نبيل العربي

جامعة الدول العربية (AFP)
جامعة الدول العربية (AFP)

الاتحاد المكسور: الجامعة العربية والأزمة الإقليمية

إنّ الوظيفة الرئيسية للمنظّمات الإقليمية أو الدولية هي العمل من أجل حلّ النزاعات وضمان الاستقرار والأمن، إلى جانب تطوير التعاون في المجالات الاقتصادية، الثقافية وغيرها. ولكن فاعلية تلك المنظّمات في أداء رسالتها غالبا ما تكون محدودة

المنظمة الإقليمية التي تربط الدول العربية، الجامعة العربية، هي المنظّمة الإقليمية الأقدم في الواقع اليوم، ورغم ذلك، فقد فشلت هذه المنظّمة في تهدئة العنف الذي هو تقريبا غير مسبوق والذي ينتشر في المنطقة في السنوات الأخيرة. وتطرح هذه الحقيقة السؤال التالي: كيف يمكن توصيف نشاط الجامعة على مرّ السنين، وكيف أثّر على استقرار المنطقة، التي تعيش اليوم حالة من الفوضى أكثر من أي وقت مضى؟

السيد نبيل العربي أمين عام جامعة الدول العربية (AFP)
السيد نبيل العربي أمين عام جامعة الدول العربية (AFP)

تأسّست الجامعة العربية، أو جامعة الدول العربية، في شهر آذار من عام 1945 حيث كان في عضويتها 6 دول فقط. كانت تلك الدول هي مصر، العراق، إمارة شرق الأردن، لبنان، المملكة العربية السعودية وسوريا. وانضمّت بعد ذلك اليمن إلى صفوفها فورا، واليوم هناك 22 دولة عضو لغتها الرسمية هي العربية (من بينها فلسطين، الممثّلة من قبل قيادة منظمة التحرير الفلسطينية) و 3 دول مراقبة ليست عربية. والهدف الرئيسي الذي قامت الجامعة من أجله هو تقريب وتعزيز العلاقات بين الدول الأعضاء، لتنسيق التعاون وتطوير المصالح الاقتصادية للعالم العربي. كل ذلك من خلال ضمان استقلال وسيادة مختلف الدول الأعضاء. وبشكل شبيه للأمم المتحدة، فتحت هذه المنظمة أيضا تعمل لجان ولجان فرعية في مجالات التعليم، الثقافة، الاقتصاد ومجالات أخرى. المجال الرئيسي للمنظمة هو مؤتمر الجامعة الذي يُستخدم للتصويت، إطلاق التصريحات ومحاولات الوساطة في الصراعات، التي تندلع بشكل متكرّر منذ تأسيسها.

تأسّست جامعة الدول العربية، في شهر آذار من عام 1945 حيث كان في عضويتها 6 دول فقط. كانت تلك الدول هي مصر، العراق، إمارة شرق الأردن، لبنان، المملكة العربية السعودية وسوريا

لقد تأسست ونمت الجامعة العربية إلى جانب موجات القومية العربية القوية، مثل الحكم الناصري في مصر وأنظمة البعث، التي رأت في الأمة العربية جسدا واحدا تمّ تقسيمه من قبل قوى أجنبية. ومع ذلك، فقد واجهت هذه الرؤية معارضة من قبل عناصر قوة محافظة وجدت فيها خطرا على مصالحها بل تهديدا لوجودها. ويمكننا أن نكتشف بسهولة صراعات القوة التي أضرّت بالوحدة العربية. فقد وضع الصراع على الهيمنة وقيادة العالم العربي في سنوات الخمسينيات والستينيات كلا من مصر والعراق في مسار تصادمي. وجرى صراع آخر بين الملكيات المحافظة مثل الأردن والسعودية في مواجهة الأنظمة الثورية مثل “الضباط الأحرار” في مصر أو نظام القذافي في ليبيا. ونتيجة لذلك، عانت الجامعة العربية من خصومات داخلية وتضارب للمصالح والتي جعلتها منظّمة مصابة بالشلل إلى حدّ ما. أيضًا الخطوات العالمية، وعلى رأسها الحرب الباردة، أنشأت استقطابا في صفوف أعضاء الجامعة العربية، حيث انتمى معظمهم إلى الكتلة السوفياتية، وبدأ غيرهم يميل أكثر فأكثر إلى اتجاه حلف شمال الأطلسي والغرب. ثمّ بعد ذلك كانت حرب الولايات المتحدة ضدّ العراق، والتي فرّقت مرة أخرى أعضاء الجامعة. في الماضي غير البعيد فرّقت العالم العربي الخصوماتُ بين حلفاء إيران في المنطقة وبين الأنظمة السنية الحليفة للولايات المتحدة، حيث أضيف اليوم عامل آخر للانقسام متمثّلا بحركات الإسلام السياسي، التي تحظى بدعم قطر ولكن يُنظر إليها كتهديد وجودي من قبل الأنظمة الأخرى في المنطقة مثل السعودية، مصر والإمارات العربية المتحدة.

