صورة توضيحية (Hadas Parush/Flash 90)
صورة توضيحية (Hadas Parush/Flash 90)

النساء والعرب في إسرائيل يكسبون أقل

وفق استطلاع وزارة التشغيل، لا يعمل الكثير من الفئات السكانية في إسرائيل في مهن ذات أجر عال | "الوضع مثير للقلق وعلينا العمل على تغييره"

فارق الأجر وعدم المساواة في سوق العمل: تربح النساء أقل من الرجال، وهناك تمثيل قليل للعرب والإثيوبيين في سوق العمل، هذا ما يتضح من مؤشر مفوَّضية المساواة في فرص العمل في وزارة الرفاه والخدمات الاجتماعية، كان قد نُشر أمس (الأحد) في إسرائيل.

فحص المؤشّر معطيات حول دمج 5 فئات سكانية مُهمشة في 20 فرعا اقتصاديا في السوق الخاص: النساء، العرب، اليهود الأثيوبيون، الحاريديم (اليهود المتدينون)، وبالغون أعمارهم 45 عاما وأكثر. تشير النتائج إلى صورة صعبة حول السوق الإسرائيلي.

تشير معطيات المؤشّر بشكل واضح إلى فرق كبير في الفرص المتاحة في سوق العمل أمام مجموعات مختلفة، وفارق ملحوظ في الأجر بينها أيضا.

فمثلا، يتضح من المؤشر أن هناك فارق ملحوظ بين تمثيل النساء والرجال في مجالات الاقتصاد ذات مستوى أجر عال مثل البرمجة، البحث العلمي، وتطوير الحواسيب وإنتاجها. فتربح النساء اللواتي يعملن في هذه المجالات أجرا أقل بكثير من الأجر الذي يكسبه الرجال الذين ينتجون العمل ذاته.

والوضع أصعب عند النظر إلى مجموعات سكانية أخرى، مثل مواطني إسرائيل العرب أو اليهود الإثيوبيين. وفق المعطيات، لا تحظى هاتان المجموعتان بتمثيل في صناعة الهايتك، ومهن في مجال العلوم، ذات أجر عال، كما ذُكر آنفًا، وعندما يتم تشغيل أفراد هاتين المجموعتين يكون أجرهم أقل من أجر العمال اليهود.

رغم ذلك، فإن هذه المجموعات السكانية تعمل أكثر في مهن ذات مستوى أجر أقل، مثل مجال صناعة النسيج، خدمات الصيانة والبستنة، التجارة بالتجزئة، وإنتاج الأطعمة.

وخلافا لما هو متوقع، فإن الأقليّة من السكان الذين يربحون أكثر من معدل الأجر في السوق هم أبناء 45 عاما وأكثر. تشير هذه المعطيات إلى حقيقة أن الأجر والرتبة في العمل يميلان إلى الزيادة معا مع التقدم في العمر، بحيث يظهر التقدم في العمل. رغم ذلك، فإن الأجيرين البالغين يعملون أقل في مجالات مرموقة وبارزة في المجتمع.

عُرِض المؤشر في منزل رئيس دولة إسرائيل، رؤوفين ريفلين، الذي قال: “لا تعرف القدرات الإسرائيلية لون البشرة، ولا تُميّز على أساس الدين أو القومية. إن الطريق نحو التغيير تمر عبر خلق التزام لدى صاحبي القرارات. أدعو زعماء الاقتصاد – إلى الانضمام إلينا وفتح الأبواب أمام السكان. قال وزير العمل وخدمات الرفاه: “كلما شارك عدد أكبر من المجموعات في سوق العمل، نربح أكثر. يعرض المؤشر صورة مقلقة وعلينا العمل على تغييرها”.

اقرأوا المزيد: 339 كلمة
عرض أقل
الطائفة الآشورية في الشرق الأوسط (AFP)
الطائفة الآشورية في الشرق الأوسط (AFP)

المضطهدون: 8 حقائق عن الآشوريين

حتى وقت قريب، كان يعشي ملايين الآشوريين في العراق وسوريا - ولكن داعش تضطهدهم الآن. الخطيئة: إنهم مسيحيون

حدث ذلك عشية الخامس من آب عام 2014، حيث سيطر “المغول الجدد” – وفق ما تتم تسمية مقاتلي داعش في العراق – تقريبا دون أية مقاومة على سهل نينوى شمال العراق. لقد سقطت مدينة الموصل – نينوى القديمة، المدينة العظيمة، عاصمة مملكة آشور القديمة – قبل ذلك، في العاشر من حزيران عام 2014.

العلم الآشوري (Wikipedia)
العلم الآشوري (Wikipedia)

وليس صدفة أن تُجرى مقارنة بين داعش والمغول، الذين دمّروا في القرن الثالث عشر هذه المنطقة من البلاد وكذلك الإمبراطورية العربية المجيدة. يتحدث المؤرخون عن المغول المحتلّين باعتبارهم متوحّشين، لم يتردّدوا في قطع الرؤوس وأدوا إلى هرب جماعي، ممّا حوّل المقاطعات المزدهرة إلى قِفار.

الطائفة الآشورية في الشرق الأوسط (AFP)
الطائفة الآشورية في الشرق الأوسط (AFP)

وكان الغزاة البرابرة في ذلك الحين وثنيين؛ واليوم، فإنّ مسلّحي داعش يعملون باسم الإسلام وللمفارقة فهم يرفعون أعلام الخلافة العباسية السوداء والتي دُمّرت في النهاية على أيدي المغول. ولكن النتيجة ذاتها.

فمعظم القرى والمدن الإحدى عشرة في سهل نينوى، حيث عاش اليزيديون، التركمان المسيحيون وأبناء الطائفة الآشورية، فُرّغت من سكانها قبل أيام معدودة من الاحتلال. وبعد سقوط الموصل وهرب القوات العراقية المسلّحة وقوات البشمركة الكردية من المنطقة، لم يشكّ في المنطقة أنّ ليس هناك من يوقف وباء داعش.

الطائفة الآشورية في الشرق الأوسط (AFP)
الطائفة الآشورية في الشرق الأوسط (AFP)

تم الحديث كثيرا عن الأكراد واليزيديين وبتوسّع. وتضطهد داعش الآشوريين اليوم بل وتم الحديث مؤخرا عن قوة نسائية مسيحية – آشورية تعمل مع قوات الثوار السوريين لإسقاط الدولة الإسلامية، ولكن من هم الآشوريون؟‎ ‎

10 حقائق مثيرة للاهتمام عن الآشوريين

الطائفة الآشورية في الشرق الأوسط (AFP)
الطائفة الآشورية في الشرق الأوسط (AFP)

1.الآشوريون هم مجموعة عرقية تتحدث الآرامية الحديثة ودينها هو الدين المسيحي.

2.ويعيش معظم الآشوريين اليوم بشكل أساسيّ في شمال العراق، ولكن في جنوب شرق تركيا، في أذربيجان، كردستان وشرق سوريا أيضًا. وهناك الكثير من المغتربين في أوروبا والولايات المتحدة.

3.دينيًا، فهم ينتمون إلى عدة كنائس من بينها الكنيسة الآشورية. المشترك لدى جميعهم هو استخدام اللغة السريانية القديمة كلغة الصلاة.

الطائفة الآشورية في الشرق الأوسط (AFP)
الطائفة الآشورية في الشرق الأوسط (AFP)

4.وينبع اسم الآشوريين نسبة إلى الشعب الآشوري القديم، ولكن لا يقبل جميعهم هذه التبعية. ويفضّل بعضهم أن يسمّوا “الكلدان” (نبوخذ نصر الثاني هو الملك الأشهر للإمبراطورية الآشورية)، بينما يفضّل آخرون أن يسمّوا الآراميين أو السريان (على اسم الكنيسة السريانية).

5.بنى الآشوريون الكنائس، وترجموا الكتاب المقدّس إلى السريانية، وكذلك كتابات أرسطو وكلوديوس. وقد انتقلت عن طريق الآشوريون العلوم اليونانية، الفلسفة والطبّ إلى العرب.

شابّات سوريات مسيحيات يُحاربن داعش (AFP)
شابّات سوريات مسيحيات يُحاربن داعش (AFP)

6.واضطهدت “تركيا الفتاة” التي سيطرت على الإمبراطورية العثمانية في سنواتها الأخيرة الآشوريين، كأقلية مسيحية. وقد بدأ طردهم من منازلهم بدءًا من عام 1914. فخلال العام 1915 قُتل نحو 750,000 آشوري، والذين كانوا يمثّلون نحو ثلاثة أرباع السكان الآشوريين في المنطقة. أما الجالية الآشورية الصغيرة التي ظلت في جنوب شرق تركيا فقد خرجت من هناك بدءًا من السبعينيات مع تطوّر الصراع بين الحكومة التركية والأكراد في المنطقة.

