في نهاية الأسبوع الماضي، تحدث رئيسَ الشاباك سابقا، يورام كوهين، في مقابلة استثنائية للمرة الأولى مع موقع NRG الإسرائيلي. في المقابلة الشاملة، تحدث كوهين للمرة الأولى عن خدمته، رئيسا للمنظمة الأكثر سرية في إسرائيل.
بدأ كوهين بشغل منصبه في ربيع عام 2011، مع اندلاع الربيع العربيّ، وأنهى خدمته في أيار 2016. عندما شغل منصب رئيسَ الشاباك، كان كوهين مسؤولا عن إنقاذ محاصرين إسرائيليين في السفارة الإسرائيلية في القاهرة، شارك في التخطيط لصفقة شاليط، حلل عملية القتل الرهيبة في قرية دوما وقتل الطفل محمد أبو خضير، شارك في عمليتين عسكريتين في قطاع غزة، وعمل ضد موجة إرهاب الأفراد من قبل الشبان الفلسطينين.
رئيس الشاباك، يورام كوهين، ورئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو (GPO)
وُلد كوهين عام 1960، لوالدين وصلا إلى إسرائيل من أفغانستان عام 1951.
تحدثت العائلة اللغتين العبريّة والأفغانية. إضافة إلى اللقب “سامي”، الذي حظي به كوهين بين الفلسطينيين، حظي بلقب “الأفغاني” عندما تقدم في سلم الرتب في الشاباك.
بعد تسريحه من الجيش، التحق كوهين بالجامعة وكان يعتزم دراسة مجالي الاقتصاد وعلم النفس. إلا أنه عدل عن رأيه بعد أن دُعِي لمقابلة في الشاباك. “بدأت العمل في الشاباك لأنني أردت الحصول على مصدر رزق”. في وقت لاحق، اقترح الشاباك على كوهين العمل في المجتمَع العربي وبعد سنة من تعلمه العربية، نجح في السيطرة عليها والإلمام بها جدا.
اعترف كوهين في المقابلة معه أنه تحدث باللغة العربية أثناء لقاءاته مع قيادة الجهات الأمنية الفلسطينية، الأردنية، والمصرية.
رئيس الموساد، تامير باردو مع رئيس الشاباك يورام كوهين (Kobi Gideon Flash90)
سأل مجري المقابلة كوهين، عن مستوى العلاقات الذي ازداد مع مسؤولين بارزين في الدول العربيّة الجارة فأجاب: “في السنوات الأخيرة تطورت العلاقات بيننا وبين كل الجهات القريبة منا. فهم مهنيون، وطنيون يتميزون بفخر قومي تجاه بلادهم. إنهم لا يعملون من أجلنا، لا يعملون وفق تعليماتنا، بل يعمل كل منهم من أجل مصلحة بلاده. تزداد هذه العلاقة عند وجود مصالح أمنية مشتركة – عدو أو مشكلة مشتركة، وعندها يمكن توسيع العلاقة أو تعزيزها. لا يكون ذلك ممكنا في أحيان كثيرة بسبب الرأي العام، الحساسية الاستخباراتية، السياسية أو الدولية، وحتى بسبب علاقات هذه الدولة مع دول أخرى. ولكن التنسيق بيننا وبين جهات أمنية في دول تربطنا بها علاقة سلام جيدة، متقدمة، وتنجح في إنقاذ حياة الكثيرين”.
واعترف كوهين أن التعاون الأمني مع الجهات الفلسطينية يساهم في أمن إسرائيل فعلا. وفق ادعائه، فإن الأفضلية النسبية التي يتمتع بها الفلسطينون هي أنهم يتحدثون اللغة، يعيشون بين السكان، وقادرون على الحصول على تعاون السكان المحليين أكثر، “في الواقع، فإن 70-80% من إحباط العمليات ينجح بفضل عمل الشاباك والجيش”، أكد كوهين.
صيف عام 2011، إطلاق سراح الإسرائيليين المحتجزين في السفارة الإسرائيلية في القاهرة
هجوم على السفارة الإسرائيلية في القاهرة عام 2011 (AFP)
تحدث كوهين في المقابلة عن قضية الحصار في السفارة الإسرائيلية في القاهرة في صيف عام 2011، بعد أشهر قليلة من تعيينه رئيسا للشباك. “كانت هذه الحالة مأساوية ومعقدة جدا، كادت تنتهي بكارثة”، يصف كوهين الأحداث من وجهة نظره للمرة الأولى.
