منتدى العائلات الثكلى

مراسم الذكرى الإسرائيلية الفلسطينية عام 2018 (Tomer Neuberg/Flash90)
مراسم الذكرى الإسرائيلية الفلسطينية عام 2018 (Tomer Neuberg/Flash90)

“لون دموع العائلات الثكالى لا يختلف”

أفراد العائلات الثكالى من الجانب الإسرائيلي يلتقون أفراد العائلات الثكالى من الجانب الفلسطيني في تل أبيب ويوضحون لـ"المصدر" الذي حضر المراسم المشتركة ما الذي يتغلب على الفارق الهائل بينهم

لم يتخيل منظمو الذكرى الإسرائيلية الفلسطينية أنه سيشارك نحو سبعة آلاف إسرائيليّ في الذكرى. ولكن يبدو أنهم سيرسلون باقات أزهار احتفالا بالإنجاز الكبير إلى عدوهم وزير الدفاع أفيغدور ليبرمان، الذي حاول حظر مشاركة الفلسطينيين في المراسم، وأثار جدلا إعلاميا أدى إلى أن يشارك أكبر عدد من المشاركين في السنوات الـ 13 الماضية.

رغم الانتقادات الكبيرة التي أعرب عنها الإسرائيلييون ضد المراسم، ورغم تجاهل الفلسطينيين التام لهذه المعارضة تقريبا، قررنا حضور هذه المراسم وسماع آراء بعض المشاركين من العائلات الثكلى ومعرفة كيف ينجح أبناؤها في التغلب على الفجوة بين العدو المسؤول عن خسارة أعزائهم، وبين العائلات التي تشعر بألم وتعيش ثكلا شبيها.

رغم أني وصلت إلى المراسم ساعتين قبل بدئها، تلقيت تحذيرات في خيمة الصحافيين أنه قد تسود ضجة في المنطقة ويُفضل أن أجد مكانا ملائما أكثر لإجرءا المقابلات. ولكن مقابل الخيمة تقع المنصة التي يجري فيها المشاركون الاستعدادات الأخيرة، وأطلق المُتظاهرون من ورائها هتافات ضد إجراء المراسم. أثارت هذه المراسم ضجة كبيرة ومتواصلة. لا يولي الطاقم المسؤول عن إجرائها اهتماما للمعارضات والانتقادات التي تسمع ضدها منذ سنوات.

مراسم الذكرى الإسرائيلية الفلسطينية عام 2018 (Tomer Neuberg/Flash90)

“خائنون” قال متظاهر عبر مكبّر الصوت، ولكن لم يقل رامي إلحنان، ابن 68 عاما، الذي قُتلت ابنته في سن 14 عاما أثناء عملية إرهابية شيئا. “لا نحظى بمعاملة خاصة بصفتنا عائلات ثكلى”، أوضح. في السنتَين الماضيتَين بدأ إلحنان يشغل منصب المدير العامّ الإسرائيلي لمنتدى العائلات الثكلى، ويتعاون مع المدير العامّ الفلسطيني، مازن فرج.

يتحدث إلحنان بشكل مباشر وواضح . “نحن لا نتعانق، ولا نتباد القبل، ولا نأكل الحمص معا، ولكن نحارب الوضع الذي يسيطر فيه شعب على شعب آخر. ونؤمن أنه إذا حققنا التسوية، فسننجح في مهمتنا”، أوضح وأضاف: “يجمعنا عامل مشترك وهو معرفة أن الاحتلال أدى إلى وفاة أولادنا وأن هناك حاجة إلى حل النزاع عبر التحدث والتسوية وليس العنف”، هكذا وصف النشاطات المشتركة بين العائلات الثكلى من كلا الجانبين.

لم يؤمن إلحنان دائما بالتوصل إلى تسوية مع الفلسطينيين. فهو يصف نفسه بصفته كان متهكما، لم يؤمن بالأمل والحلم بمستقبل مشترك، حتى فقد أغلى ما عنده. “الكارثة التي تعرضت لها، واللقاء مع العائلات الثكلى الفلسطينية أديا إلى تغييري تغييرا جذريا”، أوضح. “التقيت والدة فلسطينية كانت تتقلد  صورة ابنها الذي كان عمره 6 سنوات عند وفاته، كما كانت زوجتي تتقلد قطعة مخروط عليها اسم ابنتنا سمدار، وقد تغييرت حياتي كليا بعد هذا اللقاء. كانت المرحلة التي مررت بها مميزة. فبعد أن اكتشفت الجانب الإنساني لدى الجانب الآخر، بدأت بخوض مرحلة طويلة من تقرير المصير مجددا، بصفتي إسرائيليا، يهوديا، وإنسانا”.

