"كتب أطفال بالعربية كمان" (Facebook)
"كتب أطفال بالعربية كمان" (Facebook)

مبادرة إسرائيلية تدفع قدما إصدار كتب الأطفال بالعربية

هاوي أدب إسرائيلي بادر إلى إقامة مشروع لإصدار كتب أطفال بالعربية: "الأدب يعزز المهارات البشرية في كل مجالات حياتنا"

في الأشهر الأخيرة، تعرض آلاف الإسرائيليين في مواقع التواصل الاجتماعي إلى مشروع تمويل جماعي مميز، لإصدار كتب أطفال بالعربية. عوديد حصباني، هو المبادر إلى المشروع، وهو هاوي أدب ولديه ثلاثة أطفال، اكتشف في السنة الماضية أن الأدب العالمي للأطفال والشبان غير متاح أمام الأطفال العرب في إسرائيل، فقرر تغيير هذا الواقع.

يتعلم أطفال حصباني الثلاثة في مدرسة يهودية – عربية ثنائية اللغة في مدينة حيفا، يحظى فيها الأطفال اليهود والعرب بتعليم متساو تماما. عندما احتفل حصباني بعيد ميلاد ابنه في الروضة، لاحظ الفجوات الهائلة بين كتب الأطفال بالعبرية الموجودة في مكتبة الروضة وبين الكتب بالعربية. “كان هناك كتب للأطفال العرب لم أعرف معظمها، وكان يمكن ملاحظة الفارق بكمية الكتب وجودتها”، قال حصباني.

عوديد حصباني (لقطة شاشة)

“فهمت فجأة أن عالم أدب الأطفال المتاح أمام أطفالي، الذي يعيشونه منذ سن صغيرة جدا ويرافقهم طيلة حياتهم، هو عالم غير متاح أمام أصدقائهم العرب في الروضة، وفي الواقع غير متاح أمام نصف مليون طفل عربي في إسرائيل”، قال حصباني. لهذا بدأ يجري أبحاثا حول الموضوع، واكتشف أنه يصدر في إسرائيل سنويا أكثر من 1500 كتب باللغة الأصلية، وكتب مترجمة إلى العربية، ولكن يصدر نحو 100 كتاب بالعربية فقط. إضافة إلى هذا، اكتشف أن جزءا كبيرا من أدب الأطفال الكلاسيكي العالمي لم يُترجم إلى العربية أبدا، وليس في إسرائيل فقط.

استنادا إلى ذلك، قرر حصباني الذي أحب دائما الكتب وعرف أهميتها، أن يقوم بعمل مميز، فأطلق حملة تمويل جماعي تحت عنوان “كتب أطفال بالعربية أيضا”، تهدف إلى تجنيد 150 ألف شاقل (نحو 41 ألف دولار) لإصدار كتب أطفال بالعربية. في أعقاب هذا أقيم دار نشر “حصباني”، وهي مصلحة اجتماعية تهتم بالأطفال العرب في إسرائيل بشكل متساو مع الأطفال اليهود تماما.

حصباني في زيارة لروضة أطفال في الطيبة (Facebook)

في إطار المشروع المميز، من المتوقع إصدار كتب الأطفال الأفضل والأهم في العالم باللغة العربية، التي تُرجمت إلى عشرات اللغات. كما ستُترجم كتب مختارة من العبرية إلى العربية، وسيكتب كتاب فلسطينيون شبان كتبا بالعربية. كما وستصدر كتب أطفال مميزة من العالم العربي في إسرائيل، وستترجم إلى العبرية لمتعة الأطفال اليهود أيضا.

اقرأوا المزيد: 309 كلمة
عرض أقل
ديفيد غروسمان (Miriam Alster/FLASH90)
ديفيد غروسمان (Miriam Alster/FLASH90)

روائي إسرائيلي يفوز بإحدى الجوائز الأدبية الأكثر تقديرا في العالم

حاز الأديب الإسرائيلي، ديفيد غروسمان، أحد أبرز دعاة السلام في إسرائيل، على جائزة "مان بوكر" العالمية، محققا لإسرائيل شرفا عظيما

علم أمس (الأربعاء)، في لندن الأديب الإسرائيلي ديفيد غروسمان أنه حاز على جائزة “مان بوكر” العريقة، حيث تنافس فيها كبار الأدباء العالميين. الجائزة هي 50 ألف ليرة إسترلينية، حيث سيحصل غروسمان على جزء من المبلغ وستحصل المترجمة التي ترجمت كتابه من العبريّة إلى الإنجليزية بعنوان “حصان يدخل حانة” على جزء آخر. تضمنت قائمة المتنافسين النهائية كاتبا إسرائيليا مشهورا إضافيا، عاموس عوز، وهو صديق غروسمان أيضا.

جاء في تعليق القضاة حول الفوز بالجائزة: “هناك أهمية لكل جملة في هذا الكتاب. فالقصة قصيرة واستثنائية تصف بشكل رائع حزنا عند فقدان الوالدين عبر وجهة نظر فنان كوميدي. ينهار البطل أمام الجمهور، وعندها يروي النكات أمامه، ولكن لا تنجح النكات في إثارة الضحك حقا. فهو لا يتحدث عن شخصية واحدة بل عن إسرائيل كلها في عهدنا من وجهة نظر لم نفكر فيها ويتحدث عن ساسيتها”.

الكاتبان ديفيد غروسمان وعاموس عوز (flash90)
الكاتبان ديفيد غروسمان وعاموس عوز (flash90)

الكاتب غروسمان معروف بآرائه اليساريّة الداعمة للسلام الإسرائيلي – الفلسطيني. كتب غروسمان كتابه الأول حول حياة الفلسطينيين في الضفة الغربية. لقد انتقد القيادة السياسية في حرب لبنان الثانية (‏2006‏) وقال إنّه يجب إيقافها لأنها تزهق حياة الإنسان عبثا، وبعد مرور يومين من ذلك قُتِل ابنه في ميدان المعركة في لبنان.

أثنت وزيرة التربية، ميري ريغيف، على الكاتب رغم أنها معروفة بمعارضتها للفنانين الذين تعتبرهم يساريين كثيرا وتهدد في أحيان كثير بسلب الميزانيات من مراكز تربوية ومهرجانات لأسباب مختلفة. علق غروسمان على أقوالها شاكرا وقائلا: “من المهم جدا ألا يشكل المسؤولون عن الميزانيات والسياسات عائقا أمام الأدب والفن في تعبيرهما. كانت تشكل العلاقات بين الفن والحكم مشكلة دائما، ولكن يعرف نظام الحكم الذكي أن عليه السماح للفن بممارسة قوة التعبير هذه”.

اقرأوا المزيد: 248 كلمة
عرض أقل
  • الكاتب الأمريكي اليهودي جوناثان سافران فوير (AFP/Nicholas Kamm)
    الكاتب الأمريكي اليهودي جوناثان سافران فوير (AFP/Nicholas Kamm)
  • الكاتبة الأمريكية نيكول كراوس (AFP / CARL COURT)
    الكاتبة الأمريكية نيكول كراوس (AFP / CARL COURT)
  • الروائي الأمريكي المشهور، بول أوستر (AFP)
    الروائي الأمريكي المشهور، بول أوستر (AFP)

10 أدباء يهود مشهورون عالميًا

هناك احتمال كبير أنكم قد قرأتم كتبا لهم ولم تعرفوا أنهم يهود. اكتشفوا من هم هؤلاء الأدباء وما رأيهم في إسرائيل حقا

كما في كل سنة، تحتفل إسرائيل هذا الأسبوع بأسبوع الكتاب العبري. بهذه المناسبة، أجرت صحيفة “يديعوت أحرونوت” الإسرائيلية مقابلات مع عشرة أدباء يهود مشهورين عالميا، ربما قد قرأتم جزءا من كتبهم دون أن تعرفوا أنهم يهود. سُئل الأدباء حول آرائهم فيما يتعلق بإسرائيل، هويتهم اليهودية، ووضعهم كيهود في الدولة التي يعيشون فيها.

