مجزرة كفر قاسم

في الذكرى الـ 60 لمجزرة كفر قاسم.. "احذرن التبرج!"
في الذكرى الـ 60 لمجزرة كفر قاسم.. "احذرن التبرج!"

في الذكرى الـ 60 لمجزرة كفر قاسم.. “احذرن التبرج!”

عاصفة في المجتمع العربي في إسرائيل في أعقاب منشور يشترط مشاركة النساء في مناسبة إحياء ذكرى مجزرة كفر قاسم، بالتزامهنّ ارتداء زيّا محافظا

أقيمت أمس (السبت) المناسبة السنوية لذكرى 49 قتيلا في مجزرة كفر قاسم. ولكن العاصفة التي أثارتها الذكرى لا تتعلق بالمجزرة إطلاقا، وإنما بإعلان نُشر قبيل مناسبة إحياء الذكرى، وكان معدا للنساء اللواتي يرغبن في المشاركة في الذكرى والدعم. في المنشور، الذي لم يوقّع عليه ناشروه باسمهم وإنما تحت اسم “لجنة المنظمات”، ورد طلب الاهتمام باختيار اللباس من أجل “الحفاظ على قدسية” المناسبة، وكان مخصصا للنساء فقط.

وظهر في المنشور رسم لامرأة ترتدي حجابا، من أجل وضع نموذج لأسلوب اللباس المناسب للحدث، وفقا لطلب “لجنة المنظمات”. ومن الجدير بالذكر أنّ الحدث كان مفتوحا للجمهور العريض وشارك فيه مؤيّدون من جميع قطاعات السكان والأديان.

حظي المنشور بردود فعل شديدة من قبل مشارِكات ومشاركين في الحدث، وفي المقابل، كانت هناك ادعاءات أنّه لا يتضمن خطأ أيا كان. نشر عضو الكنيست من حزب الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة والذي شارك في مناسبة إحياء الذكرى في كفر قاسم الإعلان في الفيس بوك معربا فيه عن رأيه: “ملصق مرفوض‎…‎المشارِكات في المناسبات الوطنية هُنّ المناضلات البطلات الماجدات ومن ينظر إليهن غير ذلك، ليفحص ذاته”.

https://www.facebook.com/mohammad.barakeh.3/posts/10211257221573276
كتب أحد المعلّقين: “كلمة احذري تحوي على التهديد وكلمة تبرج كلمة ساقطة. يكفي اعتداء على النساء بهذا التهديد وبهذا الشكل”، وأيّد كلامه معلّق آخر وأضاف: “كل امرأة أو صبيه تشترك في المعارك النضالية هي بطله بغض النظر عن لبسها، لونها، أو دينها”. وكانت هناك تعليقات أكثر انتقادية تجاه الإعلان، مثل التعليق التالي: “شعب يفكر بهذه الطريقة وكأن المرأة مجرد جسد للإغراء والتغنج، شعب لا يمكن أن تكون له أية صلة بالنضال والانتماء لشعبه وقضاياه”.

في المقابل، قال معلّقون آخرون إنّ الطلب الذي في الإعلان لم يكن خطأ، ولا يشكّل أيّ إكراه. ولكن مديرة جمعية “نعم – نساء عربيات في المركز”، سماح سلايمة إغبارية، لا تتفق معه. “إنّ طلب عدم التبرّج في المسيرة – سخيف وغير شرعي”. قالت سلايمة. “يحتقر هذا الطلب كل امرأة ترغب في التضامن مع سكان كفر قاسم. بغضّ النظر عن لون أحمر شفاهها”.

“قُتلت تسع نساء في المجزرة في كفر قاسم”، أضافت سلايمة، “لم تفرّق طلقات الجيش بين النساء والرجال. وها هم، بعد 60 عاما يضعون للنساء شروطا وتعليمات كيف يحافظن على طهارة الحدث وفقا لوجهة نظرهم. آمل ألّا تردع هذه الدعوة المهينة أية امرأة من المشاركة. كفر قاسم هي بلدة مهمة جدا، ولكنها لم تصل بعد إلى القداسة التي تحتاج إلى قواعد لباس خاصة”.