مراسم الذكرى الإسرائيلية الفلسطينية عام 2018 (Tomer Neuberg/Flash90)

وأوضح أن الألم والثكل، يشجعان على ممارسة نشاطات من أجل السلام، ويشكلان مسؤولية تجاه الأجيال القادمة. “وشعرت أنه رغم كوني ضحية، يجب أن تنتهي المعاناة في هذه اللحظة. وأنني لن أستخدم مأساتي لجعل الآخرين ضحايا أيضا. نحن نسعى إلى استغلال الاحترام الهائل المتبادل لدى العائلات الثكلى، ونلاحظ أن هذه العائلات تصغي إلينا”.

لقد خسرت روبي دملين ابنها في الحرب، بعد أن قتله قناص فلسطيني. وأصبحت اليوم المتحدثة باسم العائلات الثكلى. “انضممت إلى منتدى العائلات الثكلى بعد أن قُتِل ابني. بعد أن أخبرتني قوات الجيش عن وفاته. فقلت لها فورا: أرجو ألا تقتلوا أحدا انتقاما لابني. أردت منع تعريض الآخرين للألم الذي أشعر به. أضع قناعا على وجهي وأضحك، ولكن عندما أستيقظ كل يوم صباحا أواجه الألم من جديد. وعند الخلود للنوم ليلا، يكون لون الدموع شبيها لدى الجميع. لهذا يخاف الكثيرون من المراسم التي نجريها لا سيما أننا نثير الأحاسيس، ويصعب على الكثيرين مواجهة هذه الحقيقة”.

مراسم الذكرى الإسرائيلية الفلسطينية عام 2018 (Tomer Neuberg/Flash90)

وفق أقوال روبي، فقبل أن تخسر ابنها كانت ناشطة من أجل السلام مع الفلسطينيين، وكان ابنها ناشطا أيضا. “كان ابني ناشطا من أجل السلام. لا يفهم الأشخاص المعضلة التي يشعر بها ضابط شاب عندما يعود من الخدمة العسكرية ويقول لا أريد أن أخدم في الأراضي، ولكن ماذا يكون مصير الجنود الذي يعملون تحت إمرتي؟ وكان يوضح أنه نظرا لأن الخدمة العسكرية إلزامية، فسيحترم هذا القرار والجنود أيضا”.

ومع ذلك، وفق أقوالها، فهي تتعرض لتحديات حساسة أثناء النشاطات من أجل دفع الحوار مع الفلسطينيين قدما. “عندما ألقي القبض على الشاب الذي قتل ابني، شعرت بصعوبة كبيرة. ماذا يمر هذا الشاب المعتقل؟ أرسلت رسالة إلى عائلته. بعد ثلاث سنوات أرسل إليّ رسالة أوضح فيها أني مجنونة وطلب مني الابتعاد عن عائلته. كانت القضية معقدة. لقد خاف لأنه كان يُعتبر بطلا فلسطينيا بعد أن قتل عشرة أشخاص. وعرفت من والديه أنه شاهد في صغره كيف قتل الجنود عمه”.

مراسم الذكرى البديلة المشتركة للإسرائيليين والفلسطينيين ( Tomer Neuberg / Flash90 )

يدفع كل من روبي وإلحنان ثمنا باهظا إزاء دعمهما لمراسم الذكرى المشتركة. يوضح إلحنان أنه يسمع انتقادات قاسية من المقربين منه: “يقول لي أصدقائي إنني أصبحت مجنونا. وقد توقف الكثير من أصدقائي عن التحدث معي، وبالمقابل بدأ أشخاص كثيرون يتحدثون معي. لدي علاقة جيدة مع أشخاص كثيرين. ونحن نلقي محاضرات في أحيان كثيرة في المدارس، وهذه المهمة ليست سهلة. فهذه الخطوة أشبه بخوض جبل بركاني. وإذا أعرب طالب واحد في الصف في النهاية عن رضاه فهذه أعجوبة. عندها أشعر وكأنني أمنع سفك نقطة من الدماء. هناك أهمية كبيرة لنقطة الدماء في اليهودية. ونحن نتلقى ردود فعل رائعة من الشبان”.

ورغم التقارب الذي نشأ بيننا وبين الفلسطينيين في منتدى العائلات الثكلى ومراسم الثكل المشتركة، لا يخفي إلحنان أحاسيسه التي يشعر بها منذ مقتل ابنه. “أشعر بغضب أتوقع أنه سيرافقني دائما. السؤال الذي يُطرح ما الذي يمكن العمل مع هذه المشاعر. يمكن استخدامها استخداما سيئا أو جيدا. لقد كانت وفاة ابنتي كارثة ولكني لم أفقد صوابي. أعرف أنه إذا قتلت شخصا أو ألحقت به ألما فهذا لن يعيد ابنتي ولا يخفف من ألمي. ليس هناك أي حجر في القدس يستحق سفك نقطة دماء الأطفال الفلسطينيين والإسرائيليين على حد سواء”.

