مجلة الإيكونوميست البريطانية

جنود سعوديون في اليمن (AFP)
جنود سعوديون في اليمن (AFP)

الأمراض المزمنة للجيوش العربية

رغم أن الاستثمار في جيوش الشرق الأوسط هو الأعلى عالميّا، فالجيوش العربية كبيرة جدا، معقدة جدا، وليست مهنية وتهمل مجالات اللوجستية والاستخبارات

ليست هناك حاجة للكثير من الكلام عن الاحترام العظيم الذي تشعر به بعض الشعوب العربية تجاه جيوشها الوطنية. في دول كمصر والسعودية، يعتبر الجيش هيئة مقدّسة تقريبًا.

إلى جانب ذلك، فالاستثمار بالجيوش في الشرق الأوسط هو استثمار هائل على النطاق العالمي. وتدل بيانات للمعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية في لندن نشرتها مجلة الـ “إيكونوميست” على أنّ 8 من بين 15 دولة من ذوات نسبة الاستثمار الأعلى على الأمن من الناتج المحلي الإجمالي هي دول شرق أوسطية.

مدرعة مصرية (AFP)
مدرعة مصرية (AFP)

ولكن بحسب الـ “إيكونوميست”، تعاني الجيوش العربية من عدة عيوب رئيسية والتي تجعلها، رغم حجمها والاستثمار الهائل فيها، جيوشًا غير ناجحة. ويثير الأمر المزيد من القلق إذا أخذنا بالحسبان أن الدول الغرب كالولايات المتحدة وأوروبا لم تعد حريصة على التدخّل عسكريّا بما يجري في الشرق الأوسط، نظرا للإخفاقات الخطيرة في حرب العراق.

أحد العيوب الأهم هو حقيقة أنّ الجيوش في الشرق الأوسط تفضّل استثمار الكثير من المال على الطائرات، الصواريخ، السفن والغواصات، والتي يتم تصويرها بشكل جميل وتخلق انطباعا كبيرا. ولكن، يأتي  هذا الاستثمار على حساب المجالات “الرمادية” في الجيش، والتي هي أكثر أهمية بكثير، مثل اللوجستية، الاستخبارات والتدريب القيادي.

بالإضافة إلى ذلك، تُعتبر الجيوش العربية فاقدة للخطط الاستراتيجية المرنة والفعالة. على العكس تماما، تُكثر هذه الجيوش من الالتصاق بخططها الفاشلة حتى لو كان الفشل واضحًا للجميع. هكذا على سبيل المثال تصرّف الجيش السعودي، الذي استمر في عملية “عاصفة الحزم” حتى حين كان واضحا بأنّ العملية لم تحقّق أهدافها.

وزير الدفاع السعودي محمد بن سلمان بن عبدالعزيز يشرف على عملية "عاصفة الحزم" (Twitter)
وزير الدفاع السعودي محمد بن سلمان بن عبدالعزيز يشرف على عملية “عاصفة الحزم” (Twitter)

ولكن المشكلة الأساسية هي حقيقة أنّ ولاء الجيوش العربية يُعطى في المقام الأول لقائد أو طائفة معينة، وليس للسلطة الرشيدة للدولة، كما هي العادة في الدول الغربية. عندما تكون المصالح القيادية أو الطائفية على رأس الأولويات، لا ينجح الجيش في تنفيذ مهامه الاستراتيجية.

وبينما يحظى كبار القادة في الجيوش بالشهرة وصورة الجنرالات الصارمين، هناك مشاكل خطيرة لدى القادة المتوسطين والأدنى من ذلك في مجال إنفاذ الانضباط والأوامر العسكرية لجنودهم. وعندما نضيف إلى هذا المعطى أنه ليست هناك برامج تدريب منظمة، فالنتيجة هي الفوضى.