مثلا، قال الأديب الأمريكي المشهور والعريق، باول أوستر للصحيفة إنه قلق إزاء مستقبل إسرائيل. “يتمسك كل جانب من الجانبين بآرائه ولا يحاول النظر بعيدا”. وأردف قائلا: “لو كان عرفات بمثابة غاندي الفلسطينيين كان توجه الفلسطينيون مختلفا، وكانوا سينجحون في إقامة دولة قبل ثلاثين عاما”.

أعرب عاموس عوز، أحد الكتّاب الإسرائيليين الذي تحظى كتبه بنسب الترجمة الأعلى، عن ندمه إزاء تعامل يهود أوروبا مع اليهود الذين قدموا إلى إسرائيل من الدول العربية ومع حضارتهم. “تمتع يهود الشرق بالتسامح الديني نسبيًّا، لا سيّما أنهم جلبوا معهم عادات حسن الجوار مع الأشخاص الذين يختلفون عنهم. التطرف هو لعنة وصلت إلينا من أوروبا لا من الشرق. أشعر بحزن لرؤية نسل القادمين الشرقيين ينجرون حاليا وراء موجة التطرف الأوروبي بدلا من أن يكون الحال مختلفا”.

الروائي الأمريكي المشهور، بول أوستر (AFP)
الروائي الأمريكي المشهور، بول أوستر (AFP)

ولكن يجد عوز أملا في أمور أخرى، مثل اللغة العبريّة. “عندما كنت طفلا، تحدث في العالم أقل من نصف مليون شخص بالعبرية يوميا. ولكن في عهد جدي تحدث المئات بالعبرية فقط. أما اليوم فيتحدث نحو 10 مليون شخص العبرية، بما في ذلك الكثير من الفلسطينيين ويتحدث العبرية مليون شخص على الأقل خارج إسرائيل. هذه الظاهرة ليست سائدة في تاريخ البشرية”.

أ.ب. يشوع، هو كاتب إسرائيلي عريق وقد تنازل تقريبا عن حل الدولتَين كحل للصراع الإسرائيلي – الفلسطيني، بعد أن كان يدعمه طيلة سنوات دعما كبيرا. على حد أقواله، “يجب صنع السلام مع الفلسطينيين ومنحهم ما يستحقونه، وإذا لم يكن ممكنا تفكيك المستوطنات والاتفاق على الحدود، يجب منح الفلسطينيين مواطنة داخل دولة إسرائيل. لدينا ما يكفي من القوة والمال لدمجهم كمواطنين ذوي حقوق متساوية في حال ليس في وسعنا تقسيم البلاد  حاليا”.

الكاتب الإسرائيلي أ.ب. يشوع (Yossi Zamir/Flash 90)
الكاتب الإسرائيلي أ.ب. يشوع (Yossi Zamir/Flash 90)

برنار هنري ليفي هو أحد كبار المفكرين الفرنسيين من الجيل الأخير وهو يهودي أيضا. بما أنه ناشط سياسيًّا جدا وأقواله حاسمة أصبح لديه الكثير من الأعداء. “لدي اليوم ثلاثة أعداء وهم ماري لوبان، داعش، وبوتين”. رغم مكانته المستقرة في فرنسا، لا يستبعد هنري ليفي إمكانية القدوم إلى إسرائيل لاحقا. “أشعر أني أقدم الكثير لأبناء جيلي لا سيّما في فرنسا وأمريكا، ولكن قد يتغير الوضع. إذا شعرت في مرحلة ما بناء على مسؤولتي كأديب، مفكر، وكإنسان فيمكن أن أغادر إلى إسرائيل وسأفكر في هذا”.

جوناثان سافران فوير هو أحد الأدباء الشبان والمشهورين في أمريكا. تطرق في كتابه الأخير إلى العلاقة بين يهود أمريكا وبين يهود إسرائيل واصفا وضعا خياليا تتعرض فيه إسرائيل لخطر وجودي، وحتى الدمار. “حاولت أن أعرف ما مدى اهتمام يهود أمريكا بإسرائيل ولا يمكن معرفة نقطة معينة من دون أن تخاطر بخسارتها”.

الكاتبة الأمريكية نيكول كراوس (AFP / CARL COURT)
الكاتبة الأمريكية نيكول كراوس (AFP / CARL COURT)

نيكول كراوس هي أديبة يهودية أمريكية وامرأة جوناثان سفران فور سابقا، تعيش مع شريك حياتها الإسرائيلي، وتشهد على نفسها أنها لم تشعر ذات مرة أن أمريكا موطنها. مقارنة بنيكول، يكثر الأديب الإسرائيلي، اتجار كرت، من الرحلات الجوية في أنحاء العالم، ولكنه ليس مستعدا لمغادرة إسرائيل.

هناك أدباء آخرون شاركوا في قائمة صحيفة “يديعوت أحرونوت” الإسرائيلية وهم مئير شيلو، أييلت فلدمان، ومايكل تشابون.

اقرأوا المزيد: 489 كلمة
عرض أقل
غلاف الكتاب "ألف ليلة دوت كوم"
غلاف الكتاب "ألف ليلة دوت كوم"

مؤلف “ألف ليلة دوت كوم”: “حرية الخيار تعود إلى المصريين”

مقابلة مع الصحفي الإسرائيلي جاكي خوجي، الكاتب الذي أشعل هذا الأسبوع، في إطار معرض الكتاب في القاهرة، الجدل الجديد القديم في مصر حول التطبيع مع إسرائيل، وهذا ما يعتقده حول الشعب المصري

لم يكن سهلا أن يكون أحدٌ في الأسبوعين الماضيَين مكان محلل الشؤون العربية في إسرائيل والكاتب الذي يقف خلف كتاب “ألف ليلة دوت كوم”، الإسرائيلي جاكي خوجي.

ظاهريّا، كان ينبغي أن يكون سعيدا لأنّ الكتاب الذي كتبه قبل عدة سنوات حتى ما قبل بداية الربيع العربيّ تُرجم إلى العربية بل وعُرض بعد أن حظي بشرف كبير في معرض الكتاب العربي في القاهرة. وهو معرض يزوره في كل عام ملايين العرب من مختلف البلدان في العالم العربي، ومعظمهم من الدول المجاورة لإسرائيل.

صرخت عناوين الصحف المصرية بل وجرى نقاش مستعر في البرلمان المصري حول هذا الموضوع. اندفع النائب محمد المسعود إلى إلقاء بيان عاجل في مجلس النوّاب عن ملابسات صدور الكتاب وسأل وزير الثقافة حلمي النمنم، بحجة أن روّاد المعرض فوجئوا بعرض العمل، ما أثار استياءهم، يوحي على غير الحقيقة بأن همّاً ثقافياً مضاداً للتطبيع قد ألهب حماس المواطنين المهدّدين أصلاً بالاعتقال والاستهداف إذا أعلنوا عن احتجاجهم بالطرق السلمية. وكان النمنم قد صرح بأن المعرض يحوي كتباً إسرائيلية، وأن هذا الأمر موجود منذ ‏30‏ سنة، مضيفاً عن دوره في ذلك: “ما المشكلة؟! هل دوري تعميم الجهل أم تعميم المعرفة؟

الصحفي الإسرائيلي جاكي خوجي (Facebook)

كُتب كتاب “ألف ليلة دوت كوم” من دون شكّ من أجل الإسرائيليين. إنّه يفتح نافذة على العالم الداخلي للشعب العربي ويعرض قصصًا ساخنة جمعها خوجي المحلّل للشؤون العربية في إذاعة الجيش الإسرائيلية، خلال زياراته إلى الدول العربية: مصر، الكويت، الأردن، والمغرب. يقدّم الكتاب نظرة إلى داخل مجتمع الجيران العرب ويكشف عالمًا حيّا ورائعًا آخذا في التشكّل، ويتشكل أمام أعين القرّاء الإسرائيليين رأي عام مستقلّ قادر على أن يؤثّر في عملية اتخاذ القرارات لدى زعمائه.

