الأقباط في الشرق الأوسط: بين القاهرة والقدس (AFP)
الأقباط في الشرق الأوسط: بين القاهرة والقدس (AFP)

الأقباط في الشرق الأوسط: بين القاهرة والقدس

حظر زيارة القدس، استفزاز الفتيات المسيحيات القبطيات في القاهرة ومضايقتهنّ، وسياحة الحجّ المزدهرة في عيد الفصح هي مزيج من العلاقات المعقّدة بين الأقباط، إسرائيل، ومصر

تُعتبَر الإزالة التدريجية للحواجز الجسدية بين الأقليات في الدول العربية المختلفة أحدَ الآثار الكثيرة للربيع العربي. وإحدى الحالات الخصوصية في هذا المجال هي الحضور المتزايد للحجّاج الأقباط في الأماكن المقدسة للعالَم المسيحي في القدس.

نذكر بدايةً أنه بعد التوقيع على معاهدة السلام بين إسرائيل ومصر، قرّر زعيم الكنيسة القبطية السابق، البابا شنودة الثالث (رحل عام 2012)، منعَ الأقلية القبطية في مصر من زيارة القدس “ما دامت تحت الاحتلال”، وما دام لم يجرِ حلّ القضية الفلسطينية. لكنّ البابا الحالي، تواضروس الثاني، بدأ عملية تغيير هذه السياسة.

أقباط مصر (AFP)
أقباط مصر (AFP)

فعلى سبيل المثال، أثار البابا تواضروس الثاني ضجة كبيرة في مصر والدول العربية حين قرّر زيارة القدس في تشرين الثاني 2015، للمشاركة في تشييع مطران الكنيسة القبطية للكرسي الأورشليمي، الأنبا أبراهام، الذي توفي حينذاك. وسرت شائعات في مصر أنه سافر في الطائرة نفسها التي سافر فيها السفير الإسرائيلي في القاهرة، الذي كان متوجها لقضاء عطلته الأسبوعية في إسرائيل. وكما ذُكر آنفًا، كان الأقباط قد توقّفوا عن زيارة أماكنهم المقدسة في القدس منذ حرب العام 1967.

يُذكَر أنّ هذه الزيارة النادرة لم تأتِ من فراغ. فمنذ وفاة شنودة عام 2012، وهو الذي أدان بشدة زيارة الأماكن المقدسة في القدس، ينتهز عدد متزايد من الأقباط غياب سياسة واضحة من أجل زيارة القدس في رحلات جوية مباشرة من مصر.

البابا تواضروس الثاني (AFP)
البابا تواضروس الثاني (AFP)

وإذا لم يكن ذلك كافيًا، بدأ الإعلام المصري قُبَيل عيد الفصح كلّ عام (بدءًا من سنة 2011 مع اندلاع أحداث الربيع العربي) يُثير السؤال: هل تنسجم زيارات الأقباط إلى القدس مع السياسة العربية تجاه إسرائيل؟

لا شكّ أنّ عادة الحجّ، التي تواصلت لقرون، في موسم عيد الفصح عمومًا، كانت أحد مصادر فخر الكنيسة القبطية في مصر. فالحجّ القبطي، المؤسس على رواية الكتاب المقدس حول فرار مريم، يوسف، والطفل يسوع إلى مصر من حُكم الملك هيرودس بالموت، مثّل العلاقة الخصوصية بين الكنيسة في مصر وبين البلاد المقدسة المجاورة. وكواحدة من الطوائف المسيحية الصغرى في القدس، لدى الكنيسة القبطية أملاك متواضعة في كنيسة القيامة، أضحت مراكز زيارة وجدانية بالنسبة للحجّاج الأقباط المصريين على مدى أجيال. ولكن بعد حرب الأيام الستة (نكسة 1967) وفرض السيادة الإسرائيلية على البلدة القديمة في القدس، توقف هذا التقليد ولم يُستأنَف حتى بعد التوقيع على اتّفاق السلام مع مصر.

مطران الكنيسة القبطية للكرسي الأورشليمي، الأنبا أبراهام (AFP)
مطران الكنيسة القبطية للكرسي الأورشليمي، الأنبا أبراهام (AFP)

مجتمع صغير، أقلية دينية كبيرة

الأقباط هم إحدى أقدم الطوائف المسيحية في الشرق الأوسط. فقد كان معظم سكّان مصر مسيحيين حتّى ظهور الإسلام في القرن السابع، حين اعتنق الملايين الإسلام. وطوال التاريخ، شهد الأقباط فترات تمييز وفترات راحة بشكل متقطّع. فخلال العقود الثلاثة لعهد مبارك على سبيل المثال، نعم الأقباط بهدوء نسبي، ولكنهم بقوا ضحية للتمييز في الجامعات، الشرطة، والوظائف الحكومية. ولا تخلو الروايات الشعبية الواسعة الانتشار في مدن مصر الكبرى من الحديث عن فتيات قبطيات اختُطفنَ وأُكرهنَ على اعتناق الإسلام.

أقباط مصر (AFP)
أقباط مصر (AFP)

مع تولي محمد مرسي، المنتمي إلى الإخوان المُسلمين، رئاسة الجمهورية في حزيران 2012، ساد ذُعر لدى الأقباط في مصر ممّا قد يخبئه لهم المستقبل. بشكل عامّ، يُعارض الإخوان المُسلمون ممارسة العنف ضدّ الأقباط. فخلال عهده الرئاسي، أدان مُرسي مضايقة الأقباط، رغم أنه حمّلهم المسؤولية عنها، واهتمّ بتعيين أقباط في مناصب وزارية واستشارية في حكومته. أمّا مَن يُعتبَرون أعداء الأقباط فهم السلفيون، الذين تحالفوا مع الليبراليين في الاحتجاجات الأخيرة للإطاحة بمرسي.

https://www.youtube.com/watch?v=zgmO_W7ZHkU

يُشكّل الأقباط، البالغ عددهم 8 – 10 ملايين في مصر (من أصل نحو 50 مليونًا في العالم، بشكل أساسي في إثيوبيا، إريتريا، ومصر) نحو عُشر سكّان مصر والأكثرية الساحقة من المسيحيين فيها. وهم يسكنون في المدن الكبرى، مثل القاهرة والإسكندرية. ومنذ الانقلابَين اللذَين أطاحوا بالرئيسَين محمد حسني مبارك ومحمد مرسي، يُعاني الأقباط من مُضايَقات متكررة.‎ ‎فقد قُتل العشرات منهم في مواجهات في السنوات الخمس الأخيرة، أُحرقت كنائس، وأخبرت منظمات حقوق الإنسان عن الاعتداء على نساء يُضربنَ ويُكرهنَ على ارتداء الحجاب والتفوّه بالشهادتَين.

ومنذ عقود، يُغادر أفراد الطبقة الوسطى والمثقفون الأقباط مصر والشرق الأوسط – إلى الولايات المتحدة، بريطانيا، وأستراليا – بحثًا عن تعليم أفضل ومستقبل مهنيّ واعد أكثر.

الأقباط في إسرائيل

هل تنسجم زيارات الأقباط إلى القدس مع السياسة العربية تجاه إسرائيل؟ (Flash90/Nati Shohat)
هل تنسجم زيارات الأقباط إلى القدس مع السياسة العربية تجاه إسرائيل؟ (Flash90/Nati Shohat)

تعود الشهادات على حُضور للأقباط في القدس إلى أوائل القرن الميلادي التاسع. ومنذ عام 1236، عُيّن مطران قبطي على القدس، ولا تزال المطرانية القبطية موجودة فيها مذّاك. مبنى المطرانية موجود في دير مار أنطونيوس، المجاوِر لكنيسة القيامة. إضافة إلى ذلك، يمتلك الأقباط بعض أماكن الصلاة في كنيسة القيامة.

ويدور صراع قديم بين الأقباط وبين الكنيسة الإثيوبية حول ملكية دير السلطان، بناية موجودة على سطح كنيسة القيامة. وكان هذا النزاع قد نشأ حين سيطرت الشرطة الإسرائيلية في عيد الفصح عام 1970 على الأملاك القبطية في “دير السلطان”، إذ استبدلت الشرطة الأقفال في البطريركية القبطية وسلّمت المفاتيح لجيرانهم – رهبان الكنيسة الحبشية. نُظر إلى نقل المفاتيح إلى الرهبان الأحباش تحديدًا، إثر العلاقات الشائكة بين الكنيستَين وصراعهما التاريخي على “دير السلطان”، كخطوة استفزازية تهدف إلى تحسين العلاقات بين إسرائيل وإثيوبيا، وذلك إثر العلاقات السيئة بين إسرائيل ومصر قبل توقيع معاهدة السلام بينهما. يسكن اليوم في المبنى رهبان إثيوبيون وراهب قبطي واحد. وبسبب النزاع، فإنّ المبنى اليوم في حالة سيّئة.

