امرأة يزيدية تشارك في مراسم دينية في معبد لالش(AFP)
امرأة يزيدية تشارك في مراسم دينية في معبد لالش(AFP)

الكرد اليزيديون ضحایا التعریب والصهر القومي

لا شك أن الناشطة اليزيدية نادیة مراد هي ضحیة من ضحایا داعش المجرمة، لكنها هي والكثیر من الكرد الآخرین ومنهم الیزيدیين، هم قبل کل شيء ضحایا عملیات التعریب وغسل الدماغ والاضطهاد والصهر القومي

تحت عنوان “فرّت من داعش وألقت خطابا في البرلمان الإسرائيلي” ، بتاریخ 25 يوليو 2017، کتب الأستاذ عامر دکة، في الموقع الإخباري “المصدر”، أن الناشطة اليزيدیة نادیة مراد زارت إسرائیل، وألقت کلمة في الكنیست الإسرائیلي حول ما تعرضت له هي والیزيدیون من تعذیب وقتل وإبادة واغتصاب وکل أنواع الجرائم من قبل عصابات داعش المجرمة. ما جلب انتباهي أنە في کل ما کتبه الأستاذ دکة وفي کل ما قالته الناشطة مراد، لم تذکر ولو بكلمة “کرد، شعب کردي أو کردستان”، بل تتكرر عبارة “الشعب الیزیدي”.

الناشطة الأيزيدية، نادية مراد (تصوير Israaid)
الناشطة الأيزيدية، نادية مراد (تصوير Israaid)

أعرف مقدما أن کلمة شعب، یمكن أن تفسر قانونیا ولغویا وسیاسیا واجتماعیا ودینیا وفلسفیا، تفسیرات مختلفة ولكن کل التفسیرات تتفق علی کون الشعب (بالإنجليزية: People): هي لفظة مفردة (جمعها: شعوب)، تستخدم عادة للإشارة إلى مجموعة من الأفراد أو الأقوام ينتمون إلى فئة ما، قد تكون أمة، طبقة، مجموعة إثنیة، بلد، عائلة، مجتمع، يعيشون في إطار واحد من الثقافة والعادات، ضمن مجتمع واحد وعلى أرض واحدة، ومن الأمور المميزة لكل شعب هي طريقة تعاملهم وشكل العلاقات الاجتماعية التي تتكون في مجتمعات هذا الشعب، إضافة إلى أسلوب العقد الاجتماعي بين أفراد الشعب . حسب هذا التعریف، فإن اليزيديين کما الكثیر من سكنة المعمورة یدرجون في إطار الشعوب، لكنهم وحسب کل التعاریف والدراسات التاریخیة والاجتماعیة والإثنیة، لیسوا سوی جزءا من أبناء الأمة الكردیة ومناطق سكناهم ومعابدهم وأماکنهم المقدسة، جزء من أرض کردستان، کما أن هناك أعدادا کبیرة منهم یتواجدون في المهجر.

حسب الموسوعة البریطانیة (Encyclopædia Britannica): الیزيدیون “أعضاء أقلیة دینیة کردیة، یتواجدون في شمال العراق، جنوب غرب ترکیا، شمال سوریا، القفقاس وأقسام من إیران. تتضمن دیانتهم عناصر من الدیانات الإیرانیة القدیمة وکذلك من الدیانات الیهودیة والنسطوریة المسیحیة والإسلام. تتراوح أعدادهم ما بین 200000 – 1000000 شخصا”. وحسب الموسوعة الإیرانیة (Encyclopædia Iranica): الیزيدیون “أقلیة دینیة کردیة، تتناقض تعالیمهم مع الدیانة السائدة للأکثریة أي الدیانة الإسلامیة. یعیشون في شمال العراق، شمال سوریا، جنوب ترکیا والقفقاس وکذلك المهجر في أوربا. لغتهم التي یتحدثون بها هي اللغة الکردیة (اللهجة الشمالیة أي الکرمانجیة)، کما أن اللغة الکردیة هي لغة الثقافة والتعالیم والتقالید الدینیة المحکیة والشفهیة الإیزدیة” . کما أن هناك من یٶکد علی أن اليزيديین (بالکردیة: Êzidî أو ئێزیدی) هي مجموعة عرقیة دینیة تتمركز في العراق وسوريا. يعيش أغلبهم قرب الموصل ومنطقة جبال سنجار في العراق، وتعيش مجموعات أصغر في ترکیا، وسوریا، وألمانیا، وجورجیا وأرمینیا. ينتمون عرقيًا إلى أصلٍ كرديٍ ذي جذور هندو – أوروبية.

يتكلم اليزديون اللغة الكرمانجیة. صلواتهم وأدعيتهم وجميع طقوسهم الدينیة، باللغة الکرمانجیة. يرى الكثير من اليزيديين أنفسهم كرد القومية. جاء في المنجد: “الیزیدیة، عقیدة دینیة تقوم علی تقدیس الشیطان. نسبتها إلی یزد أو یزدان من آلهة الزرادشتیین الإیرانیین. أتباعها من الأکراد، نحو 50000 ن. یعیش معظمهم في شمالي العراق لا سیما في قضاء سنجار بمحافظة نینوی، منهم جماعات في تورکیا ونواحي حلب. أشهر أولیائهم الشیخ عدي بن مسافر، صاحب “کتاب الجلوة”، وکتاب “مصحف روش” من الكتب المقدسة عندهم” .

ضریح الشیخ آدي من الداخل

الموسوعتان البریطانیة والإیرانیة والمصادر الأخری، تٶکد جمیعها علی کون الیزيدیین کردا من الناحیة القومیة ویسكنون أرض کردستان (فشمال العراق وجنوب شرق ترکیا وشمال سوریا ما هي إلا کردستان) ولغتهم هي اللغة الكردیة، وهي لغتهم الأولی ولغة الأم عندهم، والکرمانجیة ماهي إلا لهجة من لهجات اللغة الکردیة.

للیزدیین کتابان مقدسان هما: “کتاب جلوة، بكسر الجیم” والذي یعني: کتاب النور، کتاب الإشراق أو کتاب الضیاء. فحسب اعتقاد الیزيدیین فإن الكتاب عبارة عن کلمات وأقوال “طاوس ملك”، الذي یعتبر أقدس وأعظم الملائکة عند الیزيدیین. ففي الميثولوجيا اليزيدية طاووس ملك قد تجسد في الشیخ عدي بن مسافر (بالکردیة: شیخ آدي). أما الكتاب الآخر فهو “مسحفا رش” أي “المصحف الأسود”، فكلمة “رش” والتي تكتب بالكردیة “ڕەش” تعني “أسود”. الكتابان مكتوبان باللغة الكردیة. کلمة الیزيدیة، مصدرها “إیزد أو إیزدان، بالکردیة: ئێزدان أو یزدان” وتعنی الإلە أو اللە في اللغة الکردیة واللغات الإیرانیة الأخری. صلوات الیزيدیین وکل الطقوس الدینیة والأدعیة عندهم تتلا وتقال باللغة الكردیة. الیزيدیون یحجون إلی “لالش”، التي تعتبر قبلتهم و محجهم وأقدس بقعة في العالم حسب اعتقادهم، وتقع لالش بالقرب من مدینة دهوك في کردستان ويعد من أقدم المعابد في كردستان، حيث تُرجع بعض المصادر تاريخه إلى القرن الثالث قبل الميلاد.
لالش، أقدس بقعة في العالم عند الیزيدیین

لو عدنا قلیلا إلی التاریخ لنجد أن الأنظمة والسلطات العربیة الحاکمة في العراق وعلی مر التاریخ، حاولت دوما تعریب الیزيدیین وطمس و مسح هویتهم القومیة الكردیة، مستغلة کونهم من دین لیس دین الأکثریة. ما تقولە مراد عن “العودة إلی العراق وأن العراق هو بلد المستقبل للیزيدیین”، تأتي من کونها هي وغیرها من الیزيدیین والكثیر من أبناء الکرد الآخرین، تحت تأثیر عملیات التعریب وغسل الدماغ وطمس الهویة المستمرة والمبرمجة التي تعرض لها الكرد، ولا زالوا، طیلة مئات من السنین في العراق ومن قبل العنصریین العرب. إذا کانت الأکثریة الكردیة المسلمة تعرضت لتلك العملیات السیئة الصیت فقط لکونهم کردا، فاليزيدیون تعرضوا لها أضعافا لکونهم کردا وغیر مسلمین.