اقرأوا المزيد: 359 كلمة
عرض أقل
ريفلين في النصب تذكاري لضحايا مجزرة كفر قاسم عام 1956 (Mark Neyman/GPO)
ريفلين في النصب تذكاري لضحايا مجزرة كفر قاسم عام 1956 (Mark Neyman/GPO)

وأخيرًا نحن أيضًا لدينا رئيس

تحديدًا في الأيام التي يكسر فيها التوتّر بين اليهود والعرب الأرقام القياسية، يُظهر رؤوفين ريفلين وجهة نظر ليبرالية يبدو أنّها اختفت من البلاد

كان لدينا بالفعل عدد غير قليل من الرؤساء في الدولة. تحدّث معظمهم عن أهمية السلام مع الدول العربية والفلسطينيين. ونادرا ما ألقوا بنظرهم إلى ما يحدث داخل البلاد، إلى المواطنين العرب في إسرائيل. مؤخرا حدث تغيير. حظي الجمهور العربي برئيس يحترم قيَمه وتراثه، يعترف برواية الآخر، حتى لو لم يقبل أيديولوجيّته. رئيس يشير إلى أنّهم مواطنون يريدون المساواة المدنية الكاملة، ويعترف بهويّتهم.

تحديدا في الأيام التي يكسر فيها التوتّر بين اليهود والعرب الأرقام القياسية، يدعو وزراء وأعضاء كنيست إلى إخراج أعضاء الكنيست العرب خارج القانون، ويدعو المعقّبون الخبثاء والشيطانيّون إلى مقاطعة وطرد 20% من سكان البلاد، ويصرح المثقّفون العرب أنّهم قد أصيبوا بالضجر من العيش في هذه البلاد ويفكّرون بتركها؛ وفي هذه الأيام تبرز الشخصية الجيدة لرئيس الدولة، رؤوفين ريفلين، بكامل تألّقها.

يُظهر الرئيس الجديد وجهة نظر ليبرالية يبدو أنّها اختفت من البلاد. يتبنّى اليمين في السنوات الأخيرة لغة عنصرية تجاه العرب، يدعو إلى إبعادهم عن دائرة العمل، وينظر إلى منتخبيهن باعتبارهم شخصيات غير شرعية، ويستجيب الشارع اليهودي وفقا لذلك بالعنف، بالكراهية، بدعوات “الموت للعرب” و “اذهب إلى غزة”.

الرئيس الإسرائيلي رؤوفين (روبي) ريفلين (Hadas Parush/Flash90)
الرئيس الإسرائيلي رؤوفين (روبي) ريفلين (Hadas Parush/Flash90)

اليسار أيضًا ليس خاليا من المسؤولية. لقد تعامل خلال السنين مع العرب بمثابة العشيقة التي لا تظهر على الملأ. في أيام الانتخابات يستندون إلى أصواتهم. حتى الممثّل العربي الذي يناوب في أحزاب اليسار الصهيوني كما يُقال يصوّر على أنّه ورقة توت، حيث إنّ تأثيره على آلية صنع القرار طفيف. في أيام عملية “الجرف الصامد” الصعبة، حين عانى العرب من وابل من الإهانات والشتائم، سُمعت أصوات أعضاء الكنيست من اليسار وهي واهنة وضعيفة، كما لو كانوا يخشون من الإضرار بالإجماع الوطني، في حين أنّ ريفلين خرج ضدّ المستعرين من اليمين والضعفاء من اليسار.

قرّر الرئيس ريفلين، والذي يعتبر يمينيّا في الشأن السياسي، بخلاف سابقيه ألا يكتفي بالتصريحات الفارغة في الاحتفالات والمناسبات، وإنما أن يفعل شيئًا. لقد ذهب إلى كفر قاسم ليس فقط ليعبّر عن تضامنه مع ضحايا المجزرة، وإنما كي يطلب المغفرة باسم الدولة على ما حدث في القرية قبل أكثر من خمسين عاما، وأساسا قرّر بشكل لا لبس فيه أنّه: “ستكون دولة إسرائيل هي وطن ومنزل شريحة السكان العرب الواسعة للأبد… إن السكان العرب في دولة إسرائيل ليسوا مجموعة هامشية في المجتمع الإسرائيلي. هؤلاء السكان هم من دم ولحم هذه البلاد، سكان متماسكون مع هوية وطنية وثقافية مشتركة سيكونون دائمًا عنصرًا أساسيّا في المجتمع الإسرائيلي”.

وبصرف النظر عن هذا التصريح المهم، فقد خرج منذ توليه للمنصب ضدّ عنف اليهود تجاه العرب، والذي أصبح مع الأسف أمرًا مألوفًا، ودعا الأذرع القانونية إلى تطبيق الحدّ الأقصى ضدّ من يؤذي ويهدّد، وذلك من منظور وطني وشعور بالمسؤولية، وعلى هذا ينبغي الثناء عليه.

