عرب دون خطايا (AFP)
عرب دون خطايا (AFP)

عرب دون خطايا

الكاتب الصحفي عودة بشارات يدرك أنه ليس هناك ما يُدعى "أخلاقا عربية". كل عربي يعمل وفق أخلاقه، ويهتم بمصالحه الشخصية فقط

قد قلتُ لصديقي بعد تفكير مُعمق، أن اليهود محظوظون، لأنهم يحتفلون بعيد الغفران. إذ يتخلصون في هذا اليوم من خطاياهم ويبدأون حياتهم من جديد، إلى حين يوم الغفران التالي. فابتسم صديقي مجاملة وقال لي: بالعكس، العرب هم المحظوظون. فهم لا يحتاجون إلى الاحتفال بيوم الغفران لأنهم لا يخطئون. فتعززت قوميتي، وفجأة بدت لي الحياة أجمل.

وبينما كنا لا نزال غارقين في هذا النقاش الفلسفي العميق عن العرب الذين لا خطايا لديهم، ظهرت في الخلفية على شاشة التلفزيون صورة طفلة كان قد تم انتشالها للتو من بين الأنقاض في حلب في سوريا. فاليوم يقصف قائد القومية العربية الجديدة بشار الأسد، شعبه، بمساعدة سخية من الطائرات الحربية الروسية، وهناك من يقول في بلادنا إن الأسد يُفجّر قواعد الإرهابيين. يبدو هذا الأمر مألوفًا. “قواعد للإرهابيين؟” كان بالأمس، وفي مكان قريب، التعبير المتعارف عليه هو “أوكار المخربين”.

يمكن أن نجد في الجانب الآخر من الخارطة عربا لم يرتكبوا أية خطيئة. وفي شهر تشرين الأول، أصاب القصف الثقيل الذي وجهته السعودية على صنعاء، بيت عزاء وليس معسكر حوثي. قُتل حينها 140 مدنيًا، وأصيب أكثر من 600 شخص، فطالبت الأمم المُتحدة، المثيرة للضحك، بإقامة لجنة لتقصي الحقائق. طبعا، “تأثر” المسؤولون في الرياض كثيرًا.

ينقسم العرب في إسرائيل فيما بينهم، حتى التقدميون منهم. إذا كنت تعارض النظام السوري فتُعتبر مؤيدًا لداعش، وإن كنت معارضا للقصف السعودي على اليمن، فتعتبر مؤيدا للنظام السوري. وإن كنت ضد الطرفين، النظام السوري والحركات المتطرفة وداعميها، فستُهاجم من كلا الطرفين. وهكذا تشكّلت لدينا أخلاقيات انتقائية سامية.

هاكم أنواع الأخلاق التي أوجدها العرب: أخلاق “made in روسيا”، والتي تشير إلى أن كل ذلك القصف على حلب مبرَّر، وأخلاق “made in الرياض”، والتي توضح أن كل ذلك القصف على اليمنيين مبرَّر. كل عربي وأخلاقه التي يتمتع بها، أمّا فيما يتعلق بقضية الصراع العربي – الإسرائيلي، يطالب العرب من العالم أن يتبنى قانونًا واحدًا وسلوكًا أخلاقيًا واحدًا.

لا يؤثر رأي عرب إسرائيل، سواء كانوا مؤيدين للأسد أو معارضين تماما في الأحداث في سوريا، ولكن يؤثر دون شك وكثيرا في مصداقية نضالهم. ينتفض الجميع هنا عندما تقصف إسرائيل قطاع غزة – وبحق – لشجب ذلك، ولكن فيما يتعلق بمدينة حلب، فليس أنهم لا يحتجون فحسب، بل هناك ممن يسمون أنفسهم  يساريون حتى يبررون ذلك. فهذا حال مُحزن.

وعند التحدث عن الدول العُظمى نلاحظ أن تعاملها خطير جدًا. فعندما طالبت منظمات السلام العالمية تلك الدول بالتدخل في سوريا تخيلت أن هذه الدول هي مثل الأم الحنون التي ستهب لتنقذ أولادها في سوريا. ولكن اتضح في النهاية أن هذه الدول وأذنابها حول العالم أسوأ بكثير من أن يُتوقع منها مد يد المُساعدة. أدخل الدعم الأمريكي، من خلال الحلفاء – السعودية، قطر وتركيا – كل المتطرفين إلى سوريا، وأصبح الدعم الروسي يعيث الخراب في المدن السورية.

لقد آن الأوان لمناشدة العالم على رفع يده عن سوريا. يُمكن لنا أن نتوقع أنه دون تدخل العالم – الأموال، كميات الأسلحة الهائلة، والتأثير الدبلوماسي لكل دوله من تلك الدول – كان يمكن أن يكون الوضع أفضل بكثير.

على الرغم من ذلك فإن العرب في حالة يرثى لها. لا شك أنه حان الوقت لنسأل: أي عالم عربي هو الموجود اليوم؟ فقد كان العالم العربي قبل 50 عامًا، تحت الاستعمار الأجنبي، موحدًا. ومن ثم توجهت كل دولة عربية شيئًا فشيئا في طريقها. حاليًا، فإن التيار المُتطرف أيضا، الذي عمل على توحيد العرب على أساس ديني، قد فشل في ذلك. على العكس تمامًا فقد نجح بتأكيد الفروقات بين الطوائف وداخلها. يجب البدء بالتعامل مع العالم العربي في صيغته الجديدة: كل جهة ومشاكلها الخاصة. لأنه كلما زادت التوقعات، علت فرص خيبة الأمل.