يسكن معظم الأقباط في القدس في خان الأقباط، مبنى في حيّ النصارى بُني عام 1838. ولا يتعدى عدد الأقباط في القدس اليوم عشرات العائلات. كما يسكن بعض الأقباط في الناصرة، ويحملون اسم العائلة “قبطي” ويبلغ عددهم نحو ألفَين. في مدينة يافا الساحلية، كانت هناك جماعة قبطية لديها كنيسة ونزل، لم يبقَ منها اليوم سوى قليلين. كما يسكن عدد من العائلات المسيحية التي تحمل الاسم “قبطي” في مدينة حيفا.

زيارة القدس: علنًا أم سرًّا

لدى الكنيسة القبطية أملاك متواضعة في كنيسة القيامة (Flash90)
لدى الكنيسة القبطية أملاك متواضعة في كنيسة القيامة (Flash90)

انتُخب البابا تواضروس الثاني في تشرين الثاني 2012 لقيادة الكنيسة القبطية في مصر، وسُرعان ما واجه القضية. فقد ذكرت الصحافة المصرية أنّ هذا كان السؤال الأول الذي وجّهه إليه أفراد المجتمع القبطي. من أجل بلورة إجابة مدروسة، التأم “المجمع المقدس” للأساقفة في مصر برئاسته، وأعاد بحث المسألة. في النهاية، قرّر المجمع، مخيّبًا آمال أقباط عديدين، الإبقاء على الوضع القائم وعدم السماح للمعنيين بزيارة القدس أن يفعلوا ذلك. وكانت اعتبارات المجمع مبرّرة، إذ كان وضع الأقباط في مصر حسّاسًا حينذاك، إثر تعزيز مكانة الشريعة الإسلامية في الدستور المصري الذي كانت تتمّ صياغته. استنادًا إلى ذلك، اختار قادة الطائفة عدم التسبّب باحتكاك غير ضروريّ بين الأقباط وجيرانهم المُسلمين.

في شباط 2014، نُشر أنّ نحو 10 آلاف قبطي زاروا القدس عام 2013. وفي مصر، يعمل نحو عشرين شركة سفر على نقل الحجاج الأقباط ضمن رحلات منظّمة مدّتها أسبوع إلى القدس في أعياد الفصح. يتراوح سعر رحلة كهذه بين 9000-10000 جنيه مصري، وهي منوطة طبعًا بموافقة إسرائيل، التي تُمنَح للنساء والأطفال والرجال المولودين بعد عام 1970. قُبَيل عيد الفصح عام 2014، كتب الصحفي مجدي نجيب وهبة في موقعه على الإنترنت “صوت الأقباط المصريين” (مُغلَق حاليًّا) مقالة استثنائية في حدّتها حول الحظر الكنيسي على زيارة القدس. فقد انتقد البابا شنودة وخلفه، متّهمًا إياهما بالانجراف نحو الجوّ السياسي العربي ضدّ إسرائيل، ممّا أفاد القوى المعادية لمصر أيضًا. ولم يُخفِ وهبة في المقالة دعوته إلى عصيان الكنيسة وزيارة القدس.

أقباط مصر (AFP)
أقباط مصر (AFP)

تدلّ هذه الأقوال، التي تتحدى المؤسسة الكنسية القبطية من جهة وقواعد النقاش السياسي المصري من جهة أخرى، على تطوّرات في السلوك السياسي والاجتماعي للأقباط في مصر ونظرتهم إلى إسرائيل والمجتمع القبطي الصغير الذي لا يزال موجودًا في إسرائيل. صحيح أنّ النقاش حول الحجّ القبطيّ يتمّ على هامش الأحداث التاريخية التي تعيشها مصر اليوم، لكن لهذا السبب تحديدًا يمكن أن يدلّ على تعقيد الأحداث الجارية.

ففيما كان يبدو أنّ المجتمع في مصر يمرّ بعملية تسييس مُسرَّعة، يُبيّن الأقباط أنّ زيارة القدس هي شأن دينيّ بحت، لا يجب أن يُنسَب له أيّ معنى سياسي. وفيما كان يبدو أنّ الشارع المصري ينحو نحو التطرّف في شأن التطبيع مع إسرائيل، يجد الكثيرون من المسيحيين والمسلمين أنفسهم يزورونها أو يتعاونون معها، علانية أو في الخفاء.

نُشر جزء من المعلومات في هذا التقرير، حول العلاقة بين الأقباط المصريين والقدس، للمرة الأولى في مقالة للباحث الإسرائيلي، دوتان هليفي، في موقع منتدى التفكير الإقليمي

اقرأوا المزيد: 1181 كلمة
عرض أقل
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي (AFP)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي (AFP)

توجه السيسي الجديد نحو العلاقات المصرية الإسرائيلية

شهدت العلاقات المصرية-الإسرائيلية نمو غير مسبوق خلل فترة حكم السيسي، والتي كانت في كثير من الأحيان، مدفوعة من قبل السيسي نفسه

منذ أن تدخلت المؤسسة العسكرية المصرية في الحياة السياسية، وأطاحت بالرئيس الأسبق محمد مرسي في 3 يوليو 2013، وهناك حالة ترقب لكيفية تعامل وزير الدفاع الفريق عبد الفتاح السيسي مع الجانب الإسرائيلي، وذلك بعد أن شهدت العلاقات بين البلدين نوعا من الفتور خلال فترتي حكم المجلس العسكري والرئيس الأسبق محمد مرسي، حيث اعتمدت العلاقات بين الطرفين حينذاك، على واشنطن كوسيط للتفاوض. وقد كانت أزمة اقتحام السفارة الإسرائيلية في مصر خلال سبتمبر 2011، أحد الأسباب الرئيسة وراء فتور العلاقات بين البلدين.

هجوم على السفارة الإسرائيلية في القاهرة عام 2011 (AFP)
هجوم على السفارة الإسرائيلية في القاهرة عام 2011 (AFP)

ويذكر أن تصاعد الأزمة السياسية في مصر بين المعارضة العلمانية ونظام الإخوان المسلمين؛ قد ألقى بظلاله على العلاقات المصرية الإسرائيلية، والتي توترت نتيجة إرسال رئيس الوزراء الأسبق هشام قنديل لقطاع غزة أثناء عملية “عامود السحاب” في نوفمبر 2012، ومحاولات التقارب مع إيران.

تصاعد الأزمة السياسية في مصر بين المعارضة العلمانية ونظام الإخوان المسلمين؛ قد ألقى بظلاله على العلاقات المصرية الإسرائيلية

كما أن إسرائيل كانت من الدول السباقة إلى تأييد النظام العسكري الجديد في أعقاب التحرك العسكري في 3 يوليو، بل إنها قامت بإطلاق حملات دبلوماسية في واشنطن والعواصم الأوروبية الكبرى من أجل دعم الوضع السياسي الجديد في مصر، حتى لا يصنف في خانة الانقلابات العسكرية، وحتى تمنع أي محاولات لفرض حصار دبلوماسي على القاهرة. ولم تمر هذه الجهود دون مردود، حيث شهدت العلاقات المصرية-الإسرائيلية نمو غير مسبوق خلل فترة حكم السيسي، والتي كانت في كثير من الأحيان، مدفوعة من قبل السيسي نفسه.

لقد تولى الفريق عبد الفتاح السيسي زمام الأمور في البلاد، باعتباره الحاكم الفعلي بعد الإطاحة بحكم الإخوان، وكانت سيناء وما يحدث فيها من إرهاب، وتصاعد نشاط الجماعات الجهادية، واستهداف تلك المجموعات لمعسكرات الجيش وكمائنه؛ كانت بمثابة الاختبار الأول للسيسي، لذلك استند الرجل في عملياته العسكرية المستمرة ضد الإرهاب في سيناء؛ إلى شراكته الاستراتيجية والأمنية مع إسرائيل، والتي أعطت الضوء الأخضر للقوات المصرية لتنتشر في مناطق واسعة داخل شمال سيناء “المنطقة ب، والمنطقة ج “، حتى تتمكن من مواجهة الجماعات التكفيرية والمسلحة بالسلاح الثقيل والمدرعات والطلعات الجوية.