هناك سبب رئيسي لظاهرة غياب الانضباط والنظام، وهو التجنيد الجماهيري غير الانتقائي. في الدول التي يكون فيها الجيش كبيرا بشكل خاصّ، مثل مصر التي توظف نحو نصف مليون جندي والسعودية التي توظف نحو ربع مليون، يصبح الجيش نوعا من “ترتيبات العمل” لمنع بطالة الكثير من الناس غير المتعلّمين وغير المؤهّلين. عندما يستوعب الجيش مئات الآلاف من أجل منحهم مصدرا لكسب الرزق فقط، ولا يقدّم لهم التدريب العسكري المناسب، تكون النتيجة أن الكثير من الجنود يصبحون طريدة أمام المدافع.

القوات الخاصة الأردنية (AFP)
القوات الخاصة الأردنية (AFP)

ولكن هناك أيضًا نقاط إيجابية، عثرت عليها مجلة الـ “إيكونوميست” في جيوش كل من الأردن والإمارات، فهما جيشان صغيران ومدرّبان جدّا، وخصوصا في مجال القوات الخاصة فيهما. نجحت القوات الخاصة في الإمارات بقتال الحوثيين في عدن بكفاءة أفضل مما لدى الجيش السعودي الكبير والأخرق. في حين أن سلاح الجو الأردني هو أحد أسلحة الجو الأكثر ريادة في قتال الدولة الإسلامية في سوريا والعراق.

اقرأوا المزيد: 440 كلمة
عرض أقل
عناصر حزب الله (MAHMOUD ZAYYAT / AFP)
عناصر حزب الله (MAHMOUD ZAYYAT / AFP)

حزب الله مجروح، ولكن لديه خبرة أكثر من أي وقت مضى

هناك شك كبير حول الافتراض بأنّ التورّط المكثّف لحزب الله في سوريا بمثابة نعمة بالنسبة لإسرائيل. المساعدات الإيرانية الهائلة المتدفقة للميليشيا الشيعية ستجعل حزب الله الذي سيواجه إسرائيل في المستقبَل مختلفا عن حزب الله الذي واجهها عام 2006

حدثت تغييرات كبيرة في السنوات التسع التي مرّت منذ ذلك الصيف في حرب لبنان الثانية من كلا الطرفين على الحدود الإسرائيلية اللبنانية. إسرائيل، التي فقدت أكثر من 120 جنديّا في ساحة المعركة اللبنانية، كانت مشغولة في تلك السنوات بشكل أساسيّ بالتهديد من جهة غزة، وتوجه حزب الله الذي فقد نحو 1,000 من مقاتليه هو أيضًا إلى جبهة أخرى، وهي الجبهة السورية.

الافتراض السائد في إسرائيل في السنوات الأخيرة، والتي ينزف فيها حزب الله دمه في القصير، الزبداني، القلمون وسائر مناطق سوريا، هو أنّ الصراع في سوريا ينهك حزب الله ويقلّل من فرص المواجهة مع إسرائيل. يُجمِع معظم المحلّلين في إسرائيل على أنّه طالما أنّ حزب الله “غارق لشوشته” في سوريا، فإنّ احتمال أن يجرؤ على فتح جبهة ثانية ضدّ إسرائيل صغيرة.

ولكن القتال في سوريا لا يُضعف حزب الله فقط، ولكن يعزّزه أيضًا. كلما أصبح القتال أكثر شدّة، ازداد تدفّق التمويل من إيران. والآن، بعد الاتفاق النووي الذي سيزيل تدريجيًّا العقوبات الاقتصادية المفروضة على الجمهورية الإسلامية، فإنّ هذا التدفّق سيزداد فقط.

لا شكّ أن حزب الله قد دفع ثمنًا باهظا في السنوات التي قاتل فيها دفاعًا عن بشّار الأسد. وقد تمثّل الثمن الباهظ أولا وقبل كل شيء بموت المئات من مقاتلي الحزب.

اطلاق صواريخ الكاتيوشا صوب المدن الإسرائيلية خلال حرب لبنان الثانية (AFP)
اطلاق صواريخ الكاتيوشا صوب المدن الإسرائيلية خلال حرب لبنان الثانية (AFP)

وثانيا، دفع الحزب الثمن بفقدان التأييد العربي العام والذي حظي به عام 2006. لقد تحوّل حزب الله من رأس الحربة المقاتل ضدّ الصهاينة، إلى رأس الحربة الإيرانية في سوريا. ولكن رغم الثمن الباهظ، فإنّ قوة حزب الله آخذة بالازدياد فحسب وهو يكتسب لنفسه المزيد والمزيد من القدرات العسكرية والاستراتيجية.

