لم يحظ إعلان وزير الخارجية الأمريكي، جون كيري، الذي أدلى به مساء يوم الجمعة، بترحاب متحمس لدى أي من الطرفين. بل على العكس. وقد سارعت فصائل فلسطينية ومن بينها فصائل تنتمي إلى منظمة التحرير الفلسطينية، لمعارضة موافقة الرئيس محمد عباس على استئناف المحادثات من دون الحصول على التزامات واضحة من قبل إسرائيل. وقد بدأت التحفظات في إسرائيل تظهر بعد يوم من إعلان كيري، فور خروج السبت. (كثيرون من أتباع اليمين والمستوطنين هم متدينون، ولأن إعلان كيري قد تم إصداره بعد دخول السبت، كان من المفروض عليهم الانتظار حتى يوم السبت مساءً).
وقد أسرعت حركة حماس مرة أخرى إلى توضيح معارضتها لاستئناف المفاوضات وحذرت من “انعكاساتها السلبيّة” على الموقف الفلسطيني الداخلي. وصرح متحدث الحركة، سامي أبو زهري: “رئيس السلطة لا يملك السلطة ليخوض مفاوضات باسم الشعب الفلسطيني في القضايا الجوهرية” وأوضح أن “حماس ترفض الإعلان وترى في المحادثات بين سلطات الاحتلال والسلطة الفلسطينية أمرًا مرفوضًا”. وحسب ما جاء في قناة التلفاز الروسية RT، فإن حماس تنوي أيضا محاولة منع مثل هذه المفاوضات.
وحذر النائب الأول لرئيس المجلس التشريعي د. أحمد بحر، رئيس السلطة الفلسطينية وقيادة حركة فتح من مغبة استئناف المفاوضات مع الاحتلال، مؤكداً أن قبول عباس وفتح بالعودة إلى المفاوضات حسب الشروط الإسرائيلية يشكل انتحارا سياسيا بكل معنى الكلمة.
وقالت حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين “إن عودة السلطة الفلسطينية للمفاوضات مع إسرائيل استنساخ للفشل”. وأضاف داوود شهاب الناطق باسم حركة الجهاد الإسلامي لوكالة معا الاخبارية :”هذا الفشل الذي عانى منه الشعب الفلسطيني والقضية الفلسطينية بسبب اخطاء السلطة المتراكمة على مدار السنوات الماضية”.
إلا أن الإعلان قد واجه داخل منظمة التحرير الفلسطينية، “عرين” أبي مازن، ردود فعل حادة واستنكارات. وقد قال فاروق قدومي، وهو شخصية بارزة في منظمة التحرير الفلسطينية، أن قيادة السلطة الفلسطينية تعاني من أزمة عميقة في أعقاب الإعلان عن استئناف المفاوضات السلمية. وأشار عضو بارز آخر في منظمة التحرير الفلسطينية، عباس زكي إلى أن الجامعة العربية قد مارست ضغطًا على عباس لاستئناف المفاوضات المباشرة مع إسرائيل. وقالت شخصيات كبيرة أخرى أن تهديد كيري في تقليص المساعدات الاقتصادية للسلطة هو ما أخاف عباس وأقنعه بالعودة إلى طاولة المفاوضات.
وكانت وكالة الأنباء AP قد نشرت أن شخصيات فلسطينية رفيعة المستوى تدعي أنها تلقت كتاب ضمانات للمفاوضات على أساس خطوط 67، وذلك على ما يبدو بهدف تبرير قرار عباس. ولم تعقب وزارة الخارجية الأمريكية على الإعلان، غير أن مصدر غربي كان قد أنكر الادعاءات. وقال عباس زكي أيضا “نحن لم نحصل على التزام من كيري فيما يتعلق بحدود العام 67”. وقد أوضحوا في مكتب عباس أن الوحيدين المخولين بالرد بشكل رسمي باسم السلطة حول موضوع المفاوضات هم نبيل أبو ردينه وياسر عبد ربه.
بالمقابل، يبدو في إسرائيل أن نتنياهو يتمتع بائتلاف مستقر. لم يهدد أي من كبار أعضاء الائتلاف بالانسحاب، غير أن معظمهم أبدوا تحفظات. ومع خروج السبت، والأنباء عن “التجميد الصامت” وإطلاق سراح المخربين، بدأت تظهر ردود فعل حادة من قبل جزء من وزراء الحكومة. وقد صرح وزير الإسكان أوري أريئيل أن الأنباء حول التزام إسرائيل “الصامت” بتجميد البناء في المستوطنات ليست إلا “خطأ فظيع” لن يتم تطبيقه من قبل وزارته.
وأما الوزير عوزي لنداو من حزب “يسرائيل بيتينو” فقد هاجم النية في إطلاق سراح المخربين وقال لموقع ynet أن “الموافقة الإسرائيلية على إطلاق سراح الأسرى هو بمثابة خطأ. يجب علينا أن نتعلم من أخطاء الماضي وعدم تقديم أي تنازلات قبل الشروع بالمفاوضات”.