لجان جامعة الدول العربية المصغرة (AFP)
لجان جامعة الدول العربية المصغرة (AFP)

أوجدت كثرة النزاعات بين الدول الأعضاء صعوبة كبيرة في تحقيق توافق للآراء بشأن أية قضية على جدول الأعمال، ناهيك عن صياغة سياسة واضحة على المدى البعيد من شأنها أن تسهم في الاستقرار الإقليمي. أظهرت دراسة نُشرت في أواخر العقد الماضي أنّه من بين 36 حربا كبيرة بين الدول في المنطقة، شاركت الجامعة في 7 فقط، ومن بين 22 حالة من الحرب الأهلية، انضمّت المنظمة للعمل السياسي في 5 حالات فقط. وتفسير ذلك ليس كامنا فقط في المصالح المتضاربة وصراعات النفوذ لدى الدول الأعضاء، حيث أنّ هناك عيوبا هيكلية تلقي بظلالها على عمل الجامعة: في التصويت الذي يُعقد في مؤتمر الجامعة، فقط الدول التي تصوّت لصالح قرار ما هي الملزمة بتنفيذه. ليست لهذه القرارات أية دلالة للإلزام تجاه سائر أعضاء الجامعة، مما يضرّ جدا بقدرتها على صياغة سياسة موحّدة وفرض التسوية على الصراعات.

أظهرت دراسة نُشرت في أواخر العقد الماضي أنّه من بين 36 حربا كبيرة بين الدول في المنطقة، شاركت الجامعة في 7 فقط، ومن بين 22 حالة من الحرب الأهلية، انضمّت المنظمة للعمل السياسي في 5 حالات فقط

أنشأت هذه العوامل وغيرها ممّا يضيق المجال عن ذكره للمنظّمة في العقد الحالي سمعة الجسد الكسول والفاقد للأسنان. بل كان هناك من وصفها بـ “جامعة المستبدّين”. أخذت هذه الصورة منعطفا في عام 2011 مع اشتعال “الربيع العربي”. في مأزقها بين الولاء للدكتاتوريات القديمة وبين دعم الشباب في مطالب الحرّية، اختارت الجامعة الخيار الثاني، وعلى عكس الماضي، شاركت في العديد من التحرّكات الكبيرة. كانت إحدى تلك التحرّكات تعزيز العمل لتطبيق منطقة حظر طيران في ليبيا، من أجل تحييد التفوّق الجوّي للقذّافي الذي يقيم المذابح لمواطنيه. وكانت هناك خطوات أخرى مثل فرض العقوبات على سوريا، وإرسال لجنة تحقّق في أحداث الحرب الأهلية المحلية. وسواء في القضية الليبية أو السورية فقد أظهرت الجامعة موقفا قاطعا، بل وعلّقت عضوية تلك الدول من صفوفها في ذلك الوقت. في الواقع، لا يزال تعليق سوريا ساري المفعول.

ومع ذلك، فإنّ الرياح النشطة التي هبّت في أروقة الجامعة عام 2011 تلاشت، وذهب معها أمل تحقيق الاستقرار السريع في المنطقة. كان الوفد الذي أرسلته الجامعة إلى سوريا مثيرا للجدل واتّضح بأنّه غير فعال، وبدلا من العمل من أجل عملية توافقية تضع حدّا لحمّام الدم في البلاد، أصبحت الحرب الأهلية السورية “حرب المراسلين”، تُموّل فيها دول الجامعة العربية وغيرها وتفعّل جماعات مسلّحة داخل البلاد بشكل يخدم مصالحهم، ويصبّون بذلك الزيت على النار فحسب. وليست سوريا هي الحالة الوحيدة في العالم العربي التي لم تتوقف فيها الحرب منذ العام 2011، بل ازدادت. يمكننا أن نضيف إلى هذه القائمة كلا من ليبيا، اليمن وبالطبع العراق. لقد عادت الخطابات التقريرية الجوفاء، وتبادل الاتهامات لتملأ مكان الإجراءات الحاسمة على مسرح الجامعة.

