فيما تحركت حدود تطرف اليمين السياسي في إسرائيل في الصيف الفائت أكثر يمينية بعد أن دعا وزير الخارجية، أفيغدور ليبرمان، الإسرائيليين إلى مقاطعة محلات عرب إسرائيل، تلك المحلات التي أضربت لمدة يوم واحد تضامنًا مع مواطني غزة، هنالك من يدعي من بين السياسيين أن السوق الإسرائيلية تخسر الجمهور العربي ولا تنظر إليه كمحرك نمو مركزي في السوق التجارية. في بداية الأسبوع، أقيمت في حيفا دفيئة تكنولوجية جديدة تعرض طريقة أخرى، للنظر إلى الوسط العربي كفرصة تجارية.
الدفيئة التكنولوجية Takwin Labs أتمت جولة تجنيد 4.5 مليون دولار، معدّة للاستثمار في شركات ناشئة في الوسط العربي. من يقف وراء إنشاء الدفيئة في حيفا هم نائب الكنيست أريئيل مرغليت (حزب العمل) مؤسس مؤسسة أموال المخاطرة JVP، حامي بيريس، ابن الرئيس السابق شمعون بيريس، ورجل الأعمال العربي الإسرائيلي، عماد تلحمي، مؤسس Babcom Centers. إن هدف الدفئية هو رصد مبادرين إسرائيليين عرب والاستثمار في مرحلة أولية (Seed) مبالغ مئات آلاف الدولارات في مشروع مبادرة.
حسبما يقول مرغليت، تقيم سوق الهايتك علاقات تجارية متفرعة مع الصين، دول أفريقيا، بل وجنوب أفريقيا (عدا عن أوروبا والولايات المتحدة المعروفة ضمنا)، “لكننا لا نتعامل مع العالم العربي وهذا تضييع، لأن اليوم هنالك فرصة للتوجه لجمهور عربي غفير مع منتجات وأفكار جديدة في مجال الوسائط الجديدة وباللغة العربية”.
سُجّلت الزيادة الأكبر في التحاق الفتيات العربيات بالجامعات (Flash90/Miriam Alster)
لكن هل قد يؤثر الاسم “إسرائيل” على التطوير التكنولوجي سلبًا على المبادرين؟
“لقد تغيّرت الأجواء اليوم. يقوم عرب إسرائيليون كثر بأعمال تجارية في الأردن، بينما قبل سنتين أو ثلاث كان هناك فقدان الثقة بهم. اليوم تصل للأردن، والأبواب مشرعة. يتغير الوضع أيضًا في مصر التي هي سوق ضخم. لم تنشأ الدفيئة في حيفا بمشاركة العالم الرئيسي كي تلغى الخشيةُ من شراء منتجات فيها تدخل حكومي إسرائيلي . هناك للشركات الإسرائيلية اليوم علاقات مع دول الخليج وإندونيسيا وهي تعرف كيف تتعامل مع التشابكات التجارية. لا حاجة لكتابة “إسرائيل” على الجبين، فالتكنولوجيا الإسرائيلية معروفة على أي حال في العالم العربي”.
“الفكرة هي أن المبادرين العرب بالذات، مع الاسم العربي وقدرات اللغة، يمكنهم أن يشكلوا جسرًا للعالم العربي. إن الشركات الناشئة الإسرائيلية التي يقودها عرب، والتي تتشارك مع شركات أصلها من الخليج أو السعودية، تحظى بأفضلية”.
كيف ترى المبادرات في المجتمع العربي؟
“هنالك طبقة مثقفة جدًا، ودافع تجاري عالي. لشديد الأسف، بسبب شروط القبول وامتحانات السيكومتري الملائمة للجمهور العريض ولا تهتم بالفروق اللغوية، من الصعب عليهم أن يُقبلوا للتعليم ولذلك يخرج كثير منهم للتعلم في عمان. حوالي 11 ألف طالب جامعي عربي إسرائيلي يتعلم هناك، ويبنون علاقاتهم ويعودون إلى البلاد. هذا يفتح الباب أمام المبادرين العرب للعلاقات في العالم العربي، في نهاية المطاف يفيدهم ذلك في المبادرات”.
بُنيت المبادرات الإسرائيلية من متخرجي وحدة الاستخبارات 8200 وهي دفيئة نمو محلية مغلقة في وجه عرب إسرائيل خاصة
“يجب الخروج من نطاق وحدة الاستخبارات 8200 كالشيء الوحيد الذي يدفع بالهايتك الإسرائيلي قدمًا. الانقلابات في العالم العربي والتغيّرات التكنولوجية هي حضارية وفكرية ولا ترتكز على الأغراض فقط. ينبغي على شركات التكنولوجيا البحث عن كُتّاب، مخططين، رجال فكر وليس رجال تقنيين، والتفكير بالمستخدمين، الولد أو البنت التي تريد الاستفادة من المنتج”.
في إسرائيل تُضخ الأموال الكثيرة لمجال الفضاء الإلكتروني وهذا أيضًا باب مغلق في وجه مبادرين عرب
“كمن أقام دفيئة الفضاء الإلكتروني الأول في بئر السبع، أنا مسرور بتعاظم هذا التوجه. لقد أدركوا أن هذا المجال يحتاج تطويرات تقنية، ولدى الإسرائيليين قدرات. لكن ليس كل ما في مجال الفضاء الإلكتروني يجب أن يكون مبنيًّا على علم أمني، لأن موضوع تأمين المعلومات يُستوحى أيضًا من المجال المصرفي ولذا فالمجال غير مغلق”.
المبادرون (من اليسار الى اليمين) بيريس، مرغليت وتلحمي
سؤال سياسي، في نهاية حملة “الجرف الصامد”، لقد انخفضت شعبية حزب العمل في الاستطلاعات. من يتأمل من الجانب يرى كيف يجلس حزبك اليوم في المعارضة وعلى ما يبدو فسيستمر في الجلوس هناك زمنًا طويلا
“نحن مستعدون للمضي في الطريق التي ليس فيها هواء القمة، حتى نقوم بالعمل ونصل إلى فوق. لكن كل قدراتنا كحزب تتجمع كبديل عام واضح ضد نتنياهو ولبيد. ما زلنا لا نظهر وجهنا الآخر. لقد عرف إسحاق رابين، كيف يربط الوسط العربي برؤيا إنتاجية، لكن منذ اغتياله لم يقوموا بذلك بما يكفي لدينا”.
لا تحظى أفكارك ومنها التطوير التجاري في الوسط العربي بتأييد الجمهور الإسرائيلي الواسع
“هذا حقًا مرتبط بتشكيل بديل للسلطة. بمد يد سياسية حقيقية للدول العربية المعتدلة مثل مصر والأردن، وتقوية العلاقات مع أبي مازن، بحيث لا يبقى وحيدًا في المنطقة. نفتالي بينيت، وأفيغدور ليبرمان، يتمسكان بتلميحات عربية ضد اليهود واليهود ضد العرب. وهذه رسالة خاطئة، إسرائيل لا ينبغي أن تبقى منعزلة، لا في المستوى السياسي ولا الاقتصادي”.
المصدر الأقرب إلى الحدث الإسرائيليّ
تلقّوا نشرتنا اليوميّة إلى بريدكم الإلكتروني