إتفاقيات أوسلو

25 عاما على أوسلو.. ما هو رأي الإسرائيليين؟

الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات يتحدث إلى وزير الخارجية الإسرائيلي شيمون بيريز, رئيس الوزراء الإسرائيلي اسحق رابين والرئيس المصري حسني مبارك (AFP)
الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات يتحدث إلى وزير الخارجية الإسرائيلي شيمون بيريز, رئيس الوزراء الإسرائيلي اسحق رابين والرئيس المصري حسني مبارك (AFP)

بعد مرور 25 عاما من المحاولات الهامة لإنهاء النزاع، يبدو أن الفلسطينيين والإسرائيليين لم يكونوا بعيدين أكثر من الآن عن السلام. تجري الصحافة الإسرائيلية تحليلا للأسباب

13 سبتمبر 2018 | 11:34

مر 25 عاما منذ تلك اللحظة التاريخية التي حدثت في البيت الأبيض، والتي وقعت فيها أحداث كانت تبدو مستحيلة: تصافح ياسر عرفات ويتسحاق رابين، وبدأت فترة جديدة في المنطقة. ولكن ما كان يبدو بداية فترة تاريخية جديدة بين كلا الشعبين، انهار سريعا، وتحوّل إلى فترة دامية شهدت عنفا. هل فشل اتفاق أوسلو؟ إذا كان الأمر كذلك، ما هي الأسباب؟ فيما يلي بعض الآراء التي نشرها مراسلون إسرائيليون في الأيام الماضية:

كتب المحلِّل العسكري في صحيفة “هآرتس”، عاموس هرئيل، في عامود خاص: “انهارت اتفاقيات أوسلو، لأنها لم تلبِ الأمن الشخصي للإسرائيليين التي وعدت بها حكومة الوحدة الوطنية في عهد رابين  أثناء التوقيع. لقد أدت سلسلة من أحداث القتل، منها المجزرة التي نفذها باروخ غولدشتاين بحق المصلين المسلمين في الحرم الإبراهيمي، العمليات الإرهابية التي نفذتها حماس في الحافلات، واغتيال يتسحاق رابين إلى انهيار اتفاقيات أوسلو. فكلما كثرت العمليات، انخفض دعم هذه الاتفاقيات ودعم الإسرائيليين لإخلاء مناطق أخرى، التي لم يكن من الممكن التوصل إلى اتفاق نهائي دونها”.

يرسم الصحفي عكيفا إلدار، صورة خيالية للواقع، لو تحققت الاتفاقيات: “لو عمل كلا الطرفين بموجب موقف رابين “محاربة الإرهاب وكأن السلام لا يسود، وصنع السلام وكأن الإرهاب لا يسود”. كان من المفترض أن يقلص الازدهار الاقتصادي في فلسطين الدافعية لدى الشبان للانضمام إلى منظمات إرهابية، ويعزز القوة الشرائية الفلسطينية من المصنعين الإسرائيليين. كان سيفتح اتفاق السلام مع الفلسطينيين الأبواب أمام دول الجامعة العربية، وعلى رأسها السعودية، الإمارات، ودول شمال إفريقية، السياح، والمنتجات الإسرائيلية. كانت ستتبنى دول إسلامية عضوة، ومنها إندونيسيا وماليزيا، مبادَرة السلام العربية منذ عام 2002، وتفتح سفاراتها في القدس، بعد اعتراف الأمم المتحدة بها كعاصمة إسرائيل وفلسطين. كانت إيران الشيعية ستوضع جانبا، ما يجبرها على الاختيار بين العزلة التامة وبين الاعتراف بالدولة اليهودية في الشرق الأوسط”.

رغم هذا، يعتقد وزير الدفاع الأسبق، موشيه أرنس، أن الخطأ الأساسي الإسرائيلي هو أن إسرائيل فضلت عرفات والمقربين منه من منظمة التحرير الفلسطينية في تونس، عن القيادة الفلسطينية المحلية: “لم يكن على الإسرائيليين الذين طمحوا إلى التوصل إلى اتفاق مع الفلسطينيين السفر إلى أوسلو؛ فكان هناك فلسطينيون قريبون في رام الله، الخليل، وغزة”. وفق أقواله: “هناك من يدعي أن العمليات الإرهابية الفلسطينية كانت ستُنفذ حتى إذا لم توقع اتفاقيات أوسلو؛ ولكن يمكن الافتراض أن الإرهاب لم يكن سيصل إلى هذا المستوى دون وجود زعماء إرهابيين في منظمة التحرير الفلسطينية، الذين وصلوا إلى هذه البلاد بفضل اتفاقيات أوسلو. إضافة إلى هذا، فإن العثور على قيادة فلسطينية محلية والتفاوض معها قد أصبح مستحيلا، وقد وافقت إسرائيل – موافقة هادئة – على تخليد مكانة اللاجئين الفلسطينيين و “حقهم في العودة”.

 

اقرأوا المزيد: 397 كلمة
عرض أقل
رئيس السلطة الفلسطينية سابقا، ياسر عرفات (Abed Al Rahim Al Khatib / Flash90)
رئيس السلطة الفلسطينية سابقا، ياسر عرفات (Abed Al Rahim Al Khatib / Flash90)

كشف.. عرفات أدلى بشهادة كاذبة مقابل المال

كشفت صحيفة إيطالية تفاصيل جديدة وهامة عن حياة ياسر عرفات، من مذكراته التي كتبها خلال عشرين عاما

كشفت الصحيفة الإيطالية “لإسبريسو” اليوم )الأحد( 19 مجلدا من يوميات بالعربية كتبها طيلة عشرين عاما رئيس السلطة الفلسطينية سابقا، ياسر عرفات. منذ وفاة عرفات عام 2004، احتفظ أمينان باليوميات التي ورد أهمها في المقال، وهي تحتوي على تفاصيل كثيرة حول حياة عرفات وشخصيته.

يتطرق معظم المواضيع التي كُشف عنها ونُشرت في المجلة الإيطالية إلى معاملة عرفات مع النخبة الحاكمة في إيطاليا. مثلا، كشفت اليوميات أن عرفات اعترف بأنه ساعد رئيس حكومة إيطاليا سابقا، سيلڤيو برلسكوني، على إدلاء شهادة كاذبة في إحدى قضايا الفساد التي كان متورطا فيها. وفق التقارير، في عام 1998 أدلى عرفات بشهادة كاذبة أمام الادعاء العام في إيطاليا، جاء فيها أن برلسكوني نقل إليه 10 مليارات ليرة إيطالية (6.5 مليون دولار) إلى منظمة التحرير الفلسطينية، في حين أن هذا المبلغ نُقِل إلى حزب إيطالي. مقابل هذه الشهادة الكاذبة حصل عرفات على مبلغ مالي كبير، هذا ما يتضح من اليوميات التي كُشفت.

من بين المعلومات الجديدة التي وردت في المقال، هناك معلومات مرتبطة بعمليات إرهابية وباتفاق أوسلو أيضا. وفق صحيفة “لإسبريسو”، فبعد إجراء أحد اللقاءات الأولى بين عرفات ووزير الخارجية الإسرائيلي حينذاك، شمعون بيريس، وصف عرفات بيريس بصفته “زعيما رائعا وتحفة جميلة”، ولكن مغزى هذه الأقوال ليس واضحا. ويتضح أيضا أن عرفات لم يتحمل أبدا مسؤولية عمليات إرهابية نفذتها منظمة التحرير الفلسطينية، وعند تنفيذ عملية كان يعرف عنها مسبقا، كان يبتسم ويقول: “حسنا، حسنا!”. إضافة إلى ذلك، ورد في اليوميات أن عرفات دعم صدام حسين في حرب الخليج الأولى، رغم أنه كان يعتقد أن خوض الحرب هو ارتكاب خطأ كبير.

