يعاني عشرات الأطفال البدو في النقب (جنوب إسرائيل) من مرض نادر، يحدث بسب خلل وراثي نادر يمنع من الأطفال أن يشعروا بالضرر الجسماني الذي يتعرضون له، ويُؤدي إلى إصابات وإعاقات، وإلى الموت أيضا في حالات كثيرة.
يُدعى الخلل الذي يعاني منه الأطفال البدو CIPA, (Congenital Insensitivity to Pain with Anhidrosis )، عدم الإحساس الخلقي بالألم. يعني نقص التعرّق أنه بالإضافة إلى أن الأطفال لا يشعرون بالألم فهم غير قادرين على التعرّق. إن احتمال نقل هذا الخلل الوراثي وراثيا يتحقق عندما يحمل الوالدان نسخة من الجين المُصاب وبهذه الطريقة فقط يُنقل الخلل وكذلك المرض النادر إلى الأطفال البدو. إذا نقل أحد الوالدين نسخة من الجين المُصاب، فيكون ابنهما سليما، ولكنه يحمل الجين المُصاب لـ CIPA.
وثق أطباء في أنحاء العالم بضع مئات الحالات من عدم الإحساس الخلقي بالألم حتى اليوم. في صحراء النقب في إسرائيل، المرض شائع جدا لذلك يخصص الأطبّاء في مستشفى سوروكا، في بئر السبع، أياما ثابتة في الأسبوع لعلاج الأولاد المرضى.
وقال الأطباء المسؤولون الذين يعالجون هؤلاء الأطفال في مستشفى سوروكا لصحيفة “هآرتس” إن المشاكِل الطبية التي حدثت نتيجة الخلل الوراثي متنوعة بدءا من الحروق، الكسور، وحتى التلوثات الصعبة. وجاء أيضا في صحيفة “هآرتس” التي استطلعت الحالات الحادة التي وصلت إلى المستشفى لتلقي العلاج، أن “الكثير من الأزواج البدو يتزوجون من أبناء القبيلة، ويكونون أقرباء من الدرجة الأولى في الكثير من الأحيان. بهدف التغلب على حالة CIPA، من الضروري أن يكون الوالدان حاملي عوامل وراثية متنوعة أكثر”.
مستشفى سوروكا في بئر السبع (Flash90\Miriam Alster)
وتكمن المشكلة في أن جهاز المناعة لدى مرضى CIPA أضعف من جهاز المناعة لدى الأشخاص المتعافين. حتى أن الجروح الصغيرة قد تؤدي إلى تلوثات لديهم، قد تنتهي بتسمم دموي جراثيمي مهدد للحياة. لذلك يصل معظم المرضى إلى المستشفى بشكل ثابت لتلقي العلاج.
النقب هو منطقة جافة. عند خروج المواطنين من المدينة الجنوبية الكبيرة في بئر السبع، يتنفسون غبارا، يمرون عبر مبان حديدية، وبنايات مبنية من البطون البسيط. تؤدي طرق ترابية إلى البلدات البدوية. يعيش أكثر من نصف السكان البدو في النقب (210,000 بدوي) في هذه البلدات، ويعيش معظم السكان تحت خطّ الفقر.
يحاول والدو الأطفال الذين يعانون من CIPA باستمرار معرفة كم من الحرية يمكن منحها لأطفالهم وإلى أي مدى يجب حمايتهم. لا يستطيع هؤلاء الأطفال إدارة طفولة عادية لأن كل إصابة قد تؤدي إلى تلوث ومن ثم الوصول إلى المستشفى.
يكافح زعماء القبائل وشيوخ كثيرون ضد زواج الأقارب وحتى أن الكثير منهم يتحدثون عن أهمية الزواج المختلط في أيام الجمعة في المساجد أيضا. قبل عشرات السنوات، عندما كانت المجموعة السكانية في النقب أصغر، كان من السهل تجاهل بعض حالات CIPA . ولكن النساء يلدن اليوم ما معدله ثمانية أطفال. وقد ازداد حجم السكان بشكل ملحوظ منذ الخمسينيات، وازداد عدد الأطفال المرضى أيضًا.
يوصي الشيوخ في النقب للأزواج المخطوبين أن يجتازوا فحوصا وراثية قبل الزواج للتأكد من عدم وجود عوامل وراثية شبيهة كبيرة بينهم. ويتحدث الشيوخ أيضا مع نساء حوامل حول أفضليات التشخيص قبل الولادة ويبارك جزء منهم أيضا النساء اللواتي يقررن عدم متابعة الحمل عند وجود شك لحدوث المرض.
صحيح أن التغيير بطيء إلا أنه يحدث في المجتمَع البدوي. فقد نجح الأطبّاء في سوروكا، والشيوخ المحليون في خفض عدد المولودين الذين يعانون من CIPA، باستمرار.
المصدر الأقرب إلى الحدث الإسرائيليّ
تلقّوا نشرتنا اليوميّة إلى بريدكم الإلكتروني