يبدو أن الأسبوع الماضي كان الأكثر إثارة للضجة في حياة وزير الدفاع الإسرائيلي، أفيغدور ليبرمان. في مؤتمر صحفي، أعلن ليبرمان عن استقالته بشكل مفاجئ، بسبب معارضته للسياسة المعتدلة التي تتبعها الحكومة الإسرائيلية مع حماس في غزة. يُعتبر ليبرمان الذي عُيّن وزير الدفاع في عام 2016، شخصية خاصة وهامة في السياسة الإسرائيلية، ومثيرة للفضول لدى الكثيرين.
ولد ليبرمان عام 1958 في كيشينيف في مولدافيا (التي كانت جزءًا من الاتّحاد السوفياتي) لأسرة يهودية، وانتقل للعيش في إسرائيل بعد عشرين عاما من ذلك. بعد أن تولى عدة مناصب سياسية صغيرة، جرى بينه وبين بنيامين نتنياهو اتصال، تواصل الاثنان وبدأ ليبرمان بتولي مناصب كبيرة. عندما انتُخب نتنياهو كرئيس للحكومة عام 1996، عُيّن ليبرمان كمدير عام لديوان رئيس الحكومة.
نتنياهو وليبرمان في عام 1996 (Flash90)
لم يمض وقت طويل حتى تقاعد ليبرمان من وظيفته وأسس حزب “إسرائيل بيتنا”، وهو حزب يميني توجه أيضا للإسرائيليين القادمين من الاتّحاد السوفياتي. وبخلاف أحزاب أخرى، كان هذا الحزب حزب الواحد، مع مؤسّسة حزبية دون قوة، ومن الواضح لجميع منتخبي الحزب بأنّه حزب ليبرمان، حيث لا يمكن عزله. ترشح الحزب منذ ذلك الحين في سلسلة من المعارك الانتخابية، لوحده أحيانا وبالاتحاد مع أحزاب أخرى في أحيان أخرى (مثل الانتخابات الأخيرة عام 2013، التي ترشح فيها مع حزب الليكود بقيادة نتنياهو). منذ عام 2006 حظي ليبرمان بنجاحات غير قليلة في الانتخابات واعتبر قوة سياسية كبيرة، ومنذ عام 2009 تولى منصب وزير الخارجية الإسرائيلي حتى أعلن عن الانتخابات الجديدة (17 أذار).
في أيار 2015، بعد انتهاء الانتخابات الـ 19 للكنيست، أعلن ليبرمان عن انضمام حزبه إلى المعارضة، ولكن بعد مرور سنة من ذلك اتفق مع حزب الليكود على انضمام حزبه إلى الائتلاف وتعيينه وزيرا للأمن.
ليبرمان وزيرا للخارجية مع الرئيس شمعون بيرس (Flash90)
إنّ رسائل ليبرمان السياسية مثيرة للاهتمام. في سنواته الأولى في السياسة كان معروفا بمواقفه الشديدة ضدّ المفاوضات مع الفلسطينيين والسعي للتوصل إلى تسوية سياسية معهم. بالإضافة إلى ذلك، ففي العقد الأخير طرأ تليين خفيف على آرائه، وهو يدعم إقامة دولة فلسطينية بشروط مقيّدة، ولكنه السياسي صاحب القوة الوحيد في إسرائيل الذي يدعم فكرة نقل أراض إسرائيلية، يعيش فيها سكان عرب (مثل أم الفحم)، إلى الدولة الفلسطينية المستقبلية.
رغم دعمه لإقامة دولة فلسطينية، لا يرى ليبرمان بمحمود عباس شريكا في الرؤيا ويعتبر عباس عدوًا. الطريق الوحيد للوصول إلى حل شامل للصراع، وفقا لليبرمان، هو التوصل إلى تسوية مع جميع الدول العربيّة في الشرق الأوسط، حيث إنّ الصراع الإسرائيلي – الفلسطيني هو جزء من الصراعات الأوسع: الصراع الإسرائيلي – العربي والصراع بين الإسلام والغرب.
ليبرمان مع أعضاء “إسرائيل بيتنا” في عام 2015 (Yonatan Sindel/Flash90)
وبصفته وزيرا للخارجية، تم في العديد من المرات توجيه انتقادات لليبرمان بخصوص تصرفاته غير الدبلوماسية، والتي بلغت ذروتها في الخطاب السياسي غير الرسمي الذي ألقاه في الأمم المتحدة. وخلال توليه كوزير للخارجية تدهورت بشكل كبير العلاقات بين إسرائيل وتركيا وتصدّعت مكانة إسرائيل الدولية في العالم. ومع ذلك، يعمل ليبرمان من أجل تعزيز العلاقات بين إسرائيل وروسيا وبين إسرائيل وعدد من الدول في إفريقيا.
وفي المجالات الداخلية الإسرائيلية أيضا تعتبر مواقف ليبرمان قوية وصلبة: يحاول ليبرمان دعم تعديلات على القانون، وبحسبها فعلى كل مواطن إسرائيلي أن يصرّح بولائه لدولة إسرائيل كدولة يهودية وديمقراطية، ولقوانينها ومبادئها. فضلا عن ذلك، يدعم ليبرمان تغيير طريقة الحكم في إسرائيل، حيث يصبح للسلطة قوة أكبر، على حساب قوة الأحزاب الأصغر والمجموعات الصغيرة في المجتمع الإسرائيلي.
وزير الدفاع ليبرمان في جولة تفقدية في شمال إسرائيل
وسوى ما ذكرناه أعلاه، فقد تم التحقيق مع ليبرمان من قبل الشرطة خلال العديد من السنوات للاشتباه بأنّه كان مشاركا بالتهرّب الضريبي بملايين الشواقل، بل إنّ بعض الاشتباهات كانت شديدة جدا. قبل قبل بضع سنوات تم تقديمه للمحاكمة بتهمة أنّه عمل بشكل مخالف للقانون عند تعيينه سفيرًا إسرائيليًّا، ولكنه فاز في هذه القضية.
هذا الأسبوع، بعد أن شهدنا جولة صعبة من القتال ضد حماس في غزة، وافق المجلس الوزاري المصغر للشؤون الأمنية والسياسية على وقف إطلاق النيران، لهذا أعلن ليبرمان عن استقالته من منصبه واستقالة حزبه من الائتلاف.
المصدر الأقرب إلى الحدث الإسرائيليّ
تلقّوا نشرتنا اليوميّة إلى بريدكم الإلكتروني