الإنتداب البريطانيّ

شمعون بيريس وياسر عرفات (Yaakov Saar, GPO)
شمعون بيريس وياسر عرفات (Yaakov Saar, GPO)

هل قدم شمعون بيريس طلبا للحصول على جنسية فلسطينية؟

قبل إقامة دولة إسرائيل، قدّم شمعون بيريس، الذي أصبح مع مرور الوقت رئيس حكومتها ورئيسها، طلبا للحصول على جنسية فلسطينية بصفته مزارعا، وذلك في عهد الانتداب البريطانيّ

يكشف مشروع جديد لشركة تقنية عالية إسرائيلية تدعى، ‏MyHeritage“‎‏”، مجمعا جديدا يتضمن أكثر من 67.000 طلب للحصول على جنسية فلسطينية في عهد الانتداب البريطانيّ. ومن بين تلك الطلبات، طلبات قدّمها بعض اليهود الذين قدِموا من أوروبا الشرقية وأصبحوا مع مرور الوقت يشغلون مناصب هامة في دولة إسرائيل، حديثة العهد.

من بين أسماء مقدّمي تلك الطلبات، يرد اسم شمعون بيريس وكان اسمه حينذاك شمعون برسكي. تحمل الرسائل التي عُثر عليها من سلطات الانتداب البريطاني توقيعا بخط يده، ويوضح فيها أنه يعمل في مجال الزراعة لهذا طلب أن يصبح اسمه شمعون بدلا من شيمل.

شمعون بيريس يطلب الجنسية الفلسطينية (My Heritage)

وتوفر المجموعة التاريخية نظرة نادرة على إحدى الفترات الهامة في فترة الانتداب البريطانيّ في فلسطين قبل إقامة دولة إسرائيل الفتية.

من بين مقدّمي الطلبات، كان هناك الكثير من اليهود الذين نجحوا في اللحظة الأخيرة في التهرّب من براثن النازيين قبل تحديد مصير يهود أوروبا، وبعد نجاتهم مع وصولهم إلى البلاد بعد الهولوكوست. إضافة إلى هؤلاء اليهود، يظهر في مجمّع طلبات الحصول على الجنسية يهود من الدول العربيّة ومناطق أخرى كانوا قد وصلوا إلى إسرائيل لتحقيق حلمهم الصهيوني، وكذلك يهود وُلدوا في إسرائيل الفتية.

اقرأوا المزيد: 172 كلمة
عرض أقل
متظاهرون إسرائيليون يحتفلون بعد قرار التقسيم في الأمم المتحدة (ِAFP)
متظاهرون إسرائيليون يحتفلون بعد قرار التقسيم في الأمم المتحدة (ِAFP)

اليوم الذي أقرت فيه دول العالم حل الدولتَين

في مثل هذا اليوم قبل 69 عاما، قرّرت الأمم المتحدة إقامة دولة إسرائيل ودولة عربية على أراضي الانتداب البريطاني. الأمريكيون، الحلفاء البارزون لإسرائيل، كانوا يخشون من إقامة الدولة اليهودية

مضى اليوم 69عاما منذ قرار الأمم المتحدة لإقامة دولتين على أراضي الانتداب البريطانيّ في فلسطين: دولة يهودية، ودولة عربية. بعد عدة شهور من إصدار القرار، أصبح قيام دولة إسرائيل اليهودية حقيقة. بينما لا تزال دولة فلسطين العربية تنتظر إقامتها، حتى بعد 69 عاما على الصراع.

البريطانيون يضيقون ذرعا بفلسطين

منذ أن أعطت عصبة الأمم بريطانيا الحقّ بفرض الانتداب على فلسطين (أو أرض إسرائيل، كما تُسمّى من قبل اليهود)، عملت ما لا يقل عن سبعة لجان بريطانية ودولية وحاولت أن تقرر ماذا سيكون الحلّ الدائم لقطعة الأرض هذه، التي يتقاتل عليها اليهود والعرب.

بعد كلّ جولة من العنف: منذ أحداث 1921، أحداث 1929 الثورة العربية الكبرى بين عاميّ 1936 – 1939، وصلت لجان بريطانية لتتحقّق من الأوضاع في البلاد. اقترح معظمها، بصيغة ما، تقسيم البلاد إلى دولتين، ولكن أيضًا تقييد الهجرة اليهودية وشراء الأراضي من قبل اليهود.

في فترة الحرب العالمية الثانية، 1939 – 1945، هدأت قليلا المعركة على تقسيم البلاد على ضوء الحروب التي جرت في أوروبا. ولكن في عام 1945، استأنف الجانبان الصراع بكامل قوّته. أدرك البريطانيّون، الذين حكموا البلاد، بأنّهم بعد سنوات من الاضطرابات والصراعات من كلا الطرفين، لن يستطيعوا الاستمرار في السيطرة على الأرض. قُتل في الأعوام الواحدة والثلاثين للانتداب البريطاني على الأراضي أكثر من 550 جنديًّا بريطانيًّا من قبل المسلّحين الفلسطينيين واليهود.

كان الوضح في البلاد متفجّرا. غضب اليهود من البريطانيّين لأنّهم لم يسمحوا للاجئي الحرب العالمية الثانية والهولوكوست بإيجاد مأوى في البلاد. وغضب العرب من البريطانيّين واليهود لأنّهم كانوا يخشون من السيطرة اليهودية على البلاد. وغضب البريطانيّون من اليهود والعرب على ضوء تزايد أحداث العنف.

اليهود يتعاونون، والعرب يقاطعون وينقسمون

كانت اللجنة الأخيرة التي عملت في المجال، والتي صوّتت الأمم المتحدة على قرارها في 29 تشرين الثاني هي لجنة اليونسكوب (UNISCOP). كلّفت الجمعية العامة للأمم المتحدة تلك اللجنة بدراسة قضية الانتداب البريطانيّ.

جلس في لجنة اليونسكوب 11 ممثّلا، من أستراليا، كندا، الأوروغواي، جواتيمالا، البيرو، إيران، الهند، السويد، هولندا، تشيكيا ويوغوسلافيا. كان هناك استعداد وسعادة من الجانب اليهودي للتعاون مع المجتمع الدولي، وقد وفّر لها الوقت لإجراء المحادثات مع كبار زعماء الاستيطان اليهودي في البلاد. كان على رأي المتحدثين موشيه شاريت، والذي أصبح لاحقا وزير الخارجية الأول ورئيس الحكومة الثاني لدولة إسرائيل.

قاطع الفلسطينيون من جانبهم محادثات اللجنة ولم يكونوا مستعدين إطلاقا لسماع إمكانية تقسيم البلاد. بسبب رفض الفلسطينيين للتعاون، قابلت اللجنة ممثّلين من المملكة الأردنية وسوريا. وبالإضافة إلى ذلك، فقد زارت مخيّمات اللاجئين اليهود بعد الحرب العالمية في أوروبا، وتأثرت من أوضاعهم. لدى انتهاء المحادثات، قرّر معظم أعضاء اللجنة بأنّه ينبغي إنهاء الانتداب البريطانيّ فورا، وتقسيم الأراضي إلى دولة يهودية ودولة عربية.

كان الشعب الفلسطيني بدرجة كبيرة ضحية لأزمة قيادة خطيرة، على النقيض من القيادة الصهيونية التي كانت مرتّبة ومنظّمة بشكل جيّد

كان الشعب الفلسطيني بدرجة كبيرة ضحية لأزمة قيادة خطيرة، على النقيض من القيادة الصهيونية التي كانت مرتّبة ومنظّمة بشكل جيّد. مقابل اليهود الذين كانوا يطلبون بشكل مستمرّ ومنّظم إقامة دولة، لم يكن لدى الفلسطينيين قيادة حقيقية. كانت “اللجنة العربية العليا” في الواقع تجمّعا للمخاتير المحليّين، الواقعين تحت رحمة سائر الدول العربيّة الدكتاتورية. وقد شلّ النزاع المحلّي بين عائلتي النشاشيبي والحسيني هو أيضًا القيادة الفلسطينية الضعيفة أصلا.

دافيد بن غوريون (GPO)
دافيد بن غوريون (GPO)

وفقا للاقتراح، كان ينبغي أن تبقى المدن المقدّسة: القدس وبيت لحم، تحت السيادة الدولية. وكان من المفترض أن تقيم كلّ واحدة من الدولتين نظاما ديمقراطيا، ووضع دستور يضمن حقوق الإنسان والمواطن لجميع السكان. كان يُفترض أن تشمل الدولة اليهودية – التي كانت ستقوم على 55% من الأراضي – 600,000 يهودي ونحو 500,000 عربي. بالمقابل، كان من المفترض أن تشمل الدولة العربية – التي كانت ستقوم على بقية الأراضي – 725,000 من العرب و 10,000 يهودي فقط.

الدراما في واشنطن والتصويت الحاسم

يعلم كل من يهتم بالسياسة في الشرق الأوسط اليوم أنّ الولايات المتحدة تقدّم دعما شبه تلقائي للسياسة الإسرائيلية، وتجهّز دولة إسرائيل بالأسلحة الأحدث والأفضل. لم يكن الأمر كذلك في أواخر عام 1947، عندما أوصت الخارجية الأمريكية بعدم الموافقة على قرار التقسيم.

ومفتاح فهم الموقف الأمريكي تجاه إقامة دولة إسرائيل كامن في فهم العلاقات الدولية بين كلا الإمبراطوريّتين حينذاك، الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي. فمن جهة، أراد كلّ من الأمريكيين والروس حلّ مشكلة اللاجئين اليهود في أوروبا، الذين قوّضوا استقرار القارّة.

قد هدّد سفير مصر في الأمم المتحدة، يوسف هيكل باشا، اليهود بشكل صريح: “إذا قررت الأمم المتحدة تقسيم فلسطين فستتحمّل مسؤولية ذبح أعداد كبيرة من اليهود”

ومن جهة أخرى، كان في الولايات المتحدة من ظنّ أنّ قرار التقسيم والحرب التي ستندلع عقبه سيؤهّل الشرق الأوسط للسيطرة السوفياتية الشيوعية، والتي يخشى منها الأمريكيون كثيرًا. ومع ذلك، كان الرئيس الأمريكي هاري ترومان محتاجا للدعم السياسي من يهود الولايات المتحدة.