اقرأوا المزيد: 240 كلمة
عرض أقل
إسحاق رابين (flash90)
إسحاق رابين (flash90)

10 حقائق عن رجل السلام: إسحاق رابين

هذا هو الزعيم الذي سيظل محفورا في ذاكرة الإسرائيليين كرجل السلام الشجاع، الذي أدرك أنّ عليه السعي للسلام مع جيرانه الفلسطينيين والأردنيين: إسحاق رابين بعد مرور 22 عاما على اغتياله

سيتم إحياء الذكرى العشرين لوفاة رئيس الحكومة الراحل، إسحاق رابين، والذي صادف بتاريخ 4 تشرين الثاني 1995 في مراسم عديدة في إسرائيل.

رابين الذي كان رئيس الأركان السابع للجيش الإسرائيلي والقائد الأكبر في صفوف الجيش الإسرائيلي في حرب الأيام الستة عام 1967، كان أيضًا الرجل الذي وقّع على اتفاق أوسلو في أيلول عام 1993 مع الفلسطينيين، وهي خطوة مثيرة للجدل في الرأي العام الإسرائيلي، وقد منحته أيضًا جائزة نوبل للسلام مع وزير الخارجية في عهده، شمعون بيريس، ورئيس السلطة الفلسطينية الراحل ياسر عرفات.

ومن أجل التعرّف عن قرب على الرجل ونشاطه، نقدم لكم 10 حقائق مثيرة للاهتمام عن “رجل السلام”، إسحاق رابين.

إسحاق رابين مع أخته وأمه روزا، 1927 (Wikipedia)
إسحاق رابين مع أخته وأمه روزا، 1927 (Wikipedia)

1. وُلد إسحاق رابين في مدينة القدس في الأول من آذار عام 1922 لوالد يعمل في شركة الكهرباء، وأم ناشطة اجتماعية هاجرت إلى أرض إسرائيل (1919) ونشطت كثيرا في المجال الاجتماعي بل وعُيّنت كعضو مجلس في بلدية تل أبيب يافا. سُمّي إسحاق رابين على اسم جده.

2. وُلدت لإسحاق أخت صغيرة، راحيل، وبعد مدة صغيرة من ولادتها انتقلت أسرته للسكن في تل أبيب. بدأ رابين دراسته في مدينة تل أبيب، وفي عام 1937 بدأ بتعلّم الزراعة وإدارة الحسابات في إحدى أشهر المدارس في إسرائيل “كدوري”. أنهى دراسته بالامتياز عام 1940 وكجائزة على ذلك اقترح عليه المندوب السامي البريطاني في أرض إسرائيل منحة للدراسة في الولايات المتحدة. لم يذهب رابين، الذي طمح بدراسة هندسة المياه، إلى الولايات المتحدة لاستكمال دراسته وذلك بسبب الحرب العالمية الثانية.

رابين الشاب 1948 (Wikipedia)
رابين الشاب 1948 (Wikipedia)

3. في شبابه انضمّ رابين إلى صفوف “البلماح” (قوة عسكرية مجنّدة من اليهود قبل قيام دولة إسرائيل عام 1948). خلال عشرة أيام فقط تعلّم كيف يشغّل السلاح في دورة مسرّعة من قبل البلماح (سرايا الصاعقة). كان نشاطه العسكري الأول بالتعاون مع الجيش البريطاني الذي سعى للسيطرة على لبنان الذي كان تحت سيطرة حكومة فيشي (الحكومة الفرنسية التي تعاونت مع النازيين بين عاميّ 1944-1940). خلال هذه العملية العسكرية فقد موشيه ديان (لاحقا أصبح وزير الدفاع في إسرائيل) عينه.

4. كلما اكتسب خبرة عسكرية أكبر، تم تعيينه في مناصب أكبر. في فترة حرب استقلال إسرائيل عام 1948 كان رابين قائدا كبيرا عمل بشكل أساسيّ على جبهة القدس. بين عاميّ 1959-1956 خدم كقائد للواء الشمال، وبين عاميّ 1963-1961 كان نائبا لرئيس الأركان.

رابين قائد الأركان 1964 (Wikipedia)
رابين قائد الأركان 1964 (Wikipedia)

5. في 25 كانون الأول عام 1963، تم تعيين رابين رئيس الأركان السابع في الجيش الإسرائيلي وتولى المنصب حتى عام 1968. خلال فترة توليه المنصب قاد حرب الأيام الستة. ومن بين إنجازاته العسكرية الكبرى في تلك الحرب كان احتلال سيناء، قطاع غزة، وأجزاء من الضفة الغربية والقدس الشرقية بل ومساحات كبيرة من هضبة الجولان. كانت المساحة العامة التي تم احتلالها تساوي 3 أضعاف مساحة إسرائيل عشية الحرب.

6. ومع تقاعده من الجيش عُيّن سفيرا لإسرائيل في الولايات المتحدة وتولى هذا المنصب لخمس سنوات. خلال توليه للمنصب ارتفعت المساعدات التي قدّمتها الولايات المتحدة لإسرائيل كثيرا على شكل بيع السلاح والمساعدات العسكرية. ولدى عودته من الولايات المتحدة انضمّ إلى حزب اليسار، حزب العمل.

رابين وزوجته ليئا، عند خدمتهم كسفيرين في واشنطن 1968 (Wikipedia)
رابين وزوجته ليئا، عند خدمتهم كسفيرين في واشنطن 1968 (Wikipedia)

7. في 3 حزيران عام 1974، عُيّن رابين في منصب رئيس الحكومة وكان يبلغ من العمر 52 عاما. كان رئيس الحكومة الخامس لإسرائيل، والأول الذي يعتبر رئيس للحكومة من مواليد البلاد. خلال فترة ولاية رابين الأولى كرئيس للحكومة تم تحقيق اتفاق تهدئة والتزام بالحفاظ على وقف إطلاق النار بين إسرائيل ومصر. وقد قاد أيضًا عملية إنقاذ 105 مختطفا يهوديا إسرائيليا تم اختطافهم إلى أوغندا. وهي عملية عسكريّة حظي بسببها بتقدير كبير (عملية إنتيبي). عام 1977، اضطرّ رابين إلى الانسحاب من الترشّح مجدّدا لمنصب رئيس الحكومة بسبب كشف حساب بنكي أدارته زوجته بشكل مخالف للقانون الإسرائيلي في الولايات المتحدة.

رئيس الحكومة الإسرائيلي بين عاميّ 1974-1977 (Wikipedia)
رئيس الحكومة الإسرائيلي بين عاميّ 1974-1977 (Wikipedia)

8. عام 1992، وفي أعقاب فوز حزب العمل انتُخب رابين مجددا لولاية ثانية في منصب رئيس الحكومة الإسرائيلي وبنى ائتلافا ضيّقا (61 عضو كنيست في حكومته من بين 120).

9. ومع بداية ولايته الثانية بدأ بالمفاوضات مع السوريين والفلسطينيين. كان يأمل رابين بتحقيق اتفاق مع حافظ الأسد ولكن الأمر لم يتم من قبله على وجه الخصوص في ظلّ معارضة الإسرائيليين الذين عاشوا في الجولان بقيادة المستوطنات في إسرائيل. في آب عام 1993، صنع رابين تحوّلا عندما وافق على خطوط عريضة للمحادثات مع منظمة التحرير الفلسطينية ورئيسها، ياسر عرفات، والتي جرت في أوسلو. حرص على أن يُدخِل إلى الخطوط العريضة في محادثات أوسلو ترتيبات أمنيّة إضافية وأن يحوّل الاتفاقات إلى اتجاه أكثر ملاءمة لمنهجه الذي فضّل الترتيبات الانتقالية على التسوية الدائمة. في أيلول عام 1993، وُقعت اتفاقيات أوسلو تحت هجمة شديدة من اليمين الإسرائيلي. في 26 تشرين الأول عام 1994، وقّع رابين على اتفاق سلام بين إسرائيل والأردن.