اقرأوا المزيد: 853 كلمة
عرض أقل
الأديب الإسرائيلي ديفيد غروسمان (Flash90 / Tomer Neuberg)
الأديب الإسرائيلي ديفيد غروسمان (Flash90 / Tomer Neuberg)

أديب إسرائيلي: يجب بناء بيت للفلسطينيين لننعم في بيتنا

الأديب الإسرائيلي المعروف، ديفيد غروسمان، الحائز على جائزة "مان بوكر" العالمية، الذي فقد ابنه حين كان جنديا، ينقل رسالة تصالح للفلسطينيين ورسالة لاذعة إلى حكومة إسرائيل ويثير ردود فعل غاضبة في مراسم ذكرى لعائلات فلسطينية وإسرائيلية

ألقى الأديب الإسرائيلي، ديفيد غروسمان، الحائز على جائزة إسرائيل في الأدب العبري، خطابا أمس (الثلاثاء) في مراسم الذكرى البديلة المشتركة للإسرائيليين والفلسطينيين، التي جرت في تل أبيب. شارك في المراسم التي أقامها “منتدى العائلات الثكلى الإسرائيلية – الفلسطينية” نحو 7.500 شخص.

تحدث غروسمان في خطابه عن ابنه أوري، طيب الذكر، الذي سقط في حرب لبنان الثانية. “خسرت أنا وعائلتي ابننا أوري في الحرب، وقد كان جنديا شابا، ذكيا، طيبا، ورائعا، والآن وبعد مرور 12 عاما، ما زال من الصعب التحدث عنه علنا”، قال غروسمان. “تشكل وفاة شخص محبوب وفاة ثقافة شخصية كاملة، لمرة واحدة، تتميز بلغة وسر خاص بها، ولن تظل أكثر”.

لقد اختار غروسمان نقل رسالة تصالح وسلام وأوضح: “الإبداع والحزن يشكلان تواصلا. يمكن للأعداء أيضا أن يتعاطفوا مع الثكل بسبب الحزن. نحن إسرائيليّين وفلسطينيين فقدنا أغلى ما عندنا، وربما أعز من روحنا، ونحن نتطرق إلى الواقع عبر جرح ما زال مفتوحا”. وأضاف: “إذا لم يكن منزل لدى الفلسطينيين، فلن يكون منزل لدى الإسرائيليين أيضا”.

مراسم الذكرى البديلة المشتركة للإسرائيليين والفلسطينيين (Tomer Neuberg / Flash90)

في تتمة خطابه، هاجم غروسمان بشدة رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع أفيغدور ليبرمان، وانتقد إدارة إسرائيل بشدة وتعاملها مع الفلسطينيين. “في حين تقمع إسرائيل شعبا طيلة 70 عاما وتتبع سياسة الأبارتهايد لا تظل منزلا لنا، وعندما يمنع وزير الدفاع الفلسطينيين داعمي السلام من المشاركة في لقاء داعمي السلام، لا تظل منزلا للفلسطينيين. عندما تسعى إسرائيل إلى عقد صفقات مع أوغندا ورواندا لطرد لاجئين وتعريضهم للموت، لا تظل منزلا للجميع. عندما يحرض رئيس الحكومة ضد منظمات حقوق الإنسان ويحاول سن قوانين تعمل خلافا لقرارات المحكمة لا تظل إسرائيل منزلا للجميع”، قال غروسمان.

أثارت أقوال غروسمان غضبا عارما لدى الكثير من الإسرائيليين، الذين كتبوا ردود فعل غاضبة في شبكات التواصل الاجتماعي. “على الكتّاب عامة والكبار خصوصا، وليس مهم من لأية جهة من الخارطة السياسية ينتمون، سواء كانوا من اليمين أو اليسار أن يشتهروا عبر أعمالهم الفنية وليس عبر آرائهم السياسية”، غرد أحد المتصفِّحين في تويتر.