عناصر جهادية من غزة تتدرب في سيناء
عناصر جهادية من غزة تتدرب في سيناء

وقد جاءت تلك العمليات العسكرية على عكس ما ينص عليه الملحق الأمني من اتفاقية كامب ديفيد. ومن ثم، باتت مواجهة الجماعات المسلحة في سيناء من أهم الملفات الأمنية بين البلدين. حيث صارت إسرائيل تتعاون مع مصر، من خلال قيامها بعدة طلعات جوية استخباراتية؛ للكشف عن بؤر الإرهابيين. وكل ذلك في إطار سري، إذ لم تكن القاهرة لتعلن للرأي العام المحلي طبيعة شراكتها الأمنية/ العسكرية مع تل أبيب، حتى تتفادى الجدل.

استند السيسي في عملياته العسكرية المستمرة ضد الإرهاب في سيناء؛ إلى شراكته الاستراتيجية والأمنية مع إسرائيل، والتي أعطت الضوء الأخضر للقوات المصرية لتنتشر في مناطق واسعة داخل شمال سيناء “المنطقة ب، والمنطقة ج “، حتى تتمكن من مواجهة الجماعات التكفيرية والمسلحة بالسلاح الثقيل والمدرعات والطلعات الجوية. وقد جاءت تلك العمليات العسكرية على عكس ما ينص عليه الملحق الأمني من اتفاقية كامب ديفيد. ومن ثم، باتت مواجهة الجماعات المسلحة في سيناء من أهم الملفات الأمنية بين البلدين

لقد تولى السيسي رئاسة الجمهورية بصفة رسمية في يونيو 2014، وقال في خطابه الأول: ” سنعمل على تحقيق استقلال دولة فلسطين وعاصمتها القدس الشرقية”. ومن الجدير بالذكر، أن ملف القدس الشرقية؛ يمثل قضية خلافية في العلاقات المصرية الإسرائيلية، يرجع تاريخها إلى عهد الرئيس الراحل محمد أنور السادات، والذي اعترض على ضم إسرائيل للقدس الشرقية، وإعلان القدس عاصمة لإسرائيل. ومن ناحية أخرى، كان تصريح السيسي وتأييده لحل الدولتين، وبأن القدس الشرقية عاصمة لدولة فلسطين، أثره في تراجع وإضعاف الخطاب الذي يتبناه عدد من التيارات السياسية التي دعمت السيسي والمؤسسة العسكرية في مواجهة الإخوان المسلمين والفصائل الإسلامية الأخرى، مثل: الناصريين، واليساريين، وحزب النور السلفي، حيث عززت تلك التيارات السياسية من وجودها في الساحة المصرية بالاستناد إلى خطاب لا يعترف بإسرائيل، ويرى أن القدس وجميع الأراضي الفلسطينية عربية.

لكن في ظل ظهور السيسي كزعيم شعبي أوحد لا ينافسه أحد في شعبيته؛ لم تستطع الفصائل السياسية التي دعمته أن تضغط عليه؛ لتعديل خطابه الإيجابي تجاه إسرائيل. فقد استفاد الرجل من حالة الفراغ الأيديولوجي لمؤيديه، حيث عمل على إعادة تسويق العلاقات المصرية الإسرائيلية، باعتبارها ضرورة في ظل وجود عدو إقليمي مشترك “حركة حماس”، وهو امتداد لعدو داخلي ” الإخوان المسلمين”، ونقل بذلك إسرائيل من خانة “صراع وجود” إلى خانة الشريك الضروري.

حازم خيرت السفير المصري لدى تل أبيب في مقر رئيس الحكومة الإسرائيلي، نتنياهو (GPO)
حازم خيرت السفير المصري لدى تل أبيب في مقر رئيس الحكومة الإسرائيلي، نتنياهو (GPO)

وفي أعقاب تولي السيسي رئاسة الجمهورية؛ قامت إسرائيل بعمليتها العسكرية “الجرف الصامد” على قطاع غزة، حيث كانت هذه الحرب فرصة مواتية للسيسي لتقديم نفسه للمجتمع الدولي بعيدا عن الأزمة السياسية الدائرة في مصر، فاستفاد من رفض إسرائيل لأي جهود وساطة دولية لوقف إطلاق النار في قطاع غزة أثناء تلك العملية العسكرية. ولم يثمر اجتماع باريس شيئا، ولم تتمكن الولايات المتحدة، وبريطانيا، وألمانيا، وإيطاليا، وقطر، وتركيا، والاتحاد الأوروبي من إنهاء الأزمة المشتعلة في قطاع غزة. ونتيجة لذلك، لجأت إسرائيل إلى القاهرة؛ لتستضيف جولة المفاوضات مع الفصائل الفلسطينية، وتوقيع اتفاق وقف إطلاق النار بين الإسرائيليين والفلسطينيين.

إن توجه السيسي للتقارب العلني مع إسرائيل ليس نابعا فقط، من إيمانه ببرجماتية العلاقة مع الإسرائيليين، وإنما لمروره بأزمات ضخمة داخل مصر، منها: الخصومة مع المعارضة الإسلامية والعلمانية، وتصاعد وتيرة العنف والإرهاب في سيناء والصحراء الغربية، وتباطؤ الاقتصاد المحلي، وتناقص حصة مصر من مياه النيل. كل هذه الأمور دفعت السيسي إلى تجديد زعامته المحلية؛ من خلال احتلال مساحة دولية كمفاوض في أحد أكثر الملفات الدولية حساسية (مفاوضات السلام الإسرائيلية ¬ الفلسطينية)، حتى يساعده ذلك في موقفه المحلي، فيجنبه أي محاولات للإطاحة به.

لقد توافقت مبادرة الرئيس السيسي للسلام مع مساعي رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو الذي رأى بأن مبادرة السيسي هي فرصة استباقية، تجنبه عناء المبادرة الفرنسية المدعومة أوروبيا وأمريكيا، باعتبارها وسيلة لتخفيف الضغط الدولي في انتقاد إسرائيل؛ لعدم اتخاذها خطوات تفاوضية جادة مع الجانب الفلسطيني. فمبادرة السيسي لن تكلف نتانياهو سوى مزيد من التفاوض غير المقيد بإيقاف التمدد الاستيطاني في الضفة الغربية، وقد تؤدي إلى نقل بعض الصلاحيات للسلطة الفلسطينية في مناطق محددة من الضفة الغربية.

استفاد السيسي من حالة الفراغ الأيديولوجي لمؤيديه، حيث عمل على إعادة تسويق العلاقات المصرية الإسرائيلية، باعتبارها ضرورة في ظل وجود عدو إقليمي مشترك “حركة حماس”، وهو امتداد لعدو داخلي ” الإخوان المسلمين”، ونقل بذلك إسرائيل من خانة “صراع وجود” إلى خانة الشريك الضروري

لقد ظهر التطور العلني للعلاقات المصرية ¬ الإسرائيلية جليا، من خلال مشاركة السفير المصري حازم خيرت في مؤتمر “هرتسيليا” السادس عشر بإسرائيل، وعنوانه “أمل إسرائيلي، رؤيا أم حلم؟”، وتعتبر تلك المرةُ الأولى التي تشارك مصر بصفة رسمية في مؤتمر “هرتسيليا” المتخصص في مراجعة السياسات الأمنية والدفاعية للدولة العبرية. وقد صرح السفير المصري خلال ذلك المؤتمر؛ بأنه على إسرائيل والفلسطينيين الالتزام بالتوصل إلى سلام، وأن حل الدولتَين هو الحل الوحيد، ولا توجد بدائل له، ولم يبقَ الكثير من الوقت لتحقيقه، مؤكدا أن تجاهل الحقيقة لن يؤدي إلى تغييرها، بل قد يؤدى إلى انفجار، نحن نحاول تجنّبه.

رئيس الحكومة الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، ووزير الخارجية المصري، سامح شكري في القدس (Haim Zach/GPO)
رئيس الحكومة الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، ووزير الخارجية المصري، سامح شكري في القدس (Haim Zach/GPO)

لقد تطورت العلاقة بين البلدين إلى أبعد مدى، حيث قام وزير الخارجية المصري سامح شكري بزيارة لإسرائيل مؤخرا، وكانت هي الأولى من نوعها منذ عام 2007، وقد التقى برئيس الوزراء بنيامين نتانياهو في مقر رئاسة الوزراء بالقدس عوض تل أبيب، فكان هذا اللقاء في صدارة المشهد الإعلامي العربي، وذلك نظرا لرمزية زيارة القدس، وتخطيها الثوابت الدبلوماسية التقليدية التي طالما تمسك بها الرؤساء المصريون منذ عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك، وحتى أثناء فترة الرئيس الانتقالي عدلي منصور.

