لدى معرفة نتائج الانتخابات في إسرائيل، كان هناك الكثيرون ممّن خاب أملهم بها. ورغم أنه كان يبدو أن بنيامين نتنياهو في طريقه إلى إخلاء ديوان رئيس الحكومة لصالح يتسحاق هرتسوغ، فقد فاجأ نتنياهو الجميع وحقّق فوزا كاسحا. لكن كان هناك من رفض قبول حكم الشعب.
أثبتت التصريحات أنّ العنصرية بين اليهود في إسرائيل وبين بعضهم البعض، بين القادمين من الدول الأوروبية والقادمين من الدول الإسلامية، لا تزال قائمة.
على مدى سنوات قام في إسرائيل تمييز ضدّ اليهود الذين تعود أصولهم إلى الدول الإسلامية. في أعقاب سنوات من التمييز وعدم المساواة في توزيع الموارد، فهؤلاء اليهود يكسبون مالا أقل، ولا يحصلون على تعليم جامعي مثل اليهود من أصول أوروبية.
البروفيسور الإسرائيلي أمير حتسروني: “لم يكن أمر سيّء ليحدث لو أنّ والديك ظلّا في المغرب وتعفّنا هناك”
اليهود “الشرقيون”، القادمون من العراق، المغرب، مصر، اليمن وإيران، معروفون في إسرائيل بكون الممارسات الدينية اليهودية أقرب إلى قلوبهم. فمن المعتاد في مجتمعهم احترام رأي الحاخامات والتردّد على الكُنس بشكل أكبر. وليس الأمر كذلك لدى اليهود القادمين من أوروبا، “الشكناز”، والذين معظمهم ليس متديّنا.
السياسي الذي حاول استخدام هذا الصدع هو رئيس حزب شاس أرييه درعي، وهو يهودي متديّن من مواليد المغرب، وقد انطلق بحملة “شرقي يصوّت لشرقي”. في أفلامه الدعائية، انتقد درعي قائلا: “المكان الوحيد الذي فيه شرقيون أكثر من الشكناز (أي اليهود من أصول أوروبية) هو السجون”.
أريه درعي (Isaac Harari, FLASH90)
أثبتت نتائج الانتخابات أنّ الغالبية الساحقة من اليهود من أصول شرقية قد صوّتوا لأحزاب اليمين، وساهموا بأن يتم – بخلاف التوقعات – انتخاب نتنياهو من جديد لرئاسة الحكومة. وقد غضب الكثير من الإسرائيليين من أصول أوروبية بسبب ذلك.
الكاتبة ألونا كمحي: “اشربوا السيانيد، أيها الأغبياء اللعناء. انتصرتم”
بعد نشر النتائج فورا، كتبت إحدى أبرز الكاتبات في إسرائيل، ألونا كمحي: “لكل شعب هناك السلطة التي تناسبه. فليحيا الغباء والشرّ، اشربوا السيانيد، أيها الأغبياء اللعناء. انتصرتم. الموت فقط هو الذي سينقذكم من أنفسكم”. بعد مرور بعض الوقت قامت بحذف المنشور، واعتذرت على كلامها الجريء.
ارتبطت تصريحات كمحي مع التصريحات القاسية التي قالها الفنان الإسرائيلي يائير جربوز قبل بضعة أيام من الانتخابات، والتي أدان فيها مؤيّدي نتنياهو لكونهم “يقبّلون التمائم”، أي إنهم يؤمنون بمعتقدات بدائية ومتخلّفة مقارنة بأنصار هرتسوغ.
بالإضافة إليهم، فقد تكلّم أيضًا الكاتب المسرحي الإسرائيلي يهوشاع سوبول بشكل مهين عن أنصار نتنياهو ووصفهم بأنهم “مقبّلي عضادات الباب”، وهو وصف انتقاصي لليهود التقليديين.
ولكن ذروة العنصرية، سُجّلت في مقابلة لبروفيسور إسرائيلي اسمه أمير حتسروني، باحث في الإعلام، في القناة الثانية الإسرائيلية. تمّت دعوة حتسروني إلى هناك في أعقاب تصريحات جريئة كتبها في صفحته الفيس بوك عن اليهود الشرقيين، حيث قال فيها إنّ دولة إسرائيل أخطأت حين سمحت لهم بالهجرة إليها من الدول العربيّة، فأنشأت بذلك طبقة كبيرة من السكان المتخلّفين.
كانت التصريحات التي قالها حتسروني في المقابلة، والتي تجادل فيها مع إسرائيلية ولد والداها في المغرب، سيّئة بنفس القدر. قال حتسروني للمرأة: “لم يكن أمر سيّء ليحدث لو أنّ والديك ظلّا في المغرب وتعفّنا هناك”. في أعقاب هذه التصريحات تمّ طرد حتسروني من الأستوديو من قبل مقدّمي البرنامج المصدومين. ومن الواضح الآن للجميع في إسرائيل أنه سوى العنصرية التي تلوّث العلاقات بين اليهود والعرب، تنتشر عنصرية أيضًا داخل المجتمع اليهودي في إسرائيل.
المصدر الأقرب إلى الحدث الإسرائيليّ
تلقّوا نشرتنا اليوميّة إلى بريدكم الإلكتروني