“يوم أسود في تاريخ الرياضة الإسرائيلية” – هكذا تصرخ عناوين الصحف الرياضية هذا الصباح في إسرائيل في أعقاب الحادثة المخزية التي أدت إلى إنهاء مباراة الديربي ليلة أمس بين فريقي مكابي وهبوعيل تل أبيب. يُعدّ دخول بعض المشجعين إلى ساحة المباراة، ومهاجمة اللاعبين، مجاوزة للخطوط الحمراء في المفهوم الرياضي.
بدأت الحادثة في الدقيقة الـ 22، كانت النتيجة 0-1 لصالح هبوعيل تل أبيب، حينها جاءت صفارة الحكم لركلة جزاء لصالح فريق مكابي. قام نجم فريق مكابي، عيران زاهافي، الذي لعب في الماضي في فريق هبوعيل، بضرب الكرة وأصاب الهدف، ثم قام بإشارة مستفزة باتجاه مشجعي فريق هبوعيل الذين كانوا من وراء الشبكة. فثارت وفارت الأجواء، وبعد عدة دقائق اقتحم مشجع من مشجعي هبوعيل ساحة المباراة وهاجم زاهافي. زاهافي الذي تفاجأ من هذا الفعل، دافع عن نفسه وحتى قابل الهجوم بالهجوم قبل أن يسيطر حراس الأمن على المشجع.
بعدها فاجأ حكم المباراة عندما رفع البطاقة الحمراء لإبعاد زاهافي من المباراة. تحدد قوانين اللعبة أنه في اللحظة التي يتشاجر فيها لاعب مع مشجع فعلى الحكم أن يُبعد هذا اللاعب عن المباراة. مع ذلك، من الواضح جدا أن في هذه الحادثة المشجع هو الذي هاجم زاهافي في داخل حدود ساحة المباراة. بعد الإبعاد، ثارت الأجواء، ودعا زاهافي أعضاء فريقه لمغادرة ساحة المباراة. في النهاية قرر زاهافي أن يغادر ساحة المباراة لوحده، حينها بدأ مشجعو هبوعيل بإلقاء بعض الأغراض عليه.
تجدد اللعب لوقت قصير فقط، وبعدها قرر مشجعو مكابي تفجير المباراة أيضا ولذلك دخلوا إلى ساحة المباراة. اقتحم الساحة نحو 20 مشجعا لمكابي وبدأوا في الركض نحو مشجعي هبوعيل بطريقة مٌهدّدة. قرر الحكم الذي كان في حالة ضغط وتوتر بعد قرار إبعاد زاهافي، إنهاء المباراة.
اتفقت إدارة الفريقين أن تلك الليلة كانت ليلة سيئة جدا لمحبي الرياضة. قال مدرب فريق مكابي باكو إيستران إنّ “الأمر أصبح خطرا على الجميع. أنا لا أعرف من هم هؤلاء المشجعين، ولكنهم لم يتصرفوا تصرفًا لائقًا بتاتا”. وقالت إدارة الدوري الإسرائيلي إنّ “سلسلة الأحداث التي أدت إلى إنهاء المباراة عبارة عن راية سوداء للرياضة الإسرائيلية”. وزيرة الرياضة ليمور ليفنات قالت أيضا “البارحة كانت النتيجة خطيرة جدا وعلينا أن نقوم ببحث شامل وجذري عن حقيقة ما جرى”.
من اليمين الى اليسار: لوسي أهريش، ميرا عوض، أحمد الطيبي والشيخ رائد صلاح (Falsh90 and Instagram)
العرب الجدد
ها هم عرب إسرائيل الجُدد: يقتحمون حدودًا اجتماعية – جندرية، يعيدون صياغة وعيّهم السياسي الذي حتى الآن قيّد الكثيرين في المجتمع الصغير ويمضون قُدمًا من أجل سد الثغرات
تم تداول مسألة اندماج عرب إسرائيل، في المجتمع الإسرائيلي – اليهودي، مرات عديدة من خلال الأبحاث التاريخية والتحليلات الاجتماعية. تعج مكتبات الجامعات الإسرائيلية بمعطيات مقارنة تحلل التحوّل الاجتماعي – الثقافي – الاقتصادي والسياسي الذي مر به مليون عربي يعيشون اليوم في إسرائيل.
ويمكن كتابة الكثير من الكتب فقط عن موضوع التسميات التي تُطلق على عرب إسرائيل. هناك من يعرّفونهم على أنهم: عرب إسرائيل، عرب 48، فلسطينيون مواطني إسرائيل، الوسط العربي في إسرائيل، عرب الداخل والمزيد من التسميات، وتُظهر كل واحدة من هذه التسميات هوية ثقافية – سياسيّة مختلفة.
عرب إسرائيل، عرب 48، فلسطينيون مواطني إسرائيل، الوسط العربي في إسرائيل، عرب الداخل والمزيد من التسميات، وتُظهر كل واحدة من هذه التسميات هوية ثقافية – سياسيّة مختلفة
وأكثر من أي شيء، برأيي، فإن هذا البحث الواسع والواضح لا يتضمن الحديث عن التغيير الهام والكبير الذي يمر به الوسط العربي في إسرائيل. جاء التغيير الذي هو أيضًا تغيير مثل كل التغييرات الاجتماعية الكثيرة في العالم، مع عصر الاتصالات العصري والإنترنت.
تسونامي، تسونامي ثقافي، اقتصادي وسياسي: هكذا اعتدت أنا على الأقل أن أسمي هذه الظاهرة. فأكبر تغيير يمر على المجتمع العربي في إسرائيل، هو عملية بدأت قبل عقد من الزمن، عندما دخلت الكمبيوترات المحمولة إلى البيوت، وتسارعت تلك العملية خلال السنوات الأربع الأخيرة بفضل الهواتف الذكية، التي تتيح لكل شاب وشابة التحدث عبر الشبكة المفتوحة مع من يريدون ومتى يريدون. نتحدث غالبًا عن تناقض قوي وصارخ بين جيل الكبار وجيل الشباب. ويكشف العالم العصري الشباب على العالم الحقيقي، دون رقابة، وتتراجع العلاقات مع العائلة والبالغين. فأكثر شيء كان يهم جدتي في الحياة هو الشرف، وماذا سيقول الجيران. إذ، يحلم الشباب اليوم بالحلم الأمريكي وهو تحقيق الذات، الحرية والنجاح الاقتصادي.
رغبة منا محاولة نقل روح التغيير تلك، جمعنا لكم عشر شخصيات ملفتة وتعكس، برأينا، وبشكل جيد ذلك التحوّل الذي يطرأ على المجتمع العربي في إسرائيل.
أحمد الطيبي
عضو الكنيست أحمد الطيبي يتهم السلطات بانتشار ظاهرة العنف (Flash90Uri Lenz)
يفتتح هذه القائمة وهو سياسي استطاع أن يجعل السياسة الإسرائيلية تقف على رجليها. ربما هو ليس صغيرًا ولكن، فكره المتقد وسلاطة لسانه نجحا بجلد الكثيرين من معارضيه في الحكومات الإسرائيلية.
الطيبي، المولود عام 1958، هو ابن لأب من يافا وأم من الرملة. يشغل الطيبي اليوم منصب نائب رئيس الكنيست ونائب عن حزب الحركة العربية للتغيير. وسبق أن كان مستشارًا للرئيس ياسر عرفات للشؤون الإسرائيلية. وهو أساسًا طبيب. وُلد الطيبي في قرية الطيبة. أنهى عام 1983 دراسة الطب بتفوق في الجامعة العبرية في القدس وبدأ اختصاصه بطب التوليد والنساء (لكنه لم ينه الاختصاص). يقيم اليوم في قرية الطيبة مع زوجته مي، طبيبة أسنان مختصة بعلاج الأطفال وهو أب لابنتين.
يحلم الشباب اليوم بالحلم الأمريكي وهو تحقيق الذات، الحرية والنجاح الاقتصادي
حاول الطيبي طوال سنوات أن يمهد طريق دخول عرب إسرائيل إلى سوق العمل الإسرائيلي، والعمل في أروقة الكنيست للحصول على حقوق كاملة ومساوية للحقوق التي تقدّم اليوم لكل مواطن إسرائيلي – يهودي. من بين الأمور التي يحاول تحقيقها: مكانة المرأة في الوسط العربي والمقاومة الشديدة للعنف ضد النساء داخل المجتمع.
