هندسة معمارية

"المنزل الجنوني" في تل أبيب
"المنزل الجنوني" في تل أبيب

شاهدوا.. “المنزل المجنون” في تل أبيب

تحظى بناية في تل أبيب باهتمام استثنائي لأن واجهتها مزيّنة بهياكل عظمية، عظام، ونباتات تثير شك إذا كانت ملائمة لطابع مدينة الخطيئة

أكثرية الشقق السكنية الإسرائيلية شبيهة بعلب تخزين خالية من الإبداع. فدولة إسرائيل صغيرة (مساحتها: 20,770 كيلومترا مربعا) ويسعى مخططو الشقق إلى استغلال الأراضي والموارد التصميمية مشددين على أن تكون الشقق السكنية عملية. اهتم البناء القديم الذي يُميّز مدنا إسرائيلية كثيرة مثل تل أبيب، حيفا، القدس، بئر السبع، ومدن كثيرة أخرى بعنصر هام بشكل خاص: توفير الأماكن وبناء المباني السكنية فقط.

بُني الكثير من المباني في إسرائيل وفق طريقة “مقصورة القطار” فتخطيطها ومظهرها النهائي شبيه أيضا، لهذا تبدو كل الأحياء شبيهة وغير جميلة بشكل خاص. ولكن تظهر مبان مميزة وسط المباني المتشابهة.

مبنى Casa Mila، برشلونة (AFP)
مبنى Casa Mila، برشلونة (AFP)

أحد هذه البنايات المميزة هو مبنى في شمال تل أبيب، لا يفهم كل من يمر بالقرب منه ما يراه في الواقع. هل يجري الحديث عن مبنى مؤلف من الأشباح، الهياكل العظمية، العظام أو أن نباتات خاصة تنمو فيه؟ هذا هو السبب أيضا وراء تسمية المنزل الواقع في شارع هيركون 181، مقابل شواطئ مدينة الخطيئة باسم “المنزل الجنوني”.

بعد أيام قليلة من حرب 1967، بدأت إسرائيل تتمتع بالازدهار الاقتصادي التي طرأ في أعقاب الحرب والذي تسبب باستقطاب مستثمرين أجانب. شعر مبادر سويسري في مجال العقارات بالحاجة إلى زيارة إسرائيل والاستثمار في مشروع عقاري مميز. في غضون يوم بعد وصوله إلى البلاد، اشترى قطعة أرض مساحتها نصف دنم وبدأ بالتخطيط للمبنى المميّز.

كان المبنى الذي أقيم بين عامي 1982 و 1985 مرتفعا لهذا تحدثت المدينة بأكملها عنه. كرهه الكثيرون وبالمقابل هناك مَن أحبه رغم أنه كان يعد غير جميل. على الرغم من أنه أصبح اليوم منسيا إلا أنه ما زال قائما، ولكن إذا سألتم مواطني تل أبيب ماذا يعني لهم “المنزل الجنوني” ستلاحظون أن معظم الناس مرتبكين ولا يعرفون تماما ما تريدونه منهم.

مبنى Casa Batllo (AFP)
مبنى Casa Batllo (AFP)

المثير للاهتمام هو أن تشييد هذا المبنى قد بدأ في اليوم الأول من حرب لبنان الأولى، حزيران 1982، وانتهى مع انتهاء الحرب، أي بعد نحو ثلاث سنوات.

المبنى مؤلف من أربعة طوابق على أعمدة، كما هو متبع في كل المباني في شارع هيركون ويتضمن عشر شقق مختلفة وشقة جنة عدن مميزة (مساحته نحو 600 متر مربع)، ومخططه هو مصمم معماري فرنسي. في الجهة الأمامية من المبنى، استخدم المصمم حجر الكركار، الصدف، الرمل، الشجر، النباتات الطبيعية، المواد المتوفرة جدا في شاطئ تل أبيب. أما الجهة الشرقية الأقل شهرة، التي تتضمن مدخلا للمبنى، فقد جعلها جزءا من المدينة مستخدما مواد صناعية مثل الحديد والإسمنت.

وهناك حقائق ملفتة أخرى: تذكّر الواجهة الغربية من المبنى بأعمال الفنان الكتالوني، أنطوني غاودي، المنتشرة في برشلونة مثل مبنى كازا ميلا Casa Mila ومبنى ‏كازا باتلو Casa Batllo. في وقت لاحق، أصبح تصميم الجهة الغربية المميز من المبنى نكتة في إسرائيل. لماذا؟ لأن تصميم غاودي المعماري يعد عملا إبداعيا مميزا، ولكن المنزل الجنوني هو في الواقع مبنى مصنوع من الباطون البسيط، يتضمن شققا وشرفات ملصقة عليها قطع غريبة اصطناعية. التغيير في المشهد ليس واضحا تماما، إذ يبدو المبنى أشبه بمكعب أسمنتي مغطى بملابس ممزقة. بُنيت المباني التي صممها غاودي مائلة وكأنها جزء من المبنى – يشكل معظم الانحناءات جزءا من المباني وتبدو الزخرفات المميزة وكأنها تنمو بشكل طبيعي من داخل المباني.

بالإضافة إلى ذلك، تنجح المباني من تصميم غاودي بالاندماج مع البيئة لهذا يظهر “المنزل الجنوني” في تل أبيب وكأنه غريبا عن البيئة. يعبّر الزوار عن رأيهم موضحين أن تل أبيب ليست برشلونة، وأن واجهات المباني الاستثنائية تبدو كمواد ملصقة بشكل غير ناجح على المباني السكنية الاعتيادية القائمة منذ الثمانينيات.

