منذ انطلاقه، ضم نادي بيتار القدس لكرة القدم، لاعبين ومشجعين محسوبين على اليمين السياسي في إسرائيل، وحتى الساعة لم يتخلص الفريق من هويته اليمينية هذه. ويتخذ الفريق سوق “محانيه يهودا” مقرا للجلسات حيث يجتمع المشجعون مع اللاعبين ويتداولون أحوال الفريق. ورغم الانجازات الرياضية التي حققها الفريق منذ إقامته عام 1936، وحصوله على لقب البطولة 6 مرات، ما زالت غيمة العنصرية والتشدد تحوم فوق النادي ومشجعيه.
البريطانيون يحظرون نشاط النادي
منذ اقامته، ارتبط نادي كرة القدم، بيتار القدس، او باسمه العبري “بيتار يرشاليم”، ارتباطا وثيقا بالسياسة. ففي عام 1947 أصدر المندوب السامي البريطاني أمرا بحظر حركة بيتار التي خرجت إلى حيز العالم عام 1936، بدعوى أنها حركة غير قانونية، إذ ضمت لاعبين ينتمون إلى حركة “إيتسل” (منظمة عسكرية حاربت ضد الحكم العسكري البريطاني وضد عرب فلسطين قبل قيام الدولة). وقام أصحاب الفريق بتغيير اسمه إلى “نورديا يروشاليم”. وظل هذا الاسم حتى الإعلان عن قيام دولة إسرائيل، عام 1948، وخروج البريطانيين من البلاد، حينها عاد تسمية الفريق من جديد ” بيتار يرشاليم”.
نادٍ ذو هوية يمينية
في عام 1954 سجل الفريق أو انجازا له، إذ استطاع الترقي إلى الدرجة الأولى لدوري كرة القدم في إسرائيل، لكن هذا النجاح كان قصيرا، فقد عاد الفريق إلى الدرجة الثانية. وفي تلك السنوات، أي خمسينيات القرن الماضي، بدأ النادي يجذب إلى صفوفه مشجعين من الجانب اليميني للخارطة السياسية الإسرائيلي، التي كانت تهيمن عليها حركة ماباي (اليسار الإسرائيلي آنذاك برئاسة بن غوريون). وأصبح نادي بيتار “ملجأ” لمنتسبي حركة حيروت (اليمين الإسرائيلي آنذاك). ويمكن القول إن السنوات تلك مهدت الطريق لصقل هوية الفريق وانتسابه إلى اليمين الإسرائيلي، الذي أصبح بعد ذلك فريقا يتضامن مع الليكود.
مشجعو بيتار القدس (Yonatan Sindel/Flash90)
حتى عام 1960 شمل علم الفريق اللونين الأسود والأبيض، وبعدها تم إدراج اللون الأصفر لعلم الفريق، وفي نفس السنة صعد الفريق على أرض الملعب لأول مرة بالزي الأصفر.
فترة أوري ململيان وإيلي أوحانا
في مطلع السبعينيات انضم إلى الفريق البالغ لاعب عمره 16 عاما، واسمه أوري ململيان، ليتحول في وقت قصير إلى نجم كبير وأسطورة تتردد على ألسنة مشجعي الفريق. وكان ململيان السبب المباشر في القفزة التي حققها الفريق ليصبح في خانة النوادي الأكبر والأقوى في الدوري الإسرائيلي.
وتمكن الفريق بفضل هذا اللاعب من الفوز لأول مرة في تاريخ بلقب ما في الدوري، وكان هذا اللقب كأس الدولة بهدف سدده ململيان. وكان الفريق قريبا جدا من الفوز بالبطولة، إلا أنه مني بسلسة من الهزائم في نهاية الموسم.
وفي سنوات الثمانينيات انضم لاعب إضافي إلى الفريق دخل إلى خانة نجوم الفريق الكبار، وهو اللاعب إيلي أوحنا، الذي ساهم في عودة الفريق إلى الدرجة الأولى.
وعرف الفريق في تلك السنوات، واحدا من أقسى المواسم، 1983- 1984، بعدما خسر البطولة في اللعبة الأخيرة لصالح مكابي حيفا، جرّاء هزيمة لفريق “هبوعيل تل أبيب”، ومنذ حينها أصبح نادي “هبوعيل تل أبيب” خصما لدودا للفريق.
أوري ململيان (Yonatan Sindel/Flash90)
بطولة أولى والانتقال إلى تيدي
فاز الفريق عام 1986- 1987 على بطولة الدوري الإسرائيلي لأول مرة، بقيادة أوري ململيان وإيلي أوحانا، وتحت قيادة المدرب درور كشتان.
وانتقل الفريق في تسعينيات القرن الماضي إلى ملعب جديد في حي المالحة في القدس، ملعب تيدي، بعدما كان يجري ألعابه في ملعب يامكا. وفاز مرة أخرى مع إيلي أوحانا، الذي ترك الفريق ليلعب في الدوري البلجيكي وأصبح لاعبا معروفا في أوروبا، والمدرب درور كاشتان ببطولة ثانية في الملعب الجديد.