لقد قام بذلك رغم حقيقة أنّ العديد ممّن أرادوا أن يكون رئيسًا لن يوافقوا على أفعاله، ولذلك فهو يستحقّ تقديرًا كبيرًا. يحرص ريفلين على التأكيد أنّه يعكس بتصرّفاته رؤية زئيف جابوتنسكي، الذي كان يؤمن بفكرة أرض إسرائيل الكبرى التي “سيكون مشبعًا فيها بالوفرة والثروة، ابن العرب وابن الناصرة وابني”، دون نزع ملكية أو طرد أي شخص، اليهودي والعربي على حد سواء.

يؤمن ريفلين أيضًا مثل جابوتنسكي بالدولة ثنائية القومية التي يعيش فيها الجميع سويّة مع مساواة مطلقة في الحقوق. في هذا الموضوع أنا أختلف وسأظلّ أختلف معه. مثل الكثير من الآخرين الجيّدين أؤمن أنّ الصيغة الأفضل هي مبادرة السلام العربية، التي ستضمن إقامة دولة فلسطينية إلى جانب دولة إسرائيل. ولكن إذا كان مقدّرا لنا أن نعيش يومًا واحدًا في دولة ثنائية القومية أريد أن أؤمن بأنْ يكون ذلك وفق رؤية ريفلين وليس وفق رؤية فيجلين.

الكاتب هو مالك محطّة الإذاعة “راديو الشمس” ومديرها التنفيذي.

نُشرت هذه المقالة أساسًا في موقع هآرتس

اقرأوا المزيد: 550 كلمة
عرض أقل
نصب تذكاري لضحايا مجزرة كفر قاسم عام 1956 (ويكيبديا)
نصب تذكاري لضحايا مجزرة كفر قاسم عام 1956 (ويكيبديا)

ريفلين في كفر قاسم: “جريمة بشعة حدثت هنا”

بعد مرور 58 عامًا على المجزرة التي راح ضحيّتها العشرات من سكان القرية من قبل وحدات الجيش الإسرائيلي، رئيس دولة إسرائيل يرسل رسالة مصالحة: "السكان العرب هم جزء لا يتجزأ من إسرائيل"

بعد مرور 58 عامًا على المجزرة التي نفّذتها وحدات حرس الحدود الإسرائيلية في سكّان كفر قاسم، يذهب الرئيس الإسرائيلي رؤوفين (روبي) ريفلين ليطلب من سكان القرية المغفرة والصفح. وذلك بعد أن ذهب سلفه في المنصب، شمعون بيريس، هو أيضًا ليطلب المغفرة من سكان القرية عندما شغل منصب الرئيس.

“اعترفت إسرائيل بالجريمة التي حدثت هنا، واعتذرت عنها بحقّ”

قال ريفلين في كلماته: “إنّ نتائج مجزرة كفر قاسم تلزمنا بمحاسبة أنفسنا. اعترفت إسرائيل بالجريمة التي حدثت هنا، واعتذرت عنها بحقّ. وأنا هنا أقول أيضًا: جريمة بشعة حدثت هنا، ويجب تصحيحها”. واصل ريفلين، الذي منذ استلامه للمنصب اتّخذ خطّا لا لبس فيه ضدّ سياسة التمييز مع السكان العرب في إسرائيل، الخطّ المتسامح.

“السكان العرب هم جزء لا يتجزأ من إسرائيل”

وعلى ضوء الاحتكاك المتزايد بين السكان الإسرائيليين والفلسطينيين قال ريفلين: “جئت إلى هنا تحديدًا في هذه الأيام لأمدّ يدي إليكم. ستكون إسرائيل دومًا بيتا لشريحة واسعة من السكان العرب، والسكان العرب هم جزء لا يتجزأ من إسرائيل”.

أضاف ريفلين: “علينا أن نقول بصراحة إنّ الجمهور العربي في إسرائيل يعاني منذ سنوات من التمييز في الموارد والميزانيات”. وقال إنّه يأسف أنّ دولة إسرائيل لا تقف ثابتة على مبدأ المساواة بين جميع مواطنيها، العرب واليهود.

“علينا أن نقول بصراحة إنّ الجمهور العربي في إسرائيل يعاني منذ سنوات من التمييز في الموارد والميزانيات”

ومع ذلك، أكّد ريفلين في كلامه أنّ مدّ اليد لعرب إسرائيل لا تعني تنازلا عن كونها وطنا للشعب اليهودي. قال ريفلين: “أنا أدرك أنّ إقامة إسرائيل لم تكن حلما تحقّق بالنسبة للعرب في هذه البلاد، ولكن على الجمهور العربي أن يدرك أنّ إسرائيل هي الوطن القومي للشعب اليهودي”. أضاف ريفلين: “أدعو قيادة المجتمع العربي إلى تحمّل المسؤولية وإسماع صوت واضح ضدّ العنف والإرهاب”.