7.تعرّض الآشوريون للاضطهاد في العراق وإيران أيضا. ومؤخرا، مع سقوط نظام صدام حسين في العراق، ازداد انعدام الأمن لدى الجالية الآشورية في شمال العراق، وهاجر الكثير منهم إلى الغرب. هناك تمثيل صغير للجالية الآشورية في البرلمان العراقي، على شكل الحركة الديمقراطية الآشورية.

8.ويعيش اليوم وفقا للتقديرات أكثر من 3 ملايين آشوري في جميع أنحاء العالم. فبعضهم في الولايات المتحدة (جالية كبيرة بشكل خاصّ، نحو 80,000 نسمة، تعيش في شيكاغو). بالإضافة إلى ذلك، ففي أوروبا أيضا هناك جالية كبيرة من الآشوريين، وخصوصا في السويد، ألمانيا وروسيا.

اقرأوا المزيد: 474 كلمة
عرض أقل
الطائفة الأحمدية في العالم (AFP)
الطائفة الأحمدية في العالم (AFP)

10 حقائق عن الطائفة الأحمدية

الإسلام يدعو إلى السلام، الإخاء والتسامح. أعضاء الطائفة الأحمدية، الذين يبلغ تعدادهم عشرات ملايين المسلمين حول العالم، يؤمنون بأنّ القرآن يحرّم العنف والإكراه، ويقيمون حياة اجتماعية مزدهرة في إسرائيل

الإسلام: دين المحبّة والسلام. يمكن سماع هذه الجمل الداعية إلى الخير والمحبّة على لسان كل مسلم، من أبناء الطائفة الأحمدية سواء في العالم أو في إسرائيل.

ومن لا يعلم عن المشاق العديدة التي يعيشها أبناء الطائفة الأحمدية في العالم عموما وفي أراضي السلطة الفلسطينية خصوصا، سيكون كما لو أنه لم يسمع في أي وقت مضى عن اضطهاد الأقليات ولم يعرف التاريخ الدموي للاضطهاد السياسي واضطهاد الأقليات الدينية في الشرق الأوسط.

الطائفة الأحمدية ليست حركة باطنية في الإسلام، وإنما يبلغ تعداد أفرادها كما ذكرنا عشرات الملايين من المؤمنين والذين يعيشون في 170 دولة، معظمهم في جنوب شرق آسيا وغرب أفريقيا. يقع المركز العالمي للطائفة في لندن. في إسرائيل أيضًا هناك جالية أحمدية صغيرة نسبيًّا.

مسجد الطائفة الأحمدية في برلين (AFP)
مسجد الطائفة الأحمدية في برلين (AFP)

من أجل أن نفهم من هم؟ وما هي معتقداتهم؟ أمامكم 10 حقائق قصيرة وسريعة حول الأحمديين في العالم وفي إسرائيل:

1. الطائفة الأحمدية هي حركة إصلاحية عالمية جديدة. تأسست عام 1889 في مدينة قاديان في الهند. ادعى مؤسّسها، ميرزا غلام أحمد، أنّه النبي المصحّح والموعود والذي انتظر دعاة الأديان المختلفة ظهوره تحت أسماء وألقاب عديدة.

2. وفقا لكتابات الطائفة، فقد انتظر الهنود كريشنا، وانتظر اليهود والمسيحيون المسيح، وانتظر البوذيون بوذا، وانتظر المسلمون المهدي والمسيح. تحت التوجيه الإلهي، فقد جلب النبيّ المؤسس، ميرزا غلام أحمد، بشرى ظهوره كنبي مصحّح، يمثّل جميع هؤلاء الأشخاص الموعودين. كانت مهمّته إدخال البشرية كلها تحت كنف دين واحد ومعتقد واحد، كما يقول الأحمديون.

الطائفة الأحمدية في العالم (AFP)
الطائفة الأحمدية في العالم (AFP)

3. يعتقد الأحمديون بأنّهم يمثّلون الوجه الحقيقي للإسلام، الإسلام كطريقة حياة عالمية، المتسامح، والذي يدعو إلى محبّة الناس واحترام الآخر. يرى دعاة هذا الدين أنفسهم مسلمين بكل معنى الكلمة من الناحية الدينية وبأنّ الإسلام هو دين عالمي ويهدف إلى خدمة الإنسانية.

4. بعد تقسيم الهند إلى دولة ذات غالبية هندية ودولة مسلمة، انتقل الأحمديون من الهند إلى باكستان وانتقل المركز الديني إلى مدينة جديدة أسسها الأحمديون وهي ربوة. تمّ اضطهاد الحركة في باكستان على مدى سنوات وانتقل نشاطها الديني إلى لندن. وتتوزّع مراكز الحركة الأحمدية اليوم في دول عديدة.

5. بعد وفاة مؤسس الحركة الأحمدية (1908)، بدأت سلسلة الخلفاء في الإسلام من جديد. اختار أبناء الطائفة كبير الحكماء، مولانا نور الدين، الذي تولّى هذا المنصب حتى وفاته عام 1914. وهكذا استمرّت مؤسّسة الخلافة حتى يومنا هذا. ويتولّى المنصب في هذه الأيام الخليفة الخامس في العدد وهو ميرزا مسرور أحمد.

سماحة الخليفة الخامس، ميرزا مسرور أحمد (AFP)
سماحة الخليفة الخامس، ميرزا مسرور أحمد (AFP)

6. الأحمديون نشطون دعويا بطبيعتهم، نشروا معتقداتهم وطريقة حياتهم لملايين الناس حول العالم بواسطة مراكز الدعوة. وقد حرصوا أيضًا على ترجمة القرآن بكامله لأكثر من سبعين لغة عالمية، وترجموا كذلك آيات مختارة من القرآن ومن الحديث النبوي لنحو 130 لغة. وهناك في العصر الحاضر أيضًا قناة تبثّ موادّ دينية 24 ساعة في الأسبوع بواسطة الأقمار الصناعية، وهي قناة MTA International.

7. وكما ذكرنا يعتبرُ الأحمديون أنفسهم مسلمين بكل معنى الكلمة. فضلا عن ذلك، يدّعون أنّهم المسلمون الحقيقيون، وأنّهم يمثّلون الإسلام الحقيقي. في هذا الشأن يجب أن نقول إنّ المسلمين من التيار التقليدي يتعاملون مع الأحمديين باعتبارهم “غير مسلمين”، وذلك بشكل أساسيّ بسبب إيمانهم بأنّ النبي محمد ليس آخر الأنبياء في سلسلة الأنبياء الطويلة. يؤمن المسلمون الأحمديون بأن ميرزا غلام أحمد هو الإمام المهدي والمسيح الموعود، بينما يرفض ذلك عامة المسلمين مصرحين بأن ميرزا غلام أحمد لم يكن مصداقا لنبوءات الإمام المهدي وأن لقب المسيح أعطي لعيسى وليس لأحد غيره، لذلك يعتبرونه مدعيا كاذبا للنبوة‎.فضلا عن ذلك، فقد اجتمع عام 1970 نحو 140 من كبار علماء الدين المسلمين وقرّروا بأنّ “القاديانية أو الأحمدية: حركة تخريبية ضد الإسلام والعالم الإسلامي، والتي تدعي زورا وخداعا أنها طائفة إسلامية، والتي تختفي بستار الإسلام ومن أجل مصالح دنيوية تسعى وتخطط لتدمير أسس الإسلام ‎”.

مسجد الطائفة الأحمدية  في قرية الكبابير في مدينة حيفا إسرائيل (Noam Moskowitz)
مسجد الطائفة الأحمدية في قرية الكبابير في مدينة حيفا إسرائيل (Noam Moskowitz)

8. يؤمن الأحمديون على سبيل المثال أنّ المسيح لم يصلب على الصليب ولم يصعد إلى السماء على النحو المبيّن في المعتقد المسيحي التقليدي. يدعي الأحمديون بأنّه بعد شنقه، أنزله تلاميذه عن الصليب وعالجوا جروحه على مدى ثلاثة أيام. ثم بعد ذلك تم تهريبه مع أبناء أسرته من فلسطين (أرض إسرائيل) باتجاه الهند، وعاش هناك وتوفي في سنّ 120. بحسب ادعائهم، يمكن العثور على قبره في مدينة سريناجار في كشمير.

9. الأحمديون في إسرائيل: في أواخر العشرينيات من القرن الماضي بدأ مبعوثو الأحمديين بالوصول إلى قرية تُدعى الكبابير، شمال إسرائيل. وصل المبشّر جلال الدين شمس، إلى حيفا عام 1928، التقى هناك ممثّلين عن القرية وبشبابها. في تلك الفترة كان أبناء القرية ينتمون إلى تيار الشاذلية (أخوية صوفية) وبعد الزيازة بدأت الأسر في الانضمام إلى الطائفة الأحمدية رويدا رويدا. واليوم يتركّز معظم الأحمديون في إسرائيل بالكبابير، حيث تم تأسيس المسجد الأول عام 1934 وبجانبه مركز ثقافي لنشر المعتقد الأحمدي.

