بعد غزو الولايات المتحدة لأفغانستان (تشرين الأول 2001) انقسمت حركة الجهاد العالمي، عندما هربت القيادة (بزعامة بن لادن، نائبه الظواهري وآخرين) إلى الحدود الباكستانية – الأفغانية. انتقل آخرون إلى إيران ومن هناك في نهاية المطاف إلى العراق. ومن بين هؤلاء، كان الأردني المسمّى أبو مصعب الزرقاوي، الذي بدأ يعمل في البلاد بعد الغزو الأمريكي للعراق عام (2003) على رأس تنظيم “التوحيد والجهاد”.
أبو بكر البغدادي (AFP)
كان هذا التنظيم وراء المئات، إنْ لم يكن الآلاف، من العمليات الإرهابية القاتلة ضدّ السكان الشيعة في العراق، وضدّ القوات الحكومية وقوات حلف شمال الأطلسي والولايات المتحدة. يعتبر الزرقاوي نفسه مسؤولا عن عدد كبير من عمليات الإعدام للمخطوفين والرهائن الذين تمّ توثيق عمليات قتلهم ونُشرت في الإنترنت. وقد بلغ تعداد أفراد التنظيم، وفقًا للتقديرات، المئات من العناصر، ولكن رغم أنّه لم يكن كبيرًا من الناحية الكمّية، فكان لا يزال يعتبر إحدى الجهات الأكثر خطورة في العراق.
https://www.youtube.com/watch?v=v5GEYvvG-yI
في عام 2004 بايع الزرقاوي زعيم القاعدة حينذاك أسامة بن لادن، واعتمد اسم “قاعدة الجهاد في بلاد الرافدين”. بعد عامين من ذلك، في حزيران 2006، تم اغتياله من قبل الأمريكيين، وانقسم تنظيمه إلى قسمين: قسم استمرّ تحت الاسم “قاعدة الجهاد في بلاد الرافدين” وقسم آخر تحت اسم “مجلس شورى المجاهدين”. نشأ من التنظيم الثاني في النهاية تنظيم “الدولة الإسلامية في العراق”، والذي اعتمد – بعد دخوله إلى الحرب في سوريا – اسم “الدولة الإسلامية في العراق والشام”. وتضمّ داعش في تجسّدها الحالي جيشًا من آلاف المقاتلين (تشير التقديرات أنّ عدد عناصر التنظيم هو 7,000 مقاتل) وعدد كبير من المؤيّدين، الداعمين والمساندين في جميع أنحاء العالم.
“هذا هو الوقت لنسيان الظواهري”، هكذا كتب محلّلون ومؤرّخون خبراء في دراسات الشرق الأوسط في الإعلام العالمي: “من اليوم فصاعدًا فإنّ زعيم داعش، أبو بكر البغدادي، هو الذي يمثّل أكبر مصدر إلهام بالنسبة للجهاد العالمي”. وتدعم مجلة “تايم” المرموقة هذه الادّعاءات، وقد اختارت البغدادي ليتألّق في قائمة أكثر 100 شخصية مؤثّرة في العالم للعام 2013. وقد عرّفت صحيفة “واشنطن بوست” زعيم داعش باعتباره “الزعيم الجهادي الأقوى”، ويصفه آخرون بأنّه “أسامة بن لادن الجديد”، على ضوء حجم التأييد والشعبية التي يحظى بها لدى الجهاديين في جميع أنحاء العالم.
أبو بكر البغدادي- منافس القاعدة
أبو بكر البغدادي هو الرجل الذي حوّل القاعدة في العراق إلى تنظيم داعش- التنظيم المستقل الذي يًسيطر في الأسابيع الأخيرة على كل أجزاء الدولة ويهدد بالسيطرة على مساحات أوسع أخرى في الشرق.
