شارك النائب يتسحاق فاكنين (التاسع في قائمة شاس) في اجتماعَين عقدتهما “مبادرة جنيف” في الأسابيع الماضية داخل جدران الكنيست. وربما لم تفاجئ مشاركته زملاءَه في الكتلة، لكن جرى التشديد عليها كثيرًا من قبل أعضاء مبادرة جنيف في إعلاناتهم قبيل الاجتماعَين. وتهدف مبادرة جنيف إلى إخبار الشعب الإسرائيلي أنّ ناشطي السلام ليسوا يساريين فقط، وأنّها تحظى بالدعم داخل الأحزاب الدينية أيضًا.

إذا أحصَينا عدد مناسبات ناشطي السلام التي شارك فيها رجال من شاس، قد نظنّ أنّ السلام قد تحقّق. على الأقل، السلام بين الشرائح المتنازعة في المجتمع الإسرائيلي. فعشرات الناشطين المسؤولين في شاس، بمن فيهم مسؤولون في السلطات المحلية ورؤساء مجالس دينية، شاركوا في حزيران في حلقة دراسية نهاية الأسبوع لمبادرة جنيف، وتعلموا عن المسار السياسي وعن المبادرة العربية. وقد التقَوا بوزير شؤون الأسرى الفلسطيني حينذاك، هشام عبد الرازق، أجروا جولة على طول الجدار بإرشاد العميد شاؤول أريئيلي، من مجلس السلام والأمن، مع مسؤولي مبادرة جنيف.

وفي مناسبة أخرى، خرجت مجموعة صحفيين من وسائل إعلامية حاريدية إلى جولة في رام الله، التقوا خلالها برئيس السلطة الفلسطينية، أبي مازن. وعاد الصحفيون مع الكثير من الاختبارات. ورغم أنهم يجب أن يكونوا في الجانب الذي يكتب الأخبار، فإنّ نشرات الأخبار في إسرائيل في ذلك اليوم غطّت زيارتهم.

وفي أواخر تموز، قبيل ابتداء المفاوضات في واشنطن، أرسل موقع “ميدان السبت” (المنتمي إلى التيار الحاريدي – الشكنازي، ولكنّ جمهورًا متدينًا واسعًا ومنوّعًا يقرأه) أحد مراسليه إلى رام الله، جالبًا تعليقات موسّعة من جبريل الرجوب، بما فيها حديث موسّع وإيجابيّ عن حركة شاس. “الحاخام يوسف سيجلب السلام”، قال للصحيفة في التقرير الذي نشرته بتوسّع.

وتجد شاس، التي لديها 11 نائبًا، نفسها في المعارضة للمرة الأولى منذ سنوات طويلة، وتلاقي صعوبة في التعايش مع وضعها الجديد. وفيما يسمح نواب الحزب الأحدث عهدًا لأنفسهم بمعاشرة أفراد جماعات السلام، فإنّ قادة الحزب لا يكشفون آراءهم في الشأن السياسي، عدا عشقهم المطلق لعاصمة إسرائيل، “أورشليم الكاملة والموحّدة”. فيصعب جدا أن تسمع، من فم عضو كنيست عن شاس، أيًّا كان، موافقة على تقسيم القدس.

علاوة على ذلك، لا يشارك رئيس الحزب، أريه درعي، حتى الآن، في النشاطات المذكورة آنفًا، ولا يُكثر من التصريح في الشأن السياسي. فمقابلاته الإذاعية مخصّصة لمواضيع اجتماعية داخلية، وهو يكثر من الحديث عن المساواة في العبء، وعملية تجنيد الحاريديم، التي يراها المتدينون خطرًا كبيرًا.

لكن يبدو أنّ العُرف السائد أنّ شاس ستتحالف دائمًا مع الليكود واليمين، يبدأ بالتشظي. فشاس تجد نفسها اليوم بحاجة أكثر إلى الروح القتالية لزعيمة المعارضة، شيلي يحيموفتش. وفي الفترة الأخيرة، كانت النائب ميراف ميخائيلي (رقم 4 في حزب العمل) واحدة من أعضاء كنيست قليلين جدا وقفوا إلى جانب شاس (ويهدوت هتوراه) في قضية تجنيد الحاريديم والمساواة في العبء.

عضو كنيست من حزب شاس  في جولة حول الجدار العازل ( Michal Fattal /FLASH90)
عضو كنيست من حزب شاس في جولة حول الجدار العازل ( Michal Fattal /FLASH90)

ويتذكر الكثيرون في اليسار الإسرائيلي صداقة درعي القديمة. فحزب شاس برئاسته، عام 1993، كان شريكًا كاملًا في حكومة رابين الثانية، التي وقّعت على اتفاقيات أوسلو. لكن في تصويت دراماتيكي على حجب الثقة، بعيد معاهدة أوسلو (طلب حجب ثقة قدمه النائب بنيامين نتنياهو، الذي كان في المعارضة)، امتنع أعضاء الكنيست من شاس، ومن ضمنهم درعي، عن التصويت، لكنّ مجرد وجودهم في الحكومة في الأصل، منح رابين مرونة سياسيّة للقيام بإجراءات. ومنذ ذلك الحين، حاول درعي مرارًا “تقليص الأضرار” في أوساط المناصرين الأكثر يمينية لحزبه. فهو يُبرز دائمًا قصة ذاك الامتناع عن التصويت، ويتجاهل العلاقات الجيدة التي ربطت يوما بين العمل وشاس والطريقة التي دعموا بها رابين كرئيس للحكومة. وقد استمر ذلك إلى أن اضطر درعي إلى الاستقالة بسبب تحقيقات جنائية، وليس بسبب العملية السياسية.

يبدو أنّ من يتخذ القرارات الأيديولوجية في شاس هو الحاخام عوفديا يوسف. ووفقًا لأعضاء الكنيست من شاس، فإن يوسف، ابن الثانية والتسعين، في كامل قواه العقلية. لكن لا ينكر أحد بعد أنه ليس في تمام الصحة (جسديًّا، لا عقليًّا)، وأنه لا يغادر المستشفى حتى يدخله من جديد، في الشهور الأخيرة. على مر السنين، كانت ليوسف تصريحات مؤيدة ومناهضة لعملية السلام، لذلك يصعب اليوم تقدير موقفه في اللحظة الحاسمة.

يبدو أنّ الحاخام يوسف والنائب أريه درعي كليهما سيفضّلان عدم كشف أوراقهما قبل الأوان، وسينتظران ليعرفا إن كانا سيكونان في الائتلاف أم في المعارضة، لترجمة دعمهما أو عدمه، سياسيًّا.

اقرأوا المزيد: 625 كلمة
عرض أقل