والآن بعد أن اختتم المصريون أمس نشاطات المعرض تفرّغنا لإجراء مقابلة مع خوجي وطرح عدة أسئلة عليه حول الكتاب، وحول الضجة الكبيرة التي أثارها في القاهرة وحول العالم العربي وعلاقته بإسرائيل. وهو عالم أصبحت فيه كلمة تطبيع منذ زمن شتيمة ومن يُنظر إليه كـ “مطبع” فهو شخص لا وجود له.

حدثني قليلا عن الكتاب، كيف نشأت فكرة جمع عدة قصص قصيرة حول العالم العربي؟

“كُتب الكتاب في السنوات التي سبقت اندلاع الربيع العربيّ، ومن قبيل الصدفة طُلبت طباعته في 30 كانون الثاني عام 2011، قبل أسبوع من الإطاحة بالرئيس حسني مبارك”، هكذا بدأ يتحدث خوجي. “كان يهدف إلى تقديم أسس الخطاب في الدول العربيّة للقارئ العبري. منذ ذلك الحين ازداد الاهتمام في إسرائيل بما يحدث في العالم العربي، ولكن حتى كانون الأول عام 2010 كانت هناك فجوة كبيرة بين الواقع اليومي في تلك البلدان وبين عمق معرفة الإسرائيليين به. وقد قسّمتُ الكتاب إلى عشرة مواضيع، من بينها الديمقراطية، مكانة المرأة، الإرهاب، العلاقة بين الحكومة والمواطن، التوتر بين السنة والشيعة، وما إلى ذلك. وليس من قبيل الصدفة أنْه كانت تلك هي المواضيع الأكثر انتشارا بعد الثورات”، كما أضاف.

الرئيس المصري المخلوع، حسني مبارك (AFP)
الرئيس المصري المخلوع، حسني مبارك (AFP)

يقول خوجي إنّه كان هناك عدة محللين عرب ادعوا أنّه تنبّأ تماما ما سيحدث في العالم العربي وكذلك حدوث اندلاع الربيع العربيّ وسقوط الرئيس مبارك. “لستُ نبيّا ولم أشتغل بالتنبّؤات. إن واجب الصحفيين الذين يعملون مثلي هو الإشارة إلى الظروف والشروط لحدوث العمليات، وهذا ما قمت به في الكتاب”، كما يقول خوجي.

كُتب نقد عميق على الكتاب. قيل إنه مليء بالكثير من القصص التي تهدف إلى السخرية من العرب أو الإظهار إلى أي مدى هم بدائيون. ما رأيك؟

“نجح كتاب “ألف ليلة دوت كوم” جدّا في إسرائيل. نبع نجاحه من الاهتمام الجادّ بواقع الحياة في العالم العربي. قال الكثير من العرب الذين قرأوه، هنا وفي مصر، إنّه يمثّل الخطاب تمثيلا صادقا. بل وإنّ المترجم العربي للكتاب، عمرو زكريا، لم يكن ليترجم كتابا يشير بسخرية إلى أبناء شعبه”.

لماذا تعتقد أنه تمت أساسا ترجمة الكتاب إلى العربية وهو يتناول، من بين أمور أخرى، ظاهرة الإنترنت في العالم العربي؟

“سألني ابني أيضا، ابن الحادية عشرة عاما، لماذا يترجم العرب كتابا يتحدث في الواقع عنهم. لقد كتبته للإسرائيليين، وليس للعرب. أعتقد أن الهدف هو عرض وجهة النظر الإسرائيلية. أي، كيف وماذا يعتقد الإسرائيليون عن العرب. لا ينبغي لأي عربي أن يقرأ الحقائق على لساني، فهو يعرفها أفضل مني. ولكن تُضاف إليها وجهة نظر الكاتب. أنا أيضًا كنت سأهتم كثيرا، بمعرفة ما يعتقده عنّي المصري أو النمساوي أو الصيني”.

نساء مصريات يتصفحن بعض الكتب في معرض الكتاب العربي في القاهرة (AFP)
نساء مصريات يتصفحن بعض الكتب في معرض الكتاب العربي في القاهرة (AFP)

هل استأتَ شخصيا من العاصفة حول الكتاب؟

“لم أستأ إطلاقا. أنا مَدين لشخصين مصريين: وزير الثقافة، السيد حلمي النمنم، والذي قال عقب هذه العاصفة إنّه يؤيد نشر المعرفة، وليس نشر الجهل، ولذلك ليست هناك مشكلة في الترجمة عن العبرية. وكذلك إلى عضو البرلمان محمد المسعود، الذي بدأ كل هذه القضية، عندما طلب فتح تحقيق في أعقاب ظهور الكتاب في معرض الكتاب الدولي في القاهرة. سمح كلاهما بذلك للطرفين مناقشة قضية التطبيع ثانية. أعتقد أنّها مقاطعة لا داعي لها، والتي لم تحقق أهدافها السياسية، وأنّها تمسّ مسا كبيرا بالمواطن المصري أيضًا”.

هل هناك رسالة ما تريد أن تنقلها إلى القارئ المصري؟

“إنّ معاهدة السلام بين إسرائيل ومصر هي تحالف عسكري – دبلوماسي بين الحكومتين. لا تتمتع الشعوب بهذه المعاهدة. حظر التطبيع ليس قضاءً مبرمًا، وإنما قرار اتخذه القادة، لذلك تقع عليهم مسؤولية تغييره. نحن نعيش اليوم في عالم مفتوح، متعطّش إلى المعرفة وفضولي. من يحجب نشر المعرفة، سيشعر محرجا عندما يكتشف أنّ الحواجز باتت مليئة بالثقوب. لذلك أنا متفائل. أنا واثق أنّ القادة سيفهمون ذلك، وفي المستقبل القريب يمكننا أن نتمتع أكثر بثمار الإبداع من كلا الجانبين”.

باعتبارك تغطي ما يحدث في العالم العربي للقارئ الإسرائيلي، هل تلاحظ انعداما مماثلا للتسامح في الجانب الإسرائيلي؟

“بالتأكيد. إسرائيل منشغلة جدّا بنفسها ولا تشجّع بشكل كافٍ التعارف الاجتماعي أو الثقافي مع الدول الجارة. حتى في الحظر المفروض على التطبيع في مصر، هناك دور لإسرائيل، بسبب صمتها تجاه القاهرة. ورغم أن مسؤوليتها ثانوية، إلا أنه صمت ضارّ مستمر منذ أكثر من ثلاثة عقود. هناك الكثير لدى الإسرائيليين مما يمكنهم تعلّمه من العرب، ولا سيما، في مجالات الثقافة والمجتمع”.

اقرأوا المزيد: 879 كلمة
عرض أقل
جزء من الثقافة الشرقية في إسرائيل (Flash90)
جزء من الثقافة الشرقية في إسرائيل (Flash90)

العودة إلى الثقافة العربية في إسرائيل

جهاز التربية الإسرائيلي سيغير البرنامج الدراسي وسيضيف برامج في تاريخ وثقافة اليهود المهاجرين من البلدان الإسلامية: "خطوة تاريخية تُصلح ظلم دام لسنوات"

على مدى سنوات طويلة، وللمزيد من الدقة 68 عاما، ركّزت وزارة التربية الإسرائيلية على ثقافة يهود أوروبا، وركّز تعليم التاريخ على هولوكوست يهود أوروبا، وتاريخ يهود روسيا. على مدى السنين بدأ يهود البلدان الشرقية بالشكوى من أنّ نصيبهم في تاريخ الشعب الإسرائيلي منسيّ وغير واضح.

عام 1997، نشر الفنان مئير جال صورة تدعى “تسع من بين أربع مائة”، يظهر فيها وهو يمسك بتسعة صفحات من كتاب لتعليم التاريخ والتي خُصّصت ليهود الشرق، في حين أنّ بقية الصفحات مخصّصة ليهود أوروبا. سرعان ما أصبحت الصورة أحد الأعمال الإبداعية الأكثر شهرة في إسرائيل، ورمزًا لنضال الشرقيين للاعتراف، الاندماج والمساواة في المجتمع الإسرائيلي. في مجال الأدب أيضا، فإنّ الأعمال الإبداعية للكتّاب الشرقيين غير مشمولة في الدراسات الإلزامية، مقارنة بالكثير من أعمال اليهود “البيض”.