وترمز مجزرة كفر قاسم التي نُفّذت في 26 تشرين الأول عام 1956، والتي قُتل فيها العشرات من سكّان القرية، إلى نقطة ضعف لدولة إسرائيل مع الأقلية العربية التي تعيش فيها.

اعتقل جنود حرس الحدود في الجيش الإسرائيلي سكان القرية الذين عادوا من عملهم مشيًا أو في السيارات، وأطلقوا النار حتى الموت على 43 منهم، من بينهم 9 نساء و 17 طفلا ومراهقا، وجُرح 13 شخصا. بالإضافة إلى ذلك فقد قُتل داخل القرية نحو أربعة مواطنين آخرين. ويُلحق سكان القرية أيضًا في عداد الضحايا رجلا توفي بسكتة دماغية بسبب موت ابنه في المجزرة، وجنين امرأة حامل قُتلت في المجزرة، فيصلون بذلك إلى 49 ضحية.

اقرأوا المزيد: 364 كلمة
عرض أقل
قرية كفر قاسم (Moshe Shai/FLASH90)
قرية كفر قاسم (Moshe Shai/FLASH90)

الرئيس الإسرائيلي المنتخب سيشارك في مراسم ذكرى مجزرة كفر قاسم

رؤوفين ريفلين، المحسوب على تيار اليمين، والذي سيحل الشهر القادم محل شمعون بيريس، يصرح: "سأكون رئيسًا للجميع"

أعلن رئيس دولة إسرائيل المنتخب، رؤوفين ريفلين، عن استجابته لطلب أعضاء الكنيست العرب وسيشارك في مراسم ذكرى مجزرة كفر قاسم في شهر تشرين أول القادم. ويتزامن هذا الإعلان مع تصريح ريفلين فور انتخابه رئيسًا قبل يومين، قال فيه، “منذ هذه اللحظة أنا في خدمة الجميع”.

وشدّد ريفلين في الخطاب الذي ألقاه بعد انتخابه، على أنه يرى أهمية كبرى في إعادة الوحدة في دولة إسرائيل، وفي العلاقات بين مختلف المواطنين في إسرائيل –  العرب، اليهود، المسيحيين، الدروز وباقي الأقليات المختلفة. وأشار إلى أنه سيركّز على الوحدة رغم الخلافات السياسية حول انتخابه.

استغل عضو الكنيست أحمد الطيبي، وإبراهيم صرصور الذي يسكن في كفر قاسم، تصريح ريفلين وقاما بتحويله إلى تصريح فعلي، عندما قاما بدعوته للمشاركة في مراسم الذكرى لضحايا المجزرة، التي ارتُكبت عام 1956 على يد جنود الجيش الإسرائيلي. وبذلك يبقى ريفلين مخلصًا لأقواله، بعد استجابته للدعوة.

ريفلين مع اعضاء الكنيست العرب ابراهيم صرصور وأحمد الطيبي (Olivier Fitoussi /Flash90)
ريفلين مع اعضاء الكنيست العرب ابراهيم صرصور وأحمد الطيبي (Olivier Fitoussi /Flash90)

هناك إجماع واسع في إسرائيل على أن أحداث المجزرة في كفر قاسم تشكّل وصمة عار على تاريخ الشعب الإسرائيلي. كذلك شارك، رئيس الدولة، شمعون بيرس، سابقًا في مراسم إحياء المجزرة فور تولي منصبه. “في الماضي وقعت هنا حادثة قاسية جدًا، ونحن نأسف كثيرًا لوقوعها”، هكذا قال بيريس خلال مراسم استقباله. كذلك، قال الرئيس الأسبق، موشيه كتساف، إن عائلات ضحايا المجزرة يستحقون المعذرة.

لقد أودت هذه المجزرة بحياة نحو 50 شخصًا، كانت أغلبيتهم من سكان القرية الذين لم يكونوا على دراية بفرض منع التجوال في القرية خلال النهار، حيث تم قتلهم جنود حرس الحدود الذين قاموا بترتيبهم في عدة صفوف ومن ثم أطلقوا النار عليهم. وقرر الحاكم الذي تسلم ملف المجزرة بأن الأمر لتنفيذها لم يكن “قانونيًّا أساسًا”، وكان على الجنود رفض تنفيذ هذا الأمر. لكن، رغم ذلك، تمت محاكمة منفذي المجزرة حيث لم تتعد عقوبة السجن بضع سنوات، وتم الإفراج عنهم قبل نهاية محكوميتهم.