وهكذا، وبعد اقتصار العلاقات المصرية مع إسرائيل لعدة سنوات، على الجانب الأمني والاستخباراتي فقط، صارت الدبلوماسية المصرية تتطلع اليوم، إلى دور محوري في تطوير العلاقات المصرية –الإسرائيلية، من خلال تلك الزيارة التي قام بها وزير الخارجية المصري للقدس. ولعل وقوف سامح شكري أثناء زيارته تلك، بجانب رأس تمثال تيودور هرتزل ـ مؤسس الدولة الصهيونية؛ كان بمثابة تصالح مع تاريخ نشأة إسرائيل، في تناقض مع الأسس التاريخية العربية. وبالطبع، هناك ارتياح إسرائيلي لهذا التحول الرمزي في العلاقات مع مصر، حيث قامت رئاسة الوزراء الإسرائيلية بنشر صورة نتانياهو مع شكري أثناء مشاهدتهما نهائي كأس الأمم الأوروبية، في جو حميمي، يعكس بالطبع، عدم وجود أي تخوف لدى النظام المصري من ردود فعل محلية محتملة حول تطور العلاقات المصرية الإسرائيلية. وعلى الجانب الآخر، يحاول نتانياهو الاستفادة من هذه الزيارة، وإظهارها كإنجاز سياسي له، استطاع من خلاله النجاح في تعزيز علاقة إسرائيل بأكبر عدو تاريخي لها “مصر”. كما أظهرت الزيارة أيضا، قدرة إسرائيل على نقل علاقتها مع الدول العربية إلى مستوى التحالف العلني، بعيدا عن جلسات الغرف المغلقة.

وعلى الرغم من أن السيسي اظهر دائما اهتماما كبير بتطوير العلاقات المصرية الإسرائيلية، إلا انه كانت هناك بعض التطورات الإقليمية التي جعلت هذا التقارب الدبلوماسي حاجة ملحة. لقد تزامن توقيت زيارة شكري للقدس؛ مع اتفاق تطبيع العلاقات الإسرائيلية التركية، والتي سبق وأن شهدت تدهورا كبيرا بعد حادثة اقتحام القوات الخاصة التابعة للبحرية الإسرائيلية للسفينة التركية “مافي مرمرة”، وهي في طريقها لكسر الحصار عن قطاع غزة. وقد أثمر التقارب التركي-الإسرائيلي مؤخرا، عن توصل الجانبين لاتفاق يتم بموجبه توصيل المساعدات إلى قطاع غزة، واستكمال مؤسسة الإسكان التركية مشاريعها في ذلك القطاع. وبعد هذا التقارب التركي-الإسرائيلي؛ أصبح الجانب المصري يعمل جاهدا، للحصول على تأكيدات من الإسرائيليين حول استمرار الدور المحوري الذي تلعبه مصر في ما يتعلق بالملف الفلسطيني، ولاسيما قطاع غزة المتاخم لشبه جزيرة سيناء.

إن توجه السيسي للتقارب العلني مع إسرائيل ليس نابعا فقط، من إيمانه ببرجماتية العلاقة مع الإسرائيليين، وإنما لمروره بأزمات ضخمة داخل مصر، منها: الخصومة مع المعارضة الإسلامية والعلمانية، وتصاعد وتيرة العنف والإرهاب في سيناء والصحراء الغربية وتباطؤ الاقتصاد المحلي

كما أن الزيارة التي قام بها نتانياهو لدول حوض النيل؛ قد أثارت موجة من الغضب على المستوى المحلى في مصر، نتيجة لتراجع الدور المصري في إفريقيا، مقابل التنامي الملحوظ للدور الإسرائيلي هناك. وجاء وجود شكري في القدس ليطمئن الرأي العام بأن وجود إسرائيل في منطقة حوض النيل؛ هو وجود الحليف وليس العدو. كما حمل تطلعات القاهرة إلى وساطة إسرائيلية فيما يخص الأزمة مع إثيوبيا، والتي تتعلق بملف مياه النيل، حيث تستعد إثيوبيا لتدشين مشروع سد النهضة الذي سيفقد مصر من 11إلى 19 بليون متر مكعب من المياه العذبة.

وتعتقد القاهرة بأن إسرائيل تمتلك القدرة على دفع إثيوبيا إلى التفاوض على حصة عادلة لمصر من مياه النيل. وهناك إشارات متبادلة بين مصر وإسرائيل، عن احتمالية دعوة مصر لرئيس الوزراء بنيامين نتانياهو للقيام بزيارة تاريخية للقاهرة، تكون مثل تلك الزيارة التي قام بها الرئيس الأسبق أنور السادات للقدس في عام 1977.

نشر هذا المقال لأول مرة على موقع فكرة

اقرأوا المزيد: 1565 كلمة
عرض أقل
هجوم على السفارة الإسرائيلية في القاهرة عام 2011 (AFP)
هجوم على السفارة الإسرائيلية في القاهرة عام 2011 (AFP)

هل هدد نتنياهو بالتدخل العسكري لإنهاء أزمة السفارة في القاهرة ؟

رئيس الحكومة الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، يكشف ما الذي أدى إلى إنقاذ موظفي السفارة في القاهرة عام 2011

شارك رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، اليوم (الثلاثاء) في مراسم ذكرى شهداء ومبعوثي وزارة الخارجية الإسرائيلية، في أنحاء العالم وذلك في إطار استعداد الدولة لإحياء مراسم يوم ذكرى شهداء إسرائيل.

“على مرّ السنين سجّلت دولة إسرائيل نجاحات بارزة في المعركة العازمة ضدّ الإرهاب عموما والإرهاب الموجّه ضدّ الدبلوماسيين بشكل خاص”، كما قال، “لا تكفي التحذيرات. في معظم الحوادث نجحنا في إحباط الهجمات والعمليات في البلاد وفي الخارج. أقول في معظم الحالات، لأنّه مع الأسف فقد عرفنا مآس لم ننجح فيها والتي فقدنا فيها خيرة رجالنا، في تركيا، لندن، الأرجنتين، وكانت كل مأساة كهذه بمثابة ضربات نارية على أجسادنا”، كما قال نتنياهو.

“نحن نبذل جهودنا، ولا سيما، من خلال عمل الموساد والشاباك، للدفاع عنكم وعن كل موظف في خدمة وزارة الخارجية وممثلينا في العالم”، قال نتنياهو، وأضاف: “نبذل هذه الجهود في كل العالم، وهي فريدة وقد أنقذت الكثير من الأشخاص، ليس فقط في خدمة وزارة الخارجية الخاصة بنا، وإنما أيضًا في خدمات وزارات الخارجية التابعة لدول أخرى”.

“أحيانا، كانت هذه الجهود على مسافة قصيرة جدا. هنا، قبل عدة سنوات، في غرفة الحالة التابعة لوزارة الخارجية، واجهنا أزمة حصار ازدادت قوة ضدّ رجالنا في السفارة الإسرائيلية في القاهرة. وصلت جموع مشاغبة لذبح رجالنا، وقد استخدمنا في تلك الليلة جميع الأدوات المتاحة أمامنا، بما في ذلك التهديد بتنفيذ عمليات إنقاذ للجيش الإسرائيلي، الأمر الذي قلب الموازين في نهاية المطاف وأحضر القوات المصرية، التي كانت حينذاك تحت حكم الإخوان المسلمين، مع التنسيق الدقيق من هنا، من غرفة الحالة، والذي أدى في نهاية المطاف إلى إنهاء ذلك الحدث بنجاح”، كما كشف نتنياهو.

ولكن بعد ساعات من المشاورات السياسية والضغوطات على مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي، قرر نتنياهو أن يتراجع عن أقواله هذه “لم أهدد مصر بإدخال قوات كوماندوز من الجيش الإسرائيلي إلى القاهرة لإنقاذ موظفي السفارة الإسرائيلية”

وكما هو معلوم فقد جرت الهجمة على السفارة في القاهرة في 9 تشرين 2011، حيث اقتحم متظاهرون مصريون بالقوة مبنى السفارة الإسرائيلية في الجيزة بعد أن حطّموا الجدار الأمني المبني من الأسمنت والذي كان يحيط بالمبنى.

تم إخلاء أعضاء فريق السفارة الإسرائيلية، الذين اختبأوا لحظة الهجوم داخل غرفة محمية في مبنى السفارة، لاحقا من المكان من قبل وحدة كوماندوز مصرية، فقط بعد تدخل رئيس الولايات المتحدة أوباما.

