آفي يسخاروف

مسلسل "فوضى"
مسلسل "فوضى"

فوضى: نظرة داخلية إلى حياة المستعربين ورجال حماس

الشركة الأمريكية "نتفليكس" تقتني مسلسل الدراما الإسرائيلي "فوضى"، الذي يسرد قصة ملاحقة أحد أكبر قادة حماس في الضفة الغربية، توفيق حامد، على يد وحدة المستعربين. اقرأوا مقابلة خاصة مع مؤلف المسلسل

في بداية كل حلقة من مسلسل “فوضى”، تظهر عبارة توضيح: “فوضى هو مسلسل خيالي لا يستند إلى الواقع. الأحداث التي فيه هي نتاج الخيال”. ولكن من يشاهده يفهم فورا أن الفصل بين الواقع والخيال ليس بسيطا جدا، حيث إن المسلسل يصف بقدر كبير من الموثوقية الواقع المعقّد والصعب للحياة في الضفة الغربية وإسرائيل. إنه مسلسل خيالي تجري أحداثه يوميّا قريبا جدّا منّا.

يصف المسلسل وحدة من المستعربين؛ وهم جنود في وحدة نخبة في الجيش الإسرائيلي يتسللون إلى الأراضي وهم متنكّرون بعرب وينشطون تحت غطاء، ملاحقين أحد أكبر قادة حماس في الضفة، توفيق حامد، أبو أحمد (كما ذكرنا، الأسماء والشخصيات مختلقة تماما). في المقابل، يتتبّع المسلسل أعضاء حماس، أسرهم وحياتهم الشخصية، ويرسم صورة دائرية للواقع المعقّد.

مؤلفو المسلسل، الصحفي آفي يسخاروف والممثّل ليئور راز، جلبوا الكثير من تجربتهم الشخصية إلى داخل السيناريو، سواء باعتبارهم جنودا في الجيش الإسرائيلي، أو من خلال محاولة استمرت لمدة 15 عاما في التغطية في الأراضي المحتلة من الميدان.

كُتب المسلسل لصالح التلفزيون الإسرائيلي، ولكن من الواضح أنّه سيثير اهتماما كبيرا أيضًا في أوساط الفلسطينيين

وفي حديث مع يسخاروف، يحكي لنا عن عملية التأليف، التفكير والواقع الذي خلف المسلسل، ويعد بتطوّرات مثيرة للاهتمام. نشأت فكرة المسلسل، كما يقول، من خلال محاولة راكمَها خلال السنين عندما كان يغطّي الضفة الغربية وقطاع غزة، من خلال الواقع الذي شاهده، والمحادثات التي أجراها مع أعضاء حماس، فتح، ورؤساء السلطة والأجهزة، وأيضًا مع أعضاء الوحدات الخاصة في الجيش الإسرائيلي الذين يعيشون داخل تلك الأراضي المحتلة. إن لقاءه بكلا الطرفين هو الذي جعله يؤلف هذه السلسلة من خلال وجهتي النظر.

اسم المسلسل، “فوضى”، ليس مفهوما ضمنا فقط. فسوى التفسير العربي للكلمة، فإنّها أيضًا كلمة السر التي يستخدمها المستعربون عندما ينكشفون في المنطقة، من أجل أن يرمز بعضهم لبعض، وأيضا لأعضاء المراقبة المتصلين، بأنّهم انكشفوا (ويفترض أن تحدث فوضى على الفور بعد ذلك، عندما ينقضّ عليهم الكثير من الغضب).

كُتب المسلسل لصالح التلفزيون الإسرائيلي، ولكن بالنسبة ليسخاروف فمن الواضح أنّه سيثير اهتماما كبيرا أيضًا في أوساط الفلسطينيين، وفي العالم العربي عمومًا. “كما أنّه يثير فضولنا أن نرى ونتعرف على الطرف الآخر من الداخل، فهم أيضا فضوليون تجاهنا”، كما يقول. بحسب تعبيره، فلديه أصدقاء في الضفة وفي غزة ينتظرون المسلسل بالفعل. ولا شك لديه بأنّ المسلسل سينشئ ضجّة وسيثير إعجاب الكثيرين. حصلت الحلقة الأولى، التي سيتم بثّها للمرة الأولى في إسرائيل والتي تمّ نشرها فعلا للمشاهدة الكاملة في يوتيوب، على آلاف المشاهدات، وتحتها سلسلة من الطلبات، بالعربية أيضًا، لنشر المسلسل مع الترجمة للعربية، الإنجليزية، ولغات أخرى.