كان الحلّ الذي أقرّته الولايات المتحدة هو الدعم المتحفّظ وغير المتحمّس للقرار، دون إقناع دول أخرى بالانضمام إليها. كان اليهود بحاجة إلى المزيد من الإقناع الكبير من أجل الحصول على غالبية من ثلثين على قرار التقسيم، والذي كان من الضرورة الموافقة عليه. وقد عمل اللوبي الصهيوني، الذي كان حريصا على تحقيق تطلّعاته في إقامة دولة يهودية من خلال الموافقة الدولية، بسبل لا هوادة فيها لتحقيق الغالبية المطلوبة.

ومن جهته مارس العالم العربي هو أيضا ضغوطا كبيرة من أجل عدم إعطاء اليهود الحقّ في إقامة الدولة. فقد هدّد سفير مصر في الأمم المتحدة، يوسف هيكل باشا، اليهود بشكل صريح:

“يعيش مليون يهودي بسلام في مصر وفي سائر بلاد المسلمين ويتمتّعون بجميع حقوق المواطن. وبالتأكيد فهم لا يرغبون بالهجرة إلى فلسطين. ولكن إذا نشأت دولة يهودية فلن يستطيع أحد تجنّب المتاعب. ستندلع الاضطرابات في فلسطين، ستنتشر في جميع البلاد العربية وربّما تؤدي إلى حرب عرقية. إذا قررت الأمم المتحدة تقسيم فلسطين فستتحمّل مسؤولية الاضطرابات الأكثر خطورة وذبح أعداد كبيرة من اليهود”.

الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم 29 تشرين الثاني 1947 (صورة من موقع الكنيست الإسرائيلي)
الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم 29 تشرين الثاني 1947 (صورة من موقع الكنيست الإسرائيلي)

ولكن الضغوط الصهيونية كانت أكبر من تهديدات الدول العربيّة. صوّتت 33 دولة، على رأسها الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي، بالإضافة إلى السويد، النرويج، بولندا، فرنسا، ومعظم دول أمريكا الجنوبية لصالح القرار. 13 دولة فقط صوّتت ضدّ القرار، ومن بينها جميع الدول العربية والإسلامية: لبنان، مصر، سوريّا، العراق، السعودية، اليمن، باكستان، تركيا وإيران. وامتنعت عشر دول عن التصويت.

الفرح في إسرائيل، والغضب في فلسطين

استجابت الجموع في إسرائيل بالفرح المنفجر والذي لم يكن بالإمكان إيقافه. كان الاعتراف العالمي بالدولة اليهودية، حتى لو كانت دولة صغيرة، إنجازا لا يُصدّق بالنسبة للشعب اليهودي. وتتحدث روايات تاريخية كثيرة من تلك الفترة عن الرقص في شوارع المدن اليهودية، وعن الاحتفالات التي استمرت حتى الصباح أمام أعين الجنود البريطانيين المندهشة.

وفي الجانب الفلسطيني، الذي رفض كما ذكرنا التعاون مع أي اقتراح لتقسيم البلاد، لم يضيّعوا الوقت في الحداد على القرار الفاضح بنظرهم، وخرجوا للمعركة. بعد يوم من قرار الأمم المتحدة شنّ عرب فلسطين حربا شاملة. كانت الكلمة الفصل للعرب في الأشهر الأولى من ذلك، وكان يبدو أنّ الحرب ستزيل أي احتمال للدولة اليهودية في إسرائيل. بعد مرور عام ونصف فقط، في أواسط عام 1949، بعد حرب حصدت الكثير من الضحايا من جميع الجيوش العربية، أصبحت دولة إسرائيل واقعا موجودا، حتى يومنا هذا.

ويبدو أنّ الفلسطينيين الذين كانوا عام 1947 ضحية لعجزهم على التوحّد تحت قيادة متفق عليها، لا يزالوا ممزّقين منذ ذلك الحين وحتى اليوم بين رغباتهم المتعارضة.

في سنوات الثلاثينيات من القرن الماضي تمزّقوا بين الحسينيين والنشاشيبيين كما تمزّقوا بين مؤيدي الشعب الفلسطيني وبين رؤيا “سوريا الكبرى”. في سنوات السبعينيات تمزّقوا بين الملك الأردني الحسين ومنظمة التحرير الفلسطينية وياسر عرفات. والشعب الفلسطيني اليوم ممزّق بين الضفة الغربية وغزة، بين فتح وحماس. ولا يزال الاستقلال الفلسطيني في الأفق البعيد.

 

اقرأوا المزيد: 1123 كلمة
عرض أقل
واجهة أبو مخ، وُلدت عام 1943 في باقة الغربية (Flash90/Hadas Parush)
واجهة أبو مخ، وُلدت عام 1943 في باقة الغربية (Flash90/Hadas Parush)

الحياة قبل عام 1948

شهادات حيّة من السنوات التي سبقت قيام دولة إسرائيل: مَن كان فلسطينيا؟ من آمن بالصهيونية؟ ومَن عرّف نفسه فلسطينيّا يهوديا؟

دار الحديث كثيرا عن الصراع الإسرائيلي العربي – أو الصراع الإسرائيلي – الفلسطيني وكُتب عنه. غالبا، كان الاهتمام دبلوماسيا أو سياسيا وانشغل بالجوانب التاريخية.

لم تُسمع أصوات أولئك الذين عاشوا هنا في فترات الصراع المختلفة، تقريبا. يُعرف القليل جدا عن الناس، يهودا وعربا على حدّ سواء، الذين عاشوا هنا في فترة الانتداب البريطاني (1917-1948). تُميّز تلك الفترة التي كانت مليئة بالعنف وعدم اليقين هوية عدد غير قليل من الإسرائيليين والفلسطينيين.

كان مشروع التصوير “فلسطين/ أرض إسرائيل”، للمصورة الإسرائيلية، هداس بروش (لصالح وكالة التصوير Flash90)، بمثابة عودة في الزمن إلى الوراء، لفهم قصص الأشخاص الذين عاشوا في هذه الأرض، في تلك السنين، في الفترة بين الانتداب البريطاني وبين إقامة دولة إسرائيل (1948) وللتعرّف إليها أيضا.

“يطمح مشروع “فلسطين/ أرض إسرائيل” إلى التعرّف إلى القصص والتجارب المختلفة لكل مَن تم تصويره حيث يُسأل عن دلالة البطاقة الفلسطينية التي يحملها، وعن وجهة نظره حول انتمائه إلى هذه الأرض”، كما تقول بروش في حديثها معنا.

وتدمج سلسلة الصور المميزة بورتريهات ليهود وعرب من مواليد أرض إسرائيل/ فلسطين في فترة الانتداب البريطاني، يحملون بطاقات فلسطينية أصلية من فترة الانتداب. على كل بطاقة، شهادة ميلاد، بطاقة هوية، أو جواز سفر – مكتوب “ממשלת פלשתינה (א״י)” بالعبرية، و Palestine بالإنجليزية، وفلسطين بالعربية.

وُلدت فكرى تعقّب الأشخاص الذين وُلدوا هنا في تلك الفترة عندما التقت بروش بجدتها، التي وُلدت هي أيضا عام 1934. فُوجئت بروش عندما عرفت أن شهادة ميلاد جدّتها تظهر عليها كتابة “فلستينا” بالعبرية.

رُوَيدًا رُوَيدًا، بدأت تتراكم قصص وتجارب مختلفة لأشخاص شكّلوا فسيفساء السكان على هذه الارض، قبل إقامة دولة إسرائيل. يعرض التوثيق الأصلي لبروش بورتريهات لأشخاص مختلفين، يهودا وعربا، حيث تظهر إلى جانبهم بطاقة هوية أو شهادة ميلاد أصلية (من فترة الانتداب).

تحمل كل صورة من تلك الصور قصة شخصية لأصحابها، بكلماتهم الخاصة. “هناك دلالة خاصة لاسم فلسطين لكل شخص تم تصويره وقصة خاصة بتلك الفترة تحت حكم الانتداب. تُستخدم الوثيقة نفسها في المشروع مفتاحا للحديث عن القصة الشخصية لكل واحد، وهي معدّة للمشاهد الذي سيواجه حالات الواقع المختلفة والمتناقضة أحيانا التي كانت قائمة في الوقت ذاته على الأرض المتنازع عليها ذاتها”، كما تقول بروش.

جمعنا قصص ستة أشخاص، عربا ويهودا، من سلسلة الصور لنفهم ماذا اعتقدوا حول تلك الفترة المهمة في التاريخ للشعبين. وهذا ما قاله كل واحد منهم حول بطاقة هويته

ريموند ظاهر، وُلد عام 1944، في حيفا، في عهد الانتداب البريطاني. يعيش اليوم في حيفا، إسرائيل

ريموند ظاهر، وُلد عام 1944، في حيفا (Flash90/Hadas Parush)
ريموند ظاهر، وُلد عام 1944، في حيفا (Flash90/Hadas Parush)

“كل مَن وُلد قبل عام 1948، يحمل بطاقة هوية، العرب، اليهود، والجميع. عندما كنا صغارا، مَن كان يدرك أساسا معنى فلسطين أو إسرائيل؟ تظهر على هذه الوثيقة العبارة “فلسطين أرض إسرائيل”. من يستطيع أن يثبت ذلك؟ أنا لست فلسطينيا، لماذا؟ لأني وُلدت هنا. شهادة ميلادي فلسطينية، فماذا بعد؟ هل عليّ أن أجادل نتنياهو؟ إسرائيل موجودة: حقيقة. الضفة الغربية قائمة، وتقع تحت الاحتلال، ونحن ننتظر. أنا أعيش في إسرائيل، لا يمكن إخفاؤها. أنا سعيد في العيش فيها. لن تقوم دولة فلسطينية أبدا”.