في أعقاب الهجوم، تم نقل 85 من أعضاء فريق السفارة وأبناء أسرهم إلى إسرائيل في حين بقي نائب السفير الإسرائيلي في القاهرة. بالإضافة إلى ذلك، فقد أعلن الجيش المصري في أعقاب الحادثة عن حالة تأهب.

اقرأوا المزيد: 375 كلمة
عرض أقل
مبلغ الـ 200 مليار الذي ينقص مصر
مبلغ الـ 200 مليار الذي ينقص مصر

مبلغ الـ 200 مليار الذي ينقص مصر

يقول البعض 200 مليار دولار ويقول آخرون 200 مليار جنيه مصري. لماذا يلوّح جميع المحللين ورؤساء مصر بهذا الرقم السحري؟

14 أبريل 2016 | 19:27

هل يحدث هذا صدفة أم سوء كبير يلاحق الدولة العربية الأكبر في العالم؟ إذا سألتم أي مصري اليوم في الشارع ما هي أكثر مخاوفه فسيعترف بالتأكيد أن كسب الرزق أصبح مقلقا جدا وأنّ مصر تحتاج إلى كل استثمار أجنبي لفتح المزيد من فرص العمل وتغذية الاقتصاد بعد الركود الطويل بل والنموّ السلبي.

حاول الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي هذا الأسبوع أن يوضح للمصريين أنّ حقيقة تنازل مصر عن الجزيرتين لصالح شقيقتهم في الشرق، السعودية، ليست تنازلا عن أراض للوطن وإنما استثمار اقتصادي على المدى الطويل. وقد استخدم هو أيضًا، مثل الكثير من السياسيين المصريين، لغرض ما الرقم العجيب 200 مليار.

نعم، يبدو أنّ ليس هناك تقرير اقتصادي حول الاقتصاد المصري (في السنوات الأخيرة) لا يأخذ بالحسبان الرقم 200 مليار العجيب. هل يحدث هذا صدفة؟ نحن لا نستطيع الإجابة عن هذا السؤال، ولكننا جمعنا بعض التذكيرات الاقتصادية، والتي ذكرت جميعها بشكل أو بآخر هذا الرقم.

1. نبدأ بالتقرير الأكثر حداثة: فورا بعد تنفيذ نقل الجزيرتين المصريتين في مضائق تيران، قرب السعودية، أعلن الرئيس السيسي عن إقامة جسر يربط بين السعودية ومصر. وخمّنوا ماذا ستكون الدلالة الاقتصادية لنقل البضائع والناس على هذا الجسر؟ خمّنتم بشكل صحيح: 200 مليار دولار.
صرخ الإعلام المصري والسعودي في اليوم التالي بعناوين طنانة:
“عائدات جسر الملك سلمان تصل 200 مليار دولار سنوياً.. قطار وممرات”

2. خلال شهر كانون الثاني 2016، وعد السيسي بدعم حكومي بقيمة 200 مليار جنيه مصري لدعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة. وأكد السيسي، في كلمته خلال احتفالية يوم الشباب، أنه وجه تعليمات للبنك المركزي بتنفيذ برنامج شامل لدعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة.
وأضاف أن قروض المشروعات الصغيرة والمتوسطة خلال السنوات الأربع المقبلة لن تقل عن 20% من إجمالي القروض المصرفية. هل سيتم حقا؟ ستخبرنا الأيام …

https://www.youtube.com/watch?v=UC90UU5mhpc

3.ومن لا يذكر، نريد أن نذكّره: بين 13 حتى 15 آذار عام 2015، أقيم في شرم الشيخ مؤتمر دعم وتنمية الاقتصاد المصري تحت شعار “مصر المستقبل”. المؤتمر الاقتصادي الأكبر مما عرفه العالم العربي في العصر الحديث، وقد أقامه تحديدا الملك السعودي الأسبق، الملك الراحل عبد الله بن عبد العزيز.

كان يهدف المؤتمر إلى تسخير كل اقتصاد الدول العربية من أجل الاستثمار في مصر وإنقاذها من الوحل الاقتصادي الذي سقطت فيه. خلال المؤتمر تم إعطاء وعود كبيرة بل ووعد السيسي الشباب بمستقبل وردي واستثمارات بقيمة 200 مليار دولار، على الأقل، والتي ستسرّع الاقتصاد المصري الراكد. ولكن كان يختلف الواقع عن الوعود.

ذكّر الناقد التلفزيوني والمحلل المصري، سيد علي، بعد عام من ذلك المصريين أنّ هذه الوعود كانت تختلف عن الواقع وطالب بمعرفة أين هو مبلغ الـ 200 مليار دولار الذي وُعدت به مصر في الاستثمارات وإيجاد فرص العمل.

https://www.youtube.com/watch?v=HBGW1lzgo6U

4. في آب 2015، كانت مصر تعتزم إطلاق قناة سويس جديدة، وهو مشروع هندسي عملاق استثمرت فيه الحكومة المصرية المليارات وذلك كي تسمح بعملية مرور أفضل للسفن من آسيا إلى أوروبا وزيادة عدد السفن التي تمر في القناة. وماذا وعد الخبراء الاقتصاديون فيما يتعلق بالاقتصاد المصري؟ خمّنتم بشكل صحيح، دخل بقيمة 200 مليار جنيه مصري بل وتخصيص مليوني وظيفة وفرصة عمل. بارك عنوان في إحدى الصحف من تلك الفترة هذه المبادرة وجاء في المقال:

“الخبير الاقتصادي محمد الجوهري، أشار إلى أن القناة الجديدة ستزيد من فرص جذب خطوط الملاحة العالمية إلى مصر، متوقعا زيادة عدد السفن المارة بالقناة سنويا من 18 ألف إلى 37 ألف سفينة، ما يتبعه زيادة إيراداتها من 52 مليار جنيه سنويا إلى 200 مليار جنيه”.

5. ليست حكومة السيسي الجديدة فقط هي التي وعدت وعودا اقتصادية بعيدة المدى. فأيضا في السباق الرئاسي عام 2012 وعد الرئيس الإسلامي المعزول، محمد مرسي، وعودا مماثلة.

في نيسان عام 2012 أكّد المرشّح (حينذاك) محمد مرسي أنّ هناك 15 شركة دولية وقعت مع حزبه على مبالغ استثمارية بقيمة تبلغ 200 مليار دولار، شرط أن يتعاملوا مع سلطة تنفيذية معبرة عن المصريين بصدق.

6. وإليكم التذكير الأخير: خلال فترة الانتقال السلطوي، من حكومة مبارك المستبدة حتى إقامة الانتخابات الديمقراطية الأولى في مصر، والتي أوصلت الإخوان المسلمين إلى الحكم، تشاجر الكثير من السياسيين المصريين فيما بينهم حول اختفاء أموال دافعي الضرائب وعائدات الدولة؟ والأهم من كل شيء كم خسرت مصر في تلك الفترة. الإجابة هنا : الدكتور محمد محسوب، الأمين العام للجنة استرداد أموال مصر المنهوبة. في لقاء مع الإعلامية جيهان منصور خلال برنامج “صباحك يا مصر” على قناة “دريم” أن المجتمع المدني يقدر هذه الأموال بـ200 إلى 220 مليار دولار خرجت خلال العقدين الماضيين ، المبلغ الذي قد يساعد على نهضة مصر خلال خمس سنوات دون الاعتماد على القروض الدولية.

https://www.youtube.com/watch?v=YfyICZ4zueE

ربما تكون هذه النماذج التي أحضرناها لكم صدفة أو لا. على أية حال فمصر بأمسّ الحاجة إلى استثمارات أجنبية وإعادة ثقة النظام المالي العالمي باقتصادها. هل ستنجح؟

اقرأوا المزيد: 706 كلمة
عرض أقل
انجازات السيسي
انجازات السيسي

ماذا يعتقد المتصفحون العرب حول أداء السيسي؟

الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، يحظى بالكثير من النقد والثناء على حد سواء من قبل نشطاء سياسيين في مصر وخارجها. ماذا يعتقد المتصحفون العرب حول أدائه؟

لا شك أن الرئيس الأهم والأكثر تغطية في العالم العربي في هذه الأيام، أو في الواقع في السنة الماضية هو الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي.

يُنظر إلى السيسي بعدسة إعلامية مكبّرة وعين الشعب الفاحصة. يبثّ الكثير من القنوات التلفزيونية والفضائيات العربية كل يوم تقريبا أقوال محللين يمدحون أداءه، وأقوال محللين آخرين ينتقدونه.