من طرائف بعض الرؤساء العر في قممهم:

https://www.youtube.com/watch?v=dPfNrcYbxNI

هناك من يأمل بأنّه من خلال الأزمة الحالية ستأتي دعوة لتغيير هيكل الجامعة وطريقة عملها، بشكل مماثل للحالة الأفريقية. في أعقاب الاضطرابات التي تسبّبت بالمذبحة في رواندا عام 1994، مرّت “منظّمة الوحدة الأفريقية” (‏OAU‏) بمراجعة حقيقية، وفي عام 1999 خرجت في طريق جديد. تأسّس عام 2002 “الاتحاد الأفريقي”، والذي عزّز بخلاف سابقه الهدف النهائي للدولة، إدارة وحلّ الصراعات، وذلك على حساب مبدأ السيادة وعدم التدخّل المقدّس أيضا في خطاب تعيين الجامعة العربية. رغم أنّ أوضاع دول أفريقيا المختلفة بعيدة من أن تكون متكاملة، فإنّ المنظمة التي سمّيت في الماضي “نادي الطغاة” تقود الآن خطّا أكثر فاعلية بكثير، حيث تدخّلت في السنوات الأخيرة في العديد من مناطق الصراع من بينها ساحل العاج، بوروندي، دارفور، مالي وغيرها. وبخلاف الجامعة العربية، فإنّ قرارات “الاتحاد الأفريقي” ملزمة لجميع الأعضاء فيه، وهو أمر يمكّنه من صياغة سياسة موحّدة وحاسمة. بالإضافة إلى ذلك، تكثر المنظّمة من فرض عقوبات على أعضائها الذين لا يحذون حذوها، وهذا بخلاف الجامعة العربية التي فرضت بجهود كبيرة عقوبات (والتي هناك شكوك حول فاعليّتها) في بضع مرات فقط في السنوات الأخيرة.

القضية التي تحظى بتوافق الآراء هي نضال الشعب الفلسطيني نحو الاستقلال. الاقتراحات والقراءات المهتمّة بهذه القضية مثل فرض العقوبات على إسرائيل، أو بدلا من ذلك مبادرة السلام العربية؛ حظيت مرات عديدة بإجماع لدى الدول الأعضاء في الجامعة

ليس دقيقا أن نقول بأنّ دول الجامعة العربية لا تحمل آراءً توافقية إطلاقا. القضية التي تحظى في غالب الأحيان بتوافق الآراء هي نضال الشعب الفلسطيني نحو الاستقلال. إنّ الاقتراحات والقراءات المهتمّة بهذه القضية مثل فرض العقوبات على إسرائيل، أو بدلا من ذلك مبادرة السلام العربية؛ حظيت مرات عديدة بإجماع لدى الدول الأعضاء في الجامعة. ولكن في الوضع الراهن بالإضافة إلى مرات عديدة في الماضي، فإنّ القضية الفلسطينية قد “ابتُلعت” من قبل قضايا أكثر إلحاحا، مثل الكفاح من أجل القضاء على “الدولة الإسلامية” في أراضي الشام.

تتجسّد جميع الظواهر المذكورة هنا بشكل جيّد في قمّة الجامعة العربية الأخيرة التي عُقدت في شهر آذار في الكويت. لقد رفضت الدول المشاركة فكرة الاعتراف بدولة إسرائيل، ولكنها فشلت في الاتفاق على القضايا الأخرى. لقد استُخدم مسرح الجامعة بشكل أساسي لتبادل الاتهامات. جدل شديد في موضوعات متنوعة مثل القتال في سوريا، “الإخوان المسلمون”، إيران وقطاع غزة، كل ذلك أنشأ جمودًا أدّى بقادة دول مهمّة في المنطقة مثل السعودية والإمارات إلى عدم حضور القمة الأخيرة. الحدث الذي مضى عليه يومين، لمن يتساءل، تم تتويجه كما هو معتاد بنجاح من قبل الدبلوماسيين. يبدو أنّ الأمين العام للجامعة العربية اليوم نبيل العربي والأعضاء الرئيسيين فيها يحتاجون إلى الكثير من العمل والقرارات الصعبة من أجل تغيير وجه المنظّمة وتحويلها في عامها السبعين إلى جسم حيوي ذي تأثير إيجابي في هذه المنطقة النازفة.

