دلالة أخرى على انفتاح المجتمع والتفاعل الاجتماعي المتنامي في العالم العربي. بعد نجاح موقعي فيسبوك وتويتر بإشعال وتنظيم شباب ثورة “الربيع العربي” بإسقاط الأنظمة القمعية، جاء دور نجم جديد وناجح بتجنيد ليس فقط الناس في الشارع بل أيضًا القادة أنفسهم: الإنستجرام.
في الأشهر الأخيرة اكتسب الإنستجرام، برنامج تبادل الصور، زخمًا كبيرًا. سبب ازدياد استخدامه بسيط: يريد المزيد من الأشخاص نقل نمط حياتهم من خلال الصور، مشاكلهم، مقاطع فيديو من المظاهرات، شهادات على جرائم وكشف عمليات الفساد.
إلا أنه لا يقتصر استخدام الموقع فقط على العامة من الشعب، وقد أدرك أيضًا حكام الدول العربية أن عليهم المشاركة بهذه الثورة وتشغيل آليات العلاقات العامة من خلال مشاركة صور ومقاطع فيديو قصيرة تتعلق بنشاطاتهم الآنية. زيارة المرضى في المستشفيات، حفلات أعياد الميلاد العائلية، صور مع ضباط جيش متميّزين، محادثات مع مسؤولين حكوميين رفيعي المستوى وغير ذلك.
وتستخدم شخصية بارزة جدًا الإنستجرام بشكل كثيف، وهو حاكم دبي، نائب رئيس دول الإمارات العربية المتحدة، الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم. يقدم حساب الإنستجرام الفاخر جدًا لمواطني دبي فكرة عن الخدمات التي يمنحها الحاكم لمواطنيه، عن المشاريع الاقتصادية التي يقوم بها، الزيارات إلى مسابقات فاخرة – مثل مسابقة فن الطيران التي شارك بها مؤخرًا والمشاركة بالمباريات وسباقات الخيول. يهدف استخدام آخر للإنستجرام أيضًا إلى تعزيز مكانة الحاكم وإعطاء مكان لعبادة شخصه. وعلى سبيل المثال، فقد احتفل الشيخ آل مكتوم قبل شهر بالعام الثامن له في الحكم وبمناسبة هذا الحدث طلب من مواطنيه تصوير أنفسهم وهم يشكرونه ويشكرون رئيس الاتحاد، الحاكم خليفة بن زايد آل نهيان.
تستخدم النساء أيضًا الإنستجرام: فتحت الملكة رانية، منذ فترة قصيرة، حسابًا لها في برنامج تبادل الصور الإنستجرام وطوال الوقت تقوم بعرض صور عائلية على حسابها بهدف تقريب العائلة المالكة إلى الشعب قدر الإمكان. فعلى سبيل المثال، قامت برفع صور الملك عبد الله وهو يحتفل بعيد ميلاد ابنه الأصغر الأمير هاشم وأيضًا صورة ملفتة تجمع الملك عبد الله مع ابنه، ولي العهد، الأمير حسين، خلال لقاء عمل مع وزير الخارجية الأمريكي، جون كيري. في مقابلة صريحة لها مع قناة العربية منذ مدة قصيرة، تحدثت المكلة رانية عن أهمية العائلة وأهمية القيم التي تزرعها في نفوس أبنائها، خلال وجبات العشاء العائلية للعائلة المالكة وعن قدسية يوم الجمعة واجتماع العائلة خلال وجبات الغداء.
أيضًا على الحلبة السورية النازفة، يعمل إنستجرام التابع للرئيس بشار الأسد لساعات إضافية. بخلاف ما هو متوقع لا يمكن من الإنستجرام الرئاسي أن نرى أضرار الحرب الأهلية الدائرة في سوريا، التي حصدت حتى الآن أرواح 140000 شخص وشردت الملايين من اللاجئين، بل صور بشار الأسد وزوجته أسماء وهما يزوران مسؤولين في الحكم، مواطنين قدماء ونساء فقدن مقربين لهن في الحرب، منح أوسمة شرف لشعراء لبنانيين أو سوريين على وقفتهم الشجاعة إلى جانب النظام، المشاركة بعروض عسكرية وزيارات أسماء الأسد إلى مدارس وتشجيع الطلاب في فترة الامتحانات.
الصورة التي أخذت زخمًا مؤخرًا ولفتت الانتباه على الشبكة هي صورة بشار وهو متجه إلى القصر الرئاسي وهو يحمل حقيبة يد سوداء في ساعات الصباح الباكر لممارسة مهامه اليومية المعتادة.
هنالك ميدان آخر يحدث فيه تغيير كبير وهو المملكة العربية السعودية، حيث تأخذ هناك شبكة التواصل الاجتماعي تويتر زخمًا كبيرًا وملفتًا. ربما تخطى الربيع العربي السعودية في السنوات الثلاث الفائتة، ولكن عصر شبكات التواصل الاجتماعية لم يتوقف بالطبع على أبواب المملكة المتزمتة. عدد مستخدمي التويتر فيها هو الأعلى في العالم العربي (المرتبة السابعة عالميًا) وعدد مستخدمي اليوتيوب هو الأعلى عالميًا نسبيًا.
وتسود داخل العائلة المالكة أجواء من القلق بأن تكون شبكات التواصل الاجتماعية مسرعًا لتفجر احتجاج شعبي، والذي اقتصر حتى الآن على عشرات النساء اللواتي أمسكن مقاود سيارات وبضع مظاهرات للشيعة في المناطق الغنية بالبترول. اختار غالبية السعوديين البقاء في البيت، إلا أن متابعة للكلام المتناقل عبر الشبكات يظهر عدم الرضى من أداء العائلة المالكة. نقاشات حول الفساد، البطالة وعن مكانة المرأة حتى، شائعة فيها. وعلى سبيل المثال، كانت إحدى الحملات التي أخذت صدى كبير على الشبكة، “Women2Drive” التي هدفت إلى تشجيع المرأة على كسر حظر السماح لهن بقيادة السيارة. حتى الآن نجحت المملكة بمواجهة كل التيارات الثورية وتحديدًا بسبب الثراء الفاحش الذي يتيح لها شراء معارضين من الداخل ودعم من الخارج.