لم يكن هناك ما هو أكثر مناسبًا من قاعة حفلات زفاف للإعلان عن خطبة مؤثرة، وزواج بجدول زمني سريع. الزواج بين الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة، التجمع الوطني الديمقراطي، والقائمة العربية الموحدة سيحدث فعلا في الأسابيع القادمة. حتى الطفل، وهو الحزب العربي المشترك مع توقع عدد مقاعد أكبر من الحالي، من المُفترض أن يُولد بوتيرة أسرع من حمل المرأة.
الشكوك، الإثارة والمخاوف، هي الأوصاف الأكثر ملاءمة للأجواء التي رافقت مؤتمر الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة في الناصرة ليلة السبت. كان الجوّ في الخارج عاصفا بشكل خاصّ، ولكن داخل قاعات أبو ماهر حضر مئات الأشخاص الذين ناقشوا موضوعا هامًا. رغم الشعور في القاعة بأنّ الوقت صعب وأن اللحظة معقّدة بشكل خاصّ، كان النقاش السياسي خفيفا، خاليًّا من الصراخ، وتقريبا دون اجتياز مدة 3 دقائق لكل متحدث. كان المؤتمر يختلف جدا عن المؤتمرات السياسية في الأحزاب الأخرى، التي أكثرُ من حضورها، هناك تتدهور أحيانا عاصفة النفوس حتى تصل إلى تبادل الضرب.
يواجه الجمهور العربي في إسرائيل إلى حدّ ما حالة ميؤوسا منها. إنهم غير راغبين بتوحّد الأحزاب هذا. أعضاء الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة، الحزب الوحيد الذي كان ثمرة مشتركة عربية – يهودية، يفتخرون بالقيم الاجتماعية الخاصة بهم، وبتراث الحزب الشيوعي، وبالوعي الطبقي، وغير راغبين بتوحيد الصفوف مع حزب يرسم على علَمه مبادئ الإسلام (القائمة العربية الموحدة) أو مع حزب عربي قومي (التجمع الوطني الديمقراطي).
جميعهم تقريبا، وبخصوص ذلك كان هناك إجماع يوم السبت، يتواصلون سياسيا مع عضو الكنيست أحمد الطيبي (الحركة العربية للتغيير) ويرون في عضو الكنيست محمد بركة (الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة) زعيما طبيعيا. ولكنهم وجدوا صعوبة في الانتقال إلى المرحلة التالية وهي – الاحتواء الحقيقي للجهات الأخرى داخل أحزابهم. في نهاية الأمسية قُرّر تكليف سكرتارية الجبهة الديمقراطية لإنهاء التفاصيل وبشرط ألا يتمّ استبعاد النساء من القائمة الموحدة وأيضا: أن يستمرّ التعاون مع أصدقاء الجبهة الديمقراطية اليهود (نحو 15% من مصوّتيها).
في لحظة ما، وبيمنا كنت جالسة أستمع لأيمن عودة وللادعاءات المعارضة، توجه إليّ ناشط وقال لي إنّه في الخارج، في غرفة الدرج، هناك عضو الكنيست أحمد الطيبي، وهو ليس عضوا في الحزب.
تحدّث عودة مُطوَّلًا: “لا أريد أن أنشغل بالرموز والقومية فقط وإنما التحدث عن الجوهر والإنسان الصغير…. نحن في الجبهة نريد رجال الدين ولكن ليس الإسلام السياسي. لدينا وعي تاريخي خاص بنا، كان لدينا في الماضي 6 مقاعد، نحن حزب واجه مذبحة كفر قاسم، كان لدينا دائما أصدقاء يهود، بما في ذلك الشرقيون الذين قدموا إلى البلاد وعندما سرنا وحدنا – فقط العرب – أضرّ ذلك بنا في المقاعد…”.
وفي نفس الوقت، الطيبي يتحدّث في الرواق. ركضت للخارج لتصوير الطيبي، الذي سارع ليشرح لي: “أنا هنا فقط من أجل إجراء مقابلة لبرنامج “التقِ مع صحافة القناة الثانية”، كما أوضح. لم يتدخّل بما يحدث في الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة وسارع للوقوف أمام الكاميرا، مع عضو الكنيست بركة بجانبه، وهما يتحدثان عن الاندماج المحتمل.