إن الطيبي معروف بلسانه السليط وكثيرًا ما واجه رئيس الحكومة الحالي، بنيامين نتنياهو، واقتحم نقاشات كانت عنصرية برأيه. وفقط في شهر كانون الأول الأخير (2013) هاجم مواطن يهودي النائب أحمد الطيبي وسكب عليه كوب شاي ساخن، حين كان الأخير يتظاهر ضدّ مخطط برافر، الموضوع الشائك، لتوطين البدو. وينضم هذا الهجوم الأخير إلى عدد كبير من المشادات الكلامية مع مغنين، لاعبي كرة قدم ومثقفين كثر. “هو عمومًا ليس شخصًا مريحًا” كتبوا عنه في الشبكة، وهو بالفعل يعترف بأن خصومه السياسيين يفكرون مرتين قبل أن يخوضوا أي مواجهة معه.
الشيخ رائد صلاح
الشيخ رائد صلاح (FLah90/Yossi Zamir)
قد تصدّر الشيخ رائد صلاح عناوين كثيرة في وسائل الإعلام الإسرائيلية، الفلسطينية والعالمية بسبب مواقفه الصارمة ضد الاحتلال وضد “النهج الإسرائيلي”، برأيه، ضدّ المواطنين العرب.
تُعرف آراء صلاح الرافضة لأي حق بوجود دولة إسرائيل وتحديدًا سيطرتها على القدس
وُلد الشيخ رائد صلاح أبو شقرا، عام 1958 وأصبح رئيس الكتلة الشمالية (الكتلة الأكثر تطرفًا) من الحركة الإسلامية في إسرائيل ومن الزعماء الدينيين في الوسط الإسلامي في إسرائيل. تُعرف آراء صلاح الرافضة لأي حق بوجود دولة إسرائيل وتحديدًا سيطرتها على القدس. بين عامي 1989 – 2001، شغل صلاح منصب بلدية أم الفحم.
وشخصيته المثيرة للخلاف معروفة جيدًا لدى المجتمع الإسرائيلي. فعلى سبيل المثال، اتُهم صلاح بمسؤولية جزئية عن أحداث “أكتوبر 2000” والتي قُتل خلالها 13 مواطنًا من عرب إسرائيل بمواجهات وقعت مع الشرطة والجيش وكانت شرارة الانتفاضة الثانية.
يتصدّر صلاح رأس قائمة الأشخاص الذين تم تحذيرهم من قبل السلطات التنفيذية في إسرائيل بعد سلسلة من الأعمال التي تضمنت من بين أشياء أخرى: الإشادة على أعمال العنف، اتهامات ضد إسرائيل، رفض وجود الدولة وتأجيج النار بين أوساط عرب إسرائيل.
في آذار 2014، حكمت محكمة الصلح في القدس على صلاح بالحبس لثمانية أشهر فعلية وثمانية أشهر مع وقف التنفيذ. وكان صلاح قد أُدين في شهر تشرين الثاني الأخير بالتحريض على العنف، بسبب الخطبة التي ألقاها في حي وادي الجوز في القدس عام 2007. بعد قراءة الحكم، خرج صلاح وكثيرون من أتباعه من المحكمة وعقدوا مؤتمرًا صحفيًا استنكروا فيه الحكم، ووصفوه بأنه استمرار لملاحقة الشيخ صلاح من قبل إسرائيل.
سليم طعمة
اللاعب سليم طعمه (Wikipedia)
يُعتبر واحدًا من لاعبي كرة القدم العرب المتميزين جدًا في إسرائيل. صحيح أنه ترك الحياة الرياضية من مدة قصيرة ويعمل الآن على تكريس قدرته في مجال الأعمال، ولكنه لا يزال يُعتبر رائدًا في مجاله ومثالا يُحتذى بالنسبة للكثير من الشبان.
طعمة هو عربي إسرائيلي مسيحي وُلد في اللد ولعب لسنوات طويلة ضمن فريق هبوعيل تل أبيب كلاعب وسط.
لعب أيضًا مع عدة فرق خارج البلاد منها ستنادرد لياج البلجيكي في موسمي – 2007 – 2008. وفاز طعمة مع الفريق ببطولتين متتاليتين.
ظهر اسمه في الكثير من الأغاني العنصرية التي كُتبت عنه. في الأغنية العنصرية “طعمة إرهابي”، قارن مشجعو فريق بيتار القدس، الذين يعتبرون أكثر المشجعين عنفًا على المدرجات، بينه وبين المخربين الذين قاموا بعمليات تفجير في إسرائيل في التسعينات. وكان دائمًا يتمنى إبعاد المشجعين المتطرفين عن الملاعب وادعى أنها ظاهرة مقرفة تدل على كره الآخر، حالة تمييز وعنصرية لا تلائم الروح الرياضية الإسرائيلية.
ميرا عوض
ميرا عوض (FLash90/Miriam Alster)
ميرا عوض، ممثلة وموسيقية عربية – إسرائيلية تتنقل طوال حياتها بحذر بين الأقطاب. “لست مجنونة ولكنني معقّدة، ومركّبة. شكلي يبدو لائقًا، أشكنازية شقراء ذات عينين صافيتين، أنا لا أشكل تهديدًا على أحد، حتى أن أفتح فمي” هذا ما قالته عوض عن نفسها في إحدى المقابلات.
فمن جهة، حققت نجاحًا كبيرًا كفنانة استطاعت أن تصل إلى فترة ذروة المشاهدة في إسرائيل وحتى أنها مثلت إسرائيل في مسابقة أورفزيون. ومن جهة أخرى، ما زالت تشكل ميرا جزءًا من الأقلية العربية في الدولة اليهودية. “يشعرون بالارتياح معي لذا، أسمع أشياء كثيرة عن العرب. مثلما ما كان يريد فعله سائق تاكسي مع كل العرب” تقول عوض. “أحيانًا أجادل، وأحيانًا أخرى أضحك فقط. أحيانًا أشعر باكتئاب أيضًا”.
وُلدت ميرا عوض عام 1975 في قرية الرامة الجليلية لعائلة مسيحية. والدها طبيب عائلة وتعرّف خلال دراسته في بلغاريا على والدتها. أظهرت، وهي لا تزال طفلة، إحساسًا موسيقيًا متطورًا: “في التاسعة من عمري وقفت على المسرح” تقول عوض. من سن الـ 18 التحقت بتعلم الفن والأدب الإنكليزي في جامعة حيفا وبعد عامين تركت الدراسة وتوجهت إلى كلية الموسيقى لتحقق حلمها بتعلم الموسيقى.
في الـ 27 من عمرها، دخلت الوعي الجماهيري عندما أدت الدور الرئيسي في المسرحية الغنائية “سيدتي الجميلة” في مسرح هكامري. بالمقابل، بدأت حياة موسيقية ومن بين مشاريع كثيرة شاركت بمشروع عيدان رايخل، وحاليًا وقّعت عقدًا مع شركة SONY العالمية لإنتاج ثلاثة ألبومات.
حصلت على شهرتها الواسعة من الدويتو الذي أدته مع آحينوعم نيني في مسابقة الأورفزيون “There must be another way”. التي وصلت إلى النهائيات ولكنها لم تحظ بأن تكون أفضل أغنية.
وعوض ليست عربية تقليدية ومؤخرًا تزوجت صديقها، كوستا، بعد علاقة، عبر الشبكة، دامت عامًا ونصف. فأقيم حفل الزفاف في نهاية كانون الأول 2013 في طقوس متواضعة في بلغاريا.
هدى نقاش
هدى نقاش (مسابقة Miss Earth)
منذ خمس سنوات، تحاول عارضة الأزياء العربية هدى نقاش ابنة الـ 24 سنة من حيفا أن تشق طريقها داخل صناعة الموضة الإسرائيلية دون أن تحقق نجاحًا كبيرًا. قبل عامين جاء التحوّل، مع أول حملة إسرائيلية. وليس مجرد أول حملة ترويجية – فتصوّرت نقاش لشبكة الملابس الداخلية جاك كوبا، الشركة المستوردة للسلع العالمية الخاصة بالملابس الداخلية.
تحلم نقاش منذ فترة طويلة بأن تشارك بحملات الترويج والتصوير بملابس تحتية. وهي لا تخشى ردة الفعل في الشارع العربي
تطمح نقاش بأن تكون بار رفائيلي، أو أن تتحوّل على الأقل إلى أيقونة ملابس داخلية مثلها. “هي عارضة أزياء شهيرة (رفائيلي) وأنا أطمح لأكون عارضة أزياء مشهورة”، قالت نقاش في إحدى المقابلات مع وسائل الإعلام الإسرائيلية. تُظهر نقاش أمام عدسات مصوري الأزياء، راحة لا مثيل لها. ربما أنها بخلاف الكثير من العارضات الأخريات اللواتي يتصوّرن بالملابس التحتية فقط من أجل كسب المال، فتحلم نقاش منذ فترة طويلة بأن تشارك بمثل حملة الترويج هذه. وهي لا تخشى ردة الفعل في الشارع العربي.