https://www.youtube.com/watch?v=7V-jXpuO-AA
وُلد البغدادي في 1971 في سامراء في العراق حتى نهاية اللقب الأول بالجامعة، عاش حياة عادية جدًا. انجذب سريعًا إلى التيار المتطرف الإسلامي وفيما بعد انضم لفرع القاعدة في العراق. لقد أثبت نفسه سريعًا كقاتل وحظي بثمن يقدر بـ 10 ملايين دولار برعاية قائمة المطلوبين الأمريكية. “هذه الجائزة ثانوية بالنسبة للجائزة المرصودة لرئيس القاعدة أيمن الظواهري ويمثل التزامنا المستمر لمساعدة شركائنا في المنطقة على إبعاد هذا التهديد من بلادهم”، هكذا صرحت المتحدثة بلسان الحكومة الأمريكية، جين ساكي، بعد أن تولى البغدادي مكانه كقائد للتنظيم.
لم يُلق القبض عليه منذ تصريح البيت الأبيض فحسب، بل وازداد وحشية وخطرًا. تحت قيادته، ازداد عدد التفجيرات في العراق، كذلك انضم هو ومقاتلوه إلى الحرب في سوريا ونفذوا عددًا ليس قليلا من الجرائم، مما أدى في نهاية الأمر إلى الانشقاق عن تنظيم القاعدة العالمي في بداية سنة 2014 وإقامة تنظيم داعش.
منذ ذلك الوقت وهم يدمرون العراق فعليًّا ويدمرون الجيش الذي كانت تموّله وتدرّبه القوات الأمريكية. في سوريا، ينفذون أحكام إعدام على الملأ، وفي العراق يذبحون جماعيًّا أسرى من الجيش العراقي، وأغلبية ذلك موثقة ومنتشرة في الشبكة.
https://www.youtube.com/watch?v=PmMpuBal2Zg
من الغريب أن البغدادي كان في يد الأمريكيين، لكن أطلق سراحه سنة 2009 لأسباب قضائية. حسب أقوال الكولونيل كنث كينج، الذي كان مسؤولا في تلك الفترة عن معسكر الاعتقال بوكا في العراق، عندما خرج البغدادي من بوابات السجن قال له: “نلتقي في نيويورك”.
الشهاب الجديد في سماء الإرهاب العالمي يتسابق عاصفًا نحو بغداد، والعالم يشعر بالحرج. فتنظيم "الدولة الإسلامية في العراق والشام" يترك وراءه ذيلا من الجثث والأشلاء في جميع أنحاء العراق وسوريا في طريقه ليصبح كيانًا سياسيًّا حقيقيّا
الآن أصبحت هذه حقيقة معروفة: في كلّ مرّة يقوم فيها عناصر تنظيم “الدولة الإسلامية في العراق والشام” (داعش) باحتلال منطقة جديدة يمكننا أن نتوقّع الأسوأ. أصبحت الشهادات على المجازر والتطهير العرقي مسألة شائعة، فمن كل جهة تصل تقارير عن قطع رؤوس علني، جلد وإعدام، بغضّ النظر عن جنس أو عمر الضحية. فعلى سبيل المثال، في حادثة مروّعة حدثت في بداية العام، أطلق عناصر داعش النار حتى الموت على شاب عمره 14 عامًا بعد أن قام بسبّ اسم محمد، وكلّ ذلك أمام عيون والديه.
يقف عناصر التنظيم وراء عمليات صلب الأشخاص المتّهمين بـ “الكفر” والمسيحيين، وأيضًا بتر الأطراف بسبب السرقة وقتل المدنيين والأسرى. مؤخرًا، لم يستطع البابا فرنسيس أيضًا تجاهل الأخبار عن صلب النصارى واستنكر أفعالهم. فهناك نموذج آخر لمستوى الوحشية الذي وصل إلينا في حزيران هذا العام، وفقًا لمنظمة حقوق الإنسان “منظمة العفو” حين قام عناصر التنظيم باحتلال بلدة كردية في منطقة الحسكة شمال سوريا. ولأنّه تم الاشتباه بسكّانها بمساعدة الانفصاليين الأكراد، قام عناصر التنظيم بقتل الكثير من المدنيين، من بينهم أطفال، نساء ورجال. وتم طرد الكثير غيرهم.