وتطرق متصفح آخر إلى أقوال غروسمان فيما يتعلق بالفلسطينيين كاتبا: “يُحظر على ديفيد غروسمان أن يستغل الثكل ليعرب عن آرائه، ولا يجوز له التحدث عنه في هذا اليوم أيضا”. بالتباين، أعرب متصفح آخر عن دعمه لغروسمان وكتب: “تعرض غروسمان القدير لوابل من الشتائم وأشعر بالشفقة تجاه جيل جاهل نشأ في إسرائيل وحُظر عليه طرح أسئلة وترعرع على كراهية والد ثكل لأنه يفكر خلافا لما يفكرونه فيه”.‎ ‎

اقرأوا المزيد: 362 كلمة
عرض أقل
صورة من لقاء أفراد عائلات إسرائيلية فلسطينية
صورة من لقاء أفراد عائلات إسرائيلية فلسطينية

المحكمة العليا تسمح ل90 فلسطينيا المشاركة بمراسم ذكرى في تل أبيب

واحدة من القضاة في الجلسة الخاصة التي نظرت في قرار ليبرمان منع فلسطينيين من المشاركة في مراسم ذكرى إسرائيلي – فلسطيني ثكلت ابنها في عملية فلسطينية وكتبت أن مشاركة الفلسطينيين تبعث رسالة تآخي وسلام

17 أبريل 2018 | 11:29

محكمة العدل العليا تقلب قرارا لوزير الدفاع الإسرائيلي منع ممثلين فلسطينيين الوصول إلى حفل الذكرى المشترك للعائلات الثكلى الإسرائيلية – الفلسطينية في تل أبيب: أصدرت محكمة العدل العليا، اليوم الثلاثاء، قرارا يلغي أوامر لوزير الدفاع، أفيغدور ليبرمان، بمنع أفراد عائلات فلسطينية ثكلى من دخول إسرائيل للمشاركة بحفل مشترك إسرائيلي فلسطيني للعائلات الثكلى في تل أبيب، استجابة لطلب منظمي الحفل الذين قدموا استئنافا ضد قرار ليبرمان.

وقرر 3 قضاة محكمة العدل العليا، برئاسة رئيسة المحكمة، إستير حيوت، السماح ل90 فلسطيني من الدخول إلى إسرائيل على وجه عاجل للمشاركة في الحفل الذي سيعقد اليوم مساءً في تل أبيب. وكتب القضاة في قرارهم أن اعتبارات ليبرمان لمنع الفلسطينيين من المشاركة في الحفل تفتقر إلى مراعاة مشاعر العائلات الإسرائيلية الثكلى الذين يريدون إقامة حفل مشترك مع الفلسطينيين.

واللافت في قرار المحكمة أن إحدى القضاة الذين بتّوا في القضية ثكلت نجلها في عملية نفذها فلسطيني، وهي القاضية عنات برون، والتي كتبت أن مشاركة الفلسطينيين تحمل رسالة طيبة وسلمية وأن الدولة لم توفر أسبابا مقنعة لرفضها الشامل لدخول الفلسطينيين.

وكان وزير الدفاع الإسرائيلي قد أعلن، أمس الاثنين، أنه يرفض التسوية التي اقترحها قضاء محكمة العدل العليا السماح لدخول وفد فلسطيني ممثل للعائلات الفلسطينية الثكلى للمشاركة في حفل الذكرى المشترك إثر الاحتجاج على قرار ليبرمان من قبل منظمي الحفل المشترك وتقديم شكوى للمحكمة.

وكتب ليبرمان أنه يحترم الهيئة القضائية العليا في إسرائيل لكنه لن يسمح بدخول إي فلسطيني إلى إسرائيل للمشاركة في الحفل وذلك لأن الحفل المشترك الذي يتزامن مع يوم ذكرى الشهداء الرسمي لإسرائيل يمس بمشاعر العائلات الثكلى الإسرائيلية حسب وصف ليبرمان. وأضاف أن يوم ذكرى الشهداء يعد يوما رسميا مقدسا ويجب أن يبقى كذلك.

وكان منظمو الحفل، حركة مقاتلين من أجل السلام الإسرائيلية ومنتدى العائلات الثكلى الإسرائيلي الفلسطيني ، قد قدموا شكوى للمحكمة مطلع الأسبوع احتجاجا على قرار ليبرمان منع 202 أفراد عائلات ثكلى فلسطينية من الدخول إلى إسرائيل. وكتب المحتجون أن قرار ليبرمان لم ينبع من اعتبارات موضوعية أو أمنية لأن القرار كان شاملا.

وأضاف هؤلاء أن دخول فلسطينيين للمشاركة بحفل مشترك يحمل رسالة سلام وتضامن ولا يمكنه أن يمس بمشاعر أحد، مشددين على ضرورة السماح للفلسطينيين المشاركة في الحفل الذي سيعقد اليوم مساءً وفق الأحكام العسكرية التي تقضي بتفتيش الفلسطينيين.

اقرأوا المزيد: 341 كلمة
عرض أقل