اقرأوا المزيد: 275 كلمة
عرض أقل
مظاهرة ضد عمليات تدفيع الثمن (Flash90)
مظاهرة ضد عمليات تدفيع الثمن (Flash90)

نتنياهو قلِق من جرائم الكراهية في الفريديس

مَن لديه أذنان ليسمع الذبذبات الصادرة عن السياسيين الإسرائيليين لاحَظ حتمًا الاهتمام الخاصّ الذي حظيت به (وبحقّ) بلدة الفريديس بُعيد أعمال "تدفيع الثمن" فيها.‎ ‎فرغم أنّ هذه الأعمال تجري ضدّ فلسطينيين وضدّ فلسطينيين إسرائيليين بشكل دائم، يبدو هذه المرّة أنّ ثمة اهتمامًا سياسيًّا فائقًا للعادة

كانت الكتابة على الجدار. وصلتُ هذا الصباح إلى الفريديس لشجب أعمال تدفيع الثمن التي نُفّذت في يوم ذكرى الهولوكوست (الثلاثاء) في أحد مساجِد البلدة. الفريديس هي قدوة يُحتذى بها للحياة المشتركة، وليس صدفة احتشاد الآلاف في مسيرة احتجاجية أمس، يهودًا وعربًا. مَن يحاول إشعال النار على خلفية دينية يُشعل نارًا غريبة، وتتحتّم محاربته. تعمل الشرطة والأمن العامّ (الشاباك) على القبض على المجرمين، ولكن من أجل فعل ذلك بشكل فاعل، يجب منحهما أدواتِ كما في الحرب على الإرهاب. أعمال تدفيع الثمن من جهتي هي إرهاب، تتوجّب محاربته بجميع الوسائل المتوفرة لدى سلطات فرض القانون. في هذا الشأن، لا ائتلاف ولا معارضة، فلا يمكن السماح للكراهية الدينية أن تمسّ بالحياة المشترَكة في هذه البلاد.

حتّى رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، الذي لا يهتمّ بشكلٍ عامّ بحياة عرب إسرائيل، كلّف نفسه عناء التصريح للصحافة، رغم أنه لم يكتب الكلمات على صفحته على الفيس بوك. مع ذلك، كم مصوّتًا مسلمًا هناك للّيكود ولرئيس الحكومة؟ في إعلان موجّه للإعلام، تطرّق رئيس الحكومة نتنياهو إلى الأعمال خلال لقاء في القدس مع ناشطين في الليكود من الوسط العربي، الدرزي، والشركسي، قائلًا: “نعمل من أجل إلقاء القبض على المسؤولين. قمتُ بتكثيف القدرات لهذا الغرض، ونحن نستخدم وسائل الشاباك”. حسب تعبيره، “هذا هدف مركزيّ، لأنّ الأمر يناقض ماهيّتنا وقيَمنا”.

بنيامين نتنياهو (Miriam Alster FLASH90)
بنيامين نتنياهو (Miriam Alster FLASH90)

ولكن، لمَ هذا الحماس الساحر لقادتنا، ولمَ لا نسمع هذه الصرخة المدوّية في كلّ تمييز ضدّ الوسط العربيّ؟

لمَ الفريديس تحديدًا وليس يكنعام، كنيسة الطابغة، أم الفحم، الجشّ، دير رفات ، أو بيت شيمش، وهذه مجرّد عينة صغيرة من أحداث شهر نيسان؟

هناك إجابة! فالفريديس هي إحدى القرى القليلة في إسرائيل التي تعيش فيها نسبة عالية جدًّا من المسلمين، ويصوّت فيها السكّان لأحزاب الليكود، العمل، وميرتس. حالة الليكود مفاجِئة بشكل خاصّ، فهو يحظى بنسَب صغيرة جدًّا تقارب الصفر في باقي البلدات المسلمة في البلاد.

في نهاية انتخابات 2013، حاولتُ أن أفهم كيف لا ينجح الليكود، وهو الحزب الأكبر في إسرائيل، الحِزب الحاكم، الذي لديه بالطبيعة القدرة على توزيع الوظائف وأكبر عدد من المنتسِبين في البلاد، في أن يكون حزبًا إسرائيليًّا شاملًا، يمكن للأقليات أن تندمج فيه أيضًا؟ هل للحزب مصلحة ورغبة في دمج الأقليّات؟ تحدثتُ إلى بضعة أشخاص، وبحثتُ عن الأماكن في الخارطة التي صوّت فيها مسلمون بنسب أعلى قليلًا لصالح الليكود. تبيّن لي أنها مهمّة ليست سهلة.