"تسع من بين أربع مائة"
“تسع من بين أربع مائة”

والآن، بعد سنوات طويلة من النقد، تقف وزارة التربية أمام تغيير تاريخي. ستوصي لجنة خاصة لوزارة التربية بإضافة موادّ جديدة، ستُدمج في البرنامج الدراسي لجميع الأعمار، وستعكس ثراء ثقافيا وتاريخ اليهود المهاجرين من البلدان الإسلامية. سيترأس اللجنة الشاعر الشهير اريز بيطون، الذي وُلد في الجزائر لوالدين مغربيين.

قال وزير التربية نفتالي بينيت، الذي دعم هذه الخطوة: “إنها خطوة تاريخية، نحن نُصلح اليوم ظلم دام لسنوات. إنّ ثراء الثقافة الشرقية هو هدية لم ينجح الجهاز التربوي بالتمتع ببهائها حتى اليوم، وكما يبدو فلا زلنا لا نعلم ما الذي لا نعرفه عن هذه الثقافة الرائعة. إنّ دولة إسرائيل، والتي هي جمع شمل من جميع أنحاء العالم، بحاجة إلى أن تعيش هذا الثراء الثقافي بدلا من أن تحدّ منه”.

اقرأوا المزيد: 233 كلمة
عرض أقل
مروان مخول وروني سومك
مروان مخول وروني سومك

فلنُنزل السكين

الشاعران روني سومك ومروان مخول لا يتفقان على كل شيء. فهما بعيدان عن ذلك كل البعد. ولكن رغم اختلاف الآراء بينهما، فإنّ شيئا واحدا واضحا لكليهما: علينا إخراج العنف من المعادلة

روني سومك:

نحن موضوعون على الكعكة

مثل دميتي العريس والعروس.

حتى لو جاءت السكين

سنحاول البقاء في نفس القطعة

(روني سومك، قصيدة السعادة، من “جنة للأرز”)

روني سومك
روني سومك

كتبت “قصيدة السعادة” كقصيدة حب وفي هذه الأيام أنا “أجنّدها” لخدمة جيش تهدئة النفوس. فجأة أقرؤها أيضا بعيون سياسية. خُبزت “الكعكة” التي وُضعنا عليها من طحين ودم أيضا. نها كعكة تريد الكثير من الأسنان أن تقضمها، ولذلك فالسكين ليست غريبة عنها.

نحن نعيش عهد السكين، أيام تُسفك فيها الدماء، أيام نمتْ فيها فجأة في جسمنا أعين كثيرة جدا، حتى في الظهر. إنها أعين الشك، أعين الخوف، أعين تسلّقت برج الحراسة وهي مستعدّة لأعمال الفظاعة الكبرى. باسم تلك الأعين أطالب بإخراج السكين خارج القانون. بالعودة إلى التعقّل، إلى التعايش.

نعم، من الممكن أنه لم يحن بعد الوقت للرقص في حفلات الزفاف، ولكن من جهة أخرى، علينا أن نتوقف عن تحويل رقصات الشعب إلى رقصات الدماء.

مروان مخول

 

مروان مخول (Facebook)
مروان مخول (Facebook)

لم أتفق أبدا مع ثقافة إيذاء الآخرين، ولم أؤمن أبدا بأنّ خلاص الشعب يأتي من خلال المسّ بحقوق شعب آخر! لم أتعلم ذلك من الكتب وإنما مررت بذلك كوني أحد أبناء الأقلية الفلسطينية في البلاد. يؤلمني أن أعترف الآن أنّني كنت في الماضي أصرخ ضدّ المواطنين من كلا الطرفين، وأنّني وصلت مؤخرا فقط إلى حالة أخجل فيها من القيام بذلك حيث إنّ شعبي يفتقد إلى أية طريق للحياة العادية. لا أتفق مع الثقافة التي جعلت من سكين المطبخ سكين شارع يؤذي المواطنين من جهة، ولكن من جهة أخرى، لا أتفق أيضًا مع ثقافة حكوماتنا الإسرائيلية التي تؤذي المواطن الفلسطيني البريء ليلا ونهارا والذي كلّ جريمته هي كونه فلسطينيا.

لا أرى نفسي إسرائيليا، وإنما أشعر أنني فلسطيني. ومع ذلك، فأنا ما زلت أتمنى لنفسي أن أسحب مخالبي لأتمكن من غرس جذرا في حياتنا المشتركة – يهودا وعربا.

نشأت في أسرة علمانية، لم تُفرق بين عربي ويهودي. ولكن حتى نصل إلى تلك الأرض الموعودة التي لا فرق فيها بين إنسان وآخر، فلن أوجّه إصبع الاتهام تجاه الشعب الفلسطيني. دون أن تكون لشعبي دولة مستقلة أو على الأقل قيادة موحّدة فسيتصرّف مثل قطيع لن نعرف إلى أين سيصل. يدعو الدين اليهودي إلى المصالحة، العطاء وليس إلى التطرف. ليس هناك مجال للحديث عن المصالحة والسلام طالما أنّ هناك شعبا مقموعا. على الإسرائيلي أن يعطي وأن يكتفي بجزء من حلمه. لماذا بجزء؟ لأنه حتى لو كان لديه الكثير من العتاد العسكري فلا يزال غير قادر على إغلاق رحم الأم الفلسطينية. لأنّ الخطر الديمغرافي في نظره هو حقيقي فعلا ولأنّه لا يمكن منعه فمن المفضل التوصل إلى طريق السلام وحينها لن يكون هناك خطر فعلي.

لا فرق بين الليل والنهار

سوى مذاق الشمس الحلو.

لا فرق بين الثمل والمتديّن

سوى صراحة الأول.

لا فرق بين الشجار والورود

سوى دور الشجرة في التاريخ.

لا فرق بيني وبينك.

لا فرق أبدا.

(الفرق، ترجمة: سوسن قطيش، عن: أرض الباسيفلورا الحزينة، وقصائد أخرى / إصدار كيشف للشِعر)

روني:

الإنسان في علم فلسطين سُرق من نار المشاعل،

الأبيض من الجير الذي كشطه من الجدار،

الأخضر من صرخة شجرة

والأسود هو ظلام مصر.

 

إذن هيا صيروا دولة،

وأعيدوا الأخضر إلى الأرض،

والأبيض إلى قميص العيد،

والأسود إلى القهوة

والأحمر إلى شوق على شفاه الجميلات،

اللواتي جئن إلى رام الله لمسابقة “ملكة جمال فلسطين”،

والتي ألغيتْ.

(روني سومك، علم فلسطين، من “قوة حصان”)

 

مروان:

في مثل هذه الأيام يهمني أن أقول لكلا الطرفين كلمات مهدّئة. أتوجّه إلى المستوطن في الضفة الغربية وأطلب منه النظر للحظة في الكتاب المقدّس الذي يؤمن به، أن ينظر للحظة ويفهم أنّ اليهودية هي محاربة العنصرية، عطاء وسلام وليس النقيض التامّ مطلقا.

أقول للشاب اليهودي – للتوّ فقط ولدتَ، ولذلك فأنت لا تفهم الألم الفلسطيني، لأنّك لم تعش العهد الذي سُلب فيه من الآخر.

أقول للشاب العربي (دون المقارنة بين الشابين) – لا تأتي الحرية أبدا من خلال إيذاء المواطنين. نحن كشعب علينا أن نكون متّحدين، مع قيادة مشتركة ومع غاية واحدة تهدف تحقيق الحرية في طريق السلام.

