يُذكر أن المواجهات في الأيام الثلاثة الماضية أسفرت عن مقتل أربعة قتلى وعشرات الجرحى الفلسطينيين وذلك في أعقاب الخطاب الذي اعترف فيه الرئيس الأمريكي بالقدس عاصمة لإسرائيل. لم يُشعل إعلان ترامب انتفاضة جديدة حتّى الآن، كما هدد بعض القادة الفلسطينيين، على الرغم من أن نهاية الأسبوع كانت متوترة في القدس والضفة الغربية وبشكل رئيسي في حدود قطاع غزة.
ومنذ إعلان ترامب مساء الأربعاء، تنافست السلطة الفلسطينية وحماس في إدانة هذا الإعلان واحتجتا ضد إسرائيل والولايات المتحدة. وقد زاد زعيم حماس، إسماعيل هنية، من هذه التوترات بعد أن أعلن أن هذا هو الوقت المناسب لاندلاع الانتفاضة الثالثة. ولكن كانت الاستجابة الجماهيرية ضئيلة إلى حد معيّن. يوم أمس (السبت) ويوم الجمعة، شارك الآلاف من الفلسطينيين في مظاهرات في أنحاء الضفة الغربية، انتهى بعضها بإلقاء الحجارة على قوات الجيش الإسرائيلي عند نقاط التفتيش والطرقات الرئيسية.
وأدت تعليمات إطلاق النار الصارمة التي عملت قوات الجيش الإسرائيلي بموجبها إلى أن يكون مستوى المواجهات منخفضا نسبيا، وقد أصيب العديد من الفلسطينيين جراء استنشاق الغاز المُسيل للدموع. ذكر الجيش أنه لم يكن هناك إطلاق نار على المتظاهرين في الضفة الغربية، بل أطلِقت النيران في الهواء فقط وأطلِق رصاص مطاطي. سعت السلطة الفلسطينية إلى عرض قوتها على نطاق واسع ضمن الالتزام بالسيطرة، والحفاظ على التنسيق الأمني مع إسرائيل، الذي استؤنف مؤخرا فقط بعد أزمة البوابات الإلكترونية في الحرم القدسي الشريف في شهر تموز الماضي.
لم يُقنع العدد المحدود للمتظاهرين أن الإعلان الأميركي أثار غضب الفلسطينيين في الشارع بشكل مماثل لمستوى الغضب لدى القيادة الفلسطينية. ومع ذلك، وبطريقة غير عادية جدا في السنوات الأخيرة، وربما كجزء من محادثات المصالحة بين الجانبين، نظمت حركة فتح وحماس مظاهرة مشتركة في الخليل، رُفِعت فيها أعلام حماس عَلَنًا، للمرة الأولى، منذ سنوات في الضفة.
في نهاية هذا الأسبوع، كان قطاع غزة الموقع الرئيسي الأكثر توترا، إذ أطلق نشطاء سلفيون متطرفون صواريخ باتجاه النقب خلال ثلاث مرات. في إحدى الحالات، اعترضت منظومة القبة الحديدية صاروخا، وفي حالة أخرى انفجر صاروخ في مدينة سديروت، مما تسبب في وقوع أضرار ونوبات من الذعر. وورد أن القوات الجوية الإسرائيلية أطلقت النيران على نشيطين من نشطاء حماس وأنهما قُتِلا أثناء تفجيرات مقرات ومستودعات تابعة للجناح العسكري لحماس في إطار السياسة الإسرائيلية التي تفرض على حكومة حماس مسؤولية كبح أنشطة المنظمات الصغيرة.
وفي وقت سابق، أفادت التقارير أن فلسطينيين قُتِلا بنيران قوات الجيش الإسرائيلي أثناء اشتباكات جرت بالقرب من السياج المحيط بالقطاع، شرقي خان يونس. خلافا لإطلاق الصواريخ، في هذه الحالة من الواضح أن حماس هي التي تتزعم التظاهُرات. ولكن في قطاع غزة، كما هو الحال في الضفة الغربية، من الواضح أن حماس تتمالك نفسها في تعاملها مع إسرائيل. وبناء على ذلك، فإن رد الجيش الإسرائيلي كان محدودا نوعا ما ولم يمنع الحركتين من العودة إلى الهدوء المتوتر الذي يُميّز علاقاتهما منذ انتهاء عملية “الجرف الصامد” في قطاع غزة في آب 2014.
مع ذلك، فإن الوضع في غزة لا يزال متوترا لأسباب أخرى، ليست ذات صلة مباشرة بإعلان ترامب. حتّى الآن، قد جُمّد اتفاق المصالحة بين السلطة الفلسطينية وحماس وتم تأجيل تنفيذه. يمكن أن يُسهم الإحباط العام في قطاع غزة بسبب عدم تنفيذ الاتفاق وفتح معبر رفح الذي وعدت به حماس السكان في زيادة التوتر مع إسرائيل. وفي الخلفية، ما زالت نشاطات المنظومة الأمنية الإسرائيلية مستمرة لإقامة الجدار ضد الأنفاق بعد الكشف عن نفق هجومي حفره الجهاد الإسلامي على الحدود في نهاية تشرين الأول. وتسببت هذه الخطوات أيضا في إثارة بعض الغضب لدى المنظمات الإرهابية في قطاع غزة.
دوليا، انتهت ردود الفعل على الخطوة الأمريكية بسلسلة من الإدانات وجهتها الدول الإسلامية والعربية، البيانات التحفظية التي وجهتها الحكومات الغربية، والاحتجاجات في العديد من العواصم الإسلامية. تشكل الأحزاب التابعة لجماعة الإخوان المسلمين المصدر الأكبر للضجة. لذلك، ليس من المُستغرب أن تشجب تركيا إعلان ترامب، وتعقد مؤتمرا لقادة الدول الإسلامية في أنقرة يوم الأربعاء المقبل.
نُشر هذا المقال للمرة الأولى في صحيفة “هآرتس”