وسائل منع الحمل

امرأة في غزة (MOHAMMED ABED / AFP)
امرأة في غزة (MOHAMMED ABED / AFP)

محرمات غزة.. إجهاض ومنع الحمل

بحث فريد من نوعه في غزة يكشف عن واقع خفي في القطاع. السكان يستخدمون وسائل منع الحمل ويرغبون في ولادة أطفال أقل ويتحدثون عن طرق بديلة لوقف الحمل

بدأت العقلية الغزية تتغير – النساء والرجال في غزة يقولون “كفى”، لا نرغب في المزيد من الأطفال، هذا ما يبيّنه بحث فرنسي في مجال علم الاجتماع، الأول من نوعه، أجري في قطاع غزة.

أجري البحث على خليفة خطر التكاثر السكاني في غزة، ولفحص طرق ناجعة لمنع هذا السيناريو قبل سنتين، في شهر رمضان 2015 في قطاع غزة. وصل الباحثون إلى كل مركز طبي أو مركز مجتمعي في قطاع غزة تقريبًا – مدينة غزة وخان يونس ورفح ودير البلح وغيرها. وأجريت لقاءات جماعية وشخصية مع مئات الرجال والنساء من سكان غزة – سكان قدامى ولاجئين، شبان ومُسنين. وطرحت على جميعهم أسئلة شخصية جدا.

معظم النساء اللاتي شاركن في البحث أخبرن الباحثين أنهن وأزواجهن يستخدمون وسائل منع الحمل

عدد السكان في قطاع غزة الصغير آخذ بالازدياد وأصبح تعدادهم نحو مليوني مواطن، ونحو نصفهم هم من الشبان الذين أعمارهم أقل من 18 عاما. مساحة غزة الصغيرة هي 365 كم مربع فقط، ونسبة زيادة السكان فيها هي 2.39% وفق معطيات وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية (‏CIA‏).

متوسط عمر المرأة عند ولادتها الأولى هو 19 عاما. ولكن على ضوء حقيقة أن سن الزواج القانوني هو 18 عاما، فلا ينتظر الأزواج أكثر ويقيمون عائلات في هذا العمر.

زوجان في غزة (MOHAMMED ABED / AFP)
زوجان في غزة (MOHAMMED ABED / AFP)

وسائل منع الحمل شائعة ومشهورة، ولكن يسمح للمتزوجين باستعمالها فقط

لكن اكتشف الباحثون أن الغزيين ليسوا محافظين كما هو متبع الاعتقاد، من حيث تفكيرهم على الأقل. وحسب استنتاجات البحث, فلا يسمح باستعمال وسائل منع الحمل في قطاع غزة فحسب، بل هي متوفرة في كل مكان تقريبا، وبأنواع وأشكال مختلفة. معظم النساء اللاتي شاركن في البحث أخبرن الباحثين أنهن وأزواجهن يستخدمون وسائل منع الحمل.

لن تحدد النساء في غزة مسبقا وعلنيا عدد أطفالهن. بدلا من ذلك، فهن يتحدثن عن “إطالة” الفترات الزمنية بين الولادات.

ومع ذلك، فإن معدل الولادة في غزة ما زال مرتفعا جدا مقارنة بالغرب وبالدول العربية. رغم أن الشبّان المتزوجين يرغبون في تقييد أو تقليل عدد الأطفال مقارنة بالأجيال السابقة، إلا أن الضغط الاجتماعي والعائلي ما زال لا يسمح لهم بذلك. يطرأ هذا التغيير في كل المجموعة السكانية، ولكن يحدث بوتيرة سريعة لدى أصحاب المكانة العالية والمثقفين. ولكن يخترق هذا التغيير الطبقات الفقيرة ببطء أكثر.