شيخ الطائفة الأحمدية في إسرائيل، السيد محمد شريف (Noam Moskowitz)
شيخ الطائفة الأحمدية في إسرائيل، السيد محمد شريف (Noam Moskowitz)

10. تُدار شؤون الجالية الأحمدية في إسرائيل (والتي يبلغ تعدادها نحو 2000 شخص) من قبل لجنة إدارة منتخبة. بالإضافة إلى لجنة الإدارة ينظّم أبناء الطائفة تنظيمات فرعية: تنظيم الشباب، المجلس النسائي ومجلس كبار السنّ. ويترأس تلك التنظيمات الأمير المنتخب، ممثّل الطائفة المسؤول أيضًا عن الصلوات في المسجد والخطب يوم الجمعة والأعياد (يتولى هذا المنصب اليوم الشيخ محمد شريف). ومن الجدير ذكره أن جميع نشاطات الحركة مموّلة من قبل أبناء الطائفة الذين يساهمون شهريّا بمبلغ يتراوح بين 6.25% و 10% من دخلهم لخزينة الحركة.

اقرأوا المزيد: 775 كلمة
عرض أقل
مظاهرات في إيران ضد العائلة المالكة في السعودية، عائلة آل سعود (AFP)
مظاهرات في إيران ضد العائلة المالكة في السعودية، عائلة آل سعود (AFP)

التحرّش الجنسي في السعودية، والعنصرية في إيران

أثار التحرّش الجنسي بحجّاج إيرانيين في السعودية عاصفة وعنصرية تجاه العرب في الأوساط العامة في إيران. هذه المشاعر ليس فقط أنّها تشكّل خطرا على الجهود التي تبذلها الجمهورية الإسلامية لتحسين علاقاتها مع جيرانها العرب، وإنّما أيضًا على تماسكها الإقليمي كدولة أقليّات

تثير فضيحة التحرّش الجنسي بشابّين من الحجّاج الإيرانيين في السعودية عاصفة عامّة في الأسابيع الأخيرة في إيران، والتي تترافق مع عبارات العنصرية تجاه العرب. كان شابان في سنّ الرابعة عشرة والخامسة عشرة، في طريق العودة إلى إيران بعد أن أقاما تعاليم الحجّ في الأماكن المقدّسة في المملكة العربية السعودية. بحسب أفراد أسرتهما، الذين رافقوهما خلال الزيارة، فقد تمّ احتجاز الاثنين عند بوابّة الطيران في المطار الدولي في جدّة في المملكة العربية السعودية، وتمّ فصلُهما عن أسرهما ونُقلا إلى غرفة منفصلة. وهناك نفّذ فيهما شرطيّان سعوديّان، كما يُزعم، أعمالا غير محتشمة خلال التفتيش الجسدي الذي أجرياه لهما.

في أعقاب الحادثة قدّمت إيران شكوى رسمية للسلطات السعودية من أجل معاقبة الشرطيان. وقد تمّ استدعاء المفوّض السعودي في طهران لمحادثة توضيح في وزارة الخارجية الإيرانية، وأعلن وزير الإرشاد الإسلامي في إيران، علي جنتي، الأسبوع الماضي، أنّ منظمة الحجّ والعمرة في إيران أمرت بتعليق العمرة إلى مكة والمدينة حتى يُحاكم ويُعاقب كلا الشرطيّين اللذين مسّا، بحسب كلامه، بكرامة الإيرانيين. وكردّ على الاحتجاج الإيراني اعتذرت السلطات السعودية واعتقلت كلا الشرطيين. والتقى وزير الخارجية السعودي، سعود الفيصل، مع السفير الإيرانيّ في السعودية وأخبره أنّ المسؤولين عن الحادثة سيُعاقبان بشدّة.

منظمة الحجّ والعمرة في إيران أمرت بتعليق العمرة إلى مكة والمدينة حتى يُحاكم ويُعاقب كلا الشرطيّين (AFP)
منظمة الحجّ والعمرة في إيران أمرت بتعليق العمرة إلى مكة والمدينة حتى يُحاكم ويُعاقب كلا الشرطيّين (AFP)

وحظيت الحادثة بإدانة أيضًا من قبل أعضاء البرلمان وكبار رجال الدين الإيرانيين وزادت أكثر من حدّة العلاقات المتوتّرة بالفعل بين إيران والمملكة العربية السعودية على خلفية العمليات العسكرية للأخيرة في اليمن. وأدان رجل الدين البارز آية الله ناصر مكارم-شيرازي سلوك الشرطيَّين السعوديَين واتّهم السلطات في المملكة بالمسّ المستمرّ بكرامة وأمن الحجّاج الإيرانيين. بحسب كلامه، إذا استمرّت السلطات السعودية في إهانة الحجاج، فلن يكون بالإمكان استمرار قيام العمرة، التي لا تُعتبر من التعاليم الإلزامية في الإسلام.

وإلى جانب الإدانات الرسمية، أثارت الحادثة في المطار ردود فعل حادّة وخصوصا في أوساط الشعب الإيراني. وتمثّلت تلك الردود بالمظاهرات خارج هيئات التمثيل الدبلوماسي السعودي في إيران وبتعليقات المتصفّحين في مواقع التواصل الاجتماعي. وشارك في المظاهرات التي نُظّمت أمام السفارة السعودية في طهران والقنصلية السعودية في مدينة مشهد آلاف الأشخاص. ورفع المتظاهرون شعارات ضدّ الأسرة السعودية المالكة، مطالبين بالاعتذار السعودي الرسمي وداعين لإغلاق السفارة السعودية وطرد مفوّضها في طهران.

مكة، مناسك الحج (AFP)
مكة، مناسك الحج (AFP)

وظهرت ردود الفعل الأكثر حدّة في مواقع التواصل الاجتماعي مُرفَقةً أيضًا بمظاهر العنصرية تجاه العرب. اكتفى معظم المتصفِّحين بالتعليقات ضدّ الأسرة السعودية المالكة، وطالبوا بمعاقبة الشرطيَين بأقصى حدّ ودعوا إلى مقاطعة الحجّ إلى السعودية. ومع ذلك، فقد تضمّنت الكثير من التعليقات تصريحات مسيئة وعنصرية تجاه العرب، من خلال استخدام الألقاب المشينة، مثل: “الكلاب النجسة”، “أكلة السحالي والجراد”، “العرب القذرون” “والبرابرة”. وزعم بعض المتصفِّحين أنّ الحادثة في المطار تعكس طبيعة العرب وعقليّتهم. “اغتصب العرب إيران قبل 1,400 عام”، كما كتب أحد المتصفِّحين مشيرا إلى الاحتلال العربي لإيران في القرن السابع الميلادي. وعبّر متصفّح آخر عن أمله بأن توضّح الحادثة في جدّة للإيرانيين بأنّ العرب قذرون ولا يجوز إعطاؤهم المال.

وأدانت بعض وسائل الإعلام في إيران هذه العنصرية. فقد حذّر الموقع المحافظ “ألف” من نشر الآراء المعادية للعرب وأشار إلى أنّه لا يجب استغلال سلوك الشرطيَين السعوديَين لتعميمه على العرب بشكل عام والسعوديين بشكل خاصّ. وأشار الموقع إلى أنّ الإيرانيين الذين يعتبرون أنفسهم شعبا حضاريّا ومبرّأً من كلّ شرّ هم أيضًا يتصرّفون بشكل مهين تجاه اللاجئين الأفغان في بلادهم. يجب على الإيرانيين أن يذكروا بأنّه قد فُرض عليهم العيش إلى جانب العرب، كما أوضح محررو الموقع، وعليهم أن يعزّزوا العلاقات الجيّدة مع جميع جيرانهم، وتجنّب الوصمات والآراء المسبقة وعدم التطرّق إلى جميع العرب كأغبياء، كسالى، مغرمين بالنساء ومتطرّفين.

أثارت الحادثة ردود فعل حادّة وخصوصا في أوساط مواقع التواصل الاجتماعي في إيران (Facebook)
أثارت الحادثة ردود فعل حادّة وخصوصا في أوساط مواقع التواصل الاجتماعي في إيران (Facebook)

كما ونشرت الصحيفة اليومية الحكومية “إيران” مقالا افتتاحيّا حذرّت فيه من محاولات من قبل مجموعات متطرّفة تنشط في الشبكة لاستغلال الحادثة من أجل نشر آرائهم المتطرّفة والمعادية للعرب. ليس هناك في العصر الحالي أي مجال للحديث عن تفوّق الفرس على العرب، كما جاء في المقال، ويجب أن نعتبر العنصرية مرضًا خطيرا يستلزم العلاج. وتطرّق موقع “انتخاب” إلى التأثير الضارّ لمظاهر العنصرية على أبناء الأقلية العرب الذين يعيشون في إيران. واحتجّ الموقع بأنّ التعامل المهين الذي لحق بالشابَّين الإيرانيَّين لا يبرّر المسّ بعرق أو قومية أخرى، وعلى وجه الخصوص، ليس بالعرب الذين يعيشون في إيران أيضًا والذين أظهروا على مدى التاريخ كلّه، بما في ذلك فترة الحرب الإيرانية – العراقية، الولاء لبلادهم.