وفي تلك السنوات استقطب الفريق مزيدا من المشجعين، وذلك بفضل المعلب الذي أصبح يستوعب عددا أكبر من المشجعين. وفي تلك الفترة، عرف الفريق أوقات عظيمة، إذ فاز ببطولة ثالثة، كان عمر أوحانا حينها 33 عاما، وفاز على لقب أفضل لاعب في الدوري.
وفي موسم 1997- 1998 حاز الفريق على بطولة رابعة، لكن هذه البطولة كان لها “رائحة كريهة” بعد الاشتباهات بأن اللعبة الأخيرة التي توجت الفريق كانت “مبيوعة”، وأن فريق “بيت شان” سمح لبيتار بتسجيل هدف في الدقائق الأخيرة للعبة، لكي يمنحه لقب البطل، بدل فريق “هبوعيل تل أبيب”.
فريق على حافة الانهيار
في مطلع القرن الحالي، بشّر انتقال الفريق من رابطة مشجعين إلى أيدٍ خاصة، بدخوله إلى مرحلة جديدة، من شأنها أن تمنح الفريق صلابة اقتصادية وتمكنه من التحول إلى أقوى فريق في إسرائيل. وبالفعل، استطاع النادي بقيادة رجل الأعمال “جاد زيئيفي”، ضم نجوم عديدة إلى صفوفه، وبناء فريق على مستوى عال في إسرائيل.
لكن حظ بيتار الجيد انقلب، وبعد تخلي صاحب الفريق “جاد زيئيفي”، عنه، دخل الفريق إلى دوامة لم يخرج منها إلى اليوم. إذ أصبح يتنقل بين رجال أعمال يأتون بأموال كبيرة ووعود عظيمة، لكن بعد فترة قصيرة يتخلون عن الفريق، أشهرهم الملياردير الروسي أركادي غيدماك، الذي أراد إلى يحول الفريق إلى فريق بمستوى أوروبي، وأحضر إلى الفريق المدرب الفرنسي، لويس فرننديس.
فريق بيتار القدس في سنواته الأفضل (Kobi Gideon / FLASH90)
وأدت هذه التغييرات إلى تحول بيتار إلى فريق قوي جدا إذ فاز ببطولات إضافية، وسجل واحدة من أفضل الانجازات في الموسم عام 2009 بعدما فاز ببطولة الدوري وكأس الدولة معا لأول مرة. لكن حظ بيتار انقبل مرة أخرى بمغادرة غيدماك إسرائيل، وصلت حد التهديد بتفكيك الفريق في حال لم يجد ممولا بدل المليردير الروسي.
بعدها تكتل مشجعون من جمعية “بيتار” وجندوا نحو 2 مليون شيكل، وساعدوا الفريق على مواصلة نشاطاته، وتواصلت الجمعية مع رجل الأعمال إيلي تابيب لكي يشتري الفريق من رجل الأعمال الروسي، وبالفعل لبى طابيب النداء.
نادٍ معاد للعرب والمسلمين
وفي عام 2013، حاول الملياردير الروسي غايدماك بتجنيد الأموال من أصدقاء في الشيشان لمساعدة الفريق، وضم إلى الفريق لاعبين مسلمين، وأدى ذلك إلى احتجاج واسع في أوساط المشجعين المتشددين، الذين قرروا مقاطعة الفريق ولوحظ أن أعداد المشجعين بدأت تتراجع إلى درجة كبيرة الأمر الذي دفع اللاعبين إلى مغادرة الفريق.
النادي يضم لاعبين مسلمين في محاولة فاشلة (Kobi Gideon / FLASH90)
وما زالت جمعية المشجعين التي يطلق عليها “لا فاميليا” ضم لاعب عربي أو مسلم. ويواصل النادي الواقع تحت تأثير الجمعية في التمسك بهذه السياسة، أي سياسة عدم الترحيب بلاعب عربي أو مسلم في صفوف الفريق.
ومنذ ارتقاء فريق أبناء سخنين إلى الدرجة الأولى في إسرائيل، تحولت اللقاءات مع بيتار القدس، إلى لقاءات مشحونة بالمنافسة والعداوة، إذ تتسم هذه اللقاءات بحضور أمني كبير وبإبعاد الكثير من المشجعين بعيدا عن الملاعب. وفي الجانب الثاني، تحولت هذه اللقاءات إلى واحدة من أفضل الأحداث الرياضية في إسرائيل لأجل الخصومة بين الطرفين.
ويسود الإحساس في هذه اللقاءات أن اللعبة تتحول إلى حرب عابرة للرياضة، وتلبس قالبا سياسيا ووطنيا، وتصبح مباراة بين إسرائيل وفلسطين. فيمتلئ الملعب بأعلام إسرائيل من جهة، وأعلام فلسطين من جهة ثانية، ما يشعل الأرواح بين الطرفين.
المصدر الأقرب إلى الحدث الإسرائيليّ
تلقّوا نشرتنا اليوميّة إلى بريدكم الإلكتروني