نشر هذا المقال لأول مرة على موقع مجلة الشرق الأدنى

اقرأوا المزيد: 1289 كلمة
عرض أقل

أشتون تجتمع مع الرئيسين المصري والفلسطيني

التقت مسؤولة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي كاثرين أشتون في القاهرة اليوم الخميس (10 ابريل نيسان) مع مسؤولين مصريين وقادة اقليميين.

وأجرت اشتون محادثات مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس الذي طلب عقد اجتماع طارئ للجامعة العربية أمس الأربعاء (9 أبريل نيسان) لبحث أزمة محادثات السلام الفلسطينية الإسرائيلية.

وترعى الولايات المتحدة المفاوضات التي استؤنفت في يوليو تموز الماضي لكنها واجهت أزمة بسبب عدم وفاء إسرائيل بتعهدات بإطلاق سراح أكثر من عشرين سجينا فلسطينيا. وتطالب إسرائيل الفلسطينيين بالالتزام بمواصلة المفاوضات بعد موعد نهائي مُقرر يوم 29 ابريل نيسان.

وفي وقت سابق اليوم اجتمعت اشتون مع نبيل العربي الأمين العام لجامعة الدول العربية.

وأجرت محادثات كذلك مع الرئيس المصري المؤقت عدلي منصور ووزير الخارجية نبيل فهمي.

ومن المقرر ان تجتمع اشتون مع مرشح الرئاسة المصري عبد الفتاح السيسي الذي كان القائد العام للقوات المسلحة عندما عزل الجيش الرئيس الإسلامي محمد مرسي.

ومن المتوقع أن تجتمع كذلك مع المرشح الرئاسي اليساري حمدين صباحي.

اقرأوا المزيد: 123 كلمة
عرض أقل
الأمين العام للجامعة العربية نيبل العربي (AFP)
الأمين العام للجامعة العربية نيبل العربي (AFP)

مؤتمر “جنيف 2” سيعقد الشهر المقبل

قال نبيل العربي الأمين العام لجامعة الدول العربية اليوم الأحد إن محادثات السلام التي تهدف إلى انهاء الصراع في سوريا ستجري في 23 نوفمبر تشرين الثاني في جنيف.

وقال العربي للصحفيين في القاهرة بعد لقائه بالأخضر الإبراهيمي المبعوث الدولي لسوريا إنه ناقش الملف السوري مع الإبراهيمي وتقرر أن مؤتمر جنيف سيعقد في 23 نوفمبر تشرين الثاني وأن الترتيبات تتخذ للاعداد لهذا المؤتمر.

ولكن في نفس المؤتمر الصحفي قال الإبراهيمي إن الموعد لم يتحدد رسميا بعد.

اقرأوا المزيد: 73 كلمة
عرض أقل

الوفد الوزاري العربي المعني بعملية السلام يلتقي كيري في روما

أعلن نصيف حتي، المتحدث الرسمي باسم الأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي، أن الوفد الوزاري العربي المعني

03 سبتمبر 2013 | 16:59
جون كيري ووزراء خارجية جامعة الدول العربية (AFP)
جون كيري ووزراء خارجية جامعة الدول العربية (AFP)

زيارة كيري- اليوم الثاني

عاد وزير الخارجية الأمريكي إلى المنطقة في جولة محادثات هي السادسة. وفي إسرائيل توتر على خلفية تصريحات الاتحاد الأوروبي

التقى كيري أمس الرئيس الفلسطيني محمود عباس في العاصمة الأردنية عمان، على مائدة الإفطار وقد استغرق اللقاء نحو خمس ساعات. وتشير التقارير إلى إحراز تقدم في المحادثات. ‏‎ ‎وأعلن الناطق بلسان “أبو مازن” أن الشخصيتين قد ناقشتا مسائل يمكنها أن تساهم في خلق جو ملائم للعودة إلى طاولة المفاوضات.