الصحفي آفي يسخاروف، مؤلفو المسلسل
الصحفي آفي يسخاروف، مؤلفو المسلسل

وفي الواقع، فإنّ الحلقة مشوّقة، قوية، ومُخرجة بشكل جيّد. من يشاهدها لا يستطيع ألا ينجرف وراء الشخصيات؛ من جهة، فهناك تماهٍ مع الجنود الذين يخرجون لتنفيذ المهمة، والقبض على أحد قادة حماس المسؤول عن قتل مئات الإسرائيليين. هناك طموح بأن ينجحوا في المهمّة، وقلق حول مصيرهم عندما تبدأ الأمور بالتعقّد. ومن جهة أخرى، يظهر المسلسل، بشكل استثنائي، زاوية نظر أعضاء حماس، الذين من المعتاد جدّا كرههم في إسرائيل.

ويظهر في أحد المشاهد أحد قادة حماس الفارّين عندما يصل للقاء وحده مع شقيقه، في يوم زفافه، بعد أن لم يره منذ أكثر من عام ونصف. الحوار إنسانيّ جدّا، مؤثّر، ويتماهى المشاهدون مع الشخصيات ومشاعرها.

سألتُ يسخاروف: “كيف تعتقد أنّ المشاهد في إسرائيل سيستقبل هذه “الأنسنة” التي تقومون بها لأعضاء حماس”؟ أجاب بأنّه متأكّد بأنه سيكون هناك نقد تجاه هذه المسألة، ولكن هذا عنصر مهمّ وهم ليسوا مستعدّين للتنازل عنه.

“جزء مهمّ من المسلسل هو كسر هذه الوصمات السائدة في إسرائيل. أن نُظهر لهم بأنّ من اعتادوا على رؤيتهم كأعداء تلقائيين، هم آدميّون، ولديهم زوجات يحبّونهنّ، وأطفال صغار الذين يمثّلون كلّ الحياة بالنسبة لهم”، كما يقول. “عندما نرى في إسرائيل أحدا يجلس في غرفة الجلوس في منزله، يحبّ زوجته ولديه ضعف أمام الحلويات، فإنّهم يبدأوا بالإدراك بأنّها شخصية أكثر تعقيدًا”.

“التقيت بزوجة عمر أبو عايشة، أحد الإرهابيين الذين اختطفوا ثلاثة مراهقين إسرائيليين قرب الخليل في الصيف الماضي”

أما التحقيق العميق في المسلسل فقد قام به خلال العمل، كلما أتاح له الواقع ذلك. “التقيت بزوجة عمر أبو عايشة، أحد الإرهابيين الذين اختطفوا ثلاثة مراهقين إسرائيليين قرب الخليل في الصيف الماضي”، كما يقول. “عندما نجلس في غرفة الجلوس في منزلهم، نرى واقع حياة أعضاء حماس، العادات، ماذا يُقال وما لا يُقال، أية عبارات وإيماءات يستخدمون. ومن خلال ذلك قدّمت الكثير من النصائح للممثّلين”.

من الجانب الإسرائيلي، فقد كان التحقيق أكثر سهولة، وإن كان معقّدا. “المستعربون هم نماذج خاصة. رغم أنّ هناك حاجة إلى لغة عربية جيّدة جدّا وإلى مظهر صحيح من أجل أن تبدو مستعربا، ولكن ذلك لا يكفي. فأنت بحاجة لتكون مجنونا في هذا الأمر، أن تحبّ المخاطرة والأدرينالين، إنهم أشخاص متشرّبون جدّا لأهدافهم. بل إنّهم مدمنون على ذلك”. ويقول أيضًا إنّ المستعربين يعتمدون الثقافة العربية في حياتهم الشخصية أيضًا، يتحدّثون فيما بينهم بالعربية (كما يمكن أن نرى في أحد مشاهد المسلسل)، يستمعون إلى موسيقى عربية، فهذا جزء لا يتجزأ من حياتهم.