وُلدت نقاش في حيفا لأم هي معلمة بيولوجيا ووالد مهندس معماري. سافرت العائلة إلى إيطاليا وهي لا تزال صغيرة، ومن هناك إلى الناصرة ثم حيفا.
https://www.youtube.com/watch?v=VIoGGWPCVmA
أنهت نقاش دراستها للقب الأول في موضوع الآثار والجغرافيا من جامعة حيفا، إلا أن كل طموحها كان موجّهًا نحو مجال الأزياء. توجّهت قبل ثلاث سنوات إلى مصمم بدلات العرائس الحيفاوي كميل شاهين، على أمل أن تكون عارضة جملته الترويجية، ولكنه وجّهها إلى وكالة عرض أزياء. وقام مصوّر كان يعرفها بتوجيهها إلى محررة المجلة النسائية العربية “ليلك”، يارا مشعور، التي قررت أن تكرس كل الجهود لتحويل نقاش إلى عارضة أزياء عالمية.
وضعت مشعور صورة نقاش على غلاف المجلة التي تحررها، بينما كانت ترتدي ملابس بحر جريئة، ومؤخرًا حتى أطلقتها كعارضة أزياء ممثلة لإسرائيل في مسابقة الجمال العالمية Miss Earth التي أقيمت في مانيلا بمشاركة 84 مرشحة من أنحاء العالم. ربما عادت نقاش دون لقب، ولكن حققت مشعور إنجازًا آخر لمحاولة تحرير المرأة العربية العصرية من القيود البطريركية في المجتمع العربي.
ابتسام مراعنة منوحين
المخرجة ابتسام مراعنة منوحين (Wikipedia)
الروح الجديدة بتوثيق الأفلام الوثائقية. مراعنة هي أول سينمائية عربية إسرائيلية. تتطرق في أفلامها الوثائقية إلى المواضيع التي تعصف بالمجتمع الإسرائيلي عمومًا وبالمجتمع العربي في إسرائيل تحديدًا، بالتركيز على مكانة المرأة.
مراعنة: “وُلدت مراعنة في الفريديس عام 1975. تعلمت السينما والتلفزيون في إحدى أهم المؤسسات في البلاد، واستكملت تعليمها ونالت لقباً بمجال الإعلام وشهادة تدريس”
“الأعمال الوثائقية برأيي هي القدرة على نقد المجتمع الذي أنا جزء منه، الإسرائيلي عمومًا والعربي تحديدًا، بشكل مباشر. لديّ ما أقوله، والأعمال الوثائقية تمنحني القوة للتعبير عن نفسي”
كان أول فيلم قدمته، “الفريديس، الجنة الضائعة” (2003) وتحدث عن سعاد رانيم، المولودة في الفريديس، ناشطة سياسية في منظمة التحرير، قبعت لسنوات عديدة في السجون الإسرائيلية، واليوم هي د. بالمحاماة في بريطانيا. عُرض الفيلم في عدة مهرجانات حول العالم ولفت الكثير من الأنظار إلى مراعنة.
لماذا السينما الوثائقية؟ “الأعمال الوثائقية برأيي هي القدرة على نقد المجتمع الذي أنا جزء منه، الإسرائيلي عمومًا والعربي تحديدًا، بشكل مباشر. لديّ ما أقوله، والأعمال الوثائقية تمنحني القوة للتعبير عن نفسي”، قالت مراعنة خلال مقابلة لها.
لفت آخر فيلم قدّمته مراعنة النظر إلى براعتها. وحظي “سجل أنا عربي”، بلقب أكثر فيلمًا محبوبًا من قبل الإسرائيليين للعام 2014، ويبيّن الفيلم، الذي تناول حياة الشاعر الفلسطيني محمود درويش، عن طريق قصتي حب دراميتين للشاعر، الأولى لامرأة يهودية والثانية لابنة دبلوماسي سوري، التوتر المزدوج في حياته، الأول لكونه شاعرًا خاصًا، شخصيًّا، يدعو إلى صنع السلام ورومنسيًّا، وبين تحوَله إلى مبدع سياسي، رمز المقاومة الفلسطينية، والثانية، بين إدراكه الشعري للعالم وبين ملل الحياة.
أسماء إغبارية
السيدةاسماء أغبرية زحالقة (Wikipedia)
“أصيلة، تمامًا كما هو المعنى المبيّن في القاموس لكلمة أصيل. حقيقية، فصيحة، متحمسة، صريحة. بصقت الحقيقة في وجهنا مباشرةً”. هذا ما كُتب مؤخرًا عن سيدة النضالات الاجتماعية أسماء إغبارية.
أسماء، سياسية يجهلها كثيرون في المجتمع الإسرائيلي، ربما لم تتمكن من دخول معترك السياسة المحلية أو الإسرائيلية عمومًا، ولكنها كانت من مرشحي قائمة حزب “دعم” العمالي، (حزب العمال، حزب يساري اشتراكي)، ورئيسة الحزب اليوم.
يعرفها الكثير من النشطاء السياسيين جيدًا، وتمكنت من إلهام الكثير من النساء ربما بسبب خلفيتها المميّزة. وهي امرأة عربية من يافا (40 عامًا) تحاول قيادة حزب عدل اجتماعي، بالتعاون بين العرب واليهود بينما تركّز أجندتها على المحتاجين والنقابات العمالية.
لوسي اهريش
http://instagram.com/p/b3-loShQWy/
أكثر ما يميّز اهريش هو أيضًا ما يشكل العقبة الكبيرة لديها: شابة عربية حادة الطباع تتكلم العبرية بطلاقة، ترى ولا تُرى من الجانبين. لوسي اهريش (33 عامًا) هي صحافية، ممثلة ومقدّمة برامج تلفزيونية.
ترعرعت لوسي في بيت عائلة مسلمة في المدينة الجنوبية، ديمونا. التحقت بمدارس يهودية واعتادت على الاحتفال بالأعياد اليهودية إلى جانب أعياد المسلمين.
اهريش تمثل جيلاً جديدًا من الشبان العرب الذين اندمجوا في مناصب هامة في الإعلام الإسرائيلي، جيل يتحدى جيل الآباء ويخالف كل التوقعات
ترعرعت اهريش وتعلمت في مؤسسات تربوية يهودية، وشعرت أنها جزء من التيار الإسرائيلي – اليهودي. وكذلك، حاولت اهريش وفقًا لأقوالها، عندما بدأت قبل عام بالعمل كمقدّمة برنامج حواري وترفيهي في القناة 2، ثم أصبحت مقدمة الأخبار والبرامج بالعبرية العربية الأولى في إسرائيل، أن تهرب من تصنيفها بأنها العربية الأليفة المناوبة. “أنا لست عربية مسكينة”، قالت، “كم يمكن اتهام الآخرين؟ أنا مرتاحة بحياتي رغم كل العنصرية القذرة الموجودة في إسرائيل”. إن كانت ترغب اهريش أم لا، فإنها تمثل جيلاً جديدًا من الشبان العرب الذين اندمجوا في مناصب هامة في الإعلام الإسرائيلي، جيل يتحدى جيل الآباء ويخالف كل التوقعات.
نوف عثامنة إسماعيل
الرابحة نوف عثامنة إسماعيل (Flash90/Yonatan Sindel)
تُعتبر “سيدة البرنامج” في البرامج الواقعية الخاصة بالطبخ والتي تحتل وقت ذروة المشاهدة التلفزيونية في إسرائيل. ونجحت نوف هذا العام بالوصول إلى المرتبة الأولى والحصول على اللقب “أفضل شيف في إسرائيل” (ماستر شيف)، بعد موسم حافل ومليء بالتوتر.
نوف، دكتور في علم الكائنات الحيّة، وتبلغ 32 عامًا، متزوجة وأم لثلاثة أبناء من قرية باقة الغربية، وأدهشت الحكام في البرنامج طوال موسم كامل بسبب تقنيات الطبخ المميّزة التي قدّمتها.
أرادت نوف تمثيل المطبخ العربي، وإلى جانب ذلك، طلبت أن تدمج تقنيات ومواد خام من المطبخ الحديث لتطويره وجعله يناسب الجميع.