کما الحال بالنسبة للكرد الفیلیین، الذین یسكنون بغداد ومناطق جنوب کردستان، ففي ظل الأنظمة العراقیة العربیة القومیة السنیة البعثیة، تعرضوا أیضا أضعافا لعلمیات التعریب والتهجیر والإبادة لکونهم کردا وشیعة في نفس الوقت. الكرد، بكل شرائحهم وأدیانهم المختلفة في کردستان العراق، تعرضوا وعلی مرور الزمن وبشكل مبرمج ومخطط لعملیات الصهر القومي. لم یكن الحال لا من قبل ولا الآن بالنسبة للكرد في ترکیا وسوریا وإیران بأحسن مما کان علیە الکرد في العراق. هنا أود الإشارة إلی مثال واحد من آلاف الأمثلة علی سیاسة الصهر القومي تجاە الكرد في العراق:

في أواخر خریف سنة 1977 کنت قد سافرت من أربیل “بالکردیة: هەولیر”، التي کنت أعمل فیها في مجال الإحصاء، إلی سیمیل، القریبة من دهوك، ومن هناك إلی قریة اسمها “قصریزدین”، لزیارة خطیبتي، التي بدأت عملها کمعلمة في تلك القریة وفي تلك السنة الدراسیة. سكان القریة کلهم کانوا من الكرد الیزيدیین. کان علي التأکد من وسائل النقل وکیفیة الذهاب إلی تلك القریة. لم يكن هناك في تلك الأیام لا إنترنیت ولا الحاسوب ولا الهاتف الجوال ولا حتی الهواتف الأرضية.

وصلت إلی سیمیل وسألت حول کیفیة الذهاب إلی قصریزدین. دلوني علی مكان لوقوف السیارات التي تنقل المسافرین إلی القری المحیطة بالمنطقة. وصلت المكان، وجدت عددا من الجیبات وسیارات اللاندروفر وغیرها وسألت عن السیارة التي تغادر إلی قصریزدین فأشاروا إلی سائق، بأنە هو الذي سیغادر وینتظر حتی تمتلئ السیارة بالرکاب. عندما رأیت السائق، الذي کان شخصا ذو وجە بشوش، ممتلئ الجسم، ذو شوارب غلیظة علی عادة الكثیر من الیزيدیین، لابسا دشداشة و کوفیة حمراء وعقالا غلیظا، أي ملابس عربیة بالکامل، فتصورتە عربیا.

سلمت علیە بالعربیة و أخبرتە بأنني أود الذهاب إلی قصریزدین. کان بشوشا ولطیفا معي وکرمني أن أجلس بجنبە في السیارة. عند إکمال العدد بدأ صاحبي قیادة السیارة. في الطریق سألني: من أين جئت؟ ولماذا أذهب إلی قصریزدین؟ من أعرف هناك؟ کم أبقی هناك، ماذا وأین أعمل وکثیر من الأسئلة الجانبیة الأخری؟ کما هي العادة لدی الکثیر من الناس في مجتمعاتنا وبلداننا الشرق – أوسطیة. أجبتە بالكامل ودون أن أخفي شیئا أو أتملص من الإجابة عن سٶال. کنا نتحاور باللغة العربیة. وبعد أن تأکد لە أني قادم من أربیل وقد تم نقلي عنوة من کرکوك، ضمن عملیة تعریب وتهجیر الكرد من کرکوك، عندذاك إطمأن إلي کوني کردیا، غیر مواليا للسلطات الحكومیة، ففتح قلبە وقال بلغة کردیة فصیحة: أنا أیضا کردي. قلت: یرحمك اللە، کیف لي أن أعرف أنك کردي وأنت بكل هذە الملابس العربیة و تتحدث العربیة بهذە الطلاقة! قال:”ماذا أفعل، أنا مجبر للبس هذا الزي العربي. لقد کنت أحد أفراد البیشمرکة (بالكردیة: پێشمەرگە)، بل وآمرا لفصیل منهم، أثناء ثورة أیلول تحت قیادة الرئیس الراحل مصطفی البارزاني. بعد انتكاسة الثورة في 1975 رجعت إلی هنا کي أسكن في قریتي مع أهلي وعائلتي.

وتابع: الحكومة العراقیة بدأت حملة تعریب في المنطقة وأجبرت کل الیزيدیین علی تغییر قومیتهم الكردیة إلی القومیة العربیة وأجبروهم علی لبس الزي العربي بدل الزي الكردي وأنا واحد من هٶلاء المغضوب علیهم. منذ ذلك التاریخ نعتبر عربا، في کل السجلات الرسمیة الحكومیة. لکن قلبي، عقلي، فکري، لغتي وکل أحاسیسي کردیة ولازلت أتقد للثورة وکلي حماس وأنا علی أهبة الاستعداد للانخراط مرة أخری في صفوف البیشمرکة والثورة الکردیة لمقاتلة الغاصبین والمحتلین”.

ما أودە هو أن، مع إیماني المطلق بأن الانتماءات القومیة والعرقیة قابلة للتغییر، والقومیة هي إحساس وثقافة قبل أي شيء آخر- أن نادیة مراد، هي ضحیة من ضحایا داعش المجرمة، لكنها هي والكثیر من الكرد الآخرین ومنهم الیزيدیون، هم قبل کل شيء ضحایا عملیات التعریب وغسل الدماغ والاضطهاد والصهر القومي.

اقرأوا المزيد: 1287 كلمة
عرض أقل
امرأة إسرائيلية تتظاهر في القدس دعما للإستقلال الكردي (AHMAD GHARABLI / AFP)
امرأة إسرائيلية تتظاهر في القدس دعما للإستقلال الكردي (AHMAD GHARABLI / AFP)

الإسرائيليون يكتبون عن الاستفتاء الكرديّ: “اليوم نحن أكراد”

موجة من تصريحات التضامن والدعم لاستقلال الأكراد تغمر شبكات التواصل الاجتماعي في إسرائيل، رغم الصمت النسبي من جهة السياسيين

بينما تطرق السياسيون الإسرائيليون قليلا إلى الاستفتاء الشعبي الكرديّ في الأيام الماضية، ربما بناء على طلب رئيس الحكومة، لا يبقى الإسرائيليون لا مبالين.

يبدو أنهم كانوا متحمسين بسبب رفع أعلام إسرائيل إلى جانب العلم الكرديّ في المظاهرات الكرديّة قُبَيل الاستفتاء الشعبي. “أنا كرديّ اليوم”، صرح مئات الإسرائيليين بالعبرية في شبكات التواصل الاجتماعي وليس مَن تعود أصولهم إلى إقليم كردستان. كُتِبت في الفيس بوك وتويتر بالعبرية  رسائل تضامن كثيرة دعما لجهود الأكراد للحصول على الاعتراف باستقلالهم.

ربما يعود صمت السياسيين إلى تهديد أردوغان أن تركيا ستقطع علاقاتها الدبلوماسية مع إسرائيل، أو خوفا من أن يؤدي دعم استقلال كردستان إلى ضغط على الإسرائيليين للاعتراف باستقلال الفلسطينيين.

كتب محلل يميني مسؤول اليوم صباحا في صحيفة “يديعوت أحرونوت” أنه “استراتيجيا وأخلاقيا، على إسرائيل دعم استقلال كُردستان”. وتطرق أيضا إلى المقارنة بين رغبة الأكراد والفلسطينيين في الاستقلال مدعيا أن “الفارق بين الأكراد والفلسطينيين يكمن في القدرة على الصمود كدولة مستقلة وثمن هذا الاستقلال. تمثل استقلاليّة الفلسطينيين مسا بإسرائيل… بالمقابل، فإن استقلال الأكراد يشكل استقرارا في المنطقة. هذا هو الفارق باختصار”.

قال الدبلوماسي الإسرائيلي، رون بروسور، السفير الإسرائيلي السابق في الأمم المتحدة في مقابلة معه أمس (الثلاثاء) إن “على إسرائيل دعم استقلال الأكراد كما تعمل في يومنا هذا. يشكل استقلال كردستان بوساطة بين سوريا وتركيا والعراق مصلحة إسرائيلية استراتيجية. ولكن دون علاقة بالموضوع، يستحق الأكراد إقامة دولة مستقلة، وهذه هي الخطوة الصحيحة أخلاقيا، وعلى إسرائيل أن تعمل على دفعها قدما في العالم”.