أوضح العدد الأخير من مجلة الـ “إيكونومست” البريطانيّة ذلك على الشكل التالي: “في الماضي، كان فرض حصار مدرّع على المدن العربية مع دبابات ودعم جوّي من سوريا أمرا غريبا على حزب الله. ولكن اليوم، فالحزب لا يستخدم فقط المدرّعات والصواريخ الموجّهة، وإنما أسطولا كاملا من الطائرات دون طيّار المدرّعة”.

صورة للأمين العام لحزب الله، السيد حسن نصر الله (AFP)
صورة للأمين العام لحزب الله، السيد حسن نصر الله (AFP)

وقال جيفري وايت، الخبير في معهد واشنطن لشؤون الشرق الأوسط لمجلة “إيكونمست”: “تحوّل حزب الله من تنظيم عصابيّ إلى تنظيم ذي قدرات واسعة النطاق”.

ولذلك، هناك من يخشى من اقتراب اليوم الذي سيُظهر فيه حزب الله أمام إسرائيل قدراته التي اكتسبها خلال الحرب الأهلية السورية، وعندها ستضطرّ إسرائيل  إلى مواجهة تنظيم أكثر قوة من ذلك الذي واجهته – وليس بنجاح كبير جدّا – في صيف 2006.  إحدى الجبهات التي زاد فيها حزب الله من تدخّله بشكل استثنائي في السنة الماضية هي هضبة الجولان، والتي أصبحت نوعا ما موطئ قدم لإيران ضدّ إسرائيل.

اقرأوا المزيد: 372 كلمة
عرض أقل
أزمة مولدات الكهرباء في لبنان (AFP)
أزمة مولدات الكهرباء في لبنان (AFP)

مسدّسات، رشاوى وخطف: هكذا تُدار الأعمال في لبنان

تتم تسوية صراعات تجارية خطيرة في سهل البقاع اللبناني بشكل واحد: الزعماء يستأجرون خدمات مسلّحين من أجل ترتيب الأمور

25 مارس 2015 | 19:03

في مجالات الأعمال الرئيسية في القطاع غير الرسمي، مثل إنتاج الحشيش، الاختطاف لطلب الفدية وتزوير الأموال؛ لا تزال قوة المسدّس مسيطرة في هذا الحوض الزراعي الوحشي، الذي يجاور الحدود السورية، هذا ما تذكره مجلّة الإيكونوميست البريطانية. ولكن لا شيء يوضح ثقافة الأعمال القاسية التي تسيطر عليه، وعلى معظم لبنان، مثل الاشتباكات المسلّحة التي تحدث مؤخرًا بين أصحاب مولّدات كهربائية خاصة وشركة كهرباء محلّية.

ليست هناك في لبنان كهرباء متوفّرة على مدار الساعة يوميّا من قبل الدولة منذ الحرب الأهلية، التي اندلعت عام 1975، واستمرّت 15 عاما، ومهّدت الطريق لصعود نوع من المافيا من أصحاب المولّدات الكهربائية.

أعلن موظّفون في مدينة زحلة، في شهر كانون الأول عام 2014، أنّ المدينة و 18 قرية في البقاع الواقعة على سفوح الجبال المثلجة القريبة ستحصل قريبا على التيار الكهربائي على مدار الساعة من مزوّد الكهرباء. ردّا على ذلك، سدّ أصحاب المولّدات الكهربائية المحلّية – الذين يمسكون بما يعتبر تجارة رابحة جدّا – الشوارع وأحرقوا الإطارات. لقد هدّدوا بخطوات أقسى، فقد خشوا من أن يجدوا أنفسهم دون عمل. ومن ثمّ، في بداية شهر شباط عام 2015، هوجمت وأُتلفت في جوف الليل أربعة محوّلات لشركة الكهرباء Electricité de .Zahlé‎ ‎وحتى يتم إصلاحها، يمكن للعديد من السكان في المنطقة التمتع بمعدل 12 ساعة من الكهرباء من الشبكة فقط، ممّا يضطرّهم إلى الاستمرار في شراء الكهرباء من أصحاب المولّدات الكهربائية.