وليست هذه هي المرة الأولى التي تثير فيها الخلافات بين إيران وجيرانها العرب مظاهر العداء والعنصرية تجاه العرب. تظهر مسألة الهوية الإيرانية ورواسب الماضي بين الإيرانيين والعرب بوضوح في الحوار العام الذي يجري في مواقع التواصل الاجتماعي، وخصوصا لدى تطرّق المتصفّحين الإيرانيين إلى الأحداث التي يقف فيها الإيرانيين والعرب على طرفي نقيض. فهذا ما حدث، على سبيل المثال، في تشرين الثاني عام 2010، عندما انتشرت في الإنترنت مقاطع من خطاب الأمين العام لحزب الله، حسن نصر الله، والذي تطرّق فيه إلى هوية إيران الإسلامية وزعم أنّ جذورها عربية وليست فارسية. زعم نصر الله أنّه ليس هناك في إيران شيء يُدعى “فارسي” أو “حضارة فارسية”، وإنما فقط حضارة إسلامية ودين النبي محمد العربي. وفي أعقاب نشر مقطع الفيديو، غرقت شبكة الفيس بوك بالردود الغاضبة للمتصفّحين الإيرانيين مُدينة نصر الله بشكل خاص والعرب بشكل عامّ، واصفين إيّاهم أنهم “المستغِلّون” أو “أكلة السحالي”. وانتشرت تعليقات مماثلة معادية للعرب في أحداث أخرى أثارت التوتّر بين إيران والعرب، مثل: انعقاد مؤتمر في القاهرة لدعم الأقلّية العربية في محافظة خوزستان في كانون الثاني عام 2012، وإعلان اتحاد كرة القدم الفلسطيني عن إلغاء مباراة ودّية كان من المفترض أن تقام بين المنتخب الإيراني والفلسطيني في طهران في كانون الأول عام 2014.

إنّ العداء في أوساط قطاعات من الشعب الإيراني تجاه العرب، والذي يعود ليعلو من حين لآخر، يشكّل خطرا ليس فقط على الجهود التي تبذلها الجمهورية الإسلامية لتحسين علاقاتها مع جيرانها العرب، وإنّما أيضًا على تماسكها الإقليمي كدولة أقليّات ولا عجب أنّ وسائل الإعلام الإيرانية أيضًا تجنّد نفسها لمحاولة إيقاف مظاهر العنصرية في المجتمع الإيراني.

نُشر هذا المقال للمرة الأولى في موقع Can Think

اقرأوا المزيد: 892 كلمة
عرض أقل
نتنياهو يلتقي بالشيخ موفق طريف، الزعيم الروحي للطائفة الدرزية في إسرائيل (GPO)
نتنياهو يلتقي بالشيخ موفق طريف، الزعيم الروحي للطائفة الدرزية في إسرائيل (GPO)

نتنياهو لزعماء الطائفة الدرزية في إسرائيل: “أنتم قطعة من لحمنا”

التقى نتنياهو زعماء الطائفة الدرزية، وعبّر عن تعازيه على موت الشرطي زيدان سيف، الذي سقط في عملية في الكنيس بالقدس والجندي جدعان أسعد الذي مات في عملية الدهس في محطة القطار الخفيف

التقى رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، على خلفية رغبته بتمرير قانون القومية، وعلى خلفية مقتل الشرطي الدرزي في المجزرة التي وقعت في الكنيس في القدس، مع زعماء الطائفة الدرزية.

وحضر اللقاء مع رئيس الحكومة كل من الشيخ موفق طريف، الزعيم الروحي للطائفة الدرزية في إسرائيل وزعماء الطائفة الدرزية في إسرائيل.

عبّر نتنياهو في بداية اللقاء عن تعازيه الحارة لمقتل الشرطي زيدان سيف الذي قُتل في عملية الكنيس وجدعان أسعد الذي قُتل في حادثة الدهس في محطة القطار الخفيف في الشهر الماضي.

قال نتنياهو لزعماء الطائفة الدرزية: “أنتم قطعة من لحمنا”، أنتم جزء فعال من المجتمع الإسرائيلي. يستشهد منكم رجال شرطة وجنود دفاعًا عن الدولة وعن كل مواطنيها، ولكننا سنحمي حقوقكم ونحمي أمنكم. هذا الأمر أهميته لنا كأهمية حماية أمن كل مواطن، إنما يوجد هنا التزام حسي عميق يتمثل بالجموع الغفيرة التي حضرت الجنازة. ذلك الأمر أكد ذلك الشعور الذي يشعر به كل مواطني إسرائيل وأشعر به أنا”.

كما أضاف نتنياهو وقال لرئيس الطائفة: “نحن في حرب شعواء ضد المتطرفين، المتعصبين الإسلاميين. هذا ليس بالأمر البسيط، هذا تهديد خطير. هذا صراع لا نقبل به وسنواجهه، بالنسبة لنا كل مواطن له الحق بالحياة، بالأمان وبحرية العبادة، حرية الإيمان وحرية الضمير- وهذا هو صراعنا. بالنسبة لي، حربكم هي حربي، وحربي هي حربكم”.

قدم نتنياهو هذه الطمأنة لرئيس الطائفة الدرزية، الطائفة التي تخدم في الجيش الإسرائيلي، على خلفية رغبته بتمرير قانون القومية، الإشكالي، الذي ينص على أن إسرائيل هي الوطن القومي للشعب اليهودي. تأتي رسائل نتنياهو هذه على خلفية التوتر المتزايد بين الوسط الدرزي في إسرائيل والمسلمين وفي فترة انتشرت فيها موجة عنصرية كبيرة بين الطرفين والتي تسيء علاقات الجوار والتقارب بين الوسطين.

اقرأوا المزيد: 254 كلمة
عرض أقل
الجولان السوري تحت قصف مستمر (AFP)
الجولان السوري تحت قصف مستمر (AFP)

قريب-بعيد: الصراع على مستقبل الجولان السوري وآثاره

الصراع بين الأسد وبين الثوار السوريين حول السيطرة على الجولان السوري مستمرّ في هذه الأيام ونتائجه لا تزال غير معروفة. بالنسبة لإسرائيل، فقد تكون نتائج الصراع حاسمة وتغيّر قواعد اللعبة في المنطقة

غيّرت العمليات الدراماتيكية في الشرق الأوسط المنطقة بالكامل من جوانب مختلفة. أنشأ الواقع الذي يتشكّل وينتصب ضدّ إسرائيل تحدّيات سياسية وأمنية جديدة، والتي تستلزم من صانعي القرار رسم الصورة من أجل فهمها بعمق.

إنّ الرسم الأولي والمناطقي نسبيّا يكشف عن الصورة التالية: في الجنوب، التهديد من قبل حماس في غزة لم يتغيّر، بينما يتشكّل في سيناء فضاء مُشبع بالنشاطات الجهادية، والذي حتى الآن يتمّ احتواؤه والتعامل معه من قبل الحكومة المصرية. في الضفة الغربية، هناك وضع راهن ليس إيجابيّا بالضرورة من وجهة نظر إسرائيل، ولكنه معروف جيّدًا. تقف الأردن أمام تهديد من جانب تنظيم “الدولة الإسلامية”، ولكن هذا يعتبر الآن سيناريو مستقبليّا ولم ينضج في الحاضر بعد. ما زال تهديد حزب الله في الشمال، والذي يسيطر على خطّ الحدود بين إسرائيل ولبنان، ومعه أيضًا قواعد اللعبة معروفة بشكل أو بآخر، رغم خطر الاشتعال المستمر للقتال والتطوّرات الأخيرة. يترك كلّ ذلك ساحة واحدة قواعد اللعبة فيها غير معروفة. وهي بالطبع مرتفعات الجولان، وبشكل أكثر تحديدًا: الجولان السوري (أو باسمه التاريخي والمعتاد بين سكانه “حوران”).

