منذ انتخاب الرئيس الجمهوري للرئاسة، كان يأمل اليمين الإسرائيلي أن يهتم ترامب بنقل السفارة الأمريكية إلى القدس، ويمنح إسرائيل حق التصرف بكل ما يتعلق بالبناء في المستوطنات. ولكن كلما مر الوقت، يتضح أن الوضع ليس كذلك.
يوم الخميس الماضي، نقل رئيس الحكومة الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، إلى المجلس الوزاري المصغر للشؤون الأمنية والسياسية سلسلة من التقييدات على البناء في المناطق. وفق النشر في صحيفة “هآرتس”، لا تسمح السياسة الجديدة بضم المستوطنات إلى إسرائيل، تحظر البناء في المناطق E1 ذات الخلاف شرقي القدس، وتحظر إقامة بؤر استيطانية غير قانونية وجعلها مستوطنات جديدة. كما وتقرر أنه يجب أن يتم كل بناء جديد في المستوطنات بالقرب من خط البناء الحالي (ما يمنع تماما إقامة مستوطنات جديدة).
الموافقة الاستثنائية الصامتة التي حصل عليها نتنياهو من الإدارة الأمريكية هي بناء مستوطنة جديدة للسكان الذين تم إخلاؤهم من بؤرة عمونا (التي تم إخلاؤها لأنها بُنيت على أراضي فلسطينية)، ولكن ليس واضحا بعد أين ستُبنى، متى، وهل ستُبنى مستوطنة كهذه حقا ?
ترامب ونتنياهو يعقدان مؤتمرا صحفيا مشتركا في البيت الأبيض (مكتب الصحافة الحكومية)
إن قرار المجلس الوزاري المصغر للشؤون الأمنية والسياسية لن يؤدي إلى تجميد البناء في المستوطنات، ولكن سيؤدي إلى أن تصبح عمليات التخطيط والبناء بطيئة بشكل ملحوظ، سيُقلل عدد وحدات السكن الجديدة التي ستُبنى، وسيحد من انتشارها في أنحاء الضفة الغربية. وفق السياسة الجديدة، ستُعقد لجنة التخطيط التابعة للإدارة المدنية، التي تصادق على مشاريع البناء في المستوطنات، مرة كل ثلاثة أشهر فقط ولن تجتمع مرة في الأسبوع كما كان من المتبع حتى الآن. عند تأجيل اجتماع واحد للجنة، يؤدي هذا إلى تجميد البناء لمدة نصف سنة.
نشرت اليوم (الأحد) محطة إذاعة إسرائيلية أن نتنياهو وغرينبلات، مبعوث ترامب لشؤون الشرق الأوسط، لم ينجحا في التوصل إلى اتفاق فيما يتعلق بالبناء في المستوطنات، وتم إرجاء اتخاذ القرار حول الموضوع في وقتنا هذا. أي أن نتنياهو قرر وحده يوم الخميس الماضي أنه يرغب في فرض تقييدات على البناء، بما معناه أن الحكومة الأكثر يمينية في تاريخ دولة إسرائيل، تجمد البناء في المستوطنات دون ممارسة ضغط أمريكي أيا كان.
إخلاء البؤرة الاستيطانية “عمونا” (Hadas ParushFlash90)
رغم ذلك، يبدو أن نتنياهو نجح في التوصل إلى تسوية مع منظمات اليمين والمستوطنين وكسب دعمهم لقراره. كان هناك من أثنى على هذا القرار في اليمين وعرضه كـ “سياسة مواصلة البناء في ظل تقييدات معينة”. قال رئيس حزب “البيت اليهودي” في مستهلّ جلسة مجلس الوزراء “يبدو هذا القرار ملائما ويشكل تطبقيه اختبارا حقيقيا”. أثنى مجلس البلدات اليهودية في الضفة الغربية وغزة، الذي يمثل المستوطِنين على هذا القرار أيضا. كان عضو الكنيست بتسلئيل سموتريتش من حزب “البيت اليهودي” الوحيد في اليمين الذي شجب القرار وكتب: “اليمين أعمى عن محض إرادة”.
بالمقابل، كانت ردود الفعل متباينة في اليسار الإسرائيلي. هناك من سخر من الوضع العبثي الذي جعل رئيس حكومة اليمين، نتنياهو، يجمد البناء في المستوطنات بإرادته، وهناك من أثنى على الرئيس ترامب لأنه بفضله تم إيقاف البناء في المناطق. بالمقابل، في حركة “السلام الآن” هناك ادعاءات أن القرار يتضمن عدة إمكانيات تتيح تخطي التقييدات عمليا وتسمح بمتابعة البناء في المستوطنات بحرية.
لم تضع إدارة ترامب سياسية واضحة وعلنية بعد، ولكن يوضح المسؤولون في الإدارة جيدا أن الرئيس جاد فيما يتعلق بنواياه لعقد “صفقة” تُلزم في نهاية المطاف بوقف البناء في المستوطنات. وأوضح الناطق باسم الإدارة الأمريكية للموقع الإسرائيلي “تايمز أوف إسرائيل” أن “الحكومة الإسرائيلية قد أوضحت أنه بهدف التقدم تعتزم تبني سياسية خاصة بالمستوطنات تأخذ بالحسبان مخاوف الرئيس وقد أثنت الولايات المتحدة على هذا القرار”.
في نهاية المطاف، من الواضح أن رئيس الحكومة الإسرائيلي سيعمل كل ما في وسعه للحافظ على العلاقات الحسنة مع الرئيس ترامب، حتى إذا جاء هذا على حساب البناء في المستوطنات بهدف عدم عرقلة “الصفقة” التي يدفعها الرئيس الأمريكي قدما. من المتوقع أن يزور الرئيس المصري، عبد الفتّاح السيسي، والرئيس الفلسطيني، محمود عباس واشنطن قرييا، مما سيعزز موقف ترامب ضد البناء في المستوطنات. ما زال لا يؤمن اليمين الإسرائيلي أن هذا سيحدث، وينتظرون الضوء الأخضر الرسمي من الولايات المتحدة، أو على الأقل ينتظرون سياسة غض الطرف، وفق ما يحدث في الواقع في الأشهر الأخيرة.
المصدر الأقرب إلى الحدث الإسرائيليّ
تلقّوا نشرتنا اليوميّة إلى بريدكم الإلكتروني