قالت نوف عن نفسها بأنها مدمنة على الأسواق، الروائح والنكهات وكان من بين المهام الصعبة التي فرضت عليها خلال البرنامج التلفزيوني: أن تعد وجبة طعام لجدتها. هذا اللقب أثر عليها كثيرًا وكان من المهم جدًا بالنسبة لها أن تستوفي المعايير العالية الخاصة بالمطبخ العربي التقليدي الذي اكتسبت موهبتها منه. والأهم من ذلك أن نوف حاولت دعم الحوار العربي الإسرائيلي من خلال المطبخ وتتمنى مستقبلاً أن تبني أول مدرسة عربية يهودية لتعليم فنون الطبخ لتكون جسرًا آخر بين هذين الوسطين.
عماد تلحمي
عماد تلحمي (Babcom)
فتح رجل الأعمال عماد تلحمي (56 عامًا) بوابة عربية إلى الاقتصاد الإسرائيلي: لم يحب الظهور يومًا في الملاحق الاقتصادية، ولكن اسمه يسبقه في عالم صناعة النسيج. تلحمي مبادر تجاري اجتماعي، نما طوال 25 عامًا في شركة دلتا، بدءًا بأصغر وظيفة له، إلى أن أصبح اليد اليمنى لمالك الشركة السابق، دوف لاوتمن. قام تلحمي بإدارة آلاف العمال في مصانع دلتا حول العالم: بدايةً من مصر والأردن، ووصولا إلى بريطانيا والولايات المتحدة. بعد أن تم بيع شركة النسيج وتغيير المالك، وجد تلحمي نفسه مباشرًة خارج صناعات النسيج وقرر أن يكوّن نفسه من جديد بحيث أقام أول شركة ناشئة (ستارت أب) في المجتمع العربي في إسرائيل.
“بابكم”، هو اسم الشركة. “بوابة للتعايش بما يخص التشغيل، المهنة، الفرص والنجاح”، يقول تلحمي. تقدم شركة الهايتك، التي أنشأها تلحمي، الخدمات التجارية بالاستعانة بمصادر خارجية، تتضمن مراكز تقديم خدمة للزبائن ومراكز تطوير برمجيات. تتوزع مكاتب “بابكم” في منطقة الجليل وهي تشغل أكثر من 500 عامل من العرب واليهود معًا.
تسعى “بابكم” إلى أن تكون الشركة ذات الخدمات الأفضل في إسرائيل، وأن تعتمد أساسًا على عمال وأكاديميين من الوسط العربي، إقامة عدد من المراكز في القرى العربية وتقديم خدمات خاصة بالبرمجيات، مراكز خدمات زبائن، خدمات الترجمة، الخدمات الهاتفية والاستطلاعات.
تتلخص رؤيا تلحمي بخلق شركة توفر بيئة عمل فاخرة جدًا للعمال وتكون ملزمة ببناء حياة مهنية لهم، الأمر الذي من شانه التأثير على البيئة المجاورة وتعزيز المساواة بالفرص على أساس استحقاقراطية.
يقدّر مشجعو مكابي تل أبيب سوفوكليس سكورنستنيتيس كثيرًا بسبب القوة الكبيرة التي يظهرها على أرض الملعب. البارحة استخدم تلك القوة لكي يدوس ويضرب مشجعي الفريق الخصم
هذا هو الجانب المقرف للرياضة، إن كانت هناك علاقة بين العنف المقرف الذي وقع البارحة في تل أبيب وبين الرياضة. سوفوكليس سكورنستنيتيس، لاعب مكابي تل أبيب الذي يبلغ طوله 2.06 م ويزن 150 كغم، معروف بمزاجه المتقلب. في أحيان كثيرة في السابق لم يستطع ذلك المارد الجبار السيّطرة على أعصابه وارتكب مخالفات عنيفة ولا طائل منها، ما جعل المدربين يبعدونه عن الملعب حتى يهدأ.
مشكلة أخرى أيضًا طالما واجهته وهي القدرة على الحفاظ على وزن صحي ونمط حياة رياضي، ما أدى إلى معاناته من مشكلة الوزن الزائد بشكل دائم – في فترة ما وصل وزنه إلى 170 كغم.
لكنه البارحة تجاوز كل الخطوط الحمراء – بكل ما للكلمة من معنى. ففي مباراة لفريقه، مكابي تل أبيب (الذي يرتدي الزي الأصفر ـ الأزرق)، أمام الخصم المحلي هبوعيل تل أبيب (الذي يرتدي الزي الأحمر)، فقد سكورنستنيتيس أعصابه، ومع انتهاء المباراة هجم على المدرّجات وضرب مشجعي الفريق الخصم. حسب ادعاءاته، أحد المشجعين شتمه وقال أنه سيؤذي أولاده.
بالطريق إلى المدرّجات (الذي ممنوع على اللاعبين التواجد فيه) داس سكورنستنيتيس الذي يزن 150 كيلوغرامًا، ابن مدرب الفريق الخصم الذي يبلغ عمره 4 سنوات فقط. في نادي كرة السلة التابع لفريق هبوعيل تل أبيب، الذي تعرض مشجعوه للضرب من قبل اللاعب، ردوا بعنف وقالوا إن قام لاعب من فريقهم بذلك التهجم، كان ليقضي ليلته في السجن.
يوجد في ادعاءات مشجعي هبوعيل شيء من الصحة، بأن فريق مكابي تل أبيب معروف عنه أنه فريق قوي ليس فقط في الملعب بل خارجه أيضًا، حيث يمكن للفريق أن يمارس ضغطًا للتخفيف من العقوبة على لاعبها. بشكل مفاجئ، حاولت إدارة فريق مكابي تل أبيب أن تقدّم اللاعب المهاجم على أنه ضحية هذا الحدث، وأكدت في تصريحها بأن مشجعي الفريق الخصم هم الذين استفزوا سكورنستنيتيس.
تحديدًا بالنسبة لنتيجة المباراة ذاتها ليس هناك ما يتذمر سكورنستنيتيس بشأنه: فقد تغلب فريقه على الفريق الخصم بنتيجة 83:80، وهو أحرز 8 نقاط من تلك النقاط. إنما وكما سبق وذُكر أن ما حدث هو بعيد كل البعد عن الرياضة.
في المواسم الأربعة الأخيرة، كان مرتكَز كازان الروسي. في الوقت الراهن، يبحث بيبرس ناتخو (26 عامًا) عن التحدي القادم في مسيرته. فكيف وصل إلى هذه المكانة؟ وأيّ فريق سيكون الاختيار الصحيح له؟ نظرة على سفير كرة القدم الإسرائيلي
قد يصعب قليلًا التصديق، لكنّ 4 سنوات تقريبًا مرّت منذ فاجأ بيبرس ناتخو عالم الرياضة في إسرائيل. ففي ظلّ حملة ناجحة بزيّ هبوعيل تل أبيب، أعلن عن انتقاله إلى روبين كازان، نادٍ فاخر في الدوري الروسي. حينذاك، كانت كرة القدم الروسية في اتّجاه تصاعُدي، لكنّ لاعب الوسط الشركسي الأصل كان الإسرائيلي الأوّل الذي يسطع نجمه على ملاعب الدولة السوفياتية السابقة.
وبعد أن شارك في 100 مباراة مع كازان، وأصبح لاعبًا مركزيًّا في وسط الملعب وأحد النجوم الكبار في الفريق، أعلن ناتخو منذ فترة قصيرة أنه يبحث عن نادٍ جديد، في فترة الانتقالات التي تبدأ الأسبوع القادم. لاعب الوسط الموهوب مطلوب من قِبل نوادٍ كثيرة في أرجاء القارّة الأوروبية، بينها إيفرتون الإنجليزي، شالكه الألماني، وغلطة سراي التركي، وخلال نحو شهر يُرجَّح أن يكون في مكانٍ طقسه مريح أكثر من روسيا.
هذا هو المشهد من المدرَّجات حين يُدير ناتخو كرة حرة إلى شباك نادي توتنهام الكبير:
لكن قبل الحديث عن المستقبل، لنعُد قليلًا إلى الماضي. بدأ ناتخو ابن السادسة والعشرين، المدعوّ على اسم السلطان المملوكي الشهير بيبرس، مسيرته الرياضية في هبوعيل تل أبيب، حيث لعب 4 سنوات. وقد شارك في 147 مباراة، سجّل 8 أهداف، وكان شريكًا في مشاركة أوروبية ناجحة. ورغم طوله المتواضع (1.74 متر)، أظهر ناتخو في تلك الفترة تقنيات مرتفعة، كانت كفيلة، إلى جانب الحافز الهائل لديه، بتحويله إلى سلعة مرغوب بها في سوق الانتقالات.