ومن المتوقع أن يناقش الرئيس الفلسطيني أبو مازن غدا اقتراح كيري مع قيادات السلطة الفلسطينية حول استئناف المفاوضات السلمية بهدف التوصل إلى حسم، هذا ما أعلنه عضو اللجنة التنفيذية في منظمة التحرير الفلسطينية واصل أبو يوسف.

وقد التقى كيري صباح اليوم سكرتير الجامعة العربية نبيل العربي ووزراء خارجية آخرين من الجامعة العربية لمناقشة مبادرة السلام العربية. وتشير تقارير مختلفة إلى أن كيري قد طلب من أعضاء بعثة الجامعة العربية الضغط على “أبو مازن” وإقناعه بالعودة إلى طاولة المفاوضات مع إسرائيل. وأشارت جهات عربية إلى أن أسلوب كيري في إحياء العملية السلمية يرتكز على محفّزات هادئة وغير جوهرية بين الطرفين، كمحفزات اقتصادية للسلطة الفلسطينية، وإطلاق سراح عدد من الأسرى وتجميد معين وهادئ للبناء الإسرائيلي عبر الخط الأخضر.

وقال العربي إن بعثة الجامعة العربية قد حصلت على تأكيد من الإدارة الأمريكية بأن الولايات المتحدة سوف تكون ملزمة بإنهاء النزاع في السنة الحالية. وعلى حد أقواله، فإن الخطة الأمريكية تشمل ثلاثة محاور: المحور السياسي الذي يهدف إلى إعادة الأطراف إلى مائدة المفاوضات، والمحور الأمني الذي يتم في إطاره تعيين جنرال أمريكي يقوم بتقييم الوضع في زيارة يجريها إلى المنطقة والمحور الثالث هو اقتصادي يشمل خطة أمريكية ثلاثية السنوات تشمل سياسات إضافية ستقدم مساعدات مالية واقتصادية للضفة الغربية ولقطاع غزة.

رغم التقارير التي تفيد بأن كيري قد خفض من توقعاته استعدادا للزيارة الحالية، إلا أن جهات رفيعة المستوى في السلطة الفلسطينية قد أبلغت أن كيري مصرّ على الإعلان عن استئناف المفاوضات في الأسبوع المقبل.

إلى ذلك، بقي التوتر في إسرائيل قائما في أعقاب إعلان الاتحاد الأوروبي عن قراره عدم شمل أي جهة تزاول أعمالها من أراضي الضفة الغربية، القدس الشرقة وهضبة الجولان في الاتفاقيات. وكان وزير الاقتصاد نفتالي بينت ونائب وزير الخارجية زئيف إلكين قد أعلنا أنه إذا تم تنفيذ قرار الاتحاد الأوروبي فهو سوف يقوّض مساعي كيري عن سابق قصد. على حد أقوالهم، “كنا مستعدين حتى اليوم لإبداء موافقة صامتة على تنازلات محدودة للفلسطينيين ولكن إذا أصرّت أوروبا على ضربنا ضربة قوية كهذه، وفي حال لم يقلل استئناف المفاوضات من الضغوط من جانب المجتمع الدولي – فما من سبب يدعونا لتقديم التنازلات.‎ ‎

وكان رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو قد بدأ ممارسة ضغوط بهدف تأجيل نشر التوجيهات بشأن المستوطنات، التي من المتوقع تنفيذها يوم الجمعة المقبل. وبدأ رئيس الحكومة يجري جولة من المحادثات مع الزعماء الأوروبيين وسيتحدث في وقت لاحق اليوم مع وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي كاثرين أشطون. على حد أقواله: “هذا الخطوة تجعل الإسرائيليين يفقدون الثقة بحيادية أوروبا”.

على خلفية توجيهات الاتحاد الأوروبي وزيارة كيري إلى المنطقة، أجّل وزير الأمن موشيه (بوغي) يعيلون، صباح اليوم النقاش حول المصادقة على بناء 300 وحدة سكنية جديدة في مستوطنات نائية، وتُجرى الآن مناقشات حول البناء في الكتل الاستيطانية الكبيرة.

من غير المتوقع أن يزور كيري إسرائيل في جولته الحالية في المنطقة، إلا إذا تم التوصل إلى تطورات ملحوظة بشكل خاص، تتيح استئناف المفاوضات.