الحلقة الأولى مشوّقة جدّا، ووفقا لوعود يسخاروف، فإنّ ذلك سيأخذ بالازدياد. سيكون بعض السيناريوهات سخيفًا، وربما، متخيّل، وبعيد عن الواقع الذي نعرفه، من أجل الحفاظ على الدراما. ولكن كل من عاش هنا يعلم بأنّ الواقع أحيانًا يتجاوز كلّ خيال. شاهِدوا الحلقة الأولى:

 

اقرأوا المزيد: 788 كلمة
عرض أقل
نتنياهو وعباس خلال لقائهما في واشنطن سبتمبر 2010 (AFP)
نتنياهو وعباس خلال لقائهما في واشنطن سبتمبر 2010 (AFP)

وفقًا للموقع الإسرائيلي: عقد نتنياهو وعباس مفاوضات سرية وكان الاتفاق وشيكًا

وفقًا للتقرير، فقد تم الاتفاق في المفاوضات السرية التي عُقدت بين القادة على تقسيم الأراضي وعلى حل عادل لمعظم قضايا الصراع، بما في ذلك قضية اللاجئين، لكن الجدل لا يزال قائمًا حول قضية القدس

نشر الصحفي الإسرائيلي آفي يسخاروف من موقع الأخبار الإسرائيلي “والاه” في الأمس مقالًا رائعًا حول الاتصالات السرية التي أجراها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ورئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس في عاميّ 2010-2011، بوساطة الرئيس الإسرائيلي السابق شمعون بيريس.

وفقًا للتقرير، التقى بيريس وعباس خلال فترة معينة في عدة مدن أوروبية، منها روما ولندن، وبعدها عُقدت مقابلات بينهما في العاصمة الأردنية عمان. وأفاد التقرير أنه في هذه اللقاءات قد أقبل الاثنان على اتفاق مهم وتاريخي بين الإسرائيليين والفلسطينيين، وقد تم ذلك على علم نتنياهو كليًّا.

يدور الحديث عن أنه في مفاوضات كهذه، بإمكان إسرائيل أن ترفض الموافقة على الاتفاقات التي يصل إليها كلا الطرفين، وذلك لأن بيريس لا يمثل الحكومة الإسرائيلية إنما يمثل نفسه فقط. وهذا بخلاف المفاوضات التي أقيمت في الآونة الأخيرة حتى نيسان 2014، والتي كانت رسمية. وكان المقصد تحقيق تقدم ملحوظ بكل المجالات، ويمكن لهذه المحادثات أن تصبح رسمية فقط عندما يكون الاتفاق وشيكًا.

بيريس وعباس (Mark Neyman/GPO)
بيريس وعباس (Mark Neyman/GPO)

دولتان ونهاية الصراع

بحثت المحادثات بين عباس وبيريس، والتي رافقها طاقم مفاوضات (ومن بينهم صائب عريقات)، بكل قضايا النزاع بين إسرائيل وفلسطين، وأحرزت تقدمًا هائلًا في جميع المجالات. ومن بين أمور أخرى، تم الاتفاق على أنه مع توقيع الاتفاقية سيُعلن عن “نهاية الصراع” بين الفلسطينيين والإسرائيليين.

وفقًا للتقرير، توصل الطرفان إلى اتفاق يشمل تشكيل دولتين، إسرائيلية وفلسطينية، وفقًا لحدود عام 1967 مع تبادل أراض بشكل متساوٍ ومنطقي، والذي من شأنه أن يترك المدن الإسرائيلية الكبرى الواقعة في الضفة الغربية تحت سيطرة إسرائيلية، وبالمقابل سيتم منح مناطق متساوية من حيث المساحة والجودة للدولة الفلسطينية.

وتم الاتفاق على أن الدولة الفلسطينية لن تملك جيشًا خاصًا إنما قوات شرطة فقط، وأن معابر الحدود ستكون تحت سيطرة طرف ثالث (مثل الاتحاد الأوروبي).

الأجهزة الأمنية في السلطة الفلسطينية (HAZEM BADER / AFP)
الأجهزة الأمنية في السلطة الفلسطينية (HAZEM BADER / AFP)

سيعود 10،000 لاجئ كل سنة؟

وقد نوقشت قضية بتوسع ووصلت لتقدم كبير (إن لم يكن تم الاتفاق عليها من كلا الطرفين) أيضًا وهي قضية اللاجئين الفلسطينيين المعنيين بالعودة إلى أماكن سكنى أجدادهم الواقعة ضمن أراضي إسرائيل. وفقًا للتقرير، اتفق الطرفان على أن حل النزاع سيكون “عادلًا ومتفقًا عليه”، والخطوط العريضة التي ناقشها الطرفان (ولم يتم الاتفاق عليها تمامًا) هي كالتالي:

سيُمنح كل لاجئ أربعة خيارات: 1. الحفاظ على مكان الإقامة الحالي والحصول على تعويض مالي. 2. الانتقال لمدينة ثالثة والحصول على تعويض مالي. 3. العودة لدولة فلسطين (حسب حدود 1967). 4. العودة لإسرائيل، بموافقة الحكومة الإسرائيلية.