نُشر هذا المقال للمرة الأولى في صحيفة “يديعوت أحرونوت” الإسرائيلي

اقرأوا المزيد: 581 كلمة
عرض أقل
الأديب الإسرائيلي عاموس عوز (Yossi Zamir/Flash 90)
الأديب الإسرائيلي عاموس عوز (Yossi Zamir/Flash 90)

أديب إسرائيلي مشهور يدعو إلى إنهاء النزاع

في خطاب سيلقيه الليلةَ في احتفال لمناسبة فوزه بجائزة أدبية مرموقة، سيدعو الأديب الإسرائيلي "عاموس عوز" إلى إقامة دولة فلسطينية والتوصّل إلى تسوية تاريخية بين الشعبَين

فاز الأديب الإسرائيلي عاموس عوز بجائزة فرانس كافكا لعام 2013، التي تُقدَّم كلّ عام لأديب تتّسم كتاباته بطابَع إنسانيّ وتسهم في التسامُح. وقد اختير عوز من بين 13 مرشّحًا للجائزة، وسيُقدَّم له مساء اليوم (الخميس) تمثال برونزي صغير، وكذلك جائزة ماليّة من قِبَل رئيس بلدية براغ. وفي خطاب سيلقيه عوز الليلة، اختار عوز، المحسوب بشدّة على اليسار في إسرائيل، أن يتطرق مُطوَّلًا إلى موضوع الصراع الإسرائيلي – الفلسطيني ويدعو إلى إنهائه.

بعد أن يروي عوز في مستهلّ الخطاب عن اختباره المتعلق بقراءة قصص كافكا أثناء شبابه، سينتقل للتحدّث عن جذوره العائلية، ليقول:

“سيداتي وسادتي، أنا ابن لاجئَين يهوديّين طُردا من أوروبا باستخدام العُنف، لحُسن حظّهما. فلو لم يُطرَدا من أوروبا في الثلاثينات، كانا سيُقتَلان في أوروبا الأربعينات. ما زلتُ أحمل بداخلي ازدواجيّة والديّ حيال أوروبا: الاشتياق والغضب، الانبهار والإحباط. في كل أعمالي الأدبية يمكن إيجاد أولئك الأوروبيين النازحين، الذين يجاهدون بيأس لإقامة مقاطعة أوروبية صغيرة، تشمل رفوف الكتب وقاعات الحفلات الموسيقية، وسط الحرّ وغبار الصحراء في القدس أو في الكيبوتس… مثاليّون يتناقشون ويتجادلون واحدهم مع الآخر إلى الدّهر. لاجئون وناجون يجاهدون لبناء وطن لهم بعكس كل الاحتمالات.

سيداتي وسادتي، إسرائيل هي مخيّم لاجئين. فلسطين هي مخيّم لاجئين. الصراع الإسرائيلي – الفلسطيني هو اصطدام تراجيدي بين صالحين وصالحين، بين ضحيّتَين سابقتَين لأوروبا. العرب هم ضحايا الإمبريالية الأوروبية، الاستعمار، القمع، والإذلال. واليهود هم ضحايا الاضطهاد الأوروبي، التمييز، المذابح المنظَّمة، وفي نهاية المطاف القتل الجماعي بحجم لم يسبق له مثيل. هذه مأساة، أنّ ضحيّتَي أوروبا السابقتَين لا يريان واحدهما في الآخر سوى مشاهد القمع من الماضي.

ليس لليهود إلى أين يذهبون، وليس للعرب الفلسطينيين إلى أين يذهبون. لا يمكنهم التوحّد والتحوّل إلى عائلة واحدة كبيرة وسعيدة، لأنهم ليسوا كيانًا واحدًا، ليسوا سعداء، وليسوا أبناء أسرة – بل أسرتَين تعيستَين. أومن بقوة بتسوية تاريخية بين إسرائيل وفلسطين – حلّ الدولتَين. ليس شهر عسل مشتركًا، بل طلاق منصف، إسرائيل إلى جانب فلسطين، حيث تكون القدس الغربية عاصمة إسرائيل، والقدس الشرقية عاصمة فلسطين. مثل “الطلاق” الهادئ بين التشيكيين والسلوفاكيين.

في النهاية، سيختتم عوز كلامه بالقول إنّ كثيرًا من كتبه وقصصه تجري أحداثه في إسرائيل، “لكنها تُعنى بالأمور الكبيرة والبسيطة: المحبة، الفقدان، الوحدة، الاشتياق، الموت، الرغبة، والبُؤس”.

ربما باسم قِيَم كهذه، يمكن أن يتماثل معها كلّ إنسان، سيأتي السلام أخيرًا.

 

اقرأوا المزيد: 347 كلمة
عرض أقل
أسبوع الكتاب العبري (Nati ShohatFlash90)(Nati ShohatFlash90)
أسبوع الكتاب العبري (Nati ShohatFlash90)(Nati ShohatFlash90)

أهل الكُتّاب

أقرت الكنيست اليوم "قانون الكُتّاب"، الذي يصون حقوق الأدباء، ويسهّل عليهم إعالة أنفسهم بكرامة

كل بضعة أشهر، تُجري المكتبات في إسرائيل حملات خاصة تُباع فيها كُتب بأسعار سخيفة، سواء كانت 4 كتب بمئة شاقل جديد (نحو 25 دولارًا)، 1+1، أو حتى الكتاب الثاني بشاقل واحد فقط. تكون الأسعار أحيانًا خاسرة، لكنّ المكتبات مستعدة أن تفعل أي شيء لتكسب مشترين من الشبكات المنافسة.

ثمة من يُثني على الظاهرة، التي تشجع الناس على امتلاك كتب ونيل الثقافة، وتتيح لمَن لا قدرة مادية لديه أن يتمتع بأدب جيّد. لكن الخاسرين الرئيسيين من حملات كهذه هم الأدباء. فالربح الذي يناله الكاتب عن كل كتاب كتبه، بعد الدفع لدار النشر وباقي العناصر ذات الصلة بعملية إصدار الكتاب، صغير جدًّا. تؤدي الحملات المذكورة إلى تكبيد الكتّاب خسائر، وكثيرون منهم يعترضون على ذلك، ويدّعون أنهم لا يستطيعون إعالة أنفسهم بكرامة.

لكن ابتداءً من اليوم، لن يمكن ممكنًا تحقيقُ الأرباح على حساب الكتّاب الإسرائيليين. فقد أُقرّ “قانون حماية الأدباء والأدب في إسرائيل”، المدعو أيضًا “قانون الكُتّاب”، في الكنيست بشكل نهائي بأكثرية 45 داعمًا مقابل ثلاثة معارضين. وينصّ القانون على منع تغيير سعر الكتاب خلال الأشهر الثمانية عشر الأولى من بدء بيعه، وعلى حصول الكتّاب على 8% من جُعالة البيع (المبلغ الذي يُدفَع إلى المؤلف عن كل نسخة مبيعة من كتابه) عن النسخ الـ 6000 الأولى من الكتاب، وعلى 10% عن كل نسخة أخرى. بالمقابل، سيحدّد القانون الحملات في الشبكات لفترات محددة في فترات الأعياد وأسبوع الكِتاب (أسبوع كامل مخصّص للأدباء الإسرائيليين وإبداعاتهم، ويهدف إلى تشجيع القرّاء الإسرائيليين على امتلاك وقراءة خيرة إنتاج الأدب العبري).

كذلك، لن تتمكن المكتبات من مكافأة عمّالها إن أوصَوا بشراء كتاب ما. ولأول مرة، سيجري تنظيم أماكن العرض المفضّلة في محالّ بيع الكتب. بالإضافة إلى ذلك، وبمبادرة من رئيس لجنة التربية، الثقافة، والرياضة، النائب عمرام متسناع، تم إدخال بند إلى القانون يكافئ الكُتّاب والشعراء اليافعين بجوائز مالية.

وقالت وزيرة الثقافة والرياضة، ليمور لفنات، في الجلسة إنّ “هذه لحظة مؤثرة بالنسبة لي، ويوم هامّ للثقافة والأدب الإسرائيليَين. فبعد أكثر من ثلاثة أعوام من النقاشات العاصفة، الاندفاعات، والاعتراضات، وبرفقة عدد كبير من الأشخاص، أُقرّ القانون بأكثرية ساحقة، وبدعم نوّاب من معظم الكتل. هدف القانون هو معالجة الفشل الذريع الموجود في سوق الأدب الإسرائيلي، والذي تضرّر منه جميع العاملين في سلسلة الإنتاج الأدبي. لم يعُد الكتاب مجرد منتج على الرف – فهو كنز ثقافي”.

