إذا كنتم متّصلين بفيس بوك، إنستاجرام، أو بالإنترنت عامةً، فلا شكّ أنّكم تعرفون من هو الـ”هيبستر”. شبّان مدنيّون، جذّابون، ومثقّفون، يهتمّون بالفنون والموسيقى، بل يساهمون في إنتاجها، ولكن كلّ ذلك – على الهامش. يسعى هؤلاء الأشخاص إلى إبراز اختلافهم، ذوقهم، وفرادتهم، التي تظهر أوّلًا في شكلهم:
ملابس فينتاج، نظارات ضخمة، شارِب، جينز مقصوص، سترة باهتة وعديمة الشكل، أو نصف رأسٍ حليق – الأساس أنّ جميع مركّبات المظهر تشي بانعدام الجهد ظاهريًّا، تردّد صدى ثقافةٍ فرعيّة ما خارج السياق (مثل القفازات المطاطية كالتي للعمال الأجانب، والقميص المزخرَف بترترات كتلك التي للجدّة) وتوحي بعدم انسجامٍ ما – ولكن على الموضة، طبعًا.
يناسب هذا الشكلُ جيّدًا الشبان المدنيين، وهم وحدهم. إنهم يقضون وقتهم عادةً في المقاهي والنوادي الخاصّة بـ”جماعة” الهيبسترز، وهم ليبراليون جدًّا ومنفتحون على كلّ أقليّة أو شيء مختلف أو أفكار جديدة سياسيًّا.
في إسرائيل، تبرز الظاهرة كثيرًا في المدن الكبرى، لا سيّما تل أبيب – يافا، القدس، وحيفا. حضارة الهيبستر منتشرة لدى الشبّان الفلسطينيين أيضًا، الذين تناولهم منذ وقتٍ قصير تقرير في صحيفة “هآرتس”، جاء فيه: “جيل جديد ينشأ لدى الفلسطينيين مواطني إسرائيل، مشهد متيقّظ لحضارة وموضة الهامش ينفض عنه غبار سنواتٍ من حروب البقاء والصورة التقليديّة. يقوم المركز في مدينة حيفا الليبرالية، ويمدّ ذراعَيه الموشومتَين في أرجاء البلاد مع فِرَق، حانات، حفلات، وكلّ ما له صلة باليقظة للحضارة والحياة البديلة”.
يقول بعضهم عن أنفسهم إنهم “جيل جديد، أقلّ تديُّنًا ومنفتح جدًّا”. ينشط كثيرون منهم في الفنون، التصميم، الموسيقى والسينما، محاولين التعبير عن مشاعرهم ومواقفهم عبر الفنّ. الفردانيّة مهمّة جدًّا لمعظمهم، وثمة محاولة لإبراز الاختلاف، التفرُّد، وما هو ذاتيّ. يبدو أنّ الاختلاف مزدوج – فمن نشؤوا كأقلية عربية داخل مجتمَع يهودي يسعَون إلى إبراز كونهم أقلية داخل المجتمع العربي تحديدًا، ويقتربون بذلك إلى ثقافة الهامش الإسرائيلية التي تقبل المختلِف على كافّة أنواعه.
https://www.youtube.com/watch?v=z3Nq0NzRrfE&feature=youtu.be
لكنّ طرازًا جديدًا من “الهيبستر” بدأ ينشأ مؤخرًا. ففيما الهيبستريّة هي ظاهرة هامشيّة بدأت تتسلّل إلى التيّار المركزي، فإنّ تسربها إلى أماكن غير متوقعة هو الذي ينتج ظاهرة اندماج مثيرة للاهتمام: “الميبسترز” – mipsterz – muslim hypsters. هيبسترز مسلمون، رجال ونساء في أواخر سنوات المراهقة، مؤمنون متمسّكون بالدين الإسلامي، لا يتنازلون عن نمط حياة دينيّ، ولكنهم تبنَوا السّمات الخارجيّة والحضاريّة لظاهرة الهيبسترز. يسعى الميبسترز إلى التميّز عن باقي الهيبسترز، ويُنتجون ثقافة هامشيّة داخل الثقافة الهامشيّة.
بشكلٍ غير مُفاجئ، بدأ التيّار في نيو يورك. الإمكانيات غير محدودة في المدينة، من الأسهل أن تكون مختلفًا، والمظهر الشاذّ لا يلفت أنظارًا مشبوهة. يجعل هذا الهيبسترز المسلمين يشعرون بارتياحٍ أكبر ليكونوا ما يريدون. في برلين أيضًا، “عاصمة الهيبسترز” العالميّة، والمدينة ذات النسبة المرتفعة من المهاجرين المسلمين، يمكن مشاهدة هذه الظاهرة بكمية كبيرة.
حتّى إنّ لديهم صفحةً على الفيس بوك صفحة على الفيس بوك، يرفعون فيها صُورًا، يتشاطرون الاختبارات، يشاركون موسيقى هامشيّة مثيرة للاهتمام، بشكل أساسيّ لمؤلفين ومؤلفات مسلمين، ويدعمون مناسبات، حفلات، ولقاءات خاصّة بـ”جماعة” الميبسترز.
توسّعت الظاهرة إلى درجة أنّ الميبسترز افتتحوا موقعًا للتعارُف يتيح لهم إيجاد رفقاء زواج داخل الإسلام، ولكن مع التوجُّه إلى الشبان الأكثر ليبراليّةً وانفتاحًا، ومع ملاءَمة أكبر لمجالات الاهتمام، نمط الحياة، وحتّى وجهات النظر. شِعار الموقع “Hipster Shaadi” هو قلب زهريّ داخله نظارات كبيرة وشارِب، رمزان هيبستريّان معروفان، وخلفه يبدو خطّ الأفق المدنيّ لنيويورك.
كُتب في الموقع: “هل أنتِ أيضًا نسويّة تعتقدين أنّ 90% من الرجال المسلمين هم خارج القائمة؟ أتريدين شخصًا يحبّ دراسة الحديث وذا رأسٍ منفتح؟ شخصًا يحبّ الطهو والحديث عن الفنّ والموضة؟ يبدو أنك لم تلتقي بعد بإخوتنا المتواضعين، الشجعان، والنسويين”! في أحد ملفات المستخدِمين الأكثر إثارةً للاهتمام في الموقع، كتب رجُل أنه يبحث عن زوجة تكون “حلالًا في الشوارع وحرامًا في غرفة النوم”.
في إسرائيل، لا تزال الظاهرة في بداياتها، ويمكن العثور على براعم لها في المدن المختلطة (مثل يافا، التي يسكن فيها اليهود، العرب المسيحيون، والعرب المسلمون معًا). يبدو أنّ الميبسترز في إسرائيل يقضون وقتهم إلى جانب الهيبسترز العاديين، لكنهم حتمًا يتعرفون واحدهم إلى الآخر عن بُعد، ويبدأون بتطوير مجتمَع خاصّ بهم.