وقال مراسلو الإيكونوميست في المقال إنّ الصوت الأكثر شيوعا في كلّ ركن في لبنان هو ضجيج المولّدات الكهربائية. في المناطق الأكثر نأيًا في البلاد، يحصل السكان على أقل من أربع ساعات من التيار الكهربائي يوميّا من شبكة الكهرباء القطرية. في بيروت هناك سكان يتعقّبون أوقات قطع الكهرباء اليومي بمساعدة تطبيق في الهواتف الذكية.

لقد سئم المحليّون في قرية زحلة من البلطجية الذين يبالغون في الأسعار مقابل ترك الأضواء مشتعلة. “عندما ينخفض سعر النفط، يجب أيضًا أن تنخفض أسعار التيار الكهربائي من المولّدات، ولكن لا يحدث ذلك”، كما يقول السكان.

واللوم ملقى على الدولة. لم يمرّر البرلمان المنقسم تشريعًا حقيقيّا منذ سنوات، ولم ينجح في اختيار رئيس منذ أيار عام 2014. ويصل الدّيْن القومي الآن إلى 211% من الناتج المحلّي وهو مستمرّ في الصعود، وهناك منظومة راسخة من الأسر الحاكمة تؤكد أنّ حفنة من الأسر تقسّم فيما بينها ثروات لبنان.

يعكس النزاع حول الكهرباء مشكلة تواجهها البلدان التي تتعافى من الحروب الأهلية. أنشأ انهيار الدولة فراغًا، وبقيت العصابات التي ملأته في الحكم حتى بعد انتهاء الحرب. حتى في مناطق العاصمة التي تتمتع بحياة ليلية عصرية، يستخدم مزوّدو خدمات مواقف السيارات الأسلحة أحيانا من أجل الدفاع عن مساحتهم.

اقرأوا المزيد: 392 كلمة
عرض أقل
العملة الإسرائيلية (Thinkstock)
العملة الإسرائيلية (Thinkstock)

تُعقد صفقات، ولكن لا تُدفع ضرائب دائمًا

تقارير حديثة تشير إلى أن إسرائيل هي دولة جيدة في مجال الأعمال، بل ربما جيدة جدًا. ومن ناحية أخرى، تثبت امرأة ألمانية أن ليست هناك حاجة أبدًا للنقود من أجل العيش

إحدى الظواهر التي تحاول السلطات محاربتها منذ العصور الوسطى هي محاولة امتناع الكثيرين عن تحويل الأموال للسلطة أو تقليصه، أو ما يُسمى: إخفاء الضرائب. والحاجة الطبيعية لكل إنسان في أن يحفظ أمواله وثروته هي السبب الأساسي لمحاولة الكثيرين إيجاد طرق لدفع ضريبة أقل.

بعد فهم الدوافع إلى دفع ضريبة أقل، يُطرح السؤال: هل سيوافق إنسان ما أن يدفع ضريبة أكثر إن كان سيربح نقودًا أكثر؟ طبيعيًّا، يبدو أن الجواب إيجابي، لكن طبع الإنسان يثبت أنه في حالات كهذه أيضًا، سيبحث الإنسان عن طرق لتقليص دفع الضرائب.

ولماذا هذه المقدمة؟ لأنكم إن كنتم تريدون استثمار الأموال في مكان غير بعيد من سكناكم ولتروا كيف سيثمر نتيجة مذهلة، فإسرائيل هي هدف غير سيء أبدًا.

حسب بحثِ قسم المعلومات للإكونوميست، فإن الدولة الشرق الأوسطية الأمثل للاستثمار بين عامي 2014-2018 هي إسرائيل، وتحتل المرتبة العشرين في القائمة العالمية. وتعود مرتبة إسرائيل العالية إلى أزمة الديون الصعبة في أوروبا، انهيار الأنظمة في دول كثيرة في الشرق الأوسط وفقدان الاستقرار في جارات روسيا.