رئيس الحكومة رابين يتحدث مع الرئيس الأمريكي جيمي كارتر 1977 (Wikipedia)
رئيس الحكومة رابين يتحدث مع الرئيس الأمريكي جيمي كارتر 1977 (Wikipedia)

10. في 4 تشرين الثاني عام 1995، تقريبا الساعة 21:54، لدى انتهاء مسيرة دعم لاتفاق السلام الذي وقع رابين وحكومته عليه، وفي الوقت الذي مشى فيه رابين باتجاه سيارته، تم إطلاق 3 طلقات باتجاهه. تم نقله إلى المستشفى الرئيسي في تل أبيب، حيث تُوفي هناك متأثرا بجراحه بعد مرور 40 دقيقة. غيّم حزن شديد على إسرائيل وعلى مستقبل السلام بين إسرائيل والفلسطينيين وبين إسرائيل وسائر العالم العربي. كان القاتل يغئال عمير حينذاك في الخامسة والعشرين من عمره، طالب جامعي يميني راديكالي، كان يأمل بأن يمنع قتل رابين تنفيذ اتفاقيات أوسلو وتطبيع العلاقات مع الفلسطينيين. حُكم على عمير بالسجن المؤبّد و 6 سنوات إضافية. وقد حضر جنازة رابين زعماء من جميع أنحاء العالم. كان الشعار الأكثر شهرة في خطابات التعازي، كلمات الرئيس الأمريكي الأسبق، بيل كلينتون، الذي قال فوق تابوته “سلام أيها الصديق”.

إسحاق رابين، ياسر عرفات وبيل كلينتون عند توقيع اتفاقيات أوسلو، أيلول 1993 (Wikipedia)
إسحاق رابين، ياسر عرفات وبيل كلينتون عند توقيع اتفاقيات أوسلو، أيلول 1993 (Wikipedia)
الملك حسين يشعل السيجارة لرابين في مسكنه بالعقبة بعد توقيع اتفاق السلام، تشرين الأول 1994 (Wikipedia)
الملك حسين يشعل السيجارة لرابين في مسكنه بالعقبة بعد توقيع اتفاق السلام، تشرين الأول 1994 (Wikipedia)
إسحاق رابين، شمعون بيريس وياسر عرفات، الحائزون على جائزة نوبل للسلام لعام 1994 (Wikipedia)
إسحاق رابين، شمعون بيريس وياسر عرفات، الحائزون على جائزة نوبل للسلام لعام 1994 (Wikipedia)
تابوت رابين يُنقل للدفن، 6 تشرين الثاني 1995 (Flash90)
تابوت رابين يُنقل للدفن، 6 تشرين الثاني 1995 (Flash90)
القاتل يغئال عمير (Flash90)
القاتل يغئال عمير (Flash90)
حفل تأبين قرب قبر رابين بمناسبة ذكرى مرور 13 عاما على وفاته (Flash90/Yossi Zamir)
حفل تأبين قرب قبر رابين بمناسبة ذكرى مرور 13 عاما على وفاته (Flash90/Yossi Zamir)
اقرأوا المزيد: 821 كلمة
عرض أقل
فوز "أوسلو" بجائزة أفضل مسرحية (Mike Coppola/Getty Images/AFP)
فوز "أوسلو" بجائزة أفضل مسرحية (Mike Coppola/Getty Images/AFP)

فوز “أوسلو” بجائزة أفضل مسرحية

فوز المسرحية التي تتحدث عن المفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين بجائزة "توني" السنوية في نيويورك

حظيت مسرحية “أوسلو” أمس الأحد (11.06) بجائزة “توني” للفن المسرحي بصفتها أفضل مسرحية لعام 2017. تعتبر مسرحية “أوسلو” نجاحا كبيرا هذا العام في المسرح الأمريكي. مؤخرا، باتت تعج أكبر قاعة مسرح في نيويورك كل يوم مساء بنحو 1200 مشاهد لمشاهدة مسرحية تتحدث عن محادثات السلام السرية التي أدارها الإسرائيليون والفلسطينيون عام 1993.

هل تعكس مسرحية “أوسلو” الحقائق التاريخية؟ يعتقد مؤلفوها أنها تعكسها حقا. ولكن إذا سألتم أعضاء الوفد الإسرائيلي الذين شاركوا في محادثات السلام في أوسلو، فسيجيبون بشكل مختلف.

مثلا، قال المستشار القضائي للوفد الإسرائيلي الذي شارك في المحادثات بين إسرائيل والفلسطينيين، يوئيل زينغر الذي شاهد المسرحية: “ليست هناك علاقة تقريبًا بين ما مشاهد المسرحية وبين الواقع”.

تختلف شخصيات المسرحية التي تحمل أسماء شخصيات حقيقية شاركت في صياغة مسودة اتّفاق أوسلو في طابعها عن الشخصيات التي يدور الحديث عنها. هناك مشاهد يصرخ فيها الدبلوماسيون الإسرائيليون والفلسطينيون، يشتمون، وحتى أنهم يتشاجرون بالأيدي. يقول المحامي زينغر إن “كل الشخصيات الإسرائيلية في المسرحية تبدو كرسومات. شخصيًّا، شعرت بعدم ارتياح عندما رأيت أنه تُستخدم أسماء  في المسرحية لشخصيات أعرفها وتُنسب إليها صفات لا تُميّزها”.

تُعرض المسرحية في هذه الأيام في دور السينما، ويأمل كاتبها أن تُعرض في رام الله وتل أبيب أيضا. “إذا عُرضت فيهما فهذا عمل رائع”، وفق أقواله. “هناك احتمال أكبر لأن تُعرض المسرحية في تل أبيب من أن تُعرض في رام. وفي حال عرضها من المؤكد أنها ستثير جدلا وهناك من سيعرب عن عدم رضاه منها. تسرني زيارة إسرائيل”، قال كاتب المسرحية في مقابلة معه لصحيفة “هآرتس”.

اقرأوا المزيد: 231 كلمة
عرض أقل
قيادة حماس تشارك في افتتاح مسجد جديد في رفح (Abed Rahim Khatib/ Flash90)
قيادة حماس تشارك في افتتاح مسجد جديد في رفح (Abed Rahim Khatib/ Flash90)

حماس تتجه إلى المركز

تفاصيل جديدة يكشف عنها قيادي في حماس، أحمد يوسف، حول وثيقة سياسة جديدة للحركة، تدل على براغماتية سياسية في تعامل الحركة مع إسرائيل والمجتمع الدولي وقطع العلاقات مع داعش، وغيرها

أجرى قيادي حمساوي، أحمد يوسف، مقابلة يوم الأحد‏‎ ‎‏مع موقع “معا”‎‏‏‎ ‎‏تحدث فيها عن ملامح البرنامج الجديد الذي من المتوقع أن يتم إقراره رسميا في الشهر القادم، مع انتخاب رئيس المكتب السياسي الجديد (على ما يبدو إسماعيل هنية ). أهم ما جاء في البرنامج:

أولا، تميّز حماس التي ميثاقها مليء بالأساطير المعادية للسامية ونظريات المؤامرة، بين اليهود كانتماء ديني وبين “الاحتلال والمشروع الصهيوني”. ستُجرى المقاومة المُسلحة في فلسطين فقط، وليس ضد اليهود خارج البلاد.

ثانيا، تعلن عن قبول دولة فلسطينية على أراضي عام 1967 والقدس عاصمة لها. إلا أن النزاع من أجل فلسطين بأكملها قد أرجِأ إلى وقت غير محدد. كما تجدر الإشارة إلى أن كل اتفاقية سلام بين إسرائيل وجاراتها يستند أولا إلى مبدأ الردع والمصالح الاقتصادية، وليس على الاعتراف والتقارب الثقافي.