مقارنة بغالبية السياسيين، غرد خصوم نتنياهو، غدعون ساعر، في توتير كاتبا “آمل أن تكون إسرائيل الدولة الأولى التي تعترف باستقلال كرستان العراق في حال دعم الأغلبية لتحقيق هذا الاستقلال”.

في الماضي، صرح مسؤولون إسرائيليّون عن دعمهم لاستقلال كُردستان. قبل أسبوعين، قال نتنياهو: “تدعم إسرائيل الشعب الكردي في جهوده لتحقيق استقلاله”، وبالمقابل، أعرب عن تحفظه من حزب العمّال الكردستانيّ مشيرا إلى أنه تنظيم إرهابي.

اقرأوا المزيد: 283 كلمة
عرض أقل
أكراد سوريون يحتفلون بالاستفتاء (AFP)
أكراد سوريون يحتفلون بالاستفتاء (AFP)

10 حقائق لم تعرفوها عن الأكراد

الجذور القديمة، العيش في ظلّ أنظمة عدائية، مقاتلو البيشمركة الذين ساهموا في إسقاط صدّام حسين، والكفاح المستمرّ من أجل الاستقلال - هذه هي قصة الأكراد في الشرق الأوسط

26 سبتمبر 2017 | 09:47

يراقب العالم كله عن كثب نتائج الاستفتاء الذي نفذه إقليم كردستان على الانفصال عن العراق، أمس الأحد، ومر بهدوء داخل الإقليم، رغم العاصفة الذي اثارها في الدول المجاورة المعارضة لهذه الخطوة التي أقدم عليها الأكراد. تعرفوا أكثر إلى الشعب الكردي الذي يطالب بالاستقلال.

1. العدد الكلّي للأكراد في العالم غير معروف، ويقدّر بعشرات الملايين. تتحدث التقديرات الأكثر تواضعًا عن وجود بين 25 إلى 30 مليون كردي، ولكن هناك من يزعم أنّ عددهم الحقيقي يصل إلى 40 مليون أو أكثر. الدولة التي يعيش فيها أكبر عدد من الأكراد هي تركيا، والتي يقيم فيها نحو 10 ملايين كردي ويتركّزون في شرق البلاد. يعيش في إيران نحو 7.5 مليون كردي، وفي العراق يعيش نحو 6.5 مليون كردي، وفي سوريا يعيش نحو 2.5 مليون كردي.

2. أيضًا في الدول التي تقع على الحدود مع تركيا وإيران تعيش بعض المجتمعات الكردية غير الصغيرة: ففي أرمينيا، أذربيجان وجورجيا يعيش نحو 200,000 كردي. أبعد من ذلك، فهناك نحو مليون ونصف مليون كردي هاجروا إلى دول أخرى، وخاصة في أوروبا. في ألمانيا، والتي فيها عدد كبير من المقيمين الأجانب، يقترب عدد الأكراد إلى نحو 800,000.

3. يتحدث معظم الأكراد أكثر من لغة واحدة: الكردية، بالإضافة إلى لغة البلاد التي يعيشون فيها (عادة: العربية، الفارسية أو التركية). واليوم، اللغتان الكرديتان الأكثر تحدّثا هما كرمنجي التي يتمّ التحدّث بها بشكل أساسي في شمال كلّ من: تركيا، سوريا، شمال العراق وشمال إيران، وسوراني التي يتمّ التحدّث بها بشكل أساسي في كردستان العراق وفي إيران. هناك فروقات كبيرة بين اللغتين، وهناك باحثون يرون أنّ الفرق بين كرمنجي وسوراني كبير مثل الفرق بين الإنجليزية والألمانية.

نساء كرديات مع أعلام إقليم كردستان العراق (AFP)
نساء كرديات مع أعلام إقليم كردستان العراق (AFP)

كانت مكانة اللغات الكردية موضوعًا لصراعات كثيرة على مدى السنين. في تركيا، تم منع استخدام الكردية في وسائل الإعلام تمامًا بين عامي 1980 – 1991. وأيضًا في ظلّ حكم بشار الأسد في سوريا قام النظام بمنع استخدام اللهجة الكردية. لا تتوفر في إيران إمكانية لتعليم اللغة الكردية في المدارس العامة. وتكشف تركيا في السنوات الأخيرة عن انفتاح متزايد على استخدام اللغة الكردية، حيث تسمح بها في الإعلام، المدارس، إشارات الطرق وفي الوثائق الرسمية (كشهادات الزواج على سبيل المثال).

4. الغالبية العظمة من الأكراد هم مسلمون سنّة، ولكن ليس جميعهم. وفقًا للتقديرات، فإنّ 85% من الأكراد هم مسلمون، من بينهم نحو 65% من السنّة. في الواقع، فالأكراد هم المجموعة السكانية السنية الأكبر والوحيدة التي تعيش في إيران. 10% منهم مسلمون شيعة، وهم يتركّزون بشكل أساسي في محافظتي كرمانشاه وعيلام. ويأتي الأكراد الآخرون من أديان مختلفة بما في ذلك اليزيديون، الأرمن، الآشوريون، النساطرة واليهود.

5. من غير الواضح تمامًا حتى اليوم أصل الكلمة “أكراد”. ومع ذلك، يعتقد الكثيرون أنّ اسم “أكراد” كان موجودًا على مدى مئات السنين حتى قبل تشكّل الأكراد كمجموعة عرقية متميّزة. كان المعنى الأصلي للمصطلح هو: قبائل إيرانية بدوية. وكان الاستخدام الأول للكلمة باللغة الفارسية الوسطى، التي كانت سائدة في عهد الإمبراطورية الساسانية، ومن هناك توالت إلى العربية منذ الأيام الأولى للإسلام.

مجموعة اكراد في طريقهم من تركيا إلى كوباني ( AFP PHOTO/BULENT KILIC)
مجموعة اكراد في طريقهم من تركيا إلى كوباني ( AFP PHOTO/BULENT KILIC)

6. يبلغ تعداد يهود كردستان نحو 130,000 شخص، ويعيشون اليوم بشكل أساسي في إسرائيل. تحدّث يهود كردستان على مرّ التاريخ باللهجة الآرامية، التي يشتركون فيها أيضًا مع الآشوريين الذين يعيشون في المنطقة. عاش اليهود الأكراد في جميع أنحاء كردستان، ووصلوا من أورمية التي في إيران شرقًا حتى القامشلي السورية وأورفة التركية في الغرب. وهناك مدن أخرى عاش فيها يهود كردستان مثل أربيل، كركوك والسليمانية في العراق، وزاخو التي تقع على الحدود العراقية التركية وغيرها.

في سنوات الخمسينيات من القرن العشرين، وفي إطار هجرة يهود العراق إلى دولة إسرائيل الفتية، هاجر أيضًا جميع يهود كردستان العراق إلى إسرائيل. وبقيت بعد ذلك عشرات الأسر اليهودية فقط في المناطق الكردية.

اليهودي الأكبر سنّا في العالم اليوم هو حاخام كردي، واسمه زكريا براشي. يقيم براشي البالغ من العمر 114 عامًا في القدس.

ذُكر في السنوات الأخيرة أنّ حالة يهود القامشلي، الذين هم في الواقع أقلية داخل أقلية، عانت كثيرًا من نظام بشار الأسد.

7. معنى اسم البيشمركة – وهي المليشيات الكردية المقاتلة من أجل استقلال كردستان منذ سقوط الإمبراطورية العثمانية في نهاية الحرب العالمية الأولى – هو “الذاهبون إلى الموت” في اللغة الكردية. كان للبيشمركة دور مهم في إلقاء القبض على عدوّهم اللدود صدام حسين عام 2003، وساهموا أيضًا في الجهود الاستخباراتية للقبض على أسامة بن لادن.

اكراد يحطمون تمثال صدام حسين في كركوك (AFP)
اكراد يحطمون تمثال صدام حسين في كركوك (AFP)

8. التنظيم الكردي الأكثر شهرة في العالم هو كما يبدو حزب العمال الكردستاني، المعروف باسم PKK. هذا الحزب هو جماعة مسلّمة ذات أيديولوجية قومية كردية وماركسية، وقد تأسست في أواخر سنوات السبعينيات من القرن العشرين في تركيا على يد عبد الله أوجلان. وتعامل الكثيرون مع الحزب باعتباره تنظيمًا إرهابيّا بكلّ معنى الكلمة.