تسيبورا هعتسني، وُلدت عام 1929، في القدس، عهد الانتداب البريطاني. تعيش في مستوطنة كريات أربع، الخليل، الضفة الغربية

تسيبورا هعتسني، وُلدت عام 1929، في القدس (Flash90/Hadas Parush)
تسيبورا هعتسني، وُلدت عام 1929، في القدس (Flash90/Hadas Parush)

“وُلدتُ في مستشفى “بيكور حوليم” في القدس، لقد نقلوا إليه حينها كل الجرحى الذين أصيبوا من المذابح ضدّ اليهود في مدينة الخليل في ذلك الحين. عندما أخبرتُ أمي أنني سأنتقل للعيش في الخليل، كانت على وشك أن يُغمى عليها فقالت: “هل تريدين العيش مع هؤلاء القتلة؟”.

أنا من الجيل السابع في إسرائيل. أحفادي في الواقع من الجيل العاشر. بطاقة الهوية هذه هي قصة حياتي. أنا فلسطينية. هكذا مُسجل فيها. دائما كنا صهاينة، حينذاك لم نعرّف أنفسنا أبدا كفلسطينيين. في نظري لم تكن هذه فلسطين وإنما أرض إسرائيل. كان اسم فلسطين شتيمة. كان ذلك اختراع لهادريان الذي أراد محو اسم إسرائيل، فسماها فلسطين، على اسم الفلستيين. ولكن هذا الاسم لا يعنيني. كنت يهودية في أرض إسرائيل وصهيونية”.

شريف محمد، وُلد عام 1941، باقة الغربية، في عهد الانتداب البريطاني. يعيش اليوم في باقة الغربية، إسرائيل

شريف محمد، وُلد عام 1941، باقة الغربية (Flash90/Hadas Parush)
شريف محمد، وُلد عام 1941، باقة الغربية (Flash90/Hadas Parush)

“لا أعارض شخصيا إقامة دولة إسرائيل، أو إقامة دولة فلسطين. إذا عاش الإسرائيليون والفلسطينيون معا، يمكن أن يختاروا اسما جديدا، وهذا لا يهمني. ولكن يهمني أن يحصل الجميع على حقوقهم فقط. في هذه الأيام، يزعم أشخاص مثل ليبرمان أنّه لا يوجد شيء اسمه فلسطين. مَن هو ليبرمان أصلا، مهاجر روسي جاء إلى هذه البلاد. اتركوا العرب واليهود يحلّون مشاكلهم وحدهم. وعندما يتم إنكار وجود فلسطين، فهذا يعني أنني غير قائم. كأننا سقطنا من السماء”.

واجهة أبو مخ، وُلدت عام 1943 في باقة الغربية، في عهد الانتداب البريطاني، فلسطين. تعيش اليوم في باقة الغربية، إسرائيل

واجهة أبو مخ، وُلدت عام 1943 في باقة الغربية (Flash90/Hadas Parush)
واجهة أبو مخ، وُلدت عام 1943 في باقة الغربية (Flash90/Hadas Parush)

“عانت هذه المنطقة طيلة سنوات طويلة تحت احتلال الجيش الإسرائيلي، حتى عام 1967. شهدت البلاد حصارا خانقا. كان الاحتفاظ بمثل هذه الوثائق الفلسطينية صعبا جدا. لم يُسمح لنا أن نذكر اسم فلسطين، نرفع العلم، أو أن نعرّف أنفسنا كفلسطينيين. كانت المرة الأولى التي استخدم فيها الناس هذا المصطلح في الانتفاضة الأولى، 1987. فتحدثوا عن ذلك حينها فقط وتحرّروا من الضغوط. فالعثور على وثائق كهذه، يشير إلى أنّه يوما ما كان الأمر مختلفا. كانت هنا دولة ذات مرة وكنت مواطنة فيها. مررت فترة صعبة، وأحتفظ بشهادة الميلاد هذه من أجل أن يراها أولادي والأجيال القادمة. إنّها تذكار جيّد”.

إلياهو دافيد سغيف غروسمان، وُلد عام 1931، في القدس، عهد الانتداب البريطاني، فلسطين. يعيش في القدس، إسرائيل

إلياهو دافيد سغيف غروسمان، وُلد عام 1931، في القدس (Flash90/Hadas Parush)
إلياهو دافيد سغيف غروسمان، وُلد عام 1931، في القدس (Flash90/Hadas Parush)

“حتى حرب الاستقلال عام 1948، لم أكن أذكر اسم فلسطين. نعم عرفت الاسم من وثائق أرض إسرائيل فلسطين. ولكن كنا نسميها أرض إسرائيل. سمّينا العرب – عرب أرض إسرائيل. سمّاها البريطانيون فلسطين لأنّهم كانوا يعملون على مساعدتنا في الاستيطان هناك. أعرب العرب عن مقاومة شديدة لحركة الاستيطان اليهودي. لقد أرادوا الأرض ملكهم فقط.

بطاقة الهوية هذه هي منذ الفترة التي عشتُ فيها تحت الانتداب، والحقيقة هي أنّ الانتداب، قد كلّف من قبل الكومنولث، لإقامة وطن قومي للشعب اليهودي في أرض إسرائيل، على شكل وعد بلفور“.

اسحاق سعيد أبو خضير، وُلد عام 1943 في شعفاط، القدس، عهد الانتداب البريطاني، فلسطين. يعيش في شعفاط، القدس الشرقية، إسرائيل

اسحاق سعيد أبو خضير، وُلد عام 1943 في شعفاط، القدس (Flash90/Hadas Parush)
اسحاق سعيد أبو خضير، وُلد عام 1943 في شعفاط، القدس (Flash90/Hadas Parush)

“في الفترة التي حرص فيها اليهود الفلسطينيون، أقصد ليس هؤلاء الذين قدموا أثناء الاحتلال، بل الذين كانوا في البلاد اهتم كل واحد بالآخر، وعاش الناس في البلاد كجيران وأصدقاء تربطهم علاقة حسنة. لم يهتم أحد بدين الآخر، سواء كان يهوديا أو مسلما.

جواز السفر هذا، يثبت للعالم كله أنّه كانت يوما ما فلسطين على هذه الأرض ونحتفظ بالوثائق للإثبات. ما معنى دولة؟ كيف تُبنى؟ – علم، عملة، وثائق وأرض. نحن فخورون لأننا نملك جواز سفر من تلك الفترة. هذه الأرض هي مُلك الشعب الفلسطيني – فبناء على التاريخ، والوثائق، قدم اليهود إلى البلاد وأخذوا منا أراضينا، سلبوا حريتنا، ووضعونا في السجن. نحن نعيش في سجن كبير”.

اقرأوا المزيد: 1003 كلمة
عرض أقل
أبو مازن يقدم للملك سلمان نسخة مؤطرة من صحيفة "The Palestine Post" (Twitter)
أبو مازن يقدم للملك سلمان نسخة مؤطرة من صحيفة "The Palestine Post" (Twitter)

لماذا قدّم أبو مازن للملك سلمان هدية صهيونية؟

أبو مازن يجتمع بسلمان ملك السعودية، ويقدّم له نسخة مؤطرة من صحيفة "فلسطين بوست". المشكلة هي أن الصحيفة لم تكن فلسطينية

زار رئيس السلطة الفلسطينية، أبو مازن، هذا الأسبوع، المملكة العربية السعودية واجتمع بالملك سلمان. وقدّم في لقائه للملك نسخة مؤطرة من صحيفة من سنوات الثلاثينيات واسمها “The Palestine Post”.

ظاهريا، تبدو الهدية مناسبة، ولكن، كشف محرر الصحيفة الذي ورث “The Palestine Post”، عن فضيحة أبي مازن الكبيرة. نشر محرر صحيفة “The Palestine Post”, صورة في حساب تويتر الخاص به، سخر فيها من رئيس السلطة، وتساءل إذا ما كان قد وجد خطأ مطبعيا في صحيفته.

أوضح المحرر أنّ “The Palestine Post” هي مصدر صحيفة “The Jerusalem Post” الحالية. وقيل أيضًا إنّ الصحيفة كانت حينذاك مثلما هي اليوم لسان حال اليهود الناطقين بالإنجليزية في البلاد.

صحيفة “The Jerusalem Post” هي صحيفة يومية إسرائيلية باللغة الإنجليزية. أصل الصحيفة هو “Palestine Bulletin”، وهي صحيفة إنجليزية تأسست عام 1925 وتحولت فيما بعد إلى “The Palestine Post”. بعد قيام دولة إسرائيل تم تغيير اسم الصحيفة مجددا وسُميت باسمها الحالي “The Jerusalem Post”.

The Palestine Post
The Palestine Post

في الأصل كانت صحيفة “Palestine Bulletin” مبادرة تجارية لناشر يهودي أمريكي وكانت تُصدرها وكالة الأخبار البرقية اليهودية. بتاريخ 1 كانون الأول عام 1932 بدأت تصدر الصحيفة الجديدة “The Palestine Post”، وكُتب في عددها الأول أنّها استمرار لصحيفة “Palestine Bulletin”.

كُتب في المقال الرئيسي في العدد الأول: “هدفنا هو أن نقدّم للجمهور في أرض إسرائيل صحيفة عبرية باللغة الإنجليزية، وأن يكون مسؤولو الإدارة البريطانية في فلسطين قادرين على فهم الشؤون اليهودية والصهيونية. بالإضافة إلى ذلك، هدفنا هو توفير معلومات يومية حول أعمال اليهود وتطلّعاتهم في الشتات وفي البلاد”.

في عهد سلطة الانتداب، اتّخذت صحيفة “The Palestine Post” خطّا داعما للكفاح من أجل إقامة وطن قومي للشعب اليهودي في إسرائيل، وكما اتّخذت خطّا علنيا وعدائيا ضدّ التقييدات التي فرضها الحكم البريطاني على هجرة اليهود إلى أرض إسرائيل. رغم أن ذلك لم يكن رسميّا، ولكن اعتُبرت الصحيفة لسان حال الوكالة اليهودية. في فترة الحرب العالمية الثانية كانت الصحيفة الثانية في انتشارها في إسرائيل وكانت توزّع بنحو 20,000 نسخة في اليوم.