ثالثا، تعتقد أن التوجه إلى المحافل الدولية هو حق مشروع مشيرة بذلك إلى منظمة التحرير الفلسطينية وأبو مازن.

القيادي البارز في حركة حماس، يحيى السنوار (Flash90/Abed Rahim Khatib)
القيادي البارز في حركة حماس، يحيى السنوار (Flash90/Abed Rahim Khatib)

رابعا، تقطع علاقاتها مع الحركات الإسلامية في العالم. لا تذكر حماس علاقاتها مع الإخوان المسلمين وتدعي أن داعش “قد ألحقت ضررا بصورة الإسلام والمسلمين والقضية الفلسطينية”.

خامسا، تنظر نظرة إيجابية إلى الفلسطينيين المسيحيين، وبصفتهم مجموعة وطنية مساوية للمسلمين، مؤكدة أيضا على دور المرأة ومكانتها في “مشروع المقاومة والتحرير”.

وأضاف يوسف قائلا إن إسرائيل ترسل رسائل إلى حماس عبر جهات دولية تعرب فيها عن رغبتها في صفقة تبادل الأسرى مقابل جثتَي هدار غولدين وشاؤول آرون. رغم ذلك، حماس ليست مستعدة للتحدث حول الموضوع طالما أن إسرائيل لا تعمل على إعادة إطلاق سراح الذين تم إطلاق سراحهم في صفقة شاليط واعتُقلوا مؤخرا.

يبدو أن برنامج حماس السياسي الجديد جاء على خلفية ضعف الحركة الملحوظ إقليميا ودوليا. تدرك حماس على ضوء محادثات مستمرة مع جهات أوروبية أنها لن تحظى باعتراف غربي دون أن تبدي حسن نية حول ثلاثة شروط على أقلّ تقدير وضعتها اللجنة الرباعية الدولية حول عملية السلام: الاعتراف بإسرائيل، التوقف عن النزاع المُسلح، والاعتراف باتفاقيات أوسلو.

اقرأوا المزيد: 289 كلمة
عرض أقل
رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو في مقابلة مع الرئيس الأمريكي المنتخب، دونالد ترامب (GPO)
رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو في مقابلة مع الرئيس الأمريكي المنتخب، دونالد ترامب (GPO)

سلام سعودي – إسرائيلي برعاية ترامب؟

نتنياهو يرغب في التوصل في عهد ترامب إلى اتفاقيات مع العالَم العربي حتى ولو كان سقوط حكومته الحالية ثمنا لذلك. يربط منتقدوه ذلك بالتحقيق الجاري ضدّه. هل الاحتمالات موجودة حقا؟

يقدّر محلّلون إسرائيليون كبار هذا الأسبوع (تحليل الصحفي، أريئيل كهانا من موقع معاريف الإخباري)أنّ رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، يعمل بصمت وبسرية كبيرة على مشروعه السياسي القادم. وفق تقديرات السيد كهانا، بات نتنياهو يتلمّس طريقه في أوساط كبار المسؤولين في حكومته، لدفع العملية السياسية قدما برعاية حكومة ترامب القادمة وبمساعدة السعودية.

كما هو معلوم، يكثر نتنياهو من الحديث مؤخرا عن التقارب بين إسرائيل والدول العربية. التقدير الحذر في إسرائيل هو أنّه في السنة الأولى من ولاية الرئيس ترامب، “ستحدث انفراجة في العلاقات مع العالم العربي وعلى رأسه السعودية”، حسب أقوال المحلل كهانا.

جنبا إلى جنب، هناك الكثير من الإشارات التي يعرب عنها مسؤولون سعوديون، لتغيير العلاقات بين الدولتين، لا سيما على ضوء التهديد المشترك، إيران. ويكفي الانسحاب المصري من الاقتراح الأخير المضاد لإسرائيل في مجلس الأمن (القرار ضدّ المستوطنات)، بناء على طلب إسرائيلي والضغط من جهة ترامب، من أجل معرفة إلى أين تهبّ الرياح.

ولكن العائق أمام إقامة العلاقات مع العالَم العربي هو بطبيعة الحال الفلسطينيون. “يرغب نتنياهو حقا في التقدم مع الفلسطينيين. فهو كان مستعدا لتنازلات بعيدة المدى في العملية التي قادها جون كيري، وهدف تصريحه منذ ثلاثة أسابيع أيضا إلى التوضيح أنّه لا يزال يؤمن بالدولة الفلسطينية، ليوضّح أنّ هذا هو موقفه” كما يقول كهانا.

يحاول نتنياهو، رغم حكومته اليمينية، إلى السعي لحلّ دائم للصراع الإسرائيلي – الفلسطيني. هناك من يقول إنّ نتنياهو يعتقد أنّ سياسة “احتواء” الصراع التي دعمها حتى الآن، تفقد أهميتها. إن إقامة كيان فلسطيني فقط، إلى جانب إسرائيل (باعتبارها دولة اليهود)، والتي ستكون وطن معظم الفلسطينيين الذين يعيشون في قطاع غزة والضفة الغربية، ستمكّن من تعزيز هذه التسوية التاريخية.

المبادئ التي يسعى نتنياهو إلى الحفاظ عليها ويختبرها أمام الفلسطينيين:

1.القدس الموحّدة، التي ستتضمن أيضًا المستوطنة الأكبر، معاليه أدوميم وجفعات زئيف، كعاصمة إسرائيل تحت السيادة الإسرائيلية، مع الحفاظ على حقوق أبناء الديانات الأخرى، المسيحية والإسلامية، في حرية الوصول إلى الأماكن المقدّسة الخاصة بهم والصلاة فيها.

2.ستوضع حدود الأمن لحماية دولة إسرائيل، في غور الأردن، بكل معنى الكلمة.

3.عدم العودة إلى حدود 67، من بين أمور أخرى، من خلال الإعلان عن كتل استيطانية مثل “غوش عتصيون”، كجزء من دولة إسرائيل السيادية.

4.كيان فلسطيني، يكون أقلّ من دولة.

بطبيعة الحال، سيرفض الفلسطينيون جملة وتفصيلا مثل هذا المخطط، وعندما يكون هذا هو موقفهم – فستجد الدول العربيّة أيضًا صعوبة في تبنّيه. ولكن في أوساط الفلسطينيين أيضًا هناك من يفهم أنّه لا يمكن الاستمرار في الوضع القائم، حيث إنّ الاقتصاد الفلسطيني متعثّر والفوضى المدنية مستشرية. تدرك القيادة الفلسطينية أيضًا ماذا يحدث في الدول العربيّة ولا ترغب في انهيار النسيج الاجتماعي الفلسطيني من الداخل.

تحدّث أوري سافير، أحد مهندسي اتفاقيات أوسلو، في مجلة “المونيتور” عن مرونة كبيرة في الجانب الفلسطيني، والتي قد تشكّل نقطة بداية من جهة نتنياهو. فقد نقل سافير أقوال عن مسؤول في منظمة التحرير الفلسطينية يقترح تأجيل محاولات التوصّل إلى اتّفاق دائم لثلاث سنوات، وبدلا منها فتح محادثات حول اتفاق مرحلي. وفقا للتقرير، هذه مبادرة يشارك فيها دبلوماسيون أردنيون، مصريون، وسعوديون، نُوقشت مع ممثّلين إسرائيليين غير رسميين.

تبدو تسوية تاريخية مع الفلسطينيين وتجديد العلاقات مع بعض الدول العربيّة، حلما ورديا بل خياليا، ولكن مَن يعرف الشرق الأوسط، يعرف أن بدء المحادثات النصف رسمية، قد يؤدي إلى تمهيد الأرضية لخطوات أكبر، لاسيما على ضوء حقيقة أن الشرق الأوسط يتغيّر كثيرا وليس مستقرّا.