حدثت غالبية الأعمال الإرهابية التي قام بها التنظيم في تركيا، حتى تلك التي تم تنفيذها خارج البلاد تم توجيهها ضدّ أهداف تركية. وقد برّر الـ PKK كفاحه المسلّح بدعوى القمع المتواصل والموجّه للأكراد من قبل السلطات التركية. إحدى أبرز النماذج الرئيسية التي قُدّمتْ لتوضيح القمع كان القانون الذي تمّ سنّه عام 1983 والذي خُصّص، وفقًا للأكراد، لشطب لغتهم وهويّتهم القومية.  أصبح التنظيم أكثر اعتدالا في السنوات الأخيرة، ودعا إلى وقف العمليات العدائية ضدّ تركيا مقابل ضمان الحقوق الجماعية للأكراد.

9. إنّ أسباب عدم حصول الأكراد على الاستقلال السياسي كثيرة ومتنوّعة: السبب الرئيسي هو مزيج من القمع التركي، السوري، الإيراني والعراقي خلال القرن العشرين كلّه. ولكن حتى بعد سقوط صدّام حسين وتحوّل كردستان العراق إلى شبه مستقلّة، فإنّ الصراعات الداخلية بين الأكراد في سوريا والعراق لم تسمح بشراكة حقيقية في المصالح.

مظاهرة لأكراد العراق (SAFIN HAMED / AFP)
مظاهرة لأكراد العراق (SAFIN HAMED / AFP)

10. يعتقد خبراء أنّ خطوات المصالحة الكردية مع الأتراك في العقد الأخير، إلى جانب تفكّك الجيش العراقي في القتال ضدّ داعش، هي التي ستمهّد الطريق في نهاية المطاف للاستقلال الكردي، بعد سنوات من النضال دون نتائج. ومع ذلك، فقد بدا في الصيف الأخير أنّ داعش قامت بضرب البيشمركة ضربات قاسية جدّا، ومن غير الواضح إذا ما كان الأكراد يستطيعون التعافي من ذلك. ستحدّد المعركة على كوباني إلى حدّ كبير التطلّعات الكردية للاستقلال السياسي، على أنقاض العراق وسوريا المحطّمتين.

اقرأوا المزيد: 903 كلمة
عرض أقل
الإرهاب في تركيا (AFP)
الإرهاب في تركيا (AFP)

الإرهاب في تركيا: دليل الحائرين

هناك عدة تنظيمات إرهابية ناشطة في تركيا، ذات أهداف مختلفة، أساس دعم مختلف، وطرق عمل خاصة. طالما تواصل الحكومة التركية عرض جميعها كجبهة إرهابية واحدة، ستفشل في مكافحة الإرهاب

بات الوضع في تركيا مربكا. بعد كل عملية إرهابية يبدأ المحللون فورا في طرح التساؤلات- الأكراد؟ داعش؟ وربما تنظيم فتح الله غولن، الذي حظي سابقا باختصارات خاصة به في تركيا ‎ FETO (Fethullah’s Terror Organization). هناك حتى حركة سرية ماركسية صغيرة تعمل ميدانيا. يُنشئ النشاط الموازي لكل هذه التنظيمات الإرهابية سلسلة من العمليات الإرهابية المقلقة تقوّض الاستقرار في تركيا.

يبدو الأمر معقّدا، ولكنه في الواقع بسيطا جدا. لدى كل واحد من هذه التنظيمات أجندة واضحة وتتفاوت فيما بينها. إن تحديد الأهداف وطرق العمل سيمكننا من فصل هذه الخيوط المتشابكة.

نبدأ تحديدا بالتنظيم الأخير، الأصغر والأقل أهمية. وهو الحركة السرية المعروفة باسم DHKP-C (اختصار بالتركية لـ “حزب التحرر الشعبي الثوري – جبهة”) هو بقايا راديكالية لحزب اليسار الثوري التركي المعروف بـ (DEV-SOL). عملياتها الإرهابية موجهة بشكل أساسيّ ضدّ الشرطة وأجهزة القانون التركية، وكذلك ضدّ أهداف أمريكية. ففي السنوات الأخيرة حاولت، من بين أمور أخرى، ضرب السفارة الأمريكية في أنقرة والقنصلية في إسطنبول. وكما هو حال الكثير من التنظيمات الإرهابية الماركسية العريقة بات التنظيم ينفّذ العمليات لكل من يدفع ثمنا أعلى.

عملية إرهابية في ملهى رينا في إسطنبول (AFP)
عملية إرهابية في ملهى رينا في إسطنبول (AFP)

FETO، تنظيم غولن، هو ليس تنظيما إرهابيا أبدا. يدعي الكثيرون في تركيا وخارجها أن رجل الدين التركي المقيم في الولايات المتحدة بنى منظومة مؤيدين من أجل السيطرة على تركيا. ربما يكون ذلك صحيحا. تسلل أعضاء التنظيم – الذي يسمي نفسه Hizmet (الخدمة بالتركية) – من خلال عمل بطيء وشمولي إلى مناصب رئيسية في الدولة من بينها الشرطة، منظومة القضاء وحتى في الجهاز الحكومي الرفيع، ولكن في بداية عام 2014 بدأ دفعهم خارجا وسُجن الكثير منهم، بعد أن انهارت إجراءات الكشف عن الفساد الكبير في القيادة ومحاولة إسقاط الحكومة.

شارك ضباط تم تعريفهم كأعضاء في تنظيم غولن في محاولة الانقلاب في تموز، ولكن وفقا لكل الشهادات فالحديث يدور عن حزب واحد فقط إلى جانب بعض المجموعات الساخطة في الجيش، وربما تعمل أيضا دون موافقة القائد. حتى اليوم لا تعرف ولا حادثة واحدة فيها إثبات مقنع حول مسؤولية التنظيم عن العمليات الإرهابية الواضحة. رغم ذلك، ادعت السلطات في تركيا أنّ قاتل السفير الروسي عضو في FETO، ولكن اعتمد الدليل على أدلة غير مثبتة لذلك لم يقتنع به أحدا. من المرجح أن أردوغان سيستمر في اتهام صديقه السابق في كل حادثة إرهابية لم يتم فك رموزها.

فتح الله غولن (AFP)
فتح الله غولن (AFP)

الأكراد، المجموعة الثالثة في القائمة، هم ليسوا مجموعة متجانسة حتى عندما يتعلق الأمر بعمليات إرهابية. عدّل تنظيم الـ PKK (حزب العمّال الكردستانيّ)، الذي بدأ طريقه كحركة سرية ماركسية، عن أيديولوجيّته نوعا ما مع مر السنين، ولكن لا يزال يشكّل تهديدا كبيرا على السيادة التركية في شرق الأناضول. بعد انهيار العملية السياسية قبل نحو عام ونصف بدأت حرب داخلية شاملة بين الجيش والشرطة التركية وبين قوات كردية تعمل بشكل سري. إلى جانب القتال المباشر ضدّ الجيش التركي (والذي أضر كثيرا بالكثير من المدن والقرى الكردية في شرق البلاد) يمتلك هذا التنظيم أيضًا ذراعا للعمليات الإرهابية، والذي يعمل بشكل أساسي ضدّ القوى الأمنية في شرق الأناضول.

عام 2004 بدأت تعمل حركة سرية كردية جديدة تحت اسم TAK (اختصار صقور حرية كردستان)، والتي انشقت عن الـ PKK على خلفية استعداد الحركة القديمة بالتوصل إلى تسوية سياسية مع تركيا. هناك من يدعي أنّ هذا التنظيم ليس سوى تغطية لعمليات مثيرة للجدل لـ PKK، ولكن الأرجح أنّه فرع متطرف للحركة السرية. في السنوات الأخيرة، تنفذ حركة “الصقور” معظم العمليات الإرهابية في تركيا. أهدافها الإرهابية بشكل أساسيّ هي عناصر الجيش والشرطة، وتشكل السيارات المفخخة التي قتلت عناصر شرطة قرب إستاد باشيكتاش والجنود في الشاحنة في مدينة قيصرية في الأسابيع الماضية أمثلة واضحة على ذلك. إلى جانب هذه الأهداف تشمل أهداف هذه الحركة السرية أيضًا مكاتب الحكومة والإدارات المحلية، بشكل أساسيّ في الشرق، وكل المتعاونين مع الحكومة التركية في أوساط القرويين الأكراد.

https://www.youtube.com/watch?v=NtAbUuFLL9E

المجموعة الرابعة، داعش، وهي ليست انتقائية في أهدافها، كما نعلم جيدا، ولكنها تبذل تفكيرا استراتيجيا في اختيار أهدافها أيضا. ففي السنوات الأخيرة نفذت كل عملياتها تقريبا ضدّ مدنيين. أهداف التنظيم هي أولا زيادة التوتر بين الحكومة التركية وبين الأكراد. كانت تهدف العملية في المدينة الحدودية الريحانية وسلسلة العمليات في مدينة ديار بكر إلى الإضرار بالأكراد وزيادة عدم الثقة بينهم وبين الحكومة. هكذا تكون مكاسب داعش مزدوجة- إضعاف الجبهة الكردية ضدّها، وتوجيه الجهود التركية إلى نحو التعامل مع التمرّد الكردي. على المدى القريب المأساوي ساعدت الحكومة التركية داعش في المراحل الأولى، وتجاهلت عملياتها سامحة لها بالتموضع في تركيا. بل هناك من يدعي أنّها استخدمتها لتنفيذ عمليات معينة ضدّ خصوم داخليين. في 2015 فقط، تحت ضغوط غربية، غيرت الحكومة سياستها وبدأت بمكافحتها.