من بين جميع المتحدّثين في الحدث، تحديدا عضو الكنيست حنّا سويد، الذي ينوي التقاعد قريبا، فاز بأعلى نسبة من التصفيق. لقد هاجم في كلّ الاتجاهات، تحدث عن حزب ينبغي أن يجدّد صفوفه وأن يدعو الشباب أكثر، ورغم أنّه بدا وكأنه منافس شاب ووجّه الانتقادات لأصدقائه من الأحزاب الأخرى والذي هم بخلافهم، “يتلقون الأوامر من قطر، أبو ظبي أو رام الله” اتضح في النهاية بأنّه مع التوحّد.
كان النجم الثانوي للعرب رئيس الكنيست السابق، أبراهام بورغ، الذي جاء ليلة السبت (مشيا على الأقدام) وألقى خطابا وهو يضع القلنسوة على رأسه والنظارات العصرية الحمراء الخاصة به على عينيه، وبدأ بالاعتذار: “هذه هي المرة الأولى التي أخطب فيها في مؤتمر سياسي في يوم السبت، والمرة الأولى التي أخطب في مؤتمر الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة وآمل أنه على الرغم من أنني أتحدث بالعبرية فقط، سأعرف على الأقل استخدام مصطلحات حزبكم الخاصة”. لم يكن الحاضرون متفاجئين أو يشعرون بالضيق من خطاب بورغ الداعم. فهو يشغل منصب مندوب في المؤتمر منذ زمن، وكان موجودا جنبا إلى جنب مع نشطاء ومندوبين يهود كثر حضروا هناك. لقد أوضح لماذا يعارض التوحّد بين الأحزاب العربية (“وهو محاربة القومية، من خلال قومية موازية”)، وحظي هو أيضًا بتصفيق كبير.
ولكن، رغم الكلام الكثير في المكان عن صعوبات التوحّد بين جميع الأحزاب: الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة، القائمة العربية الموحدة والتجمع الوطني الديمقراطي، فقد خرجت من المؤتمر بشعور أنّ الضغوط في الجمهور العربي للاندماج والخوف من ألا تجتاز قائمتان منفصلتان نسبة الحسم الجديدة – يحوّم فوق كلّ شيء ويدفع الأحزاب لحفل الزفاف. قال لي ثابت أبو راس، وهو مدير تنفيذي مشارك في مبادرة صندوق أبراهام، إنّه من المتوقع أن ترتفع نسبة التصويت بشكل كبير، ولكن الجمهور العربي أيضًا يرى بما يحدث اليوم في الدول العربيّة المجاورة “ينظر إلى الأمور من منظور جديد ويقدّر أكثر المواطَنة الإسرائيلية. يعي الناس عندنا بأنّه على الرغم من التمييز والعنصرية، والتي نتوحّد جميعنا ضدّها وننزعج منها، هناك مزايا للعيش في إسرائيل. يريد العرب اليوم أن يمارسوا مواطنتهم، أن يؤثروا ويشاركوا”.
وذلك على الرغم من أنّه من المعتاد التفكير بأنّ الجمهور العربي لا يرى بتمثيله في الكنيست أية فائدة ولذلك فهو لا يخرج للتصويت؟
“هذه المرة تحديدا، هناك شعور بأنّ الجمهور العربي يُحصى بشكل أكبر. رؤساء الأحزاب الكبيرة يأخذون العرب في الحسبان. وهناك احتمال بأنّ تكون في الحكومة مشاركة جادّة أكثر للعرب. ينشئ هذا عندنا شعورا بأنّ لنا تأثير ويجب أن نذهب لصناديق الاقتراع”.
الخلاصة من مؤتمر الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة: تمّ تخويل مجلس الحزب، بحسب توصية عضو الكنيست محمد بركة، للعمل على توحيد الأحزاب ودون إهمال مندوبي الجبهة الديمقراطية اليهود وألا يتم استبعاد النساء خارج القائمة. بالمناسبة، على الأقل في القسم الأول من الكلام، من غير المتوقع حدوث أية مشكلة لأنّ التجمع الوطني الديمقراطي يبحث من الآن عن مرشّح يهودي ليكون جزءًا من القائمة.