وإذا بي أجد الإجابة: تتصدّر الفريديس القائمة بنسبة 15% للّيكود، تليها عيلوط (منطقة الناصرة) مع 9%، ثمّ بسمة طبعون مع 7%.

تلقّى النائب السابق عبد الوهّاب دراوشة اتّصالًا من رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو بعد المعركة الانتخابية عام 1996 ودعوة للمفاوضات من أجل الانضمام للائتلاف. أراد نتنياهو، في ولايته الأولى في رئاسة الليكود والحكومة (في انتخابات مباشرة)، أن يجلب دراوشة الحزب الديمقراطي العربي ليكون جزءًا من الائتلاف. ذهل دراوشة، تحدّث مع رئيس الحكومة، وكذلك مع النائب طلب الصانع، وقرّرا عدم الانضمام إلى الحكومة. “أراد نتنياهو القيام بهذه الخطوة، لكن السياسيَّين شعرا بأنّ هذا يمكن أن يكون إشكاليًّا بالنسبة للجمهور العربي، فلم يدخُلا”، هذا ما رواه هذا الأسبوع محمد دراوشة، مدير عامّ مشترَك في مبادرات صندوق إبراهيم، جمعية تعمل على الدمج والمساواة بين اليهود والعرب مواطني إسرائيل.

عربية إسرائيلية تدلي بصوتها في الانتخابات المركزية عام 2013 (تصوير: نوعم موسكويتش)
عربية إسرائيلية تدلي بصوتها في الانتخابات المركزية عام 2013 (تصوير: نوعم موسكويتش)

“كان هذا في الماضي، حاول الليكود، لكنّ هذا لا يحدث اليوم”، قال دراوشة (ثمة قرابة بعيدة بينه وبين النائب السابق دراوشة)، متابعًا: “الليكود لا يتوجّه بأيّ شكلٍ من الأشكال إلى المجتمَع العربي. فهو لا يطلب دعم هذا المجتمَع، لا علنًا، ولا في الغرف المغلقة. لم يقوموا بدعاية انتخابية ضمن حملتهم باللغة العربية. وكانت رسالتهم متطرفة عبر وضع موشيه فيجلين في مكانٍ متقدّم في القائمة. لقد عزلوا صوتَ العقل في الليكود، مثل بيني بيجن، من القائمة، وحوّلوا الحزب إلى متطرّف أكثر بنظر الشعب العربيّ”.

في السنوات الماضية، ساد الافتراض أنّ الليكود لا يحظى بأيّ دعم في المجتمَع العربي – الإسلامي في إسرائيل. يختلف الأمر لدى الطائفة الدرزية، التي يخدم أبناؤها في الجيش، والتي تمتلك بعض القوة السياسية لدى أقطاب مؤتمَر الليكود. لكن رغم أنّ الأمر يبدو مفهومًا ضمنًا، يجدُر التساؤل لمَ لا يبذل الحزب الأكبر في إسرائيل، الذي اقترع لصالحه ما يزيد عن 885 ألف شخص في إسرائيل، أيّ جهد لإجراء حوار مع شريحة كبيرة جدًّا من الشعب الإسرائيلي.

قال لي هذا الأسبوع أحد أفراد الليكود، الذي كان جزءًا من الحملة الانتخابية، إنه عدا الشأن المفهوم – غياب أيّ تقدم في الشأن الفلسطيني في السنوات الأربع الماضية – فإنّ الهوّة بين الليكود والسكّان المسلمين أعمق من أيّ وقتٍ مضى. “على سبيل المثال، حين أراد النائب جمال زحالقة (التجمع الوطني الديمقراطي) إمرار اقتراح قانون يُلزم المؤسسات التعليمية في إسرائيل بتدريس مجزرة كفر قاسم، عارضت وزارة التربية برئاسة الوزير الليكودي جدعون ساعر. تجري دراسة هذا الموضوع في جميع الحالات، كان الردّ على زحالقة. في موادّ التدريس للبجروت في التاريخ، وكذلك كجزءٍ من دورة ضبّاط، في موضوع القيادة غير الشرعية بشكل جليّ. الافتراض الأساسيّ داخل الليكود اليوم هو أنه ليس هناك أيّ تعاوُن مع المجتمع الإسلاميّ، لأنهم غير معنيين بذلك، ولا يدعمون الليكود مطلقًا”.