الحدود الإسرائيلية – السورية، هي الحدود الأكثر هدوءًا لإسرائيل منذ توقيع اتفاق وقف إطلاق النار عام 1974

من الصعب المبالغة في أهمية الجولان باعتباره مكوّنا لفهم العلاقات بين إسرائيل وسوريا، وتاريخ كلّ بلد على حدة. ومن المثير للاهتمام أن نعرف بأنّه رغم الصراع بين الدولتين والحواجز المادية وعلى مستوى الوعي والتي تقسّم الطرفين، فإنّ هذه الحدود هي الحدود الأكثر هدوءًا لإسرائيل منذ توقيع اتفاق وقف إطلاق النار عام 1974. وحتى اليوم، بالنظر إلى العاصفة الهائلة التي تعمّ المنطقة حاليّا في أعقاب الحرب الأهلية، ما زالت الحدود في مرتفعات الجولان هادئة نسبيّا وتحافظ في هذه الأثناء على توازن الردع الذي تمّ تحقيقه قبل أربعين عامًا. صحيح، كانت هناك أوقات عبرت فيها إشارات الحرب الحدود وظهرت داخل أراضي إسرائيل بدرجات مختلفة من القوة، ولكن حتى الآن ليس بشكل كبير وبعيد المدى. منذ اندلاع الحرب في سوريا تجري معارك في الجولان وتتحرّك موازين القوى كالبندول، حيث تنتقل الأراضي من وقت لآخر من طرف إلى الآخر. من الصعب أن نقدّر إلى أين سيتطوّر الصراع. ويظهر ممّا يمكن تحليله أنّ التوازن الحالي هو سيطرة النظام على معظم الجولان الشمالي، وسيطرة الثوار على غالبية أجزائه الجنوبية. وقد ظهر في الأسابيع الأخيرة توجّه لتعاظم قوة عناصر المعارضة السورية في الجولان (جبهة النصرة وجهات أخرى)، وذلك لدى سيطرتهم على مناطق كانت تمسك بها قوى النظام مؤخرًا. أبرزها “تل الحارة”، والذي يصل إلى ارتفاع كبير فوق الهضبة السورية ويشكّل رمزًا للسلطة بالإضافة إلى كونه نقطة استراتيجية رئيسية.

معبر القنيطرة (IDF)
معبر القنيطرة (IDF)

ظاهريًّا، يبدو أنه ليس هناك شيء خاص يفرّق بين الجولان السوري وسائر نقاط القتال في سوريا المتداعية. ولكن، في الحقيقة فهو متميّز وفريد من نوعه. من أجل ذلك يستثمر نظام بشار الأسد موارد كثيرة للصراع على السيطرة على الجولان، في الوقت الذي ينهزم به في أماكن لا تقلّ ضرورة حتى لو من ناحية استراتيجية، مثل حقول النفط في شرق البلاد، والتي سقطت في أيدي “الدولة الإسلامية”. لدى الأسد أسباب جيّدة ليقاتل من أجل الحفاظ على ما يملكه في الجولان. فهو يفهم أنّ سقوط هذه المنطقة بيد الثوار سيشكّل منعطفًا سلبيّا وربما حاسمًا بالنسبة إلى حكمه في سوريا، وذلك لمجموعتين من الأسباب الرئيسية، والتي تحتوي على عوامل فرعية إضافية.

لدى الأسد أسباب جيّدة ليقاتل من أجل الحفاظ على ما يملكه في الجولان. فهو يفهم أنّ سقوط هذه المنطقة بيد الثوار سيشكّل منعطفًا سلبيّا وربما حاسمًا بالنسبة إلى حكمه في سوريا

تتعلّق مجموعة الأسباب الأولى بالجانب الرمزي. بدايةً، لا يمكن تجاهل كون الجولان رمزًا لسلطة البعث ولاستمرار احتلال الجولان الغربي من قبل إسرائيل عام 1967. تم الاحتفاظ بالقنيطرة كمدينة أشباح مهجورة على الحدود وشاهدا حيّا على عدوان الاحتلال الإسرائيلي، حيث وُضع علم سوريّ ضخم إلى الشمال قليلا منها من أجل أن تتم رؤيته بشكل جيّد من الأراضي الإسرائيلية. في وضع تهتزّ فيه الأرض هناك اتجاه للتمسّك برموز السلطة الأكثر وضوحًا، ولذلك لا يتخلّى الأسد وعناصره بسهولة عن الجولان.

بالإضافة إلى ذلك، غير بعيد من هناك يقع المكان الذي بدأ فيه الاحتجاج الذي اكتسح الكثير من المواطنين في أنحاء البلاد. تلك المظاهرات التي اندلعت عام 2011 في درعا، والتي تقع في جنوب شرق الجولان السوري على الحدود مع الأردن، هي التي أشعلت لهيب الثورة ضدّ نظام البعث وأحدثت العاصفة التي لم تمرّ بعد.

الرئيس السوري بشار الأسد (HO - / FACEBOOK / AFP)
الرئيس السوري بشار الأسد (HO – / FACEBOOK / AFP)

هناك جانب آخر وهو الديموغرافيا في الجولان، وخصوصًا موضوع سكانه الدروز. هناك تمثيل للطائفة الدرزية في الجولان، وأبعد من ذلك تجاه الشرق تقع محافظة السويداء، والتي تُعرف بجبل الدروز، وتشكّل مركز حياة الطائفة في سوريا منذ مئات السنين. الدروز هم إحدى مجموعات الأقليّات في سوريا ويشكّلون أساسًا لشرعية نظام الأسد ودعمه. ورغم ظهور بعض التصدّعات في الولاء الدرزي للنظام خلال الحرب، إلا أنّ بشار لا يزال يقدّر قيمتهم ويخشى من فقدان تأييدهم الواسع.

مجموعة الأسباب الأخرى هي أسباب جيو- استراتيجية، نظرًا لموقع الجولان. قبل كلّ شيء فإنّ هذه المنطقة هي الممرّ الجنوبي الغربي لدمشق. وفي الوقت الذي يسيطر عليها الثوار، لن يكون هناك أي شيء تقريبًا يمنعهم من الاندفاع نحو أبواب العاصمة وزيادة الضغط على معاقل النظام. إلى جانب ذلك، فإنّ الجولان بنفس الدرجة تمامًا هو المنطقة التي تفصل بين دمشق وإسرائيل. طالما أنّ النظام يقيم على الحدود فإنّ باستطاعته إقامة نظام ردع وإنذار معقول – رغم فقدانه الكثير من قدراته – ضدّ إسرائيل ونواياها في العمل في الأراضي السورية كما يظهر. في الوقت الذي يسيطر الثوار على المنطقة، ستُفقد تلك السيطرة وستستطيع إسرائيل أن تعمل بحرية أكثر في المكان، أو أسوأ من ذلك في نظر الأسد: أن تتعاون مع الثوار ضدّ النظام وأن تخترق الإقليم السوري المتداعي. ولدى إسرائيل الآن بالفعل تفاهمات معيّنة مع أطراف تشاركها بنفس المصالح، وهو اتجاه قد يتّسع في أيّة فرصة مستقبلية.

جنود حزب الله قرب الحدود الإسرائيلية اللبنانية قرب مدينة متولا الإسرائيلية (AFP)
جنود حزب الله قرب الحدود الإسرائيلية اللبنانية قرب مدينة متولا الإسرائيلية (AFP)

بالإضافة إلى ذلك، هناك نقطة أخرى وهي الحدود السورية اللبنانية التي تبدأ من شمال الجولان. كلّما مرّ الوقت تصبح قوات النظام أكثر تعلّقًا بحلفها الوثيق مع حزب الله، تحت الرعاية الإيرانية. رغم أنّ حزب الله يركّز جهوده حتى هذه اللحظة في معارك على نقاط تقع إلى الشمال أكثر في الحدود السورية اللبنانية، ولكنه حاضر أيضًا في الجولان. لا يزال النظام اليوم يسيطر على جبل الشيخ السوري وسفوحه، وهذا يسمح له بالتالي في السيطرة على المحور الحرج الذي يربط كلا البلدين في تلك المنطقة الجبلية والحيوية. ولا يزال حزب الله يعمل في الجانب الغربي لتلك الحدود، وإثباتا لذلك فقد شهدنا مؤخرًا فقط محاولات لشنّ هجمات إرهابية ضدّ الجيش الإسرائيلي في مزارع شبعا (هار دوف)، والقبض على شخص سوري في بلدة حاصبيّا المجاورة للحدود حين كان في طريقه إلى تهريب الأسلحة بالإضافة إلى عمليات لكتائب المقاومة الشعبية التابعة لحزب الله في قرية شبعا.