في دور الـ 32 الأواخر في الدوري الأوروبي، عام 2010، أذهل اللاعب الشاب قادة كازان في مباراتَيه أمام هبوعيل تل أبيب.. ثمة مَن خشي مِن أن يصعّب الانتقال إلى دوري هجومي وعلى مستوى تقني مرتفع عليه البروز وإملاء وتيرة اللعب، كما فعل في إسرائيل. لكنّ المخاوف تبدّدت، وبفضل طابعه المريح – وأيضًا القرابة الحضارية بين الشركس والتتر في كازان، التي يجري التعبير عنها في لغة مشابهة – مهّد الطريق بسرعة نحو نجاح آخر.
ركلة جزاء ناجحة أماما تشلسي، جاءت بعد هدف على توتنهام – لا عجب أنّ المعلّق دعاه “صيّاد الإنجليز”!
في موسمه الثاني في كازان، حقق نجاحًا بالفوز بكأس روسيا، وفي الموسم الذي تلاه لم يوقف تقدّمه، وأصبح مسدِّد ركلات الجزاء الثابت للفريق. السنة الماضية، وصل مع النادي إلى ربع نهائي الدوري الأوروبي، حيث أقصاه بصعوبة نادي تشلسي، بعد أن سجّل ركلتَي جزاء في مرمى الحارس الأسطوري، بيتر تشيك، في المباراتَين بين الفريقَين. وقد سجّل في هذا الموسم 9 أهداف في الدوري، ومرّر 5 تمريرات حاسمة أثمرت أهدافًا. كما تمّ اختياره اللاعب الأجنبي المميَّز في الدوري الروسي (!)، متقدِّمًا على أسماء مثل هالك (زينيت)، وفاغنر لوف (سيسكا موسكو)، النجمَين البرازيليَّين.
أمّا أهمّ نقطة قوّة لدى ناتخو، وفق البعض، فهي أداؤه في الأوضاع الثابتة. إذا كان الحديث عن ركلة ركنيّة أو كرة حرّة جانبيّة، فإنّ ناتخو يُتقن دومًا تحديد الرأس الجاهز لتلقّي الكرة؛ إذا سنحت أمامه رمية حرّة، يضع الكرة في الشباك، أو على الأقل يجعل حارس المرمى يمدّ أطرافه حتى الحدّ الأقصى؛ وكما رأيتم سابقًا، لديه نسب دقة مرتفعة كثيرًا من النقطة البيضاء.
ناتخو يسدّد الكرة إلى رأس إيتي شختر، في تمريرة حاسمة تميّز كثيرًا عهده في تل أبيب:
في تشكيلة المنتخب الإسرائيلي أيضًا، نجح ناتخو في حجز مكان ثابت، إلى حدٍّ بعيد لصلاته بالمدرِّب، إيلي غوتمان، الذي قاده حين كان في هبوعيل تل أبيب وكان أوّل من منح لاعب الوسط الشاب، المنحدر من قرية كفر كما في الجليل الأسفل، فرصة. لكن، بنظرة موضوعيّة – ورغم أنّ لاعبين ذوي لياقة أفضل تواجدوا في الماضي – فإنّه أفضل لاعب خطّ وسط عرفته الرياضة الإسرائيلية. مسؤول، ذو تصميم، لطيف، وذو حسّ سليم بوتيرة اللعب. لاعب يعرف متى يضع قدمه على دوّاسة البنزين، ومتى يهدأ ويجعل الطرف الآخر يستنفد قواه.
ناتخو يسجّل هدفًا رائعًا لصالح إسرائيل عن بُعد 40 مترًا، بتسديدة قويّة ودقيقة في زاوية مرمى أذربيجان:
فإلى أين سيصل ناتخو؟ كونه حرًّا في وسط موسم كرة القدم لمعظم النوادي في أوروبا (في روسيا لا يلعبون كرة القدم في الشتاء، بسبب ظروف الطقس القاسية) يسهّل عليه حتمًا إيجاد مكان جديد. بالنسبة لنوادٍ عديدة التي تحتاج حاجةً ماسّة إلى تعزيز وسط الملعب، فإنّ التوقيع مع القائد غير الأناني في هذه المرحلة من الموسم هو أشبه ببركة. العيب الوحيد، الذي يمكن أن يكون أحد اعتبارات نوادٍ مثل غلطة سراي أو شالكه، هو أنّ ناتخو لن يكون بإمكانه المشاركة معهما في دوري الأبطال لأنه سبق أن شارك هذا الموسم مع كازان في الدوري الأوروبي. لكن، رغم ذلك فإنه كنز جذّاب. أيكون، بقليل من الحظّ وبعد سنوات طويلة، أخيرًا ممثّل بارز لكرة القدم الإسرائيلية في ألمانيا أو في إنجلترا؟
الهدف قبل الأخير مع كازان – قفزة محكَمة فوق حارس الخصم في الطريق إلى الدور القادم في الدوري الأوروبي:
عدد لا بأس من الكارهين، يشعرون بالإجحاف، ومحسوبون على اليمين المتطرف. احتفل مشجعو بيتار بالفوز على "الخصم" (بألّ التعريف)، هبوعيل تل أبيب، وذكّروا أن الرياضة هي وسيلة إضافية للتعبير السياسي
اكتسى ملعب “تيدي” يوم الإثنين المنصرم حلّة فاخرة. فقد استضاف صرح كرة القدم المقدسي اللقاء المشحون بين بيتار القدس وهبوعيل تل أبيب. وعلى الرغم من وضع الفريقين البائس في لائحة الدوري، إلا أنّ ما لا يقل عن 30 ألف مشجع صوّتوا بأقدامهم وملأوا المدرجات التي أعيد ترميمها. لم تبلغ المباراة ذاتها مستويات عالية وقد كان هدف “فوليه” الجميل، الذي أحرزه نيسو كبيلوتو، مدافع بيتار القدس, كافيًا لحسم المواجهة في الدقيقة الـ 84. واتصل رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو بمسؤولي الفريق وهنأهم على الفوز وشكرهم على “هدية عيد ميلاده” التي قدموها له.
شاهدوا كبيلوتو يرفع رجله ويُقفز الجمهور إلى السماء:
إذًا ما الذي أدى بجمهور المشجعين إلى القدوم إلى لقاء ناعس بين فريقين من وسط لائحة الترتيب؟ لماذا هذه المباراة بالذات هي التي أدت إلى ارتفاع نسب المشاهدة في التلفزيون؟ ما الذي يختفي خلف المكالمة الهاتفية التي أجراها ’بيبي’ (المقصود بنيامين نتنياهو)؟ تتعدى الإجابة مجال كرة القدم، وهي تحمل في طياتها دمجًا بين علم الاجتماع، السياسة وكراهية الآخر، التي تشوب المجتمع الإسرائيلي برمته.
منذ تأسيس الفريق عام 1936، مثّل نادي كرة القدم بيتار القدس – بما فيه من لاعبين، إداريين ومشجعين – التيار اليميني في السياسة الإسرائيلية، حتى قبل إقامة دولة إسرائيل، وأكثر بعدها. شكل أتباع حركة “الإتسل”، التي عملت على إنهاء الانتداب البريطاني في أرض إسرائيل، عمادَ النادي. كما ربط حزب الليكود، وهو الوريث السياسي لحركة “الإتسل”, مصيره بفريق كرة القدم. فعلى سبيل المثال، عمل رئيس الكنيست (البرلمان) الإسرائيلي السابق، روبي ريفلين، رئيسا للفريق خلال السبعينات. وتحت إشرافه، وبالتوازي مع الانقلاب السياسي الذي حدث في إسرائيل في العام 1977 (مع تسلم “الليكود” برئاسة مناحم بيجن زمام السلطة)، حظي فريق بيتار بأول لقب له – كأس الدولة في العام 1976.
اللقاء المشحون بين بيتار القدس وهبوعيل تل أبيب (Flash90/Yonatan Sindel)
وكما كانت الحكومة اليمينية ترمز إلى إنهاء هيمنة أبناء البلاد والقادمين الجدد من أوروبا الشرقية (أشكناز)، رسّخت بيتار في مجال كرة القدم نفسها كبيت للقادمين من الطوائف الشرقية، الذين تم قمع حقوقهم وثقافتهم منذ قيام إسرائيل. تدفق مقدسيون من الأحياء الفقيرة وإسرائيليون من كافة أنحاء البلاد إلى مباريات بيتار، التي أصبحت تُحسَب على حكم اليمين – والتي نُسبت إليها لاحقًا العنصرية وكراهية العرب. بدأت تُسمع في مباريات الفريق هتافات ضد اللاعبين ذوي الأصل العربي والمسلم الذين لعبوا بين صفوف الفرق الأخرى، وقد اهتمت نواة غير قليلة من المشجعين بالتعبير عن معارضتها الصاخبة لإدخال لاعبين مسلمين بين صفوف النادي.