اقرأوا المزيد: 297 كلمة
عرض أقل
الملكة إليزبيث الثانية (AFP)
الملكة إليزبيث الثانية (AFP)

هل ستزور صاحبة الجلالة الأرضَ المُقدّسة؟

لمُدّة 68 عامًا من العلاقات الدبلوماسيّة بين إسرائيل وبريطانيا لم يزُرْ إسرائيل أيّ مندوب من جهة النظام المَلكيّ

عرضَ الرئيس الإسرائيليّ ريفلين، في لقاء أجريَ معه في بيته قبل أسبوعيْن، على السفير البريطانيّ إيصال دعوة للملكة إليزابيث الثانية للحضور إلى الأرض المُقدّسة و”لمعاضدة السلام”، هذا وفقا لما جاء في الموقع البريطانيّ – Jewish News.

تمّ تمرير الدعوة عندما استقبل ريفلين سماحة السفير البريطانيّ الجديد.

فقد روى ريفلين للسفير الجديد بأنّه سيتمّ الاحتفال في إسرائيل، في أثناء تأدية السفير لمنصبه، بذكرى مرور مائة عام على وعد بلفور، الذي شهِدَ مُستهلَّ العلاقات الدبلوماسيّة بين إسرائيل وبريطانيا.

شدّد الرئيس على الجانب الأهمّ؛ وهو أنّه بمقدور الملكة الاستغراق في بناء الثقة بين بريطانيا وإسرائيل. إذ قال: “أنا على عِلم بأنّه يوجد نزاع هنا، ولكنّ بدلَ أن تأتي الملكة عند نهاية الصراع، بمقدور جلالتها المجيء والمُساعدة على إنهاء هذا النزاع”.

مع ذلك، احتمال زيارة الملكة لإسرائيل مُتدنٍّ جدّا. إذ لم تُسجَّل، على طول 68 عاما من العلاقات الدبلوماسيّة مع المملكة البريطانيّة المتّحدة أيّة زيارة رسميّة لمندوب عن القصر الملكيّ للأرض المقدّسة. لم تزُر الملكة إليزابيث الثانية، التي شهِدت حفلَ تتويجها الثالث والستّين قبلَ بضعة أشهر، إسرائيل قط.

اقرأوا المزيد: 160 كلمة
عرض أقل
Skyhawk (ويكييبديا)
Skyhawk (ويكييبديا)

أكثر 5 أسلحة غير ناجحة لدى الجيش الإسرائيلي

يُعتبر الجيش الإسرائيلي أحد الجيوش الأكثر تقدّما في العالم، ولكن الطريق إلى الشهرة كانت طويلة وتضمّنت عقبات ثقيلة

يُعتبر الجيش الإسرائيلي أحد الجيوش الأكثر تقدّما في العالم. هناك أهمية كبيرة للأسلحة وللتكنولوجيا في نجاحه في ميدان المعركة. ومن المعلوم أنّ السلاح الجيد، ليس فقط يضر بالعدوّ، وإنما أيضًا يمكنه أن يساعد في إنقاذ الحياة. وبالمقابل، فإنّ السلاح السيّء قد يكون تدميريّا ليس فقط بالنسبة للعدوّ.

جُهّز الجيش الإسرائيلي، منذ سنوات طويلة، بالأسلحة والمنظومات القتالية الأفضل في العالم، ولكن كان في تاريخه العسكري أيضا بعض الأسلحة السيئة.

مسدّس Webley

Webley Pistol (ويكيبيديا)
Webley Pistol (ويكيبيديا)

وصلت هذه المسدّسات إلى إسرائيل في فترة الانتداب البريطانيّ، في الثلاثينيات والأربعينيات من القرن الماضي. اعتُبر مسدّس Webley السلاح المعياري الأول في الجيش الإسرائيلي وخدم الجنود حتى الثمانينيات.

وهو مسدّس من ستّ طلقات عيار 0.38 بوصة (9.65 مم)، من صنع بريطاني، وقد خدم كما ذكرنا الشرطة البريطانية وعُرف باسمه “المكسور”. وذلك بسبب أنّ تلقيمه كان يتم من خلال كسره على محوره. من جهة كان هذا مسدّسا قويا عمل أيضًا في ظروف الحدود القصوى، ولكن من جهة أخرى، لم يكن فيه صمام أمان وكانت مطرقته تضرب مباشرة على الصاعق الذي في الظرف، مما أدى إلى العديد من الأخطاء والكثير جدّا من انبعاث الطلقات.

بندقية ساعر

بندقية ساعر (ويكيبيديا)
بندقية ساعر (ويكيبيديا)

وهي بندقية لم يكن أي سلاح في الجيش يريد أخذها لميدان المعركة وهناك أسباب عديدة لذلك. صُمّمت البندقية وصُنعت من قبل شركة ‏FN Herstal‏ البلجيكية، ودخلت إلى الخدمة في جيوش كثيرة في حلف الناتو ولاحقا في جيوش إفريقية. كان من المفترض أن تكون هذه البندقية هي الردّ على الكلاشينكوف الروسي، ولكنهم كانوا بعيدين جدّا عن الهدف.

رغم أنها كانت بندقية دقيقة، ولكنها ثقيلة جدا ومع الكثير جدّا من السدّادات. المذهل في هذه القصة، أنّ الجيش الإسرائيلي علم أنّها بندقية سيئة ومع ذلك اشتراها وأدخلها كسلاح معياري لمقاتلي المشاة. في حرب 1967 وحرب تشرين، ألقى جنود الجيش الإسرائيلي ببساطة الـ FN الخاص بهم واتخذوا كلاشينكوفات من الجثث والأسرى.

دبابة شيرمان

دبابة شيرمان (ويكيبيديا)
دبابة شيرمان (ويكيبيديا)

من الصعب التصديق، ولكن أيضًا الدبابة التي قاتلت في ميادين القتال في الحرب العالمية الثانية، استمرّت للعمل في الجيش الإسرائيلي حتى أواسط السبعينيات. رغم أنّه قد تمّت ترقية هذه الدبّابة من قبل الصناعة في إسرائيل، ولكنها عانت من صورة ظلّية مرتفعة جدّا، ممّا سمح بالتعرف عليها بسهولة وإصابتها. عانت هذه الدبّابة من حماية ضعيفة والكثير من الفشل. إنّ دراسة كتب التاريخ ستكشف عن حالات عديدة لدبابات “اشتعلت” في طريقها إلى ميدان المعركة وحالات أخرى أكثر إيلاما.

شيرمان هي دبّابة أمريكية متوسطة كانت العمود الفقري لسلاح المدرّعات في الجيش الأمريكي في الحرب العالمية الثانية. تمّ تصنيع شيرمان على نطاق واسع. وهي الدبابة الثالثة في انتشارها في العالم، والدبابة الأكثر تصنيعًا في تاريخ الولايات المتحدة، فقد تمّ تصنيع نحو 50,000 دبّابة شيرمان من جميع الأنواع بالمجمل خلال الحرب، وقد أصبحت إحدى الدبابات الأكثر شهرة في التاريخ العسكري.

بعد الحرب العالمية الثانية تمّ نقل ما تبقّى من دبابات شيرمان من مستودعات الجيش الأمريكي إلى عدد من الدول في جميع أنحاء العالم، وبقيت دبابات عديدة في خدمة جيوش تلك الدول لفترة طويلة. وصلت دبابات شيرمان إلى الجيش الإسرائيلي في نهاية حرب 1948، ممّا تبقى في أوروبا وشكّلت نواة جيش المدرّعات في الخمسينيات، بعد خضوعها لمختلف التحويلات. وقد لعبت دورا مهمّا في حروب إسرائيل المختلفة حتى حرب تشرين.

ناقلة الجند المدرّعة M113

ناقلة الجند المدرّعة M113 (ويكيبيديا)
ناقلة الجند المدرّعة M113 (ويكيبيديا)

يخدم هذا السلاح القديم الجيش الإسرائيلي، منذ عام 1971، برعاية الولايات المتحدة. انتقل جنود الجيش الإسرائيلي بناقلة الجند هذه في حرب تشرين، حرب لبنان، بل وفي الحرب الأخيرة التي خاضتها إسرائيل ضدّ حماس، “الجرف الصامد”.

وهي ناقلة جند سرعتها بطيئة، لا تحافظ على وتيرة الدبابات، حمايتها ضعيفة وهناك من يقول إنّه يمكن اختراقها بطلقة M-16. على مدى السنوات، مرّ هذا السلاح بالعديد من الترقيات ورغم بؤسه، فلا زال يخدم، ويرجع ذلك أساسا لاعتبارات الميزانية.

الطائرة الحربية Skyhawk

Skyhawk (ويكيبديا)
Skyhawk (ويكيبديا)

من جهة، فقد حسّنت “سكاي هوك” من قدرات سلاح الجو الإسرائيلي في مجال حمل السلاح، الجودة، الكمية والمدى. ومن جهة أخرى، كانت لتلك الطائرة عيوب عديدة والتي من أجلها لم تصبح أبدا طائرة في الخطوط الأولى.

كانت “سكاي هوك” عرضة للصواريخ المضادة للطائرات، بطيئة جدا وعرضة لطائرات العدو.

من الجدير ذكره أنّ العشرات من طائرات “سكاي هوك” قد سقطت في حرب تشرين من نيران المضادات المصرية. وسريعًا جدّا وجدت هذه الطائرة نفسها كطائرة إرشاد لسلاح الجو، وقد بقيت حتى اليوم. وفي الوقت الراهن حلّت مكانها طائرات لافي الجديدة في سلاح الجو الإسرائيلي.