في كل مرة يشعر فيها محلل سياسي معاد، بحدوث فشل أو تحد اقتصادي، عسكري أو اجتماعي يواجهه السيسي يشارك في البث مواجها إلى الرئيس المصري انتقادات فتاكة كثيرة. في الغالب يزعم أولئك المعادون أن السيسي وصل إلى سدة الحكم في مصر بطريقة غير ديمقراطية وأنّه هو و “عصبته العسكرية” غير قادرين على مواجهة مشاكل مصر الطارئة في هذا الوقت: التحديات الأمنية، على شكل مواجهة الإرهاب الأصولي الذي يضربها والتحديات الاقتصادية، على شكل إعادة الثقة العالمية بالاقتصاد المصري وإخراجه من هوة الضياغ، قبل أن تنهار أكبر دولة عربية.

ولكن في السنوات الأخيرة هناك لمواقع التواصل الاجتماعي، التي أشعلت “الربيع العربي”، رأي حول أداء الرئيس المصري. انتقادات ومديح السيسي نفسه لا يمكنه تقييدها.

في الأيام الأخيرة ينتشر في تويتر هاشتاغ مثير للاهتمام يطرح السؤال البسيط التالي: #قول_انجاز_من_انجازات_السيسي

والهاشتاغ كما ذكر مشهور جدا في مصر ولكن أيضًا في دول عربية مجاورة.

يتنازع المتصفحون المصريون والعرب بين بعضهم البعض من أجل تعديد قدرات وأداء الجنرال المصري على الأرض.

ادعى بعض المتصفحين المؤيدين له أنّه من بين أعمال ونجاحات السيسي يمكن أن نعدد: إبعاد محمد مرسي والإخوان المسلمين من كرسي الرئاسة، محاولة القضاء على الإرهاب والقضاء النهائي على البنى التحتية للإرهاب في شبه جزيرة سيناء، إعادة الاستقرار الأمني كما كان في القاهرة رويدا رويدا وحربه المستمرة لزيادة الاستثمارات في أرض النيل من أجل مساعدة مصر في الخروج من الوحل الاقتصادي.

ويدعي منتقدو الجنرال أنّ السيسي قد وصل إلى الحكم بالدهاء من خلال انقلاب عسكري، وفشل في تجنيد الاستثمارات الاقتصادية الجادة، ويتعامل معه نظراؤه في العالم كرئيس عصابة ولذلك لا يتعاملون معه أو مع المصريين بجدية في الساحة السياسية، ويدعون أنه يتم التوصل إلى الأمن النسبي في شوارع القاهرة من خلال استخدام القوى الأمنية الإرهاب والتي تنتهك حرية التنقل والتعبير لكل من يجرؤ على انتقاد الرئيس. في الواقع يدعي هؤلاء أن نظام مبارك لم يسقط وإنما تم تطويره.

أحضرنا لكم بعض التغريدات المختارة والتي لفتت أنظارنا:

https://twitter.com/S7K00/status/715418528208273408

https://twitter.com/Skikaboom/status/715452940606185474

https://twitter.com/ToughNotEnough/status/715454333786128385

https://twitter.com/Dewidar_Tweets/status/715455144641609728

اقرأوا المزيد: 343 كلمة
عرض أقل
مصري يدلي بصوته في الانتخابات التشريعية في سفارة بلاده في لندن  (AFP)
مصري يدلي بصوته في الانتخابات التشريعية في سفارة بلاده في لندن (AFP)

البرلمان الخانع من المتوقع أن يعود إلى مصر

بسبب النظام الانتخابي والدستور سيكون البرلمان خاضعا للرئيس - بشكل مماثل لفترة مبارك. في الأشهر الأخيرة "حظي" محرّرو الصحف بمحادثات هاتفية تضمنت توجيهات واضحة لِما يُسمح بنشره قبيل الانتخابات

أثار المرشّح محمد الضبعاوي غضب رجال الدين في مصر لأنّ إعلان دعايته الانتخابية يتضمّن صورة القرآن. تحظر لجنة الانتخابات استخدام الرموز الدينية لأغراض الدعاية، ولكن ليس بإمكانها أن تحظر على المرشّحين أن يجعلوا من أنفسهم مكانا للسخرية، مثل إعلان الدعاية الانتخابية للمرشّح حمادة بقرة، الذي التقط صورة بنمط نابليوني حيث هناك بجانبه صورة تفاحة مع تخطيط القلب الكهربائي. ومثل الحملات الانتخابية السابقة، فالآن أيضا تزيّنت مصر بملصقات ملوّنة وشعارات أصيلة – وغريبة في بعض الأحيان – لآلاف المرشّحين الذين يتنافسون على 596 مقعدًا في البرلمان.

وقد بدأت اليوم (الأحد) أولى جولات الانتخابات البرلمانية، والتي ستستمر ليومين. وهذه هي الانتخابات الأولى للبرلمان منذ أن تم حلّ مجلس النوّاب بأمر من المحكمة في تموز عام 2012، وبعدها فستكفّ مصر عن أن تظلّ دولة دون برلمان. ولكن خلافا للانتخابات الأولى بعد الثورة والتي تمت في نهاية عام 2012 وأثارت لدى الشعب الأمل بالتغيير السياسي، فهذه المرة تجري الانتخابات في أجواء من اللامبالاة العميقة في أحسن الأحوال والإحباط العميق في أسوأ الأحوال. أعلنت الكثير من الحركات التي تجمع الشباب الذين شاركوا في الثورة بأنّها لن تشارك في الانتخابات، وقال مواطنون إنّهم لا يهتمون بالانتخابات، والتي من غير المتوقع أن تؤدي إلى إقامة سلطة تشريعية مستقلّة.

يمنح قانون الانتخابات في مصر المرشّحين المستقلّين 75% من المقاعد البرلمانية – و 20% للقوائم الحزبية (5% المتبقين يتم تعيينهم من قبل الرئيس عبد الفتاح السيسي). تم تصميم هذا الخليط من أجل منع معارضي الرئيس الأعضاء في قوائم صغيرة من الفوز بمقاعد، والتأكد من أنّه مؤيدي الرئيس الأعضاء في أحزاب كبيرة مثل المصريين الأحرار سيدخلون إلى البرلمان فقط. ويمكّن النصيب الأكبر المخصّص للمستقلّين النظام من مساعدة مؤيديه بشكل خاص وتقويض فرص خصومه. وتشير التقديرات إلى أن البرلمان الجديد سيكون مشابها دون مصادفة للبرلمانات التي كانت في عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك.‎ ‎سيكون هيئة منتخَبة، خانعة ومطيعة ولا تضع العقبات أمام الرئيس. يستطيع السيسي حلّ البرلمان كما يشاء، كما ينصّ القانون، والذي تمت صياغته هو أيضًا بناء على رؤية رئيس البلاد.

يمكن للسيسي من جهته أن يدعي أنّ الانتخابات تُكمل خارطة الطريق التي رسمها عندما أمسك بالحكم في تموز عام 2013، بعد أن أسقط الرئيس محمد مرسي، رجل الإخوان المسلمين. بحسب خارطة الطريق تلك، تمّت صياغة دستور جديد، اختير رئيس للدولة، والآن يتم أيضًا انتخاب برلمان. ولكن خارطة الطريق تلك، والتي تتضمّن بشكلٍ رسميّ مبادئ ديمقراطية، بعيدة من تحقيق أحلام من قاموا بالثورة عام 2011.

في فترة ولايته كزعيم نشر السيسي قوانين وأوامر تقيّد من حرية التعبير، تمنع المظاهرات، تفرض العقوبات الشديدة على الإعلاميين الذين لا يعملون بحسب توجيهات الشرطة، تمنح للقوى الأمنية مكانة خاصة في القانون وتسمح للنظام بمعاقبة المواطنين بحسب قانون الإرهاب الصارم. هناك شكّ إذا ما كان البرلمان الجديد قادرا أو راغبا بإعادة النظر في صلاحية القوانين. لم يكتف السيسي فقط ببنود قانون الانتخابات من أجل ضمان البرلمان كما يحبّ: فقد قام نظامه في الأشهر الأخيرة بحملات اعتقال ضدّ نشطاء الإخوان المسلمين وضدّ نشطاء الجمعيات والمنظمات المدنية، وقد “حظي” محرّرو الصحف بمكالمات هاتفية تضمّنت تحذيرات وتوجيهات واضحة بما يُسمح وبشكل أساسي بما يُحظر نشره، وقد أشار مدوّنون إلى تحرّشات من قبل بلطجية “مخرّبين”.