إلى جانب هدف الإضرار بالعلاقات الكردية التركية الواضح، يسعى عناصر داعش إلى الانتقام من الحكومة التركية التي أصبحت عدوّا والإضرار بالأمن الشخصي في تركيا، في الاقتصاد والسياحة. العملية الضخمة في أنقرة قبل نحو عامين، العمليات في شارع الاستقلال وفي ميدان السلطان أحمد في إسطنبول، والعملية الأخيرة في ملهى رينا في إسطنبول هي جزء من تلك الاستراتيجية.

لكل هذه التنظيمات هناك مصلحة في الاستمرار بالإضرار بالدولة التركية، ولكن لكل واحد منها هناك أهدافه الخاصة، قاعدة دعم مختلفة، وطرق عمل خاصة. طالما استمرت الحكومة التركية في عرض جميع التنظيمات كجبهة إرهابية واحدة دون التمييز بينها، وتقويض عمل الشرطة، الجيش والنظام القضائي، واعتقال المشتبه بهم على أساس ارتياب لا أساس له من الصحة، فستفشل في محاولتها بناء استراتيجية واضحة لمعالجة هذه التهديدات الإرهابية.

نُشر هذا المقال للمرة الأولى في موقع منتدى التفكير الإقليمي

اقرأوا المزيد: 817 كلمة
عرض أقل
قوات كردية توقف شخصا يشبته بأنه منتسب لتنظيم الدولة داعش (AFP)
قوات كردية توقف شخصا يشبته بأنه منتسب لتنظيم الدولة داعش (AFP)

داعش ضد الأكراد في كركوك: نقطة تحوّل

وفرت معركة الموصل دراما جانبية عندما سيطرت خلايا نائمة لداعش على أحياء في "جوهرة التاج" الكردي، كركوك. نجت البشمركة من الإخفاق بفضل مقاتلي حزب العمّال الكردستانيّ (PKK) - الذين هرعوا لمساعدتهم من تركيا

“انتهت الهجمة على مدينتنا وعادت الحياة إلى طبيعتها”، كما أنهى حاكم كركوك، الكردي نجم الدين كريم، البيان الموجز الذي قدّمه للصحفيين أول البارحة مساء. ولكن الأمر لم ينتهِ في الحقيقة، لا في مدينة كركوك ولا في سائر جبهات قتال القوات العراقية والكردية ضدّ داعش. فقد أصبحت كركوك رغما عنها الهدف الأول الذي نشطت فيه داعش كما توقّع الكثيرون: نقل جبهة القتال إلى الجبهة المدنية.

بدءًا من ساعات الصباح الباكرة، منذ يوم الجمعة الأخير، سيطرت عدة خلايا نائمة لداعش على مباني حكومية، مساكن ومساجد في كركوك وشنّت قتال شوارع ضدّ قوات البشمركة الكردية التي تحرس المدينة. سيطرت قوات داعش المتحصّنة في مساجد المدينة على مكبّرات الصوت وبثّت من المآذن نداءات لسكان المدينة للانضمام إليها ومبايعة التنظيم. في يوم الثلاثاء بعد الظهر، نُشرت أنباء حول سيطرة عناصر داعش أيضًا على بلدة الرطبة في محافظة الأنبار القريبة من الحدود العراقية الأردنية. ويبدو هذا الحدث، الذي ما زال في ذروته، كما لو كان المرحلة الثانية من تحويل جبهة القتال إلى الجبهة العراقية من خلال خلايا داعش النائمة.

إنّ المسّ بكركوك هو مسّ بـ “جوهرة التاج” بالنسبة للأكراد في العراق. تعتبر هذه المدينة، التي تسمى في أحيان كثيرة “قدس الأكراد”، بالنسبة للأكراد عاصمة الإقليم الكردي في العراق. في حزيران 2014، بعد يوم من سيطرة داعش على مدينة الموصل وعلى خلفية انسحاب الجيش العراقي من المنطقة كلها، سيطرت قوات البشمركة على كركوك قبل ساعات من وصول عناصر داعش إليها. منذ ذلك الحين، تخضع المدينة وآبار نفطها الغنية، للسيادة الكردية بحكم الأمر الواقع، ممّا أثار استياء السلطات في بغداد.

في البيان الموجز للصحفيين أول البارحة قال حاكم كركوك إنّ معظم الإرهابيين الذين تسلّلوا إلى المدينة في يومي الجمعة والسبت قد قُتلوا في المعارك ضدّ القوى الأمنية وإنّ معظم مناطق كركوك قد أصبحت تسيطر عليها القوى الأمنية مجددا. بحسب كلامه، فإنّ عناصر داعش قد فشلوا في جهودهم لصرف الانتباه عن فشلهم في جبهة القتال بالموصل، رغم أنهم يملكون خلايا نائمة أخرى في المدينة وسيفعّلونها في المستقبَل. وبعد وقت قصير من ذلك تجددت المعارك في المدينة، وكان عدد الجرحى كبيرا على الأقل كعدد الجرحى في اليوم الأول من القتال. قُتل نحو مائة كردي، معظمهم من عناصر البشمركة والشرطة، وداهم نحو 75 من بين 100 مسلّح من داعش المدينة وفقا للتقديرات.

كانت الأحداث في كركوك “إخفاق يوم الغفران” بالنسبة للبشمركة. كان ضرب المكان الذي أقسموا على حمايته أكثر من أي مكان خطيرا ليس فقط من حيث الخسائر البشرية، ولكن أيضا من الناحية الأخلاقية. في الأيام الأولى من المعارك انسحبت قوات البشمركة من عدة أحياء من المدينة (وهي تقارير تذكرنا بأحداث سنجار في آب 2014)، وقد عمل على إنقاذهم من الحصار في حينها مقاتلون ومقاتلات من حزب العمّال الكردستانيّ (PKK) من كردستان التركية، التنظيم الذي صرّح مسؤولو الإقليم الكردي مرارا وتكرارا أنّه الخطر الأكبر على الأمن القومي للأكراد في العراق.

إنّ استدعاء قوات حزب العمّال الكردستانيّ إلى كركوك يمثّل إهانة ذاتية كبرى للسلطات الكردية في العراق، ومن الواضح أنّها لم تتخذ خطوة كهذه لولا أنّ قوات البشمركة كانت في مأزق في كركوك. ينسى حاكم المدينة والرئيس مسعود برزاني، اللذان أثنا على بطولة (بطولة حقيقة) قوات البشمركة والشرطة في المدينة، الإشارة إلى المقاتلين الذين هرعوا لمساعدتهم من كردستان التركية. إنّ تجربة الماضي القريب تعلّمنا أنّ قادة البشمركة المسؤولين عن هذا الإخفاق لن يتعرّضوا للمحاكمة على فشلهم، ولكن من المحتمل أن يتم الحديث كثيرا في الإقليم الكردي وفي العراق عن الإخفاق الكردي في كركوك.

الأحداث في كركوك ذات أهمية أيضا من جهة داعش. فكلّما تقلّصت الأراضي التي يسيطر عليها التنظيم، وموارده الاقتصادية والبشرية، يبتعد عن فكرة “الدولة الإسلامية” عودة إلى صورته الأصلية – تنظيم إرهابي، رغم أنه فعّال ومنظّم، ولكنه يفتقد إلى القوة، الزخم و”السحر” التي حظي بها بفضل غزواته للأراضي وإقامة الخلافة الإسلامية.