اقرأوا المزيد: 641 كلمة
عرض أقل
متظاهرون إسرائيليون يحتفلون بعد قرار التقسيم في الأمم المتحدة (ِAFP)
متظاهرون إسرائيليون يحتفلون بعد قرار التقسيم في الأمم المتحدة (ِAFP)

اليوم الذي أقرّت فيه دول العالم حلّ الدولتَين

في مثل هذا اليوم قبل 68 عاما، في 29 تشرين الثاني عام 1947 قرّرت الأمم المتحدة إقامة دولة إسرائيل ودولة عربية على أراضي الانتداب البريطانيّ في فلسطين. الأمريكيون، الحلفاء البارزون لإسرائيل، كانوا يخشون من إقامة الدولة اليهودية

مضى اليوم 68 عاما منذ قرار الأمم المتحدة لإقامة دولتين على أراضي الانتداب البريطانيّ في فلسطين: دولة يهودية، ودولة عربية. بعد عدة شهور من إصدار القرار، أصبح قيام دولة إسرائيل اليهودية حقيقة. بينما لا تزال دولة فلسطين العربية تنتظر إقامتها، حتى بعد 68  عاما على الصراع.

البريطانيون يضيقون ذرعا بفلسطين

منذ أن أعطت عصبة الأمم بريطانيا الحقّ بفرض الانتداب على فلسطين (أو أرض إسرائيل، كما تُسمّى من قبل اليهود)، عملت ما لا يقل عن سبعة لجان بريطانية ودولية وحاولت أن تقرر ماذا سيكون الحلّ الدائم لقطعة الأرض هذه، التي يتقاتل عليها اليهود والعرب.

بعد كلّ جولة من العنف: منذ أحداث 1921، أحداث 1929 الثورة العربية الكبرى بين عاميّ 1936 – 1939، وصلت لجان بريطانية لتتحقّق من الأوضاع في البلاد. اقترح معظمها، بصيغة ما، تقسيم البلاد إلى دولتين، ولكن أيضًا تقييد الهجرة اليهودية وشراء الأراضي من قبل اليهود.

في فترة الحرب العالمية الثانية، 1939 – 1945، هدأت قليلا المعركة على تقسيم البلاد على ضوء الحروب التي جرت في أوروبا. ولكن في عام 1945، استأنف الجانبان الصراع بكامل قوّته. أدرك البريطانيّون، الذين حكموا البلاد، بأنّهم بعد سنوات من الاضطرابات والصراعات من كلا الطرفين، لن يستطيعوا الاستمرار في السيطرة على الأرض. قُتل في الأعوام الواحدة والثلاثين للانتداب البريطاني على الأراضي أكثر من 550 جنديًّا بريطانيًّا من قبل المسلّحين الفلسطينيين واليهود.

كان الوضح في البلاد متفجّرا. غضب اليهود من البريطانيّين لأنّهم لم يسمحوا للاجئي الحرب العالمية الثانية والهولوكوست بإيجاد مأوى في البلاد. وغضب العرب من البريطانيّين واليهود لأنّهم كانوا يخشون من السيطرة اليهودية على البلاد. وغضب البريطانيّون من اليهود والعرب على ضوء تزايد أحداث العنف.

اليهود يتعاونون، والعرب يقاطعون وينقسمون

كانت اللجنة الأخيرة التي عملت في المجال، والتي صوّتت الأمم المتحدة على قرارها في 29 تشرين الثاني هي لجنة اليونسكوب. كلّفت الجمعية العامة للأمم المتحدة تلك اللجنة بدراسة قضية الانتداب البريطانيّ.

جلس في لجنة اليونسكوب 11 ممثّلا، من أستراليا، كندا، الأوروغواي، جواتيمالا، البيرو، إيران، الهند، السويد، هولندا، تشيكيا ويوغوسلافيا. كان هناك استعداد وسعادة من الجانب اليهودي للتعاون مع المجتمع الدولي، وقد وفّر لها الوقت لإجراء المحادثات مع كبار زعماء الاستيطان اليهودي في البلاد. كان على رأي المتحدثين موشيه شاريت، والذي أصبح لاحقا وزير الخارجية الأول ورئيس الحكومة الثاني لدولة إسرائيل.

قاطع الفلسطينيون من جانبهم محادثات اللجنة ولم يكونوا مستعدين إطلاقا لسماع إمكانية تقسيم البلاد. بسبب رفض الفلسطينيين للتعاون، قابلت اللجنة ممثّلين من المملكة الأردنية وسوريا. وبالإضافة إلى ذلك، فقد زارت مخيّمات اللاجئين اليهود بعد الحرب العالمية في أوروبا، وتأثرت من أوضاعهم. لدى انتهاء المحادثات، قرّر معظم أعضاء اللجنة بأنّه ينبغي إنهاء الانتداب البريطانيّ فورا، وتقسيم الأراضي إلى دولة يهودية ودولة عربية.

كان الشعب الفلسطيني بدرجة كبيرة ضحية لأزمة قيادة خطيرة، على النقيض من القيادة الصهيونية التي كانت مرتّبة ومنظّمة بشكل جيّد

كان الشعب الفلسطيني بدرجة كبيرة ضحية لأزمة قيادة خطيرة، على النقيض من القيادة الصهيونية التي كانت مرتّبة ومنظّمة بشكل جيّد. مقابل اليهود الذين كانوا يطلبون بشكل مستمرّ ومنّظم إقامة دولة، لم يكن لدى الفلسطينيين قيادة حقيقية. كانت “اللجنة العربية العليا” في الواقع تجمّعا للمخاتير المحليّين، الواقعين تحت رحمة سائر الدول العربيّة الدكتاتورية. وقد شلّ النزاع المحلّي بين عائلتي النشاشيبي والحسيني هو أيضًا القيادة الفلسطينية الضعيفة أصلا.

دافيد بن غوريون (GPO)
دافيد بن غوريون (GPO)

وفقا للاقتراح، كان ينبغي أن تبقى المدن المقدّسة: القدس وبيت لحم، تحت السيادة الدولية. وكان من المفترض أن تقيم كلّ واحدة من الدولتين نظاما ديمقراطيا، ووضع دستور يضمن حقوق الإنسان والمواطن لجميع السكان. كان يُفترض أن تشمل الدولة اليهودية – التي كانت ستقوم على 55% من الأراضي – 600,000 يهودي ونحو 500,000 عربي. بالمقابل، كان من المفترض أن تشمل الدولة العربية – التي كانت ستقوم على بقية الأراضي – 725,000 من العرب و 10,000 يهودي فقط.

الدراما في واشنطن والتصويت الحاسم

يعلم كل من يهتم بالسياسة في الشرق الأوسط اليوم أنّ الولايات المتحدة تقدّم دعما شبه تلقائي للسياسة الإسرائيلية، وتجهّز دولة إسرائيل بالأسلحة الأحدث والأفضل. لم يكن الأمر كذلك في أواخر عام 1947، عندما أوصت الخارجية الأمريكية بعدم الموافقة على قرار التقسيم.

ومفتاح فهم الموقف الأمريكي تجاه إقامة دولة إسرائيل كامن في فهم العلاقات الدولية بين كلا الإمبراطوريّتين حينذاك، الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي. فمن جهة، أراد كلّ من الأمريكيين والروس حلّ مشكلة اللاجئين اليهود في أوروبا، الذين قوّضوا استقرار القارّة.

قد هدّد سفير مصر في الأمم المتحدة، يوسف هيكل باشا، اليهود بشكل صريح: “إذا قررت الأمم المتحدة تقسيم فلسطين فستتحمّل مسؤولية ذبح أعداد كبيرة من اليهود”

ومن جهة أخرى، كان في الولايات المتحدة من ظنّ أنّ قرار التقسيم والحرب التي ستندلع عقبه سيؤهّل الشرق الأوسط للسيطرة السوفياتية الشيوعية، والتي يخشى منها الأمريكيون كثيرًا. ومع ذلك، كان الرئيس الأمريكي هاري ترومان محتاجا للدعم السياسي من يهود الولايات المتحدة.

كان الحلّ الذي أقرّته الولايات المتحدة هو الدعم المتحفّظ وغير المتحمّس للقرار، دون إقناع دول أخرى بالانضمام إليها. كان اليهود بحاجة إلى المزيد من الإقناع الكبير من أجل الحصول على غالبية من ثلثين على قرار التقسيم، والذي كان من الضرورة الموافقة عليه. وقد عمل اللوبي الصهيوني، الذي كان حريصا على تحقيق تطلّعاته في إقامة دولة يهودية من خلال الموافقة الدولية، بسبل لا هوادة فيها لتحقيق الغالبية المطلوبة.

ومن جهته مارس العالم العربي هو أيضا ضغوطا كبيرة من أجل عدم إعطاء اليهود الحقّ في إقامة الدولة. فقد هدّد سفير مصر في الأمم المتحدة، يوسف هيكل باشا، اليهود بشكل صريح:

“يعيش مليون يهودي بسلام في مصر وفي سائر بلاد المسلمين ويتمتّعون بجميع حقوق المواطن. وبالتأكيد فهم لا يرغبون بالهجرة إلى فلسطين. ولكن إذا نشأت دولة يهودية فلن يستطيع أحد تجنّب المتاعب. ستندلع الاضطرابات في فلسطين، ستنتشر في جميع البلاد العربية وربّما تؤدي إلى حرب عرقية. إذا قررت الأمم المتحدة تقسيم فلسطين فستتحمّل مسؤولية الاضطرابات الأكثر خطورة وذبح أعداد كبيرة من اليهود”.

الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم 29 تشرين الثاني 1947 (صورة من موقع الكنيست الإسرائيلي)
الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم 29 تشرين الثاني 1947 (صورة من موقع الكنيست الإسرائيلي)

ولكن الضغوط الصهيونية كانت أكبر من تهديدات الدول العربيّة. صوّتت 33 دولة، على رأسها الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي، بالإضافة إلى السويد، النرويج، بولندا، فرنسا، ومعظم دول أمريكا الجنوبية لصالح القرار. 13 دولة فقط صوّتت ضدّ القرار، ومن بينها جميع الدول العربية والإسلامية: لبنان، مصر، سوريّا، العراق، السعودية، اليمن، باكستان، تركيا وإيران. وامتنعت عشر دول عن التصويت.