وعبّر النائب والصحفي السابق، نيتسان هوروفيتس، الذي بادر إلى اقتراح القانون، عن رضاه الشديد عن النجاح في إقرار القانون في الهيئة العامة للكنيست، قائلًا: “إنه يوم كبير للثقافة الإسرائيلية”. وأضاف: “إنّ القانون الذي جرى إقراره حدّد مقياسًا يعترف بقيمة الأدب والأدباء في إسرائيل كأساس لحضارة صلبة. ليس هناك مجتمع قوي دون ثقافة قوية، وهذا القانون يقوّي المجتمع في إسرائيل. ليس في العالم بلد آخر تصدر فيه كتب بالعبرية، وليس ثمة شعب آخر يُدعى “شعب الكتاب”، وهذا القانون يهدف لتقوية هذا الشعب. أُعدّ القانون ليعيد إلى الكتب والثقافة احترامها، وليمنح أرباحًا عادلة لكل العاملين في المهنة، النشر، والقرّاء”.

اقرأوا المزيد: 444 كلمة
عرض أقل
سيد قشوع (تصوير: أفيرم ولدمن)
سيد قشوع (تصوير: أفيرم ولدمن)

سيد قشوع: أحد الكتاب الإسرائيليين الموهوبين

يبدأ هذا المساء الموسم الرابع من المسلسل "شغل عربي". نقدم لكم مقالا حول كاتب المسلسل، سيد قشوع

بدأ قبل أسبوعين بث الموسم الرابع من المسلسل “عفوداه عرفيت” (“شغل عرب”) في القناة الإسرائيلية الثانية. لقد تحول المسلسل الذي يصف الواقع الإسرائيلي من وجهة نظر عربية، إلى ظاهرة لم يسبق لها مثيل، حين تم وضع عائلة عربية في زمن البث الأكثر مشاهدة في إسرائيل، وحظيت بنجاح كبير. استعدادا لبدء عرض الموسم الرابع من المسلسل هذا المساء، نقدم لكم مقالا حول كاتب المسلسل، سيد قشوع، الذي توّجه كثيرون كأحد الكتاب الإسرائيليين الموهوبين وذوي التأثير الأكبر. 

يكتب الكاتب العربي الإسرائيلي الساخر سيد قشوع زاوية أسبوعية في صحيفة “هآرتس”، برنامج كوميدي واسع الانتشار في ساعات الذروة في التلفزيون الإسرائيلي، وثلاث روايات حظيت باستحسان النقاد. وكل ما يفعله، يفعله باللغة العبرية. إنه الغريب الذي شق طريقه إلى الحظيرة.

تقول دانا أولمرت، منظرة أدبية، محررة، وابنة رئيس الحكومة السابق إيهود أولمرت: “سيد قشوع يكتب ضمن كونه حقا كاتبا مهجرا حائرًا بين التقليد والهوية. فهو لم يعد جزءا من الثقافة العربية التقليدية، لأنه تلقى تعليمه باللغة العبرية وفي مدرسة يهودية. إنه إسرائيلي أكثر من أيّ شيء آخر”.

قشوع ابن السابعة والثلاثين معتاد على تعاطي الكحوليات وهو يدخن السيجارة تلو الأخرى، يتميز وجهه الطفولي بانتفاخات تحت عينيه، وغالبا ما ينتهي كلامه بتمتمة يتعذر فهمها. يكشف قشوع في زاويته الأسبوعية في صحيفة “هآرتس”، عن توعكه المستمر، شعوره المترسخ بعدم الأمان، وصراعاته المتعثرة مع الأبوة، الحياة الزوجية، والطموح المهني. ليس قشوع سوى قاصًا روائيا مركَّبًا.

نشأ في “الطيرة”، الواقعة في منطقة المثلث في إسرائيل، والمجاورة للخط الأخضر الذي يفصل إسرائيل عن الأراضي الفلسطينية. الأغلبية الساحقة من عرب إسرائيل – الذين يشكلون 20 في المئة من السكان، ويعرّفون أنفسهم كفلسطينيين – يعيشون في المثلث وفي الجليل.

في العام 1990، إذ بلغ 15 سنة، التحق قشوع بالأكاديمية الإسرائيلية للفنون والعلوم (IASA)، وهي مدرسة داخلية في القدس للمراهقين الموهوبين. وسرعان ما أدرك أن مجرد حضوره أثار الشبهات. “كرهتُ المدينة فور دخولها”، يكتب قشوع عن انتقاله إلى القدس. “في أول سفرة لي في الباص، دخل جندي وصنفني حالا كعربي: شاب يغادر قريته للمرة الأولى، بملابس عربية، شارب عربي خفيف، والأكثر تعبيرًا هو مظهر العربي الخائف. كانت هذه أول مرة أستقل فيها الباص ويتم تفتيشي فيها. هذا الأمر تطلب مني إخفاء هويتي الخارجية بعض الوقت”.

هذا الغوص في قلب المجتمع اليهودي – الإسرائيلي هو الذي خلّف التناقض الوجودي الذي يربك قشوع حتى اليوم. في الأكاديمية، تعلم كيف يبدو ويتصرف كإسرائيلي. تمرس هناك في اللغة العبرية وكل التشعبات الثقافية المشتقة عنها. منذ ذلك الحين، أصبح دون شك الكاتب العربي الأبرز في إسرائيل، وقد أصبح كذلك عن طريق الكتابة باللغة العبرية فقط.

سيد قشوع (تصوير: أفيرم ولدمن)
سيد قشوع (تصوير: أفيرم ولدمن)

يُقحم قشوع نفسه في كل ما يكتبه، وهو يفعل ذلك بطريقة لطيفة جدا. سخريته الذاتية خبيثة. عوضا عن تسمية أبطال رواياته “سيّد” يختار عدم تسميتهم إطلاقا؛ لكن المرء لا يحتاج إلى الكثير من التحليل ليفهم أنهم انعكاسات لشخصه.

“أحب التعامل مع الشخصيات التي أعرفها بشكل أفضل”، يقول قشوع في مقابلتنا الأخيرة. ويضيف دون أن يتردد: “أنا أعشق نفسي”. يجلس قشوع في مكتب يملؤه الدخان في الستوديو الذي يتم فيه إنتاج البرنامج التلفزيوني الناجح “عفوداه عرافيت” (شغل عرب)، وهو متحفظ، ودي ولكن حذر، وغالبا ما يكون غير متحيز أيضًا. يقدم الكثير من السخرية والسخرية المرّة، ولكن القليل من الإجابات المباشرة ذات القيمة. يبدو وكأنه يقول إن عمله يجب أن يتحدث عن نفسه. وهو يفعل ذلك على عدة أصعدة.

الشخصية المركزية في كل من روايات قشوع الثلاث هي عربي إسرائيلي بائس، ليس بطلا، ودون اسم. عمله الأول،  “عرب راقصون”، هو الأكثر وضوحا كسيرة ذاتية. فالرواية تتحدث عن طفل فلسطيني من الطيرة يلتحق بمدرسة داخلية محترمة في القدس، وينتهي به الأمر حائرا بين هويتين منفصلتين. بدلا من تعريف نفسه بطريقة أو بأخرى، ينجرف دون اسم نحو سن البلوغ، حاملا على عاتقه هم قومية عائلته المفرغة، ومسحوبا إلى الأسفل بملل الحياة اليومية.

“بطل [قشوع] لا إله له. فهو لا يهدّد بالعنف، ولا يطلب الشفقة، ” تكتب البروفيسورة مريم شليزنغر، التي ترجمت أعمال عدد من الكتاب العبريين المحترمين أمثال إتغار كيريت، أ.ب. يهوشوع، وشاي عجنون. “حياته كناية عن حفلة تنكرية، ورغم أنه يخون نفسه، ينكر نفسه، ويسكب نفسه في شخصية جديدة في كل مرة، فإنه صادق دائمًا. ولا يمكن لأي قارئ، محليا كان أم أجنبيا، أن يبقى لا مباليا إزاء حقيقته”.