نُشر هذا المقال للمرة الأولى في منتدى التفكير الإقليمي (موقع باحثين إسرائيليين)

اقرأوا المزيد: 585 كلمة
عرض أقل
كلينتون وترامب يتبادلان الاتهامات في ثاني مناظرة رئاسية (AFP)
كلينتون وترامب يتبادلان الاتهامات في ثاني مناظرة رئاسية (AFP)

ترامب يدعم الأسد

مناظرة ثانية مليئة بالتهجمات الشخصية أجريت الليلة على خلفية تصريحات ترامب المسيئة للنساء. كما وأعلن الملياردير عن دعمه للأسد وكلينتون هاجمت سياسة بوتين في سوريا

بدأت المناظرة الرئاسية الثانية بين هيلاري وترامب، واستغرقت 90 دقيقة، بأجواء باردة، بعد أن رحّب المرشّحان ببعضهما البعض ولكنهما لم يتصافحا، كما هو معتاد في المناظرات الرئاسية.

وتوجه النقاش سريعا إلى تسجيل من عام 2005، كان قد أشار فيه ترامب بشكل مهين إلى النساء. عندما سُئل ترامب، قال إنّ الإعلان أحرجه ولكنه نجح في تقليل خطورته وقال إنّ زوج المرشحة، بيل كلينتون، تعامل مع النساء بشكل أخطر.

ردا على أقواله، أعلنت كلينتون أنّ كلام ترامب يثبت بأنّه غير مؤهل أن يكون رئيسا. “لقد قال إنّ الفيديو لا يعكس حقيقته”، كما قالت، “ولكني أعتقد أنّه من الواضح لكل من سمع التسجيل أنّه يعكسه حقيقته تماما”.

الشأن السوري

https://www.facebook.com/politico/videos/10153896132216680/

كانت هذه أيضًا الفرصة الأولى لسماع كلا المرشحين وهما يعربان عن مواقفيهما للمرة الأولى في الشأن السوري.

سُئل ترامب إذا تراجع عن رغبته حظر دخول المسلمين إلى الولايات المتحدة فأجاب أنّه يؤمن بـ “التصفية المشدّدة”. بحسب كلامه، “يصل المسلمون بأعداد كبيرة من دول مثل سوريا من دون أن معرفتهم ومعرفة رأيهم حول البلاد… تريد كلينتون أن تسمح للجميع بالدخول، فلا يجوز أن تصبح رئيسة”.

فأجابت كلينتون: “لا أوافق على أن يدخل البلاد من سيشكل تهديدا، ولكن هناك لاجئون سوريون، أطفال عانوا من تلك الحرب الفظيعة – بسبب العدوان الروسي. نحن بحاجة إلى أداء دورنا. من المهم أننا كدول ألا نستقبل الناس بناء على دينهم، فنحن شعب نشأ على قيم الحرية”.

بعد ذلك اتهمت كلينتون ترامب بإنشاء جبهة منسقة ضدها مع بوتين: “لم تتدخل أبدا دولة أجنبية في الانتخابات في بلادنا، لا يفعل بوتين ذلك لأنّه يريد أن أصبح رئيسة”. أجابها ترامب: “أنا لا أعرف بوتين، ولكن سيكون تعاونا ممتازا للعمل معا من أجل محاربة داعش”.

https://www.facebook.com/politico/videos/10153896054836680/

وعدت كلينتون بالتصدي لبوتين في القضية السورية: “قررت روسيا التدخل في سوريا ومن سيكون رئيسا للولايات المتحدة إذ يستثني قرارها رئاستي. أنا مستعدة للعمل مع روسيا – على الاتفاق النووي، الصفقة مع إيران، ولكني أريد تعزيز التحقيق حول جرائم الحرب التي ارتكبتها الحكومتان السورية والروسية”.

أجاب ترامب: “تقف إيران وروسيا ضدنا، إنهما تريدان أن تحاربا المتمردين ولكنهما لا تعلمان من هم المتمردون. أنا لا أحب داعش ولكن يقضي الأسد، روسيا، وإيران على هذا التنظيم، والآن أصبحت هذه الدول ضدنا بسبب سياسة كلينتون الخارجية. نحن نخاف من داعش، ويشكل هذا التنظيم مصدر قلقنا”.

فأجابته كلينتون: “لن أستخدم القوة الجوية الأمريكية في سوريا، أعتقد أن هذا سيكون خطأ، لا أعتقد أنه يجب على الجنود الأمريكيين السيطرة على أراضيها، فهذه ليست استراتيجية ذكية. القوات الخاصة هي نموذج لشيء يمكن أن نقوم به. أعتقد أن هناك احتمال جيد أن نستطيع تحرير الموصل في العراق من أيدي داعش، سأفكر في دعم الأكراد، الذين كانوا شركاء لنا في سوريا – أعتقد أنّه يجب أن تكون لديهم المعدات التي يحتاجونها لمحاربة داعش وإخراجها من سوريا”.

فرد ترامب: “نحن نعمل بغباء في الشرق الأوسط”. وعندما سُئل عن حلب، تهرّب المرشّح منتقلا للحديث عن الموصل.

اقرأوا المزيد: 436 كلمة
عرض أقل
مقاتلون أكراد في سوريا (AFP)
مقاتلون أكراد في سوريا (AFP)

الجوانب المظلمة لحكم الأكراد في سوريا

تقرير إسرائيلي: الميليشيات الكردية لا تختلف عن داعش ونظام الأسد، إنها تنتهك حقوق الإنسان وتهاجم الأطفال والنساء، وتعذب وتعتقل دون حساب

09 سبتمبر 2016 | 14:12

خصّصت الإذاعة العسكرية الإسرائيلية، مساء أمس الخميس، تقريرا ملفتا للنظر عن المليشيات الكردية التي تقاتل في سوريا، أبرزت فيه جوانب مظلمة لهذه الأقلية التي حظت حتى الآن على تضامن واسع في إسرائيل والعالم، نظرا لأنها أقلية مضطهدة وملاحقة. وجاء في التقرير أن الأكراد لا يختلفون في تعاملهم مع السوريين عن داعش أو نظام الأسد، فهم أيضا يلجؤون إلى التعذيب والقتل وانتهاك حقوق الإنسان.

واعتمدت الإذاعة في تقريرها على محادثة مع مقاتل سابق في الجيش الحر، من تل أبيض التابعة لمحافظة الرقة، قال خلالها إن الميلشيات الكردية قاموا بانتهاكات واسعة ضد سكان البلدة، إذ قاموا باعتقال الكثيرين، ووجهوا اتهامات باطلة لأشخاص لم يحملوا السلاح أبدًا، بأنهم عملاء لداعش. وأضاف أنهم يتهجمون على النساء والأطفال، ولا يحترمون المسنين.

وأضاف الرجل الذي تحدث مع مراسل الإذاعة جاكي حوجي، واسمه عبد الله، ويقيم في الحاضر في تركيا مع عائلته، “إنهم يقطعون الرؤوس لكن ليس علنا، بل داخل السجون”.

وعلّقت الباحثة الإسرائيلية، إليزابيث تسوركوب، المختصة بالشأن السوري (الباحثة التي أجرت مقابلة مع الناطق بلسان “جيش الإسلام”)، إنها سمعت شهادات تتطابق مع النهج الذي وصفه التقرير. وقالت “توجد مزايا إيجابية عديدة للحزب الكردي المسيطر في شمال سوريا، لكن هنالك جوانب شمولية مماثلة لنظام الأسد وداعش”.

كما أشارت الإذاعة في تقريرها إلى توثيق نقلته منظمة العفو الدولية، “إمنستي”، يظهر فيه مقاتلون أكراد وهم يضعون المتفجرات في بيوت السكان في الحسكة ومنبج في سوريا، لكي لا يعود هؤلاء إلى بيوتهم، وقالت إنها انتهاكات خطيرة.

ويخلص التقرير إلى الاستنتاج أن الصورة التي تتضح عن الأكراد معقدة، فإلى جانب طموحاتهم المشروعة للاستقلال والتحرر في المنطقة، ثمة جوانب غير ديموقراطية وعنيفة تمارسها هذه الأٌقلية.

يذكر أن إسرائيل تحمل مشاعرَ إيجابية تجاه الأقلية الكردية، وتذكر لهم العون الذي قدموه لها في تهريب اليهود من العراق في نهاية الستينيات ومطلع السبعينيات من القرن الماضي. واليوم تربط الطرفين علاقة جيدة، إذ يقوم الأكراد ببيع النفط لإسرائيل عبر تركيا.