بالمناسبة، تقع في قمة التدريج، سنغافورة، وبعدها سويسرا، كندا، هونغ كونغ وأستراليا. وتحتل إسرائيل مرتبة تفوق بريطانيا، فرنسا، إسبانيا ودول أوروبية أخرى. وفي الشرق الأوسط نفسه، تتفوق إسرائيل قليلا فقط على قطر، ويثق الباحثون أن ذلك يعود إلى كأس العالم في كرة القدم الذي ستستضيفه قطر سنة 2022. يمكن إيجاد دول في مرتبة أقل ومنها الإمارات المتحدة.

كأس العالم لكرة القدم (AFP)
كأس العالم لكرة القدم (AFP)

وإذا اكتشفتم طبعًا أن استثماركم أثمر وأربح، وتريدون بعد ذلك أن تحتفظوا بالأموال لأنفسكم وتخفوها عن سلطات الضرائب، يمكن لإخفاء الأرباح أن يغريَكم . حسب تقرير منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD)، فإن دائرة الاقتصاد الأسود في إسرائيل لا تقل عن 70 مليار شيكل (20.32 مليار دولار)، وتشكل 6.6% من الناتج القومي للدولة.

يكشف التقرير أن إخفاء الضراب البارز في إسرائيل يتم في مجال العقارات، البناء، والمرآبات، ذات المجال “الرمادي” الكبير، ويبلّغ الكثيرون عن قسم فقط من دخلهم للدولة، التي يصعب عليها متابعة إجراءات السوق.

وربما، في النهاية، تتنبّهون وتقررون أن تلهمكم قصة هايدماري شوارمر المذهلة، الألمانية ذات الـ 69 عامًا التي أثبتت أن ليست هناك حاجة أصلا للنقود كي نعيش حياة طيبة ترتكز على السعادة. ولقد أقامت شوارمر قبل 18 سنة دكانًا يمكن فيه تغيير أغراض دون الحصول على مقابل مادي.

رأت شوارمر أن مبادرتها قد نجحت، وبعد ذلك حاولت أن تحيا بنفسها سنة كاملة دون أن تصرف المال. بعد مرور سنة ناجحة، راقت الفكرة لشوارمر وقررت أن تعيش باقي حياتها دون النقود. قصة الحياة المذهلة موثقة في تسجيل توثيقي، تثبت أن للمال أوجهًا متعددة.

شاهدوا ملخصًا للمقطع “الحياة بلا نقود”، عن حياة شوارمر.

اقرأوا المزيد: 389 كلمة
عرض أقل
وجبة الفلافل (Orel Cohen/Flash90)
وجبة الفلافل (Orel Cohen/Flash90)

“مؤشّر الفلافل” يقارن بين القوة الاقتصادية لدى العرب

مؤشر جديد يحاكي "مؤشر بيج ماك" العالمي ويفحص: أين ستعثرون على وجبة الفلافل الأرخص في الشرق الأوسط، وماذا يعني ذلك بالنسبة للحالة الاقتصادية؟

يعرف الكثير من الاقتصاديين حول العالم “مؤشر بيج ماك”، وهو مؤشر بدأه الفضول وحبّ التهكم، وكان ذلك في الصحيفة الأسبوعية “الإيكونوميست” عام 1986 من أجل مقارنة أسعار هامبورجر ماكدونالز في جميع دول العالم. يُنشر المؤشّر كلّ عام، وهو يفحص كم تبلغ قيمة ساندويتش “بيج ماك” التابع للشبكة الغذائية في كل بلد في العالم.

وبذلك يمكن المقارنة إذا ما كان سعر الصرف الحقيقي بين الدولار وسائر العملات في العالم هو عادل أم مفرط. على سبيل المثال، في المملكة العربية السعودية يبلغ سعر ساندويتش “بيج ماك” 11 ريال، وهو يساوي نحو 2.93 دولار. في الولايات المتحدة السعر هو 4.62. إذا كانت العلاقة بين معدّلات صرف العملات دقيقة، فكانت قيمة الريال ستبلغ 2.38 للدولار، ولكن المعدّل في الواقع هو 3.75 ريال للدولار. ومعنى ذلك أنّ الريال يتم تداوله بتقدير منخفض 36.6% مقابل الدولار الأمريكي.