لم يعد يؤمن السكان في غزة بما كان يؤمنون به أثناء الانتفاضة الثانية – الاعتقاد أن المرأة التي تلد كثيرا تؤدي مهمة جماعية، من أجل الكفاح المسلح، ويشكل المولودون بديلا للقتلى ومصدرا لزيادة عدد المقاتلين. وفق البحث، فإن الرأي القابع في غزة في يومنا هذا حول الولادة، هو أن هذا قرار شخصي للزوجين، أكثر من كونه قرارا وطنيا.

وأظهر البحث كذلك أن النساء في غزة لن تحددن مسبقا وعلنيا عدد أطفالهن. فهن يتحدثن عن “إطالة” الفترات الزمنية بين الولادات. ولكن في الحقيقة يستطعن أن يلدن أطفالا بـ “فارق” 15 عاما بين ولادة وأخرى.

أطفال وامرأة في غزة (Abed Rahim Khatib/Flash90)
أطفال وامرأة في غزة (Abed Rahim Khatib/Flash90)

آلاف الطرق المنزلية الخطيرة لوقف الحمل

تحدثت النساء عن تفاصيل آلاف الطرق المنولية الخطيرة لوقف الحمل بدقة. بدءا من استخدام شاي النباتات وحتى شرب مواد كيميائية أو استخدام الغاز.

تتعارض الرغبة في إقامة عائلة صغيرة أحيانا مع الواقع. ماذا يحدث في غزة عند حدوث حمل غير مخطط له؟ يرفض الأطبّاء الرسميون تقريبا رفضا باتا المصادقة على عملية الإجهاض، سوى في حالات تشكل خطرا على حياة الأم أو تؤدي إلى عاهات خلقية لدى الجنين. ما زال الإجهاض محظورا في المجتمع الغزاوي ولكن تُجرى عمليات إجهاض خصوصية كثيرا سرا. ويبدو أنه هناك فجوة كبيرة بين النظرة التقليدية لدى الأشخاص، فعندما يُسألون يجيبون فورا “حرام”، وبين ما يحدث في أرض الواقع.

تكلفة عملية إجهاض خاصة لدى طبيب في غزة تصل إلى 4 حتى 5 آلاف دولار، وهناك حاجة إلى وجود علاقات متينة لإنجازها. لا تستطيع غالبية النساء السماح لأنفسهن بخطوة كهذه، ولذلك باتت الطرق المنزلية لوقف الحمل، وجزء منها خطير جدا، منتشرة كثيرًا. في المقابلات الجماعية، تحدثت النساء عن تفاصيل آلاف الطرق لوقف الحمل بدقة. بدءا من استخدام شاي النباتات، القرفة، الكثير من الملح، الكثير من التمر، وحتى شرب مواد كيميائية، أو القفز على الدرج، أو حتى استخدام الغاز.

أطفال وامرأة في غزة (Abed Rahim Khatib/Flash90)
أطفال وامرأة في غزة (Abed Rahim Khatib/Flash90)

ولكن ما زال الصمت والتستر على الموضوع مستمرا في المستشفيات أيضا. عندما تصل النساء إلى المستشفيات وهن يعانين من نزيف حاد، يفهم الأطباء أنهن اجتزن إجهاضا، ولكن لا يوجهون أسئلة حول الموضوع لتفادي الإبلاغ عن الحالات.

يعود سبب إحدى المشاكل وفق البحث إلى أن وسائل منع الحمل ليست متوفرة أمام العزباوات. وليست لديهن معرفة كافية. فلا يجرى حديث حول الموضوع قبل الزواج. لذلك تصل أحيانا فتيات عزباوات بعد أن اجتزن إجهاضا إلى المستشفيات. فيحاول الأطباء الحفاظ على خصوصيتهن والاحتفاظ بسرهن، لئلا تُدمّر حياتهن.

يدحض البحث الكثير من الوصمات حول الانفتاح الفكري لدى الغزيين. ورغم ذلك، فيلاحظ أن المعايير الاجتماعية أحيانا تمنع أشخاصا من ممارسة رغباتهم الشخصية، مثلا الرغبة في تقييد عدد الأطفال.