اقرأوا المزيد: 485 كلمة
عرض أقل
وزير الخارجية الأميركي جون كيري يغادر واشنطن إلى عمان (State Department photo)
وزير الخارجية الأميركي جون كيري يغادر واشنطن إلى عمان (State Department photo)

لقاء كيري-عباس

الرئيس الفلسطيني عباس ووزير الخارجية الأمريكي جون كيري يلتقيان في هذه الأثناء في العاصمة الأردنية عمان. هذه هي الجولة السادسة من محادثات كيري في المنطقة منذ أن تسلم منصبه.

وقد وصل وزير الخارجية الأمريكي إلى الأردن ظهر اليوم بهدف عقد جولة من اللقاءات. من المتوقع أن يلتقي كيري العاهل الأردني الملك عبد الله، وقد التقى قبل ذلك وزير الخارجية الأردني ناصر جودة. ويلتقي كيري في هذه الأثناء الرئيس الفلسطيني عباس في مأدبة عشاء لمناقشة طرق استئناف المفاوضات المباشرة بين إسرائيل والفلسطينيين.

كما سيلتقي كيري غدا سكرتير الجامعة العربية نبيل العربي وعددا من وزراء الخارجية العرب الآخرين، وسيناقش معهم مبادرة السلام التي طرحتها الجامعة العربية. لم يفصلوا في الولايات المتحدة جدول لقاءاته الدقيق، ويبدو أنه في هذه المرحلة لا ينوي كيري زيارة إسرائيل. على الرغم من ذلك، قد يأتي للقاء رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو في القدس، إذا شعر أن الأمر سوف يدفع استئناف المفاوضات قدما. وقد صرح مصدر فلسطيني لوكالة الأنباء AFP أن مثل هذا اللقاء من المتوقع أن يتم، ولكن حتى الآن لا توجد مصادقة رسمية على ذلك.

وأبلغ صحافيون كانوا بمعيّة وزير الخارجية كيري على متن الطائرة أن كيري قد حاول خفض التوقعات فيما يتعلق بنتائج الزيارة وادعى أن الحديث يجري عن زيارة خاطفة. قد يزور كيري خلال زيارته للأردن أحد مخيمات اللاجئين السورية الموجودة في المملكة.

وكانت صحيفة هآرتس قد نشرت اليوم أن مسؤولا رفيع المستوى في الإدارة الأمريكية، وهو يشارك في محاولات استئناف المفاوضات بين إسرائيل والفلسطينيين أنه إذا باءت مساعي كيري لدفع عجلة المفاوضات بالفشل، فستتخذ دول الاتحاد الأوروبي خطوات ومبادرات أخرى ضد المستوطنات في الضفة الغربية والقدس الشرقية.

وكان وزير الأمن الإسرائيلي يعيلون قد تطرق في وقت سابق اليوم لمساعي كيري قائلا “إن مبادرة وزير الخارجية الأمريكي معروفة، وهو يبذل جهودا منذ بضعة أشهر لدفعنا نحن والفلسطينيين إلى طاولة المفاوضات. ويرفض الفلسطينيون، حتى هذه المرحلة، القدوم إلا إذا وافقنا على شروط مسبقة مختلفة، ونحن نقول بشكل واضح جدا – نحن مستعدون للجلوس إلى الطاولة فورا ومن دون قيد أو شروط مسبقة، والنقاش حول كافة المواضيع وعدم اللقاء مرة أو مرتين، بل الدخول في نقاش لفترة طويلة. ولكن الفلسطينيين في هذه المرحلة غير مستعدين للمجيء من دون شروط مسبقة، ولذلك لم تنجح هذه المبادرة”.

وقد تطرق وزير المالية لبيد، وهو من أهم الشركاء في ائتلاف نتنياهو، هو أيضا لمساعي وزير الخارجية الأمريكي فيما يتعلق بقرار الاتحاد الأوروبي الذي نشر هذا الصباح “يجري الحديث عن قرار بائس، توقيته سيء وهو يعرقل مساعي وزير الخارجية الأمريكي جون كيري لجلب الطرفين إلى طاولة المفاوضات. ويرمز قرار الاتحاد الأوروبي للفلسطينيين أنه لا يوجد أي ثمن دولي أو اقتصادي مقابل رفضهم المتواصل العودة إلى المفاوضات، وهو يؤدي بهم إلى الاعتقاد أن إسرائيل سوف تضطر إلى التراجع أمام الضغط الاقتصادي والسياسي”.

اقرأوا المزيد: 395 كلمة
عرض أقل