بعد أن أصبح واضحًا للجميع ما هي مصلحة بشار في الحفاظ على الجولان السوري، يبقى علينا أن ننتظر لنرى ماذا سيُولد في المستقبل. ويبدو أنّ السيناريو الحالي، الذي تسحق فيه القوى بعضها البعض دون مخرج، لا يخدم أيّ طرف سوى إسرائيل التي تتمتّع بعدم وجود حسم في هذه الأثناء. إنّ سيناريو انتصار قوات النظام سيساهم في استقرار المنطقة، مع وجود جهة مقيّدة لديها ما تخسره وهدفها استعادة النظام. إنّ سيناريو كهذا سيعزّز العلاقة العميقة بين بشار وحزب الله، وقد يجعل الجولان السوري مرورًا بجبل الشيخ وجنوب لبنان منطقة لا تتجزّأ بشكل لم نشهده في الماضي. بالنسبة لإسرائيل فهذا واقع مثير للاهتمام بشكل خاصّ، لإعداد المواجهة المحتملة مع حزب الله إذا حدثت. من جهة أخرى، فإنّ انتصار الثوار واستيلائهم على الجولان سيقرّب من نهاية بشار حيث سيضعف ذلك بشكل كبير الارتباط الجنوبي في محور سيادته (حلب – اللاذقية – حماة – حمص – دمشق)، وسيهدّد قلب النظام. من الصعب أن نقدّر ماذا سيحدث في اليوم الذي يلي خطوة كهذه. على الأرجح ستتزايد الفوضى فقط وربما أيضًا ستصبح الأرضية مؤهلة لوصول “الدولة الإسلامية” إلى المنطقة، وهو اتجاه لم يكتسب بعد زخمًا في الجولان، وإذا ما حدث فإنّه سيغيّر قواعد اللعبة التي عرفناها.

الحدود في مرتفعات الجولان، هذه المنطقة، وإنْ لم تكن كبيرة، تملك بشكل كبير مفاتيح أحداث تقف أمام سوريا، إسرائيل، لبنان وكلّ الشرق الأوسط في السنوات القريبة

والخلاصة أنّ الجولان السوري هو أساس صلب في نظام بشار الأسد في سوريا، ورغم أنّ أنظار العالم الآن تتوجّه إلى ساحات أخرى في الحرب ضدّ “الدولة الإسلامية”، يبدو أنّ اليوم الذي سيجذب فيه الاهتمام الدولي والإقليمي ليس بعيدًا. إنّ هذه المنطقة، وإنْ لم تكن كبيرة، تملك بشكل كبير مفاتيح أحداث تقف أمام سوريا، إسرائيل، لبنان وكلّ الشرق الأوسط في السنوات القريبة.

نُشرت هذه المقالة للمرة الأولى في موقع Near- East

اقرأوا المزيد: 1291 كلمة
عرض أقل
مسيحيو العراق (AFP)
مسيحيو العراق (AFP)

كاهن بغداد: “بينما كان المسيحيون يُذبحون في العراق كان العالم منشغلاً في غزة”

أحد قادة طائفة المسيحيين في العراق، الطائفة التي يُقتل أفرادها بشكل متوحش على يد مقاتلي داعش، هرب إلى إسرائيل وروى لوسائل الإعلام الإسرائيلية عن "المحرقة التي يتعرض لها أبناء الأقليات الدينية في العراق

يسكن الكاهن في بغداد وشاهد كيف يتم ذبح أبناء الطائفة المسيحية في العراق على يد مقاتلي الدولة الإسلامية، “داعش”. الكاهن البريطاني آندرو وايت (Andrew white) معروف جدًا في العراق، فهو من قادة الأقلية المسيحية البارزين في بغداد. صمد خلال حكم نظام صدام حسين الدكتاتوري، عمل بشكل دؤوب على التقريب بين الطوائف خلال الاجتياح الأمريكي للعراق عام 2003 وهذه المرة يؤمن أن نهاية الأقليات الإثنية والدينية في العراق ستكون مريعة. يزور في هذه الفترة إسرائيل وخلال مقابلة معه لصحيفة “يديعوت أحرونوت”، الصحيفة الأكثر انتشارًا في إسرائيل، تحدث الكاهن عن الخداع العالمي “هل تعرف ماذا حدث الأسبوع الماضي؟ قطعوا رؤوس أفراد أبرشيتي ولم يكتب أحدًا عن ذلك (في الصحف)”.

يعيش هناك منذ 16 عامًا، معظم الوقت داخل منطقة محصنة تضم كنيسة القديس جورج في وسط بغداد. في البداية تحت حكم صدام حسين، ومن ثم تحت الاحتلال الأمريكي ووصولاً إلى الحرب الأهلية المندلعة هناك والتي لا يبدو أن هناك نهاية قريبة لها. كان يُعتبر الكاهن صوت الجالية المسيحية في الدولة – واحدة من الجاليات المسيحية الأقدم في العالم، التي اختفت اليوم تمامًا بعد أن هاجر معظم المسيحيين من هناك.

قدّم وايت خدماته أيضًا للكثير من الجنود الأمريكيين الذين خدموا في بغداد، وأطلقت عليه وسائل الإعلام العالمية لقب “كاهن بغداد” (Vicar Of Baghdad)، وهذا لقب شرف لمن يُعتبر رسولاً هاماً للكنيسة.

واجه وايت كل المخاطر الممكنة: قُبض عليه، ضُرب وتم إصدار فتاوى بحقه من قِبل رجال دين مسلمين. رأى أصدقاء له وجماعات كاملة تُمحى عن وجه الأرض بسبب العمليات الإرهابية المتوحشة في الدولة في ذروة الصراع المسلح بين الجماعات السنية والشيعية في العراق. كان أحيانًا يخضع لحماية من قبل أكثر من 30 عنصرًا ولكن وايت استمر بخدمة أبناء طائفته ومساعدة الكثير من المسلمين الذين التجأوا إليه لسنوات طويلة. أنشأ عيادة لعلاج الأسنان وتقديم المساعدة الطبية، مدرسة للأطفال، حاول التقريب بين الطوائف من خلال عقد لقاءات كثيرة ومشحونة وعمل بالتحديد على الحفاظ على ما تبقى من أبناء الطائفة المسيحية الصغيرة والقديمة التي بقيت في بغداد. فعل كل ذلك رغم معاناته مع مرض ضمور الشرايين ورغم وجود زوجته وأولاده بعيدًا عنه، في وطنه، بريطانيا. بقي في العراق الممزق حتى هذه اللحظة، لحظة بدأ تنظيم داعش يعيث الخراب ويقطع رأس كل من لا يعتنق الإسلام.

ما رأيه بإسرائيل؟

تجمع وايت علاقة قوية بإسرائيل. درس الكهنوت هنا وأيضًا كان طالبًا في الجامعة العبرية في القدس قبل أن ينتقل إلى العراق عام 1998. وذكر في مقابلته مع صحيفة “يديعوت أحرونوت”: “السبب الوحيد الذي دفعني للذهاب إلى العراق هي أنني كنت في القدس وتم إرسالي إلى بغداد من قبل الكنيسة. بقيت هناك 16 عامًا وتجاوزت كل الصعاب”.

الكاهن آندرو وايت في الزاوية اليسرى من الصورة خلال لقاء يهدف للتقريب بين الطوائف في بغداد (AFP)
الكاهن آندرو وايت في الزاوية اليسرى من الصورة خلال لقاء يهدف للتقريب بين الطوائف في بغداد (AFP)

ينظر وايت نظرة خوف على ما يحدث في المكان الذي كان يومًا بيته “ما يحدث هناك مأساة… فوضى عارمة. هرب نصف أبناء الطائفة المسيحية الذين بقوا في شمال العراق – نتحدث عن ربع مليون إنسان؛ مليون إنسان إذا أحصينا أيضًا اليزيديين وأبناء الأقليات الأُخرى الذين يلاحقهم تنظيم داعش، من بيوتهم. خسروا كل شيء: بيوتهم، أعمالهم، عائلاتهم”.

لدى وايت انتقادات شديدة على تعامل الأنظمة والدول الغربية مع المسألة إذ يقول إنهم تذكروا في وقت متأخر جدًا أن هناك خطر إبادة يتهدد الكثير من الأشخاص في العراق. وجه كلامًا شديد اللهجة للدول الغربية على تقاعسها عن محاربة داعش وقال خلال المقابلة: “الغرب قال لا بأس، يمكننا التعامل مع داعش. سنُلقي عليهم بعض القنابل، سنلقي بعض إمدادات الطعام للاجئين، وفقط”. فقط ليقولوا إنهم فعلوا شيئًا. لا أقول إن ما يحدث في العراق اليوم هو ما حدث في الهولوكوست. كانت الكارثة شيئًا ليس استثنائيًا. ولكن بدأت الأمور هناك تشير وتُذكر بما حدث في الهولوكوست”.

لاجئون مسيحيون في العراق (AFP)
لاجئون مسيحيون في العراق (AFP)

تطرق أيضًا، كونه الآن في إسرائيل، لعملية “الجرف الصامد” ولحرب الصيف الأخير بين إسرائيل وحماس. “هذا لا يُصدّق. عندما ترى كيف تناولت وسائل الإعلام البريطانية والعالمية مسألة العملية العسكرية على غزة بينما كان المسيحيون يُذبحون في العراق”، قال وايت. إجابته على سؤال إن كان موافقًا على مقولة إن آخر عملية عسكرية شنتها إسرائيل ضد حماس كانت ضرورية كان: “بالتأكيد. أعتقد أن ما حدث في غزة كان يجب أن يحدث. لا يمكن أبدًا مهاجمة دولة ما وقتل مواطنيها، كما فعلت حماس، والاعتقاد أن الأمور ستمر بسلام. إسرائيل هي الدولة الوحيدة الديمقراطية في الشرق الأوسط ولهذا لن يفهموها”.