اقرأوا المزيد: 707 كلمة
عرض أقل
نساء يزيديات، صورة توضيحية (AFP)
نساء يزيديات، صورة توضيحية (AFP)

داعش ينشر وسائل منع الحمل لضمان تجارة الجنس

نساء يزيديات تحدثنّ عن كيف تم إلزامهن على استخدام وسائل منع الحمل قبل أن يغتصبهن مقاتلي داعش، وذلك لضمان متابعة المتاجرة بأجسادهنّ واغتصابهنّ من دون مشاكل

حظيت صناعة عبيدات الجنس، التي يمارسها تنظيم داعش، بتغطية إعلامية عالمية وأثارت صدمة كبيرة ومروّعة. ولكن، كما يظهر من بحث أجرته صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية، ليس أن مقاتلي داعش يُجبرون عبيدات الجنس على ممارسة الجنس فحسب، بل يُجبروهنّ أيضًا على تناول حبوب منع الحمل، لئلا تتضرر ممارساتهم الجنسية. يعتمد مُقاتلو داعش في ذلك على فتوى في الشريعة تقول إنه يُمكن جعل المرأة عبدة جنس في حال أنها لم تُنجب بعد.

يضم التقرير الخاص بمراسلة صحيفة نيويورك تايمز، روكميني ماريا كاليماشي، شهادة لشابة عمرها 16 عامًا كان ينتابها الخوف عند حلول الغروب لأنه كان وقت بدء اغتصابها. ولكن، أيضًا عندما كان يبيعها مقاتل داعش لمقاتل آخر، كانت تنتقل معها علبة أقراص منع الحمل دائمًا  لضمان ألا تصبح حاملا أثناء ممارسة علاقة جنسية مع أي من المقاتلين. وقد تمت المتاجرة بها بين سبعة من مقاتلي داعش.

وكان على الشابة، وفق شهادتها، أن تتناول تلك الأقراص يوميا أمام أنظار المقاتل، للتأكد أنها لا تُحاول أن تحبل سرًا. حتى أن أحد المقاتلين الذين بيعت له كان يُجبرها على تناول قرص “اليوم التالي” الذي يعمل على الإجهاض بعد 24 ساعة من ممارسة الجنس، الأمر الذي كان يجعلها تنزف.

ويُشير هذا إلى ظاهرة غريبة شخصها أطباء عالجوا أكثر من 700 فتاة من الطائفة الأزيدية اللواتي وقعنّ ضحايا عمليات اغتصاب مقاتلي داعش: 5% فقط منهن أصبحن حوامل، بينما لم تحبل بقية الشابات.

ذكرت شابة أخرى أيضًا، عمرها 18 عامًا، في شهادتها كيف أنها بعد أن بيعت لأحد مقاتلي داعش ذهبت مع والدته إلى أحد المستشفيات المحلية وهناك أُجريت لها فحوصات حمل للتأكد من أنها ليست حاملا. وقالت الأم للعبدة: “إذا اكتشفنا أنك حامل سنعيدك”. بعد أخذ ثلاث عينات دم منها، واتضح أنها ليست حاملا، أُعيدت الفتاة إلى المقاتل، وبشرته والدته أن عبدته ليست حاملاً.

ذكرت الشابة أنها اغتُصبت عدة مرات من قبل ذلك المقاتل وبعد أن مل منها أعطاها لأخيه لتكون عبدةً له.

وبينما شدد قادة داعش جدًا، وفق الشهادات المعروضة في تقرير نيويورك تايمز، على ضمان استعمال وسائل منع الحمل وحتى أنهم أحيانًا كان يفرضون استعمال أكثر من وسيلة، كان المقاتلين الشبان، على عكس قادتهم، لا يُشددون كثيرًا على ذلك.

 

اقرأوا المزيد: 328 كلمة
عرض أقل