إضافة إلى ذلك، تجدر الإشارة إلى أنّ نتنياهو، الذي يجتاز الآن ذروة تحقيق شرطي واسع النطاق، يرغب مع ذلك في النجاة السياسية ويهدف إلى تحويل الأضواء عن قضايا الفساد، المزعومة، التي تُفحص الشبهات حوله. صباح اليوم فقط، نُشر أنّ الشرطة تمتلك تسجيلات مجرِّمة تدلّ على تلقّي رشاوى. إنّ تحريك عملية سياسية ما، ستحوّل بالتأكيد الانتباه الشعبي، عن تلك القضايا.

اقرأوا المزيد: 560 كلمة
عرض أقل
الرئيس الفلسطيني الراحل، ياسر عرفات (AFP)
الرئيس الفلسطيني الراحل، ياسر عرفات (AFP)

عرفات.. الإسلام، التحريض، والنضال السياسي

كتاب جديد لباحثة إسرائيلية عن ياسر عرفات، يحاول تتبع التغيير الكبير الذي طرأ على خطاب الزعيم الفلسطيني الأشهر في تاريخ الصراع الإسرائيلي - الفلسطيني وأدى إلى تحويل النضال التحريضي إلى نضال سياسي

يُفكر كل إسرائيلي تقريبا، كان قد عرف عرفات عن قريب أو بعيد بالتأكيد في الأسئلة التالية: هل وقّع ياسر عرفات على اتفاقية أوسلو ولكن كان ينوي خرقها؟ هل كان يهدف خطابه الديني إلى تحريض أبناء شعبه على الكفاح المسلّح المستمر ضدّ إسرائيل؟ هل ووجه اندلاع الانتفاضة الثانية؟ وهل عرفات، الذي مثّل أكثر من أي شخص الشعب الفلسطيني ونضاله ضدّ إسرائيل بدءًا من الستينات وحتى وفاته، هو فعلا الزعيم الذي قاد التغييرات الكبيرة في موقف العالم وإسرائيل من الصراع الإسرائيلي – الفلسطيني؟

ستكون الإجابات شبه المؤكدة عن هذه الأسئلة الصعبة، سلبية غالبا. في الوعي الإسرائيلي، تجذّر عرفات كشخص كان غير موثوق، مُحرّضا، ومُستخدما كبيرا لكلمة “شهيد” التي كانت تهزّ أركان المجتمع الإسرائيلي.

عرفات لم ينجح في إقامة دولة مستقلة لكنه جعل الفلسطينيين، في نظر المجتمع الدولي شعبا يستحق دولة (AFP)
عرفات لم ينجح في إقامة دولة مستقلة لكنه جعل الفلسطينيين، في نظر المجتمع الدولي شعبا يستحق دولة (AFP)

إلى جانب كل ذلك، كُتبت آلاف المقالات وبعض الكتب كمحاولة لفكّ رموز شخصية “سيد فلسطين”. حتى أنه يبدو أنّ جزءا كبيرا من الكتابات الأكاديمية الموجودة حول نشاط “زعيم الشعب الفلسطيني”، قد كُتب باللغة العبرية. كان المتخصصون الإسرائيليون متحمسين لفهم “الرجل غريب الأطوار” الذي كان يضع الكوفية وحريصا على الحديث أحيانا بلغة رفيعة المستوى وفي أحيان أخرى تحدث بلغة الشعب، من جهة كان يضع على خاصرته مسدّسا مُلقما ومن جهة أخرى كان يلوّح باليد الأخرى رافعا غصن زيتون.

ويحاول كتاب جديد، واسمه “ياسر عرفات – خطاب زعيم وحيد” (إصدار راسلينغ)، للباحثة الإسرائيلية، الدكتورة رونيت مرزان (جامعة حيفا)، عرض وجهة نظر جديدة حول خطابات وأحاديث عرفات من أجل فهم نضاله وخطابه الإشكالي، الذي استخدمه بشكل أفضل وربّما لاستخلاص استنتاجات جديدة حول الصراع المستمر بين الإسرائيليين والفلسطينيين.

تحدثنا مع الدكتورة مرزان وحاولنا أن نفهم ماذا تجدّد دراستها في الواقع حول عرفات، من خلال التطرق إلى خطاباته، محادثاته الشخصية مع الزعماء، ومقابلاته مع الإعلام الفلسطيني والعالمي. وتطرقنا في المحادثة أيضًا إلى المجتمع الفلسطيني، وسألناها مَن قد يكون وريثا لأبو مازن، كرئيس للسلطة الفلسطينية.

هل كان عرفات زعيما مُحرّفا أم مُحرّضا؟

“لقد كان عرفات، على الأقل بالنسبة لبعض الإسرائيليين، زعيما فلسطينيا لم يحترم اتفاقية أوسلو وألحق الخراب بشعبه عند اندلاع الانتفاضة الثانية بدءًا من تشرين الأول 2000. يُعتبر عرفات، على أقل تقدير، في نظر الكثيرين من السياسيين والإعلاميين الإسرائيليين، محرّضاً مسلماً، اهتم بأن يُحرّض الفلسطينيين ويقودهم نحو التصادم العنيف مع إسرائيل في كل مرة قال فيها “على القدس رايحين.. شهداء بالملايين” أو عندما صرخ متحمّسا “بالروح بالدم نفديك يا فلسطين”.

https://www.youtube.com/watch?v=14t0PdaPNhQ

ولكن تُفسر الدكتورة مرزان أقوال عرفات الذي حرص على ذكرها من فوق كل منصة، بشكل آخر.

لماذا يتم الانشغال مجددا بالشخصية الفلسطينية المثيرة للجدل جدا في أوساط الإسرائيليين والعرب؟

“لا شك أن عرفات يعتبر زعيما للثورة الفلسطينية. فيعتبره الفلسطينيون زعيما حصريا، شرعيا، وحيدا من زعماء الشعب الفلسطيني. ورغم أنه لم ينجح في إقامة دولة مستقلة من أجل الشعب الفلسطيني، إلا أنه جعل الفلسطينيين، في نظر المجتمع الدولي شعبا معرّفا يستحق دولة.

واليوم عندما أنظر في مواقع التواصل الاجتماعي الفلسطينية، ألاحظ الشوق الكبير إليه. يتوق الكثير من الشباب الفلسطينيين إلى التوحيد الذي حرص على رعايته بين الفلسطينيين في رام الله وفي غزة ونابلس، بين الذين يعيشون في القرى والمخيّمات وبين الذين يعيشون في المدن الكبرى. إنّ المجتمَع الفلسطيني مقسّم جدا وما زال يُعتبر عرفات أسطورة رغم أنّه يمكننا أن نسمع بين الفينة والأخرى أيضا أصواتا تعبّر عن اليأس، والتي لا يُطلقها، بالمناسبة، أبناء الجيل الشاب. وإذا أردنا أن نفهم بشكل أفضل المجتمع الفلسطيني والأزمات التي مر بها فلا يمكن تجاهل هذه الشخصية”.

انتفاضة الأقصى عام 2000 (AFP)
انتفاضة الأقصى عام 2000 (AFP)

وتضيف مرزان قائلة “يتتبع كتابي التغيير الذي طرأ على توجه ياسر عرفات عندما استخدم الرموز الدينية للتحريض وحتى أصبح يستخدم الرموز الإسلامية الواضحة مثل الجهاد، الاستشهاد، صلح الحديبية، وحراسة الأماكن المقدسة في الأقصى، لأغراض تحويل النضال الفلسطيني من الخطاب العنيف والمسلّح إلى الخطاب الذي يعمل على التسوية التاريخية والنضال السياسي تجاه الإسرائيليين”.