مشجع “لا فاميليا” (Flash90)
صحيح أن العنصرية كانت سائدة في مدرجات تيدي منذ التسعينات، إلّا أنه في العام 2005، تمأسست هذه العنصرية مع إقامة منظمة المشجعين “لا فاميليا” (La Familia). في البداية، تعاونت إدارة الفريق مع المنظمة، على الرغم من أنه منذ المراحل الأولى كان معروفًا أن نشطاء فيها قد شاركوا في عمليات عنيفة ضد جماهير أخرى وحتى ضد اتحاد كرة القدم، وشجعوا على العنصرية تجاه المسلمين ودينهم. وقد دعمهم مالك بيتار في حينه، الملياردير الروسي-الإسرائيلي، أركادي غايدماك. ولكن حين حاول اتخاذ خطوات ضدهم، وأحضر إلى إسرائيل لاعبَين مسلمَين من الشيشان، بدأ الهرج والمرج. تحوّل زئور سداييف وجبرائيل كداييف إلى ضحيتين للجمهور العنيف وتم توجيه هتافات معادية ضدهما خلال المباريات.
اللاعبَ المسلمَ من الشيشان، زئور سداييف (Flash90)
لمزيد الأسف، حين ترك الملياردير الفريق، أضحت صورته سيئة جدًا وموصومة بكراهية الآخر، حتى إنّ رئيس الفريق، إيتسيك كورنفاين، واجه صعوبة في العثور على لاعبين جدد. كان هذا الوضع قائمًا حتى الصيف الأخير، حين سيطر على النادي رجل الأعمال إيلي طبيب.
وها نحن نعود إلى نقطة البداية. الخصومة بين بيتار القدس وهبوعيل تل أبيب أخذت تتعدى حدود الملعب والمدرجات. في الوقت الذي يعتبر فيه المقدسيون أنفسهم ضحايا للمؤسسات ويتعاطفون مع اليمين، ينتمي مشجعو هبوعيل تل أبيب إلى الطرف اليساري في الخارطة السياسية، ويمكننا أن نجد في مباريات الفريق مشجعين ولاعبين كثيرين من أصل عربي، من المسلمين والمسيحيين على حد سواء.
كان طبيب، الذي اقتنى بيتار من غايدماك، حتى الصيف الأخير مالك فريق آخر، وهو ليس سوى… هبوعيل تل أبيب. لم ينجح رجل الأعمال في نيل محبة الجمهور في تل أبيب، ولكنه وجد بيتًا في مدرجات بيتار، وتمكن من إيجاد لغة مشتركة مع أتباع “لا فاميليا”. فهو لا ينتقدهم ولا يتعاون مع الشرطة ضدهم. طبيب، الذي ترعرع في حي فقير في كفار سابا، وهو بالأساس “أندر دوغ” (خاسر)، ولكونه كذلك فهو يتعاطف مع الإحساس بالإجحاف والقمع اللذَين ترعرع عليهما مشجعو بيتار. في مثل هذه الحال، من الصعب أن نتخيل كيف سيتم القضاء على العنصرية والعنف في مدرجات ’تيدي”.
شاهدوا مشجعي بيتار يغنون مفتخِرين بعنصريتهم:
على الرغم من ذلك، يواصل اتحاد كرة القدم النضال ضد التطرف، آملا أن يجتاز الجمهور المقدسي عملية مشابهة للعملية التي اجتازتها جماهير أخرى. إذا كانت العنصرية وكراهية الآخر قد سادت في العقد الأخير في ملاعب كثيرة في مختلف أنحاء البلاد، فإن البرامج التربوية بالتعاون مع جهات حكومية – مثل وزارة الرياضة ومجلس المراهنات في الرياضة – ووسائل الإعلام المختلفة، وكذلك سياسات العقاب الملائمة، قد أحدثت تحسنًا ملحوظًا. تتحول ملاعب كرة القدم المختلفة رويدًا رويدًا إلى مكان يمكن للعائلات أن تؤمه، ويأمل القائمون على هذا الفرع في أن تتغلغل هذه الظاهرة بشكل غير متوقع في القدس أيضًا.
المدرّب غاي لوزون يحطم أرقامًا قياسية في بلجيكا خلافًا للتوقعات
لقد وصل إلى ستندارد لييج مجهول الهوية تمامًا، ولكن ثلاثة أشهر كانت كافية لغاي لوزون، المدرّب الشاب، ليتحول إلى أشهر من نار على علم. أحد عشر انتصارًا متواصلا واحتفالات مبالغ بها غيّرت كل شيء
قبل أقل من 100 يوم، عُرف اسم المدرب الجديد في النادي الراقي البلجيكي ستاندرد لييج. صحيح أن قليلين من المشجعين البلجيكيين كانوا يعرفون غاي لوزون، إلا أنه بعد افتتاح المدرب الإسرائيلي الرائع للموسم – تحول إلى أحد أصدقاء المدينة. يمكن أن نفهم لماذا: 11 فوزًا في 11 مباراة؛ المرتبة الأولى في الدوري البلجيكي، من دون تلقي حتى هدف واحد (!)؛ وارتقاء سلس إلى مرحلة المجموعات في الدوري الأوروبي. كل هذه الأمور تعرض فقط الوجه المهني لنجاحه. لوزون هو شخصية ملوّنة، وهو ينجح في مشهد كرة القدم المبتذل في خلق اهتمام لدى وسائل الإعلام، في الملعب وخارجه.
إذن من هو غاي لوزون بالفعل؟ وماذا فعل حتى لمع في سماء كرة القدم البلجيكية؟ في سن 38 سنة لديه سيرة ذاتية مليئة بشكل خاص. لقد تم تعيينه مدربًا رئيسيا في فريق مكابي بيتح تكفا في سن 26 سنة، وبالأساس بفضل قرابته العائلية من مدراء النادي ومالكيه: عماه، عاموس وآفي لوزون. بعد 6 سنوات، كان قد سجل خلالها مشاركة في نهائي كأس الدولة وفي مرحلة المجموعات في الدوري الأوروبي، حصل لوزون على فرصته في نادٍ أكبر وأكثر احترامًا في إسرائيل – هبوعيل تل أبيب. على الرغم من أنه قاد النادي إلى نجاح نسبي في أوروبا، اضطر إلى الاستقالة في أعقاب الفشل في الدوري الإسرائيلي وتابع طريقه من هناك إلى بني يهودا. بعد إنهاء سنتين ناجحتين، وبتشجيع من عمه آفي، رئيس اتحاد كرة القدم في إسرائيل، تقلد منصب مدرب المنتخب الأولمبي الإسرائيلي. بعد أن تسنى للجميع في إسرائيل أن يعرفوا حالات الجنون لدى المدرب ذي العلاقات، كانت فرصته لينكشف على عالم كرة القدم الدولية.
شاهدوا غاي لوزون يستعد ليورو المنتخبات الشابة الذي أقيم في إسرائيل:
لقد نجح منتخب لوزون في البطولة، والذي كان يُعتبر ضعيفًا في الدوري، في إحراز تعادل أمام النرويج وهُزمت هزيمة نكراء أمام إيطاليا. وصل المنتخب إلى اللعبة الأخيرة أمام إنجلترا باحتمالات ضئيلة جدا للارتقاء، وقد أنهى المنتخب بالفعل طريقه في الدوري. غير أن فوزًا 1:0 صغيرا (ومثيرًا للدهشة) كان كافيا للوزون لكي ينطلق إلى أرض الملعب و”يسرق” الاهتمام من مُحرز الهدف، أوفير كرايف. بالمناسبة، هذه لم تكن المرة الأولى التي كانت احتفالاته تغطي على الأهداف ذاتها.
شاهدوا لوزون وهو مصاب بالجنون بسبب هدف لا أهمية له أحرزه منتخب الشباب الإسرائيلي:
http://youtu.be/9enRMysT8tE
في نهاية الدوري، تفرّغ لوزون لمنصبه الجديد في لييج. كانت نقطة انطلاقه منخفضة بشكل خاص: المشجعون لم يعرفوه وسخروا من المالك، رولان دوشطاله، الذي وعد من جهته بمستقبل باهر مع المدرب الذي سيدفع الشباب قدمًا، وسخرت وسائل الإعلام من تعيينه مدرب لا تجربة له في المستويات المرتفعة في كرة القدم الأوروبية، لوزون نفسه لا يتحدث الفرنسية، الهولندية ولا حتى الإنجليزية. وفيما عدا لاعبين إسرائيليين – دودو بيطون وطال بن حاييم – لا يجد أية لغة مشتركة مع أفراد الفريق. إنه يستعين بمترجم، ولكنه سرعان ما أثبت أن كرة القدم هي لغة شمولية، وما يحتاجه هو أن يعرف كيف يتوجه إلى اللاعبين.