والآن تُنبئ مجلة “فوربس” بمؤشر جديد؛ مؤشر الفلافل، والذي سيقارن بين أسعار الصرف في العملات المختلفة في العالم العربي، وبين أسعار وجبة الفلافل في كلّ دولة. وتوضح “فوربس” أنّ مؤشر “بيج ماك” ليس له صلة كافية بالشرق الأوسط. ففي حين يمكن المقارنة في الدول الغربية بين وجبات الـ “بيج ماك” باعتبارها طعامًا بسيطا، رخيصًا وأساسيًّا، فإنّه في دول عربية معيّنة يمكن اعتباره طعامًا أمريكيًّا مرغوبًا فيه، ولذلك فهو أعلى سعرًا.

هامبورغر ماكدونالز (AFP)
هامبورغر ماكدونالز (AFP)

ليس طعام ماكدونالز في العالم العربي شعبيّا كما في سائر أنحاء العالم. من يأكل في فروع الشبكة في الدول العربية هم عادةً السيّاح، الأثرياء أو الأشخاص الذين ينتهجون نمط حياة قريبًا من الثقافة الأمريكية. خلاصة القول أنّ “بيج ماك” ليس مؤشّرًا جيّدا للمقارنة بين الدول العربيّة.

وهنا دخل مؤشر جديد إلى الصورة، وقد استخدم للمرة الأولى من قبل مجلّة “المجلّة”: مؤشر الفلافل. بدلا من المقارنة بين أسعار ساندويتش “بيج ماك”، يقارن المؤشر بين أسعار وجبة الفلافل في كلّ دولة. ولذلك، طرحت المجلّة سؤالا: كم هي وجبات الفلافل التي يمكن الحصول عليها مقابل 10 دولارات؟

المكان الأرخص، كما يتّضح، هو فلسطين. في مدينة رفح في قطاع غزة وفي مخيّم الدهيشة للاجئين في الضفة الغربية، يمكنك أن تحصل على 17 وجبة فلافل مقابل 10 دولارات. المكان الأغلى، بشكل غير مفاجئ، هو إسرائيل: في بلدات مثل تل أبيب وحيفا يمكنك أن تحصل على وجبتي فلافل مقابل مبلغ مماثل. في عُمان أيضًا فإنّ الفلافل باهظ السعر بالمقارنة مع سائر الدول العربية، وهناك أيضًا فإنّ عشرة دولارات يمكنها شراء وجبتي فلافل فقط.

كرات الفلافل (Rachael Cerrotti/Flash90)
كرات الفلافل (Rachael Cerrotti/Flash90)

وإليكم أماكن أخرى ظهرت في المقارنة التي نُشرت في “فوربس”؛ كم وجبة فلافل يمكن الحصول عليها مقابل 10$؟

تل أبيب وحيفا: وجبتان.

دبي: 3 وجبات.

الدوحة، الرباط، الكويت وبيروت: 4 وجبات.

الرياض وصنعاء: 5 وجبات.

القاهرة ورام الله: 6 وجبات.

عمّان: 8 وجبات.

بغداد: 11 وجبة.

دمشق: 14 وجبة.

رفح، الدهيشة: 17 وجبة.

تُظهر المعطيات ملاءمة قوية جدّا بين الحالة الاقتصادية للدولة والتي تنعكس في الناتج المحلّي الإجمالي، وسعر وجبة الفلافل. في الأماكن الأكثر فقرًا؛ غزة ودمشق، فإنّ أسعار الوجبات هي الأرخص. ومع ذلك، فالأسعار في دبي وقطر ما زالت رخيصة مقابل إسرائيل، رغم أنّ حالتهما الاقتصادية أفضل من حالة إسرائيل. الاستنتاج الواضح هو أنّ الشاقل الإسرائيلي هو عملة يتمّ تداولها بتقدير مبالغ به. وبالمقابل، فإنّ الريال السعودي والقطري يتمّ تداوله بتقدير ناقص، بسبب التضخّم المتزايد في تلك البلدان.

اقرأوا المزيد: 481 كلمة
عرض أقل