أثّرت خمسة أحداث مؤسِّسة، في أنماط الخطاب الوطني – السياسي لدى عرفات: انتفاضة 1987، مؤتمَر مدريد، اتفاقية أوسلو، فشل مؤتمر كامب ديفيد عام 2000، وانتفاضة الأقصى. والسؤال هو ماذا يمكن أن يكون ملائما أكثر للمجتمع الفلسطيني التقليدي – المتديّن، سوى الخطاب الديني، الذي استخدمه عرفات كأداة للتجنيد. سعى أحيانا إلى استخدام خطاب الجهاد والاستشهاد، بهدف تجنيد الفلسطينيين للكفاح المسلّح وفي أحيان أخرى استخدمه من أجل النضال السياسي. “فعلى سبيل المثال عندما تحدث عرفات عن الجهاد، عندما كان في الستينات، السبعينات، الثمانينات في الدول العربيّة، كان يقصد الجهاد العسكري. وبعد اتفاقية أوسلو أوضح لأبناء شعبه، في معسكر الدهيشة للاجئين، أنّ هناك حاجة إلى الانتقال من “الجهاد الأصغر”، والذي هو كما ذكرنا الجهاد المسلّح إلى “الجهاد الأكبر”، أي النضال السياسي وفقا للحديث النبوي. ارتعدت أركان المجتمع الإسرائيلي عندما سمعت كلام عرفات عن الجهاد وأشار إليه الإسرائيليون على أنه لا يمكن الوثوق به واعتبروه شخصا يرغب في طرد جميع الإسرائيليين من أرض الآباء” فحسب، كما تقول مرزان.

مراسم توقيع اتفاقيات أوسلو بين إسرائيل والفلسطينيين في البيت الأبيض (AFP)
مراسم توقيع اتفاقيات أوسلو بين إسرائيل والفلسطينيين في البيت الأبيض (AFP)

يدعي الكثير من الإسرائيليين أنّ تطرق عرفات إلى صلح الحديبية في خطاباته، بعد نحو نصف عام من توقيع اتفاقية أوسلو، هو دليل على أنه أراد متابعة الجهاد ولم يقصد حقا تنفيذ الجزء المتعلق به في الاتفاقية. ما رأيك في استخدام مثل هذا الرمز الإسلامي الواضح، هل قصد حقا انتهاك اتفاقه مع الإسرائيليين؟

“يدعي معظم الباحثين الإسرائيليين أنّ عرفات قد غمز الشعب الفلسطيني وسط هذا الخطاب وأنّه أراد أن يقول لشعبه “أوقع على اتفاقية أوسلو ولكني لا أنوي حقا تنفيذها. وأنا أدعي أن عرفات لم يقصد انتهاك اتفاقية أوسلو وإنما أن يضع نفسه كخليفة للنبي محمد، ممّا يعني أنه، مثل النبي محمد، قد أظهر حكمة سياسية ورغم معارضة عمر بن الخطاب لصلح الحديبية، فقد وقع عليه. هكذا ادعى عرفات أنه هو أيضًا، رغم المعارضة الإسلامية، وخصوصا من حماس، والمعارضة الداخلية، في أوساط قيادات صفوف حركة فتح، لاتفاقية أوسلو، فهو كخليفة للنبي محمد، أظهر حكمة سياسية، وقع على اتفاقية أوسلو، وخاطر بنفسه سياسياً. ولكن في الوقت ذاته أوضح أنّه إذا انتهك الإسرائيليون الاتفاق، فلن يلتزم به أيضًا”.

كان الخطاب البطولي الذكوري الذي اعتمده عرفات في مخيّمات اللاجئين، في الدول العربية، في أراضي الضفة الغربية، وقطاع غزة حتى توقيع اتفاقية أوسلو، وهو “سلام الشجعان” كما وصفه، إلى حد كبير أيضًا ردّ فعل على الخطاب البطولي الصهيوني والإسرائيلي. بكلمات أخرى، جاءت أسلمة الصراع كردّ فعل ضدّ تهويده.

وأكثر من ذلك، تدعي الدكتورة مرزان أنّه “عندما قرر ياسر عرفات أنه من المفضّل له التوصل إلى تسوية سياسية، بعد أن أدرك أنّ بقاءه السياسي في خطر، وجد نفسه في الواقع يقف أمام إسحاق رابين. فبينما كان رابين أسطورة إسرائيلية، “سيد الأمن”، هزم الجيوش العربية، وجد ياسر عرفات نفسه، وهو لاجئ قد طُرد من كل دولة عربية قدِم إليها، يقف أمام رابين ويوقع على اتفاقية سلام، تحديدا مع الشخص الذي هزم الجيوش العربية”.

ماذا تعتقدين أنه يحدث اليوم في المجتمع الفلسطيني؟

“إنّ الوصف الأهم، في نظري، اليوم الذي يصف المجتمع الفلسطيني هو “الانهيار”. المجتمع الفلسطيني متصدّع وممزّق ليس فقط بين فتح وحماس وإنما أيضا هناك تصدّعات عميقة أكثر بين أولئك الذين في رام الله وأولئك الذين في نابلس، تصدعات واسعة بين أبناء مخيّمات اللاجئين وبين الذين يسكنون في المدن الكبرى، وهلمّ جرا. تجري عملية مثيرة للاهتمام في المجتمع الفلسطيني: كانت توفر العائلة في المجتمع الفلسطيني الحماية الاقتصادية، الاجتماعية، الأخلاقية، المعنوية، والمادية لأفرادها. رويدا رويدا كلما مرت العائلات بعملية التحضّر، تفكّكت العشائر الكبرى. مع إقامة أجهزة السلطة الفلسطينية تولت السلطة جزءا من هذه الأدوار الرئيسة: الأمن الاقتصادي والمادي. كان يفترض بالدولة الفلسطينية عند إقامتها أن تبني بنى تحتية اقتصادية، توفر للمواطنين أمانا، مسكنا، عملا، وما إلى ذلك… ولكن عندما توقفت الدولة عن توفير الخدمات الأساسية وبدأ يرى الجيل الشاب كيف أن قادة السلطة الفلسطينية والقادة في غزة يسرقون خزينة الدولة، بدأت هذه الأدوار تعود إلى العشائر الفلسطينية. نتيجة لذلك نرى التسليح الهائل في أوساط العائلات الكبرى التي تشتري كميات هائلة من السلاح وتخزّنها من أجل الدفاع عن أفرادها ومصالحهم الاقتصادية. إضافة إلى ذلك، هناك أيضا انعدام الأفق السياسي وعدم استقرار الأمن الاقتصادي مما سيؤدي إلى احتمال انفجار كبير الأبعاد والذي سيصل، في نهاية المطاف، إلى عتبة إسرائيل”.

إذا لم ينجح أبو مازن، في أن يكون منقذا للوضع، زعيما للفلسطينيين وكابحا للتفكك الشامل في المجتمع الفلسطيني، فمن بحسب رأيكِ يمكن أن يقوم بذلك؟

صورة مروان البرغوثي و ياسر عرفات على لافتة في رام الله (Abed Rahim Khatib Flash 90)
صورة مروان البرغوثي و ياسر عرفات على لافتة في رام الله (Abed Rahim Khatib Flash 90)

“لا أعلم إذا كان العالم يفهم ماذا يحدث داخل المجتمع الفلسطيني. يدور الحديث عن مجتمع لا ينجح في تنظيم انتخابات للسلطات المحلية. يعيش الفلسطينيون في الواقع، بدءًا من انتهاء الانتفاضة الثانية وبعد ثلاثة جولات من الحرب في غزة، في حالة يأس تام، فمن جهة لا يُرى أفق سياسي ومن جهة أخرى لا ينجح الكفاح المسلّح في إيجاد أي تغيير سياسي أو التعرّف على معاناة الفلسطينيين. أعتقدُ أنّه كان هناك احتمال للتوصل إلى تسوية سياسية مع أبو مازن أكثر من ياسر عرفات ولكن خسر القادة الإسرائيليون هذه الفرصة. تقزّم القيادة الإسرائيلية اليوم أبو مازن، فهو أيضًا في رأيي زعيم غير ذي صلة بالنسبة لقطاعات واسعة من أبناء شعبه. أصبح أبو مازن ضعيف جدا في المجتمع الفلسطيني وفي المجتمع الدولي على حد سواء، لذلك أعتقد أنّ مروان البرغوثي هو الوحيد الذي بإمكانه اليوم توحيد الفلسطينيين وإنقاذ المجتمع الفلسطيني من الفوضى”.