لكن الحقيقة، كالحضارة، فهي نسبية. قال يوسف حاييم برنر، أحد روّاد الأدب العبري الحديث، يوما: “ذرّة حقيقية واحدة أكثر قيمة بالنسبة لي من كل الشعر الممكن”.

الراوي المجهول لرواية “ليكن صباحٌ” هو – كقشوع نفسه – صحفي عربي يعمل في صحيفة إسرائيلية. لكن بخلاف قشوع، الذي انتقل قبل سنوات من منطقة بيت صفافا العربية في القدس الشرقية إلى القدس الغربية اليهودية، يقرر بطل الرواية نقل زوجته وطفلته إلى مسقط رأسه في بلدة عربية إسرائيلية مجاورة للضفة الغربية.

"ليكن صباح" لسيد قشوع
“ليكن صباح” لسيد قشوع

تجري أحداث الرواية إبان انتفاضة الأقصى في أواخر العام 2000. تتحفز الشخصية المركزية في رواية قشوع للعمل، كما يخبر القارئ، جراء يومَين من الشغب. كصحفي، يُكلّف بطل ليكن صباح بحضور مآتم ومقابلة العائلات الثكلى. خلال ذلك، ينكسر شيء داخله.

“غيّر هذان اليومان حياتي،” يكتب قشوع على لسان الراوي بضمير المتكلم. “فجأة، بدأت حياتي كغريب، والتي كانت لها حسناتها، بالتوغل في الطريق. كوني غريبا هو ما أهلني لعملي وموقعي، وأعطاني اللغة التي أحتاجها لأكون محترفا بما فيه الكفاية كصحفي. كوني غريبا كان البداية لوضع حياتي في دائرة الخطر”.

لذلك يعود إلى موطنه، دون أن يأخذ بالاعتبار، أنه في الوقت الذي لم تتغير قرية طفولته فيه، فقد تغيّر هو. فيما ترغي السياسة وتزبد خارج حدود القرية، ينتهي الأمر بالراوي إلى الوقوع في تخبطات دائمة، محكومًا عليه ألا يشعر بالانتماء إلى أي مكان.

قد يكون شريك قشوع الأقرب هو شاي كابون، مخرج إسرائيلي بارز يخرج  “عفوداه عرافيت”. والآن، بعد إنتاج الموسم الرابع،  عفوداه عرافيت هو أحد البرامج الكوميدية الإسرائيلية الخمسة الأولى في كل الأزمنة، وبرنامج رائد دون منازع بالنسبة للممثلين العرب الإسرائيليين.

باستثناء برامج التلفزيون الواقعي، فإن  عفوداه عرافيت هو البرنامج الوحيد في التلفزيون الإسرائيلي الذي يعرض شخصيات عربية رئيسية، والوحيد بالتأكيد الذي يدور جزء كبير من الحوار فيه بالعربية. تعترف المجموعة الإعلامية الإسرائيلية “كيشيت” أنها خاطرت مخاطرة كبيرة حين أطلقت البرنامج عام 2007، وكانت مستعدة لرد فعل عنيف في البداية. وقد أتى رد الفعل العنيف – من الإعلام العربي في إسرائيل. جرى اتهام قشوع بالبذاءة، التنميط، وحتى الخيانة. لكن الإسرائيليين اليهود، الذي خافت “كيشيت” من أن يهتاجوا، شاهدوا وضحكوا فقط في الغالب.

“عندما يكتب عربي بالعبرية، فهو يربك هذه الألفة لأنه يتبين فجأة أن بإمكانك أن تنطق وتكتب بالعبرية دون أن تكون صهيونيا … إنه يكتب للجمهور اليهودي، وعندما نقرأه نشعر بالارتباك. من جهة تتعاطف مع تجاربه، ومن جهة أخرى، فهي مرآة صعبة جدا للنظر من خلالها”

“لن يقبل سيّد أن أقول ذلك، لكنني أعتقد أن هذا البرنامج أحدث تغييرا كبيرا في المجتمع الإسرائيلي”، يقول كابون. “إنها المرة الأولى التي ترى فيها عربيا كإنسان عادي معرّضًا للهجوم على التلفزيون الإسرائيلي. ليس كإرهابي ولا كضحية. ليس كأي شيء، بل كإنسان عادي كأي واحد فينا”.

بسبب القيود التي يفرضها التلفزيون، اضطر قشوع إلى تسمية الشخصية المركزية في البرنامج باسم محدد. فهو يُدعى أمجد، وهو (مرة أخرى) صحفي يكتب في جريدة عبرية. كقشوع نفسه، أمجد متزوج من عاملة اجتماعية عربية إسرائيلية؛ وهو كصانعه، يرسل أبناءه إلى مدارس عبرية. يجسّد أمجد نسخة مبالغًا فيها من هوية قشوع المضطربة. يُعتبر قشوع، في إسرائيل، وهي أمة مبتلاة برهاب الأجانب وبالعنصرية العرضية، نسخة محسنة عن العربي الجيد، العربي الذي يتجاوز الأمور، الذي لا يجرؤ على المهاجمة.

لكن ليس ثمة قطاع من المجتمع الإسرائيلي لا يمسه برنامج عفوداه عرافيت. من العلماني إلى الأرثوذكسي، مرورًا برفاقه العرب، يستخدم قشوع مهاراته الكوميدية البارعة والحوارات الثاقبة ليعرّي النفاق المنتشر في إسرائيل، بمحافظيها العنصريين، لبرالييها التبريريين، وعجز كل شخص في المركز. يمكنه أن يفعل ذلك، لأنه مهما كان المكان الذي يقف فيه، فقشوع يراقب من الخارج.

ممثلو "شغل عرب"
ممثلو “شغل عرب”

قشوع وكابون صديقان حميمان، يقضيان الكثير من الأمسيات بعد الإنتاج في السمر معًا. عملهما الإبداعي متضافر جدا بحيث يتقاسمان مكتبًا، جالسَين خلف طاولتَين متوازيتَين، مواجهَين أحدهما للآخر، بحيث يتمكنان من تمرير الأفكار، الإهانات، والسجائر أحدهما للآخر.

سألتُ كابون عن التشابهات بين حياة أمجد وحياة قشوع. “لا يمكنك أن ترسم شخصية بعيدة جدا عنك أنت،” يقول كابون. “لذلك نعم، أظن أنّ أمجد قريب جدا من سيّد. فهو يتلاعب بلون معين من شخصيته. بالطبع، أمجد هو أكثر تعقيدًا. فشخصيته متعددة الألوان. لكن هذا لون بارز، وهذا ما نراه في البرنامج”.

لذلك لا عجب أن مآزق قشوع الوجودية تتجلى بطريقة جديدة عبر أمجد. خلال الموسم الثالث من عفوداه عرافيت، يذهب أمجد إلى برنامج “الأخ الأكبر” الإسرائيلي ويتظاهر (ربما بقدرة شديدة على الإقناع) أنه إسرائيلي يهودي؛ يزعم أن لديه أختًا لبرالية، ذات فكر حر ليثبت تعاطفه مع النسوية؛ وبما أنه لا نباتيين عربًا، يقرر الامتناع عن أكل اللحوم ليصبح “متحضرا”.

لكن الحلقة الأخيرة في الموسم تتخذ دورا أكثر جديا. تدوي صفارة إنذار من غارة جوية في منتصف الليل، ما يؤدي إلى تدافع كل سكان شقة أمجد في القدس إلى الملجأ. يعلق يوسكي ويوكابد المسنان، العروسان الجديدان العربية واليهودي أمل ومئير، أمجد، وزوجته بشرى، وأولادهما خلف باب فولاذي. بفقدان الاتصال بالهواتف الخلوية وبانعدام أية وسيلة للتحقق مما يثير الرعب في الخارج، يبدأ الجيران بالتعبير عن مشاعرهم الحقيقية.

“كان يجب أن ندعهم يحصلون عليها” يقول أحد الجيران لجار آخر، فيما يراقب أمجد من الجانب الآخر من الملجأ. يقول أمجد، المتألم من إهماله، “إلى جانب واقع وجود حرب في الخارج، ثمة شيء ما بخصوص هذه الوحدة، أليس كذلك؟” يحدق الجميع بصمت. أخيرا، يتهجم ناتان، صديق جيد لأمجد خارج الملجأ، قائلا: “قل أمجد، لماذا تهاجمون القدس؟”.