الفرح في إسرائيل، والغضب في فلسطين

استجابت الجموع في إسرائيل بالفرح المنفجر والذي لم يكن بالإمكان إيقافه. كان الاعتراف العالمي بالدولة اليهودية، حتى لو كانت دولة صغيرة، إنجازا لا يُصدّق بالنسبة للشعب اليهودي. وتتحدث روايات تاريخية كثيرة من تلك الفترة عن الرقص في شوارع المدن اليهودية، وعن الاحتفالات التي استمرت حتى الصباح أمام أعين الجنود البريطانيين المندهشة.

وفي الجانب الفلسطيني، الذي رفض كما ذكرنا التعاون مع أي اقتراح لتقسيم البلاد، لم يضيّعوا الوقت في الحداد على القرار الفاضح بنظرهم، وخرجوا للمعركة. بعد يوم من قرار الأمم المتحدة شنّ عرب فلسطين حربا شاملة. كانت الكلمة الفصل للعرب في الأشهر الأولى من ذلك، وكان يبدو أنّ الحرب ستزيل أي احتمال للدولة اليهودية في إسرائيل. بعد مرور عام ونصف فقط، في أواسط عام 1949، بعد حرب حصدت الكثير من الضحايا من جميع الجيوش العربية، أصبحت دولة إسرائيل واقعا موجودا، حتى يومنا هذا.

ويبدو أنّ الفلسطينيين الذين كانوا عام 1947 ضحية لعجزهم على التوحّد تحت قيادة متفق عليها، لا يزالوا ممزّقين منذ ذلك الحين وحتى اليوم بين رغباتهم المتعارضة.

في سنوات الثلاثينيات من القرن الماضي تمزّقوا بين الحسينيين والنشاشيبيين كما تمزّقوا بين مؤيدي الشعب الفلسطيني وبين رؤيا “سوريا الكبرى”. في سنوات السبعينيات تمزّقوا بين الملك الأردني الحسين ومنظمة التحرير الفلسطينية وياسر عرفات. والشعب الفلسطيني اليوم ممزّق بين الضفة الغربية وغزة، بين فتح وحماس. ولا يزال الاستقلال الفلسطيني في الأفق البعيد.

 

اقرأوا المزيد: 1122 كلمة
عرض أقل
دولة يهودية في الخليج العربي ? (Thinkstock)
دولة يهودية في الخليج العربي ? (Thinkstock)

دولة يهودية في الخليج العربي ؟

تفيد رسالة كشفت النقاب عنها المكتبة البريطانية أنه قبل شهر من وعده الشهير، رفض اللورد بلفور اقتراحًا لإرسال قوة عسكرية لإقامة دولة لليهود في المملكة العربية السعودية

تلقى سفير بريطانيا في فرنسا، اللورد فرانسيس بيرتي، في 12 أيلول 1917 رسالة تحتوي على طلب خاص: الدكتور م. ل روتشتاين، وهو طبيب يهودي – روسي يقيم في باريس، يطلب من بريطانيا مساعدته على إقامة دولة يهودية. وقد طلب عمليًا في هذه الرسالة من السلطات البريطانية إرسال قوات عسكرية للاستيلاء على “الأحساء” – وهي واحة صحراوية مركزية وخصبة، تقع اليوم في شرق المملكة العربية السعودية. الهدف: “إقامة دولة يهودية في الخليج العربي”.

تم الكشف عن هذه الرسالة، التي كتبت باللغة الفرنسية، الأسبوع الماضي في مدونة المكتبة البريطانية. وكتب فيها روتشتاين: “أتعهد بأن أجمع في الربيع القادم قوة يهودية مقاتلة مكونة من 120 ألف رجل قوي”. وكان من المفترض أن تنضم هذه القوة إلى القوات البريطانية والاستيلاء على الأراضي الجديدة التي من ستقام عليها الدولة اليهودية.

خارطة المملكة السعوية (Wikipedia)
خارطة المملكة السعوية (Wikipedia)

بموجب المخطط، وبعد تجمع الـ 30 ألف مقاتل الأوائل في البحرين، سيُشن هجوم سريع ينتهي به المطاف إلى الاستيلاء على الأحساء من الأتراك وتحويلها إلى “دولة يهودية”. وقد قدر روتشتاين أن تركيا ستعلن الحرب في أعقاب الغزو، لكنه تعهد بأن “القوات اليهودية ستدخل سريعًا في المعركة حتى تحقيق النصر النهائي”.

لم يتم على الإطلاق الشروع في تطبيق مخطط روتثستاين ولم يُطرح للنقاش في البلاط الملكي أو في مكاتب وزارة الخارجية البريطانية بتاتًا، حيث أن صفحات التاريخ تظهر أنه قبل بضع سنوات من ذلك تم نقل الأحساء من يدي الأتراك إلى سيطرة ابن سعود، مؤسس المملكة العربية السعودية وأول ملك عليها. كما وأن البريطانيين وقعوا معه على اتفاقية تعترف به كحاكم للمنطقة.

الرسالة التي كتبها روتشتاين الى السفير البريطاني في فرنسا (المكتبة البريطانية)
الرسالة التي كتبها روتشتاين الى السفير البريطاني في فرنسا (المكتبة البريطانية)

نُقل مقترح روتشتاين إلى وزير الخارجية البريطاني، آرثر جيمس بلفور، الذي قرر بدوره رفضه جملة وتفصيلاً. وقام سكرتير بلفور في 3 تشرين الأول عام 1917 بإرسال رسالة في هذا الشأن إلى السفير البريطاني في فرنسا، وطلب منه أن ينقل إلى روتشتاين أن “حكومة صاحب الجلالة تأسف لأنها لا تستطيع الاستجابة لهذا العرض.”

لم تكن خطة روتشتاين الداعية إلى إقامة وطن يهودي خارج أراضي فلسطين هي الوحيدة التي تم رفضها. فقد تم، كما هو معروف، اقتراح أوغندا والأرجنتين وروسيا وقبرص كأهداف لإقامة الدولة اليهودية.

بعد شهر من رفض بريطانيا لمقترح روتشتاين الغريب، أصدر بلفور وعده الشهير ( 2 تشرين الثاني1917) بشأن إقامة وطن قومي للشعب اليهودي على أرض إسرائيل. كان منح وعد بلفور بمثابة انجاز سياسي غير مسبوق للحركة الصهيونية: وافقت عمليًا قوة عظمى عالمية، مثل المملكة المتحدة، على رعاية الحركة الصهيونية ومساعدتها على تحقيق هدفها الرئيسي.

بعد إصدار وعد بلفور مباشرة، بدأ زعماء اليهود النشاط السياسي بين القادة العرب بهدف تحقيق الوعد والتخلص من معارضة الجانب العربي.عارض عرب فلسطين وعد بلفور واعتبروه انتهاكًا لحقوقهم. وقد بدؤوا بعد إصدار الوعد في تنظيم لجان وجمعيات مختلفة للاحتجاج. وفي 2 تشرين الأول عام 1918، يوم الذكرى السنوية الأولى لوعد بلفور، أضربت المحال التجارية العربية وخرجت مظاهرة في القدس تم الإعلان فيها عن تأسيس جمعية إسلامية – مسيحية عملت على إقناع البريطانيين بإلغاء وعد بلفور وإقامة نظام حكم في أرض إسرائيل يعبر عن حق العرب على البلاد.

اقرأوا المزيد: 452 كلمة
عرض أقل
متظاهرون فلسطينيون يصفون اسرائيل بأنها دولة فصل عنصري (SAIF DAHLAH / AFP)
متظاهرون فلسطينيون يصفون اسرائيل بأنها دولة فصل عنصري (SAIF DAHLAH / AFP)

أسطورة إسرائيل ككيانٍ كولونياليّ: أداة لنزع الشرعيّة عن الدولة اليهوديّة

أداة في صراعٍ سياسيّ لنزع الشرعيّة عن الدولة اليهوديّة، فيما تقدّم الوقت، أصبح واضحًا أنّ الإمبراطوريّة البريطانيّة لم تكن قابلة إعادة ولادة إسرائيل، إنّما العقبة الرئيسية في طريق تلك الولادة

بينما وُلدت إسرائيل العصريّة كنتيجةٍ للانتداب البريطانيّ على فلسطين، الذي دعا إلى إنشاء وطن قوميّ يهوديّ، فإنّ جذورها تسبق وصول البريطانيين إلى الشرق الأوسط.‎ ‎وهكذا، لم تكن بريطانيا دولة إسرائيل الأمّ، كما كانت فرنسا بالنسبة للجزائر.‎ ‎في الواقع، كان اليهود يعيدون تأسيس حضورهم بشكل مستقلّ في أرضهم قبل أن يفكّك البريطانيّون والفرنسيون الإمبراطورية العثمانيّة.

فيما تقدّم الوقت، أصبح واضحًا أنّ الإمبراطوريّة البريطانيّة لم تكن قابلة إعادة ولادة إسرائيل، إنّما العقبة الرئيسية في طريق تلك الولادة.‎ ‎إنّ اتّهام إسرائيل بحيازة جذور استعماريّة لصلتها بالانتداب البريطانيّ هو مفارقة، إذ إنّ معظم الدول العربية يدين بأصوله إلى دخول وسيطرة القوى العظمى الأوروبية.

إنّ الادّعاء أنّ إسرائيل كيانٌ استعماريّ يُطرَح عادةً لتقويض شرعيّة الدولة اليهوديّة.‎ ‎يأتي هذا الادّعاء في مركز معالجة إدوارد سعيد الجدليّة للصراع العربي الإسرائيلي، في كتابه مسألة فلسطين، الذي أعيد نشره عام 1992.‎ ‎ترسّخ الموضوع بشكل كبيرٍ في الأكاديميّة الغربية، تقريبًا دون أيّ نقد.‎ ‎لعُقودٍ، تمّ توظيفه ضدّ إسرائيل في منتدى دُولي تلو الآخَر.