في شهر آب 2011، أحاط عشرات آلاف المتظاهرين الغاضبين بالسفارة الإسرائيلية في القاهرة، التي كانت تقع في الجزء العلوي من بناية متعددة الطبقات. كان في السفارة في ذلك الحين ستة من عمال السفارة، من بينهم ثلاثة حراس أمن. بدأ الكثير من المتظاهرين بتسلق الدرج، السيطرة على البناية، إلقاء زجاجات حارقة، ومحاولة دخول السفارة من خلال استخدام العنف. كان هناك خوف حقيقي على حياة المحتجزين في السفارة، وكانت صعوبة في إنقاذهم من البناية. عمل على حل الأزمة في ذلك الحين رئيس الحكومة ووزير الخارجية، بنيامين نتنياهو، جهات أمنية بارزة، وكوهين بصفته رئيسَ الشاباك الجديد حينذاك. “في ساعات الصباح الباكرة، بعد ساعات من التوتر، كنتُ على اتصال هاتفي مع ضابط قوات مصرية خاصة، ومن خلال التنسيق المستمر نجحت قواتنا وجهات أمنية مصرية في الوصول إلى الإسرائيليين في السفارة. بعد تردد صعب، قررنا العمل وفق رأي ضابط القوات المصرية الخاصة الذي كان في المنطقة والعمل وفق تجربته، والسماح للقوات بإنقاذ المحتجزين وشق طريق عبر الجمهور الغفير ونقلهم إلى مكان آمن”، قال كوهين.
هل هناك احتمال للتوصل إلى ترتيبات سياسية في الوقت الراهن ؟
الرئيس الفلسطيني محمود عباس، أبو مازن (Flash90/Hadas Parush)
“يستحسن أن تتوصل إسرائيل إلى ترتيبات أمنية مع الفلسطينيين”، قال كوهين أثناء المقابلة. “هذا هدف أسمى لإسرائيل من أجل جيلنا وجيل المستقبل”.
ومع ذلك، يعتقد كوهين أننا: “بعيدون عن طريق التسوية الحقيقية بين الشعوب جدا. نحن بعيدون حتى إذا تحدث الزعماء، رؤوساء المنظمات الأمنية، ورجال الأعمال بينهم. ما زال يشهد العنف، الأجيال المتورطة في العنف، التحريض السائد في السلطة الفلسطينية، بما في ذلك في قيادة فتح – على أننا ما زلنا بعيدين جدا عن التوصل إلى تسوية”.
صفقة شاليط
أسرى حماس يتحررون في صفقة شاليط (Flash90/Abed Rahim Khatib)
سأل مجري المقابلة كوهين، إذا كان يعرف المكان الذي كان محتجزا فيه شاليط، بصفته رئيسَ الشاباك؟
“أقول لكم أن الجهود التي بذلناها لإطلاق سراحة كانت كبيرة، ولكن هذه حقيقة أننا لم ننجح في إعادته إلى عائتله في حملة عسكرية معينة. لا أريد التطرق إلى الموضوع أكثر”.
اختُطف غلعاد شاليط واحتُجِز في غزة قبل تعيين كوهين رئيسا للشاباك، ولكن تمت صفقة إطلاق سراح شاليط في فترة ولايته. أجرى كوهين سلسلة لقاءات كثيرة في القاهرة، وفي النهاية نجح في التوصل إلى مسودة اتفاق عرضها على الحكومة الإسرائيلية، وحظيت بموافقة 26 مؤيدا، مقابل ثلاثة معارضين. رغم التوصل إلى اتفاق لإطلاق سراح 1.027 أسيرا فلسطينيًّا، فقد دعم كوهين الاتفاق.
عملية القتل في قرية دوما
فلسطينيات يعاين الدمار الذي تسبب به الحريق في منزل الدوابشة في دوما (AFP)
وقعت عملية القتل في قرية دوما عندما شغل كوهين المنصب. بعد اعتقال المشتبه بهم، تعرض الشاباك إلى انتقادات حول التعامل مع المعتقَلين اليهود، في غرف التحقيق. ردا على ذلك، نشر التنظيم السري خبرا استثنائيا أعرب فيه عن اتخاذ خطوات صارمة أثناء التحقيق.
“إن حرق المنزل في قرية دوما وسكانه، وقتل أبو خضير يعتبران عمليتين فظيعتين. أراد منفذو العملية إثارة فوضى عارمة إضافة إلى قتل الفلسطينيين الأبرياء. وأرادوا شن صراع بين أبناء الديانة اليهودية والإسلامية، وبين أبناء الديانة اليهودية والمسيحية، وأشعلوا كنائس ومساجد”.
المصدر الأقرب إلى الحدث الإسرائيليّ
تلقّوا نشرتنا اليوميّة إلى بريدكم الإلكتروني