وقد أوضحت مصادر سياسية في القدس أنه لن يكون هناك تجميد للبناء وأنه سيتم استئناف المفاوضات دون أي شروط مسبقة. وعلى حد أقوال مصدر ملم بتفاصيل المفاوضات بين إسرائيل والولايات المتحدة، “لا يوجد أي تجميد ولن يكون هناك أي إطلاق سراح لأسرى قبل بدء المفاوضات. هذا معناه أننا سنواصل البناء”.
وقد أعرب رئيس حزب “البيت اليهودي” ووزير الاقتصاد، نفتالي بنط، عن رضاه عن عدم وجود شروط مسبقة ودعا إلى إبعاد الأوروبيين عن المفاوضات. “سنصر على مواصلة انتهاج حياة سليمة وسنواصل البناء في القدس وفي يهودا والسامرة. لقد علمنا التاريخ أن البناء يأتي بالحياة، وإخلاء البلدات يعود بالإرهاب”.
وقد أبدى رئيس لجنة الخارجية والأمن التابعة للكنيست، ووزير الخارجية السابق، أفيغدور ليبرمان، تشاؤمًا تاما بكل ما يتعلق بمستقبل المفاوضات. “من المهم إدارة المفاوضات، غير أن الأهم من ذلك هو أن تُدار المفاوضات استنادًا للواقع وليس الأوهام. وقد قلت مرات عدّة أن النزاع الإسرائيلي الفلسطيني غير قابل للحل، على الأقل في السنوات المقبلة”. وقد طلب ليبرمان إعلام الفلسطينيين والأمريكيين معًا أن إسرائيل لا تنوي وقف البناء في المستوطنات وأضاف: “إن النتيجة القصوى التي يمكن الطموح إليها هي ترتيبات مرحلية طويلة الأمد، ترتكز على التعاون الأمني والاقتصادي، على أن يتم تأجيل الحسم السياسي الرئيسي، الحدود والقدس، إلى موعد أكثر تأخرًا بكثير”.
وفي مقابلة أجراها نائب وزير الخارجية، زئيف إلكين، هذا الصباح، قال أنه لا يعتقد أن خارطة نتنياهو سوف تتمكن من الالتقاء بالخارطة الفلسطينية. “لم يتخل الفلسطينيون، طيلة الطريق، عن أي ذرّة. منذ بدء الطريق قالوا حدود 67، وهم يصرون أيضا على حق العودة”. وحين سُئل لماذا تعود إسرائيل إلى المفاوضات، قال أن الجلوس والتحدث مع الجيران، حتى إذا لم يتوصلوا إلى نتيجة إيجابية، هو أمر جيد. وأشار “أنا أعارض التنازلات كسبب للمفاوضات. ليتني كنت أمثل توجه نتنياهو أيضا ولكني أشك في ذلك”.
وكانت المعارضات في الشبكات الاجتماعية أكثر حدة، وقد ادعى نشطاء ليكود أنهم “سيرون نتنياهو الطريق إلى الخارج”.
وقد أكد رئيس الحكومة، من جهته، أن أي اتفاقية سلام مع الفلسطينيين سوف يتم طرحها للحصول على “موافقة الشعب، وليس موافقة الكنيست، وذلك على ما يبدو بهدف تهدئة الجناح اليميني في الليكود. وقد نشر نتنياهو ذاته إعلانا عرّف فيه استئناف المفاوضات كـ “مصلحة إسرائيلية استراتيجية حيوية. إنها مهمة بحد ذاتها بهدف محاولة إنهاء النزاع بيننا وبين الفلسطينيين، وهي مهمة حيال التحديات التي تواجهنا، وخاصة من قبل إيران وسوريا”.
وقد أبدى وزير المواصلات يسرائيل كاتس تأييده للخطوة وقال “طالما سيحافظ نتنياهو على الشروط، فسيحصل على الدعم من الليكود ومن الائتلاف. كما أعرب وزير الأمن موشيه (بوغي) يعيلون عن اعتقاده أن استئناف المفاوضات هي مصلحة إسرائيلية. “لقد عبرنا عن استعدادنا للشروع بالمفاوضات مباشرة، في أي مكان، ومن دون شروط مسبقة”.
أما في الطرف الفلسطيني، فلم يُسمع أي مصدر فلسطيني كبير يُثني على استئناف المفاوضات أو أنه يُبدي دعمًا للرئيس عباس.
- سياسة إسرائيلية
- استئناف المفاوضات
- محمود عباس
- بنيامين نتنياهو
- أفيغدور ليبرمان
- حركة فتح
- عباس زكي
- نفتالي بينيت
- زئيف ألكين
- أوري أريئل
- جون كيري
- يسرائيل كاتس
- إسرائيل
- فلسطين
- أحمد بحر
- حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين
- فاروق قدومي
- منظمة التحرير الفلسطينية
- عملية السلام
- الأسرى الفلسطينيون
- حركة حماس
- موشيه يعلون
- حرب 1967