تحظى المباني مثل “المنزل الجنوني” بانتقادات وفي النهاية تختفي من الوعي الجماهيري ولكن من ناحية أخرى تكون أفضل من المباني المعيارية. فهذه المباني تحظى باهتمام خاص وتعرض عملا مميزا حتى وإن لم يندمج تماما مع المشهد المحلي، فما زالت مثيرة للاهتمام.

اقرأوا المزيد: 556 كلمة
عرض أقل
تصميم معماري لبلدة جديدة تربط بين المستوطنات والقرى الفلسطينية للطالب شلومو شتراوس (مشروع التخرج للطالب شلومو شتراوس)
تصميم معماري لبلدة جديدة تربط بين المستوطنات والقرى الفلسطينية للطالب شلومو شتراوس (مشروع التخرج للطالب شلومو شتراوس)

كيف يمكن الربط بين مستوطنة وقرية فلسطينية؟

ركّزت معظم مشاريع التخرج لكليات ومعاهد الهندسة المعمارية في إسرائيل على إيجاد حل لقضايا سكنية في الأطراف.. واحد من هذه المشاريع خاض مهمة ربط الجانب اليهودي مع الجانب الفلسطيني في الضفة

14 أغسطس 2017 | 13:09

سلطت صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية، في تقرير مطول نُشر في عددها الصادر اليوم، الاثنين، عن مشاريع التخرج الخاصة بكليات ومعاهد الهندسة المعمارية في إسرائيل، الضوء على 11 مشروعا عالجوا قضايا سكنية تتعلق بالأطراف بعيدا عن مدينة تل أبيب. فقمنا باختيار 3 مشاريع تتعلق بقضايا البناء في المجتمع العربي في إسرائيل، وفي الحالة السكنية الخاصة بالمستوطنات والقرى الفلسطينية في مناطق الضفة الغربية.

كيف يمكن الربط بين مستوطنة وقرية فلسطينية؟ الحل على الورقة ممكن.. فهل يمكن تطبيقه؟ طرح الطالب شلومو شتراوس، الذي يسكن في مستوطنة “كرني شومرون”، في مشروع التخرج الخاص به تصميما معماريا يربط بين المستوطنات النائية وبين قرى الفلسطينية في الضفة الغربية. واختار الطالب منطقة خالية – عبارة عن وادٍ على جانبيه مستوطنة وقرية فلسطينية- لتكون الحيز الملائم لتصميمه المعماري الجديد. وقال الطالب إن البناء الجديد يجب أن لا يكون محصورا في التعريف التقليدي أن يكون حيز للسكن فحسب، إنما يجب أن يكون لغة تربط بين الغرباء، وبإمكانه التمدّد على هذه الأساس، فقام بإنشاء حيا سكني يربط بين الجانبين دون حواجز.

تصميم معماري لبلدة جديدة تربط بين المستوطنات والقرى الفلسطينية للطالب شلومو شتراوس (مشروع التخرج للطالب شلومو شتراوس)
تصميم معماري لبلدة جديدة تربط بين المستوطنات والقرى الفلسطينية للطالب شلومو شتراوس (مشروع التخرج للطالب شلومو شتراوس)

وفي معهد ال “تخنيون” للتكنولوجيا والعلوم، عاجلت الطالبة حيلي هرشكوفيتس، قضية البناء في المجتمع البدوي في النقب، التي تعاني من عدم التنظيم وضائقة عدم ترخيصها. فقامت الطالبة، بعد بحث عميق لوضع البناء في هذا المجتمع، والنظر إلى وضعه الاجتماعي، بما في ذلك العائلات التي تقطن هذه القرى وعملها وظروفها، بطرح نموذج لتصميم معماري لحي يقوم على مساحة بجانب القرى القائمة، واللافت فيها أنها تحافظ على الوضع الطبيعي للمكان، أي أنها تحافظ على عدم التنظيم إلى حد ما، وتمكن ترخيص البناء للبدو والارتقاء بحياتهم بربطهم للبنى التحتية الضروية.

تصميم لحي سكني جديد لبدو النقب للطالبة حيلي هرشكوفيتس (مشروع التخرج للطالبة حيلي هرشكوفيتس)
تصميم لحي سكني جديد لبدو النقب للطالبة حيلي هرشكوفيتس (مشروع التخرج للطالبة حيلي هرشكوفيتس)

ومن المشاريع الأخرى اللافتة كان مشروع التخرج للطالبة العربية ميس عبد الحي، والتي وضعت النساء في جسر الزرقاء في محور عملها، وحاولت إنشاء حيز معماري يحرّر النساء من “السجن” الذي تعيشه، حسب تعبيرها. فالنساء في هذه البلدة الفقيرة يعلن عائلاتهن إثر نسب البطالة العالية في أوساط الرجال في القرية، ومحاطات من ناحية الموقع الجغرافي، ففي الغرب هنالك البحر، وفي الجنوب مدينة قيصرية، وفي الشمال برك السمك التابعة لبلدة “معجان ميخائيلي”. فقامت المهندسة المعمارية بإنشاء مبانٍ عامة تحوي مقاهٍ وأماكن لقاء معدة للنساء فقط بهدف تعزيز مكانة المرأة.

تصميم لحي سكني جديد لبدو النقب للطالبة حيلي هرشكوفيتس (مشروع التخرج للطالبة ميس عبد الحي)
تصميم لحي سكني جديد لبدو النقب للطالبة حيلي هرشكوفيتس (مشروع التخرج للطالبة ميس عبد الحي)
اقرأوا المزيد: 331 كلمة
عرض أقل