على سبيل المثال، عام 1973، أعطت الجمعية العامة للأمم المتحدة زخمًا لهذه الفِكرة حين أدانت “الحلف غير المقدّس بين الكولونياليّة البرتغاليّة، العنصريّة الجنوب إفريقيّة، الصهيونيّة، والإمبرياليّة الإسرائيلية”.‎ ‎بعد عامَين، تبنت منظّمة الاتّحاد الإفريقيّ قرارًا في اجتماعها على مستوى القمّة يقضي بأنّ “النظام العنصريّ في فلسطين المحتلّة والنظامَين العنصريَّين في زيمبابوي وجنوب إفريقيا لديها جذور إمبرياليّة مشترَكة”.

مهّد ربط إسرائيل بالأنظمة الاستعماريّة السبيل عام 1975 لأشدّ قرارٍ اتخذته الجمعية العامّة ضدّ إسرائيل في تاريخها، إذ اعتبر الصهيونيّة شكلًا من أشكال العنصريّة.‎ ‎ساعد هذا على تثبيت الكتلة الأفرو – آسيويّة خلف القرار وأعطى زخمًا لبدايات حركة نزع الشرعيّة عن إسرائيل.‎ ‎حتّى حين أسقطت الجمعية العامّة القرارَ أخيرًا عام 1991، استمرّت المقارَنات بين الصهيونيّة والكولونياليّة، حتّى إنها أصبحت أكثر شدّة.

نشرت وزارة الإعلام في السلطة الفلسطينيّة كتابًا عام 2012 بعنوان المصطلح في الإعلام والثقافة والسياسة يشدّد على أنّ الفلسطينيّين يجب أن يستخدموا الاصطلاح “كولونياليّة” ضمن ترسانتهم اللغويّة في تعاملهم مع إسرائيل.‎ ‎يحذّر الكتاب من أنّ استخدام معجم الألفاظ السياسيّة الإسرائيلي “يحوّل جوهر المجهود الصهيونيّ من مجهودٍ عنصريّ واستعماريّ إلى مجهود للتعريف الذاتي ولاستقلال الشعب اليهودي”.

ويوصي نصّ السلطة الفلسطينيّة بوضوحٍ قراءه الفلسطينيّين بعدم استخدام اسم “إسرائيل”، بل “الاستعمار الإسرائيلي”.‎ ‎باختصارٍ، تطوّرت مسألة كون إسرائيل “دولة استعماريّة” في السنوات الأخيرة كأداة للنضال السياسي استخدمها الفلسطينيّون، الذين يريدون توظيف اللغة التي يأملون أن تنزع شرعيّة الدولة اليهوديّة.

بخلاف الاتّهامَين بالفصل العنصريّ (الأبارتايد) والعنصريّة، فإنّ النعت “استعماريّ” لا يمكن دحضه بمجرّد النظر إلى إسرائيل العصريّة، حيث المحاكم، المشافي، والجامعات تخدم العرب واليهود على حدٍّ سواء.‎ ‎إنه اتّهام تاريخيّ يتعلّق بكيفيّة نشوء إسرائيل. في الواقع، إنه يعادل الادّعاء أنّ إسرائيل أُسّست كموطئ قدم لقوّة أخرى بعيدة تفرض نفسها عبر غرس سكّان يهود “غرباء” في الأرض بين سكّانها الأصليين.

في مقالة كتبها عام 1966، قبل حرب الأيّام الستة، نُشرت لاحقًا في الكتاب إسرائيل: دولة استيطان كولونيالي؟ عام 1973، قارن المؤرخ الفرنسي الماركسيّ ماكسيم رودنسون بين اليهود في إسرائيل والمستعمِرين الفرنسيين في الجزائر وكذلك البيض في جنوب إفريقيا.2  لكن هل يجوز الادّعاء أنّ اليهود الذين عادوا إلى وطنهم القديم هم غرباء على أرضهم مثل الأوروبيين الذين نُقلوا ليستوطِنوا إفريقيا وآسيا بهدف خدمة مصالح الإمبراطوريّتَين الفرنسية والبريطانيّة؟

ماذا كان دور القوى الاستعماريّة الأوروبية في تأسيس إسرائيل؟

وُلدت إسرائيل العصريّة كنتيجةٍ للانتداب البريطانيّ على فلسطين، الذي دعا إلى إنشاء وطن قوميّ يهوديّ، ولكنّ جذورها تسبق وصول البريطانيين إلى الشرق الأوسط.‎ ‎وهكذا، لم تكن بريطانيا دولة إسرائيل الأمّ، كما كانت فرنسا بالنسبة للجزائر.‎ ‎في الواقع، كان اليهود يعيدون تأسيس حضورهم بشكل مستقلّ في أرضهم قبل أن يفكّك البريطانيّون والفرنسيون الإمبراطورية العثمانيّة.‎ ‎على سبيل المثال، كان الشعب اليهوديّ قد استردّ أكثريته في القدس بحلول عام 1863.

بعد عُقود، اعتبرت بريطانيا وباقي عصبة الأمم الحقوق اليهودية في فلسطين خارج قدرتها على منحها لأنّ تلك الحقوق كانت موجودة لتُقبَل.‎ ‎وهكذا في وثيقة الانتداب، اعترفت عصبة الأمم بـ”العلاقة التاريخية التي تربط الشعب اليهودي بفلسطين”.‎ ‎بكلماتٍ أخرى، اعترفت بحقّ قائمٍ من قَبل.‎ ‎فهي لم تُنشئ هذا الحقّ.‎ ‎كما دعت إلى “إعادة بناء” الوطن القوميّ للشعب اليهودي.‎ ‎جرت المحافظة على الحقوق التي اعترفت بها عصبة الأمم من قِبل خليفتها، الأمم المتحدة، التي اعترفت في البند 80 من ميثاقها بحقوق الدول والشعوب التي كانت موجودة قبل 1945.

بدلًا من الاعتقاد أنّ الشعب اليهودي نال مكانته في الأرض التي أصبحت إسرائيل بسبب بريطانيا، لاحظت المؤرخة إليزابيث مونرو أنّ البريطانيّين هم مَن “تسلّقوا على أكتاف الصهيونيين ليحصلوا على فلسطين البريطانيّة”.4  ما عنته هو أنّ بريطانيا ما كانت لتحصل على الانتداب على فلسطين، التي كان يمكن أن تصبح فرنسيّة أو جزءًا من منطقة دوليّة، لو لم تحصل بريطانيا على دعم النهضة القوميّة اليهوديّة، التي كانت قوّة مستقلة، لا صنيعة الاستعمار.‎ ‎فيما تقدّم الوقت، أصبح واضحًا أنّ الإمبراطوريّة البريطانيّة لم تكن قابلة إعادة ولادة إسرائيل، إنّما العقبة الرئيسية في طريق تلك الولادة.‎ ‎فضلًا عن ذلك، في السنوات التي تلت إصدار وعد بلفور، الذي أكّد على الحق اليهوديّ في وطن قوميّ في فلسطين، أعاد البريطانيّون بشكل منتظم دراسة عددٍ من الحقوق الأولية للشعب اليهودي التي جرى الاعتراف بها مسبقًا، ما وضع اليهود في علاقةٍ متناقضة مع لندن.

أوّل مثالٍ على هذا التغيير كان عام 1922، حين قرّر البريطانيّون إزالة منطقة شرق الأردن من منطقة فلسطين، التي كانت محدّدة لإنشاء الوطن القوميّ اليهوديّ.‎ ‎استمرّ ذلك مع الكتاب الأبيض عام 1939، الذي حدَّ بشكلٍ واضح من الهجرة اليهوديّة إلى فلسطين.‎ ‎في النهاية، واجه البريطانيّون تمردًا مسلّحًا للسكّان اليهود في فلسطين الانتدابيّة، قاده أوّلًا تنظيما “إيتسل” و”لحي”، ثمّ انضمّ إليهما تنظيم “هاغاناه” الذي أصبح ركيزة جيش الدفاع الإسرائيليّ، بعد استقلال إسرائيل.

إنّ اتّهام إسرائيل بحيازة جذور استعماريّة لصلتها بالانتداب البريطانيّ هو مفارقة، إذ إنّ معظم الدول العربية يدين بأصوله إلى دخول وسيطرة القوى العظمى الأوروبية.‎ ‎قبل الحرب العالَميّة، لم تكن الدول العربيّة (العراق، سوريا، لبنان، والأردن) قائمة، بل كانت مجرد مقاطعات في الإمبراطورية العثمانيّة، تحت أسماء مختلفة.‎ ‎أصبحت هذه دُولًا نتيجة للتدخل الأوروبي، حيث وضع البريطانيّون الأسرة الهاشميّة في السلطة في اثنتَين من هذه الدول: العراق (حتّى 1958) والأردن.

أمّا المملكة العربية السعودية ودول الخليج الأصغر، فقد نشأت نتيجة معاهدات وقّعها قادتها مع الهند البريطانيّة، التي سعت إلى إقصاء خصوم بريطانيا عن اكتساب أي موقع استراتيجيّ في الخليج العربيّ، ولاحقًا الوصول إلى موارد النفط.‎ ‎عبر هذه المعاهدات، اعترف البريطانيّون بشرعيّة أسَر عربيّة محليّة بالحُكم في ما أصبح دُوَلًا مثل الكويت، البحرين، وقطر.5  ومهّدت معاهدة بريطانيّة شبيهة مع آل سعود عام 1915 السبيل لنشوء المملكة العربية السعودية أخيرًا عام 1932.

إضافةً إلى ذلك، خلال حرب 1948، استفادت الجيوش العربيّة مباشرةً من السلاح والتدريب الأوروبيَّين – وأحيانًا من القوى البشريّة.‎ و‎فيما أصبحت الدول العربيّة مستقلّة، كانت لبريطانيا معاهدات خاصّة معها، أمّنت وصول قوّاتها لعددٍ من القواعد في العراق ومصر، فيما كانت تعمل كأساسٍ لتزويد الأسلحة والمستشارين للجيوش العربيّة.‎ ‎قاتل الفيلق العربيّ في القدس أوّلًا مع رسميّين بريطانيّين، فيما كانت القوّات الجويّة الملكيّة البريطانيّة تحمي سماء مصر من القوّات الجويّة الإسرائيلية.‎ ‎في الواقع، تصادمت الطائرات البريطانيّة والإسرائيليّة عام 1949.