لا يمكن الفصل بين العراق والحرب الأهلية في سوريا، التي تغذي داعش وتزوّد صفوفها بآلاف المقاتلين الأجانب والدم الجديد. أحد هؤلاء المقاتلين الأجانب هو مهدي نموش، وهو الإرهابي الذي نفّذ هجومًا إرهابيًّا على المتحف اليهودي في بروكسل. يعتبر نموش واحدًا فقط من بين آلاف آخرين، يأتون إلى سوريا بسهولة، يجتازون معسكرات التدريب مع سلاح ويتلقّون تثقيفًا متطرّفًا. تشرّع عقيدة داعش القتل العشوائي لـ “الكافر”، الذي يهدّد الأمة الإسلامية، ويسعى – كما يُفترض – إلى إذلالها، التضييق عليها، احتلال أراضيها واستعباد مواردها. ولذلك، فإنّ كلّ إضرار بهؤلاء الكفار المتآمرين هو وصية والتزام مفروض على المسلمين الأصوليّين الذين ينتمون إلى داعش ونظرية الجهاد العالمي.
في الأيام الأخيرة، أنهى تنظيم داعش سيطرته على مدينة الموصل في شمال العراق، وهي إحدى مراكز النفط المهمّة في البلاد المقسّمة والنازفة. بالإضافة إلى ذلك، فقد نجح مقاتلو داعش من احتلال الحدود السورية العراقية وتعزيز قبضتهم على المكان، إلى جانب النجاحات السابقة في جبهات الأنبار، نينوى وصلاح الدين. وحتى الآن فيبدو أنّ الهدف التالي هو العاصمة بغداد. وكما يقول الجهاديون أنفسهم فهو لا ينوون أخذ أسرى.
جيش الدولة الإسلامية في العراق والشام (AFP)
الأسود يعلو
ما هو هدف داعش النهائي؟ الرأي السائد هو أنّ داعش تسعى إلى إقامة دولة الخلافة الإسلامية، إذ تستطيع من خلالها أن تستأنف حربًا عالمية مقدّسة (الجهاد). وكما يبدو، فإنّ الطريق إلى الخلافة الإسلامية الجديدة يمرّ، وسيمرّ، ببرك من الدماء. تشكل سوريا العراق وبلجيكا البداية فقط، ومن المرجح أن نرى “ارتدادات” الحرب في سوريا تنفجر في جميع أنحاء الشرق الأوسط، في أوروبا وربما أيضًا في دولة إسرائيل.
تقول التقارير المختلفة إنّ موجة الاحتلالات قدّ أدّت إلى هروب جماعي للمسيحيين. ونقل أحد مواقع الأخبار الإيرانية عن مقتدى الصدر، وهو أحد الزعماء الشيعة الكبار في العراق، ويدعو المسيحيين والشيعة للاتحاد وإقامة قوات حماية تواجه داعش وتحمي الأماكن المقدسة للمسيحيين والشيعة. كما ونشر الصدر رسالة كتب فيها أنّه مستعد “لتأسيس وحدات سلام (بهدف) حماية الأماكن المقدّسة” والعمل بالتعاون مع الحكومة العراقية برئاسة المالكي.
من المهم أن نفهم بأنّ ذلك ليس حادثًا محلّيًا ينحصر في حدود العراق. إنّ سلسلة الأحداث تهزّ كلّ توازن القوى الإقليمي وأكثر من ذلك. وتؤثّر الآثار الثقيلة حاليًّا وستؤثّر مستقبلا على جميع دول الجوار، بما في ذلك الأردن، سوريا، دولة إسرائيل، إيران، الخليج العربي، وبطبيعة الحال الولايات المتحدة وأوروبا.