وفي رده على سؤال إن كان متفائلاً من مستقبل العلاقة بين إسرائيل والفلسطينيين أجاب: “كنت متفائلاً. ولكنني الآن ولأول مرة صرت أرى الأمور بشكل مختلف. أخشى أن كثيرين لن يتغيّروا. انظر إلى ما يحدث في الصراع الإسرائيلي – الفلسطيني. الناس ليسوا مستعدين أبدًا للانفتاح على قصة الآخر ورؤية وجهة نظره. كل طرف من الطرفين ملتزم بوجهة نظره هو وحده، قصته وحده”، قال خاتمًا كلامه.

اقرأوا المزيد: 708 كلمة
عرض أقل
تفجير عبوة ناسفة بالقرب من مسجد للطائفة الشيعية في بغداد (AFP)
تفجير عبوة ناسفة بالقرب من مسجد للطائفة الشيعية في بغداد (AFP)

الدولة الإسلامية واللغز الإيراني

تشير الأحداث الماضية ومؤشرات الوقت الراهن إلى أن الجيش الإيراني سيمتنع عن شن حملة شاملة ضد تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، وبالتالي فإن الضحايا الشيعية ستزداد ارتفاعا في الشرق الأوسط

لقد قام تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) بذبح آلاف الشيعة في العراق وسوريا، حتى الآن، وسيطر على إقليم مماثل بمساحته لبريطانيا. أما بالنسبة للموارد الاقتصادية الّتي اغتنمها، فتحوّله إلى التنظيم الإرهابي الأغنى في العالم. إن إعجاب عشرات آلاف الشباب من دول الشرق الأوسط وخارجه بهذا التنظيم، الانخراط في القبائل السنية في العراق وسوريا والفكر السني المتطرف- لذلك، كان من المفترض لكل هذه الأمور حث الجيش الإيراني على شن حملة عسكرية شاملة على الفور. وإذا كان الأمر كذلك، فلماذا لا تحفز إيران، القوة الشيعية العظمى في العالم، بعض كتائبها لاجتثاث تنظيم الدولة الإسلامية من جذوره؟

هددت قيادات سياسية وعسكرية إيرانية، مرارا، أن تستخدم قوتها أمام تنظيم الدولة الإسلامية بسبب “أعمال الذبح بحق الشيعة وتدمير المساجد”. لم يكن لهذه التصريحات أي صدى على أرض الواقع: لكن قامت إيران بإرسال وحدات من الحرس الثوري للدّفاع عن مواقع مقدسة للشيعة، وقد مدّت الجيوش العراقية والسورية بالأسلحة، لكنها تستبعد استخدامها “لكافة قوتها”. إضافة إلى ذلك، فإن عمليات الذبح بحق المسلمين الشيعة، والأقليات الأخرى، ما زالت مستمرة ولم تتوقف بعد، وهذا الخطر يتهدد المناطق الحدودية الإيرانية مع العراق.

إيران، التي تهدف إلى أن تصبح زعيمة العالم الإسلامي، وعلى الأقل العالم الإسلامي الشيعي، لا تستغل فرصة استعداد تنظيم الدولة الإسلامية لاجتياحها، من أجل إنقاذ حلفائها الأكثر أهمية في الشرق الأوسط- سوريا والعراق. ولو فعلت ذلك، لأسعدت القوى الغربية، التي تبغي منع أية تعقيدات عسكرية إضافية في مستنقع الشرق الأوسط. التفت الطوائف الشيعية، من لبنان حتى الخليج الفارسي، حول إيران تحت ما يسمى المواجهة السنية- الشيعية الأكثر احتداما في عصرنا الحاضر، وكان يمكن للنظام، الذي يعاني من انخفاض شعبيته، أن يحارب هذا التنظيم حتى يجعل الجمهور يلتف حوله من جديد. وإضافة إلى ذلك، إنَّ الدخول في معركة مفتوحة وشاملة ضد تنظيم الدولة الإسلامية، من شأنه أن يمنح إيران فرصة ذهبية من أجل استقرار موقف حلفائها في العراق وسوريا، ولمساعدتهم لسحق التمرد المستمر ضدهم، حيث دفعت إيران، إثر ذلك، ثمنا باهضا بعد مقتل الكثير من الجنود والمتطوعين، وكذلك الأمر بالنسبة للموارد الاقتصادية الّتي يصعب على النظام الاقتصادي الإيراني أن يتحمل كلفتها.

ميليشيات شيعية بعد معارك ضارية  ضد مقاتلي الدولة الإسلامية (داعش) قرب تكريت العراقية (AFP)
ميليشيات شيعية بعد معارك ضارية ضد مقاتلي الدولة الإسلامية (داعش) قرب تكريت العراقية (AFP)

يمكن فهم الأزمة الإيرانية من خلال عاملين اثنين. الأول، منذ انطلاق الثورة الإيرانية عام 1979، تصادمت كل المصالح الثورية والوطنية مع بعضها البعض، وتغلبت المصالح الوطنية. فهذا ما حصل في الصراع بين أرمينيا المسيحية وأذريبجان الشيعية (1988-1994) في معركة بسبب منطقة “نغورينو-كارباغ”، التابعة للمنطقة التي تسيطر عليها أذريبجان، المسكونة من قبل الأرمن، في حين قامت إيران بدعم الأرمن بصرف النظر عن موت آلاف الشيعة في الصراع (المستمر لغاية اليوم). خشيت إيران من أن يقوم الأذربيجانيون الإيرانيون، والذين يمثلون 20% من عدد أفرادها، بالاتحاد مع أصدقائهم الموجودين خلف الحدود. أضف إلى ذلك العصيان الشيعي ضد صدام حسين في بداية سنوات الـ 90 من القرن الماضي. بالرغم من ذبح ما يقارب ربع مليون شيعي عراقي وتدمير أكثر المواقع قدسية للشيعة، فإن إيران لم تحرك ساكنا من أجل مساعدة الشيعة، من منطلق أن الاهتمام الذي تصبو إليه هو اهتمام قومي في الدرجة الأولى وهو إقامة الدولة بعد الحرب الطويلة التي خاضتها ضد العراق (1980-1988) وقد كان ذلك بالنسبة لها أهم من الاهتمام الديني. ومن هنا، يمكن أن نستنتج أن إيران لن تقبل أن تضع اهتمامها الديني في الأولوية على حساب اهتمامها الوطني.

كما ويمكن تفسير معضلة إيران في عدم تدخلها عسكريا ضد الدولة الإسلامية من خلال الصراع المستمر بين إيران والمملكة السعودية. التدخل العسكري الإيراني من خلال حملة شاملة ضد تنظيم الدولة الإسلامية، من شأنها أن تخلق صراعا على التنافس من أجل السيطرة في مناطق الشرق الأوسط بين الدولتين، ويمكن أن تؤدي إلى نشر قوات إيرانية- عراقية مشتركة على الحدود الغربية للمملكة السعودية، من أجل منع تسلل آلاف الجهاديين السعوديين وكذلك منع تهريب السلاح إلى العراق، ومن هناك إلى سوريا. هذه القوات العسكرية، من شأنها أن تهدد السعوديين، ويمكنها أن تضطر إلى تدهور الحرب بين الدولتين إلى مواجهة عسكرية مباشرة.أثبتت إيران، في الماضي، أنها استطاعت أن تتجنب، قدر المستطاع، مما يمكن أن يجرها إلى الدخول في حرب كهذه، إلّا أنها تبارك العمل عبر وكلاء لها مثل حزب الله في لبنان، الحوثيين في اليمن وحماس في المنطقة.

في الختام، ليس منطقيا أن تشن إيران حملة عسكرية واسعة النطاق ضد تنظيم الدولة الإسلامية، انطلاقا من الأحداث الماضية والاعتبارات الحالية في الوقت الراهن، وكذلك فإن الضحايا الشيعية، في الشرق الأوسط، سترتفع حصيلتها. ومن المفارقات أن تتلاقى المواقف المختلفة في الشرق الأوسط، حيث أن القوة الشيعية المعادية للغرب، تفضل، ولو لم يكن قرارها علانية، أن تقوم القوى الغربية الكافرة بإنقاذ حلفائها والشيعة. ومن هنا نلحظ أن الفكر والواقع السياسي سيصطدمان مع بعضهما البعض حتى ينتصر الأخير في النهاية.