اقرأوا المزيد: 288 كلمة
عرض أقل
آسيا رمضان عنتر "أنجلينا جولي الكردية"
آسيا رمضان عنتر "أنجلينا جولي الكردية"

مقتل “أنجلينا جولي الكردية” في معركة ضد داعش

وسائل الإعلام حول العالم تنشر تقارير تتحدث عن مقتل آسيا رمضان عنتر، المقاتلة الكردية المعروفة بوجه الشبه بينها وبين أنجلينا جولي نجمة هوليوود، أثناء معركة ضد تنظيم داعش في شمال سوريا

08 سبتمبر 2016 | 12:47

تشير التقارير في وسائل الإعلام في الشرق الأوسط وأوروبا إلى أن آسيا رمضان عنتر، التي حظيت بلقب “أنجلينا جولي الكردية” قُتلت أثناء معركة ضد تنظيم داعش في شمال سوريا.

اشتهرت عنتر ابنة الـ 22 عاما لكونها جميلة وحظيت على لقبها بفضل وجه الشبه بينها وبين النجمة السينمائية الهوليوودية. كانت تقاتل ضمن وحدات الحماية النسائية التابعة للوحدات الكرية الشعبية للحماية (YPG) التي تُقاتل داعش في المناطق الكردية في العراق وسوريا، وقد انضمت إليها في عام 2014.

يعتبر تنظيم الوحدات الكردية الشعبية للحماية (YGP) والذي نحو 20 في المئة من مقاتليه من النساء، تنظيما فرعيا للحزب العمّال الكردستانيّ (PKK‏)، ويحارب في هذه الأيام في معارك ضد الجيش التركي على الحدود السورية التركية، ووفق للتقارير المختلفة فقد خسر عددا من المقاتلين في المعركة.

اقرأوا المزيد: 118 كلمة
عرض أقل
مراة كردية في سوريا (AFP)
مراة كردية في سوريا (AFP)

ماذا يريد الأكراد الإيرانيون؟

ما الذي دفع أكراد إيران إلى الانتفاض فجأة؟ هل يطمحون أيضًا إلى حُكم ذاتيّ؟ ومن الواضح أن أكراد العراق يُفضلون أن يهدأوا

مرت المواجهات التي اندلعت في الشهر الماضي، بين الحرس الثوري الإيراني وبين القوى الكردية الإيرانية، من تحت رادار الصحافة. سقطت “فقط” دزينة من المقاتلين الأكراد وبضع جنود من قوات الحرس الثوري الإيراني. على ما يبدو، كانت مواجهات لا تُذكر مقارنة بالحروب الدائرة في المنطقة. ولكن، بما أن الهدوء خيم طوال 20 عامًا على العلاقة بين الأكراد في إيران وبين النظام الحاكم – يُطرح السؤال إذا كانت تُشير هذه الواقعة إلى أن الثمانية ملايين الأكراد الذين يعيشون في إيران باتوا يتوقون فجأة إلى الحصول على حكم ذاتي مثل أكراد العراق. هل ينوون الانضمام إلى بقية القوات الكردية؟ هل هذا التحرك هو جزء من خطة دولية لتشكيل قوة كردية معادية لإيران، أم هي مسألة كردية داخلية؟

يُدير الحزب الكردي الديمقراطي الإيراني (KDPI)، منذ 20 عامًا، نشاطاته من منطقة كردستان العراق. يضم الحزب نحو 2000 مُقاتل، يُقيمون في معسكرات لاجئين ولا يندمجون في مُجتمع أكراد العراق وتتمثل رؤياه بإنشاء منطقة حكم ذاتي. هذا هو أقدم حزب كردي في إيران وتأسس عام 1945. إلى جانبه، والأصح، مُقابله، يعمل “حزب الحياة الحرة الكردستاني”، الذي يُعتبر الذراع العسكري الإيراني لحزب العمال الكردستاني PKK المُعتبر في تُركيا مُنظمة إرهابية. يدعي كلا الحزبين أنهما يُمثلان الأكراد في إيران، ولكن، ليس هناك إثبات يُشير إلى أن أكراد إيران يدعمون أي من الحزبين. وهذا فقط هو الخلاف “البسيط”. الخلاف الأهم فعلاً هو ذاك الخلاف بين الـ KDPI – وبين حكومة إقليم كردستان العراق، الذي يُعارض أعمال العنف لحزب KDPI – ضد النظام الإيراني.

جنود الحرس الثوري في إيران (Facebook)
جنود الحرس الثوري في إيران (Facebook)

بخلاف الرأي السائد الذي يقول إن جميع الأكراد تجمعهم أيديولوجيا واحدة مُشتركة نابعة عن رغبتهم في إقامة دولة كردية مُستقلة – فإن الخلافات السياسية الكبيرة والمصالح الاقتصادية هي التي تُحدد الأمور والاستراتيجية التي تتبعها كل جماعة كردية. أجل، تعمل مثلاً، حكومة إقليم كردستان العراق على تعزيز العلاقات مع تركيا، لكي يتمكن الإقليم من الاستمرار في تسويق النفط إلى تركيا من دون مواجهة مشاكل من خلال ميناء جيهان التركي إلى زبائنه حول العالم. وفي الوقت ذاته، نسجت علاقات قوية مع إيران، ومن المتوقع أن توقع هذا الأسبوع مذكرة تفاهمات حول بناء أنبوب نفط، تتيح لها تسويق 600 ألف برميل نفط يوميًا، عن طريق إيران، إلى الخليج الفارسي وإلى بقية العالم. سيكون أنبوب النفط هذا لبنى أخرى في بناء العلاقات بين إقليم كردستان العراق وبين إيران، الأمر الذي يهدف إلى تقليل تعلقها بتركيا، في حال قررت الأخيرة عدم الموافقة على تسويق النفط من خلالها. قد تتضرر العلاقة بين أكراد العراق وأكراد إيران في حال استمر الحزب الكردي الإيراني في محاربة النظام الإيراني.

وصرّح نائب الأمين العام لحزب KDPI، حسن شرفي، في الأسبوع الماضي أنه: “لا يُمكننا الوقوف مكتوفي الأيدي من أجل مصالح إقليم كردستان العراق. ليس من المنطقي أبدًا أن يُضحي جزء واحد من كردستان بمصالحه من أجل أجزاء أخرى”.

كرديات ايرانيات يتظاهرن في طهران (AFP)
كرديات ايرانيات يتظاهرن في طهران (AFP)

ولكن، تقف المصلحة الاقتصادية والسياسية الخاصة بإقليم كردستان العراق في صلب تفكير قيادة الإقليم، وحتى أن قيادة الإقليم طالبت مؤخرًا الحزب الكردي الإيراني بالتوقف عن مواجهة الحرس الثوري، خوفًا من أن تجتاح إيران إقليم كردستان العراق لمهاجمة قواعد الحزب الموجودة شمال الإقليم. وكان مصدر مسؤول في حكومة إقليم كردستان العراق قد صرّح لصحيفة “هآرتس”، أنه إذا لم يستجب مقاتلو حزب KDPI لهذا الطلب، “ربما لن يكون هناك خيار آخر غير طردهم من الإقليم. إذا أرادوا أن يخوضوا حروبًا، فليفعلوا ذلك في إيران وليس من خلال منطقتنا”. وأضاف قائلاً إنه “لا يفهم ما الذي أصابهم الآن… وهم يعرفون أساسًا أنه ليست أمامهم فرصة النجاح في مواجهة القوات الإيرانية. إذا أرادوا تذكير العالم أنهم موجودون، هنالك طرق أخرى لفعل ذلك من دون تعريض مصالح الشعب الكردي إلى الخطر”.

شاعت حاليًا، وكما هي العادة، نظريات تقول إن الولايات المتحدة، السعودية، وإسرائيل هي التي تقف وراء المواجهات الكردية الإيرانية، من أجل فرض “كتلة كردية” تُشغل إيران وتُجبرها على سحب قواتها من سوريا. هذه النظرية مُبالغ بها، كون التحدي العسكري الذي يُمكن للحزب الكردي الإيراني أن يُشكله أمام إيران هو واهٍ جدًا. بدأ الحزب في هذا الشهر ربما بإرسال مبعوثين إلى البلدات الكردية في إيران لتجنيد الدعم ولكن، دون تحقيق نجاح كبير حتى الآن. التقدير الأكثر منطقيًّا هو الذي يقول إنه بسبب الأهمية الاستراتيجية التي توليها الولايات المُتحدة الأمريكية للأكراد في سوريا، في إطار الحرب ضد داعش، وعلى خلفية الحرب التي تخوضها تركيا ضد الأكراد، يُريد الحزب الكردي الإيراني أن يضع نفسه كجزء من الكتلة الكردية الموالية للغرب والمعادية لإيران، وأن يحظى ربما بحصة من الدعم المالي الذي تُقدمه الولايات المُتحدة للأكراد في سوريا والعراق.

