوية تم التبرع بها على معطيات عامة فقط حول المتبرع، مثل العرق، الطول، لون شعره، لون العينين، الثقافة، وغير ذلك.

الآن، بات في وسع المبترع بالحيوانات المنوية فقط اختيار الكشف عن هويته أو عدمه، وستظل تفاصيله سرية تماما، ولن تعرفها الأمهات أيضا، وسيكون في وسع الأطفال الكشف عنها في المستقبل وفق إرادتهم. سيظل مجمّع الحيوانات المنوية سريا تماما، وكذلك هوية المتبرعين وفق ما هو متبع حتى يومنا هذا.

“هناك توجه في العالم بأكمله يدعم الأشخاص الذين يرغبون في معرفة أصولهم الوراثية، بهدف أن يعرفوا بشكل أفضل معطياتهم الوراثية، لذا سنسمح بهذا بموجب التشريع”، قالت المستشارة القضائية في وزارة الصحة الإسرائيلية لصحيفة “يديعوت أحرونوت”. “ستكشف لنا الأيام عن رأي المتبرعين حول هذا الموضوع”.

كما ذُكر آنفًا، يشكل التغيير الجذري جزءا من مشروع قانون بنك الحيوانات المنوية، وينظم للمرة الأولى نشاطات بنوك الحيوانات المنوية في إسرائيل قانونيا، حيث يتضمن سلسلة من المواضيع القضائية، العرقية، الدينية، والأخلاقية. يحدد مشروع القانون أيضا الذي شارك في بلورته رجال دين، أن وزارة الصحة ستجري تسجيلا مركزيا حول التبرع بالحيوانات المنوية، سيكون سريا ومحميا، وسيتضمن معطيات حول استخدام الحيوانات المنوية في إسرائيل.

في حال وجود شك حول الزواج بين أشخاص وُلدوا بواسطة مني متبرع، سيكون في وسع المرشحين للزواج أو المسؤول عن تسجيل الزواج تقديم طلب للمسؤول عن التسجيل لمعرفة إذا كان هناك خطر من زواج الأقارب. “ستقدم الإجابات دون الكشف عن تفاصيل المتبرع، وستكون بـ “نعم” أو “لا”، وفق أقوال وزارة الصحة. سيحد القانون من عدد النساء اللواتي سيكون في وسعهن تلقي حيوانات منوية متبرع بها من المتبرع ذاته حتى تسع نساء فقط.

اقرأوا المزيد: 309 كلمة
عرض أقل