شاهدوا لاعب الوسط، يوني بوينس، يروي عن إرشادات الفيديو الخاصة بلوزون:
وافتتحت لييج الموسم كهبوب العاصفة. فوز على مخلين (2:0) وليارسا (3:0) تم تلقيهما بالشكوك، ولكن حين قاد لوزون لاعبيه إلى فوز (2:0) على غنك القوية وفي ملعبها، بدأ الشك يختفي. منذ ذلك الحين كان هناك فوزان آخران في الدوري، عل لوبن (1:0) ومونس (2:0)، وتحول المدرب الإسرائيلي المفاجئ إلى شخصية محبوبة بشكل خاص. إحدى المذيعات طلبت أن يوقع لها على كرة المبارة بعد الفوز على لوبن، وبدأ المشجعون يغنون له أغاني في المدرج، وحتى وسائل الإعلام بذلت جهودها وبحثت عن الإطراء الأكثر دقة للمدرب الذي وصل من لا مكان وهو يبث الجنون في كرة القدم البلجيكية. على فكرة، لقد وعدتكم بسوء تصرف آخر من قبل المدرب في الملعب، وها هو لم يتأخر في المجيء. بعد أن أحرز كانو البرازيلي الهدف الثاني أمام مونس، ركض إلى دكة الاحتياط ليحتفل مع لوزون. كان واثقًا من أن لوزون لن يركض معه إلى داخل الملعب…
شاهدوا كانو المنذهل ولوزون المجنون:
http://youtu.be/kHpKxnZAcJg?t=3m50s
إضافة إلى النجاح في الدوري، قاد لوزون لييج أيضا إلى مرحلة المجموعات في الدوري الأوروبي، حيث ستنتظهره هناك رد بول زلتسبرغ النمساوي، ألفسبورغ السويدي وأسبايرغ الدنيماركي. ضمّت الطريق إلى هناك ستة انتصارات متواصلة، وزيارات إلى آيسلندا (3:1 في اللقاءين أمام كي آر)، اليونان (2:1 في كل واحدة من المبارتين أمام سانتي) وبلاروس (2:0 في ملعب دينامو مينسك و 3:1 في المباراة البيتية). بعد الفوز الأخير مباشرة، وهو الفوز الحادي عشر على التوالي منذ تعيينه مدربًا، تجمع اللاعبون حوله وسكبوا عليه ماءً باردًا، في إطار الاحتفالات بالارتقاء إلى المرحلة التالية في الدوري الأوروبي. ولكن قبل ذلك، حظي بأكبر اعتراف بالجميل – من الجمهور ذاته. هل سينجح في إبقاء لاعبيه يتمتعون بالتركيز؟ هل سيحصل على فرص كثيرة للاحتفال والتعبير عن شخصيته الملوّنة؟ أعدكم بأنني سأتابعه وسأروي لكم إحدى أكثر القصص إثارة في كرة القدم الأوروبية.
لوكا مودريتش (R) من كرواتيا يحارب اللاعب وليد بدير(L) على الكرة (AFP)
وداع أسطورة كرة قدم إسرائيلية
حان الوقت لنقول إلى اللقاء لبدير، الذي تحول إلى مدافع ولاعب وسط بارز، فاز بخمس بطولات وخمس كؤوس دولة، ووفر ذكريات لا يمكن نسيانها لمشجعي كرة القدم في إسرائيل
أحد وعشرون موسمًا، خمس بطولات، خمس كؤوس دولة وحتى مغامرة خلف البحار. اعتزل وليد بدير، لاعب فريق هبوعيل تل أبيب في المواسم الثمانية الماضية، في الصيف الأخير، كرة القدم وخلف تراثا محترما وذكريات كثيرة وجيدة بين أوساط كافة مشجعي كرة القدم في إسرائيل. تم أمس (الأحد)، قبل مباراة افتتاح الموسم بين هبوعيل تل أبيب وأبناء سخنين، إجراء احتفال وداع رسمي ومثير للمشاعر للاعب.
وقد احتفل بدير في شهر آذار المنصرم بعيد ميلاده التاسع والثلاثين. لقد بدأ مسيرته في فريق الشبيبة في هبوعيل كفر قاسم، مسقط رأسه. منذ جيل 14 سنة، استحوذ على اهتمام هبوعيل بيتاح تيكفا، بعد أن تميّز في مباراة بين فريقي الشبيبة في الناديين، ولعب في خط الهجوم. مع مرور السنوات انتقل للعب في خط الوسط الخلفي، وكان معروفًا بأنه معرقل ناجح وكان يبسط النظام في وسط الملعب. وقد ارتقى إلى فريق البالغين في العام 1992، واحتل مكانًا دائما في تشكيلة فريق هبوعيل بيتاح تيكفا، في السنوات السبع التالية، وقد سجل 192 مباراة وأحرز 22 هدفًا. منذ بداية طريقه، كان المشجعون يعتبرونه “لاعبا من كل قلبه”: لاعب ينفذ العمل الأسود عوضًا عن لاعبين آخرين ويقدم كل ما لديه دائمًا. إن دخوله إلى قلوب المشجعين قد زاد فضلا لهدف أحرزه في إحدى مباريات الديربي الأولى التي شارك فيها، أمام مكابي بيتاح تيكفا.
شاهدوا هدف وليد بدير الفتى، في ديربي بيتاح تيكفا:
في العام 1999 فاجأ عالم كرة القدم الإسرائيلية ووقع عقدا مع نادي ويمبلدون من البريمير ليغ، الذي عُرف في تلك السنوات بلاعبيه “الملوّنين” الذين يكادون يصلون إلى حد الجنون. على الرغم من الأداء الجيد الذي أبداه، وتم إشراكه في 21 مباراة، إلا أنه واجه صعوبة في الانخراط في الجو الخشن وقرر العودة إلى إسرائيل في نهاية الموسم ذاته. لقد أبقى ذكرى لمشجعي ويمبلدون على شكل هدف أحرزه في أولد ترافورد أمام مانشستر يونايتد.
مع عودته إلى إسرائيل، انضم إلى صفوف مكابي حيفا، وشكل في السنوات الخمس الأولى عاملاً هامًا في الفريق الذي فاز بأربع بطولات دوري. ناهيك عن النجاح الباهر الذي حققه في الإطار المحلي، كان بدير شريكًا في إحدى الحملات الأوروبية الناجحة التي خاضها فريق إسرائيلي ذات مرة، حيث ارتقت حيفا إلى مرحلة البيوت في دوري الأبطال، وسجلت فيه انتصارات كبيرة على أوليمبياكوس اليوناني ومانشستر سيتي، بنتيجة مشابهة – 3:0. وقد لعب بدير ما مجموعه مئتان واثنتان من المباريات مع الخُضر الحيفاويين، وسجل 44 هدفًا – وهو رصيد جميل جدا بالنسبة للاعب خلفي مهمته الرئيسية هي كبح هجمات الخصم. ويتذكر المشجعون العريقون هدف الـ “وولا” الرائع الذي أحرزه أمام مكابي تل أبيب في موسمه الثاني في النادي، والهدف الذي أحرزه أمام روزنبورغ النرويجية، إذ حاولت حيفا الارتقاء إلى دوري الأبطال للمرة الثانية على التوالي.
شاهدوا بدير يطلق صاروخا عن بُعد ليسكن في الشباك مباشرة:
وهدف كاد يوصله إلى دوري الأبطال:
وفي العام 1997، كانت له أول مباراة بين صفوف منتخب إسرائيل، في مباراة وُدية ضد منتخب بلروس. طيلة عقد كامل كان ركنّا هاما في المنتخب، وحتى أنه لعب أحيانا كمهاجم، كما كان في صباه. سجل 74 مباراة في صفوف المنتخب، في فترة كادت ترتقي فيها إسرائيل إلى المونديال واليورو. لقد ترك بصمته على عدّة أهداف رائعة، وخاصة الرأسيات. كانت أقصى ذرواته حين وصل إلى تصفيات مونديال 2006. وقد استضافت إسرائيل فرنسا، التي وصلت لاحقا إلى نهائي كأس العالم، وبعد تأخر إسرائيل بنتيجة 1:0، في الدقيقة 83، رفع الظهير الأيسر، أدورام كيسي، كرة عرضية مرت فوق رؤوس جميع المدافعين. ركض بدير باتجاه الكرة وضربها برأسه بسرعة فائقة، بطريقها إلى حارس المرمى المشهور، فابيان بارتيز.