نُشرت المقالة لأول مرة في موقع‏‎ ‎‏هآرتس.

الآراء المذكورة في هذه المقالة تعبّر عن رأي صاحبها ولا تعبّر بالضرورة عن رأي موقع المصدر.

اقرأوا المزيد: 564 كلمة
عرض أقل
مهرجان المثليين السنوي في تل أبيب لعام 2013 (Flash90)
مهرجان المثليين السنوي في تل أبيب لعام 2013 (Flash90)

استطلاع: ما هو رأي سكّان العالم في الخيانة والمثلية الجنسية؟

يُظهر استطلاع جديد لمعهد "بيو" أنّ الأمور الأخلاقية متغيّرة من مكانٍ إلى آخر، لكن من الملاحظ وجود "إجماع أخلاقي" على مواضيع مثل الخيانة والمقامرة

22 أبريل 2014 | 16:20

أجرى معهد “بيو”، ومقرّه واشنطن، استطلاعًا عالميًّا حول ثمانية مواضيع ذات صلة بالآداب، وكانت النتيجة الأبرز أنّ ذلك متغيّر وفق المكان. ففيما يعتقد 95% من الأردنيّين المشاركين في الاستطلاع أنّ مضاجعة النظير منافية للأخلاق، لا يتعدّى الرقم 8% في ألمانيا. وماذا بالنسبة لرأي الإسرائيليين والفلسطينيين في هذا الشأن؟

وفقًا للاستطلاع، يتبيّن أنّ نحو 43% من الإسرائيليين يعتقدون أنّ هذه ميول جنسيّة لا أخلاقية. يُذكَر أنّ إسرائيل تحتضن مناسبات عملاقة تستضيف مئات آلاف المثليين جنسيًّا من شتّى أنحاء العالم، ما يعني أنّ الاستطلاع يظهر نتائج مخالفة في هذا السياق. ولكن، لا يزال الوضع في إسرائيل مختلفًا كلّيًّا عن الدول الإسلامية، على سبيل المثال السلطة الفلسطينية ومصر، حيث يظنّ 95% أنّ المثلية منافية للآداب.

وعدا هذا الشأن، طرح الاستطلاع أسئلة حول علاقات الحبّ خارج الزواج، المقامرة، الإجهاض، الكحول، ووسائل منع الحمل. وكان 73% في إسرائيل قد صرّحوا بأنّ العلاقة الرومنطيقية خارج الزواج أمر “غير مقبول أخلاقيًّا”. وفي هذا الشأن، تصدرت القائمة “الأخلاقية” السلطة الفلسطينية، حيث قال 94% من الفلسطينيين إنّ الخيانة مرفوضة أخلاقيًّا. وكانت الإجابات مماثلة في دول إسلاميّة محافظة بينها تركيا، مصر، الأردن، ولبنان، وكذلك في الدول الكاثوليكية، مثل البرازيل، وحتّى في الولايات المتحدة، حيث رفض 84% الخيانة لدواعٍ أخلاقيّة.

وبخصوص استخدام موانع الحمل، قال 17% فقط في إسرائيل إنّ الأمر غير مقبول أخلاقيًّا، مقابل 1% في ألمانيا، التي كانت فيها أقلّ نسبة من الذين رفضوا استخدام وسائل منع العمل لدواعٍ أخلاقيّة. أمّا في باكستان، فيعارض 65% من السكّان استخدام وسائل منع الحمل لدوافع أخلاقيّة.

موقع الخيانة Ashley Madison (صورة شاشة)
موقع الخيانة Ashley Madison (صورة شاشة)

وتظهر نتائج أخرى أنّ 35% من الإسرائيليين يعتقدون أنّ الإجهاض هو أمر مرفوض من الناحية الأخلاقية. وذلك مقابل 25% فقط قالوا إنّ الأمر مسموح. في هذه المسألة، تُعتبَر إسرائيل “ليبراليّة” جدًّا. فثماني دول فقط (فرنسا، تشيكيا، ألمانيا، بريطانيا، إسبانيا، كندا، أستراليا، واليابان) تتقدم إسرائيل من حيث موافقة السكّان على الإجهاض. أمّا في الأردن والأراضي الفلسطينية، فيعتقد 54% أنّ الإجهاض هو أمر مرفوض من الناحية الأخلاقية.

وماذا بالنسبة للكحول؟ يعارض 89% من الفلسطينيين شرب الكحول لأسبابٍ أخلاقيّة. ويعارض 75% في مصر شرب الكحول، مقابل 29% فقط في إسرائيل. بالمناسبة، يعتقد معظم المستطلَعة آراؤهم في إسرائيل عدم وجود صلة بين الكحول والآداب.

وبالنسبة للمقامرة، تلعب الأخلاق دورًا هامًّا لدى الإسرائيليين. فقد عبّر 51% من المستطلَعة آراؤهم عن معارضتهم ذلك أخلاقيًّا، مقابل 91% في كلٍّ من أراضي السلطة الفلسطينية، مصر، والأردن يعتقدون أنّ المقامرة أمر مرفوض أخلاقيًّا.

يُذكَر أنّ “الاستطلاع العالميّ حول المواقف الأخلاقية” جرى خلال السنة الفائتة، وشمل 40117 شخصًا في 40 دولة حول العالم.

اقرأوا المزيد: 380 كلمة
عرض أقل