وتدعي الدكتورة مرزان أنّ إسرائيل ستُبدي حكمة إذا أطلقت سراحه من السجن. “مروان البرغوثي هو زعيم أصيل، ورغم أنه ليس مرغوبا به في أوساط الجمهور الإسرائيلي ويده ملطخة بالدماء، ولكنه مقبول تقريبا على جميع الفصائل الفلسطينية، على حماس وعلى الجهاد الإسلامي وهو قادر أيضا على أن يجمع حوله أشلاء المجتمع الفلسطيني. بل إنّه مقبول على زعيمين بارزين جدا في المجتمع الفلسطيني، وهما سلام فياض ومحمد دحلان، ويعتبر أيضًا ليبراليا جدا، ويمكن ملاحظة ذلك من خلال قراءة كتاباته عن مكانة المرأة الفلسطينية وطريق تمكينها. أعتقد أن مروان يدرك أيضًا أنّه إذا أطلقت إسرائيل سراحه، فإنّ نافذة فرصه ستكون صغيرة ولن يستطيع قيادة الفلسطينيين إلى انتفاضة أخرى. إذا أدركت إسرائيل مكانة البرغوثي، يمكنها أن تمنع جولة العنف القادمة التي ستصل إلى عتبتها”.

اقرأوا المزيد: 1474 كلمة
عرض أقل
شمعون بيريس (AFP)
شمعون بيريس (AFP)

وفاة الرئيس الإسرائيلي السابق شمعون بيريس

توفي بيريس عن عمر ناهز ال93 عامًا، بعد أن أصيب بجلطة دماغية. كان بيريس رئيس الحكومة الإسرائيلية مرتين، وحصل على جائزة نوبل للسلام عام 1994

28 سبتمبر 2016 | 05:14

توفي الرئيس الإسرائيلي السابق شمعون بيريس، فجر اليوم ‏(الأربعاء) عن عمر يناهز 93 عاما بعد أن أصيب بجلطة دماغية قبل أسبوعين، وأمس تدهورت حالته الصحية.

وُلد بيريس في بولاندا عام 1923 باسم “شمعون بيرسكي”، وقدم إلى إسرائيل في سنة 1934. لقد تعلم بيريس في مدرسة زراعية. عمل في تربية المواشي وكان راعيا، ولكنه برز أكثر في وظيفة أمين الصندوق.

بعد أن أصبح أحد قيادي حركة “الشّبيبة العاملة”، لفت انتباه القيادات الصّهيونيّة في إسرائيل، وانضمّ للعمل مع دافيد بن غوريون. عند بلوغه 30 عامًّا فقط، أشغل بيريس منصب المدير العام لمكتب الدّفاع الإسرائيليّ. لقد أشغل المنصب طيلة سنوات الخمسينات، وشغل منصب مهمّ في إقامة معمل البحث النّوويّ في ديمونا.

إن تقدُّم بيريس لم يتوقّف، وتابع إشغال العديد من المناصب، بصفته نائب وزير ووزير. عُيّن في عام 1974 وزيرًا للدّفاع في حكومة إسحاق رابين الأولى. عُيّن بيريس على رأس قائمة “حزب العمل” عشية انتخابات 1977، ولكن بعد ذلك خسر الانتخابات مرتين، وانتُخب رئيسا للحكومة فقط في عام 1984.

شمعون بيريس مع رئيس حكومة إسرائيل الأول، دافيد بن غوريون عام 1955
شمعون بيريس مع رئيس حكومة إسرائيل الأول، دافيد بن غوريون عام 1955

شغل بيريس منذ عام 1987 منصب وزير الخارجية، وقد بدأ في إطار هذا المنصب التمهيد لإجراء مباحثات مع الأردن ومع الفلسطينيين. كان من المبادرين إلى اتفاقيات أوسلو، التي تم توقيعها عام 1993، والّتي أفضت إلى تسوية بين إسرائيل ومنظّمة التّحرير الفلسطينيّة، وإقامة السلطة الفلسطينيّة. في أعقاب اتفاقية أوسلو، حصل كل من بيريس، رابين وياسر عرفات، على جائزة نوبل للسلام وبهذا تحوّل بيريس من الرّجل الّذي يهتمّ بتسلّح جيش إسرائيل إلى رجل يحارب من أجل السّلام. تم خلال عهده أيضًا توقيع معاهدة السلام بين إسرائيل والأردن.

شمعون بيريس مع إسحاق رابين وياسر عرفات وهم يتسلمون جائزة نوبل للسلام بعد اتفاقيات أوسلو عام 1994.
شمعون بيريس مع إسحاق رابين وياسر عرفات وهم يتسلمون جائزة نوبل للسلام بعد اتفاقيات أوسلو عام 1994.

بعد اغتيال رئيس الحكومة الإسرائيلي إسحاق رابين عام 1995 عُين بيريس بدلاً منه رئيسًا للحكومة.

تم انتخاب شمعون بيريس رئيسًا لدولة إسرائيل عام 2007، ومنذ تلك اللحظة أصبح يتخطّى كلّ جدل وبات محبوبًا من قِبَلِ كل الشعب.عمل خلال شغله منصب الرئيس على إرساء مبادئ المساواة ووحدة الشعب، وحاول بكل قوته تشجيع العودة إلى العملية السياسية والحوار مع الفلسطينيين. وأيضًا بعد أن أنهى مهام منصبه كرئيس تابع العمل، من دون توقف، على دفع تحقيق السلام قُدما، واستمر، على الرغم من عمره المُتقدم، بلقاء شخصيات من كل العالم.

شمعون بيريس ومحمود عباس (Mark Neyman/GPO)
شمعون بيريس ومحمود عباس (Mark Neyman/GPO)

تزوج بيريس من سونيا وأنجبا ثلاثة أولاد: تسفيا وهي الابنة البكر،  وولدان وهما يونتان ونحميا (حمي).

اقرأوا المزيد: 336 كلمة
عرض أقل
  • مراسم توقيع اتفاقيات أوسلو بين إسرائيل والفلسطينيين في باحة البيت الأبيض في 13 أيلول  1993 (Wkipedia)
    مراسم توقيع اتفاقيات أوسلو بين إسرائيل والفلسطينيين في باحة البيت الأبيض في 13 أيلول 1993 (Wkipedia)
  • مراسم توقيع مُعاهدة السلام بين إسرائيل ومصر في باحة البيت الأبيض في 26 آذار 1979 (Wikipedia)
    مراسم توقيع مُعاهدة السلام بين إسرائيل ومصر في باحة البيت الأبيض في 26 آذار 1979 (Wikipedia)
  • مراسم توقيع مُعاهدة السلام بين إسرائيل والأردن في باحة البيت الأبيض في 26 تشرين الأول 1994 (Wikipedia)
    مراسم توقيع مُعاهدة السلام بين إسرائيل والأردن في باحة البيت الأبيض في 26 تشرين الأول 1994 (Wikipedia)

5 حقائق عن يوم السلام العالمي

اليوم، 21 أيلول، يحتفل العالم بيوم السلام العالمي وإليكم بعض الحقائق المُلفتة المتعلقة بهذه المُناسبة

21 سبتمبر 2016 | 18:19

يجدر بكم أن تعرفوا أنه يُحتفل اليوم بيوم السلام العالمي في العالم. نستعرض أمامكم 5 حقائق مُلفتة وسريعة عن هذه المُناسبة:

1.يسعى يوم السلام العالمي إلى إرساء السلام في العالم وإنهاء الحروب والعنف

مراسم توقيع اتفاقيات أوسلو بين إسرائيل والفلسطينيين في باحة البيت الأبيض في 13 أيلول 1993 (Wkipedia)
مراسم توقيع اتفاقيات أوسلو بين إسرائيل والفلسطينيين في باحة البيت الأبيض في 13 أيلول 1993 (Wkipedia)

2.لقد احتُفل، للمرة الأولى، بيوم السلام العالمي في الأمم المُتحدة عام 1982 ومذاك أصبح احتفالا سنويا

3.تم تحديد يوم السلام العالمي لهذا العام منذ العام الماضي، 2015، من قبل الأمين العام للأمم المُتحدة، بان كي مون

مراسم توقيع مُعاهدة السلام بين إسرائيل والأردن في باحة البيت الأبيض في 26 تشرين الأول 1994 (Wikipedia)
مراسم توقيع مُعاهدة السلام بين إسرائيل والأردن في باحة البيت الأبيض في 26 تشرين الأول 1994 (Wikipedia)

4. طلب بان كي مون العمل على تنفيذ خطة سلام في غضون 15 عامًا، أي حتى في عام 2030

5. تتضمن الخطة مُحاربة الفقر، جهودا للحفاظ على كوكب الأرض، وازدهارا

مراسم توقيع مُعاهدة السلام بين إسرائيل ومصر في باحة البيت الأبيض في 26 آذار 1979 (Wikipedia)
مراسم توقيع مُعاهدة السلام بين إسرائيل ومصر في باحة البيت الأبيض في 26 آذار 1979 (Wikipedia)
اقرأوا المزيد: 94 كلمة
عرض أقل
رئيس حكومة إسرائيل، إسحاق رابين (Flash90)
رئيس حكومة إسرائيل، إسحاق رابين (Flash90)

قناة في غاية السرية

في الثالث عشر من أيلول عام 1993، تمّ التوقيع على اتّفاق أوسلو في البيت الأبيض. وبدأت المسيرة السرية التي قادت إلى المصافحة بين إسحاق رابين وياسر عرفات قبل تسعة أشهر بلقاء في النروج.

بدأت القناة السرية في أوسلو، عاصمة النروج، في كانون الثاني 1993، وأدارها كلٌّ من يائير هيرشفيلد ورون بونداك، مبعوثَي نائب وزير الخارجية آنذاك، يوسي بيلين.

بادر نائب وزير الخارجية بيلين إلى المحادثات السرية، بدايةً في لندن، ومن ثم في أوسلو. جرت هذه اللقاءات مع قيادة منظمة التحرير الفلسطينية بشكل مباشر، رغم أنّ اللقاءات مع قيادة منظمة التحرير كانت ممنوعة قانونيًّا في إسرائيل.

وقال بيلين لاحقًا إنّ وزير الخارجية شمعون بيريس جرى إطلاعه بعد شهرَين فقط من إطلاق القناة السرية بين الوفد الفلسطيني والوفد الإسرائيلي. أمّا رئيس الحكومة رابين فقد أُعلِم بعد ذلك بكثير.

في أيار 1993، جرى ضمّ المدير العام لوزارة الخارجية حينذاك، أوري سافير، للمحادثات السرية ولكن الرسمية. وبعد ثلاثة أشهر، في 20 آب 1993، وقّع سافير سرًّا على إعلان المبادئ إلى جانب أبي العلاء. بعد مرور بضعة أيام، تسرب الخبر إلى الإعلام محدثًا ضجيجًا في العالم.

في 9 أيلول، تبادل رابين وعرفات رسالتَي اعتراف متبادل عبر وزير الخارجية النروجي يوهان يورغن هولست. وجاء في الرسالة الإسرائيلية التي أرسلها‎ ‎‏رئيس حكومة إسرائيل، إسحاق رابين أنّ إسرائيل‏ تعترف بمنظمة التحرير الفلسطينية كممثّل قانوني وشرعي للشعب الفلسطيني.‎ والتزمت إسرائيل بإلغاء القانون الذي يحظر اللقاء بأعضاء منظمة التحرير الفلسطينية والإعلان عن المنظمة تنظيمًا إرهابيًّا.

أحمد قريع (أبو العلاء- يمين) ويوسي بيلين (شمال) نائب وزير الخارجية السابق (Flash 90)
أحمد قريع (أبو العلاء- يمين) ويوسي بيلين (شمال) نائب وزير الخارجية السابق (Flash 90)

في الرسالة الفلسطينية التي أرسلها رئيس‎ ‎‏منظمة التحرير الفلسطينية‏‎ ‎‏ياسر عرفات، اعترفت منظمة التحرير الفلسطينية بحق دولة إسرائيل في أن تعيش بسلام وأمان. قبلت المنظمة بقرار مجلس الأمن الدولي رقم 242 (الأرض مقابل السلام)، وقرار مجلس الأمن رقم 338 (وقف إطلاق النار خلال 12 ساعة). بالمقابل، أعلنت المنظمة نبذ الإرهاب والعنف، والتزمت بإنهاء النزاع بطرق سلمية. أمّا البند الأكثر أهمية من جهة إسرائيل فكان موافقة منظمة التحرير الفلسطينية على تقديم تغييرات في بنود الميثاق الوطني الفلسطيني ليصادق عليها المجلس الوطني الفلسطيني، حيث إنّ هذه البنود تنكر حق وجود إسرائيل.

رون بونداك، أحد مهندسي أوسلو من الطاقم الإسرائيلي لمحادثات أوسلو (Flash90Miriam Alster)
رون بونداك، أحد مهندسي أوسلو من الطاقم الإسرائيلي لمحادثات أوسلو (Flash90Miriam Alster)

وقال رون بونداك، أحد مهندسي أوسلو من الطاقم الإسرائيلي للمحادثات: “إنّ الهدف الأكبر كان ولا يزال إتمام عملية إقامة دولة إسرائيل، التي بدأت في 29 تشرين الثاني 1947 مع إعلان الأمم المتحدة عن التقسيم. أكبر إنجازَين حققهما اتّفاق أوسلو هما الاعتراف المتبادل التاريخي بين حركتَين وطنيتَين – الحركة الصهيونية ممثلةً بدولة إسرائيل، والحركة الوطنية الفلسطينية ممثَّلةً بمنظمة التحرير الفلسطينية، قاتلتا حتى ذلك الوقت الواحدة ضدّ الأخرى في مباراة مجموع نقاطها صفر، أي أنّ انتصار الطرف الواحد يعني هزيمة الآخر. أمّا الإنجاز الثاني فهو الموافقة على أنّ الطريق إلى الحل يكمن في تطبيق قرار مجلس الأمن رقم 242، وبكلمات أخرى، تقسيم أرض إسرائيل/ فلسطين إلى كيانَين سياسيَّين – إسرائيلي وفلسطيني”.

في 13 أيلول 1993، أقيمت في حديقة البيت الأبيض، بمشاركة رئيس الولايات المتحدة بيل كلينتون، رئيس الحكومة إسحاق رابين، ورئيس منظمة التحرير الفلسطينية ياسر عرفات، مراسيم احتفالية للتوقيع على “إعلان المبادئ حول ترتيبات الحكم الذاتي الانتقالي”. ووقّع على الوثيقة نفسها باسم إسرائيل شمعون بيريس، وباسم منظمة التحرير الفلسطينية محمود عباس، وكشاهدَين وزير الخارجية الأمريكي وارن كريستوفر ووزير الخارجية الروسي أندريه كوزيريف. وبعد التوقيع، جرت مصافحة تاريخية بين عرفات ورابين المتردّد، حيث اهتمّ كلينتون بأن يمتنع عرفات عن أن يقوم عرفات، كعادته، بتقبيله أو تقبيل رابين.

اقرأوا المزيد: 468 كلمة
عرض أقل