في الأشهر الأخيرة، بدأت تشهد مدينة بيتح تكفا التي أصبحت في السنوات الأخيرة رمزا لأبناء الطبقة الوسطى، خلافات. وقد تهدم هذه المعركة القتالية العنيفة حلم نتنياهو، رئيس الحكومة الإسرائيلية، في متابعة ولايته.
ومن يتابع التقارير الإخبارية، يلاحظ أن ميدانا مركزيا يتحول في كل يوم سبت إلى حلبة قتال بين مؤيدي نتنياهو ومعارضيه الذين يسعون إلى إسقاط حكمه بسبب الفساد المتورط فيه نتنياهو، للوهلة الأولى.
لماذا تحدث هذه الحالة في مدينة بيتح تكفا؟
يعيش في هذه المدينة أفيحاي مندلبيتت، المستشار القضائي للحكومة، وتعتقد المعارضة في إسرائيل أنه من السهل التظاهر أمام منزله ضد التواني الذي يبديه، للوهلة الأولى، يظهر أنه يتعلق بالتوصيات لفتح تحقيق واسع ضد نتنياهو وكل المتورطين في مكتبه في قضايا الفساد وخرق الثقة.
وتظاهر مئات الإسرائيلين أمس (السبت) الذين لم يُسمح لهم بالوصول إلى منزل أفيحاي مندلبليت، أمام محطة الشرطة في بيتح تكفا. اعتقلت الشرطة ماني نفتالي وإلداد يانيف من منظمي التظاهُرات للتحقيق معهما.
وعمل ماني نفتالي مسؤولا عن مقر رئيس الحكومة الإسرائيلية، في فترة ولاية نتنياهو الثانية. واشتكى من ظروف العمل الصعبة والإذلال الذي تعرض له من قبل سارة نتنياهو، عقيلة رئيس الحكومة، وكسب في الدعوى ضد مكتب رئيس الحكومة وحصل على تعويضات.
وإلداد يانيف هو المعتقل الآخر، وكان يعد طيلة سنوات عزيز المنظومة السياسية الإسرائيلية ومقربا من إيهود باراك، رئيس الحكومة الإسرائيلية الأسبق. يانيف هو محام، صحفي ومستشار سياسيًّي قرر الاعتزال من الحياة السياسة الإسرائيلية والتصدي لعلاقات رأس المال والسلطة في الدولة. في إطار نشاطه الاجتماعي ينشر مقالات ضد رئيس الحكومة نتنياهو وضد علاقة المال والسلطة التي يرأسها نتنياهو طيلة سنوات.
ولكن لا تسد المعارضة الطرقات كل يوم سبت في مدينة بيتح تكفا وتتظاهر ضد رئيس الحكومة نتنياهو فحسب، بل يصل مناصروه أحيانا ويتظاهرون ضدهم ولهذا تقوم الشرطة في كل نهاية أسبوع بفض المتظاهرين الخصوم. قبل نحو أسبوعَين فقط، وصل 2.000 متظاهر للمشاركة في التظاهرة الثابتة ضد خطوات المستشار القضائي للحكومة، إذ يدعون أنه يُماطل اتخاذ القرار فيما إذا ستُقدم لائحة اتّهام ضد رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو. بالمقابل، تظاهر ضدهم مئات نشطاء الليكود ومناصرو نتنياهو. يدعي مناصرو نتنياهو أن تظاهرات اليسار تهدف إلى ممارسة الضغط على المستشار القضائي للحكومة وعلى الشرطة. ويدعون أيضًا أن اليسار في إسرائيل يحاول سرقة الحكم من حزب الليكود من خلال القيام بخطوات سيئة لأن نشطاءه ليسوا قادرين على هزيمته في الانتخابات الديمقراطية.
ولقد غيرت التظاهُرات المؤيدة والمعارضة الوضع في المدينة. فمنذ أكثر من نصف سنة تُجرى مظاهرات في أيام السبت بين الجانبَين، وكل ما يحلم به سكان المدينة هو أن يسود الهدوء فيها ثانية. يشتكي سكان المدينة من سد الطرقات المؤدية إلى منازلهم، ومن التغييرات التي طرأت على نمط الحياة بشكل جذري، ومن العنف القاسي الذي يتعرض له أولادهم، وخرق حقوقم في العيش بهدوء في المدينة ككل سكان إسرائيل.
ويبدو في هذه الأثناء، أنه رغم الاعتقالات الكثيرة أمس، والانتقادات والصعوبات التي تمارسها الشرطة على المتظاهرين من كلا الجانبين، ستستمر هذه المظاهرات في إشعال لهيب الجدل القديم بين اليسار واليمين في إسرائيل فيما يتعلق بأداء نتنياهو وسلامة المنظومة السياسية في إسرائيل.