سيُمنح كل لاجئ أربعة خيارات: 1. الحفاظ على مكان الإقامة الحالي والحصول على تعويض مالي. 2. الانتقال لمدينة ثالثة والحصول على تعويض مالي. 3. العودة لدولة فلسطين (حسب حدود 1967). 4. العودة لإسرائيل، بموافقة الحكومة الإسرائيلية.

بحسب التقرير، في البداية وافق عباس على أن تقرر إسرائيل عدد اللاجئين الذي ستستوعبه إلى أراضيها، ولكن بدّل رأيه فيما بعد مقترحًا خطًا عريضًا جديدًا: خلال 15 عامًا ستستوعب إسرائيل 10،000 لاجئ كل سنة، ما مجموعه 150،000 لاجئ فلسطيني سينتقلون للعيش في الأراضي الإسرائيلية.

القدس: ترتيبات إبداعية إلى جانب الخلافات

واحدة من القضايا الأصعب تسويةً هي تلك المتعلقة بالقدس. ويكثر نتنياهو من التصريح رسميًا، كمعظم السياسيين الإسرائيليين، بأن القدس ستبقى تحت السيطرة الإسرائيلية للأبد. ومع ذلك، فقد تبين وفقًا للتقرير أن نتنياهو قد وافق على أن تكون القدس “مدينة مفتوحة” وعاصمة لكلا الدولتين، الإسرائيلية والفلسطينية، عندها تكون الأحياء اليهودية تحت السيادة الإسرائيلية وستكون الأحياء المجاورة الفلسطينية تحت السيادة الفلسطينية. وبالإضافة إلى ذلك، تم الاتفاق على تشكيل هيئة محلية واحدة ومشتركة تُعنى بأمور المياه، الكهرباء والصرف الصحي في كل أنحاء القدس.

وقضية واحدة لم يتمكن الطرفان من الاتفاق عليها بتاتًا، وهي بما يتعلق بالبلدة القديمة والأماكن المقدسة في القدس: لم ينجح عباس ونتنياهو حتى من الاقتراب لاتفاقية بخصوص السيادة في المسجد الأقصى وترتيبات الرقابة والأمن في المنطقة. وبعد أن تبين للطرفين أنه لم يتم التوصل إلى اتفاقيات، قد اتفق على تكملة المحادثات بهذا الشأن في وقت لاحق.

نظرة إلى الأقصى (Nati Shohat/Flash90)
نظرة إلى الأقصى (Nati Shohat/Flash90)

وقف المحادثات وعدم الثقة بين الزعماء

بحسب التقرير، فقد انهارت المحادثات في تموز 2011، عندما طُلب من نتنياهو أن يقدّم وثائق رسمية تثبت وجود المحادثات، لكنه قرر عدم القيام بذلك. وبعد رفض نتنياهو قرر عباس أن يلغي اللقاء ووضع حدًا للاتصالات السرية فعليًا. فإذا كان هذا التقرير صحيحًا، فمن الممكن أن يكون السبب الرئيسي لهذا العداء السائد بين القادة وانعدام الثقة بينهم.

لا يمكننا معرفة سبب انتهاء المحادثات، لكن التساؤل القائم هو كيف سيتقبل الجمهور الذي يمثله القائدان الإعلان عن المفاوضات المتقدمة. ولا يمكن التنبؤ إن كان عباس، والذي لم يتم انتخابه منذ انتخابات 2005، كفؤًا لأخذ قرارات كهذه. علينا أن نسأل إن كان عباس يمثل كل الشعب الفلسطيني، وهل هو قادر سياسيًا وقياديًا، أن يبت بقرارات مهمة وبعيدة المدى بخصوص الشعب الفلسطيني.

كما علينا التساؤل عن مدى دقة وصحة المعلومات المنشورة في التقارير. لا يُمكننا أن نتجاهل حقيقة أن تقريرًا كهذا له علاقة بحملة الانتخابات القائمة في إسرائيل ويظهر بهذا التوقيت ليؤثر على نتائجها. وقد علق مكتب نتنياهو على التقرير مفيدًا بأن نتنياهو لم يوافق أبدًا على أي بند من البنود المذكورة في التقرير “على عكس ما يُقال”.

انعدام الثقة بين نتنياهو وعباس (AFP)
انعدام الثقة بين نتنياهو وعباس (AFP)
اقرأوا المزيد: 743 كلمة
عرض أقل