نُشر هذا المقال، لأول مرة، في موقع “Can Think”

اقرأوا المزيد: 714 كلمة
عرض أقل
البابا فرنسيس الأول مترئسا اجتماع استثنائيا في الفاتيكان (AFP)
البابا فرنسيس الأول مترئسا اجتماع استثنائيا في الفاتيكان (AFP)

قمة للكرادلة حول النزاعات في الشرق الاوسط

البابا فرنسيس يرى بالوضع الراهن مثل "حرب عالمية ثالثة بالتقسيط"

اعلن الفاتيكان الأمس (الثلاثاء) ان كرادلة العالم اجمع، الذين سيعقدون مجمعا للكرادلة في 20 تشرين الاول/اكتوبر، سيناقشون النزاعات في الشرق الاوسط وخصوصا في العراق وسوريا حيث تواجه الاقليات المسيحية وسواها اضطهادا من قبل تنظيم الدولة الاسلامية.

ومجمع الكرادلة هو ارفع هيئة يمكن ان يدعوها البابا الى الانعقاد.

وكان من المقرر ان يناقش هذا المجمع العادي المداولات المقبلة لدعاوى التقديس، لكن البابا فرنسيس الذي يرى الوضع الراهن مثل “حرب عالمية ثالثة بالتقسيط”، حرص على توسيع جدول الاعمال الى مسألة الشرق الاوسط المشتعل.

وقد اعتقل كاهن فرنسيسكاني وعشرون آخرون من المسيحيين ليل الاحد الاثنين من قبل جبهة النصرة في قرية قنية السورية (شمال غرب).

واوضح المتحدث باسم البابا، ان الكرادلة سيستلهمون نتائج مناقشات السفراء البابويين في كل انحاء الشرق الاوسط الذين اجتمعوا اخيرا بطلب من البابا.

وكان هؤلاء السفراء اعربوا عن الامل في الا تبقى المجموعة الدولية “مكتوفة الايدي” حيال “قتل الاشخاص بسبب انتمائهم الديني والاثني فقط” و”نزوح الاف الاشخاص وتدمير اماكن العبادة”.

وبالاضافة الى “رد عسكري”، طلبوا معالجة “اسباب” الايديولوجيا المتطرفة من خلال تشجيع “الحوار والتعليم”.

وعقدت شبكة كاريتاس الخيرية التابعة للكنيسة والناشطة جدا على صعيد لاجئي الشرق الاوسط، اجتماعا عاجلا في الفترة الاخيرة في روما.

ويأمل اساقفة من المنطقة بمبادرات اكثر تشددا من الكرسي الرسولي، معتبرين ان تصريحات حسن النوايا باتت لا تكفي.

اقرأوا المزيد: 195 كلمة
عرض أقل
العريس والعروس- كلوني وعلم الدّين (AFP)
العريس والعروس- كلوني وعلم الدّين (AFP)

10 حقائق عن ديانة السيدة كلوني

الآن بعد الزفاف الكبير بين الممثل المرغوب جورج كلوني وشريكته الدرزية، أمل علم الدين، يمكن التفرغ لبعض الحقائق المثيرة حول الدروز في العالم

شغل الزفاف الكبير بين الممثل الهوليوودي، جورج كلوني، واختيار قلبه، المحامية أمل علم الدين، الناشطة في حقوق الإنسان في العالم، والجميلة الدرزية، وسائل الإعلام العالمية كثيرًا في الأيام الأخيرة. بداية من تجهيزات الزفاف، المدعوّين، البلدة التي اختار الزوجان عقد الزفاف فيها، بدلة العروس وخاتم السيدة كلوني بل وماذا سيقول أبناء الطائفة الدرزية حول العالم عن الزفاف الذي أخرج منهم أمل علم الدين ورفع وعيهم لدينهم إلى العناوين.

شيخ درزي (Flash90Yossi Aloni)
شيخ درزي (Flash90Yossi Aloni)

لم يُكتب الكثير عن الدروز وديانتهم لأنّها سرية، ولكننا اخترنا أن نعرض أمامكم بعض الحقائق المثيرة للاهتمام حول هذه الطائفة حول العالم وتقاليدها:

الدروز هم أبناء طائفة من الشرق الأوسط، يشكّلون دينًا مميّزًا انشق عن الإسلام الشيعي في القرن الحادي عشر للميلاد.

يتحدث الدروز العربية بلهجة خاصة بهم، على غرار اللهجات العربية السورية.

أمراءه درزية (Flash90\Yossi Aloni)
أمراءه درزية (Flash90\Yossi Aloni)

يعيش جميع الدروز تقريبًا في المنطقة الجغرافية التي تشمل الدول الثلاثة التالية: سوريا، لبنان وشمال دولة إسرائيل. معظم أماكن عيشهم جبلية، بهدف الحفاظ على السكان من الأعداء لكونهم أقلية دينية. يعود معظم الدروز حول العالم إلى أصول سورية ولكن هناك طائفة درزية كبيرة جدًا أيضًا في لبنان. ويعيش في إسرائيل نحو 140 ألف درزي: أكثر من 100 ألف منهم مواطنون إسرائيليون، والبقية هم من المقيمين الدائمين، من سكان هضبة الجولان، الذين يعبّرون عن ولاء أيديولوجي وسياسي لسوريا.

قليلا عن الديانة: رغم أن أصول الديانة تعود إلى مصر، فالقبائل التي قبلت على نفسها الديانة الدرزية تعود جذورها إلى شبه الجزيرة العربية. ويدعى الدروز كذلك “بني معروف” و”الموحّدين”. وتقدّر دراسات أجريتْ حول الديانة الدرزية أنّ بداية الديانة في مصر في فترة حكم الخليفة الفاطمي “الحاكم بأمر الله” بين السنوات 996 – 1021.

علم الدروز (Wikipedia)
علم الدروز (Wikipedia)

معتقدات الدروز الجلية: وفقًا للتقاليد الدرزية فهي ليست ديانة جديدة، بل إعادة بمظهر جديد لعقيدة التوحيد القديمة والصافية، والتي بحسبها هناك إله واحد ولا يمكن إدراكه بالعقل البشري. ظهر أنبياء هذا الدين وفقًا للمعتقد الدرزي فقط في حالات نادرة. يؤمن الدروز أن التاريخ الإنساني مقسّم إلى سبع فترات، في كل واحدة منها عمل نبيّ وبجواره “عارف للحكمة متخف”، والذي نقل لأفراد مختارين أسرار الدين. اثنان من هؤلاء معروفان أيضًا لغير الدروز: موسى والنبي شعيب، وأيضًا: النبي محمد وابن عمه علي. ‏‎ ‎وفقًا للمعتقد الدرزي ففي عهد “الحاكم بأمر الله” تم إعطاء الفرصة الأخيرة للانتماء إلى الدين الدرزي، واليوم لا يُسمح لأي شخص بالانتماء إلى الدين الدرزي إلا إذا وُلد درزيا.

عائلة درزية في شمال إسرائيلية (Flash90\Moshe Shai)
عائلة درزية في شمال إسرائيلية (Flash90\Moshe Shai)

مبادئ العقيدة الدرزية: التوحيد وتحريم الوثنية، الإيمان بتناسخ الأرواح، قبول الوصايا العشر وعلى رأسها “لا تقتل” و”لا تزنِ”، احترام جميع الأنبياء الأوائل الذين ظهروا في اليهودية، المسيحية والإسلام والإيمان بالأنبياء الدروز الخمسة وعلى رأسهم يثرون وبطبيعة الحال الزواج الأحادي.

العلم الدرزي هو رمز الديانة الدرزية ويمثّل في الواقع العقيدة الدرزية وأسسها. هناك شكلان مختلفان للعلم الدرزي. الأول: علم عادي، والآخر: علم على شكل نجمة خماسية. ويأتي في الشكلين خمسة ألوان: الأخضر، الأحمر، الأصفر، الأزرق والأبيض، بحيث أنّ لكل لون معنى خاص ورئيسي مهمّ عند الدروز. الأحمر: يرمز للبسالة، الشجاعة والحبّ. الأصفر: المعرفة، التنوير والقمح. الأخضر: الأرض والطبيعة. الأزرق: الصبر، التسامح، الأخوة، السماء والماء. الأبيض: السلام والنقاء.

لدى الطائفة الدرزية أيضًا كتاب مقدّس يدعى “كتاب الحكمة”، هذا الكتاب معروف ولكن فقط الدروز المتديّنين، الذين غالبًا ما يكونون من كبار السنّ في الطائفة.

رجال دين دروز (Flash90\Moshe Shai)
رجال دين دروز (Flash90\Moshe Shai)

وكالمسلمين، يحرم على الدروز أكل لحم الخنزير، التدخين وشرب الخمر.

هناك مكانة خاصة للنساء الدرزيات المتديّنات. بخلاف الكثير من الأديان التوحيدية تعتبر المرأة الدرزية المتديّنة أعلى مكانة من الرجل الدرزي المتديّن، إنها مفضّلة عليه من ناحية دينية، إذ يتم النظر إليها باعتبارها “جاهزة (نقية) أكثر من الناحية الروحانية”.

اقرأوا المزيد: 527 كلمة
عرض أقل