ولا تريد أيّ من تلك الجهات التي ذكرناها السماح للجهاديين بأن ينموا. فهناك تقديرات مزعجة بأنّ هذه الأوضاع ستقرّب تحديدًا بين الولايات المتحدة وإيران، ومن المفترض أن يتم ذلك التقارب تحت شعار مكافحة العدو السلفي الجهادي المشترك: ستسمح الولايات المتحدة، التي لا ترغب بإرسال قوات لاحتلال العراق من جديد بالتدخّل العسكري الإيراني، وبالمقابل تذيب الجليد أكثر في علاقتها معها. ومن ناحية التهديد الواقع على الأردن، فهناك خطر بأن يحاول مقاتلو عناصر الإرهاب بالتسلل إلى المملكة وتنفيذ عمليات إرهابية ضدّ أهداف مختلفة داخلها، أو بدلا من ذلك، أن يشجّعوا ويحفّزوا العناصر المتطرّفة في الأردن لمواجهة النظام والقوى الأمنية.
بالنسبة لإيران، فالوضع واضح تمامًا: لا يجوز السماح لداعش والسُنة بالسيّطرة على مناطق استراتيجية في العراق. وقد تمّ التعبير عن هذه الرؤية في كلام الرئيس الإيراني، حسن روحاني، الذي قال إنّ بلاده مستعدّة لدعم جهود الحكومة العراقية لقتال داعش والقبائل السنّية في البلاد والتي تعارض الحكومة. ووفقًا لتقرير مجلة “الغارديان”، فقد أرسل النظام في طهران نحو 2,000 مقاتل إلى العراق في الأيام الأخيرة، من أجل قتال الجهاديين، وهي خطوة لم تصاحبها أيّ معارضة أمريكية، ممّا يجدر ذكره.
شرق أوسط جديد. مرّة أخرى
إنّ السيّطرة العسكرية – المدنية لداعش على مناطق مختلفة في أنحاء العراق، جنبًا إلى جنب مع ترسّخه في سوريا خلال العامين الماضيين؛ تُكمّل في الواقع تجاوزًا إقليميّا يُلغي الحدود القديمة، والتي فُرضت على سكّان الشرق الأوسط من قبل القوى العظمى الأوروبية بعد الحرب العالمية الأولى. وفقًا لنشرة التنظيم نفسه، فإنّ النجاحات الأخيرة في ساحة المعركة تبشّر بإلغاء اتفاقية “سايكس-بيكو”، والتي تمّ توقيعها بين بريطانيا وفرنسا خلال الحرب العالمية الأولى.
جيش الدولة الإسلامية في العراق والشام يبشّر بإلغاء اتفاقية “سايكس-بيكو”(Twitter)
وفي الخريطة التي تمّ إعدادها من قبل Long War Journal، وهو مشروع تابع لـ “صندوق حماية الديمقراطية”، تظهر داعش وهي تسيّطر حتى الآن على 22 بلدة ومدينة في أنحاء العراق، بالإضافة إلى سبع بلدات ومدن في سوريا. جاء في أحد التقارير أنّ “تقدّم داعش الأخير في شمال ووسط العراق يجعل المجموعة الإرهابية (داعش) تسيّطر على ما يقارب ثلث البلاد”. ويتمّ الاحتلال بينما ينهار الجيش العراقي، المموّل والمدرّب من قبل الأمريكيين، تمامًا. انسحبت وحدات كاملة من الجيش العراقي من أمام قوى صغيرة من الجهاديين. وقد جعلت المهانة رئيس حكومة العراق، نوري المالكي، يتّهم جهات مختلفة في الجيش بـ “الخيانة” مدّعيًا أنّ المسؤولية ملقاة على عاتق القوات الأمنية في البلاد وليس عليه.
قال البروفيسور عوزي رابي، وهو خبير في الشؤون الإيرانية من جامعة تل أبيب، في مقابلة ببرنامج “لندن وكيرشنباوم” (الأربعاء، 11 حزيران) إنّه من الممكن “أن نرسم في خريطة افتراضية خطّا في الوسط فيه “شبكات” قوية لجميع الإسلاميين من حلب في سوريا حتى الموصل وربما إلى الأسفل حتى بغداد. […] المالكي الشيعي يجلس في بغداد، وبشار الأسد يجلس في دمشق، وفي المنتصف هناك نوع من الدولة الافتراضية. إن البروفيسور رابي صادق تمامًا. ومع ذلك، يمكننا أن نضيف بأنّ هذه الدولة ليست افتراضية؛ فسرعان ما تتحوّل الأراضي التي يسيّطر عليها مقاتلو التنظيم إلى معسكرات تدريب ضخمة، يعيش فيها مئات الآلاف من المواطنين. يُدعى أولئك للتجنّد في صفوف التنظيم واعتماد رؤيته الصارمة. بالمقابل، يقوم التنظيم بتوفير حاجياتهم الأساسية ويحلّ مكان السلطات الحكومية المختلفة.