كشف ويليام روجر لويس، أحد أبرز المؤرّخين في مجال الاستراتيجيّة الإمبرياليّة البريطانيّة، وثيقة مثيرة في وزارة الخارجيّة البريطانيّة، تعالج موضوع العلاقات الإسرائيليّة بالقوى الأوروبية الاستعماريّة لدى ولادتها.‎ ‎ففي كتابه الصادر عام 1984، الإمبراطوريّة البريطانيّة في الشرق الأوسط، 19451951، يذكر اجتماعًا عُقد في 21 تموز 1949، لرسميّين بريطانيّين خبراء عُقد في نهاية الحرب التي أدّت إلى استقلال إسرائيل.

حينها، قال السير جون تروتبِك، رئيس مكتب الشرق الأوسط البريطانيّ: “كُنّا في وضعٍ يمكننا فيه أن نتحكّم بالحكومات العربيّة، ولكن ليس بإسرائيل”. ثم عبّر عن خشيته من أن يجُرّ الإسرائيليّون الدول العربيّة إلى وضعية كتلة محايدة وحتّى “أن تحاول إخراجنا من مصر”.‎ ‎وعبّرت وثيقة وزارة الخارجيّة الأصليّة أيضًا عن القلق من أن يخسر البريطانيّون قواعدهم الجوية في العراق.‎ ‎عام 1956، تعاونت إسرائيل لفترة قصيرة مع بريطانيا وفرنسا ضدّ مصر الناصريّة، لكنّ هذا لم يغيّر كون إسرائيل عقبة في وجه القوى الإمبرياليّة، لا موطئ قدم.

مع ذلك، ازدادت في السنوات الأخيرة الجهود لتصوير إسرائيل ككيانٍ استعماريّ.‎ ‎فقد أصبح هامًّا لكثير من المتحدثين الفلسطينيّين بشكلٍ خاصّ أن ينكروا الروابط التاريخية للشعب اليهودي في بلاده ويصوّروه كوافدٍ استعماريّ حديث إلى المنطقة، خلافًا للفلسطينيّين، الذين يصوَّرون على أنّهم السكّان الأصليون الأصيلون.

وبلغت هذه الجهود ذروتها حين أنكر ياسر عرفات أنّ الهيكل كان في القدس في نهاية تموز 2000 في قمّة كامب دايفيد مع الرئيس كلينتون.‎ ‎وتطرّق العديد من مندوبيه – من صائب عريقات إلى محمود عبّاس – إلى نفس المحور منذ ذلك الحين.‎ ‎ففيما كان يتحدث في 12 تشرين الثاني 2008، أمام الجمعية العامّة للأمم المتّحدة حول “حوار الأديان والحضارات”، تحدّث رئيس الحكومة الفلسطينيّة، سلام فيّاض، عن العلاقات التاريخية للإسلام والمسيحيّة بالقُدس، لكنه تجاهل بشكلٍ ملحوظ الروابط اليهوديّة بالمدينة المقدّسة.

بشكلٍ مشابه، اعتاد عرفات على إخبار الجماهير الغربيّة أنّ الفلسطينيّين متحدِّرون من اليبوسيّين، وبالتالي ذوو جذور عميقة في الأرض.‎ ‎لكن في المجتمع الفلسطينيّ، يؤسّس المرء مكانته على كونه وافدًا جديدًا نسبيًّا، كان أسلافه من عائلات شبه الجزيرة العربيّة التي رافقت الخليفة الثاني عُمَر بنَ الخطّاب، حين احتلّ واستعمر فلسطين البيزنطيّة في القرن السابع الميلاديّ.

فمحمود عبّاس نفسه، خليفة عرفات، اعترف أنّ الحضور المسيحيّ في المدينة المقدسّة سبق وصول أسلاف القيادة الفلسطينيّة الحاليّة.‎ ‎فإذ انتقد حماس لمهاجمتها مؤسسات مسيحية، أعلن عبّاس عام 2007: “إحدى أقدم الكنائس في فلسطين، التي كانت موجودة قبل وقتٍ طويل من وصولنا، جرى نهبها وإحراقها”.‎ ‎ولذلك، فإنّ الادّعاء أنّ الفلسطينيّين متحدّرون من السكّان القدماء لما هو اليوم إسرائيل رفضه عبّاس نفسه.6‎‏

الشعب اليهودي كشعبٍ أصيل

حتّى في وقت الغزوات العربيّة، كان اليهود لا يزالون أكبر مجموعة – وربّما أكثريّة مع السامريّين – في البلاد، بعد سنّة قرون من تدمير الرومان هيكلهم القديم وتفكيك الكيان اليهوديّ الثاني.‎ ‎ينتج هذا عن عمل البروفسور موشيه جيل التذكاري تاريخ فلسطين: 634 1099. 7 ثمة اعتقاد خاطئ شائع يفيد بأنه عقب الثورة الكبرى ضدّ الإمبراطوريّة الرومانية عام 70 للميلاد، ولا سيّما بعد تمرّد بار كوخبا عام 135، نُفي اليهود وأصبح حضورهم رمزيًّا.

يدحض عمل جيل بوضوحٍ سوء الفهم هذا للتاريخ اليهودي. فهو لا يقتبس مصادر مسيحيّة وغيرها تثبت بقاء حضور يهوديّ قويّ فحسب، بل يقوده بحثه أيضًا إلى الاستنتاج أنّ “السكان اليهود تكوّنوا من متحدِّرين مباشرين من أجيال اليهود الذين عاشوا هنا أيّام يشوع بن نون، بكلمات أخرى – منذ 2000 سنة”.

بدأ عدد السكّان اليهود في فلسطين يقلّ ردًّا على القوانين الشديدة التي فرضها الحكّام المسلمون الجُدد، مثل ضريبتَي الجزية (ضريبة رأس فُرضت على الأفراد غير المسلمين) والخراج (ضريبة أرض)، اللتَين جعلتا اقتناء الأرض مُستحيلًا.‎ ‎لكنّ كثيرًا من الأذى لحق بكميّات كبيرة من بقيّة المجتمع اليهودي، وفق جيل، نتيجةً للحملة الصليبية الأولى عام 1099 والاحتلال الأوروبي لفلسطين في العُقود التالية.

مع ذلك، فإنّ ارتباط الشعب اليهودي بوطنه التاريخيّ استمرّ، وقد قاموا بكلّ جهودهم للعودة على مرّ القرون.‎ ‎فبعد هزيمة المملكة الصليبيّة، هاجر 300 حاخام من بريطانيا وفرنسا إلى فلسطين عامَ 1211.‎ ‎ازدادت وتيرة هجرة اليهود من إسبانيا وإيطاليا إلى درجة أنّ البابا مارتن الخامس (1363 – 1431) منعَ مالكي السفن والقباطنة من نقل اليهود إلى الأرض المقدسة عام 1428.

في عهد محاكم التفتيش الإسبانية عام 1492، تبعت موجة أخرى من الهجرة اليهوديّة إلى الإمبراطورية العثمانيّة عامّةً، وفلسطين خاصّةً، بعد احتلال العثمانيّين لها عام 1517.‎ ‎حدثت نهضة للحياة اليهودية في صفد وطبريّا في القرن السادس عشر، مثّلها تفويض السلطان سليمان القانونيّ للدون يوسف ناسي بإسكان اليهود في طبريّا والقرى المحيطة عام 1651.‎ ‎تظهر دراسة الإحصاءات السكّانية العثمانيّة أنّ آلافًا من اليهود كانوا يعيشون في قرى الجليل في أوائل القرن السادس عشر، بينما شكّل اليهود أكثرية سكّان صفد بحلول عام 1567.‎ ‎وكانت هناك بضع عائلات بإمكانها أن تُرجع أصولها إلى فترة الهيكل الثاني.

بحلول بدايات القرن التاسع عشر، عادت موجات هجرة يهوديّة جديدة إلى البلاد، مدفوعةً غالبًا بالمعتقدات المسيّانيّة الراسخة، عوضًا عن النظريات الاستعماريّة.‎ ‎كان هناك إيمان مشترك بين يهود الشتات بأنّ العام العبري 5000 (1840 للميلاد) كان تاريخ فداء إسرائيل.‎ ‎ليس من المدهش إذًا أن نجد أنه وفقًا لتقارير عديدة، تضاعف السكّان اليهود في فلسطين بين عامَي 1808 و1840.

في عملٍ إعلان شفّاف في شباط 2010، ذهب ناشطون أجانب إلى قرية بلعين في الضفة الغربية وأقنعوا متظاهرين فلسطينيين بدهن أنفسهم بالأزرق بحيث يبدون مثل الشعب المستعمَر من فيلم الخيال العلميّ الشهير “أفاتار”، وبالتالي تعزيز الرواية الفلسطينيّة أمام الإعلام العالميّ بأنّ الصراع الإسرائيليّ – الفلسطينيّ هو بين شعب عربيّ أصيل ووافدين يهود جُدُد.

لكنّ التحقّق من الحقيقة لم يكن أبدًا هدف أولئك الساعين إلى إضفاء صبغة كولونياليّة على إسرائيل.‎ ‎إنّ إعادة السكّان اليهود إلى ما أصبح إسرائيل كانت عمليّة تاريخيّة بدأت قبل قرون من مجيء البريطانيّين.‎ ‎كان هدف ناشري هذه الرواية ببساطةٍ دعمَ الاستنتاج أنّ اليهود أتَوا كقوّة غريبة إلى فلسطين الانتدابيّة، ليعزّزوا المصالح الإمبرياليّة الأوروبيّة، بدلًا من النظر إليهم بصفتهم شعبًا استعاد وطنه التاريخيّ، الذي له فيه جذور عميقة، أصيلة.

اقرأوا المزيد: 1934 كلمة
عرض أقل