رغم الطابع التخريبي لنشاطات "تدفيع الثمن"، لم تكُن الحكومة الإسرائيليّة واضحة في تعريف هذه الأحداث (Flash90)
رغم الطابع التخريبي لنشاطات “تدفيع الثمن”، لم تكُن الحكومة الإسرائيليّة واضحة في تعريف هذه الأحداث (Flash90)

وهل تبدو لكم هذه الفجوة أمرًا عاديًّا؟ “لا. أعلم أنّ هناك نحو 20 ألفًا من البلدات الدرزية والإسلامية صوّتوا للّيكود، لكنهم في الأساس دروز. ومَن أحضرهم هو نائب الوزير أيوب قرا، الذي خرج هو نفسه من قائمة الليكود للكنيست. قام الوزير يسرائيل كاتس بعدّة خطوات هامة في مجال النقل في البلدات العربية، من أجل تسهيل خروج النساء العربيات إلى العمل، ولكن لا أحد يعترف بفضله في ذلك عَلَنًا”.

هل ثمّة أي احتمال للتقارُب اليوم بين الجمهور العربي وبين الحِزب الحاكم؟ “للأسف، يبدو الأمر بعيد الاحتمال”، قال دراوشة، مضيفًا: “لا أرى أيّ احتمال أن يدعو نتنياهو القائمة الموحدة – العربية للتغيير، أحمد الطيبي مثلًا، إلى المفاوضات الائتلافيّة. أضحى حزب الليكود في نظر الشعب العربي حزبًا لا يتوجّه إلى الجمهور الواسع، بل إلى اليمين، حتّى اليمين المتطرّف. فهو لا يتصرّف كحزبٍ تهمّه شرائح المجتمَع الإسرائيلي كلّها. بما أنه لم يكُن لديهم أيّ برنامج مكتوب ضمن الحملة الانتخابية، يمكن الاستناد إلى أقوالهم تجاه الجمهور العربي فقط، وهي أقوال وقِحة، تتّسم بالتمييز، وتحريضيّة. إذا بحثتَ عمّن صوتّ لهم من المسلمين ستستصعب العثور عليه”.

حرق منزل فلسطيني ضمن ما يسمى "تدفيع الثمن" من قبل يهود، في أعقاب مقتل الجندي الإسرائيلي في عفولة على يد فلسطيني (FLASH90)
حرق منزل فلسطيني ضمن ما يسمى “تدفيع الثمن” من قبل يهود، في أعقاب مقتل الجندي الإسرائيلي في عفولة على يد فلسطيني (FLASH90)

إثر بحث في خريطة التصويت، نجحتُ في العثور على القليل من الأماكن، البلدات العربية – الإسلامية، التي حصل فيها الليكود على تصويت مكثّف.‎ ‎أحد هذه الأماكن هو قرية الفريديس، حيث اقترع 15% من المصوِّتين للّيكود (465 صوتًا). إلى جانبها، هناك أيضًا عيلوط، في منطقة الناصرة مع 9% للّيكود (176 شخصًا)، بسمة طبعون في منطقة شفاعمرو مع 7% (119 شخصًا)، فضلًا عن بعض البلدات القليلة في أرجاء البلاد. وفق حِساب أجراه الليكود، صوّت للّيكود بين السكّان المسلمين (الذين يشكّلون 75% من المجتمَع العربي في إسرائيل) نحو 5 آلاف شخص فقط.

ذكر سياسي عربي تحدثتُ إليه، فضّل إبقاء هويته سرية، أنّ السياسة في الوسط العربي تلوّثت إلى حدٍّ بعيد في العقود الأخيرة، بحيث يجري دفع رشى مقابل الاقتراع في يوم الانتخابات. بالتباين، يذكر أنّ ظاهرة انخفاض التصويت للأحزاب الصهيونية تميّز اقتراع العرب منذ أوائل التسعينات.

وكيف يجري تعليل التصويت للّيكود في مكانٍ مثل الفريديس؟ “إنها حالة خاصّة لمصالِح محليّة. فرئيس بلدية الفريديس معنيّ بعلاقات مع الليكود، وهو يخوض اللعبة السياسية. إنه ليس تصويتًا مبدئيًّا، بل على أساس مصلحة. في باقي البلدات، ليس العرب المسلمون مستعدّين لقبول قواعد اللعبة السياسية، ولذلك لا ينسجون أية علاقات بالليكود”.