شاهدوا رأس وليد الذهبي الرائع:
في العام 2005، أعلن عن انضمامه إلى صفوف هبوعيل تل أبيب، حيث لعب في الفريق في المواسم الثمانية التالية، والتي ودعه مشجعوه أمس بدموع الفرح والحزن – على ما كان وانتهى. بسبب سنه، قرر مدربوه نقله إلى موقع المدافع، حيث يمكنهم هناك استغلال تجربته الكبيرة ورؤيته للّعب، بهدف التعويض عن السرعة في الحركة التي كانت تميزه كلاعب شاب. وقد سجل من هذا الموقع فصلا رائعا في مسيرته، حيث أضاف خلاله إلى خزينة كؤوسه بطولة دوري أخرى وخمس كؤوس دولة. تم تعيينه قائدًا للفريق، وحظي بتقدير كبير لقاء قدراته المهنية وقدراته على القيادة، على أرض الملعب وخارجها.
استمعوا إلى الأغنية التي ألفها مشجعو هبوعيل تل أبيب:
لقد تميزت سنواته في زيّ الحُمر بالنجاح على الحلبة الأوروبية، عندما عزز فريق هبوعيل تل أبيب موقعه وارتقى ثلاث مرات إلى مرحلة المجموعات في الدوري الأوروبي. في العام 2010 أضاف إنجازًا آخر وكان أول لاعب إسرائيلي يشارك في دوري الأبطال بين صفوف ناديين مختلفين. لن تكون مفاجأة، إذًا، أن نعرف أن 91 مباراة له في الأطر الأوروبية تشكل رقمًا قياسيًا إسرائيليًا رائعًا، وهي تُضاف إلى مرتبته الثالثة في قائمة أصحاب الأرقام القياسية في دوري الدرجة العليا في تاريخ الدوري.
شاهدوا الهدف الذي أحرزه بدير في الفوز على خيتافي الإسباني في الدوري الأوروبي:
من المؤكد أن الأوصاف ومقاطع الأفلام القصيرة التي عرضتها أمامكم سوف تعرّفكم على شخصية بدير المميزة: لاعب يبذل جهدا في كل لحظة؛ لاعب كرة قدم ذو ركلة ممتازة خارج منطقة الجزاء ومهارات دفاعية من الدرجة الأولى؛ قائد يصغي إليه كافة اللاعبين ولا يرفع صوته، لا في التدريبات ولا في المباريات؛ شخصية دمثة يطمح إلى الانخراط في تدريب الأولاد والشبيبة، حيث يمكنه هناك أن يساهم بخبرته وأحاسيسه القوية.
لذلك، ليس من المفاجئ حين بدأت أنباء اعتزاله كرة القدم، منذ أكثر من سنة، كان مشجعو فريق هبوعيل تل أبيب ينشدون له: “ابقَ، ابقَ”. وقد بقي موسمًا آخر بالفعل، في أعقاب أناشيد المشجعين، واعتزل بعد أن أكمل 359 مباراة في الفريق، أحرز خلالها 33 هدفًا. وكان مسك ختام مسيرته الكروية مباراة ضد فريقه الأسبق، مكابي حيفا، ولا يمكنه ألا يعتزل بشكل أرقى من هذا الشكل…
شاهدوا المشجعين يتوسلون أمامه كي لا يعتزل:
شاهدوا الهدف الأخير الذي أحرزه بدير، قبل لحظة من اعتزاله كرة القدم:
توتو تموز، الذي لعب في المواسم الأخيرة بين صفوف فريق هبوعيل تل أبيب من الدوري الإسرائيلي الممتاز، قد وقع أمس (الإثنين) في أورال من الدوري الروسي الأول، وسوف يلعب بين صفوفه في الموسمين المقبلين. يجدر الذكر أن المهاجم البالغ من العمر 25 عامًا يترك إسرائيل للمرة الأولى، آملا في فتح صفحة جديدة ومحاولاً تحقيق القدرات الكبيرة الكامنة فيه. إنه ينضم إلى إسرائيلي آخر يتألق في روسيا وهو بيبارس ناتخو، لاعب الوسط في روبين كازان.
وُلد تموز، الذي يُدعى بالأصل أندريونس تاميلي، لزوجين نيجيريين هاجرا إلى إسرائيل حين كان اللاعب الموهوب يبلغ من العمر سنتين فقط. في وقت لاحق، غادر والداه البلاد وتم تبنيه من قبل إسرائيلية تُدعى أوريت تموز. غيّر أندريونس اسمه إلى “توتو”، تبنى اسم عائلة أمه الجديدة وفعل كل شيء بهدف الانخراط في المجتمع.
منذ نعومة أظفاره، برزت مهاراته على الملاعب: إنه سريع، حركاته سريعة وحضوره في منطقة الجزاء بارز. كل هذه الأمور، إلى جانب تحكمه بالكرة وركلاته الدقيقة، حولته إلى سلعة مطلوبة في سن 18 سنة، وعندها وقّع عقدًا في بيتار القدس، وهو من أبرز النوادي في إسرائيل. لقد فاز ببطولتين وبكأسين خلال سنواته الأربع في فريق العاصمة، وحتى أنه تمت دعوته إلى صفوف منتخب إسرائيل وسجل 10 مشاركات بالزي القومي.
شاهدوا لحظات تموز الرائعة:
http://www.youtube.com/watch?v=p6PKriAb3TQ
بعد ذلك، انتقل تموز إلى تل أبيب وانضم إلى صفوف العدو اللدود لمشجعي بيتار، هبوعيل تل أبيب. لم ير هؤلاء هذه الخطوة بعين الرضا، وقد اعتادوا في السنوات الأخيرة على شتمه وغناء أغان عنصرية وماسّة، بسبب كونه أسمر البشرة. وقد وصل التوتر إلى ذورته خلال الموسم الأخير، حيث أحرز المهاجم هدفًا في المبارة بين هبوعيل تل أبيب وبيتار القدس، وضايق جمهور الخصم، وهو يشير بإصبعه إلى فمه كإيماءة للصمت. كرد فعل، تم إلقاء موزة من المدرّج، وهي رمز لأصل تموز الأفريقي.
شاهدوا هدف تموز الرائع الذي أثار ضجة كبيرة:
سيكون من المثير للاهتمام كيف سيواجه تموز التعبيرات العنصرية التي قد يتم توجيهها إليه في روسيا، كذلك بسبب لون جلده. في السنوات الأخيرة عرف الدوري الروسي عددًا من المشادّات غير المريحة، التي انخرطت في وعي مشجعي كرة القدم في مختلف أنحاء العالم. يجدر بالذكر حادثة خاصة حدثت قبل صيفين. روبرتو كارلوس، الظهير الأيسر الأسطوري في منتخب البرازيل وريال مدريد، انضم في سن 38 إلى أنجي محتشلكه، وهو نادٍ رائد في روسيا. خلال الوقت الإضافي في لعبة الدوري أمام سوبتوف سماره، تم إلقاء الموز من المدرّج، باتجاه البرازيلي قصير القامة. وقد اختار ترك الملعب في اللحظة ذاتها، على الرغم من أن اللعبة لم تكن قد انتهت بعد، في لحظة كلها إذلال لعشاق كرة القدم في روسيا.
شاهدوا الحادثة العنصرية التي مرّ بها روبرتو كارلوس:
كان تموز مطلوبا في الأشهر الأخيرة من قبل نواد مختلفة في مختلف أنحاء أوروبا، ومن بينها فيادوليد الإسباني، فيستا ارنهايم من هولندا وبرتيزان بلغراد من صربيا. لقد اختار في نهاية الأمر دولة لها ثقافة مختلفة تماما عن تلك التي اعتاد عليها في الشرق الأوسط، بمناخ وطقس باردين حتى متجمدين، ووقع في نادي يلعب موسمه الأول في الدوري الممتاز في روسيا. يبدو أن هذه ظروف غير سهلة للنجاح. غير أنه ربما يكون البُعد بالذات هو الذي سيتيح للمهاجم التركيز في الملعب وأن يخرج من بين رجليه مهارته الرائعة. إذا نجح في تجاهل ضجيج الخلفية، العنصرية وقلة الصبر – فلا حدود للطموح.