لقد حظي الحدث الذي وقع اليوم على عناوين هامشية في الصحافة الإسرائيلية، ومع ذلك يجب عدم التقليل من قدره: وزير الأمن الإسرائيلي، موشه (بوغي) يعلون، قام بزيارة رسميّة في أذربيجان، والتقى هناك بكبار المسؤولين الحكوميين. أظهرت هذه الزيارة للعالم الأداء القوي الذي تٌعنًى إسرائيل بإظهاره: وهو وجود علاقة طيبة بين الدولتين، بل طيبة جدًا
التعاون بين إسرائيل وأذربيجان ليس جديدً. فحسب مصادر خارجية، هناك تعاون استراتيجي بين الدولتين وهو آخذ بالازدياد في السنوات الأخيرة. هناك مصالح واضحة لدى الدولتين الموجودتين في الشرق الأوسط الذي يفتقر إلى الاستقرار، لتقوية العلاقات المتبادلة: أذربيجان هي دولة قوية وقوتها البترول، وأما إسرائيل فهي دولة قوية عسكريًّا.
حسب تقارير مختلفة، اقتنت أذربيجان من إسرائيل في السنوات الأخيرة معدّات وأسلحة، تشمل طائرات دون طيّار، أنظمة أقمار صناعية، ومعدّات استخبارية متطورة. وكذلك زودت إسرائيل أذربيجان بمعلومات عن نية إيران وحزب الله القيام بتفجيرات في سفارات إسرائيلية في باكو وفي مناطق يهودية في الدولة، كالتفجير الذي حصل في مدينة بورغاس البلغارية في تموز 2012.
على الجانب الآخر، فإن إسرائيل كانت تبحث خلال السنوات العشر الأخيرة عن بديل مناسب لاستيراد البترول، بعدما توقف الاستيراد من إيران عام 1979 بعد الثورة الإسلامية. إن عدم قدرة إسرائيل لاستيراد البترول جعلها تستورد معظم البترول من المكسيك البعيدة على مدار سنوات عديدة، الأمر الذي كلّفها الكثير.
منذ استقلال أذربيجان عام 1991، بدأت إسرائيل باستيراد البترول منها. وتزايد وهذا الاستيراد مع مرور السنوات، والتقديرات الحالية هي أن أذربيجان التي تُعد واحدة من دول البترول الكبرى في المنطقة وهي في المكان الـ 20 في العالم في قائمة مجمعات البترول الموثوقة، تزوّد إسرائيل بما لا يقل عن 40% من البترول الذي تستهلكه.
لقد تحسّنت العلاقات مع أذربيجان، وهي دولة ذات غالبية مسلمة والتي تعرّف نفسها كدولة علمانية، تحسنًا كبيرًا منذ إنشاء الحكومة الإسرائيلية الحالية، قبل عام ونصف. بعد شهرين من إنشاء الحكومة قام وزير الخارجية الأذربيجاني بزيارة لإسرائيل، وهي الزيارة الأولى منذ إقامة العلاقات الدبلوماسية بين الدولتين قبل نحو 20 سنة.
لقد تحسنت العلاقات بين الدولتين إلى درجة أن ادّعت بعض المصادر العالمية في السنة المنصرمة أن أذربيجان ستتيح للطائرات الإسرائيلية أن تخرج من منطقتها لهجوم محتمل على إيران، لكن هذه الادعاءات تم نفيها من قِبَل أذربيجان. مع ذلك، علينا أن ننوه أن العلاقات بين أذربيجان وإيران متوترة، الأمر الذي يساعد في تقوية التحالف بينها وبين إسرائيل.
كذلك، هناك في إيران أقلية أذربيجانية عددها كبير جدًا، وتشير التقديرات إلى أن هناك مصادر كثيرة للمخابرات الأذربيجانية داخل إيران. من المحتمل أنه في إطار توطيد العلاقات بين إسرائيل وأذربيجان، أن تكون هناك تسهيلات واحتمالات أكبر لإسرائيل للحصول على استخبارات جيّدة داخل إيران.
الزيارة الحالية ليعلون في أذربيجان، والذي قابل هناك الرئيس إيلحام إلياف، ووزير الدفاع زكير حسنوب، ووزير الخارجية ألمار ممدياروف، تؤكد على هذا التقرب في العلاقات بين الدولتين. هذه ليست المرة الأولى التي يتواجد فيها ممثلون إسرائيليون كبار في أذربيجان، لكنها المرة الأولى التي يتم فيها زيارة ممثل حكومي إسرائيلي كبير بشكل علني كوزير الدفاع.
السبب الرسمي لزيارة يعلون هو معرض الأمن والدفاع الأول في تاريخ أذربيجان. خلال الزيارة، زار يعلون الجناح الإسرائيلي في المعرض، ومدح صناعة الدفاع الإسرائيلية، وافتخر بالتعاون في هذا المجال بين الدولتين. وقد انضم لهذه الزيارة أيضًا رئيس قسم التصدير الدفاعي، وهذا الأمر يزيد من الاحتمال بأن خلال هذه الزيارة تم الاتفاق على عدة صفقات دفاعية، وسرية، بين الدولتين.
هناك تخوف وقلق في إسرائيل من أن هذا التحالف قد يضعف كما ضعفت تحالفات سابقة لإسرائيل مع دول مسلمة مثل تركيا، أو انتهت بالكامل كما حدث مع إيران. مع ذلك، يدعي قادة إسرائيليون كبار أن هذا الأمر بعيد عن أن يصبح حقيقة، ذلك بسبب المصالح العديدة التي تجمع الدولتين بتقوية العلاقات بينهما، كما هو واضح من خلال الأحداث.