ويدعم باحثون آخرون من مجال الإرهاب العالمي هذا التوجّه في مقالهم، ويدّعون أنّ داعش تحوّلت إلى كيان ماديّ ملموس يسيّطر على المنطقة الإقليمية الواقعة بين العراق وسوريا: “يشكّل هذا الواقع الجديد تحدّيًا يتجاوز المشكلة الشائعة في الحرب على الإرهاب. ولم تعد داعش الآن قائمة باعتبارها خلايا صغيرة يمكن تحييدها بـ (مساعدة) إطلاق صواريخ وفرق كوماندوس صغيرة”، هكذا كتبوا. فلقد أصبحت داعش كيانًا سياسيًّا حقيقيًا، حتى لو لم يكن معترفًا بها من قبل المجتمع الدولي. في الواقع، تُذكّر داعش بتجسّدها الحالي نظام طالبان في أفغانستان أكثر من تنظيم القاعدة.
إعدامات جماعية” لجنود عراقيين في تكريت
شهاب في سماء الجهاد العالمي
يدّعي الكثيرون اليوم أنّ داعش قد “تجاوزت” قاعدة الظواهري، وتحوّلت إلى أكثر أهمية وتأثيرًا بالنسبة للإسلاميين في أنحاء العالم. يعود أحد أسباب ذلك إلى القائد الاستثنائي للتنظيم: أبو بكر البغدادي.
بعد غزو الولايات المتحدة لأفغانستان (تشرين الأول 2001) انقسمت حركة الجهاد العالمي، عندما هربت القيادة (بزعامة بن لادن، نائبه الظواهري وآخرين) إلى الحدود الباكستانية – الأفغانية. كما وانتقل آخرون إلى إيران ومن هناك في نهاية المطاف إلى العراق. من بين هؤلاء، كان الأردني أبو مصعب الزرقاوي، الذي بدأ يعمل في البلاد بعد الغزو الأمريكي للعراق عام (2003) على رأس تنظيم “التوحيد والجهاد”. كان هذا التنظيم وراء المئات، إنْ لم يكن الآلاف، من العمليات الإرهابية القاتلة ضدّ السكان الشيعة في العراق، والقوات الحكومية وقوات حلف شمال الأطلسي والولايات المتحدة. يعتبر الزرقاوي نفسه مسؤولا عن عدد كبير من عمليات الإعدام للمخطوفين والرهائن الذين تمّ توثيق عمليات قتلهم ونُشرت في الإنترنت. وقد بلغ تعداد أفراد التنظيم، وفقًا للتقديرات، المئات من العناصر، ولكن رغم أنّه لم يكن كبيرًا من الناحية الكمّية، فكان لا يزال يعتبر إحدى الجهات الأكثر خطورة في العراق.
في عام 2004، أقسم الزرقاوي الولاء لزعيم القاعدة حينذاك أسامة بن لادن، واعتمد اسم “قاعدة الجهاد في بلاد الرافدين”. بعد عامين من ذلك، في حزيران 2006، تم اغتياله من قبل الأمريكيين، وانقسم تنظيمه إلى قسمين: قسم استمرّ تحت الاسم “قاعدة الجهاد في بلاد الرافدين” وقسم آخر تحت اسم “مجلس شورى المجاهدين”. في النهاية، نشأ من التنظيم الثاني تنظيم “الدولة الإسلامية في العراق”، والذي اعتمد – بعد دخوله إلى الحرب في سوريا – اسم “الدولة الإسلامية في العراق والشام”. وتضمّ داعش في تجسّدها الحالي جيشًا من آلاف المقاتلين (تشير التقديرات إلى أنّ عدد عناصر التنظيم هو 7,000 مقاتل) وعدد كبير من المؤيّدين، الداعمين والمساندين في جميع أنحاء العالم.