سيكون اختبار الانتخابات هو نسبة المشاركة فيها. في الجولة الأولى من الانتخابات البرلمانية عام 2011 شارك نحو 59% من حاملي بطاقات التصويت. في الجولة الثانية، عام 2012، ارتفعت نسبتهم إلى 65%. في الانتخابات الرئاسية عام 2014 انخفضت نسبة المشاركين إلى 47.5%. إن المكانة التي ستحصل عليها الانتخابات الحالية في قائمة ثقة الجمهور ستُحدّد مدى شرعية البرلمان. ولكن كما أثبت مبارك والسيسي، يمكن لمصر أن تعمل، للأفضل أو للأسوأ، حتى دون برلمان أو مع برلمان كرتوني.

نشر هذا المقال للمرة الأولى في صحيفة “هآرتس”

اقرأوا المزيد: 563 كلمة
عرض أقل
المحلل المصري توفيق عكاشة
المحلل المصري توفيق عكاشة

شاهدوا: لحظات قبل إغلاق قناة الفراعين، عكاشة في أفضل حالاته

أعلن المعلّق المصري الأكثر مشاهدة على الشاشة ورئيس قناة “الفراعين” التلفزيونية، في نهاية الأسبوع، أنّه ومع نفاد مصادر تمويل القناة من قبل “وكالات الإعلانات” لن يكون بإمكانه الاستمرار في بثّ القناة.

وقد ادعى المعلق المثير أيضًا أنّ اليوم (الإثنين) هو الموعد الأخير الذي منحه إياه موظفو القناة لدفع أجورهم وأنّه لو لم يتم تحويل الأموال من قبل شركات الإعلان والدولة كما ينص عليه القانون فسيضطرّ إلى الإعلان عن إغلاق القناة.

https://www.youtube.com/watch?v=L-QCpzajM90

وسواء نفّذ عكاشة تهديداته لإغلاق القناة التي جلبت لنفسها الكثير من الناقدين والأعداء من المصريين وغيرهم، فسيتم تذكّر المعلّق المصري الشعبي جيّدا بسبب مجموعة متنوعة من التحليلات المحرجة، النبوءات، التصرفات الجامحة وسلاطة اللسان في أستوديوهات التلفزيون والبثّ الحيّ.

جمعت هيئة تحرير “المصدر” من أجلكم 5 لحظات محرجة تنبّأ فيها عكاشة بنبوءات غاضبة وهاجم مستمعيه، معارضيه وأعداء الأمة المصرية:

17 حزيران 2012: توفيق عكاشة يُجَنّ بعد فوز مرشّح الإخوان المسلمين، محمد مرسي (أكثر من 2 مليون مشاهدة)

https://www.youtube.com/watch?v=7C_xiSDDqgU

25 آب 2011: باسم يوسف، مقدّم البرنامج الحواريّ “البرنامج” يطلق النكات حول عكاشة عندما قدّم نفسه لرئاسة مصر (أكثر من 2 مليون مشاهدة)

19 تموز 2014: عكاشة يرفع “شبشب” في وجه حماس، قطر والأتراك ويريد ضربهم (أكثر من 1.5 مليون مشاهدة)

https://www.youtube.com/watch?v=u4ZTFIZH3NA

8 حزيران 2012: عكاشة يتخبط في داخله حول قضية تأييد أو عدم تأييد حسني مبارك

15 تشرين الثاني 2011: عكاشة يحذّر من تاريخ 13-13-2013 (وهو تاريخ غير موجود كما هو معلوم)، كيف خرج من هذه الورطة؟

اقرأوا المزيد: 215 كلمة
عرض أقل
الرئيس المصري والأوركيد "سيسي" (AFP)
الرئيس المصري والأوركيد "سيسي" (AFP)

تكريم للرئيس المصري: الأوركيد “سيسي”

فوجئ السيسي عندما اكتشف في زيارته الأخيرة لسنغافورة زهور الأوركيد التي سمّيت على اسمه كذلك سلفه في المنصب حظي بتحية مماثلة من قبل مؤيديه من الشعب المصري

فوجئ الرئيس المصري، عبد الفتّاح السيسي، عندما اكتشف وجود زهرة أوركيد على اسمه خلال زيارته لسنغافورة. نشرت صحيفة الأهرام بأنّه في صباح يوم الإثنين هذا الأسبوع، خلال مراسم أقيمت في حدائق سنغافورة النباتية، عُرضت أمام الرئيس المصري زهور أوركيد سميت على اسم “عبد الفتاح السيسي”.

تعتبر الحدائق النباتية في سنغافورة من الأجمل في العالم. أقيمت قبل 150 عاما، وهي تمتد على مساحات هائلة وتعرض مجموعة هائلة من المحاصيل الجميلة. وأبرز العناوين فيها هو حديقة زهور الأوركيد الوطنية، حيث يوجد هناك مجموعة من زهور الأوركيد الاستوائية الأثرى في العالم. تم إعلان هذه الحدائق قبل عدة أسابيع كموقع للتراث العالمي من قبل اليونسكو.

حتى الرئيس المصري السابق، محمد مرسي، خصم السيسي، حظي بتحية مماثلة ولكن على صورة تمور. عندما كان في الحكم، خلال شهر رمضان قبل نحو ثلاث سنوات، بيعت في السوق الواقع بين القاهرة والإسماعيلية تمور ذات جودة سمّيت “محمد مرسي”. وقد اعتاد تجار التمور في تلك الفترة على منح أسماء السياسيين المحبوبين للفواكه.

وبحسب الناطق باسم السيسي فقد أعرب الرئيس عن تقديره وامتنانه لإبداء حسن النية الخاصة من قبل سنغافورة.

ويمرّ الرئيس المصري الآن في ذروة جولة من اللقاءات في آسيا والتي تتركز على التعاون الاقتصادي بين مصر ودول آسيا. وبعد سنغافورة من المرتقب أن يزور الصين وإندونيسيا.

اقرأوا المزيد: 194 كلمة
عرض أقل
مرسي والسيسي (AFP)
مرسي والسيسي (AFP)

علاقات الكراهية والإعجاب الأعمى بين أنصار مرسي وأنصار السيسي

يمتلئ الإنترنت في هذه الأيام بمقاطع فيديو وصور للخصمين، الرئيس المصري الحالي، عبد الفتاح السيسي، والرئيس الإسلامي المعزول، محمد مرسي

من المتوقع أن تصل المعركة التي يديرها القضاء المصري في شأن الرئيس المعزول، محمد مرسي، اليوم (الثلاثاء) إلى نهايتها وإلى المصادقة على العقوبة المقررة له ولبعض أنصاره من الإخوان المسلمين، الإعدام.

وكما هو معروف، ففي أواسط شهر أيار هذا العام، حكمت المحكمة في مصر على محمد مرسي بالإعدام بتهمة مشاركته في الاقتحام المنظّم للسجون عشية الثورة عام 2011 ومشاركته بقتل المتظاهرين في ميدان التحرير. وقد حُكم بالإعدام معه على زعيم الإخوان المسلمين، محمد بديع ونائبه خيرت الشاطر. في بداية هذا الشهر (2 حزيران) رفض مفتي مصر قرار الإعدام ومنذ ذلك الحين يحتدم الجدل في مواقع التواصل الاجتماعي وفي وسائل الإعلام المصرية والعربية حول السؤال هل سيتم إعدام مرسي وزعماء الإخوان المسلمين شنقًا ؟

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي (AFP)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي (AFP)

قرّر كلا الطرفين في مصر تصعيد الصراع. قرّر زعماء الإخوان المسلمين الذين هربوا واستقرّوا خارج البلاد تحدّي نظام الرئيس الحالي السيسي، برّروا القتل في سيناء وهدّدوا النظام الحالي في مصر. من جهة، طلب المدّعي العام معاقبة مسؤولين آخرين من الإخوان المسلمين بتهمة جرائم قد تؤدي إلى حبل المشنقة: التخابر والهروب من السجن.

وقد سارع محلّلون بارزون في وسائل الإعلام العربية إلى توجيه الانتقادات الشديدة لتعامل السيسي مع مرور عام على ولايته. كتب المحلّل رضا حمودة في صحيفة “عربي 21” مقالا لاذعا يدين السيسي: “ماذا قدم عبدالفتاح السيسي خلال عام من تنصيبه كحاكم أوحد للبلاد وعامين من الحكم عمليا بعد انقلابه في الثالث من يوليو عام ‏2013‏ على أول تجربة ديمقراطية حقيقية مرت بها مصر خلال تاريخها الطويل؟‎ !‎‏ العنوان الأكبر للإجابة هو الفشل الذريع في كل شيء، وعلى كافة المستويات، وفي جميع الملفات”.