نُشرت المقالة للمرة الأولى في موقع “the Plog” لتاال شنايدير

اقرأوا المزيد: 1107 كلمة
عرض أقل
نصب تذكاري لضحايا مجزرة كفر قاسم عام 1956 (ويكيبديا)
نصب تذكاري لضحايا مجزرة كفر قاسم عام 1956 (ويكيبديا)

دعوة لتعليم دروس مجزرة كفر قاسم

شارك نواب من جميع الأطياف في البرلمان الإسرائيلي في نقاش خاص بلجنة التربية والتعليم، ودعوا إلى تضمين دروس المجزرة في منهاج التعليم الإسرائيلي الرسمي

03 ديسمبر 2013 | 14:17

شارك يوم أمس الإثنين 15 عضو كنيست من جميع أطياف البرلمان الإسرائيلي في نقاش خاص بلجنة التربية والتعليم في قضية مجزرة كفر قاسم، وأيدوا بالإجماع إدخال دروس المجزرة للمواد التي يتم تعليمها في جهاز التربية. وقد قام رئيس اللجنة عضو الكنيست، عمرام متسناع، بطرح الموضوع للمناقشة في اللجنة بعد أن تم رفضه في جلسة الهيئة العامة للكنيست.

“لقد وجدت أن كثيرًا من الناس لا يفهمون معنى وأهمية استخلاص الدروس في أعقاب تلك المجزرة التي اقترفت بحق سكان القرية في تشرين الأول عام 1956، حين عادوا إلى بيوتهم من أعمالهم اليومية. ويجري الحديث عن حالة استثنائية في تاريخ دولة إسرائيل في بداية طريقها حين نظّمت وشكّلت سلوكها وأخلاقياتها، وذلك حين قامت بإيقاف 49 شخصًا بواسطة الشرطة التابعة لها، من بينهم نساء، أطفال، شباب وعجزة، ثم قامت بقتلهم دون تردد”.

وقال عضو الكنيست متسناع أيضًا إن الموضوع ليس جزءًا من الجدل أو الصراع بين اليهود والعرب، ولكنه حوار إسرائيلي تمامًا. “أنا على قناعة بأن حدثا كهذا لن يتكرر، ولكنه لا زال يلزمنا بدراسة القضية بتفاصيلها واستخلاص الدروس المهمة؛ لأن حالة الصراع التي نعيشها تولّد أحيانا حقائق يمكنها أن تؤدي إلى حالات لا نرغب بها”.

رئيس لجنة التربية والتعليم التابعة للكنيست، النائب عمرام متسناع (Flash90)
رئيس لجنة التربية والتعليم التابعة للكنيست، النائب عمرام متسناع (Flash90)

وقال عضو الكنيست رؤوفين ريفلين (الليكود بيتنا) إنه يجب تعليم دروس مجزرة كفر قاسم في المنهاج التعليمي من أجل أن نقول للعالم، يكفي. “من هنا ينبغي أن ندعو إلى معرفة المحظور، المسموح والمستحيل”.

وقال النائب العربي حنا سويد (الجبهة) في النقاش: “يجب العمل على زيادة وعي المجتمع لهذه القضية، وأخذ الحيطة والحذر لدى إصدار الأوامر والحديث. يجب أن تكون هذه المجزرة في وعي جميع مواطني دولة إسرائيل، كما هي راسخة في وعي مواطنيها العرب”.

“قضية كفر قاسم هي جريمة نفذتها دولة إسرائيل ضد مواطنيها العرب”، قالت عضو الكنيست زهافا جلئون (ميرتس)، وأردفت “نحن نرى في السنوات الأخيرة كيف أن الكنيست ضمّت تشريعات ومبادرات مناهضة للديمقراطية، تهدف إلى استبعاد أعضاء الكنيست من مقر الكنيست وإيجاد أجواء سلبية ضد السكان العرب. يجب على جهاز التربية والتعليم المُعدَّل أن يعلّم ما هي الطاعة العمياء، وما هي الأوامر غير القانونية الواضحة”.

وأشارت رئيسة قسم التربية والموارد البشرية، المقدم كارمل دفرين، إلى إن قضية مجزرة كفر قاسم قد أحيلت إلى قسم الخدمة العسكرية للتمييز بين أنواع الأوامر في الجيش. وأشارت بالإضافة إلى ذلك أن تاريخ المجزرة مسجل في تاريخ جيش الدفاع الإسرائيلي، “لا تغيب هذه القضية عن جدول أعمال جيش الدفاع الإسرائيلي”.

وفي أعقاب الخطابات التي ألقيت في الجلسة، دعا متسناع وزيرَ التربية والتعليم إلى جعل تعليم مجزرة كفر قاسم وأهميتها أمرا إلزاميا، ودعا رئيسَ الكنيست إلى تكريس يوم 29.10 ليكون يومًا خاصًا بالنقاشات حول القضية. “يجري الحديث عن وصمة عار في تاريخ دولة إسرائيل تتحمل الدولة مسؤوليته. ومع ذلك، لا ينبغي أن ننسى، أن نغفر، ولكن علينا أن نتصالح عن ذلك”.

اقرأوا المزيد: 421 كلمة
عرض أقل