“هذا هو الوقت لنسيان الظواهري”، هكذا كتب البروفيسور جان بيير فيليو، المؤرخ والخبير في دراسات الشرق الأوسط: “من اليوم فصاعدًا فإنّ زعيم داعش، أبو بكر البغدادي، هو الذي يمثّل أكبر مصدر إلهام بالنسبة للجهاد العالمي”. وتدعم مجلة “تايم” المرموقة ادّعاء البروفيسور فيليو، والتي اختارت البغدادي ليتألّق في قائمة أكثر 100 شخصية مؤثّرة في العالم للعام 2013. وقد عرّفت صحيفة “واشنطن بوست” زعيم داعش باعتباره “الزعيم الجهادي الأقوى”، ويصفه آخرون بأنّه “أسامة بن لادن الجديد”، على ضوء حجم التأييد والشعبية التي يحظى بها لدى الجهاديين في جميع أنحاء العالم.
جيش الدولة الإسلامية في العراق والشام (AFP)
ستخبرنا الأيام إذا كان النجم الصاعد في سماء الإرهاب العالمي سيسقط بنفس السرعة التي صعد بها، أم سينجح البغدادي في إقامة خلافة إسلامية جديدة، والتي من شأنها أن تغيّر وجه الشرق الأوسط على المدى البعيد.
أعلنت جماعة أنصار بيت المقدس التي تنشط في محافظة شمال سيناء المصرية مسؤوليتها اليوم الأربعاء عن هجوم انتحاري بسيارة ملغومة استهدف مديرية أمن محافظة الدقهلية بدلتا النيل وأوقع 16 قيلا ونحو 140 مصابا.
وقالت الجماعة في بيان نشر على الإنترنت إن أحد أعضائها نفذ الهجوم الذي وقع في الساعة الأولى من صباح أمس الثلاثاء.
وقال البيان “انبرى لهذه الغزوة ليث من ليوث الاسلام وبطل من ابطاله.”
وكانت الجماعة نفسها قد أعلنت مسؤوليتها عن محاولة فاشلة لاغتيال وزير الداخلية في سبتمبر ايلول.
قالت مصادر أمنية إن مسلحين قتلوا ثلاثة من أفراد الشرطة في شبه جزيرة سيناء المصرية اليوم الاثنين وأذاعت جماعة متشددة اسلامية شريط فيديو لعملية اطلاق رصاص من سيارة مسرعة على رجل عرفته بأنه عقيد بالجيش.
وأكدت مصادر أمنية ان مسلحين قتلوا العقيد الذي عرفته باسم محمد الكومي يوم 14 اغسطس اب في طريق صحراوي سريع بالقرب من مدينة الاسماعيلية.
وأصبحت سيناء مصدر متاعب أمنية كبيرة للسلطات المصرية منذ عزل الرئيس المنتخب محمد مرسي الذي ينتمي لجماعة الاخوان المسلمين في يوليو تموز.
وتقع هجمات شبه يومية من جانب متشددين لهم صلة بالقاعدة وقال متحدث باسم الجيش يوم 15 سبتمبر ايلول انه قتل في سيناء أكثر من 100 من قوات الامن منذ عزل مرسي.
ويثير غياب الاستقرار في سيناء قلق الحكومات الغربية لان المنطقة تقع على حدود اسرائيل وبها ممر قناة السويس الاستراتيجي وهو أسرع طريق بحري بين آسيا وأوروبا.
وسيناء مصدر متاعب للشرطة أيضا لأنها تقع على الحدود مع قطاع غزة الذي تديره حركة المقاومة الاسلامية (حماس) التي تتبع الاخوان المسلمين.
ويقول الجيش المصري ان متشددين مقرهم غزة يشاركون في هجمات عبر الحدود ويتهم حماس بعدم القيام بما يكفي لتأمين المنطقة وهي مزاعم تنفيها الحركة الاسلامية.