الرئيس المعزول محمد مرسي خلف القضبان خلال محاكمته (AFP)
الرئيس المعزول محمد مرسي خلف القضبان خلال محاكمته (AFP)

من جهة أخرى، يقوم الرئيس المصري بجهود حثيثة من أجل تعزيز وخلق بيئة إعلامية حوله مؤيّده لجميع نشاطاته سواء على المستوى الاقتصادي أو على المستوى الاجتماعي. ترافقه الوسائل الإعلامية الحكومية ونصف الحكومية في كل زيارة وتغطي تأييده في الشارع. مثال على ذلك هو التغطية الواسعة والإيجابية التي حظي بها لدى زيارته لألمانيا. في معظم وسائل الإعلام الرئيسية تم عرض السيسي كمخلّص مصر، اليد الحديدية التي ستُعيد المستثمرين الأجانب وستُدفق الأموال إلى الاقتصاد المصري الذي يعاني منذ سنوات طويلة من عيوب هيكلية تصعّب نموّه.

المعركة الحقيقية بين كلا الرجلين ليست في المحكمة بل في مواقع التواصل الاجتماعي. يرفع أنصار كلا الطرفين في الأسبوع الأخير مقاطع فيديو مع أو ضدّ أيّ منهما.

في إحدى الأغنيات الأكثر شعبية اليوم في مصر، وهي أغنية قد حازت على آلاف المشاركات والاستماعات على صفحات اليوتيوب، تشكو المغنية من قصور أداء السيسي في إعطاء الخدمات الاجتماعية الأساسية مثل توفير الكهرباء أو الوقود. عنوان الأغنية “سيسي النحس يا سيسنا”.

https://www.youtube.com/watch?v=E9cjGaZZPlE

في مقطع فيديو آخر تم سؤال مواطنين مصريين إذا ما كانوا راضين عن أداء الرئيس؟ وكيف ينجون من الأزمة الاقتصادية، تخفيض الدعم الحكومي وزيادة الضرائب؟ يقول الكثير من المواطنين إنّهم مخيّبو الآمال من النظام ومن زعيمهم بل ويهدّد بعضهم بإضرابات عن الطعام وبثورة لإسقاطه، كما أسقطوا سابقه.

https://www.youtube.com/watch?v=CprjSnPJW8E

من الجانب الآخر، رفع أنصار الرئيس واحدا تلو الآخر مقاطع فيديو مؤيّدة ومعجبة بالرئيس وأدائه لضمان أمن واقتصاد أرض النيل.

ويتحدّث في أحد مقاطع الفيديو الأكثر مشاهدة شيخ كبير من الأزهر (صبري فؤاد) عن صديق سافر إلى العمرة في مكة وسعى هناك إلى لعن السيسي وطلب من الله القضاء عليه. يتحدث الشيخ في مقطع الفيديو عن أنّ صديقه لعن كل زعماء العرب المستبدّين بدءًا من القذافي والأسد مرورا بصدام وزين العابدين ولكن عندما وصل إلى لعن السيسي، شُلّ لسانه.

وفي مقطع فيديو آخر يتم نشره على الدوام يظهر عبد الفتاح السيسي وهو يُوزع جوائز تقدير لنساء وأطفال مصريين فقدوا أزواجهنّ أو آباءهم في الحرب ضدّ الإرهابيين في سيناء. يشدّد معدّو هذا المقطع على حساسية زعيمهم وكيف يعانق ويبكي مع طفل فقد والده الجندي.

https://www.youtube.com/watch?v=-qOgK6x2dE0

ومن المتوقع أن تتعزّز المعركة الإعلامية في الأشهر القادمة حتى اتخاذ القرار النهائي في شأن مرسي وسائر زعماء الإخوان، ومن غير المتوقع أن تتوقف الحروب الإعلامية في الإنترنت بين أنصار السيسي وأنصار مرسي.

من الواضح اليوم أن إمكانية إعدام أعضاء الإخوان المسلمين لا يمكن استبعادها. تم إعدام سيد قطب، ناشط كبير ومفكر من الإخوان المسلمين، عام 1966 لاتهامات مشابهة: التآمر ضدّ مصر. الأجواء السياسية الحالية مشابهة لتلك التي سادت في الستينيات. ستؤدي إدانة الزعماء إلى حبل المشنقة دون النظر إلى دعوات العفو والوساطة، والتي من المتوقع أن تظهر بعد المصادقة على الأحكام.

اقرأوا المزيد: 647 كلمة
عرض أقل
الرئيس المعزول محمد مرسي خلف القضبان خلال محاكمته (AFP)
الرئيس المعزول محمد مرسي خلف القضبان خلال محاكمته (AFP)

تأكيد حكم الاعدام بحق محمد مرسي في قضية “اقتحام السجون”

أكدت المحكمة كذلك عقوبة الاعدام بحق خمسة اخرين من مسؤولي الاخوان المسلمين المحبوسين على ذمة القضية من بينهم المرشد العام للجماعة محمد بديع وسعد الكتاتني رئيس البرلمان المصري في عهد مرسي

أكدت محكمة جنايات القاهرة الثلاثاء حكم الاعدام ضد الرئيس الاسلامي السابق محمد مرسي في القضية المعروفة اعلاميا باسم “افتحام السجون”.

وأكدت المحكمة كذلك عقوبة الاعدام بحق خمسة اخرين من مسؤولي الاخوان المسلمين المحبوسين على ذمة القضية من بينهم المرشد العام للجماعة محمد بديع وسعد الكتاتني رئيس البرلمان المصري في عهد مرسي والقيادي المعروف عصام العريان.

وكانت المحكمة حكمت بالسجن المؤبد لمرسي و16 متهما اخرين لادانتهم بالتخابر مع حركة حماس وحزب الله وايران.

واحيل للمحاكمة في هذه القضية 36 متهما ولكن احدهم توفي في السجن اخيرا.

وقررت المحكمة معاقبة نائب المرشد العام للاخوان المسلمين خيرت الشاطر واثنين اخرين من قيادات الجماعة هما محمد البلتاجي واحمد عبد العاطي بالاعدام وجميعهم محبوسين لبعد ان دانتهم بالاتهامات نفسها,

كما اصدرت احكاما غيابية باعدام 13 متهما اخرين هاربين.

وقضت بالسجن سبع سنوات لمتهمين اثنين اخرين هما محمد رفاعة الطهطاوي الذي كان رئيسا لديوان رئيس الجمهورية في عهد مرسي واسعد الشيخة الذي كان مساعدا له في الرئاسة.

وقبل اعلان الاحكام قال رئيس المحكمة القاضي شعبان الشامي “المحكمة لم تجد سبيلا للرافة او مستعدا للرحمة بالمتهمين”.

واضاف ان “المحكمة انتهت الي ثبوت ارتكاب المتهمين للجرائم المسندة اليهم ولا تعول على انكارهم وتعده دربا من دروب الدفاع ومحاولة للافلات من العقاب وتبعاته القانونية”.

وكانت المحكمة نفسها اعلنت في 16 ايار/مايو الماضي انها طلبت رأي المفتي في حكم بالاعدام لمرسي واكثر من مئة اخرين في هذه القضية.

ومنذ اطاح الجيش مرسي في تموز/يوليو 2013 تشن السلطة حملة قمع دامية ضد انصاره الذين يحاكمون في محاكمات جماعية وسريعة شملت عشرات احكام الاعدام ووصفتها الامم المتحدة بأنها “غير مسبوقة في التاريخ الحديث”. لكن هذه الحملة امتدت لاحقا لتشمل التيارات العلمانية المعارضة للاسلاميين.

وتتهم منظمات حقوقية السلطات المصرية باستخدام القضاء كاداة لقمع المعارضة الاسلامية والعلمانية على حد سواء.

وصنفت الحكومة المصرية جماعة الاخوان المسلمين “تنظيما ارهابيا” في كانون الاول/ديسمبر 2013، كما تتهمها بالوقوف خلف اعمال العنف في البلاد لكن الجماعة تقول انها تلتزم السلمية.

وحل القضاء المصري حزب الاخوان كما صدرت احكام قضائية تمنع المنتمين له بالترشح في الانتخابات المقبلة.

وكان حكم على مرسي الشهر الماضي بالسجن 20 عاما بتهم “استعراض القوة والعنف واحتجاز وتعذيب” متظاهرين في العام 2012.

اقرأوا المزيد: 323 كلمة
عرض أقل