تم نشر هذا المقال التحليلي لأول مرة في صحيفة هآرتس

اقرأوا المزيد: 695 كلمة
عرض أقل
طالبات سوريات (AFP)
طالبات سوريات (AFP)

الجيل الضائع من أطفال سوريا

هناك تأثيرات هائلة للأنظمة التعليمية المنقسمة في سوريا وغياب نحو نصف التلاميذ عن المدارس على مستقبل المواطنين

‎لا يتعلم ‎ ‎اليوم ما معدله ‎2.7 مليون طفل سوري في أعمار المدارس من بين 5.7 مليون. منذ بداية الحرب الأهلية السورية لم يعد‎ ‎يعمل ربع المدارس ‎ ‎في سوريا، وتراجع الحضور فيها إلى النصف.‎ إنّ الوضع الاقتصادي المتدهور في جميع أنحاء البلاد، ولا سيما في المناطق الخاضعة للثوار وداعش، يجعل الكثير من الأهالي لا يرسلون أطفالهم إلى المدارس بل يرسلونهم إلى العمل. ومع ذلك، فإن جميع الأطراف المشاركة في الحرب الأهلية تستغلّ سيطرتها على أنظمة التعليم المحلية لغرس قيمها في أوساط الجيل القادم.‎

جميع الأطراف المشاركة في الحرب الأهلية تستغلّ سيطرتها على أنظمة التعليم المحلية لغرس قيمها في أوساط الجيل القادم

ورغم كل شيء، فالعدد الأكبر من التلاميذ يتعلّم في المدارس الواقعة في المناطق الخاضعة لحكم النظام. يمجّد النظام التعليمي في سوريا أسرة الأسد وحزب البعث الحاكم ويعزّز ‎ ‎هوية عربية-سنية موحّدة (رغم أن قيادة النظام مكوّنة كلها من أبناء الطائفة العلوية). ومع ذلك، فإنّ جودة التعليم في المدارس العامة قد‎ ‎تدهورت بشكل كبير ‎ ‎ خلال الحرب بسبب أزمة المعلمين: جُنّد الكثير منهم للخدمة في الجيش، وهرب آخرون كثيرون خوفا من التجنيد الإجباري.

في المناطق الخاضعة للثوار يواجه النظام التعليمي التحدّيات الأبرز، بسبب ظروف الحياة الصعبة هناك. يُهاجم سلاح الجو السوري، وكذلك الروسي اليوم، بشكل منهجي تحديدا المدارس الواقعة في مناطق الثوار، ولذلك لا يُرسل الأهالي أطفالهم إلى المدارس. لهذا السبب انتقل جزء من المدارس والروضات إلى أقبية تحت الأرض.

أدى القصف العشوائي، والتدمير الممنهج للمؤسسات الحيوية مثل المستشفيات، المخابز، الأسواق، والمؤسسات الحكومية، إلى هروب جماعي للسكان من مناطق الثوار. يميل المتعلّمون وأبناء الطبقة الوسطى، بما في ذلك المعلّمين، بشكل خاصّ إلى الهرب من البلاد، بالإضافة إلى أنّ النظام لا يدفع أجور المعلّمين في مناطق الثوار، ولذلك هناك صعوبة في تشغيلهم. عندما بدأ الثوار في السيطرة على مناطق في سوريا في أواخر عام 2011 ألغوا ساعات “التعليم الوطني”، وهي دروس التلقين خاصة بنظام البعث. لاحقا أجريتْ تغييرات في مناهج تعليمية أخرى في مجالات مثل التاريخ، الجغرافيا، الفلسفة، الأدب، والدين.‎

طالبات سوريات (AFP)
طالبات سوريات (AFP)

ووفقا لطبيعة السيطرة اللامركزية، أو الفوضوية إذا صح القول، فإنّ التعليم في المناطق الخاضعة لسيطرة مجموعات الثوار العربية المختلفة، ليس موحّدا.‎ تحت سيطرة المجموعات الإسلامية يعمل نظام تعليمي ديني، وقد ألغيتْ دروس “إشكالية” مثل الموسيقى أو الفلسفة. في مناطق أخرى تُطبق مناهج تعليمية تابعة للحكومة السورية المؤقتة (المنظمة العليا الأبرز للمعارضة السورية)، ذات محتويات مماثلة تقريبا لمحتويات نظام الأسد، ولكنها خالية من الدعاية.‎

في المناطق التي تسيطر عليها داعش قرر التنظيم محتوى تعليميا يرسّخ التفسير الأكثر تشددا لشرائع الإسلام وقيم الكفاح المسلّح ضدّ “الكفار”، بما في ذلك التدريبات العسكرية. تستثمر الدولة الإسلامية جهودا كبيرة في تلقين أطفال سوريا والعراق، وتعتبرهم مقاتليها المستقبليين.

طُلب من جميع المعلمين الذين يدرّسون في المناطق الخاضعة لداعش التعبير عن توبتهم عن كفرهم في الماضي والانتقال إلى تمرير دروس الشريعة. تلحق عقوبة شديدة بالمعلمين الذين ينحرفون عن المادة التعليمية المسموح بها.‎ رفض الكثيرون القيام بذلك، لذلك تنازلوا عن مهنة التعليم الخاصة بهم. لا يرسل الكثير من الأهل أطفالهم إلى المدارس بسبب مقتهم للتلقين الديني أو خوفا من قصف المدارس. أدى النقص في المعلمين والتلاميذ إلى إغلاق الكثير من المدارس في أراضي الدولة الإسلامية. خلال السنة الدراسية الماضية (2014-2015) طُبعت كتب دراسية جديدة حُذفت منها مواضيع كفرية مثل الموسيقى، الفنون، الفلسفة، وبطبيعة الحال نظرية التطوّر، وانتقل التركيز إلى الدراسات الإسلامية. وخُفِضت أيضا الساعات التعليمية للمواضيع “الحلال” مثل العلوم والرياضيات.‎

إنّ التعليم في المناطق الخاضعة لسيطرة مجموعات الثوار العربية المختلفة،  ليس موحّدا.‎ تحت سيطرة المجموعات الإسلامية يعمل نظام تعليمي ديني، وقد ألغيتْ دروس “إشكالية” مثل الموسيقى أو الفلسفة. في مناطق أخرى تُطبق مناهج تعليمية تابعة للحكومة السورية المؤقتة

يقع النظام التعليمي العام في المناطق الكردية تحت مسؤولية حزب الاتّحاد الديمقراطي المسيطر.‎ استغل الجناح السوري للميليشيا الكرديّة في تركيا، حزب العمّال الكردستانيّ، الفرصة من أجل تغيير لغة التعليم إلى الكردية في الصفوف الأول حتى الثالث وإكساب التلاميذ رؤية أوجلان، زعيم حزب العمّال الكردستانيّ.‎ أثار هذا التلقين احتجاجا في أوساط السكان وأدى إلى أن تُرسل عائلات معينة أطفالها إلى مدارس آشورية خاصة تم تغيير المنهاج التعليمي فيها.‎

ثمة آثار هائلة للنظم التعليمية المنقسمة في سوريا وغياب نحو نصف التلاميذ عن المدارس. حتى بعد أن تنتهي الحرب، يوما ما في المستقبل، ستجد السلطات السورية صعوبة في تشكيل نظام موحّد يربط بين السرديات والمناهج التعليمية المختلفة التي يتعرض لها الأطفال في البلاد اليوم. مضت خمس سنوات منذ اندلاع الحرب الأهلية، وتدهورت مكانة سوريا من دولة ذات نظام تعليمي يعمل بشكل نسبي وكانت معدلات الأمية معقولة فيها (نحو 84%) إلى مكانة دول من العالم الثالث. سيجد الجيل الضائع من ملايين الأطفال السوريين، داخل البلاد وخارجها، صعوبة كبيرة في سدّ الفجوات التعليمية.

نُشرت هذه المقالة للمرة الأولى في موقع منتدى التفكير الإقليمي

اقرأوا المزيد: 718 كلمة
عرض أقل