وفي أحدث هجمات فتح مسلحون النار على مركز للشرطة في مدينة العريش بشمال سيناء مما أسفر عن مقتل شرطيين وهما يتناولان طعام الافطار خارج المبنى. وفي حادث منفصل قتل ضابط شرطة يسير في شوارع المدينة بطلقات رصاص في الرأس والصدر.
كما أطلق مسلحون النار وقتلوا مدنيا في هجوم آخر في بلدة الشيخ زويد.
وتوسع المتشددون أثناء الفراغ الامني الذي نتج عن الاطاحة بالرئيس الاسبق حسني مبارك لكن الهجمات زادت بشدة منذ عزل مرسي. كما أثارت الهجمات في أماكن أخرى في مصر القلق من ان التمرد الاسلامي يمكن ان يمتد الى ما وراء سيناء.
وأعلنت جماعة أنصار بيت المقدس المتمركزة في سيناء المسؤولية عن تفجير انتحاري فاشل كان يستهدف وزير الداخلية في القاهرة هذا الشهر.
ووضع متشددو سيناء الذين لديهم أسلحة منها بنادق هجومية وقذائف صاروخية ومتفجرات وصواريخ جراد لقطات فيديو على الانترنت لبعض هجماتهم وهي ممارسات شائعة للجماعات التي لها صلة بالقاعدة في محاولة لتحفيز المقاتلين وترهيب عدوهم.
وفي شريط فيديو وضع على موقع جهادي على الانترنت اليوم الاثنين أظهرت جماعة تطلق على نفسها لواء جبهة النصرة ما قالت انه هجوم على العقيد الكومي.
وصور شريط الفيديو رجلا يحمل بندقية ويصوب سلاحه من نافذة سيارة ويطلق النار على عربة أخرى تسير في طريق صحراوي.
وكتب في تعليق ان الفيديو يبين استهداف من وصفهم بالكفار المجرمين وتصفيتهم.
ووضعت صورة للضابط وهو يرتدي ملابسه العسكرية الى جوار لقطة للسيارة التي شوهدت في اطلاق النار ونافذتها الخلفية ممتلئة بالطلقات والدم يسيل من باب السائق.
وجاء في الفيديو ان لواء جبهة النصرة وحدة تابعة لكتيبة الفرقان وهي جماعة متشددة أعلنت المسؤولية عن هجوم هذا الشهر على سفينة حاويات في قناة السويس.
وقال الجيش الذي يعمل مع الشرطة في سيناء في السابع من اغسطس اب انه قتل 60 متشددا في غضون شهر منذ عزل مرسي.
وقال المتحدث باسم وزارة الداخلية هاني عبد اللطيف عندما سئل عن فيديو لواء جبهة النصرة انه توجد نجاحات أمنية كبيرة على الارض في سيناء الان.
واضاف انه تم القاء القبض على عناصر خطرة ومصادرة اسلحة ثقيلة وبسط السيطرة بدرجة كبيرة.
استهدف سلاح الجو الإسرائيلي، صباح اليوم الثلاثاء، في عملية هي الأولى منذ العملية العسكرية “عمود السحاب”، عنصرا إرهابيا في قطاع غزة، وكان المُستهدف في عملية سلاح الجو، هيثم زياد ابراهيم المسحال، وهو ناشط في إطار منظمات سلفية – جهادية، وخبير، وفق جهاز الأمن الإسرائيلي، في صنع الأسلحة، ومنسق لنشاطات المنظمات الإرهابية في القطاع. وقد تخصص المسحال في صنع وتحسين الأسلحة القتالية، والتجارة بهاعلى أنواعها الشتى- لا سيما الأسلحة الصاروخية- والتي وصلت إلى منظمة مجلس شورى المجاهدين أكناف بيت المقدس.