يستمر التوتر حتى يندلع جدال سياسي حامٍ. يجد أحدهم زجاجة فودكا، ويقترح لعبة “حقيقة-أمر” المسلية. لكن اليهود في الغرفة يعودون مرارا وتكرارا إلى مسألة الولاء: أنت تعيش هنا، لكن إلى جانب مَن أنت؟ ربما يكون الإيرانيون هذه المرة، يقول أمجد، مذكّرا المجموعة أنّ الإيرانيين ليسوا عربا. “ربما هذه المرة”، يقول بمسحة من التفاؤل، “نحن هنا معا”.

لكن الزجاجة تستقر سريعا على أمجد، وهو دوره ليقول الحقيقة. يسأله يوسكي أين يختار العيش إذا خُيّر بين إسرائيل وأية دولة عربية. تركّز الكاميرا على أمجد، وأخيرا بعد ثلاثة مواسم طويلة، لا يحاول أن يكون غير ما هو عليه حقّا. فجأة، تتخذ “الغرفة الآمنة” معنى جديدا. إذا كان ذلك يعني تجنب الحياة على هامش المجتمع، يقول أمجد ليوسكي، فإنه يفضل أن يكون قد وُلد في مكان آخر. حتى لو كان “المكان الآخر” يعني العيش تحت حكم استبدادي في مصر أو سوريا.

يتردد قشوع حين أسأله إن كان يتماثل مع انعكاس ذاته. يقول “سيكون من الصعب جدا”، ويضيف، “لأنني أعرف واقعا آخر. لدي حرية التعبير”. لكن إذا كان ذلك يعني معرفة مكاني في المجتمع والانسجام فيه، فإنني حقا، “أفكر أحيانا مثل أمجد”.

هذه هي عبقرية كتابة قشوع. في كل كتاب، زاوية صحافية وحلقة تلفزيونية، يسخر من العالم حوله، لكنه يسخر من نفسه أيضا. لا يمكن لأحد أن يقول إنه غير منصف.

وتقول أولمرت “هناك مبدأ في القومية أنه ثمة ألفة بين اللغة التي تنطق بها والمكان الذي تعيش فيه”. “عندما يكتب عربي بالعبرية، فهو يربك هذه الألفة لأنه يتبين فجأة أن بإمكانك أن تنطق وتكتب بالعبرية دون أن تكون صهيونيا … إنه يكتب للجمهور اليهودي، وعندما نقرأه نشعر بالارتباك. من جهة تتعاطف مع تجاربه، ومن جهة أخرى، فهي مرآة صعبة جدا للنظر من خلالها”.

سيد قشوع (تصوير: أفيرم ولدمن)
سيد قشوع (تصوير: أفيرم ولدمن)

لأنه جزء من الحضارة الإسرائيلية وغريب عنها في آن واحد، تظن أولمرت أن قشوع هو في الموقع المثالي ليقدم هذا الانعكاس. “إنه يظهر الحضارة الإسرائيلية كعنصرية، مليئة بالإجحاف ضد العرب، تفتقر إلى النقد الذاتي”، تتابع “لذلك فإن الشخصيات المركزية لديه هي دائما غير أبطال”.

في روايته الثالثة الأحدث، “ضمير المخاطب المفرد”، يعرض قشوع اثنين، لا واحدا، من اللا أبطال. أحدهما يُشار إليه بصفته المحامي، ويبقى دون اسم، فيما الآخر اسمه أمير. لكن السماح لأحد شخصياته بالتمتع باسم لا يشكل ذلك الانعطاف الذي قد يبدو للبعض. فأمير هو اسم شخصي شائع لدى العرب واليهود على حد سواء، وهو ما يشدد قشوع عليه لقرائه فيما يمضي الكاتب بعمق أكبر نحو سياسة الهوية وإغواء التمرير“.

لا يمضي وقت طويل حتى يفقد أمير، ليس اسمه فحسب، بل كامل هويته العربية. فهو يتبنى التاريخ الشخصي لشاب إسرائيلي يُدعى يوناتان، يتواجد في حالة نفسية نامية نتيجةً لمحاولة انتحار فاشلة. في قصتَين منفصلتَين لكن متضافرتَين، يباشر أمير/يوناتان والمحامي المجهول الاسم رحلة مليئة بالمصاعب للقبول والاندماج في القدس العصرية.

“العقدة هنا هي الوسيلة التي يفحص قشوع من خلالها مسائل الهوية والطبقة الاجتماعية” كتب سكوت مارتيل في مقالة نقدية في  لوس أنجلس تايمز. وبفعله ذلك، يعزف قشوع على الوتر الأهم في الحياة الإسرائيلية، كاتبًا روايات تتحدث عن العلاقات العرقية والتوتر الديني في هذه الدولة الأكثر تعقيدا بين الدول.

توقف قشوع عن الكتابة بالعربية منذ انخرط في الأكاديمية الإسرائيلية للفنون والعلوم. فيما لا يزال يتحدث العربية بطلاقة، ويستطيع أن يكتب حوارات بالعربية لبرنامج عفوداه عرافيت، فإن فهمه للعربية الفصحى ضعيف في أفضل الأحوال. في الموسم الثالث من البرنامج، يسخر قشوع من قدراته المحدودة بإظهار أمجد، محاولا الكتابة لصحيفة فلسطينية، يبذل جهده لطباعة بضع كلمات بسيطة بالعربية على حاسوبه.

“لغتي العبرية أفضل بكثير من العربية لأنني لم أمارس العربية منذ كنت في الخامسة عشرة” يقول قشوع. “لكنني أكذب إن أنكرت أنني كنتُ أرغب دائما أن أكون جزءا من الشعب الأقوى في إسرائيل. وقد كانت هذه الطريقة الوحيدة”.

إنجازات قشوع مثيرة للإعجاب بالطبع، لكن حملها، يقول كابون، ساحق أيضًا. “بطريقة ما، يحمل سيّد همّ كامل الشعب الفلسطيني على كاهله” يخبرني كابون. “أظن أنّ الضغط عليه أكثر من أي شخص آخر. من السهل إنتاج الأدب الساخر حينما تكون مرتاحا على مقعدك. لكن من الأصعب فعل ذلك حينما تكون في الشرق الأوسط الدموي، وحينما تكون عربيا”.

توضح أولمرت الأمر بطريقة مختلفة. قشوع، حسب رأيها، لا يعيش في عالمَين. فأبواب العالمَين موصدة أمامه. “فالعرب يعتبرونه يهوديا جدا، واليهود يعتبرونه عربيا جدا. إنه عالق في الوسط”.

حتى بعد ثلاث روايات عبرية ناجحة، يعترف قشوع أنه ما زال يحلم بكتابة كتاب بالعربية. فقد يمنحه ذلك، كما يقول، ذاك الإحساس المتملص بالانتماء. ويقول لي “اللغة مجرد أداة”. “مؤخرا، أفكر بممارسة العربية، القراءة أكثر بالعربية، وربما كتابة رواية بالعربية يومًا ما. لديّ إحساس غريب بأن روايتي الرابعة ستبدأ بالعبرية، تنتقل إلى مزيج بين العبرية والعربية، وتنتهي بالعربية”.

سألتُ قشوع إن كان هذا التنقل بين لغة وأخرى رمزيا. ضحك وغيّر الموضوع. كان هذا السؤال، كما بدا يحاول القول لي، مفرطًا في التبسيط. سألته لاحقا إن كان ثمة رسالة يريد إيصالها للشعب الإسرائيلي. فهو في النهاية، أمضى سنوات حياته كبالغ يعمل بالعبرية ويعيش بين اليهود.

“لا، لا، ليس لديّ أي نقطة” يقول. “أريد من الجميع أن يحبوني فقط”.

نشر على موقع The Tower Magazine  

اقرأوا المزيد: 2209 كلمة
عرض أقل