وحسب المعلومات التي كشفتها الأجهزة الأمنية في إسرائيل، اضطلع المسحال بعملية إطلاق الصواريخ نحو مدينة “إيلات” قبل أسبوعين، وقد أعلنت منظمة مجلس شورى المجاهدين مسؤولية تنفيذ العملية. وحسب تقديرات مركز المعلومات حول الاستخبارات والإرهاب، فقد نُفذ إطلاق الصواريخ على “إيلات” بالتعاون مع منظمات جهادية تنشط في سيناء، تتضامن معهم منظمة مجلس شورى المجاهدين فكريا، وتتعاون معهم عسكريا.
ويُبرِز هذا التعاون مرة أخرى تحوّل شبه جزيرة سيناء إلى أرض خصبة لمنظمات إرهابية تنتسب إلى الجهاد العالمي، تحصل بسهولة على السلاح من السودان، وليبيا، وقطاع غزة، وتتعاون مع السكان البدو في سيناء الذين يساهمون في الإرهاب من أجل المال، ويدعمون انتشار الإسلام المتطرف. يُذكر أن منطقة وادي فيران، والتي أطلقت منها المنظمة الصواريخ صوب “إيلات”، شهدت خلال الأسابيع الأخيرة حوادث نهب وإطلاق نار على سيارات مصرية.
وفيما يتعلق بنشاط المنظمة في غزة، صرّح أبو العيناء الأنصاري، من كبار قادة السلفية في القطاع، لصحيفة الشرق الأوسط قائلا:”سنواصل الجهاد بغض النظر عن موقف حماس أو مصر”، وأضاف”لدينا معلومات دقيقة عن تنسيق كامل بين مصر وحماس في الحرب على السلفيين، وبعض مجاهدينا اعتقلوا بطلب مصري، وقد حقق معهم في غزة ضباط أمن مصريون”. ويعتقد مسؤولون أمنيون في إسرائيل أن حماس لا تحارب السلفيين حقيقة، إنما تقوم بذلك شكليا بسبب الضغوط المصرية. وقال بعضهم إن حماس علِمت بنشاطات المسحال، إلا أنها لم تتصد له.
http://www.youtube.com/watch?v=xtJ7ysUQ37Q
وأعلن مجلس شورى المجاهدين في حزيران (يونيو) 2012، مسؤوليته للعملية الإرهابية التي نفذت ضد عمال إسرائيليين على الحدود الإسرائيلية- المصرية، وخلّفت مقتل الإسرائيلي سعيد فشافشة، وهو عربي من سكان مدينة حيفا عمل في شركة بناء سياج الحدود. ويُقدّر الجهاز الأمني أن المنظمة تقف وراء أغلب عمليات إطلاق النار والقذائف نحو إسرائيل، خاصة التي نفذت من قطاع غزة بعد عملية “عمود السحاب”.
وجاء في موقع مركز المعلومات حول الاستخبارات والإرهاب عن مجلس شورى المجاهدين أكناف بيت المقدس أنها منظمة منسوبة لمنظمات الجهاد العالمي، تنشط في قطاع غزة وشبه جزيرة سيناء. وتفيد المعلومات بأن اسم المنظمة يعود إلى نشاط “القاعدة” في العراق، وأن الاسم استخدم في السابق ليصف كافة المجموعات الإسلامية المنسوبة إلى “القاعدة”، الموجودة في العراق. وتتميّز المنظمة برموز وشعارات، وأساليب عمل تختلف عن طرق العمل التقليدية التي تتبعها المنظمات الفلسطينية، وتشابه في ذلك منظمات إرهابية عالمية منتشرة في العراق وافغانستان.
وقد أوضحت حركة حماس أنها لم تعلم مسبقا باغتيال المسحال، علما أن الحركة واجهت في السابق اتهامات بأنها تحارب المنظمات السلفية بشتى الوسائل، والتي تنتهك اتفاق التهدئة مع إسرائيل. وفي سياق المواجهات بين حماس والمنظمات السلفية في غزة، خرجت يوم أمس في غزة مظاهرة لعائلات العناصر السلفية المسجونين في سجون حماس، وشوهدت خلال المظاهرة أعلام سوداء منسوبة إلى السلفية.